شجرة لعائلة الشهداء آخر تحديث:الخميس ,05/08/2010
يوسف أبو لوز
شجرة واحدة . .
شجرة وجيش و”يونيفيل” . .
شجرة في الجنوب اللبناني صارت غابة وذاكرة وحكاية .
لا نعرف اسمها، ولكننا نعرف أنها خضراء مثل قلب لبنان، وأنها ابنة الأرض، كما لبنان، ابن التاريخ .
. . وماذا بغير لغة الشعر يمكن رفع القبّعات لبلد يجترح البطولة والاستشهاد والإرادة الحرّة من ذاته وفي ذاته؟
بلد صغير جميل مثل الأيقونة الخضراء المعلّقة في خريطة هذا العالم، ولا يقبل واحد من أبنائه أن يُدنّس التراب بجزمة العدو، وهكذا ذهب جندي الأرز إلى البطولة والشهادة معاً . . في لحظة واحدة، خطفت أنظار العالم، وأكثر من ذلك، كانت الرصاصات اللبنانية لا تدافع عن مجرد شجرة بدت كأنها شقيقة الجندي فحسب، بل كانت تصفع غرور “الإسرائيلي” وتخدش عظم كبريائه، فما عادت أسطورة الجيش الذي لا يقهر سارية المفعول، وما عاد هناك من يصدّقها إلا أولئك الذين يرون الأشياء بالمقلوب .
أمس الأول كانت الرئة العربية تتنفس هواء الكرامة من جنوب لبنان .
منذ سنوات طويلة مثل درب سيزيف المعذّبة، لم يفرح القلب العربي ولم يبتسم بمثل هذا الخفر الوردي الذي يطوف في الوجوه وفي اللغة وفي الكلام .
هذه المرة لم يغامر الجندي اللبناني ولم يتهوّر، وهو ليس بمجنون أو فاقد الذاكرة، وإنما هو رجل له تربيته وثقافته ومبادئه التي تربى عليها في مؤسسة لها كرامتها ولها شرفها وأخلاقياتها التي لا تهادن ولا تطأطئ الرأس .
كانت الرسالة اللبنانية أكثر من واضحة . . رسالة مباشرة وبالعربي الفصيح . . لم يعد ل”الإسرائيلي” أي مكان على تراب وطن يرفض المهانة .
الرسالة تقول أيضاً، إن ثقافة القوّة، هي أيضاً، يمكن أن تكون ثقافة الضعيف، وإن إرادة الإنسان مهما غلبته المحن والتجارب لا يمكن أن تموت، فهناك قوة داخلية تبدو وكأنها خزين احتياط يتحول إلى سلوك وإلى مبادرة تؤكد دائماً حرية الإنسان وتعلّقه الأبدي بكبريائه، وإصراره على الحياة . . ولقد تمثل كل ذلك في جنوب لبنان . . البلد العروبي الرافض حتى الآن للبعبع “الإسرائيلي” والساخر منه والمنتصر عليه .
شجرة، وجنوب، وحرية .
شجرة الحياة، وشجرة لعائلة الشهداء .
yosflooz@gmail.com
1701 سَقَطَ بـ"السكتة القلبية" آخر تحديث:الخميس ,05/08/2010
سعد محيو
المشهد في الجنوب، كما في بيروت، كان رائعاً:
الجيش اللبناني يتحوّل إلى مقاومة، والمقاومة تتحوّل إلى جيش مساند . وبيروت تتبنى عبر رئيسها ميشال سليمان ومجلس الدفاع الأعلى فيها ورأس المقاومة نصر الله، مواقف تُجسّد هذا الكوكتيل الوطني والاستراتيجي .
هذا الحدث، الذي أطلقه حادث شجرة العديسة، رسم لوحة جديدة للصراع بين لبنان و”إسرائيل”، ويجب أن يدفع هذه الأخيرة إلى إعادة النظر في تكتيكاتها وحساباتها . فلم يعد من الممكن لها الرهان على شرخ بين أجهزة الدولة اللبنانية، وفي مقدمها الجيش وأجهزة الأمن في الشرطة (التي تكتشف شبكات الجواسيس)، وبين المقاومة . كما لم يعد من الجائز لها اعتبار القوى المُسلحة اللبنانية مجرد ديكور عسكري يمكن تحييده في أي حرب جديدة .
الآن، وبعد قول كل شيء عن هذا المشهد الجميل، نأتي إلى الأبعاد الحقيقية لما يجري . وهي أبعاد تشجّع على الاستنتاج بأن القرار الدولي الرقم ،1701 الذي أوقف إطلاق النار في صيف ،2006 سقط بالفعل من جراء “سكتة قلبية” .
كيف؟
هذه بعض الدلائل:
معركة العديسة اندلعت في قلب منطقة قوات حفظ السلام الدولية (اليونيفيل) على الحدود اللبنانية - “الإسرائيلية” وخلال الوجود العملي لجنود هذه القوات . ومع ذلك، لم تستطع اليونيفيل لا منع حدوث هذا الخرق الكبير للقرار ،1701 ولا حتى مد يد العون الطبي للجرحى اللبنانيين .
جاءت هذه المعركة المفاجئة بعد احتقان غير مفاجئ، حيث كانت “إسرائيل” تُنفّذ منذ العام 2006 مايزيد على سبعة آلاف خرق ل،1701 براً وجواً وبحراً تحت سمع “اليونيفيل” وبصرها .
كما جاءت بعد الاجتياح الكبير الذي نفذّته المخابرات “الإسرائيلية” للبنان، عبر عشرات شبكات الجواسيس التي زرعتها في كل أنحاء البلاد، ما شكّل هو الآخر خرقاً للقرار 1701 الذي نص على العمل على حفظ سيادة لبنان .
ثم برزت في موازاة ذلك المناوشات بين بعض أهالي الجنوب والوحدات الفرنسية في “اليونيفيل”، لتثير أسئلة خطرة حول الدور والمهام الحقيقية للقوات الدولية .
كل هذه المعطيات تّشجّع على الاستنتاج بأن أحداً لم يعد يريد 1701: لا “إسرائيل”، التي اعتبرته منذ البداية هدنة مؤقتة بانتظار استئناف القتال، بدليل خروقها المتكاثرة له وعدم انسحابها من قرية الغجر ومزارع شبعا وكفر شوبا، ولا حزب الله، الذي كان ممتعضاً منذ البداية من تواجد وحدات من حلف الأطلسي في الجنوب . ولا حتى ربما الدول المشاركة في “اليونيفيل”، والتي وضع العديد منها خططاً طارئة للانسحاب من لبنان إلى قبرص خلال يومين في حال تجدد القتال .
علاوة على ذلك، الظروف التي أملت القرار 1701 لفظت أنفاسها . “تل أبيب”، التي اضطرت لقبوله لتجنّب كوارث عسكرية جديدة لها، انتهت من استخلاص دروس حرب 2006 وباتت مستعدة لاستئناف الحرب . وحزب الله أنهى هو الآخر استعداداته العسكرية ولم يعد يرى في القرار أي ضمانة لمنع الخروق “الإسرائيلية” .
ما بديل 1701؟
قرار آخر، على الأرجح، سيصدره مجلس الأمن، استناداً إلى موازين القوى الجديدة التي ستفرزها أي حرب جديدة في لبنان .
وفي الانتظار، سيكون في المقدور من الآن فصاعداً سماع حشرجات موت ،1701 أولاً في لبنان و”إسرائيل”، ثم في بقية العواصم الإقليمية والدولية .
saad-mehio@hotmail.com
يوسف أبو لوز
شجرة واحدة . .
شجرة وجيش و”يونيفيل” . .
شجرة في الجنوب اللبناني صارت غابة وذاكرة وحكاية .
لا نعرف اسمها، ولكننا نعرف أنها خضراء مثل قلب لبنان، وأنها ابنة الأرض، كما لبنان، ابن التاريخ .
. . وماذا بغير لغة الشعر يمكن رفع القبّعات لبلد يجترح البطولة والاستشهاد والإرادة الحرّة من ذاته وفي ذاته؟
بلد صغير جميل مثل الأيقونة الخضراء المعلّقة في خريطة هذا العالم، ولا يقبل واحد من أبنائه أن يُدنّس التراب بجزمة العدو، وهكذا ذهب جندي الأرز إلى البطولة والشهادة معاً . . في لحظة واحدة، خطفت أنظار العالم، وأكثر من ذلك، كانت الرصاصات اللبنانية لا تدافع عن مجرد شجرة بدت كأنها شقيقة الجندي فحسب، بل كانت تصفع غرور “الإسرائيلي” وتخدش عظم كبريائه، فما عادت أسطورة الجيش الذي لا يقهر سارية المفعول، وما عاد هناك من يصدّقها إلا أولئك الذين يرون الأشياء بالمقلوب .
أمس الأول كانت الرئة العربية تتنفس هواء الكرامة من جنوب لبنان .
منذ سنوات طويلة مثل درب سيزيف المعذّبة، لم يفرح القلب العربي ولم يبتسم بمثل هذا الخفر الوردي الذي يطوف في الوجوه وفي اللغة وفي الكلام .
هذه المرة لم يغامر الجندي اللبناني ولم يتهوّر، وهو ليس بمجنون أو فاقد الذاكرة، وإنما هو رجل له تربيته وثقافته ومبادئه التي تربى عليها في مؤسسة لها كرامتها ولها شرفها وأخلاقياتها التي لا تهادن ولا تطأطئ الرأس .
كانت الرسالة اللبنانية أكثر من واضحة . . رسالة مباشرة وبالعربي الفصيح . . لم يعد ل”الإسرائيلي” أي مكان على تراب وطن يرفض المهانة .
الرسالة تقول أيضاً، إن ثقافة القوّة، هي أيضاً، يمكن أن تكون ثقافة الضعيف، وإن إرادة الإنسان مهما غلبته المحن والتجارب لا يمكن أن تموت، فهناك قوة داخلية تبدو وكأنها خزين احتياط يتحول إلى سلوك وإلى مبادرة تؤكد دائماً حرية الإنسان وتعلّقه الأبدي بكبريائه، وإصراره على الحياة . . ولقد تمثل كل ذلك في جنوب لبنان . . البلد العروبي الرافض حتى الآن للبعبع “الإسرائيلي” والساخر منه والمنتصر عليه .
شجرة، وجنوب، وحرية .
شجرة الحياة، وشجرة لعائلة الشهداء .
yosflooz@gmail.com
1701 سَقَطَ بـ"السكتة القلبية" آخر تحديث:الخميس ,05/08/2010
سعد محيو
المشهد في الجنوب، كما في بيروت، كان رائعاً:
الجيش اللبناني يتحوّل إلى مقاومة، والمقاومة تتحوّل إلى جيش مساند . وبيروت تتبنى عبر رئيسها ميشال سليمان ومجلس الدفاع الأعلى فيها ورأس المقاومة نصر الله، مواقف تُجسّد هذا الكوكتيل الوطني والاستراتيجي .
هذا الحدث، الذي أطلقه حادث شجرة العديسة، رسم لوحة جديدة للصراع بين لبنان و”إسرائيل”، ويجب أن يدفع هذه الأخيرة إلى إعادة النظر في تكتيكاتها وحساباتها . فلم يعد من الممكن لها الرهان على شرخ بين أجهزة الدولة اللبنانية، وفي مقدمها الجيش وأجهزة الأمن في الشرطة (التي تكتشف شبكات الجواسيس)، وبين المقاومة . كما لم يعد من الجائز لها اعتبار القوى المُسلحة اللبنانية مجرد ديكور عسكري يمكن تحييده في أي حرب جديدة .
الآن، وبعد قول كل شيء عن هذا المشهد الجميل، نأتي إلى الأبعاد الحقيقية لما يجري . وهي أبعاد تشجّع على الاستنتاج بأن القرار الدولي الرقم ،1701 الذي أوقف إطلاق النار في صيف ،2006 سقط بالفعل من جراء “سكتة قلبية” .
كيف؟
هذه بعض الدلائل:
معركة العديسة اندلعت في قلب منطقة قوات حفظ السلام الدولية (اليونيفيل) على الحدود اللبنانية - “الإسرائيلية” وخلال الوجود العملي لجنود هذه القوات . ومع ذلك، لم تستطع اليونيفيل لا منع حدوث هذا الخرق الكبير للقرار ،1701 ولا حتى مد يد العون الطبي للجرحى اللبنانيين .
جاءت هذه المعركة المفاجئة بعد احتقان غير مفاجئ، حيث كانت “إسرائيل” تُنفّذ منذ العام 2006 مايزيد على سبعة آلاف خرق ل،1701 براً وجواً وبحراً تحت سمع “اليونيفيل” وبصرها .
كما جاءت بعد الاجتياح الكبير الذي نفذّته المخابرات “الإسرائيلية” للبنان، عبر عشرات شبكات الجواسيس التي زرعتها في كل أنحاء البلاد، ما شكّل هو الآخر خرقاً للقرار 1701 الذي نص على العمل على حفظ سيادة لبنان .
ثم برزت في موازاة ذلك المناوشات بين بعض أهالي الجنوب والوحدات الفرنسية في “اليونيفيل”، لتثير أسئلة خطرة حول الدور والمهام الحقيقية للقوات الدولية .
كل هذه المعطيات تّشجّع على الاستنتاج بأن أحداً لم يعد يريد 1701: لا “إسرائيل”، التي اعتبرته منذ البداية هدنة مؤقتة بانتظار استئناف القتال، بدليل خروقها المتكاثرة له وعدم انسحابها من قرية الغجر ومزارع شبعا وكفر شوبا، ولا حزب الله، الذي كان ممتعضاً منذ البداية من تواجد وحدات من حلف الأطلسي في الجنوب . ولا حتى ربما الدول المشاركة في “اليونيفيل”، والتي وضع العديد منها خططاً طارئة للانسحاب من لبنان إلى قبرص خلال يومين في حال تجدد القتال .
علاوة على ذلك، الظروف التي أملت القرار 1701 لفظت أنفاسها . “تل أبيب”، التي اضطرت لقبوله لتجنّب كوارث عسكرية جديدة لها، انتهت من استخلاص دروس حرب 2006 وباتت مستعدة لاستئناف الحرب . وحزب الله أنهى هو الآخر استعداداته العسكرية ولم يعد يرى في القرار أي ضمانة لمنع الخروق “الإسرائيلية” .
ما بديل 1701؟
قرار آخر، على الأرجح، سيصدره مجلس الأمن، استناداً إلى موازين القوى الجديدة التي ستفرزها أي حرب جديدة في لبنان .
وفي الانتظار، سيكون في المقدور من الآن فصاعداً سماع حشرجات موت ،1701 أولاً في لبنان و”إسرائيل”، ثم في بقية العواصم الإقليمية والدولية .
saad-mehio@hotmail.com