طفـــــولـــــــة
عبد الحميد شوقي
هناك
حيث أنا
يقف المستحيل على قدميه
يمنحني غبطة الاحتفال..
أسافر بين مكانين
يخترقان حدود الخيال
أرى امرأة تختفي في شرودي
تقطف من شغفي
نجمة لانطفاء المساءات
بين دمي..
أنا زمني
أتقاسم لون عيوني
وصمت ظلالي
مع الأغنيات التي تصنع الشمس
من شهقات الجمال..
أنا زمني
خارج الزمن المأتمي
أقبل أرضا..
أراقص ريحا..
وأشرب شايا بمقهى بسيط
أصافح سيدة في الطريق
أقرأ مستقبلي في الجريده..
طيور تحلق بين كلامي
وتخلط طمي الدوالي
بخمر الثواني المطلة
من شرفات انتشائي..
وما زلت
أصوغ وجودي
أعزف لحن اكتمالي
بما يختفي في الأماكن
من صبوة الاشتعال
بما يجعل الموت فجرا
ليوم هلامي..
أنا زمني المتعالي..
أمشي على حافة الكائنات
وحيدا كنجم خيالي
أليفا كحي قديم
أشاغب طيفي على طرق قائظه
وأسألني عن ظلالي
عن صورة الولد المتشكل
في شطحات ضلالي
عن ذلك المخبر المتخفي
وراء أناي
وخلف حطام شعوري
يدحرجني نحو ما لا أريد
يشنق في داخلي
شهوات السؤال..
أنا حيث لست أنا :
انفصال المكان عن الأمكنه
اعتراف المقول بأقبية الانشطار..
أنا حيث يلهو الفراغ
كطفل على طرقات النهار.. !
**********
وقبل زمان بعيد
على منحنى بلدة تنجب الانتظار
التقيت بذاتي
كان الأهالي على عتبات البيوت
يعدون صمت الشتاء الطويل
وهم يشربون أتاي* الأصيل
وتأتي الحكايات مترعة بالدوار :
امتصصت أساطير صفصافة هرمه
تظلل ساح الفناء
كبرت على هذيان المسنين
حين يعود الرعاة قبيل المساء
كنت على موعد مع أنفاس روحي
أحث خطاي إلى حيث تخفي النساء
حرائق أجسادهن
وحيث يفل الرجال
ظلام المكان بأزجالهم
عن فوارس ضاعوا بغابات زمُّور*
حين أتى الفاتحون الأوائل
من جهة البحر
وانتشروا في عروق الشجر..
كنت أنا-
حيث فتَّ الجفاف
حقول البراري الفسيحة
واحتجب المطر الموسمي-
شاهدا في امتداد الزمان
على اغتراب الندى عن تراب البلد
شاهدا على
بكاء العصافير بين يدي
على خسوف النجوم على أسطح الأبنيه..
لم أجد في الرماد الذي تخلفه النار
غير خطوط يدي
غيرمواعيد يومي مع الآخرين
وغير أغاني الأمازيغ
عند انحدار القمر
وهم ينشدون
مواويل موت الطيور الأصيله..
شككت بحادثة اسمي
ولم أتشكك برائحة البن
ملء عروقي الرهيفه
أكون هناك
حيث تمر الخيول على دهشتي
وتمسح شعري
يد النسوة الراقصات على
حضرة الانخطاف،
رؤاي مذاق الخمور العتيقه
خطاي انزلاق المشاعر خلف الحقيقه
وليس لشجو المواويل
غير مواجع روحي
وليس لنزف التواريخ غير جروحي..
**********
على طرق التيه
بين رمال الحكايا القديمة
صادفْتُني عابرا في اتجاهي..
بلا صفة كنت ،
صوتي ارتداد متاهي..!
**********
تكلم في داخلي كائن قزحي
روى لي أقاصيص موته
في مدن المغرب البدوية والساحلية والأطلسية
حدثني في انعكاس النجوم على الفلوات
عن العرب القادمين من القحط والحرب
والقدر الشبحي :
وجوه تفض مواجعها
في انكسار المقول
وفي حيرة النظرات ،
وجوه تؤبد غربتها
في احتراق الأيادي
على قرعات الطبول..
توقفت عند مضاربهم
كنت أعد لحلمي البعيد:
أأولد في رملهم كالسحالي
وأزحف فوق سراب الفصول...؟!
أأولد في شعرهم
وأؤبد تفعيلة الأقدمين..؟!
هل الآن أم في زمان بديل...؟!
مر بقربي هزار نبيل
يجر جناحيه في لفحة الهاجره
قال لي :
" يا ابن شوقي
ستنهض كل القبائل ضدك
ستنفيك كل القصائد خارج أسوارها
ستحفر في صخرة الموت مجدك
لتحيى على هامش الكل وحدك...! "
وطار بعيدا..
هناك حيث أنا- لا أنا
حيث تعبر كل الجموع إلى وهمها
تبحث عن زمن
يلملم ما يتساقط من يومها
هناك أنا..
كائن ما..
غد ما..
احتمال احتفال..
مواعيد ضائعة في تخوم المحال
تفاصيل للموت بين خفايا النهار...!!
*********
وذات مساء
ولدت على باب حي قديم
كان الصغار
حفاةً بلا فرح
يكرهون الذهاب إلى المدرسه
ويحبون أكل النبق
وبقايا الفطائر
في ساعة الاستراحة..
كالقدر الضال حبونا ،
على قسمات ملامحنا
لفحةُ الشمس والانكسار
وفي الروح نفث الضياع ،
كبرنا كما يكبر الآخرون
كبرنا فقط
اندلقنا على الطرق السمر
كالقطط السائبه
وكنا نقول لأطيافنا
في مرايا الغبار* :
سنطلب من سادة الظلمة المتخفين-
ولو مرة- أن نكون
سلاطين مثل حكايا الرواة
نحكم باقي الحواري
ونأكل من توت أشجارها دون خوف..
وفي عنفوان الخيال
حياة تموج على سيلان اللعاب ،
مآوي هلامية لاحتواء العذاب
وتولد بين أصابعنا البلدة المشتهاة :
حفيف الكلام
وهمس المجاري
صفوف الموائد والكرز العجمي
فقط تولد البلدة المشتهاة :
سحابا يزف عروس المطر
طفلا يسابق شمس المصيف
ولا شيء غير البعيد البعيد
لا شيء غير السراب...!!
ربيع 2005
عبد الحميد شوقي
هناك
حيث أنا
يقف المستحيل على قدميه
يمنحني غبطة الاحتفال..
أسافر بين مكانين
يخترقان حدود الخيال
أرى امرأة تختفي في شرودي
تقطف من شغفي
نجمة لانطفاء المساءات
بين دمي..
أنا زمني
أتقاسم لون عيوني
وصمت ظلالي
مع الأغنيات التي تصنع الشمس
من شهقات الجمال..
أنا زمني
خارج الزمن المأتمي
أقبل أرضا..
أراقص ريحا..
وأشرب شايا بمقهى بسيط
أصافح سيدة في الطريق
أقرأ مستقبلي في الجريده..
طيور تحلق بين كلامي
وتخلط طمي الدوالي
بخمر الثواني المطلة
من شرفات انتشائي..
وما زلت
أصوغ وجودي
أعزف لحن اكتمالي
بما يختفي في الأماكن
من صبوة الاشتعال
بما يجعل الموت فجرا
ليوم هلامي..
أنا زمني المتعالي..
أمشي على حافة الكائنات
وحيدا كنجم خيالي
أليفا كحي قديم
أشاغب طيفي على طرق قائظه
وأسألني عن ظلالي
عن صورة الولد المتشكل
في شطحات ضلالي
عن ذلك المخبر المتخفي
وراء أناي
وخلف حطام شعوري
يدحرجني نحو ما لا أريد
يشنق في داخلي
شهوات السؤال..
أنا حيث لست أنا :
انفصال المكان عن الأمكنه
اعتراف المقول بأقبية الانشطار..
أنا حيث يلهو الفراغ
كطفل على طرقات النهار.. !
**********
وقبل زمان بعيد
على منحنى بلدة تنجب الانتظار
التقيت بذاتي
كان الأهالي على عتبات البيوت
يعدون صمت الشتاء الطويل
وهم يشربون أتاي* الأصيل
وتأتي الحكايات مترعة بالدوار :
امتصصت أساطير صفصافة هرمه
تظلل ساح الفناء
كبرت على هذيان المسنين
حين يعود الرعاة قبيل المساء
كنت على موعد مع أنفاس روحي
أحث خطاي إلى حيث تخفي النساء
حرائق أجسادهن
وحيث يفل الرجال
ظلام المكان بأزجالهم
عن فوارس ضاعوا بغابات زمُّور*
حين أتى الفاتحون الأوائل
من جهة البحر
وانتشروا في عروق الشجر..
كنت أنا-
حيث فتَّ الجفاف
حقول البراري الفسيحة
واحتجب المطر الموسمي-
شاهدا في امتداد الزمان
على اغتراب الندى عن تراب البلد
شاهدا على
بكاء العصافير بين يدي
على خسوف النجوم على أسطح الأبنيه..
لم أجد في الرماد الذي تخلفه النار
غير خطوط يدي
غيرمواعيد يومي مع الآخرين
وغير أغاني الأمازيغ
عند انحدار القمر
وهم ينشدون
مواويل موت الطيور الأصيله..
شككت بحادثة اسمي
ولم أتشكك برائحة البن
ملء عروقي الرهيفه
أكون هناك
حيث تمر الخيول على دهشتي
وتمسح شعري
يد النسوة الراقصات على
حضرة الانخطاف،
رؤاي مذاق الخمور العتيقه
خطاي انزلاق المشاعر خلف الحقيقه
وليس لشجو المواويل
غير مواجع روحي
وليس لنزف التواريخ غير جروحي..
**********
على طرق التيه
بين رمال الحكايا القديمة
صادفْتُني عابرا في اتجاهي..
بلا صفة كنت ،
صوتي ارتداد متاهي..!
**********
تكلم في داخلي كائن قزحي
روى لي أقاصيص موته
في مدن المغرب البدوية والساحلية والأطلسية
حدثني في انعكاس النجوم على الفلوات
عن العرب القادمين من القحط والحرب
والقدر الشبحي :
وجوه تفض مواجعها
في انكسار المقول
وفي حيرة النظرات ،
وجوه تؤبد غربتها
في احتراق الأيادي
على قرعات الطبول..
توقفت عند مضاربهم
كنت أعد لحلمي البعيد:
أأولد في رملهم كالسحالي
وأزحف فوق سراب الفصول...؟!
أأولد في شعرهم
وأؤبد تفعيلة الأقدمين..؟!
هل الآن أم في زمان بديل...؟!
مر بقربي هزار نبيل
يجر جناحيه في لفحة الهاجره
قال لي :
" يا ابن شوقي
ستنهض كل القبائل ضدك
ستنفيك كل القصائد خارج أسوارها
ستحفر في صخرة الموت مجدك
لتحيى على هامش الكل وحدك...! "
وطار بعيدا..
هناك حيث أنا- لا أنا
حيث تعبر كل الجموع إلى وهمها
تبحث عن زمن
يلملم ما يتساقط من يومها
هناك أنا..
كائن ما..
غد ما..
احتمال احتفال..
مواعيد ضائعة في تخوم المحال
تفاصيل للموت بين خفايا النهار...!!
*********
وذات مساء
ولدت على باب حي قديم
كان الصغار
حفاةً بلا فرح
يكرهون الذهاب إلى المدرسه
ويحبون أكل النبق
وبقايا الفطائر
في ساعة الاستراحة..
كالقدر الضال حبونا ،
على قسمات ملامحنا
لفحةُ الشمس والانكسار
وفي الروح نفث الضياع ،
كبرنا كما يكبر الآخرون
كبرنا فقط
اندلقنا على الطرق السمر
كالقطط السائبه
وكنا نقول لأطيافنا
في مرايا الغبار* :
سنطلب من سادة الظلمة المتخفين-
ولو مرة- أن نكون
سلاطين مثل حكايا الرواة
نحكم باقي الحواري
ونأكل من توت أشجارها دون خوف..
وفي عنفوان الخيال
حياة تموج على سيلان اللعاب ،
مآوي هلامية لاحتواء العذاب
وتولد بين أصابعنا البلدة المشتهاة :
حفيف الكلام
وهمس المجاري
صفوف الموائد والكرز العجمي
فقط تولد البلدة المشتهاة :
سحابا يزف عروس المطر
طفلا يسابق شمس المصيف
ولا شيء غير البعيد البعيد
لا شيء غير السراب...!!
ربيع 2005