هذا ويرى بعض المؤرخين أن بني إسرائيل خرجوا من مصر بقيادة موسى عليه السلام في عهد رمسيس الثاني{1}، وقيل في عهد ( منفتاح بن رمسيس الثاني) حوالي سنة 1213 ق م بعد أن طالبه موسى عليه السلام أكثر من مرة بأن يرسل معه بني إسرائيل ليخرجوا إلى أرض الشام .
وقد وردت قصة خروج بني إسرائيل من مصر إلى أرض الشام في مواضع متعددة من القرآن الكريم ومن ذلك قولة تعالى { وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى? مُوسَى? أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى? ?77? فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ ?78? وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى? ?79?} طه
قال الإمام ابن كثير :{ لما طال مقام موسى عليه السلام ببلاد مصر وأقام بها حجج الله وبراهينه على فرعون وملئه وهم مع ذلك يكابرون ويعاندون لم يبق لهم إلا العذاب والنكال فأمر الله موسى عليه السلام أن يخرج ببني إسرائيل ليلا من مصر وأن يمضى بهم حيث يؤمر ففعل موسى عليه السلام ما أمره به ربه عز وجل وخرج بهم وقت طلوع القمر.وعن مجاهد أنه كسف قمر تلك الليلة}.
وورد أنهم حملوا تابوت يوسف معهم عند خروجهم، وكان وقت طلوع القمر، وكانوا نسوا وصية يوسف لهم أن يحملوه معهم عند خروجهم من مصر، فكُسفَ القمرُ فأظلموا، فأخبر علماؤهم موسى ذلك إن يوسف عليه السلام عاهدهم أن يحملوه معهم عند خروجهم من مصر، وقد نسوا ذلك، فسأل موسى عليه السلام عن قبر يوسف، فدلَّته امرأة عجوز من بني إسرائيل، فاحتمل موسى تابوته معهم بنفسه كما أوصاهم، وهنا لطيفة من لطائف أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم إذ ورد في الحديث الشريف
{ أَتَى النَّبِيُّ، أَعْرَابِياً فَأَكْرَمَهُ، فَقَالَ لَهُ: ائْتِنَا، فَأَتَاهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ:سَلْ حَاجَتَكَ، قَالَ: نَاقَةٌ نَرْكَبُهَا، وَأَعْنُزٌ يَحْلِبُهَا أَهْلِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه: أَعَجَزْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِثْلَ عَجُوزِ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَما عَجُوزُ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: إنَّ مُوسَى عليه السلام لمَّا سَارَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ، ضَلُّوا الطَّرِيقَ، فَقَالَ: مَا هذَا؟ فَقَالَ عُلَمَاؤُهُمْ: إِنَّ يُوسُفَ عليه السلام لَمَّا حَضَرَهُ المَوْتُ أَخَذَ عَلَيْنَا مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ أَنْ لا نَخْرُجَ مِنْ مِصْرَ، حَتَّى نَنْقُلَ عِظَامَهُ مَعَنَا، قَالَ: فَمَنْ يَعْلَمُ مَوْضِعَ قَبْرِهِ؟ قَالَ: عَجُوزٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَبَعَثَ إِلَيْهَا فَأَتَتْهُ، فَقَالَ: دُلِّيني عَلَى قَبْرِ يُوسُفَ، قالَتْ: حَتَّى تُعْطِيني حُكْمِي، قَالَ: وَمَا حُكْمُكِ؟ قَالَتْ: أَكُونُ مَعَكَ فِي الْجَنَّةِ، فَكَرِهَ أَنْ يُعْطِيَهَا ذلِكَ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنْ أَعْطِهَا حُكْمَهَا - واختصارا فدلتهم فحفروا وحملوه- وَإِذَا الطَّرِيقُ مِثْلُ ضَوْءِ النَّهَارِ}. {2}
فخرجوا فلما أصبح قوم فرعون وليس في ناديهم داع ولا مجيب غاظ فرعون ذلك وأشتد غضبه على بني إسرائيل لما يريد الله به من الدمار فأرسل سريعا في بلاده من يحشر الجند ويجمعهم للإيقاع ببني إسرائيل
وكان بنو إسرائيل قد استعاروا حلى وذهب جيرانهم ومعارفهم من المصريين قبل خروجهم ولم يعيدوه لهم بل أخذوه وخرجوا، ويعلق أحد المؤرخين على قصة استلاب بني إسرائيل لحلى المصريين عند خروجهم فيقول:
(( ويلفت النظر خاصة ما جاء في التوراة من سلب رجال ونساء بني إسرائيل أمتعة جيرانهم الذهبية والفضية بحيلة الاستعارة ونسبة ذلك إلى الله تعالى ومهما كان من أمر فإن تسجيل هذا الخبر بهذا الأسلوب يدل على ما كان وظل يتحكم في نفوس بني إسرائيل من فكرة استحلال أموال الغير وسلبها بأية وسيلة ولو لم تكن حالة حرب ودفاع عن النفس كما أنه كان ذا أثر شديد بدون ريب في رسوخ هذا الخلق العجيب في ذراريهم ممن دخل في دينهم من غير جنسهم ))
ووصل موسى وبنو إسرائيل للبحر وفرعون وجنده من ورائهم وبنو إسرائيل يضجون بالشكوى أنهم مدركون، فأمر الله موسى فضرب بعصاه البحر فانفلق وظهر فيه اثنا عشر طريقاً لكلّ سبط طريق، قيل كانوا ستمائة ألف فكل سبط خمسون ألفا وأرسل الله عز وجل الريح والشمس في الحال على قاعه حتى صار يبساً {3}
فخاضت بنو إسرائيل البحر كل سبط في طريق وعن جانبه الماء كالجبل الضخم ولا يرى بعضهم بعضاً، فخافوا وقال كل سبط قد غرق كل إخواننا. فأوحى الله إلى حال الماء أن تشبّكي، فصار الماء شبكات يرى بعضهم بعضا، ويسمع بعضهم كلام بعض حتى عبروا البحر سالمين
ثم وصل فرعون إلى البحر فرآه منفلقا، فمن كبره قال لقومه: انظروا قد انفلق لهيبتي حتى أدرك أعدائي، أدخلوا البحر فهابوا،وكانت خيل فرعون كلها ذكوراً، فجاء جبرائيل على فرس أنثى وديق فتقدّمهم فخاض البحر، فشمّت الخيول ريحها فاقتحمت البحر في أثرها حتى خاضوا كلهم في الشق، وجاء ميكائيل على فرس خلف القوم يستحثهم ويقول لهم: الحقوا بأصحابكم وهكذا اندفعوا في إثر بعضهم،حتى إذا خرج جبرائيل من البحر وقبل أن يخرج أولهم، أمر الله البحر أن يأخذهم والتطم عليهم فأغرقهم أجمعين؛ وذلك بمرأى من بني إسرائيل
وبعد أن رأوا غرق فرعون بأعينهم سار بهم موسى إلى أرض فلسطين بالشام مؤملا أن يصبحوا أمة قوية بإيمانها وصالح عملها فقد ترتب على خروجهم من مصر وهلاك فرعون أن أصبحوا أحرارا في شئونهم وأحوالهم بعد أن كانوا يذوقون في مصر سوء العذاب على أيدي فرعون وجنده.
{1}وقد أثبتت التحليلات المعملية الحديثة التى أجريت فى فرنسا عندما أرسلت مؤمياء رمسيس الثانى لترميمها هنام أن الملك مات غريقا بالبحر وأنه أخرج منه بسرعة وتم تحنيطه ولذلك قصة لأن العالم الفرنسى أسلم وقصته مشهورة:فى عهد الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران فى عام 1981 طلبت فرنسا من مصر في نهاية الثمانينات استضافة مومياء فرعون لإجراء اختبارات وفحوصات أثريةوترميمية فتم نقل المؤمياء إلى جناح خاص في مركز الآثار الفرنسي ليبدأ بعدها أكبر علماء الآثار في فرنسا وأطباء الجراحة والتشريح دراسة تلك المومياء واكتشاف أسرارها ، وكان رئيس الجراحين والمسؤول الأول عن دراسة هذه المومياء هو البروفيسور موريس بوكاي. وبينما كان المعالجون مهتمين بترميم المومياء، كان اهتمام موريس هو محاولة أن يكتشف كيف مات هذا الملك الفرعوني ، وفي ساعة متأخرة من الليل ظهرت النتائج النهائية .. لقد كانت بقايا الملح العالق في جسده أكبر دليل على أنه مات غريقا، وأن جثته استخرجت من البحر بعد غرقه فورا، ثم اسرعوا بتحنيط جثته لينجو بدنه.لكن أمراً غريباً مازال يحيره وهو كيف بقيت هذه الجثة أكثر سلامة من غيرها رغم أنها استُخرجت من البحر ! كان موريس بوكاي يعد تقريراً نهائيا عما كان يعتقده اكتشافاً جديداً في انتشال جثة فرعون من البحر وتحنيطها بعد غرقه مباشرة، حتى همس أحدهم في أذنه قائلا : لا تتعجل فإن المسلمين يتحدثون عن غرق هذه المومياء، ولكنه استنكر بشدة هذا الخبر واستغربه، فمثل هذا الإكتشاف لا يمكن معرفته إلا بتطور العلم الحديث وعبر أجهزة حاسوبية حديثة بالغة الدقة، فقال له أحدهم إن قرآنهم الذي يؤمنون به يروي قصة عن غرقه وعن سلامة جثته بعد الغرق ، فازداد ذهولا وأخذ يتساءل .. كيف هذا وهذه المومياء لم تُكتشف إلا في عام 1898 ، أي قبل مائتي عام تقريبا ، بينما قرآنهم موجود قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام؟ وكيف يستقيم في العقل هذا ، والبشرية جمعاء وليس العرب فقط لم يكونوا يعلمون شيئا عن قيام قدماء المصريين بتحنيط جثث الفراعنة إلا قبل عقود قليلة من الزمان فقط؟
وبعد أن تمت معالجة جثمان فرعون وترميمه أعادت فرنسا لمصر المومياء ولكن موريس لم يهنأ له قرار ولم يهدأ له بال منذ أن هزه الخبر الذي يتناقله المسلمون عن سلامة هذه الجثة ، فحزم أمتعته وقرر السفر لبلاد المسلمين لمقابلة عدد من علماء التشريح المسلمين وهناك كان أول حديث تحدثه معهم عما اكشتفه من نجاة جثة فرعون بعد الغرق ... فقام أحدهم وفتح له المصحف وأخذ يقرأ له قوله تعالى (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية .وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون) لقد كان وقع الآية عليه شديدا! ورجت له نفسه رجة جعلته يقف أمام الحضور ويصرخ بأعلى صوته : لقد دخلت الإسلام وآمنت بهذا القرآن.ورجع موريس بوكاي إلى فرنسا بغير الوجه الذى ذهب به .. وهناك مكث عشر سنوات ليس لديه شغل يشغله سوى دراسة مدى تطابق الحقائق العلمية والمكتشفة حديثا مع القرآن الكريم ، كان من ثمرة هذه السنوات التي قضاها الفرنسي موريس أن خرج بتأليف كتاب عن القرآن الكريم هزَّ الدول الغربية قاطبة ورجَّ علماءها رجا ، لقد كان عنوان الكتاب : القرآن والتوراة والإنجيل والعلم .. دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة.!
{2}صحيح ابن حبان عن أبي موسى، والمستدرك على الصحيحين، ومجمع الزوائد
{3}هنا لطيفة: قال سعيد بن جبير: أرسل معاوية الى ابن عباس فسأله عن مكان لم تطلع فيه الشمس إلاّ مرة واحدة؟ فكتب إليه: إنه المكان الذي انفلق منه البحر لبني إسرائيل.
منقول من كتاب {بنو اسرائيل ووعد الأخرة}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجانا
وقد وردت قصة خروج بني إسرائيل من مصر إلى أرض الشام في مواضع متعددة من القرآن الكريم ومن ذلك قولة تعالى { وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى? مُوسَى? أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى? ?77? فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ ?78? وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى? ?79?} طه
قال الإمام ابن كثير :{ لما طال مقام موسى عليه السلام ببلاد مصر وأقام بها حجج الله وبراهينه على فرعون وملئه وهم مع ذلك يكابرون ويعاندون لم يبق لهم إلا العذاب والنكال فأمر الله موسى عليه السلام أن يخرج ببني إسرائيل ليلا من مصر وأن يمضى بهم حيث يؤمر ففعل موسى عليه السلام ما أمره به ربه عز وجل وخرج بهم وقت طلوع القمر.وعن مجاهد أنه كسف قمر تلك الليلة}.
وورد أنهم حملوا تابوت يوسف معهم عند خروجهم، وكان وقت طلوع القمر، وكانوا نسوا وصية يوسف لهم أن يحملوه معهم عند خروجهم من مصر، فكُسفَ القمرُ فأظلموا، فأخبر علماؤهم موسى ذلك إن يوسف عليه السلام عاهدهم أن يحملوه معهم عند خروجهم من مصر، وقد نسوا ذلك، فسأل موسى عليه السلام عن قبر يوسف، فدلَّته امرأة عجوز من بني إسرائيل، فاحتمل موسى تابوته معهم بنفسه كما أوصاهم، وهنا لطيفة من لطائف أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم إذ ورد في الحديث الشريف
{ أَتَى النَّبِيُّ، أَعْرَابِياً فَأَكْرَمَهُ، فَقَالَ لَهُ: ائْتِنَا، فَأَتَاهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ:سَلْ حَاجَتَكَ، قَالَ: نَاقَةٌ نَرْكَبُهَا، وَأَعْنُزٌ يَحْلِبُهَا أَهْلِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه: أَعَجَزْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِثْلَ عَجُوزِ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَما عَجُوزُ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: إنَّ مُوسَى عليه السلام لمَّا سَارَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ، ضَلُّوا الطَّرِيقَ، فَقَالَ: مَا هذَا؟ فَقَالَ عُلَمَاؤُهُمْ: إِنَّ يُوسُفَ عليه السلام لَمَّا حَضَرَهُ المَوْتُ أَخَذَ عَلَيْنَا مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ أَنْ لا نَخْرُجَ مِنْ مِصْرَ، حَتَّى نَنْقُلَ عِظَامَهُ مَعَنَا، قَالَ: فَمَنْ يَعْلَمُ مَوْضِعَ قَبْرِهِ؟ قَالَ: عَجُوزٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَبَعَثَ إِلَيْهَا فَأَتَتْهُ، فَقَالَ: دُلِّيني عَلَى قَبْرِ يُوسُفَ، قالَتْ: حَتَّى تُعْطِيني حُكْمِي، قَالَ: وَمَا حُكْمُكِ؟ قَالَتْ: أَكُونُ مَعَكَ فِي الْجَنَّةِ، فَكَرِهَ أَنْ يُعْطِيَهَا ذلِكَ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنْ أَعْطِهَا حُكْمَهَا - واختصارا فدلتهم فحفروا وحملوه- وَإِذَا الطَّرِيقُ مِثْلُ ضَوْءِ النَّهَارِ}. {2}
فخرجوا فلما أصبح قوم فرعون وليس في ناديهم داع ولا مجيب غاظ فرعون ذلك وأشتد غضبه على بني إسرائيل لما يريد الله به من الدمار فأرسل سريعا في بلاده من يحشر الجند ويجمعهم للإيقاع ببني إسرائيل
وكان بنو إسرائيل قد استعاروا حلى وذهب جيرانهم ومعارفهم من المصريين قبل خروجهم ولم يعيدوه لهم بل أخذوه وخرجوا، ويعلق أحد المؤرخين على قصة استلاب بني إسرائيل لحلى المصريين عند خروجهم فيقول:
(( ويلفت النظر خاصة ما جاء في التوراة من سلب رجال ونساء بني إسرائيل أمتعة جيرانهم الذهبية والفضية بحيلة الاستعارة ونسبة ذلك إلى الله تعالى ومهما كان من أمر فإن تسجيل هذا الخبر بهذا الأسلوب يدل على ما كان وظل يتحكم في نفوس بني إسرائيل من فكرة استحلال أموال الغير وسلبها بأية وسيلة ولو لم تكن حالة حرب ودفاع عن النفس كما أنه كان ذا أثر شديد بدون ريب في رسوخ هذا الخلق العجيب في ذراريهم ممن دخل في دينهم من غير جنسهم ))
ووصل موسى وبنو إسرائيل للبحر وفرعون وجنده من ورائهم وبنو إسرائيل يضجون بالشكوى أنهم مدركون، فأمر الله موسى فضرب بعصاه البحر فانفلق وظهر فيه اثنا عشر طريقاً لكلّ سبط طريق، قيل كانوا ستمائة ألف فكل سبط خمسون ألفا وأرسل الله عز وجل الريح والشمس في الحال على قاعه حتى صار يبساً {3}
فخاضت بنو إسرائيل البحر كل سبط في طريق وعن جانبه الماء كالجبل الضخم ولا يرى بعضهم بعضاً، فخافوا وقال كل سبط قد غرق كل إخواننا. فأوحى الله إلى حال الماء أن تشبّكي، فصار الماء شبكات يرى بعضهم بعضا، ويسمع بعضهم كلام بعض حتى عبروا البحر سالمين
ثم وصل فرعون إلى البحر فرآه منفلقا، فمن كبره قال لقومه: انظروا قد انفلق لهيبتي حتى أدرك أعدائي، أدخلوا البحر فهابوا،وكانت خيل فرعون كلها ذكوراً، فجاء جبرائيل على فرس أنثى وديق فتقدّمهم فخاض البحر، فشمّت الخيول ريحها فاقتحمت البحر في أثرها حتى خاضوا كلهم في الشق، وجاء ميكائيل على فرس خلف القوم يستحثهم ويقول لهم: الحقوا بأصحابكم وهكذا اندفعوا في إثر بعضهم،حتى إذا خرج جبرائيل من البحر وقبل أن يخرج أولهم، أمر الله البحر أن يأخذهم والتطم عليهم فأغرقهم أجمعين؛ وذلك بمرأى من بني إسرائيل
وبعد أن رأوا غرق فرعون بأعينهم سار بهم موسى إلى أرض فلسطين بالشام مؤملا أن يصبحوا أمة قوية بإيمانها وصالح عملها فقد ترتب على خروجهم من مصر وهلاك فرعون أن أصبحوا أحرارا في شئونهم وأحوالهم بعد أن كانوا يذوقون في مصر سوء العذاب على أيدي فرعون وجنده.
{1}وقد أثبتت التحليلات المعملية الحديثة التى أجريت فى فرنسا عندما أرسلت مؤمياء رمسيس الثانى لترميمها هنام أن الملك مات غريقا بالبحر وأنه أخرج منه بسرعة وتم تحنيطه ولذلك قصة لأن العالم الفرنسى أسلم وقصته مشهورة:فى عهد الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران فى عام 1981 طلبت فرنسا من مصر في نهاية الثمانينات استضافة مومياء فرعون لإجراء اختبارات وفحوصات أثريةوترميمية فتم نقل المؤمياء إلى جناح خاص في مركز الآثار الفرنسي ليبدأ بعدها أكبر علماء الآثار في فرنسا وأطباء الجراحة والتشريح دراسة تلك المومياء واكتشاف أسرارها ، وكان رئيس الجراحين والمسؤول الأول عن دراسة هذه المومياء هو البروفيسور موريس بوكاي. وبينما كان المعالجون مهتمين بترميم المومياء، كان اهتمام موريس هو محاولة أن يكتشف كيف مات هذا الملك الفرعوني ، وفي ساعة متأخرة من الليل ظهرت النتائج النهائية .. لقد كانت بقايا الملح العالق في جسده أكبر دليل على أنه مات غريقا، وأن جثته استخرجت من البحر بعد غرقه فورا، ثم اسرعوا بتحنيط جثته لينجو بدنه.لكن أمراً غريباً مازال يحيره وهو كيف بقيت هذه الجثة أكثر سلامة من غيرها رغم أنها استُخرجت من البحر ! كان موريس بوكاي يعد تقريراً نهائيا عما كان يعتقده اكتشافاً جديداً في انتشال جثة فرعون من البحر وتحنيطها بعد غرقه مباشرة، حتى همس أحدهم في أذنه قائلا : لا تتعجل فإن المسلمين يتحدثون عن غرق هذه المومياء، ولكنه استنكر بشدة هذا الخبر واستغربه، فمثل هذا الإكتشاف لا يمكن معرفته إلا بتطور العلم الحديث وعبر أجهزة حاسوبية حديثة بالغة الدقة، فقال له أحدهم إن قرآنهم الذي يؤمنون به يروي قصة عن غرقه وعن سلامة جثته بعد الغرق ، فازداد ذهولا وأخذ يتساءل .. كيف هذا وهذه المومياء لم تُكتشف إلا في عام 1898 ، أي قبل مائتي عام تقريبا ، بينما قرآنهم موجود قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام؟ وكيف يستقيم في العقل هذا ، والبشرية جمعاء وليس العرب فقط لم يكونوا يعلمون شيئا عن قيام قدماء المصريين بتحنيط جثث الفراعنة إلا قبل عقود قليلة من الزمان فقط؟
وبعد أن تمت معالجة جثمان فرعون وترميمه أعادت فرنسا لمصر المومياء ولكن موريس لم يهنأ له قرار ولم يهدأ له بال منذ أن هزه الخبر الذي يتناقله المسلمون عن سلامة هذه الجثة ، فحزم أمتعته وقرر السفر لبلاد المسلمين لمقابلة عدد من علماء التشريح المسلمين وهناك كان أول حديث تحدثه معهم عما اكشتفه من نجاة جثة فرعون بعد الغرق ... فقام أحدهم وفتح له المصحف وأخذ يقرأ له قوله تعالى (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية .وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون) لقد كان وقع الآية عليه شديدا! ورجت له نفسه رجة جعلته يقف أمام الحضور ويصرخ بأعلى صوته : لقد دخلت الإسلام وآمنت بهذا القرآن.ورجع موريس بوكاي إلى فرنسا بغير الوجه الذى ذهب به .. وهناك مكث عشر سنوات ليس لديه شغل يشغله سوى دراسة مدى تطابق الحقائق العلمية والمكتشفة حديثا مع القرآن الكريم ، كان من ثمرة هذه السنوات التي قضاها الفرنسي موريس أن خرج بتأليف كتاب عن القرآن الكريم هزَّ الدول الغربية قاطبة ورجَّ علماءها رجا ، لقد كان عنوان الكتاب : القرآن والتوراة والإنجيل والعلم .. دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة.!
{2}صحيح ابن حبان عن أبي موسى، والمستدرك على الصحيحين، ومجمع الزوائد
{3}هنا لطيفة: قال سعيد بن جبير: أرسل معاوية الى ابن عباس فسأله عن مكان لم تطلع فيه الشمس إلاّ مرة واحدة؟ فكتب إليه: إنه المكان الذي انفلق منه البحر لبني إسرائيل.
منقول من كتاب {بنو اسرائيل ووعد الأخرة}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجانا