في تعثر مشاريع الترجمة العربية

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالرحمن السليمان
    عضو مؤسس، أستاذ جامعي
    • May 2006
    • 5732

    في تعثر مشاريع الترجمة العربية

    في تعثر مشاريع الترجمة العربية

    لا تزال حركة الترجمة في البلاد العربية متواضعة جدا. وتبدو حدة المشكلة أكثر إذا ما قارنا حركة الترجمة في العالم العربي بحركتها في أصغر دولة في الغرب (مثلا: اليونان وسكانها عشرة ملايين)، حيث سنرى أن ما يترجم في اليونان في السنة الواحدة أكثر مما يترجم في العالم العربي كله في السنة الواحدة أيضا. (هنالك مقارنات أخرى شبيهة).

    وتعاني حركة الترجمة عند العرب من ثلاث مشكلات رئيسية:

    مشكلة الاهتمام الرسمي:

    ليس للترجمة مكان في الاهتمام النظام العربي الرسمي. ونستثني المركز القومي للترجمة في مصر، فهو الجهة العربية الوحيدة المعنية بالترجمة إلى العربية التي بصورة جدية نسبيا لكنها بطيئة .. ولا يزال العرب لا يرون في الترجمة ضرورة استراتيجية كما ترى أكثر الأمم المتقدمة والمتخلفة في الترجمة .. ولعل قلة الاهتمام العربي الرسمي بالترجمة هو الذي المسؤول عن النظرة الدونية التي ينظر إليها المثقف العربي النمطي إلى الترجمة، فلا يجد فيها سوى "النقل"، وفي المترجمين سوى "نقلة"!

    مشكلة سوق الترجمة:

    سوق الترجمة من العربية وإليها سوق كبيرة ومتشعبة لكنها سوق ذات طابعين: طابع محلي يقتصر على المعاملات الشخصية مثل ترجمة عقود الزواج والطلاق والمعاملات الشخصية، وطابع عالمي مربح جدا لكن مترجمي العربية المتخرجين من الجامعات العربية غير مؤهلين للعمل في السوق الدولية لأن تأهيلهم دون الشروط المطلوبة .. وسبب تأهيلهم المتواضع يعود أصلا إلى قلة الاهتمام الرسمي العربي بالترجمة علما وصناعة وبالتالي في المؤسسات التي تدرسها .. وقد زادت الثورة التكنولوجية التي شهدتها صناعة الترجمة في الغرب من الهوة بين سوق الترجمة المحلية وسوق الترجمة العالمية التي تعولمت وتمأسست تمأسسا بعيد المدى، وجعل عجز المترجمين العرب المؤهلين في الجامعات العربية عن ممارسة الترجمة التقنية (مثل توطين البرامج الحاسوبية وترجمة مواقع الإنترنت والسطرجة الآلية) كل هذه الخدمات تتم في الغرب وليس في البلاد العربية التي لا يزال نشاط الترجمة فيها مقتصرا على ترجمة عقود الزواج والطلاق والمعاملات الشخصية الخ. أضف إلى ذلك أن البيروقراطية في بعض الدول العربية تعيق من فرص مساهمة مترجميها في السوق الدولية بسبب قوانين التحويل المعقدة ..

    مشكلة التكوين وتنظيم العمل مهنيا:

    النتيجة المنطقية لقلة الاهتمام العربي الرسمي في الترجمة من جهة وبالتالي لركود سوق الترجمة المحلية من جهة أخرى هي عدم الاستثمار الجاد في تكوين عصري للمترجمين العرب .. إن مناهج تدريس الترجمة في أكثر الجامعات العربية قديمة نسبيا ولا تأخذ بعين الاعتبار حاجة سوق الترجمة العالمية وشروط المنافسة فيها، فتخرج مترجمين على درجات متفاونة من إتقان اللغات الأجنبية، لكنهم جميعهم أشباه أميين في مجال تكنولوجيا الترجمة .. وتكنولوجيا الترجمة (استعمال برامج إدارة الذاكرة/برنامج سويفت للسطرجة/برنامج باسولو لتوطين البرامج الحاسوبية وغير ذلك) ضرورية لولوج سوق الترجمة الدولية ..

    الخلاصة:

    إن الترجمة اليوم عبارة عن علم نظري متطور جدا وصناعة تقنية متطورة جدا. وإن الترجمة، بصفتيها الاثنتين، أصبحت جزءا لا يتجزء من الحركة الاقتصادية العالمية (عولمة التصنيع والاستهلاك وترجمة محتويات المنتجات أو طرق استعمالها الخ)، ومن حركة العولمة السياسية (يخصص الاتحاد الأوربي واحدا وخمسين ميلون يورو لترجمة وثائقه الرسمية للدول الأعضاء فقط)، وكذلك من حركة التبادل الثقافي العالمية (في كل دول الغرب ميزانات كبيرة للترجمة الثقافية). يقتصر دور العرب في الحركة الاقتصادية على الاستهلاك، فهم مفعول بهم وليسوا فاعلين في هذه الحركة .. أما في حركة العولمة السياسية والحركة الثقافية فلا وجود لهم ..

    أقترح مناقشة هذا الموضوع على ثلاث مراحل في ثلاثة محاور:

    1.مشكلة الاهتمام الرسمي
    2.مشكلة سوق الترجمة
    3. مشكلة التكوين وتنظيم العمل مهنيا.
يعمل...