في المطعم الصيني آخر تحديث:السبت ,31/07/2010
حسن مدن
في إحدى روايات حنا مينة، لعلها الربيع والخريف، إشارة مفادها أن من يعتادون الأكل الصيني يُصابون بالإدمان عليه، ففي الأعشاب التي تستخدم في طهيه مواد كفيلة بإصابة محبيه بالإدمان .
تذكرت هذا وأنا أتصفح كتاباً عن الصين ألّفهُ الأستاذ حسين إسماعيل حسين، وصدر عن مركز البحرين للبحوث والدراسات، ومن بين الفصول العديدة التي يحويها الكتاب، وهي فصول مهمة بكل تأكيد، استهواني الفصل الذي يتصل بالمائدة الصينية .
باعثي في الاهتمام بهذا الفصل تقصّي السّر في لذة أكل الصينيين، حين خطرت في البال عبارة حنا مينة أعلاه، والمعروف أن مينه قضى سنوات من عمره في الصين، وقد تجلت هذه التجربة في أعماله الأدبية، وحين يرد الحديث عن كتاب ومثقفين عرب استهوتهم الثقافة والفلسفة في الصين، يقفز إلى الذهن فوراً اسم الباحث العراقي المرحوم هادي العلوي، الذي أهدى مكتبتنا العربية دراسات قيّمة عن حضارة الصين وثقافة شعبها .
وحسب الأستاذ حسين اسماعيل فإن للصينيين قصب السبق في استخدام التوابل، ويحكى أن أحد أباطرة الصين القدماء حين يقيم مآدب على شرف كبار الضيوف كان يضع على المائدة مائة وعشرين نوعاً من الصلصة المتبلة، ولا عجب في هذا، ففي الصين أكثر من خمسمائة نوع من البهارات، ويأكل الصينيون من النبات كل شيء: الجذر والساق والأوراق .
ينقل عن سياسي صيني قوله: “بالنسبة للحاكم الشعب في المقام الأول، وبالنسبة للشعب الطعام في المقام الأول” . وهي قاعدة ذهبية جدير بكل حكامنا أن يتعلموها لتفادي ثورات الخبز، وتروى مناظرة جرت بين الحكيم كونفوشيوس وأحد تلامذته الذي سأله: كيف يجب أن تَحْكم الدولة؟ فأجاب الحكيم: مقومات الحكم هي أن يتوفر الطعام الكافي والتجهيزات العسكرية الكافية وثقة الشعب بحاكمه .
وحسب أسطورة صينية قديمة فإن “إمبراطور السماء” منح حكام الصين القدماء رزمة من ثمانية قوانين ليحكموا بها الشعب، أولها وأهمها على الإطلاق كان القانون الخاص بالطعام .
وهناك قول صيني مأثور مفاده بأن “كل بيت ينبغي أن يكون فيه حطب، أرز، زيت، ملح، صلصة فول الصويا، خل وشاي” .
وأود أن أختم ببيت الشعر الجميل من قصيدة بعنوان “قطار الساعة الواحدة” لمحمود درويش: “لو جلسنا ساعةً في المطعم الصيني، لو مرتْ طيورٌ عائدة، لو قرأنا صحفَ الليل، لكُنا رجلاً وامرأةً يلتقيان” .
drhmadan@hotmail.com
حسن مدن
في إحدى روايات حنا مينة، لعلها الربيع والخريف، إشارة مفادها أن من يعتادون الأكل الصيني يُصابون بالإدمان عليه، ففي الأعشاب التي تستخدم في طهيه مواد كفيلة بإصابة محبيه بالإدمان .
تذكرت هذا وأنا أتصفح كتاباً عن الصين ألّفهُ الأستاذ حسين إسماعيل حسين، وصدر عن مركز البحرين للبحوث والدراسات، ومن بين الفصول العديدة التي يحويها الكتاب، وهي فصول مهمة بكل تأكيد، استهواني الفصل الذي يتصل بالمائدة الصينية .
باعثي في الاهتمام بهذا الفصل تقصّي السّر في لذة أكل الصينيين، حين خطرت في البال عبارة حنا مينة أعلاه، والمعروف أن مينه قضى سنوات من عمره في الصين، وقد تجلت هذه التجربة في أعماله الأدبية، وحين يرد الحديث عن كتاب ومثقفين عرب استهوتهم الثقافة والفلسفة في الصين، يقفز إلى الذهن فوراً اسم الباحث العراقي المرحوم هادي العلوي، الذي أهدى مكتبتنا العربية دراسات قيّمة عن حضارة الصين وثقافة شعبها .
وحسب الأستاذ حسين اسماعيل فإن للصينيين قصب السبق في استخدام التوابل، ويحكى أن أحد أباطرة الصين القدماء حين يقيم مآدب على شرف كبار الضيوف كان يضع على المائدة مائة وعشرين نوعاً من الصلصة المتبلة، ولا عجب في هذا، ففي الصين أكثر من خمسمائة نوع من البهارات، ويأكل الصينيون من النبات كل شيء: الجذر والساق والأوراق .
ينقل عن سياسي صيني قوله: “بالنسبة للحاكم الشعب في المقام الأول، وبالنسبة للشعب الطعام في المقام الأول” . وهي قاعدة ذهبية جدير بكل حكامنا أن يتعلموها لتفادي ثورات الخبز، وتروى مناظرة جرت بين الحكيم كونفوشيوس وأحد تلامذته الذي سأله: كيف يجب أن تَحْكم الدولة؟ فأجاب الحكيم: مقومات الحكم هي أن يتوفر الطعام الكافي والتجهيزات العسكرية الكافية وثقة الشعب بحاكمه .
وحسب أسطورة صينية قديمة فإن “إمبراطور السماء” منح حكام الصين القدماء رزمة من ثمانية قوانين ليحكموا بها الشعب، أولها وأهمها على الإطلاق كان القانون الخاص بالطعام .
وهناك قول صيني مأثور مفاده بأن “كل بيت ينبغي أن يكون فيه حطب، أرز، زيت، ملح، صلصة فول الصويا، خل وشاي” .
وأود أن أختم ببيت الشعر الجميل من قصيدة بعنوان “قطار الساعة الواحدة” لمحمود درويش: “لو جلسنا ساعةً في المطعم الصيني، لو مرتْ طيورٌ عائدة، لو قرأنا صحفَ الليل، لكُنا رجلاً وامرأةً يلتقيان” .
drhmadan@hotmail.com