كازينو مصطلح يعبر عن الرأسمالية الأمريكية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد زعل السلوم
    عضو منتسب
    • Oct 2009
    • 746

    كازينو مصطلح يعبر عن الرأسمالية الأمريكية

    وداعاً للعقلانية أهلاً بالجنون آخر تحديث:الاثنين ,23/08/2010




    سعد محيو


    تساءلنا بالأمس: طالما أن صورة شرور الرأسمالية الأمريكية على هذا النحو، لماذا تواصل هذه فرض سطوتها الكاسحة على الأمريكيين، وإلى متى؟



    رواية “عناقيد الغضب” لجون شتاينبيك قد تجيب عن هذا السؤال .



    فالمزارع الذي وقع ضحية الكساد الاقتصادي الكبير ويريد البنك الذي أقرضه المال أن يخرجه من مزرعته ويسوي منزله بالأرض، يتساءل عمن يجب عليه أن يطلق النار انتقاماً، فيرد عليه سائق الجرافة بأنه غير مسؤول، وهو لايفعل شيئاً سوى تنفيذ الأوامر، وكذلك يفعل موظف البنك، ثم مديره، ثم مجلس إدارته الذي يقول إنه يتلقى أوامره من جهة خفية، وهكذا، لايجد المزارع أحداً ليطلق النار عليه، فالنظام الرأسمالي يحيط سلطته الحقيقية بغلالات وهمية من مفاهيم الحرية والديمقراطية المستندة إلى قانون السوق الحر و”دعه يعمل، دعه يمر” .



    بيد أن الحقيقة ليست كذلك، فالسياسات الداخلية الأمريكية في مرحلة “الرأسمالية الناضجة” لاتتمحور حول رفاهية الشعب، كما تصوّرها المفاهيم الكلاسيكية للديمقراطية، بل حول مَنْ مِنَ الأحزاب قادر أكثر من غيره على زيادة أرباح المستثمرين والشركات، وحتى حين يضغط الحزب الديمقراطي لتحقيق بعض الإنجازات الاجتماعية عبر فرض بعض الضرائب على الأغنياء، فإنه يفعل ذلك تحت شعار “تحسين ظروف عمل هؤلاء” .



    هذا ما يجعل النظام الأمريكي ديمقراطياً بالاسم وبلوتوقراطياً (حكم الأغنياء) بالفعل، يخترق الفساد كل بنيانه وتسود اللامسؤولية واللامحاسبة كل لاعبيه الكبار، وهذه الحقيقة برزت للعيان مؤخراً، حين حصدت المؤسسات المالية الكبرى مئات مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين في صيغة خطط تعويم فدرالية، ومع ذلك لم تتورّع عن نثر عشرات ملايين الدولارات فوق رؤوس مديريها التنفيذيين الذين كان بعضهم مسؤولاً عن القروض الفاسدة .



    بيد أن هذا النظام اقترب من الوصول إلى الطريق المسدود، أو هذا على الأقل مايراه الباحثان الأمريكيان روبرت ماكينزي وجون بيلامي فوستر .



    ففي دراسة لهما بعنوان “الرأسمالية، النظام المنافي للعقل”، يقولان بأن الرأسمالية الأمريكية، كنظام من الإنتاج السلعي المُعمم الذي يحرّكه السعي التنافسي للربح الخاص من دون حدود وعلى حساب الرفاه الجماعي والبيئة المُستدامة، وصلت إلى نهاية حقبتها الإنتاجية، فهي دخلت الآن مرحلة “نهاية العقلانية”، بعد أن باتت تعيش على الفقاعات، والديون المتضخمة، والإنفاق العسكري الذي يتراقص على حوافّ الانتحار، والنزعة الاستهلاكية القاتلة .



    البعض أطلق على الرأسمالية الأمريكية في مرحلتها الجديدة اسم “الكازينو”، وهذا كان وصفاً دقيقاً وموفقاً وفق كل المعايير، فبعد اندثار قيم الإنتاج التي ميزّت الرأسمالية الأولى، برزت عادات السمسرة والفساد والمضاربات التي جعلت الاقتصاد الامريكي يترنّح باستمرار وفق أهواء المضاربين والمستثمرين الجشعين، فأصبحت المقامرة لا الإنتاجية هي القانون، كما أن تعبير الكازينو موفّق أيضاً من جانب آخر: من يدير معظم كازينوات القمار هم عادة المافيات والعصابات، وهذا مايتوافر كذلك في الكازينو الاقتصادي حيث السياسيون والإداريون الفاسدون هم من يديرون اللعبة كلها .



    الرأسمالية الأمريكية العقلانية أسلمت الروح إذاً، ولأن بديلها هو الجنون بعينه، الغاطس حتى أذنيه في لجج الجشع والفساد اللامحدودة، وفي تدمير البيئة وتوازناتها بلاشفقة ولارحمة، بات الحديث عن نظام بديل له في أمر اليوم .



    saad-mehio@hotmail.com
يعمل...
X