الأوضاع في منطقة الحجاز- من خلال تقرير عثماني

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • kemalhocaoglu
    مشرف
    • Jun 2006
    • 132

    الأوضاع في منطقة الحجاز- من خلال تقرير عثماني

    Y.prk. Um 4/83
    مذكرة على شكل تقرير حول ضرورة الإصلاحات لوضع حد للأوضاع السيئة وسوء الإدارة في جهات الحجاز
    غني عن العرض والبيان بأن مدينة جدة مكان مقدس بمثابة بوابة الحرمين المحترمين. والنظام المتبع من قبل الدولة منذ وقت بعيد هو الحرص على عدم وجود كميات زائدة عن حاجة القناصل الأجانب من المسكرات وعدم بيعها سرا أو علنا. لكن المصالح الشخصية لبعض مأموري الرسوم كانت سببا في غض نظرهم عن إدخال المسكرات بصورة خفية، ووجود أنواع المسكرات في الدكاكين والمتاجر وبيعها بصورة خفية، مما يعني إخلالا بالنظام وانتشارا للفساد والفواحش ، فمن الواجب منع ذلك.

    لما كانت جدة ممرا للسفن التجارية وغيرها القادمة من الممالك الأجنبية، فإن فيها نصارى ورعايا دول أجنبية، وأعداد النصارى في تزايد، ولهذا الوضع محاذيره نظرا لموقع المدينة. فمن الضروري اتخاذ الوسائل الكفيلة لمنع إسكان النصارى فيها.

    المعروف أن جمارك جدة ذات حاصلات كبيرة ومهمة، والمعينون على رأس هذا العمل لا يرون حاجة لأن يلجأوا أو يستشيروا والي الولاية أو غيره، فيتصرفون على النحو الذي يرونه، وأكثر واردات هذه الجمارك تذهب للاختلاس فتضيع أو تتلف. وليس هناك أدل على ما نقول من سعد الدين أفندي الذي توفي بالأمس. فعندما عين على رأس جمارك جدة كان في حالة من الفقر والبؤس الشديدين ، وخلال ثلاث سنوات، تبين أنه يملك أكثر من سبعة آلاف ليرة عدا عن الأمتعة والأشياء، فيجب والحالة هذه تنظيم وضبط هذه الإدارة ووقاية خزينة الدولة من التلف والضياع.

    وباء الكوليرا لا يظهر في مكة المكرمة وما حولها إلا في مواسم الحج، ولا ينتشر إلا بعد أن يصل إلى الديار المقدسة حجاج الهند وجاوه، والسبب في ذلك أن الجاويين والهنود ينزلون في ميناء جدة ويدخلون مكة المكرمة دون معاينة أو محجر ، ولا يراعون أصول النظافة . فيجب الحرص على معاينة ونظافة الأماكن التي ينزل فيها الحجاج قبل نزولهم ، بالإضافة إلى وضع من تظهر عليه علائم المرض من الحجاج القادمين في الحجر الصحي في مرسى سعيد بباب المندب وهي من الممالك السلطانية، والسماح لهم بعد ذلك بالمرور إلى مكة المكرمة وبذلك يتلاشى الخوف من انتشار هذا الوباء، بالإضافة إلى ازدهار العمران والانضباط في مرسى سعيد. وإذا ظهر أي مرض بين الحجاج لا سمح الله بعد اتخاذ هذه التدابير ودعت الحاجة إلى فرض الحجر الصحي، فمن الأفضل صرف النظر عن محجري الطور والوجه المعروفين بسوء المناخ والماء ، حيث يلاقي الحجاج فيهما كثيرا من الصعوبات والأذى، فيؤدي إلى موت الكثيرين منهم، وإحداث محجر صحي في موقع مرسى بحرة القريب من جدة ، والمكان معروف بهوائه الجيد ومائه الطيب ، فيرتاح الحجاج كما تزدهر الحياة بسبب الخدمات الصحية، ويسهل إبحار السفن منها وإليها. أما بقاء محجري الوجه والطور على حالهما فإنه يؤدي إلى كثير من المصاعب والمشاكل لدى الحجاج ويصرف كثيرين منهم عن أداء هذه الفريضة المقدسة، وهي من الأمور الدينية الأساسية كما نعلم.

    إن عدد عناصر العساكر السلطانية في المدينة المنورة قليل، وخيولها لا يزيد عن عشرين. وعدم كفاية هذا العدد من العساكر في مواجهة أي حادثة تقع خارج البلدة الطيبة أمر ظاهر. فهناك الكثير من الزوار وأبناء السبيل بالإضافة إلى نقل المؤن يتعرضون لهجمات واعتداءات العربان والبغاة على طريق المنورة وما حولها، كما تقع حوادث نزاع وجدال خلال طلب وتحصيل زكاة الأغنام وغيرها من العربان ، عندئذ تظهر الحاجة الحقيقية لمزيد من عناصر الفرسان والمشاة. والحيطة في مثل هذه الأحوال واجب. ويجب ان يكون هناك على أقل تقدير ثلاثمائة من الفرسان والمشاة ومن المستحيل تحرك هؤلاء العساكر من دون الهجن ، ومن عادة العربان أن يركب على كل عجين نفران مع سائر اللوازم من أطعمة وذخائر ومؤن ، وهذا يعني أن الحاجة تقتضي شراء ثلاثمائة رأس من الهجن وتجهيز ستمائة من عناصر المشاة يكونون جاهزين للتحرك في كل وقت والتعامل الفعلي مع أي عملية نهب أو قطع طريق يقوم به البغاة ، وبهذه التدابير يمكن وضع العربان في جهات المدينة المنورة تحت الطاعة والانضباط.

    يقدر عدد المسلمين في سواحل زيلع والصومال وبربرة وهرر مابين أربعة وخمسة ملايين. وأراضي هذه المناطق واسعة وخصبة ولأهاليها قابلية التأقلم . وتقول الأخبار الموثقة بأن هناك أعداد كبيرة من النصارى ومن لا يدين بدين أو مذهب وجهلة ، لكنهم يميلون نجو المسلمين ، ونظرا إلى أن هؤلاء يسكنون على الأراضي التي هي في عداد الممالك السلطانية ، فإن أهل الخبرة والرأي يرون أنه من المستحسن تشكيل ولاية تقوم بضبط الأمور، وتحول دون أمطاع الأجانب في هذه البلدان، والتحقيق في ذلك سيثبت صحة ما يرون.

    يرد كثير من السائحين الأجانب إلى الأماكن المعروفة بالشرق ما بين المدينة المنورة ونجد، وأن الظاهر فيهم أن غرضهم السياحة. لكن الروايات الموثقة تقول بأنهم ينقلون أسلحة نارية إلى هذه المناطق ، وأن ذلك سيؤدي على كثير من المحاذير مستقبلا. فيجب البحث عن وسيلة لمنع هؤلاء من السياحة.

    وفق الله مالك الملك حضرة مولانا السلطان في جميع أموره ، فقد عرضنا أعلاه من المقترحات التي من شانها دعم وتقوية إعمار البلاد ورفاهية أحوال العباد التي يهدف إليها مولانا صاحب التاج. وبوضع هذه المقترحات موضع التنفيذ تتحقق سعادة الناس في الدنيا والآخرة ، ويرضى بذلك أهل الإسلام ، وقدمت هذا التقرير شعورا مني بالواجب ، وتعبيرا للشكر والتقدير لمولانا السلطان . والأمر لحضرة من له الأمر.
يعمل...