ح3 الكردية لغة علم منتشرة بمركز صدارة حتى القرن الثالث الهجري/ العاشر الميلادي

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • MRoni
    عضو منتسب
    • Mar 2007
    • 24

    ح3 الكردية لغة علم منتشرة بمركز صدارة حتى القرن الثالث الهجري/ العاشر الميلادي

    الحلقة الثالثة في أسراراللغة الكوردية ... محمد روني المراني
    الكردية لغة علم منتشرة حتى القرن الثالث الهجري/ العاشر الميلادي

    أنقرة – خاص الكردية نيوز



    تنشر الكردية نيوز في هذا المقام الحلقة الثالثة وقد تكون الأخيرة للباحث الكوردي محمد روني المراني في أسرار اللغة الكوردية قبل الاسلام التي يكشف عنها كتاب (شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام) لإبن وحشية.

    وستنفرد الكردية في المرات المقبلة باكتشفات تاريخية عن الأصل الكوردي لقريش وكون كوردستان أول أرض مقدسة حسب نصوص القرآن الكريم ومواضيع أخرى متنوعة.


    تتمة مابدأه الباحث محمد روني المراني بقلمه:



    ". . . وهو من الأقلام العجيبة والرسوم الغريبة، وقد رأيت في بغداد في ناووسٍ من هذا الخط نحو ثلاثين كتاباً، وكان عندي منها بالشام كتابين : كتاب في إفلاح الكرم والنخل، وكتاب في علل المياه وكيفية استخراجها من الأراضي المجهولة، فترجمتها من لسان الأكراد إلى اللسان العربي لينتفع به أبناء البشر"

    بهذه العبارات العلمية الإنسانية الجميلة ينهي ابن وحشية كتابه القيم (شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام)، وإذا جئنا نحلل أقواله هنا فإننا نستطيع أن نستخلص بسهولة إلى ما يلي:



    أولاً: أن اللغة الكردية كانت آنذاك – أواخر القرن الثالث الهجري/ العاشر الميلادي- من لغات العلم المعروفة في العالم، فقد رأى ابن وحشية وحده بهذه اللغة في بغداد ثلاثون كتاباً، وثلاثون كتاباً - بلغة ذلك العصر - تعني الكثير جداً، حيث بدايات التأليف والترجمة بالعربية، وربما لم تكن عند الكثير نصف هذا العدد من الكتب بأية لغة، ثم يذكر أنه كان عنده بالشام كتابان بهذه اللغة، والكتابان في مواضيع علمية بحتة؛ فالأول يتحدث عن إفلاح الكرم والنخل، والثاني يتحدث عن علل المياه وكيفية استخراجها من الأراضي المجهولة؛ ومع الأسف الشديد فلم يذكر لنا أسماء ومواضيع بقية الكتب!



    والحقيقة أنني توقفت كثيراً أمام موضوع الكتابين المذكورين، فهما يتناولان الصحراء بشكل أو بآخر - حيث استخراج المياه يبدوا غريباً جداً لمن يعرف كردستان ووفرة مياهه وينابيعه وأنهاره وحتى آباره، وهذا يثير تساؤلات أخرى عن امتداد الأكراد الجغرافي آنذاك وكذلك عن علاقة وتفاعل الأكراد وحضارتهم مع الحضارات المجاروة.



    أما الكتاب الثاني فهو عن التمر والكرم، ومعروف أن الكرم فاكهة كردستانية بامتياز؛ لذلك تجد من أسماءها وأنواعها وما يتعلق بها في اللغة الكردية ما يقابل ذلك بالنسبة للتمر في العربية والتي هي أيضاً فاكهة صحراوية عربية، وكان وقوفي أطول أمام الرابط بين التمر والعنب وفائدة جمعهما بكتاب واحد؟؟!



    ولكنني توصلت إلى التشابه الكبير جداً بينهما من نواحي كثيرة، فكلاهما معمر، وكلاهما يمر بمراحل متشابهة يستفاد منها في كل تلك المراحل، فهما يبدآن حصرماً وبلحاً، ليكونا عنباً ورطباً، وينتهيا زبيباً وتمراً؛ وفي هذه المرحلة يمكن لكليهما أن يُتَّخذا قوتاً، ثم أن لشجرة كليهما اسم مختلف، فلا يقال: شجرة تمر أو شجرة عنب، بل يقال: نخل للتمر، وكرم للعنب، وكذلك كلاهما يمكن أن يُعصرا في مرحلتيهما الأولى، أو ينقعا في مرحلتيهما الثانية، ويمكن أن يصنع منهما أيضاًًً أشربة مختلفة.



    وتبقى هذه العلاقة بين التمر والعنب في كتاب واحد، ومعهما كتاب آخر عن استخراج المياه بلغة كردية، وقبل قرابة خمسة عشر قرناً تثير الكثير من الفضول العلمي وتفتح شهية الباحث التاريخي على شدقيه للتشمير عن يديه وعقله وفؤاده.



    ثانياً: أن اللغة الكردية لم تكن مجرد لغة علمية فحسب بل إنها كانت لغة علمية منتشرة في أقاليم مختلفة، فقد كان في بغداد حسب رؤية ابن وحشية ثلاثون كتاباً، وكان في دمشق كتابان، وهذا يدل على عدم انحصارها بابن وحشية أو ببغداد فقط حيث القرب الجغرافي من الكرد، بل تعدت ذلك إلى مناطق أبعد.



    فقد كانت اللغة الكردية من لغات العلم المنتشرة آنذاك حتى القرن الثالث الهجري / العاشر المبلادي على الأقل حيث بدأت طفرة التأليف بالعربية بدأت تنمو وتطغى على بقية اللغات، كما طغت الإنجليزية بدءاً من منتصف القرن الثامن عشر وإلى اليوم على بقية اللغات، حيث كانت هناك لغاتٌ كثيرة منتشرة للعلم منذ أقل من قرنين ولكن الإنجليزية استطاعت التغلب عليها جميعها لتصبح لغة العلم الأولى، وهذا ما حدث للغات الكردية والسريانية والكلدانية والفارسية بعد أن طغت عليها العربية حينذاك.



    وإذا كان هناك استغراب من كونها لغة علم منتشرة منذ قرون، واليوم بالكاد تحاول اللحاق بلغات العلم العصرية، نقول رداً على هذا الاستغراب: كانت اللغة العربية تكاد تكون اللغة العلمية الوحيدة عدة قرون سالفة، أما اليوم فجامعات كل البلاد العربية -باستثناء جامعات سوريا وهي تُشكر على ذلك- تدّرس معظم العلوم بغير العربية.

    رابعاً: أن اللغة الكردية هي من اللغات التي ترجمت الحضارة العربية الإسلامية منها كتباً، وبالتالي فقد أثرت اللغة والحضارة الكردية أيضاً في الحضارة الإسلامية.



    ومن المعروف أن المدارس التي بدأت منها الترجمة إلى العربية تكاد تنحصر في كردستان أو في جوارها فالمؤرخون غالباً ما يذكرون مدارس : (الرها -حران-، وأنطاكية، ونصيبين، ورأس العين)(1) وبالنظر إلى هذه العلاقة بين هذه المدارس وبين هذا النص الثمين يجب على المؤرخين أن لا يكتفوا بالقول بعد الآن: "وكانت الترجمة تتم من اللغات السريانية واليونانية والفارسية وأحياناً الهندية" بل يجب – للأمانة العلمية لا غير- أن يضيفوا إليها الكردية والكلدانية كذلك، وإذا كنا لا نعلم اليوم إلا القيل من أسماء الكتب التي تُرجمت من هذه اللغات إلى العربية لتبنيَ الحضارةُ العربية الإسلامية عليها أسسَها، فعلى الأقل نعرف اسم كتابين تُرجما من الكردية للعربية بواكير انطلاقة الحضارة العربية الإسلامية، وربما كان حظ بعض اللغات المذكورة كتاباً واحداً فقط ، فنحن نكاد لا نعرف ما ترجم عن الفارسية سوى (الشاهنامه) وهو كتاب تاريخي، ولا عن اليونانية سوى ما سطر على لسان أبقراط الحكيم الطبيب، ولا نكاد نعرف كتاباً ترجم عن الهندية سوى (كليلة ودمنة)، فإننا نعرف أنه ترجم من الكردية كتاباً في (إفلاح الكرم والنخل) وكتاباً في (علل المياه وكيفية استخراجها من الأراضي المجهولة)، ونعرف أنه تُرجم من الكلدانية كتابٌ في (الفلاحة) وبذلك تستعيد هاتين اللغتين بعضاً من حقها على البشرية.



    ولعل هذا ما يجيب على تساؤلاتي وربما تساؤلات غيري أيضاً، حين كنت أطيل النظر في أية ترجمة للفارابي الفيلسوف المتوفي أواخر القرن الثالث الهجري / العاشر الميلادي أيضاًَ، حيث كان المترجمون يذكرون دائماً أنه كان يجيد اللغة الكردية إضافة للغات العديدة التي كان يتقنها من السريانية والعربية والفارسية والتركية وغيرها، كنت أقول لنفسي : فاراب – وهي بلد الفارابي الأصلي وإليه نسبته- ليست ضمن كردستان بل هي في تركستان، فما الذي جعل الفارابي يتعلم لغةً ليست لغة عليمة (لم أكن أعرف آنذاك قيمة لغتي)، ولكنني اليوم أضيف ذكرَ المترجمين بأن الفارابي كان يتقن اللغة الكردية دليلاً آخر على أنها كانت لغة علم، وبخاصة إذا عرفنا أن الفارابي هو موسيقي من الطراز الأول ويُنسب إليه اختراع آلة القانون، فليس بمستبعد أن يكون قد اطّلع على مؤلفاتٍ تخص صناعةَ الآلات الموسيقية بكردستان، وبخاصة أن ما بين النهرين هو الموطن الأول لأول آلة موسيقية هي الناي، ويكاد مؤرخو الموسيقى يجمعون أنه من هنا بدأت الموسيقى.



    ثالثاً: أن اللغة الكردية كانت من لغات الصدارة في العلم فقد انحصر التنافس العلمي بينها وبين الكلدانية آنذك كما بين الإنجليزية والفرنسية اليوم، حسب تحليل رجل علمٍ بوزن "ابن وحشية" ففي النص الثاني الذي يذكر فيها الكرد في كتابه (202-203 من طبعة دار الفكر) يقول: " وأما الكلدانيين فكانوا أعلم الناس في زمانهم بالعلوم والمعارف والحكم والصنائع وكانوا (كذا) الأكراد الأوَل يريدون مناظرتهم ومماثلتهم، ولكن شتان ما بين الثرى والثريا، وإنما كانت براعة الأكراد الأوَل في صناعة الفلاحة وخواص النبات، ويدعون أنهم من أولاد بينوشاد، وقد وصل إليهم سفر الفلاحة لآدم عليه السلام؟؟! وسفر صفريث، وسفر قوثامي ، وعلى كل حال إنهم يدّعون معرفة الأسفار السبعة ومصحف السيد دواناد ويدعون السحر والطلسم، وليس كذلك بل ما وصلت لهم هذه العلوم والفنون إلا من الكلدان، وهم المقدّمين عليهم فيها ، ولذلك كانت عداوة () ثابتة مستمرة بينهم ؟!"

    ورُبّ قائلٍ يقول: لم نجد من المؤرخين المعاصرين من ذكر أن اللغة الكردية كانت لها هذه الأهمية؟!

    والجواب أنهم أغفلوا أيضاً اللغة الآشورية والكلدانية أيضاً مع أن رجلاً بحجم ووزن (كولن والسن) يذكر أن الكلدانيين كانوا أعلم الناس بعلوم الفلك – التفاصيل في المقال القادم –



    وهذه المقالات لا تحتكر التحليل والاستنتاج، بل تحاول إثارة كل التساؤلات الواردة والممكنة لمعرفة كل شيءٍ عن تاريخنا بشكل خاص وتاريخ المعرفة بشكل عام، وللمعرفة العلمية فقط وليس للتهويل والتطبيل، وبالاستناد إلى أدلة ووقائع مقبولة علمياً وصريحة، لا إلى مجرد تكهنات وأحلام .



    لذلك نقول: صحيح أن هذه النصوص من هذا الكتاب أوجدت حلقة كبيرة كانت مفقودة، ولكننا لن نحمّل هذا النص نتائج لم تثبت صحته بعد، كما فعل – حسب رأينا - الأستاد الكبير (گيو مو?رياني)(2) والذي ينقل بعض هذه النصوص وليست كلها؟! عن كتاب ابن وحشية، وربما سنحت له فرصة قصيرة في النقل عن الطبعة اللندنية، مع أنه ذكر أن ابن وحشية ذكر للأكراد حروفاًَ وأبجدية ومع ذلك لم يثبت صورتها في كتابه، وقد نَقلَ عنه باستحياء (عبد الرحمن ذبيحي) شيئاً من ذلك في قاموس زبان كردى (3)، حيث يبنى الأستاذ (موكرياني) على ما ورد في الكتاب وربما عن مصادر أخرى لم يسمّها: أن اللغة الكردية كانت هي لغة الدواوين، بل وحتى النقود في العصر الأموي الأول، وليست الفارسية كما هو معروف، كما يذكر عجائب أخرى في كتابه الرائع، على أننا لا نستطيع أن ننفي ما قاله أيضاً، فقد كان مجرد الحديث عن أحرف كردية قبل الإسلام يعد ضرباً من الخيال في الماضي القريب جداً، ولم تكن تعد إلا مجرد خيالات أو افتراءات على قول مدرس التاريخ العجوز في مرحلتي الإعدادية، وها هي هذه الأحرف أمام ناظريك وبما يقابلها في الأحرف العربية أيضاً، ومن أقدم وأوثق المصادر التي تنتشر مخطوطاتها في القارات الثلاث، وربما يجد احدنا يوماً الأدلة على مقولات الأستاذ (موكرياني) المذكورة.



    ولكن يبقى السؤال المشروع والمشروع جداً: إذا كانت للغة الكردية هذا التاريخ وهذه العراقة، فأين اختفت الكتب، ولماذا بقيت هذه الحروف طي الكتمان قروناً عديدة . . . وغير ذلك من التساؤلات، والجواب عليها ربما في حلقة قادمة وأخيرة حول هذا الموضوع إن شاء الله تعالى.



    ------------------------------------------------------------------------



    1- ينظر: الترجمة والبحث العلمي د. فؤاد عبدالمطلب، كلية المعلمين بالرياض، قسم اللغة الانجليزية، ص 22 وهو نقلها عن مصادر متعددة : منها: نظرة في حركة الترجمة ونقل العلوم عند العرب في القرنين الأول والثاني الهجريين ، مجلة المعرفة، العدد 398، تشرين الثاني، 1996، ص 152 - 177. وانظر حول دور الترجمة وأثرها في الحضارة الإسلامية في القرنين الهجريين الثالث والرابع كتاب، رشيد حميد حسن الجميلي، حركة الترجمة في المشرق الإسلامي في القرنين الثالث والرابع للهجرة، طرابلس - ليبيا، الكتاب والتوزيع والإعلان والمطابع، 1982. فن الترجمة في النقد العربي  محمد خير شيخ موسى، مجلة علامات  السعودية،ج 10- م3 - رجب 1414 هـ - ديسمبر 1993، ص 197 - 225. ويذكر الباحث د. سعد محمد الكردي في بحث له حول تاريخ الترجمة عند العرب، أذكر أيضاً ضمن مصادري القديمة في الوطن كتاب : مقدمة في التفكير العلمي عند المسلمين لأستاذنا الدكتور عدنان سبيعي من منشورات كلية لدعوة الإسلامية بطرابلس ليبيا وليس عندي المرجع لذكر الصفحة، فلتعذروني.



    2- ينظر: فرهنگ (قاموس) مهاباد باللغة الفارسية ص:770 وما بعدها .

    3- قاموس زبان كردي، باللغة الكردية السورانية 1/ ۳۸ طبعة المجمع العلمي الكردى، بغداد-۱۹۷۷.
    رأيي صواب int: ويحتمل الخطأ ورأي من يخالفني خطأ :hammer: يحتمل الصواب
يعمل...