المقامة العدنانية
حدثنا عدنان بن يوسف قال :/رغبت بالزواج وما أنا بمزواج , ووصفت بالصفاء والنقاء، ولست بزير نساء , فقالوا: أصيب عدنان بالطيش فقلت ما هو إلا نكد العيش، وصياح كصرخات ضباط الجيش تصدح بها أم سامر سليلة النسب كابر عن كابر, وأنا مرهف الإحساس لطيف عند الناس تزعجني اخفت الأصوات ولو كانت أصوات أنفاس فكيف بأصوات كأنها ضربات فأس على قمة الرأس.
فبحثت عن البنات الجميلات، الكبيرات منهن والصغيرات، ذوات الصفات الجميلة والأخلاق الحميدة، فوصفوا واحدة منهن، نحيفة ليس بها سمنة، كأنها حورية من الجنة، فبعثت إليها بخبري عسى أن تقبل بي، فجاء ردها بسرعة، بأني سيء السمعة، وأن ليس بها علة، فكيف تصوم وتفطر على بصله، فلم يعجبني ردها، ولكني نسيتها وبحثت عن غيرها .
وأخبروني عن صبية في الشام ،رقيقة كطير الحمام، فبعثت إليها بخبري العاجل وقلت لها أني رجل كامل، فقالت في ردها أني في البنات الأجمل ولن أتزوج من متزوج أو مطلق أو أرمل، فقلت إنها من اللئام ولا بد من الانتقام، فكتبت لها كتاب تنبهر به الألباب وأسمعته للأصدقاء المقربون منهم والأحباب، وأصبح له طنة ورنة، وقلت لها ليس لك علي منة فلن تجدي مطلبك لا في النار ولا في الجنة، وهكذا أطفأت من القلب النار وجلبت للنفس الاستقرار.
ومرة كنت في الجيزة، بلدة علي عزيزة، وهي من أعمال حوران، نساؤها كأنها غزلان تتراقص بين الجنان . فيها عملت عند المفرفش أبو حسين ،رجل عنده قصرين فقد قال لي : هلا يسرت لي أمري وحسنت لي قصري، فقلت له أنا عدنان رجل فنان اعتق الجبصين بالألوان الأصفر والأخضر والأرجوان، فقال: أنت المآل ولك الكثير من الأموال، فلم انبس بأي سؤال وعملت عنده في الحال .
وعلمت أن عنده صبية منمقة، صغيرة ولكنها مطلقة، فقلت هذا هو المطلوب اقتربت من المحبوب، فبعثت من يخطبها من أبيها فهو المتكفل فيها والموافقة إنشاء الله اجنيها .
وجاء المفرفش أبو حسين، فقلت أهلا يا نور العينين، فقال خسئت يا جبان انزل عن السلم الآن، وكان بيده عصا خيزران، تتلوى كأنها ثعبان، فقلت أعوذ بالله من الشيطان أنت الكبير الفهمان فلم أنت غضبان، فضرب بالخيزران ضربة أصابت القدمين وجرحت الساقين، فقلت ما هذه البلبلة فقد نزلت عن السلم سحسلة، فأمسك بما تبقى من شعري فلم استطع كر ولا فر، فلطمني لطمة، ثم تبعها بلكمة،أصابتني بغمة، ثم تركني وذهب و جاء حاملا حماطة فرفعت دشداشتي وهربت تاركا الشحاطة قبل أن ينفضح أمري وينتشر بين الناس خبري، فلما وصلت البيت صرخت بأعلى الصوت : يا سامر يا ياسر اجلبوا لي الدكتور عامر فأنا على أحر الجمر ناطر، فلما وصل الدكتور النطاسي عندها التقطت أنفاسي وأنشدت أقول :
يا صديقي وابن عمي عامر هلا نظرت إلى حظي العاثر
ضربني المفرفش ضربا موجعا هانت عنده ضربات أم سامر
انتهى