مها ره القراءه : ستراتيجياتها وسبل تنميتها
The Reading Skill: its Strategies and Development Techniques
د. عادل الكفيشي
تعد مهارة القراءه من المهارات الاساسيه التي تغذي الفكر وتطوره وتشير الدراسات الحديثه الى انه بالامكان تدريب الافراد على ستراتيجيات القراءه في المراحل الاولى لتعلم اللغه كما انه بالامكان تحويلها واستثمارها في قراءه نصوص بلغات اخرى يتم تعلمها لاحقا وقد دابت دول العالم وبخاصه البلدان المتقدمه على تدريب ابنائهاعلى ستراتيجيات القراءه وتطوير مهارتهم في مراحل مبكره بحيث اصبحت القراءه هوايه ومتعه من متع الحياة يمارسها الافراد على اختلاف فئاتهم العمريه ومستوياتهم الثقافيه وفي مختلف الاوقات والاماكن وحتى في فترات الراحه والاستجمام. وللاسف فقد غابت هذه الستراتيجيات عن مقررات القراءه والاستيعاب في مناهجنا في كافه المراحل وعلى كافه المستويات فلم تتاح لنا الفرصه للتعرف والتدريب عليها
تعرف مهاره القراءه على انها عمليه فهم واستيعاب المعنى الوارد في النص المكتوب اي انها عمليه حل الرموز الكتابيه وتفكيك التراكيب اللغويه لاستخراج المعنى الذي تضمنته فالتراكيب اللغويه ليست سوى اوعيه للمعاني تهمل بعد تفكيكها واستخراج المعاني منها كما تعد القراءه مهاره فاعله وتفاعليه فهي فاعله بمعنى انها تنشط الذهن وتحفزه على ممارسه وظائفه الادراكيه المتمثله بالتحليل والتركيب والدمج واختيار المناسب وتنسيقه وخزنه واسترجاعه كما انها تفاعليه بمعنى انها تستثمر نظم المعرفه المخزونه ذهنيا والتجارب والخبرات المتراكمه لدى الفرد وتوظفها لفهم المعلومات الوارده في النص وهي تفاعليه ايضا في كونها تدخل القارئ في حوار ذهني مع كاتب النص في مسعاه لتحليل النص وفك رموزه وفهم مضمونه فهما دقيقا وما الفرضيات والتنبؤات التي سنتحدث عنها لاحقا سوى حوار ذهني بين قارئ النص وكاتبه. الهدف من القراءه كما هو معلوم فهم ما يقصده الكاتب وما يسعى ايصاله الى القارئ اي استيعاب وجهه نظر الكاتب وانطباعاته ورسالته وقد حدد علماء النفس الادراكي ستراتيجيات للقراءه سنعرض في الفقرات التاليه بعضا منها ونتطرق الى السبل الكفيله بتطويرها
تحفيز الذهن وتنشيطه وتهيئته لاستقبال المعلومات الجديده: تسبق عمليه القراءه عمليه تنشيط ذهن القارئ حيث يقوم المدرب باستثاره القارئ ذهنيا وذلك من خلال طرح اسئله ذات صله مباشره بالموضوع قيد القراءه حيث ينصرف الذهن بعد التحفيز الى استعاده واسترجاع المعلومات ذات الصله كي تسهم في عمليه فهم النص واستيعابه بعدها يقوم الذهن بدمج المفيد من المعلومات الجديده بما مخزون لديه مسبقا ومن ثم يستثمرها في فهم نصوص جديده
صياغه او وضع فرضيات قبل المباشره بالقراءه واثناءها واختبارها للتاكد من صحتها: يتدرب القارئ على صياغه فرضيات حول مضمون النص قيد القراءه بناء على ماورد في عنوان النص او في ضوء النظره العامه التي يلقيها القارئ على الموضوع. يتنبئ القارئ برساله النص وفحواه واهدافه ونتائجه وتختلف التوقعات باختلاف طبيعه النص فان كان النص جدليا مثلا يتنبئ القارئ بمراحل النقاش ومساره وتطوره وان كان قصصيا يتنبئ القارئ بالاحداث اللاحقه وتعاقبها وتطوراتها بعدها يقوم القارئ باختبار فرضياته وذلك بعد البدء بقراءه الفقره الاولى فان اثبتت صحتها يواصل وضع فرضيات جديده في ضوء المعلومات اتي استقاها من النص والمعلومات المخزونه في الذهن ويختبر هذه الفرضيات عند مواصلته قراءه النص وان كانت توقعاته غير صحيحه فيعمل على تحويرها او تعديلها او رفضها اذا كانت لا تنسجم مع تطورات النص ويضع فرضيات جديده محلها مبنيه على المعلومات الوارده في النص والمعلومات الذهنيه وهكذا يواصل وضع الفرضيات واختبارها الى حين الانتهاء من قراءه النص وبحكم الممارسه تصبح هذه الستراتيجيات جزء لا يتجزء من سلوكه اليومي يمارسها عند قراءه النصوص دون تفكير اي تصبح جزء من اللاوعي
استنتاج معني المفردات الغامضه من النص: يتدرب القارئ على استنباط معاني المفردات غير المعروفه من السياق العام الذي ترد فيه بعد ان يتصفح الادله النصيه والسياقا ت السابقه والاحقه ويفهم العلاقات الدلاليه والنحويه التي تربط اجزاء الجمل وكذلك تلك التي تربط النص بالموروث الثقافي والحضاري والتاريخي الذي ورد فيه
التدريب على التركيز على الجمل التي تلخص الافكار الرئيسيه وتجملها وعلى التراكيب اللغويه ذلك لان اللغه مجموعه تراكيب وليس مجموعه مفردات والتراكيب الصغيره تقع ضمن تراكيب اكبر منها حجما فالجمله في اللغه الانكليزيه مثلا تركيب لغوي يتكون من ركنين اساسيين هما العباره الاسميه والعباره الفعليه والنص عباره عن تركيب لغوي يتكون من مجموعه جمل ترتبط بعضها البعض بعلاقات دلاليه ونحويه وتتسلسل تسلسلا منطقيا وتندمج في هياكل نصيه ثابه تختلف باختلاف النصوص ذاتها
التدريب على التمييز بين الفكره الاساسيه والتفاصيل اتي توضحها وتغنيها وبين الكل والجزء والحقيقه ووجهه النظر
التدريب على التركيز عى ادوات الربط التي تؤدي وظائف متعدده منها تقديم فكره ما او التحول الى فكره جديده او عرض وجهه نظر مغايره او مضاده او التاكيد على جانب معين من الموضوع او تلخيص فكره معينه
التدريب على التركيز على الجمل التي تلخص الافكار الرئيسيه واتي تشغل مواقع محدده في الفقره اما في بدايتها او نهايتها
التدريب على التنقل بين اجزاء النص عندما يصعب على القارئ فهم جزء محدد من النص ربما بسبب كثافه معلوماته اي بالامكان تقديم جزء على اخر عند القراءه
حدد خبراء القرءه اربعه مستويات لاستيعاب النص: مستوى تمييز النص والتعرف عليه ظاهريا ومستوى فهم النص واستباط معانيه الكامنه ومستوى تقييم النص ونقده ومستوى الاستثمار الابداعي للنص اي ان استيعاب النص هرمي الشكل يبدء من المستوى الادنى (مستوى التعرف على النص) وينتهي بالمستوى الاعلى (مستوى التفكير الابداعي) . في المستوى الادنى يركز القارئ على قراءه السطور بحثا عن المعنى الظاهري ومحاوله لفهم العلاقات الدلاليه والنحويه التي تربط التراكيب اللغويه بمعانيها وبعضها البعض على مستوى الجمله والنص ويستعين القارئ بفدراته العقليه ونظم معرفته الذهنيه وخبراته الذاتيه ومصادر معرفته على فهم معنى النص وتوضيح السياقات المبهمه ثم يقوم باختيار ما هو جديد من المعلومات ودمجه بمخزونه منها في محاوله لتمثيل النص ذهنيا يعمل هذا المستوى بالتناغم مع المستوى الادنى ذلك لان فهم النص يتطلب استكشاف كل من المعنى الظاهري والباطني
على مستوى تقييم النص ونقده يركز القارئ على قراءه ماوراء السطور لفهم المضامين التي تمكنه من اصدار حكمه على النص سلبا كان ام ايجابا وتقييم وجه نظر الكاتب ومدى صحه وسلامه طروحاته وفق معاييره الخاصه وفي ضوء معرفته السابقه بالموضوع قيد القراءه كما يتحسس القارئ مواقف الكاتب ومشاعره و يقارن وجهات نظره بوجه نظر الاخرين ويتعرف على اسلوب كتابته ويدقق مصادره ويقيم كفاءه اداءه وحسن اختياره للعبارات ومدى ملاءمتها للنص. اما على المستوى الابداعي فيتامل القارئ النتائج التي توصل اليها الكاتب ويعيد ترتيب افكار الكاتب وفق ما يراه مناسبا ويناقش اهميه افكار الكاتب وطروحاته وقدرته على استخدام اللغه بالشكل الذي يحقق اهدافه يعد هذا المستوى تتويج لعمليه القراءه. كما يتداخل هذاالمستوى من الفهم مع المستوى الذي سبقه ذلك لصعوبه الفصل بين التقييم والنقد الموضوعي والبناء
امل ان يعير التربيون والمربون واولياء الامور مهاره القراءه الاهتمام الازم وان يدربوا ابنائهم على اتقانها ذلك لانها احدى الروافد الاساسيه لتغذيه الفكر وتنميته كما اود ان اوضح ان مهاره القراءه من المهارات الذهنيه المعقده والتي لا يمكن الاحاطه بجوانبها المتعدده في مقاله كهذه فهناك الكثير من التفاصيل حول ستراتيجيات القراءه لا يتسع المجال لتوضيحها هنا ولربما في مقاله لاحقه
تعليق