Y.E.E 78/91
Tarih: 28/R /1301 (Hicrî)
26 فبراير1884
صورة التقرير السري المرفوع جوابا إلى مقام الصدارة العظمى
حول جبل لبنان
تسلمنا الأمرين الساميين لجانب مقام الوكالة الصادرين من دائرة الصدارة العظمى برقم خمسة وسبعة وتاريخ 16 و20 تشرين الأول سنة 1299 ببيان أن ما جاء في التقرير المقدم من قائمقام جبل الشوف مصطفى أمين بك والمرسل لفا حول الإدارة الحاضرة بجبل لبنان جدير بالاهتمام والانتباه، وأن كونه من أهل الخبرة والاستقامة يؤيد صحة ما أبلغ به، وطلب إجراء التحريات السرية حول هذا الموضوع، بالإضافة إلى ما اتخذ من التدابير لمنع محاولات الإفساد التي تخل في استمرار أمن الجبل وكذلك حول الأوضاع السائدة والتعامل معها، والإبلاغ بالنتيجة مع بيان رأينا في ذلك. ومن الاطلاع على خلاصة التقرير المذكور نفهم بأن الطائفة المارونية تطمح منذ وقت بعيد إلى تأسيس حكومة مستقلة من المارونيين في جبل لبنان تحت الحماية الفرنسية، وترى هذه الطائفة أن تحقيق ذلك يتوقف على تعريض الدروز للضعف والبؤس، لذلك فإن خلاصة آراء وأفكار القنصل الفرنسي والرؤساء الروحانيين للمارون هو استمالة نسيب جنبلاط وهو من أمراء الدروز والمعروف منذ وقت طويل بتأييد أفكار الأجانب، وجلب قسم من طائفة الدروز معه إليهم وتأييد أفكارهم. ثم استخدامهم في القضاء على الجانب المعارض منهم، وعزل وتبديل المأمورين المخلصين للدولة وتعيين من يمالؤهم ويخدم أفكارهم، والسيطرة على مقاليد الأمور في الجبل بهذه الطريقة. ونظرا إلى أن المسلك السياسي الذي اتخذه حضرة المتصرف اللاحق لايناسب هذا الاتجاه، كما أنه لا يعطي المجال لمثل هذه الأمور بسبب صدق ولائه للسلطنة السنية، لذلك فهو يطلب قبول استقالته من مأموريته الحالية قائمقامية الشوف وتعيينه لمتصرفية بولاية سورية. ولما كان تمييز حقيقة المعلومات والآراء التي بينها الموما إليه يحتاج إلى معرفة عدد سكان جبل لبنان، وتركيبتها الملية ونسبهم ، بالإضافة إلى الإطلاع على الأحداث السابقة والأوضاع الحالية، فإننا نبادر إلى بيان بعض المعلوماتفي هذا الشأن.
أظهرت نتائج الإحصاء السكاني في الجبل في وقت سابق بأن مجموع عدد الذكور حوالي مائة وعشرة آلاف، منهم 67763 موارنة و14000 روم ارثودكس و12543 دروز و8600 روم كاثوليك و3127 مسلمون و3800 متاولة و163 من سائر الملل الأخرى. وبمرور وقت طويل على هذا الإحصاء تجاوز عدد السكان هذا المقدار كثيرا ، ومن البديهي ألا تتغير النسب الأساسية بين هذه الطوائف كثيرا. وبهذا الحساب نجد أن عدد طائفة المارونيين يأتي في المرتبة الأولى ونسبتهم قريبة من الثلثين، ويأتي بالمرتبة الثانية الروم وفي المرتبة الثالثة الدروز ، لكن الدروز يتقدمون على الروم في نسبة الأملاك. ويروى أن حوالي واحد من عشرين من الموارنة هم من القسس والرهبان، وإذا كان عدد هؤلاء يساوي ستة أضعاف عدد الدروز، فإنهم يساوونهم من حيث القوة والقدرة، وهم يدركون بأنهم ستلقون الدعم والعون الكافيين لدى الحاجة من طائفة الدروز الموجودين بجبل حوران وسائر بعض الأقضية بداخل الولاية، وأكدت حادثة الجبل السابقة هذه الحقيقة، حتى أن المارونيين في هذه الحادثة تلقوا ضربة كبيرة من الدروز. وهناك مباينة بين الروم والمارونيين، فقد تحالف الروم في بعض الأماكن مع الدروز في مواجهة المارونيين، لذلك تكونت عداوة ومنافسة خفية بين الدروز بالدرجة الأولى والروم بالدرجة الثانية وبين الموارنة، فالكثرة السكانية من جهة والحماية المعنوية للفرنسيين من جهة أخرى جعل الموارنة يعتقدون بأن جبل لبنان ملكهم حصرا، وهذا دفعهم إلى أن يمارسوا الإذلال الدائم تجاه الدروز وسائر الطوائف الإسلامية كي يجبروهم على الانتقال والهجرة من هناك. وهم يتظاهرون بالتفاهم مع الروم والكاثوليك الذين يأتون بالدرجة الثانية والرابعة من حيث العدد، للاستحواذ على قوة ونفوذ الحكومة وجعل مقاليد الأمور في الجبل كليا بيد الموارنة والعمل بعد ذلك على تشكيل حكومة مارونية على يد البطاركة والقساوسة تحت الحماية الفرنسية . هذا هو تصورهم منذ وقت طويل، ويمكن إثبات ذلك بالأحداث السابقة والوقائع المتعددة، وأنهم لا زالوا يتحركون وفق هذه الخطة. وقبل الأحداث السابقة سعى الرؤساء الروحانيون للمارونيين إلى انتزاع القوة والنفوذ من أيدي أمراء الجبل بتحريض أهالي الجبل عليهم وإثارة مارونيي كسروان على أمرائهم ورؤسائهم، فاضطروهم للفرار إلى بيروت، ومنذ ذلك الوقت سادت العلاقة بين الرؤساء الروحانيين للمارونيين وبين أمراء النصارى نوع من المنافسة والخلاف.
وخلال الحادثة الثانية قام المرحوم فؤاد باشا بجولة إلى بيروت والجبل، فلما وصل إلى قرية رأس العين القريبة من دير القمر وتوقف هناك جاءه أحد القساوسة المارونيين مشتكيا وقال بأن درزيا اغتصب أموال الكنسية وأشياءها النفيسة وهي موجودة الآن في منزله. وعلى الفور أمر الباشا مساعديه بتفتيش المنزل حيث عثروا على كل ما يتعلق بالكنيسة من فضة وأشياء نفيسة وجاءوا بها إليه. وعندما دعا القديس إليه ويريه الأشياء ويسلمها له، ظهر بين الأشياء ثوب للنوم باليا شديد القدم فقال القسيس وقد بدا عليه الاضطراب: وهذا لي، وتقدم لأخذه فساور الباشا الشكوك فأمر بتفتيش هذا الثوب فوجدوا في جيبه رسالة كتبت قبل عشرين عاما وهي موجهة من البطريرك الماروني في الجبل إلى عموم القساوسة. يقول فيها ما معناه " لماذا تتركون الدروز في الجبل، إنهم في الأصل مهاجرون وجاءوا إلى الجبل بصفة ضيوف ، فلماذا تفسحون لهم المجال الآن، الجبل جبلنا ، فلا تسمحوا لهم بالبقاء ، افعلوا أي شيء لطردهم من هنا، وغير ذلك من التنبيه والتحذير. وقد أخذ فؤاد باشا خلال وجوده في بيروت المحضر الذي نظم من قبل ضباط فرنسيين وبعض الرؤساء الروحانيين للمارونيين بطلب تشكيل متصرفية في الجبل لتقديمه إلى الدول الأخرى وإلى الباب العالي، وطاف بقرى الجبل بنفسه ليوقعوا عليه ، حتى أن بعضا من الدروز والروم الكاثوليك وقعوا على المحضر. وقد طلبوا فيه تعيين الأمير مجيد شهاب على ولاية الجبل على أن يستقل بها مستقبلا.
Tarih: 28/R /1301 (Hicrî)
26 فبراير1884
صورة التقرير السري المرفوع جوابا إلى مقام الصدارة العظمى
حول جبل لبنان
تسلمنا الأمرين الساميين لجانب مقام الوكالة الصادرين من دائرة الصدارة العظمى برقم خمسة وسبعة وتاريخ 16 و20 تشرين الأول سنة 1299 ببيان أن ما جاء في التقرير المقدم من قائمقام جبل الشوف مصطفى أمين بك والمرسل لفا حول الإدارة الحاضرة بجبل لبنان جدير بالاهتمام والانتباه، وأن كونه من أهل الخبرة والاستقامة يؤيد صحة ما أبلغ به، وطلب إجراء التحريات السرية حول هذا الموضوع، بالإضافة إلى ما اتخذ من التدابير لمنع محاولات الإفساد التي تخل في استمرار أمن الجبل وكذلك حول الأوضاع السائدة والتعامل معها، والإبلاغ بالنتيجة مع بيان رأينا في ذلك. ومن الاطلاع على خلاصة التقرير المذكور نفهم بأن الطائفة المارونية تطمح منذ وقت بعيد إلى تأسيس حكومة مستقلة من المارونيين في جبل لبنان تحت الحماية الفرنسية، وترى هذه الطائفة أن تحقيق ذلك يتوقف على تعريض الدروز للضعف والبؤس، لذلك فإن خلاصة آراء وأفكار القنصل الفرنسي والرؤساء الروحانيين للمارون هو استمالة نسيب جنبلاط وهو من أمراء الدروز والمعروف منذ وقت طويل بتأييد أفكار الأجانب، وجلب قسم من طائفة الدروز معه إليهم وتأييد أفكارهم. ثم استخدامهم في القضاء على الجانب المعارض منهم، وعزل وتبديل المأمورين المخلصين للدولة وتعيين من يمالؤهم ويخدم أفكارهم، والسيطرة على مقاليد الأمور في الجبل بهذه الطريقة. ونظرا إلى أن المسلك السياسي الذي اتخذه حضرة المتصرف اللاحق لايناسب هذا الاتجاه، كما أنه لا يعطي المجال لمثل هذه الأمور بسبب صدق ولائه للسلطنة السنية، لذلك فهو يطلب قبول استقالته من مأموريته الحالية قائمقامية الشوف وتعيينه لمتصرفية بولاية سورية. ولما كان تمييز حقيقة المعلومات والآراء التي بينها الموما إليه يحتاج إلى معرفة عدد سكان جبل لبنان، وتركيبتها الملية ونسبهم ، بالإضافة إلى الإطلاع على الأحداث السابقة والأوضاع الحالية، فإننا نبادر إلى بيان بعض المعلوماتفي هذا الشأن.
أظهرت نتائج الإحصاء السكاني في الجبل في وقت سابق بأن مجموع عدد الذكور حوالي مائة وعشرة آلاف، منهم 67763 موارنة و14000 روم ارثودكس و12543 دروز و8600 روم كاثوليك و3127 مسلمون و3800 متاولة و163 من سائر الملل الأخرى. وبمرور وقت طويل على هذا الإحصاء تجاوز عدد السكان هذا المقدار كثيرا ، ومن البديهي ألا تتغير النسب الأساسية بين هذه الطوائف كثيرا. وبهذا الحساب نجد أن عدد طائفة المارونيين يأتي في المرتبة الأولى ونسبتهم قريبة من الثلثين، ويأتي بالمرتبة الثانية الروم وفي المرتبة الثالثة الدروز ، لكن الدروز يتقدمون على الروم في نسبة الأملاك. ويروى أن حوالي واحد من عشرين من الموارنة هم من القسس والرهبان، وإذا كان عدد هؤلاء يساوي ستة أضعاف عدد الدروز، فإنهم يساوونهم من حيث القوة والقدرة، وهم يدركون بأنهم ستلقون الدعم والعون الكافيين لدى الحاجة من طائفة الدروز الموجودين بجبل حوران وسائر بعض الأقضية بداخل الولاية، وأكدت حادثة الجبل السابقة هذه الحقيقة، حتى أن المارونيين في هذه الحادثة تلقوا ضربة كبيرة من الدروز. وهناك مباينة بين الروم والمارونيين، فقد تحالف الروم في بعض الأماكن مع الدروز في مواجهة المارونيين، لذلك تكونت عداوة ومنافسة خفية بين الدروز بالدرجة الأولى والروم بالدرجة الثانية وبين الموارنة، فالكثرة السكانية من جهة والحماية المعنوية للفرنسيين من جهة أخرى جعل الموارنة يعتقدون بأن جبل لبنان ملكهم حصرا، وهذا دفعهم إلى أن يمارسوا الإذلال الدائم تجاه الدروز وسائر الطوائف الإسلامية كي يجبروهم على الانتقال والهجرة من هناك. وهم يتظاهرون بالتفاهم مع الروم والكاثوليك الذين يأتون بالدرجة الثانية والرابعة من حيث العدد، للاستحواذ على قوة ونفوذ الحكومة وجعل مقاليد الأمور في الجبل كليا بيد الموارنة والعمل بعد ذلك على تشكيل حكومة مارونية على يد البطاركة والقساوسة تحت الحماية الفرنسية . هذا هو تصورهم منذ وقت طويل، ويمكن إثبات ذلك بالأحداث السابقة والوقائع المتعددة، وأنهم لا زالوا يتحركون وفق هذه الخطة. وقبل الأحداث السابقة سعى الرؤساء الروحانيون للمارونيين إلى انتزاع القوة والنفوذ من أيدي أمراء الجبل بتحريض أهالي الجبل عليهم وإثارة مارونيي كسروان على أمرائهم ورؤسائهم، فاضطروهم للفرار إلى بيروت، ومنذ ذلك الوقت سادت العلاقة بين الرؤساء الروحانيين للمارونيين وبين أمراء النصارى نوع من المنافسة والخلاف.
وخلال الحادثة الثانية قام المرحوم فؤاد باشا بجولة إلى بيروت والجبل، فلما وصل إلى قرية رأس العين القريبة من دير القمر وتوقف هناك جاءه أحد القساوسة المارونيين مشتكيا وقال بأن درزيا اغتصب أموال الكنسية وأشياءها النفيسة وهي موجودة الآن في منزله. وعلى الفور أمر الباشا مساعديه بتفتيش المنزل حيث عثروا على كل ما يتعلق بالكنيسة من فضة وأشياء نفيسة وجاءوا بها إليه. وعندما دعا القديس إليه ويريه الأشياء ويسلمها له، ظهر بين الأشياء ثوب للنوم باليا شديد القدم فقال القسيس وقد بدا عليه الاضطراب: وهذا لي، وتقدم لأخذه فساور الباشا الشكوك فأمر بتفتيش هذا الثوب فوجدوا في جيبه رسالة كتبت قبل عشرين عاما وهي موجهة من البطريرك الماروني في الجبل إلى عموم القساوسة. يقول فيها ما معناه " لماذا تتركون الدروز في الجبل، إنهم في الأصل مهاجرون وجاءوا إلى الجبل بصفة ضيوف ، فلماذا تفسحون لهم المجال الآن، الجبل جبلنا ، فلا تسمحوا لهم بالبقاء ، افعلوا أي شيء لطردهم من هنا، وغير ذلك من التنبيه والتحذير. وقد أخذ فؤاد باشا خلال وجوده في بيروت المحضر الذي نظم من قبل ضباط فرنسيين وبعض الرؤساء الروحانيين للمارونيين بطلب تشكيل متصرفية في الجبل لتقديمه إلى الدول الأخرى وإلى الباب العالي، وطاف بقرى الجبل بنفسه ليوقعوا عليه ، حتى أن بعضا من الدروز والروم الكاثوليك وقعوا على المحضر. وقد طلبوا فيه تعيين الأمير مجيد شهاب على ولاية الجبل على أن يستقل بها مستقبلا.