الصراع الإقليمي على العراق ليس وليد اليوم

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • kemalhocaoglu
    مشرف
    • Jun 2006
    • 132

    الصراع الإقليمي على العراق ليس وليد اليوم

    <div class="comText"><font color="#660000" size="4"><strong>حملة على بغداد<br /><br />غادر حافظ باشا ديار بكر متوجها إلى الموصل، حيث التحق به هناك عساكر كردستان الذين كانوا تحت إمرة أمير الأمراء حسين باشا. ولم يطل الأمر بوالي سيواس محمد باشا الطيار حتى التحق مع عساكر أيالته. كما دعي حاكم العمادية سيد خان لأن يكون له نصيب في شرف هذه الحملة، فتحرك مع ولده، ثم نصب خيامه قرب قبر النبي يونس عند خرائب نينوى. وكان سليمان باشا حينئذ في كركوك، في الوقت الذي سعى والي كركوك بوستان باشا لتجنيد العساكر. وبينما كان القائد في الموصل ينتظر قدوم عساكر لوائي مرعش وأورفه، ظهر المرض في الجيش وأدى إلى بعض الوفيات. وقد كلف محمد باشا الطيار الذي أصيب بمرض معد بتقديم الدعم للقائد محمود باشا الذي كان يحارب الأباظة. في هذه الأثناء سمع حافظ باشا بانتشار روايات سيئة في حقه باستنبول تقول بأنه يتردد في السير نحو بغداد.... هذا القائد الذي كان حريصا على حماية سمعته، أرسل أمرا إلى حسين باشا كي يتقدم إلى الأمام مع مصطفى وأبدال بك أميري سهران وكل من بوستان باشا وسليمان باشا، في الوقت الذي تحرك بنفسه نحو كركوك. <br />تقدم حسين باشا مع قواته صوب بهروز وبعد أيام قليلة وصل إلى بغداد. نصب العساكر خيامهم قرب قبر الإمام الأعظم أبي حنيفة. أرسل إلى قائد الشرطة بكر رسائل مهينة ليجره إلى معركة ميدانية، فلم يرد عليها. وبكر بقدر ما كان يبادر بالتحرك كان أيضا كثير الحيل، فقد وجد الطريقة التي يهدئ بها من ثورة عساكره؛ بينما سئم الباشوات الانتظار، فتوجهوا إلى الضفة الغربية لدجلة ونصبوا خيامهم هناك. <br />استغل بكر فرصة تراجع العدو، فأخذ رجاله وخرج من المدينة. وتمركز مع عساكره في الضفة الشرقية من النهر. وصار يطلق المدافع لتشتيت مقر الجيش العثماني. ولما اضطروا للتراجع إلى الخلف، لم يدفع بكل قوته لمطاردتهم خوفا من أن يبتعد عن المدينة فيجد أبوابها مغلقة في وجهه، فأرسل آغا المتطوعين مع ثلاثة آلاف من الرجال للمطاردة ، وفي اليوم التالي وقع قتال، انهزم فيه رجال سليمان باشا وتفرقوا، وقتل قائد القوات الكردية مصطفى بك في ميدان القتال، فبلغ حافظ باشا هذا الخبر مع خبر وفاة أمير سهران وهو في كركوك. فتقدم بسرعة لدعم القوات. وكان سليمان باشا يلازم خيمته بسبب المرض فأرسل كتخداه إلى القائد. ونصب بوستان باشا وحسين باشا وأبدال باشا وعساكرهم وكذلك أمراء الأكراد التقليديين خيامهم على الجانب الآخر من ديالى، وكان قدري آغا وبوستان باشا مكلفين بحماية النهر قبالة المدينة ببطارية من سبعة مدافع. <br />أمر حافظ باشا كلا من حسين باشا وبوستان باشا وأمير العمادية الصعود من النهر إلى أعلى حتى معبر آخر، وتابعهم هو بجيشه من مكان قريب، وقد باشر عساكر بغداد القتال مع طلائع الجيش. لكن القائد ظهر في ميدان القتال وقبل ذلك تقابل مع أبدال باشا، ونشر الرايات، فحققت مدافع أبدال باشا النصر. وبقي أربعة آلاف من المتمردين في ميدان القتال، فألقيت رؤوسهم تحت أقدام الغالب. لم يشك حسن باشا( الأعور) في أن الأهالي سيتملكهم الخوف فيفتحون الأبواب، فحرض القائد على مطاردة الفارين حتى بغداد، لكن هذه النصيحة الحكيمة على غرار الرأي الذي طرحه الدفتردار قبل ذلك لقيت سخرية واستصغارا، فانسحب الجيش الغالب إلى الاستحكامات. ألبس حافظ باشا أمراء الجيش خلعا فاخرة ، ووزع لكل عسكري من الأفراد مكافآت مابين ثلاث وعشر قطع ذهبية. وسيق الأسرى إلى مكان الإعدام . وتم قطع ألف وسبعمائة رأس من طلوع الشمس وحتى غروبها، وتجمعت أمام حافظ باشا.<br />وفي صباح اليوم التالي وخلال تلقي الجيش أمر السير نحو بغداد ، ثار السكبان( من عساكر الإنكشارية) ، معلنين بأنهم لن يتحركوا ما لم ينل وكل فرد منهم عشرة قروش على سبيل المكافأة. وتوقع حافظ باشا إقناع العساكر بوعدهم توزيع مخصصات عند دخولهم بغداد بالإضافة إلى كثير من المكافآت. أبرز الثائرون إعلانا من بكر يعد كل من ينضم تحت رايته بعشرة قروش. وفي اليوم التالي توفي سليمان باشا الذي عين واليا على بغداد. وفي اليوم نفسه عبر حافظ باشا بكل جيشه نهر دجلة، وحاصر المدينة من جهة "قلعة الطيور". أما بكر فقد رفض كل العروض التي قدمت له كي يستسلم من تلقاء نفسه. <br />الحصار من الخارج وضائقة التموين من الداخل دفع بكر إلى أن يرسل إلى الشاه عباس كتابا يعده في بتسليم بغداد إذا أنقذه من يد العثمانيين. أما الشاه الذي أرسل كبير الخانات قره جاي مع ثلاثين ألفا من الرجال إلى مدينة شهربان فقد كان يتحين مثل هذه الفرصة للاستيلاء على هذه الولاية بالغة الأهمية. لم يتردد الشاه في إرسال قولى خان الصوفي وعباس آغا إلى بغداد فورا حاملين رسالة إلى بكر مع تاج عجمي. وفي الوقت نفسه ومن غير أن يظهر ما يخطط له، كان بكر يرسل إلى حافظ باشا يفاوضه على حماية بغداد مع أمير أمرائها ضد الأعداء. وخلال حضور رسول بكر في مجلس حافظ باشا صرخ بوستان باشا " أعطني ولاية بغداد" أجاب الرسول بكلام الواثق من نفسه " لن يقبلوا بك" الأمر الذي أغضب بوستان باشا، فمد يده إلى سيفه لكن حسين باشا تدخل بينهما وحال دون إراقة الدماء. <br />وفي اليوم التالي عاد رسول بكر إلى الجيش ومعه جواب سيده على مقترحات المجلس. كان هذا الجواب عبارة عن رفضه منصب أمير الأمراء بعد الآن، وأنه يريد بغداد إذا جاز التعبير. <br />وفي هذه الأثناء سرت في الجيش شائعة وصول سفارة عجمية إلى بغداد. وعقب ذلك وصل إلى حيث قيادة الجيش قره جاي حاملا رسالة إلى حافظ باشا. كانت هذه الرسالة تقول بأن بكر بات تابعا للشاه، وأن الجيش العثماني أن ينسحب من ظاهر بغداد إن كان حريصا على السلام. أجاب القائد:<br />- لسنا في بلاد إيران؛ لقد جئنا إلى هنا لتأديب متمرد، ومهمتنا لا تخل بالسلام بين الحكومتين"<br />فرد السفير:<br />-الطير الذي يدخل الشباك يكون تابعا للصياد"<br />مد القائد يده إلى سيفه قائلا:<br />-الطائر الذي تعنيه هو في قفصنا؛ فإذا هرب إلى شباككم فلن نتعقبه"<br />رد السفير بلهجة أشد: <br />-" لنترك الكلام الفارغ جانبا، ابتعدوا عن مشارف بغداد، وإلا فإن قره جاي خان يعرف كيف يطردكم" <br />أجاب حافظ باشا:<br />- "إذا اختل السلام ، فإن عقوبة هذا الاختلال تكون عليكم" <br />وبعد هذا الكلام أذن القائد للسفير بالمغادرة. فعاد إلى سيده.<br />في هذه الفترة استخبر حافظ باشا بدخول ثلاثمائة من الإيرانيين سرا إلى بغداد، وأن قولي خان الصوفي مستعد للسير إليه في حال تلقيه أول أمر بذلك، بات القائد في قلقا من هذه الأخبار المزعجة، فكشف لمجلس شورى الحرب بأنه لم يعد هناك من حل سوى في الاعتراف بشرعية التمرد وذلك بتعيين بكر واليا. دعي علي آغا مندوب بكر مرة أخرى، وأرسل إليه بالجواب المطلوب. لكن حافظ باشا أمر بكتابة فرمانين على أمل إرضاء المتمرد باتفاقية مختلفة، ينص على تعيين بكر واليا على الرقة وتعيين ابنه متصرفا على الحلة. توجه أمير العمادية سيد خان بهذا الخبر فقوبل في أول الأمر بكثير من الاحترام، لكنه عندما بدأ ينقل ما أمر به، أدرك بكر ما يرمي إليه القائد، فبدت عليه علائم الحدة والشدة، وبحضور الخان أمر بالقبض عليه وقطع رأسه، لكن الدفتردار عمر أفندي وبعد كثير من الإلحاح والتوسل تمكن من الحصول على موافقته بحسبه في منزله. <br />وفي اليوم التالي علم حافظ باشا بالنتيجة المؤلمة لحيلته، واستعد لتكرار محاصرته بصورة أشد. وفي هذه الأثناء وصل إلى الجيش خبران مهمان: أحدها جلوس مراد الرابع وإبقاء القائد على رأس الجيش لمحاربة إيران، والآخر قيام بكر بضرب النقود باسم سيده الجديد. أما حافظ باشا الذي بدا يندم على تباطؤه الطويل، فقد عقد اجتماعا طارئا على عجل، وقرر قبول الوضع الذي لم يعد يقدر على رفضه، ثم أرسل أمير خربوط إلى بغداد حاملا أمرا باسم مراد الرابع بتعيين بكر واليا على المدينة ، ومحافظا لبغداد دار السلام.<br />ومع لقائه للأمير العثماني بدأ قائد الشرطة بكر- وسنطلق عليه بعد الآن اسم بكر باشا- يشعر بالندم من دعوته للإيرانيين. وأمام إلحاح سفراء قولي خان الصوفي، وبكثير من الاحترام أجابهم قائلا:<br />-" أطال الله عمر الشاه والخان ! لقد أنقذتمونا من تضييق العثمانيين؛ والجوار بيننا معروف، ومساعدة الجيران من شيم الملوك. ونحن أدنى عبيد الشاه أوصلوا هدايانا المتواضعة للشاه، أبلغوه احترامنا"<br />غضب قولي خان الصوفي من الاستهزاء والصفاقة من هذا المتمرد. وسارع إلى إبلاغ سيده بأن بكر تفاهم مع السلطان. أما الباشا الجديد فقد استدعى الإيرانيين الثلاثمائة الذين حملوا إليه التاج الذي أهداه شاه العجم، وداس التاج بأقدامه إمعانا في الاحتقار. ثم أمر بتعليقهم على أسوار البرج ورؤوسهم متدلية إلى الأسفل، كما أعلن ولايته في أزقة بغداد ، وأرسل عريضة إلى حافظ باشا صيغت بكثير من عبارات التوسل والرجاء بأن يبتعد عن بغداد كي يشعر الأهالي بمزيد من الأمان والاطمئنان. كما أهداه قطعة من قطيفة تصلح لأن تكون سروالين فاخرين مع فرس جميل.<br />وفي اليوم التالي تحرك حافظ باشا من مكانه متوجها إلى الموصل. لكنه لم يكد يغادر مقر الجيش بجوار ضريح الإمام موسى الكاظم، حتى ظهر قره جاي بجيشه على مشارف بغداد، داعيا الوالي الجديد إلى تنفيذ ما وعده به. كرر بكر ما قاله أول مرة. وعرض عليه إعطاء عشر قوافل من الإبل وعشرة آلاف قرش للتعويض عما تحمله العجم من مصاريف، لكنه أضاف بأنه لن يعطي بغداد حتى ولو جاءه عشرة مثل شاه العجم. وكان إطلاق عدد من قذائف المدافع صوب مواقع الإيرانيين كافيا لأن يتراجعوا إلى الخلف.<br />أرسل بكر باشا إلى حافظ باشا من يبلغه بخطر الهجوم الذي يتهدده، فأرسل إليه القائد قافلة من المؤن بحماية كبير البوابين عثمان فتمكن من دخول المدينة قبل وصول الجيش الإيراني. كان الجيش الإيراني يتحرك بسرعة كبيرة صوب بغداد، حتى بلغ مشارفها خلال أربعة عشر يوما. وفور ذلك أبلغ بكر حافظ باشا ، الذي قام بدوره بإبلاغ الصدر الأعظم علي باشا. لكن علي باشا لم يأبه بذلك. ولما كرر بكر إبلاغه أرسل حافظ باشا حسين باشا لتقديم الدعم للمدينة المحاصرة. كما علم هو بمحاصرة ديار بكر من قبل الأباظة، فتوجه إلى ماردين. تعرض حسين باشا لهجوم مباغت لقوات قره جاي فتحصن في قيزيل جاي، وهي في مكان بعيد عن دجلة، كما أن ماء البئر التي حفرها كان مالحا. أبلغ قره جاي حسين باشا استعداده لتجديد السلام معه باعتباره واليا عثمانيا، خدع حسين باشا بهذا الخبر بسبب ثقته المفرطة بالآخرين، فأرسل أشياءه إلى الموصل وأبلغ القائد ببدء المفاوضات. رد حافظ باشا فورا بألا يخرج من مواقعه ، أو الخروج منها ليلا في أسوأ الأحوال. لكن هذا التحذير وصل متأخرا، فلم يغير من الوضع شيئا، وكان حسين باشا متوجها إلى مكان المفاوضات بكل أمان، عندما قتله الإيرانيون مع أكثر رجاله وأرسلوا رؤوسهم إلى جيش شاه إيران. لكن الشاه أظهر غضبه حقيقة أو تصنعا، وأطلق سراح خمسة عشر أسيرا بقوا أحياء.<br />وما أن وصل هذا الخبر الأليم إلى ماردين مع التقرير الذي أرسله بكر باشا يبلغ فيها عن اكتشاف أربعة وخمسين نفقا للتلغيم، وظهور شح في المواد الغذائية بالمدينة. أرسل حافظ باشا هذه الرسائل إلى الصدر الأعظم لكنها بقيت دون أي تأثير على غرار سابقاتها. وبقي حافظ باشا في ماردين ينتظر ورود الجواب وقد بدا الحصار شهره الثالث. وبدأ الأهالي يشعرون بالحاجة إلى أكل الحيوانات، وانحاز بعض الأهالي إلى صف الإيرانيين ومن بين هؤلاء رجلان من أقارب الوالي يدعى أحدهما درويش والآخر رحمان كانا ينقلان الرسائل بين محمد ابن قائد الشرطة المكلف بحماية القلعة وبين العجم. وقد وعد الخائن محمد على اثر منشور أيالة بغداد الذي وصل إليه بفتح أبواب بغداد في بداية الليلة الثانية أمام الإيرانيين ( 5 صفر سنة 1033- 28 نوفمبر سنة 1623) وفي صباح اليوم التالي كانت طبول الإيرانيين تدق فوق أسوار القلعة، بينما ينادي المنادون قائلين:<br />-" البلاد ملك الشاه؛ نطلب منكم ألا يتحرك أحد من العساكر وأهالي المدينة ، فالغالب يعلن العفو العام. ستفتح الأبواب، ولن يتعرض أحد من السنة أو الشيعة لأي سوء بسبب مذهبه."<br />والحقيقة أن الهدوء والسكون سيطرا على المدينة خلال وقت قصير. أخذ ببكر باشا وأخيه الدفتردار عمر إلى مجلس الغالب، فوجدا محمدا جالسا بجانب الشاه. هذا الولد الذي فقد كل إحساس بالبنوة وجه سيلا من الإهانات الدنيئة إلى والده، وأنبه على عدم وفائه بوعده ، ونصحه بأن يسلم خزائنه إن هو أراد إنقاذ حياته. وبعد خروج بكر من المجلس وضعوا عليه القيد بالسلاسل. <br />وفي اليوم التالي أجري تعداد كافة الأهالي، وجمعت الأسلحة بحجة تحقيق الأمان وبعد يومين وضع العساكر المجردين من أسلحتهم تحت حراسة العجم ووضعت الأختام على منازلهم، وأعدت قوائم بمفردات ممتلكاتهم، وألقي بهم بعد ذلك في السجون. وفي اليوم السابع أغلقت أبواب المدينة، وأصدر الشاه أمرا بتعذيبهم سبعة أيام كي يعترفوا بما يملكون، وقد فاضت أرواح كثير من العساكر تحت التعذيب. كما بترت بعض أعضاء من بقي منهم على قيد الحياة. الغالب يريد أن يغرق بغداد بدماء أهاليها، لكن طلب الرحمة من نقيب أشراف بغداد ومحافظ قبر الإمام الحسين السيد الدراج حال دون تنفيذ هذه الوحشية. وبعد حصول هذا الإيراني صاحب الفضل على عفو عن الشيعة أعدت قوائم عامة بالأسماء فأضاف إليها أسماء كثير من أهل السنة باعتبار من المحبين لعلي، وأعدم جمع الذين لم ترد أسماؤهم في هذه القوائم.<br />طلب الغالب من قاضي بغداد عمر نوري أفندي وواعظ الجامع الكبير محمد افندي سب الصحابيين عمر وعثمان رضي الله عنهما، لكنهما رفضا ولعنا الشاه ، فاستشاط الشاه غضبا وأمر بتعليقهما بحبل من عنقيهما على نخلتين ، وطلب من محبي علي بأن يمطرا " رهيني الضلالة" بالرصاص، وأسلم الشهيدان روحيهما بعد أن تمزق جسداهما بالرصاص. <br />ووضع بكر في قفص حديدي، وتعرض للتعذيب ستة أيام بلياليها وفي اليوم السابع عرضوه على نار عظيمة كي يقر بمكان خزائنه. وكنا ولده السافل جالسا إلى جانب الغالب وبيده كاس الخمر يتفرج على تعذيب والده ، وأخيرا ربط الجلادون الضحية في قارب مليء بالزقت وأوقدوا فيه النار وتركوه في مياه دجلة. وبذلك ذاق هذا الملعون الذي أدت خيانته إلى انتزاع بغداد من يد العثمانيين وعلى مشهد من كافة البغداديين نفس العذاب الذي أذاقه لمحمد آغا.<br />أدت تصرفات ابنه محمد التي تتناقض مع الأحاسيس الطبيعية إلى امتعاض ونفور الشاه ، فنفاه إلى خراسان، ولم يطل به الأمر حتى قتل بعد محاولة فرار فاشلة. أمر الغالب بتخريب مرقدي الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان والشيخ عبد القادر الجيلاني. ونهب منهما كافة القناديل الفضية والمسامير والأبواب والزخارف الأخرى، وعهد بحكم بغداد إلى صارى خان ودعا الكرد والعرب في المنطقة للطاعة بعبارات التهديد والوعيد ، وأمر قره جاي خان بالقيام بعملية استكشاف حتى ماردين ، فنزل فرسان قره جاي إلى وادي نصيبين وأخذوا من عشيرة الشققي ألفي نعجة، بينما تمكن مائة من فرسان عرب طي من أخذ مائتين من الإبل وحيوانات النقل الأخرى من جيش العجم وجاءوا بها إلى ماردين. <br />........<br />ولما علم حافظ باشا بسقوط بغداد انسحب من ماردين صوب ديار بكر. بينما أرسل الشاه قاسم خان للاستيلاء على كركوك والموصل. أدرك أمير أمراء كركوك بوستان خان بأن القلعة لن تقدر على الصمود ، فتراجع إلى ديار بكر، كما أن شقيق حسين باشا( الأعور) سلم الموصل بعد مقاومة لم تدم طويلا. وفيما كان قاسم خان يسعى لزعزعة ثقة أهالي ديار بكر كان حافظ باشا يدخل المدافع إلى القلعة، ويبني تحصينات جديدة تمتد من باب الجبل وحتى باب الروم.<br />وفي هذه الأثناء، عينت استنبول أحمد الصغير حاكما على ماردين وكان رجلا شجاعا ومن الأرناؤوط ، كما تلقى حافظ باشا أمرا من الصدر الأعظم بالسير نحو الموصل ، فسبقه أحمد آغا مع خمسمائة من إنكشارية السكبان ، فلما رآه الإيرانيون لاذوا بالفرار، وبذلك استولى على المدينة بكل هدوء. أما حاجي بك أمير سنجار فقد تأخر في نجدة المحاصرين ، فقام أحمد آغا بشنقه على جدار القلعة واقترح تعيين ابن أخيه أميرا على سنجار. وافق القائد على هذا الاقتراح . كما عين المؤرخ إبراهيم حاكما على الرقة من قبل حافظ باشا.</strong></font></div>
يعمل...