لعنة” آخر تحديث:الأربعاء ,25/08/2010
حبيب الصايغ
يقال إن الترجمة خيانة، وقد يصرّح البعض أو يلمّح، إلى أن القصد مجازي بالدرجة الأولى . لا طبعاً، فلا مجاز هنا وإنما هي الحقيقة الخالصة . الترجمة أو معظمها خيانة فعلية . خيانة للنص الأصلي، ولمعاني اللغة الأصلية، ولأحاسيس الكاتب في اللغة الأم ومشاعره .
من هنا يوجد في الترجمة، وبشكل رسمي متعارف عليه عند أهل الاختصاص، خيار الحذف، فقد يضطر المترجم العارف إلى حذف كلمات وعبارات وفقرات بأكملها، لأنه لا يجد لها مماثلاً لغوياً أو موضوعياً في اللغة المنقول إليها .
يضطر المترجم أحياناً أخرى إلى تبديل الشواهد والأمثلة والحكايات الواردة في نص ما، إلى حكايات وشواهد من واقع ثقافة اللغة المستهدفة . ذلك لأن لكل لغة أطرها وأسرارها وتجلياتها ونقاط بهائها، كما أن لكل لغة، من دون استثناء، نقاط قوتها وضعفها .
والمتعامل مع النص باعتباره كائناً حياً هو المترجم الشاطر . إنه يضيف شيئاً من روحه ومن ثقافته ومن انشغالاته الجوانية ما يزيد الألق، ويجعل برق النص أعلى وألمع .
فمن يجرؤ على الترجمة؟ من يجرؤ على ارتكاب الخيانة بأقل قدر من التكاليف والخسائر؟
بأقل قدر، لأنه لا ترجمة خالية من الضحايا والخسائر، لكن التفاوت موجود . البعض يجرح جرحاً خفيفاً غير مؤلم، والآخر يأبى إلا أن يقيم مذبحة .
وتظل الترجمة فناً جميلاً وممتعاً قائماً بذاته، ومستفيداً إلى حد بعيد من اكتشافات علم اللغة المعاصر، خصوصاً علم اللغة التقابلي والمقارن . كما أن الترجمة اليوم علم عميق بنظرية ذات أبعاد وتفاصيل، لكن العرب، إجمالاً، عدا فئة قليلة، بعيدون عن كل ذلك، حيث الترجمة لديهم فوضى وإدمان خلل، وحيث كلمة “خيانة” لدى تناول شغلهم تعادل بالضبط كلمة “فضيحة” .
الترجمة حين تكون فضيحة تتحول من علم وفن إلى “لعنة” والعياذ بالله .
habib20002@hotmail.com
حبيب الصايغ
يقال إن الترجمة خيانة، وقد يصرّح البعض أو يلمّح، إلى أن القصد مجازي بالدرجة الأولى . لا طبعاً، فلا مجاز هنا وإنما هي الحقيقة الخالصة . الترجمة أو معظمها خيانة فعلية . خيانة للنص الأصلي، ولمعاني اللغة الأصلية، ولأحاسيس الكاتب في اللغة الأم ومشاعره .
من هنا يوجد في الترجمة، وبشكل رسمي متعارف عليه عند أهل الاختصاص، خيار الحذف، فقد يضطر المترجم العارف إلى حذف كلمات وعبارات وفقرات بأكملها، لأنه لا يجد لها مماثلاً لغوياً أو موضوعياً في اللغة المنقول إليها .
يضطر المترجم أحياناً أخرى إلى تبديل الشواهد والأمثلة والحكايات الواردة في نص ما، إلى حكايات وشواهد من واقع ثقافة اللغة المستهدفة . ذلك لأن لكل لغة أطرها وأسرارها وتجلياتها ونقاط بهائها، كما أن لكل لغة، من دون استثناء، نقاط قوتها وضعفها .
والمتعامل مع النص باعتباره كائناً حياً هو المترجم الشاطر . إنه يضيف شيئاً من روحه ومن ثقافته ومن انشغالاته الجوانية ما يزيد الألق، ويجعل برق النص أعلى وألمع .
فمن يجرؤ على الترجمة؟ من يجرؤ على ارتكاب الخيانة بأقل قدر من التكاليف والخسائر؟
بأقل قدر، لأنه لا ترجمة خالية من الضحايا والخسائر، لكن التفاوت موجود . البعض يجرح جرحاً خفيفاً غير مؤلم، والآخر يأبى إلا أن يقيم مذبحة .
وتظل الترجمة فناً جميلاً وممتعاً قائماً بذاته، ومستفيداً إلى حد بعيد من اكتشافات علم اللغة المعاصر، خصوصاً علم اللغة التقابلي والمقارن . كما أن الترجمة اليوم علم عميق بنظرية ذات أبعاد وتفاصيل، لكن العرب، إجمالاً، عدا فئة قليلة، بعيدون عن كل ذلك، حيث الترجمة لديهم فوضى وإدمان خلل، وحيث كلمة “خيانة” لدى تناول شغلهم تعادل بالضبط كلمة “فضيحة” .
الترجمة حين تكون فضيحة تتحول من علم وفن إلى “لعنة” والعياذ بالله .
habib20002@hotmail.com
تعليق