’معجم اللسانية

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • amattouch
    عضو منتسب
    • May 2006
    • 971

    ’معجم اللسانية



    بين المعاجم العربية المتخصصة

    ’معجم اللسانية‘ لبسام بركة، منشورات جروس برس، لبنان التاريخ ؟

    معجم ينظم إلى قائمة طويلة من المجهودات الفردية والمؤسساتية فالمكتبة العربية تزخر بالعديد من الإصدارات التي تتناول ميادين جديدة واغلبها مجهود شخصي مثل ما قام به الأستاذ بسام بركة الأستاذ بجامعة طرابلس اللبنانية, حيث أخرج معجما فرنسيا عربيا في ميدان اللسانيات. وقد جاء هذا المعجم المتخصص مع معاجم أخرى في نفس الميدان وتقريبا في نفس الفترة منها معجم المسدي ـ الذي لا يذكره المؤلف ـ وغيره من المجهودات. و يقع الكتاب في 300 صفحة من الحجم المتوسط خصص منها للمعجم 210 صفحة وتوزعت باقي الصفحات على مسرد للمصادر والألفاظ.

    وإذا كان المعجم فرنسي المداخل فقد ألحق الكاتب بالمعجم مسردا ألفبائيا يمكن من الحصول على مقابل اللفظ العربي الرئيسي لمن يبحث عن مقابل للمصطلح العربي. وبعبارة أخرى فإن المعجم موجه للمتعلم أو المترجم العربي الذي يريد مقارعة نصوص اللسانيات الحديثة المنشورة بالفرنسية.
    وسأتناول هذا المعجم من وجهة تطبيقية و"استهلاكية" بحثه تاركا النظري جانبا. ماذا يقدم هذا المعجم من جديد ونافع للمترجم العربي أو للقارئ العربي المبتدئ للنصوص الفرنسية المتخصصة في اللسانيات؟
    إن مراد أي مستعمل من للمعجم المتخصص هو الشمولية إذا أمكن و الدقة والوحدة.
     شمولية المعجم لمصطلحات المجال ويستحيل أن يوجد معجم شامل لعدة اعتبارات لا مجال للخوض فيها هنا. ويعتبر المعجم وافيا إذا تشتمل على كل ما يحتاجه المستعمل من مصطلحات المجال.
     الدقة فعلى عكس معاجم اللغة والمعاجم العامة فإن صناعة المعجم المصطلحي تستلزم تدقيقا وهندسة محكمة لا تترك مجالا لتداخل المداليل والمفاهيم؛ فالمصطلح يعرّف بدقة مفهوما محددا في مجال معرفي.
     الوحدة والانتظام ويقصد بها وحدة المصطلح فكل مصطلح يعبر عن مفهوم وشئ محدد في مجال معرفي محدد. وحين تتوالى المترادفات في معجم فإن ذلك دليل على انعدام الوحدة وبالتالي الدقة. وما يبتغيه المستعمل من أيضا من المعجم المتخصص يسرة الاستعمال وسهولة الوصول إلى مبتغاه. مثلا: "البصريات" و "المصفوفات" مصطلحان مستقلان يختلفان عن "البصريات المصفوفة" الذي يغدو شبه مستقل وأيضا يختلفان عن "البصريات الهندسية" و"الرياضية" وإن اقترب مجالاتهم. والباحث عن المصطلح الأخير لا يمكنه الوصول إليه عن طريق المصطلحين الأولين إلا بمشقة النفس وسعة المعرفة.

    إذن هل "معجم اللسانية " هذا معجم يسد حاجة المستعمل العربي من شمولية ودقة ووحدة وسهولة؟
    هذا ما سأحاول الإجابة عليه مبتدءا بجولة في هذا المعجم وانتهاء بتجربة ميدانية بسيطة.

    وأول ما يجلب النظر في هذه العمل هو حجم المعجم الصغير نسبيا في ميدان يزخر بالألفاظ والمصطلحات العديدة الجديدة والدقيقة خاصة وأن مجال المعجم واسع وليس محصورا على تخصص محدد في اللسانيات. و الحق فإنني أتخوف دائما من هذه المشاريع العملاقة والتي تفوق قدرة فرد واحد مهما بلغ قدره وفضله فما بالك بمجال من سماه التغير المتواصل وتشعب الفروع وتكاثر المفاهيم والمصطلحات.

    وإذا تفحصنا مراجع المعجم لاحظنا كثرة المصادر الثانوية والغير مفيدة وكثرة معاجم تصلح للمبتدئين في تعلم اللغات وليس لمتخصص في اللسانيات منها على سبيل الذكر:

    - الشامل والمورد إنكليزي عربي والمنهل وغيرها من المعاجم التي لا نفهم ذكرها في هذا السياق لدرجة تدفعنا إلى التساؤل عن جدية عمل الكاتب فمثل هذه المعاجم تصلح لطلاب السنوات الأولى ولا يمكن أن تكون معينا في ميدان اللسانيات المتخصصة.

    - ورود العديد من المراجع التي لا تسمن ولا تغني من جوع في هذا الميدان حيث سرد الكاتب عديدا من المراجع النظرية لا يفهم ورودها في السياق ونتساءل عن هدف سرد مؤلفات أشهر المهتمين العرب المشارقة بميدان اللسانيات مع جهل بالمغاربة إلا في حالة واحدة رغم تميز عطاء المغاربة في هذا المجال. وقد يكون قصد المؤلف جرد لما استعمل من مصطلح. وربما كان القصد ذكر المصطلحات المختلفة التي استعملها هؤلاء الكتاب وهي بالنظر لحداثة الموضوع عند العرب مختلفة غير مضبوطة ولو كان ذاك هدف الكاتب لكان عملا تأريخيا مشكورا ومهما لسبر أغوار حفريات تكَون المصطلح اللساني العربي الحديث وخطوة في طريق القاموس اللساني التاريخي ولكن الظاهر هو أن هدف المعجم تقنيني وتوحيدي .


    - غرابة بعض المراجع باللغات الأجنبية وكأننا أمام سرد لما تحويه مكتبة الكاتب الخاصة من كتب بالفرنسية أساسا وليس ذاك بعيب ولكننا لا نفهم معنى هذه اللائحة وحدود حصرها وكمثال على ذلك لماذا خلت اللائحة من كثير من الأسماء التي صبغت بعطائها مسيرة علم اللسانيات الفرنسية ولماذا تم تجاهل فروع من هذا العلم بأكملها أ لاختيار نظري أم لجهل من الكاتب بدور هذه الفروع؟ والجواب ببساطة وهو: كما يفهم من مقدمة الكاتب "بأن هذا العمل جهد شخصي" وككل عمل شخصي معزول في جامعة عربية لا تمتلك مكتبتها زادا كافيا من المصادر والمراجع وليس لها وسيلة الاضطلاع على أعمال الآخرين فإن النتيجة حتما ستكون ناقصة.
    - أ يعقل في زمن طغت فيه المدرسة الإنجليزية والأمريكية على ميدان اللسانيات وباقي العلوم الاجتماعية والإنسانية أن لا يذكر لهم خبر في مسرد للمراجع؛ وما ذكره المؤلف من مراجع إنجليزية لا يتعدى ترجمات متصرفة أو ناقصة . وهذا نقص لا يغتفر خصوصا وأن المؤلف لم يحدد مجاله باللسانيات الفرنسية.
    - انعدام مرجع متعلق بالمصطلحية والمصطلح وهو في صميم عمل الكاتب أليس الكتاب مصطلحي أولا والمصطلحية فرع من فروع اللسانيات ثانيا ! فلا نلاحظ طوال المعجم نقاشا لمعنى تعدد المصطلحات ولا يفهم القارئ لماذا يرد في المعجم مثلا : " صوت أساسي" و"نغمة أساسية" أمام « son fondamental » ؛ "تحول" و "تصريف الاسم وإعراب" و"تغير" أمام « flexion " ومثل هذه الترادفات كثيرة في المعجم. أ تعدد المترادفات علامة اختلاف مدرسية ونظرية أم هو اختلاف استعمال حسب فروع اللسانيات أم هو دليل على تذبذب الاستعمال وفقدان المصطلح الموحد؟ وهذه أسئلة يطرحها مستعمل المعجم ولن يجد لها جوابا مفهوما. والغريب أن المؤلف قدم مرارا تفسيرات توضيحية لمصطلحات رأى أنها تقود إلى الغموض مثال ما فعله مع ’اسمية‘ حيث يكتب : هي "نظرية فلسفية تقول إن المفاهيم المجردة أو الكليات ليس لها وجود حقيقي وأنها مجرد أسماء ليس غير" أمام مصطلح ’ nominalisme ‘ . و لتفسير ذلك قال الكاتب في مقدمته:
    "و لم أكتفي في معظم الأحايين بوضع مقابل واحدد للمفردة الفرنسية الواحدة، بل كنت أعرض لمعظم الألفاظ العربية التي تتضمن دلالتها المعنى اللساني أو التي استعملها الباحثون العرب في المضمون ذاته. كل ذلك إيمانا مني بأن الزمن وحده هو الذي سيعطي الأسبقية لهذه اللفظة أو تلك. كذلك لم أكتفي بوضع الكلمات المقابلة، بل حاولت على العموم مواكبة كل كاملة بالسياق أو الركن الذي تٌستعمل عادة فيه. كما أنني أشرت أحيانا إلى الميدان الذي تنتمي إليه بواسطة رموز خاصة ".

    غير أن التفسيرات والتوضيحات معدومة في جل المواقع التي تتطلب توضيحا وتقريبا للمعنى .
    وبتلخيص إن النفع سيكون أكبر لو لم يبخل الكاتب علينا ببعض التفسيرات لفهم تعدد المصطلحات وتنوعها وقد تزيد الفائدة لو أرجع الكاتب كل مصطلح إلى ميدانه أو صاحبه كان ذاك من اختراع الكاتب أو من خلق الآخرين. أليس هذا المعجم جمعا لما اصطلح عليه عربيا في الميدان؟ !

    وللسيرقدما سأبدي مزيدا من الملاحظات التي أراها مهمة في السياق أسوقها على سبيل المثال لا الحصر فهي مكررة و لا يخلو منها باب من أبواب هذا المعجم.

    - ليست المصطلحية صيحة شاعر يأتي بما أوحى إليه جنه من سهل المتلفظ عذب الكلم خفيف على السمع إلى غيره. فكل متفحص لثمرات المطابع العربية في مجال اللسانيات سيجد استعمال عدة مقابلات لمصطلح للسانيات من قبيل : علم اللغة و اللغويات وفقه اللغة و علم الألسن والألسنية واللسانة وغيرها من الملاسنات ! والتلاسنات ! وكفى العرب شر المصطلح. لكن المصطلح الذي غدا شبه موحد هو اللسانيات وخاصة في الكتابات المتخصصة فلماذا لم تذكر ولو رفضا في العجم و لماذا التكرم علينا بلفظ اللسانية أفي ذلك حاجة؟ لا أبدا. علما أن كلمة اللسانية تزيد من غموض المصطلح أكثر مما تزيله فهي تركيبيا شائعة ومفهوميا غامضة ولا تحمل من السمات ما يجعلها أوفى بالمضمون. وربما لو أوحى إلى الكاتب جنه بلفظ اللسونية وهي من بدعي لأجاد. فجل المصطلحات العربية المركبة على منوال:
    -
    اسم + ي [+ ة] تجلب الكثير من الغموض والتعارض نأخذ من هذا المعجم ذاته : « nominale » = و « nominalisme » = "اسمية" ؛ « sémite » و « sémitique » = " سامي" ؛ « phonétique + phonique »= "صوتي" ؛ «scolastique » و « scolaire » = " مدرسي" ؛ « automatique, automatiquement, automatisme, mécanique, mécaniste, mécaniquement » = "آلي وآلية " إلى آخره. فهذه التشكيلة أو ’التركيبة‘ وإن كانت سهلة للسامع العربي ومتداولة تخلق في صناعة المصطلحات الكثير من المشاكل ولذلك وقع شبه اتفاق في المصطلحية العربية على الرجوع إلى الأوزان المبتكرة لسد نقص التركيبات العربية.
    وما يقال عن لفظ اللسانيات قد يقال عن الكثير من المصطلحات التي أوردها الكاتب في معجمه.

    - جمع الكاتب في معجمه الكثير من الكلمات التي لا تعني ميدان اللسانيات بالذات مثلا:
    abdominal muscles abdominaux, abscisse et axes des abscisses ,accessoire, zéro , versus, vertical, circulaire, Majesté ,addition absence
    وهي من المفردات الشائعة العامة ومجالها المعجم العام لا معجم متخصص. واللائحة طويلة تقارب ثلث المعجم. ولا يفهم سبب هذه الزيادة التي لا مبرر لها ولا مبرر أيضا لتقديم مصطلحات تهم مجالات علمية أخرى كالفلسفة والصوتيات علما بوجود معاجم وافية متخصصة في تلك المجالات و المستقبح هو أن تكون المصطلحات المقدمة في المعجم تتعارض مع ما جرى العادة به لدى أهل الاختصاص دون توضيح أو تمحيص. فمن "تحصيل الحاصل" ! أن أبحث عن مقابل لكلمة tautologie في مثل هذا المعجم لأجد "طوطولوجيا" و"حشو".
    وحين يتناول عالم اللسانيات موضوع الصوت فإنه يتحدث عن الصوتيات وهو مجال فيزيائي بحث إلا أنه لا يكلف نفسه عناء ابتكار وابتداع [بالمعنى الديني] مصطلحات جديدة تقضي على الدقة المصطلحية؛ لأن كثافة الصوت والذبذبة والارتفاع والموجة وطول الموجة والسرعة و التردد والمكونات الصوتية مفاهيم محددة للفيزيائي واللساني بلا تعارض.

    ونلاقي حين البحث عن بعض الألفاظ اجتهادات يصعب استساغها للقارئ المتخصص، من ذلك:
    acoustique "سمعية" علما أن المقصود هو "الصوتي" وهو الغالب في الاستعمال إذ ترك السمعي لauditif .
    ومقابل abréviation "كلمة موجزة" وهي في كتابة الأسماء دخيلة على العربية وتراكيبها والمؤسف أن الكلمة الموجزة لها معان أخر. ويَكثر استعمال المختصر والمختزل ومختصرات المسميات.
    و مقابل algorithme "حساب" وسيبحث القارئ العربي عن هذا الصنف الجديد من الرياضيات علما أن المقابل شائع معروف.
    audibilité "كثافة الصوت" ولا يعرف في فيزيائيات الصوت هذا الصنف من كثافة السمع.
    cercle philologique "سياج فيلولوجي" ربما تَعود أصحاب المدارس والحلقات العلمية على مد سياج ليعرفوا بذلك ؛ علما بأننا من زمن لا نقرأ إلا لمدارس وحلقات فيينا و براج وشومسكي الخ ولا نسمع إلا بدورة المياه والدم والحياة وبمحيط المجال و"المجالات المغلقة" وبالتعاريف الدائرية ! وما أشبه ذلك من متكرر متسلسل.

    chiffre شــَيـْفـَرة من خلال تتبعنا للمعاجم العربية المتخصصة من رياضيات وعسكريات و "سريات"، نسمع بالرقم والترقيم و بالرمز والترميز وبالكود والتكويد وبالشفرة والتشفير ولا علم لنا بهذا الجديد الثقيل الذي يعطينا فعل تَـشَـيـْـفُر. وكان الأولى بالكاتب أن يبقي على المشهور وإن تعدد. وقد جرت العادة إفادة للمستعمل أن تذكر مقترحات المعاجم الأخرى وإن رفضا، خصوصا إذا كانت مستعملة وشائعة ولا يقحم المؤلف اقتراحاته عنوة.


    في الكثير من المواقف يتعلق الأمر بمصطلحات ترتبط جوهريا وتاريخيا بالنحو واللغات الأوروبية من قبيل :
    ablatif حيث المقابل في المعجم [مفعول فيه وبه ومنه ] وكلها مقابلات لا تزيل اللبس.
    verbe accompli غذت "فعلا تاما" والمقصود بذلك الفعل المنجز أما النام فله العربية موقع خاص .
    accusatif "حالة النصب والمفعولية " والنصب لا يعني بالضرورة في العربية مفعولية.
    aoriste, "ماض غير محدد" مع ملحوظة [في الأفعال اليونانية] .
    jussif, صيغة الطلب و صيغة الأمر [ غير تام مصحوب بأداة أمر].
    complément, " مفعول وظرف وتكملة الإسناد" .
    datif "مفعول غير مباشر".
    gérondif , "صيغة اسم المصدر أو اسم الفاعل و حال" .
    Translatif " حالة التغير" و translation "نقل وإبدال "

    وورد في المعجم ذكر لـ: "اسم إشارة مصحوب أو غير مصحوب ببدل" ـ وهي من صلب نحو سيبويه ـ مقابل : pronom et adjectif démonstratif

    وغيرها من المصطلحات العويصة ترجمتها لما لها من حمولة في لغات تختلف عن العربية نحوا وتاريخا ويستحيل تقديم مقابل تام عربي لها ونلاحظ مدى التذبذب وخلط للمفاهيم في هذا المعجم وغيره. وكان من الأحسن تقديم تعريف قصير لكل مفردة ليسهل المنال على القارئ العربي الذي لا دراية له باللغات الغربية القديمة ولا بجدل المدارس النحوية الغربية.
    ففقيه اللغة الغربي حين يتحدث عن نحو وصرف وتركيب اللغات الأوروبية يستعمل مصطلحات موروثة عن قدامى نحاة الإغريق ونحاة روما مع بعض التغييرات لذلك يتوجب الاحتراس لي لا نقــّول النحو العربي التقليدي ما لم يقله إذ العلاقة بين اللغات وثقافاتها ليست عل الدوام علاقة تطابق عام.

    - scolastique "علم الكلام"، "مدرسية". من القرون الوسطى الأوروبية نقفز مع الكاتب بسهولة إلى النظام وأصحابه. وفي هذا النوع من المصطلحات المقترحة غلطان فادحان الأول هو أن علم الكلام له مضامين محددة للقارئ العربي ولا علاقة له بالجدل القروسطي بأوروبا ؛ وثانيا فإن كلمة مدرسية، وإن كانت ترجمة حرفية للمقابل الغربي، لها معان أخرى. أقرب معانيها للذهن النسبة العادية لما هو مدرسي و تعليمي، ثم إننا بحاجة ماسة لهذا اللفظ في ميدان قريب من اللسانيات ومرتبط بها. ولو عرض المؤلف شيئا من قبيل "مدرسة علم الكلام الغربي" لزال اللبس. وأي مترجم متمرس لا يجهل صعوبة ترجمة ما يتضمن "فجوات ثقافية". ومنها أيضا مصطلح "النحو العام " فما على القارئ العربي إلا أن يكون ملما بنحو مدرسة دير بور رويال وإرهاصات التوليديين ليفهم المقصود وعلى ذكر التوليديين نلاحظ أن مُولَّدهم لا علاقة له بالمولد في التراث العربي لذلك يتوجب الاحتراس من عرض مصطلحات حاملة للبس .
    وجل التراجمة يعرفون أن أصعب المترجَمات بعد الحزورات وأشباهها هو ما يحمل "فجوات وتنافرا ثقافيا" وتاريخيا ولذلك مثلا يضيفون مثلا ـ إذ استساغوا الجديةـ لكلمة النهضة وصفا بالعربية أو الغربية لكي يميزوا بين المفهومين.


    - Géolinguistique لسانية جغرافية وجغرافية لسانية في نفس الصفحة قد يفهم أن هناك ميدانين مختلفين والمشهور الجغرافية اللغوية/ اللسانية نفس الملاحظة تخص علم الاجتماع اللغوي(sociolinguistique) تفريقا له عن علم اجتماع اللغة(sociologie du langage) وبعضهم لا يفرق بينهما أو يستعمل علم اللغة الاجتماعي أو ينحت كلمة . وفي كل الحالات يبقى المصطلح العربي هنا غامضا وأسوء الاختيارات لسانية جغرافية لدلالات هذا التركيب. ومن قلة التعميم لدى المؤلف أنه أختار مقابلا لـ : « biolinguistique » و « biosémiotique » « psychophonétique » « ethnolinguistique » " لسانية حياتية" و "سيميائية حياتية" و " علم الأصوات النفسي" و "لسانية عرقية " . ويا ليته تابع هذا التنظيم الموحد وابتعد عن بدعة مكرهة كالسِلالة .

    ووردت في المعجم تراكيب غير مقبولة وهي كثيرة منها : "جملة تجريدية" وأحسن منها مجردة وقد فطن المؤلف لصعوبة ذكر "الفعل المجرد " فاختار النظري وورد أيضا "مبتدئ زائف" وهو نسخ ثقيل من الفرنسية.

    - Lexicalisation مَعْجَمة وlexicalisé مـُـمـفـْرد في مثل هذه الأبواب أجهد الكاتب نفسه فلنا في العربية ما يكفي من : َمعجمية وقاموسية وتوليد قاموسي و توليد معجمي وعلم اللغات وعلم المصطلح و علم المعاجم وصناعة المعجم والمفردات والوحدات المعجمية... فلماذا هذا الممفرد الغريب.

    - ولا نجد على طوال المعجم إلا ذكرا عابرا لقوانين اللسانيات وفرضياتها كذكر المؤلف لفرضية وورف و سابير وقانون زيف ولا ذكر لمصطلحات اللسانيات الإحصائية و الحاسوبية والرياضية والمنطقية والتواصلية وغيرها من مجالات وفروع اللسانيات وكأن زمن اللسانيات عند المؤلف توقف عند جرياس وشومسكي في أولياته واختزل كثيرا .

    وإضافة إلى النقص الذي ذكرناه و الذي يمس أخلب أبواب المعجم فلا ذكر مثلا في المعجم للمصطلحات التالية :

    Ecole d Oxford, logisme, intertextualité, transtextualité, X-barre, grammaire d unification,(suite terminale/initiale)carré d Aristote, Labov, Priet, context free, context sensitif, coda, cycle en phonologie, cycle herméneutique, frame lieux communs, topoi, hexagone logique, linéarité du discours, modiste, principe d oppositivité, péroraison, philosophie du langage, phonosyntaxe, polarité négative, polyphonie, proclitique, propagation, stemma, embrayeurs, subcontraire, S-structure, surdité verbale, découpage(linguistique).

    وقد حصلت على هذه اللائحة الغير شاملة بطريقة سهلة حيث حاولت انطلاقا من بعض الفقرات القصيرة المستمدة من الدوريات الفرنسية المتخصصة أن أبحث على المقابل العربي في المعجم فلم يوفقني الحظ إلا قليلا [تقريبا بنسبة : 1نجاح/15 فشل] وهي تجربة كارثية النتائج ورغم أنها لم تستوفي كامل شروط التجربة الميدانية إلا أنها شديدة التعبير. وتعني للمستعمل أن المعجم غير واف ولو بشكل جزئي وأن عليه الاتكال على وسيلة أخرى وعادة ما يكون المستعمل ملزما بالرجوع إلى العديد من المعاجم يسد حاجاته ولكن أن تصل النتيجة لهذا الحد فذلك يعني أن صاحب المعجم لم بكلف نفسه عناء جرد بسيط لكل المصطلحات الواردة في مصادره ولم يتحرى التواضع العلمي فيضيق مجاله أو يذكرنا بنقص مادته أو يدلنا على افتقاره للمصطلح في مواضع مضبوطة ومحددة أو وهو الأحسن والأقرب أن يغير عنوان مؤلفة إلى معجم وجيز ومشروع ومقدمة لمعجم وجيز في اللسانيات.

    بعد هذه الجولة السريعة على صفحات المعجم يمكن أن نقدم جوابا تفسيريا لتعدد المصطلح عند الكاتب فهذا التعدد دليل عل جهل مزدوج : جهل بعلم المصطلح وقوانينه وجهل بمجال التخصص . و ختاما بعد هذه الملاحظات التي تمس أغلب أبواب المعجم بل أساسيات هذا المعجم ولا نرى لهذا المعجم دورا اللهم إلا كورقة للمناقشة وكرأي يقبل أو يرفض فهو لا يقدم أبسط خدمات معجم متخصص ولا نفع منه لمترجم متخصص. بل يزيد الغموض غموضا على المتعلم العربي المبتدئ. زد لذلك أنه لا يستند إلى أية أرضية نظرية واضحة في المعجمية والمصطلحية وقد سبق وأن لاحظنا في البداية خلو مسرد المصادر من أية إشارة إلى أعمال الجمعية العربية للمعجمية أو المؤسسات العربية المتخصصة أو الأعمال المنشورة للمتخصصين عرب أفادوا الميدان بما يشكر وإن كان الدرب لازال طويلا أمام من يبحث عن معجم متخصص عربي شامل في الميدان وهي مهمة نستلزم زيادة على الجهد والمشقة دراية كبيرة بميدان المصطلحية من جهة وعلما وافرا في الميدان [وهو اللسانيات هنا] وتجربة ميدانية معتبرة من جهة أخرى مع توافر الحوافز والمحفزات وتراكم التجارب والخبرات وتعاضد الجميع. وذلك كله ليس بسهل المنال في أقرب الآجال فإن كثر نفطنا فقد قل نفعنا.

    محمد عمر أمطوش.

    إحالات
    لا يحمل المعجم تاريخ الطبع ولا رقم الطبعة والمقدمة مؤرخة في عام 1984.
    الدكتور عبد السلام المسدي، قاموس اللسانيات عربي فرنسي وفرنسي عربي مع مقدمة في هلم المصطلح، الدار العربية للكتاب، 1984. نحيل القارئ لهذا المعجم للمقارنة و لتتبع الفوارق.
    الشامل، اسبر محمد سعيد وجنيدي بلال، بيروت، دار العودة، 1981.
    المورد ،منير بعلبكي، بيروت، دار العلم ، ط1، 1983.
    المنهل، جبور عبد النو وإدريس سهيل، بيروت، دار العلم للملايين، ط4 ، 1977.
    الحمزاوي محمد رشاد، المصطلحات اللغوية الحديثة في اللغة العربية، حوليات الجامعة التونسية، ع 14، 1977؛ ولم يذكر صاحب المعجم مؤلفات أخرى للحمزاوي وهي في صلب عمل المؤلف ككتاب المجمع العلمي العربي في دمشق ومشكل ترقية اللغة العربية، وهو بالفرنسية ، ليدن ، 1965 وكذلك مجمع اللغة العربية بالقاهرة : تاريخه وأعماله، تونس، 1975. متناسيا بالكامل ما قدمه معهد تنسيق التعريب بالرباط من أعمال.
    أيوب عبد الرحمن اللغة بين الفرد والمجتمع ، القاهرة، مكتبة الانجلو المصرية، 1954؛ وهو ترجمة أكثر من حرة لكتاب جيسبرسون ولنفس الكاتب اللغة في المجتمع ، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، 1959، وهو بتصرف عن كتاب للويس.
    قارن بمقدمة المسدي النظرية.
    مقدمة المعجم.
    مقابل "état de langue " قدم المعجم مدخلين : " حالة اللغة" و " نظام اللغة" مع توضيح في كلا المدخلين؛ ويصب عل التمييز بين " في زمن تاريخها" و " مجموع قواعد اللغة ومفرداتها في لحظة من الزمن محددة". وجلي فإن لفظة état هي التي دفعت الكاتب إلى هذا الغموض ودفعته إلى ترجمة "état des choses " بوضع المرجع.
    لا نناقش جدوى بعض الاستعمالات. والمعروف أن مصطلح علم اللغة له دلالات خاصة في التراث العربي و استعماله في هذا السياق ضرب من المغالطة وزيادة في الغموض. والظاهر أن بعض الكتاب العرب المعاصرين لهم علم بخبايا الأمور وتعقدها استعملوا مصطلح فقه اللغة مع منحه سمات دلالية متميزة منهم : صبحي الصالح في دراسات في فقه اللغة، المكتبة الأهلية، بيروت، 1962 و إبراهيم السمراائي في فقه اللغة المقارن، دار العلم للملايين، بيروت، ط2،. .1978 ويعقوب بكر في دراسات في فقه اللغة العربية ، مكتبة لبنان، 1969.
    كان المسدي وغيره أكثر توفيقا إذ اختاروا مقابلا للفظ "linguistique" اللساني[ة] واللغوي[ة] عندما تكون هذه الكلمة وصفا و اللسانيات عندما يتعلق الأمر بالعِلم.
    لمزيد من المعرفة حول هذه النقطة نحيل إلى كتاب أندري رومان ، la création lexicale، منشورات جامعة ليون ، فرنسا، 1999. مع شديد حزننا أن لا يكون مثل هذا الكتاب مترجما إلى العربية لما فيع من إفادة وإفرادات مهمة في ميدان المعجمية العربية.
    وكلها تطرح مشاكل لدقة المصطلح فلذل اختاروا توحيدا آلي وآلية وحاسوبي و مؤلل وآلياتي وعيرها من المقترحات لوعيهم بغموضية الأمر وتعارض المفاهيم وتذبذب المصلح.
    ا المقصود هل انعدام العلامة الدالة النحوية الصرفية أم صفرا من نوع آخر.
    المسدي هو أيضا يقول بالسمعي والسمعيات وأهل الفيزياء وهم أهل هذا المجال يجمعون على الصوتي والصوتيات.
    هذا إذا استثنيا عبارات من نوع بسمل وحمدل وعنعن الخ وهي تراثية. ودليل عل إمكانية الاختزال في العربية غير أن الملحوظ هو شهرة هذا الاستعمال وذيوعه في اللغات العربية وقلته في العربية.
    يكتفي المسدي بمفعول به.
    المسدي وغيره يستعملون المنجز والماضي ويستعملون التام مقابلا لـ : achevé.
    مفعولية عند المسدي.
    فعل مطلق و يساوي accompli فهو منجز عند المسدي.
    غير مذكورة عند المسدي.
    تميم عند المسدي وهو نسخ.
    صيغة الحالية عند المسدي.
    عند المسديtranslatif صيرورة إذا كانت صفة ومفعول التحويل إذا كانت اسما؛ و translation عبور.
    وهي مقابل أـ : "Grammaire universelle"".
    نذكر هذا المثل لأن المؤلف كما يظهر يولي التوليدي ومفاهيمها كبير عناية وقد ذكر التوليد والتوليدية والمولد و ولّد.
    ويُستعمل اللسانيات الاجتماعية و اجماعية /اجنماعيات اللغة للتفرق .
    لا نجادل جدوى المصطلح الجديد. نذكر أن لمصطلح ethnologie مقابلات شائعة لا لبس فيها للقارئ العربي.
    لا يفهم لماذا يكتب المؤلف في نفس المدخل مرة نظري وأخرى مجرد أو تجريدي.
    المؤلف احترم هنا خصوصية الفعل المجرد في النحو العربي ويا ليته احترم دائما مثل هذه الخصوصيات.
    لا ذكر لمصطلحات من قبيل : textualité, contextualité ومثل هذا النقص كثير في المعجم.
    تذكرني في هذا السياق واقعة العالم جوليو كوري مع الكميائي كلمون فيدال في 1946 حيث كان الأخير يقضي مدة خدمته العسكرية بألمانيا فاستمع إليه كوري وهو يقدم توضيحات بالإنجليزية إلى أمريكيين حول مقياس التيار انطلاقا من وثيقة ألمانية فقال كوري متعجبا:
    ـ لي فكرة عما سأطلب منك القيام به بعد تسريحك من الخدمة العسكرية، سأطلب منك ترجمة وثائق لطلابنا
    ـ ولكني لست ضليعا متخصصا في اللغات.
    ـ ذاك أحسن فهم لا يفقهون إلا حكايات السحرة والعمالقة والأطياف و طبعا ليس الأطياف البصرية.

    لم يكن غريبا أن يفتتح المسدي معجمه بمقدمة نظرية لوعيه بالقضايا المعجمية وصعوبة العمل المعجمي المتخصص.




    د/ محمد عمر أمطوش
  • s___s

    #2
    هذا تحليل من المهم قراءته


    بارك الله بك على هذا الجهد التفصيلي التحليلي الغزير بالأمثلة

    اسأله تعالى أن نكون أجمعين من أصحاب الصدور الواسعة لتحمل النقد العلمي وتحمّل تبعات ما تسطره يدنا

    تعليق

    يعمل...