تُنَادِيكَ مِنَ السَّنَا أَصْوَاتٌ
"أَيُّهَا الْبَعِيدُ، اقْتَرِبْ"،
وَأَنْتَ تَسْبَحُ فِي مَلَكُوتٍ
مِنَ التِّيهِ مُظْلِمٍ.
تَصْرُخُ فِي صَمْتِ حَكِيمٍ
أَعْيَتْهُ سُنُونُ الْوَحْدَةِ
وَاحْدَوْدَبَ ظَهْرُ الزَّمَانِ
قَبْلَ مَشِيبِ لِحْيَتِهِ،
وَتَمْضِي فِي طَرِيقٍ تَشُقُّهُ قَدَمُكَ
تَقْفِزُ
خُطْوَةً خُطْوَةً.
أَنْتَ بِدَايَةُ الطَّرِيقِ
وَإِنْ شِئْتَ نِهَايَتُهُ.
وَهُنَاكَ -مِنَ الْعَيَاءِ-
تَجْلِسُ،
تَنْحَنِي،
تَسْكُبُ الْعَبَرَاتِ
أَوْ تَرْسُمُ عَلَى مِفْرَقِهِ
بَسْمَةَ أُمٍّ
شَهِدْتَ مِخَاضَهَا أَلْفَ مَرَّةٍ،
أَوْ بُكَاءَ طِفْلٍ
لَمْ يُولَدْ بَعْدُ.
هُنَاكَ تَرَى اقْتِحَامَ الْخَوَاءِ رُبُوعَ نَفْسِكَ
وَالشَّمْعَةُ -يَا مِسْكِينُ- فِي يَدِكَ
لَمْ تُصِبْهَا نَارُ حَرَائِقِكَ.
أَتُرَانِي أُصَدِّقُ دَمْعَتَكَ؟
كَيْفَ، وَبُكَاءُ الأَطْفَالِ لَمْ يُوقِظُ فِي نَفْسِكَ لَوْنَ الرُّوحِ؟
أَيُّهَا الْبَعِيدُ،
لاَ تَقْتَرِبْ؛
فَفِي غَدٍ أَكُونُكَ.