سهراب سبهرى .... بين الأصالة والمعاصرة

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بنده يوسف
    عضو منتسب
    • Jun 2009
    • 17

    سهراب سبهرى .... بين الأصالة والمعاصرة

    [align=center]سهراب سبهرى *....... بين الأصالة والمعاصرة[/align]

    [align=justify]الأصالة والمعاصرة ، والحداثة والتراث ؛ مفردات فرضت على الناقد أن يستخدمها فى قراءته لأعمال شعراء السنوات الأخيرة.
    وبعيداً عن الصراع على إجابة سؤال .....هل تتوافق هذه المصطلحات مع شعراءنا وإتجاهاتهم أم لا؟!.
    نجد شعراء آداب الشرق ؛ لايمكنهم الفكاك من قيود تراثهم ، مهما حاولوا الخروج عن سطوتها بكثير من المسميات والأطـر المستحدثة.
    فالتراث وإلهاماته مكون أساسي لمخيلة الشعراء بكافة تياراتهم ونزعاتهم ، حتى أن الشاعر الذى يندرج اسمه تحت سقف الحداثة ؛ لايكون بعيداً هو الآخر عن رافد التراث مع فارق المعالجة.
    - فالشاعر الإيرانى على نورى المشهور بــ نیما یوشیج هو نفسه لم يرحل بعيداً عن بيت تراث الأدب الفارسي رغم تخليه عن شكل أعمدة وأطر البيت الشعرى القديم .
    والشاعر الإيرانى سهراب سبهرى يعد من روافد مدرسة نيما – لكنه تميز بمذاقية وجمالية خاصة فى أعماله ؛ ميزته كصاحب مدرسة شعرية قائمة بذاتها ، تميزت بأواصل ربط بين القديم والحديث ، وتميزت بالإبداع بعيداً عن صراعات التصنيف والتبعية بين الحديث والقديم.
    وحين يقترب القارئ من أعمال سهراب لايشعر مع مجموعاته الشعرية بشئ من الغربة والعزلة ؛ ويعود هذا الإنسجام إلى مخيلة سهراب الطليقة والبسيطة ، التى جمعت بين شاطئى القديم والحديث مسببة حالة من الوفاق والإنسجام بين القارئ والعمل الشعرى الحديث .
    ففى مجموعته الشعرية " مساحة خضراء " (1) نجد له قطعة شعرية بعنوان : " سورة الرؤيا " (2)[/align]
    [align=center]سورة الرؤيا
    أقسم بالرؤية
    وببدء الكلام
    وبتحليق الحمام من الذهن
    توجد مفردة فى القفص
    ......................
    كانت كلماتى مضيئة ، مثل قطعة عشب
    فأنا قلت لأولائك :
    أن شمساً على شرفة عتباتكم
    لو تفتحون الباب
    تسطع وتنير أفعالكم
    وقلت لأولائك :
    ليس الصخر لزينة الجبال
    وكذلك المعدن ، ليس بزينة لجسد الفأس .
    ففى كف يد الأرض جوهرة خفية.
    اندهش الرسل جميعا من بريقها
    فكونوا فى درب البحث عن الجوهرة
    وخذوا لحظات تأمل وفكر فى مرتع الرسالة.
    ..................................................
    وانا بشرت أولائك ، بسماع صدى أقدام رسالة
    وباقتراب النهار ، وبإزدياد الألوان
    وبطنين الورد الأحمر ،خلف سياج الكلام المستقيم.
    .................................................
    وقلت لأولائك :
    كل من يرى فى ذاكرة الخشب روضة!
    سيبقى وجهه فى هبوب رياح غابة الفتنة الأبدية.
    وكل من صاحب طير الهواء.
    سيكون منامه أكثر منامات الدنيا راحة.
    ومن يقطف النور من رؤوس اصابع الزمان
    ستفك عقد ومواصد النوافذ بالآهات.
    ................................................
    كنا تحت صفصافة
    فقطفت ورقة من غصن فوق رأسي
    وقلت :
    أفتحوا أعينكم ، أتريدون آية افضل من هذا؟!
    فسمعتهم يتهامسون معا:
    أنه يعرف السحر ، السحر!
    ...............................................
    هم شاهدوا فوق كل قمة جبل رسولا.
    لكنهم حملوا غيوم الجحود.
    إنا ارسلنا الريح كى ترفع العمائم عن رؤوسهم.
    كانت منازلهم مليئة بالدخان والجحود
    فختمنا على أبصارهم.
    ولم نوصل ايديهم إلى أغصان الفطنة والذكاء
    ملأنا جيوبهم بالتعويد
    وشوشنا عليهم النوم
    بصوت سفر المرايا.[/align]
    [align=justify]
    تفور من " سورة الرؤيا " سمات خاصة لمدرسة سهراب الشعرية – فالقطعة الشعرية مشحونة بكثير من رمزيات الحداثة والتراث.
    الأصالة :-
    تعلن القطعة الشعرية عن توجه عرفانى عميق ، فسهراب شابه القدماء خصوصاً من أهل العرفان كمولانا وحافظ فى تأثرهم بالقرآن الكريم .
    وهذا التأثر واضح فى إستخدام التعبيرات والأساليب القرآنية ، كاستخدام ضمير الفاعل والمتكلم الجمع بدلاً من المفرد.
    ضمير" أنا الشاعر" مختفى وكأنه يعبر عن حالة المحو " الفناء " التى ظهرت كثيراً فى أعمال القدماء من أهل العرفان كمولانا الرومى والعطار.
    كانت سورة الرؤية دعوة للتأمل والتفكر فى الطبيعة وأسرارها وعدم الجحود لرسول الدعوة ، وهذه الأفكار كثيراً ماترددت فى أعمال القدماء كالسعدى الشيرازى.
    يستفيد سهراب من التراث ، ويبنى " سورة الرؤيا " بكثير من التشابه بينها وبين القرآن الكريم ، فهى تبدأ بالقسم وتخبر الناس بقدوم رسالة ، وتحكى عن جحود الناس للرسالة ، وعن ظهور غمامة وغشاوة جحود على أعينهم ، وتظهر لهم أن الآيات منهم قريبة ، لكن بحاجة إلى لحظات تفكر ، أن من يظهر لهم الآيات يتهمونه بالسحر والشعوذة ، وكأن الشاعر يعلن عن توحد حال الإنسان على مر العصور ، فقديماً رفضوا الرسالة المحمدية واتهموه بأنه ساحر ، واليوم مازالت التهم مستمرة فطالما هناك بشارة خير ؛ هناك غشاوة جحود.
    وكل هذه الأقكار مستوحاة من النصوص القرآنية ، وكأن شاعرية سهراب الحديثة ليست ببعيدة عن التراث أو القدماء.
    المعاصرة :-
    بنيت شاعرية سهراب على قالب حديث ، وهو ماسمى فى إيران بالأسلوب النيمائى نسبة إلى نيما يوشيج مفجر الشعر الإيرانى الحديث.
    والشعر الحديث تميز بالإقتراب أكثر من قضايا الإنسان على وجه الأرض بعيداً عن ميتافيزيفا السماء .
    وسهراب رغم أنه شابه القدماء فى دروشته ، وتقاربه مع التراث إلا أنه أختلف معهم فى فارق المعالجة ، فالقدماء أمثال سعدى الشيرازى رافقوا الطبيعة لتصحبهم فى رحلة السماء ، أما سهراب رافق الطبيعة ونبه الناس لمحاسنها وجمالها ؛ لقداسة تلك الطبيعة وعظمتها ، ولتكون أنيساً له فى زخم وتعب ووحشة الدنيا.
    فى الشعر الحديث تجتمع كل الأفكار والمعالجات ، فالتأويل من أحد أدوات قراءة النص ، فمثلاً لو نسمى هذا الشخص برسام – يستوجب علينا أن نسأل بأى أداة يرسم ؟
    بالحرف أم بالفرشاة أم بالصوت- ففى عالم اليوم تتعدد المعانى والمفاهيم حول المفردة الواحدة.
    وسهراب لم يكن بعيداً عن تلك الرؤية الحداثية ، فكان يعرف بكونه فنان تشكيلى ، يرسم الصور متعددة المعانى ومتداخلة القراءات ؛ وهذا انطبع فى شاعريته ، فهى مليئة بالصور الفنية والشاعرية التى تحمل معانى وأشكال متنوعة ، وكأن القارئ إن لم يكن يقرأ شعراً له لحن وموسيقى ؛ فهو يرسم صورة تبزغ منها الأشكال والمعانى وتحاوره كائناتها.
    تبنى الشاعرية الحديثة على التخيل والتأمل والدهشة ، وهذا تجلى فى " سورة الرؤية " حيث الكلمات تتبادل الأدوار مع الكائنات – فالحمائم بدلاً من المفردات تحلق فى أجواء الذهن – والكلمات تسكن فى القفص بدلاً من البيض ، فالصورة الشعرية بتركيباتها المعقدة اللون ، والصوت ، والحركة من أهم مكونات الشعر الحديث ، فهى التى أخرجته من دائرة الصراع على المكانة بينه وبين الشعر القديم – ومجموعات سهراب لم يغيب عنها شمس الصورة بل رفعتها وظهرت فى أركانها بشئ يجلب الدهشة والإعجاب للقارئ ، وكأن سهراب بمزايا مدرسته الفنية هذه يصر على أن يغرد خارج السرب – خارج سرب الصراع والإتهامات بين القديم والحديث ، وأن الإبداع وحده يرتقى .[/align]


    * شاعر وفنان تشكيلي (1928-1980) من أشهر الشعراء الإيرانيين المعاصرين – أعماله " هشت كتاب " المجموعات الثمانية ،" اتاق آبى " الحجرة الزرقاء.
    (1) حجم سبز
    (2) سوره تماشا
    به تماشا سوگند
    و به آغاز كلام
    و به پرواز كبوتر از ذهن
    واژه اي در قفس است.
    حرف هايم ، مثل يك تكه چمن روشن بود.
    من به آنان گفتم:
    آفتابي لب درگاه شماست
    كه اگر در بگشاييد به رفتار شما مي تابد.
    و به آنان گفتم : سنگ آرايش كوهستان نيست
    همچناني كه فلز ، زيوري نيست به اندام كلنگ .
    در كف دست زمين گوهر ناپيدايي است
    كه رسولان همه از تابش آن خيره شدند.
    پي گوهر باشيد.
    لحظه ها را به چراگاه رسالت ببريد.
    و من آنان را ، به صداي قدم پيك بشارت دادم
    و به نزديكي روز ، و به افزايش رنگ .
    به طنين گل سرخ ، پشت پرچين سخن هاي درشت.
    و به آنان گفتم :
    هر كه در حافظه چوب ببيند باغي
    صورتش در وزش بيشه شور ابدي خواهد ماند.
    هركه با مرغ هوا دوست شود
    خوابش آرام ترين خواب جهان خواهد بود.
    آنكه نور از سر انگشت زمان برچيند
    مي گشايد گره پنجره ها را با آه.
    زير بيدي بوديم.
    برگي از شاخه بالاي سرم چيدم ، گفتم :
    چشم را باز كنيد ، آيتي بهتر از اين مي خواهيد؟
    مي شنيديم كه بهم مي گفتند:
    سحر ميداند،سحر!
    سر هر كوه رسولي ديدند
    ابر انكار به دوش آوردند.
    باد را نازل كرديم
    تا كلاه از سرشان بردارد.
    خانه هاشان پر داوودي بود،
    چشمشان را بستيم .
    دستشان را نرسانديم به سر شاخه هوش.
    جيبشان را پر عادت كرديم.
    خوابشان را به صداي سفر آينه ها آشفتيم.
يعمل...