طائف عراقي في دمشق ؟...

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد زعل السلوم
    عضو منتسب
    • Oct 2009
    • 746

    طائف عراقي في دمشق ؟...

    إطفائية "س. س." للعراق ؟!
    يستطيع الجنرال راي اوديرنو، قائد القوات الاميركية في العراق المنكوب، ان يدير ظهره غداً ويمضي من حيث اتى، تاركا 50 ألفاً من جنوده لحماية المصالح الاميركية وفي مقدمها آبار النفط.
    ويستطيع المراقب الذي يدقق جيدا في تلك الشبكة المتقاطعة من الصراعات الاقليمية المحاذية للعراق، ومن الضغائن المذهبية الغائرة في نفوس العراقيين بعدما أتم الاميركيون رفع الغطاء عن "بئر الافاعي" هناك، ان يقف حزينا وينوح مثل ارملة:
    وداعا يا عراق!
    لكن ثمة ملامح اطفائية تُعّد او تستعد لمواجهة ذلك الحريق المندلع ما بين النهرين، والذي قد يفيض عن العراق ويشعل المنطقة كلها. انها اطفائية "س.س." ما غيرها، تلك التي نزلت اخيرا في لبنان ممثلة بخادم الحرمين الشريفين والرئيس بشار الاسد وعقدت قمة ثلاثية وألقت مياها باردة على الرؤوس الحامية في بيروت لمنع انفجار الوضع المحتقن على خلفية المحكمة الدولية وقرارها الاتهامي المنتظر.
    ❑ ❑ ❑
    تبدو معادلة سوريا – السعودية، التي نجحت نسبيا في لبنان حتى الآن، الوصفة السحرية المتوافرة لمعالجة الوضع البركاني المتأجج في العراق، والذي يهدد المنطقة كلها.
    الترجمة العملية لهذه الوصفة تتمثل في ما قيل حتى الآن عن "طائف عراقي" تستضيفه سوريا، على غرار "مؤتمر الطائف" الذي انهى الحرب اللبنانية كما هو معروف، وهو مدعوم بتأييد من المملكة العربية السعودية طبعا ومن تركيا ومن روسيا، ومن ايران ولو شكلا لأنها تفترض ان لها في العراق حصة الاسد!
    لماذا في سوريا؟
    لأن الرئيس بشار الاسد أعاد في براعة هندسة الدور المفصلي والمحوري الاقليمي الذي تلعبه سوريا في معالجة المشاكل التي تشغل المنطقة.
    وفي هذا السياق يتعين الانتباه جيدا الى الموقع الاستراتيجي الذي تلعبه السياسة السورية الآن:
    ❑ أولاً: علاقات جيدة مع السعودية التي لها كلمتها ورؤيتها حيال العراق والمنطقة كلها.
    ❑ ثانياً: علاقات جيدة مع تركيا التي ترسم اطارا مؤثرا لدور تريده فاعلا في قضايا المنطقة: رعاية المفاوضات غير المباشرة بين دمشق وتل ابيب في وقت من الاوقات – دعم القضية الفلسطينية ومسألة غزة – الدخول على خط معالجة عقدة النوويات الايرانية – البحث عن شراكة معنوية مع هموم لبنان والجامعة العربية.
    ❑ ثالثاً: علاقات تحالفية ممتازة معروفة مع ايران التي، كما قلنا، تفترض انها ليست في حاجة الى شراكة تعطي حصصا ذات وزن وتأثير لآخرين في العراق.
    ❑ رابعاً: علاقات ذكية وممتازة مع روسيا، التي لها كلمة مسموعة في طهران، وقد حصلت اخيرا على تكليف غير معلن لرعاية المصالح الاميركية في بعض ملفات المنطقة: النوويات الايرانية والمساعدة في معالجة الازمة السياسية في العراق.
    ❑ ❑ ❑
    الحديث عن "طائف عراقي" في دمشق، الذي قوبل بتحفظ من القوى الكردية العراقية، ليس مفاجئا لأن سوريا تسعى منذ زمن وبتنسيق مع السعودية الى وضع صيغة تصون وحدة العراق ارضا وشعبا بعد الانسحاب الاميركي، وتعطي القوى السياسية العراقية المتعددة والمتنوعة حقها الكامل في بناء الدولة وادارة البلاد، بعيدا من التدخلات والاملاءات الخارجية اقليميا ودوليا.
    يغرق العراق الآن في مذبحتين اذا صحّ التعبير: مذبحة الامن المتفجر على خلفية مذهبية بغيضة، و"مذبحة" السياسة بعد مرور خمسة اشهر ونيف على الانتخابات والفشل في تشكيل حكومة جديدة بسبب ضغوط وشروط ايرانية تصر على ابقاء نوري المالكي في رئاسة الحكومة. وقد وصلت الى درجة تهديد مقتدى الصدر الذي يملك اكبر كتلة شيعية في البرلمان بمغادرة ايران وحتى العراق الى لبنان.
    إن عقد مؤتمر "طائف عراقي" في سوريا يجمع زعماء الحزبين الكرديين وقادة عائلات الحكيم والصدر والمطلق، اضافة الى نوري المالكي وأياد علاوي، ويحظى بغطاء ورعاية من السعودية وتركيا وروسيا واستطرادا اميركا، وبالطبع وبالضرورة من ايران وقد لا يسرّها اطلاقا دخول "شركاء مضاربين" الى الساحة العراقية، التي تفترض انها حديقتها الخلفية... ان هذا المؤتمر يفترض ان يعيد انتاج اساس جامع يصلح لبناء الدولة ويعيد الانتماء الى الوطن والهوية، وهذا امر حساس ودقيق لا يمكن الوصول اليه اطلاقا من خلال نظرية التوافق التي انتجها "اتفاق الدوحة" للبنان، لأن الانطلاق الى التوافق من منطلقات الطوائف والمذاهب، والذي تعصف به رياح التدخلات الاقليمية، لن يصل الى اي حل او نتيجة، بل يفضي الى تعليق العراق بخيوط التوافق الواهي فوق ازمة لا تنطفئ نيرانها ولا شراراتها، وهذا ما نلمسه يوميا في لبنان!
    إلا اذا كان المطلوب جعل العرقنة نسخة معدّلة من اللبننة، وهذا امر لا تريده السعودية ودمشق التي تستضيف "طائف العراق"!
    راجح الخوري
    rajeh.khoury@annahar.com.lb
يعمل...
X