تعيين يهودية صهيونية مديرة لأول مدرسة عربية في نيويورك

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • s___s

    تعيين يهودية صهيونية مديرة لأول مدرسة عربية في نيويورك

  • amattouch
    عضو منتسب
    • May 2006
    • 971

    #2
    _MD_RE: تعيين يهودية صهيونية مديرة لأول مدرسة عربية في نيويورك

    <table bordercolor="#000000" cellspacing="2" bordercolordark="#000000" cellpadding="2" width="100%" bgcolor="#f3f3f3" bordercolorlight="#f0f0f0" border="0"><tr><td><div><div class="storytitle">غني لانتصار اسرائيل عام 1967 فأغضب الجزائر قصة انريكو ماسياس <br /><span class="storysubtitle">د. محي الدين عميمور</span></div></div><div align="center"><font style="font-size: 10px" face="Tahoma" color="#a52a2a">14/12/2007</font></div><div align="center"><img src="http://www.alquds.co.uk/images/empty.gif" border="0" /></div></td></tr></table><table bordercolor="#000000" cellspacing="0" bordercolordark="#000000" cellpadding="0" width="100%" bgcolor="#f3f3f3" bordercolorlight="#f0f0f0" border="0"><tr><td><div><font style="font-weight: bold; font-size: 20px" face="Times New Roman" color="#404040">أحس بأن عليّ أن أضع القراء في صورة بعض الخلفيات التي تتعلق بالمغني الفرنسي ذي الأصل الجزائري، غاستون غارناسيا Gaston Garnatia أي أنريكو ماسياس (وهو اسم مستعار)، الذي تردد اسمه مؤخرا بمناسبة زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلي الجزائر، وهو ما يعيدني إلي بداية الستينيات إثر استرجاع الاستقلال، حيث كنا مجموعة من الشباب خرجت من الثورة بحجم من التجارب المختلفة والمتباينة، وكان يجمعنا الأمل في مستقبل نبنيه بسواعدنا، كما يجمعنا التكامل الذي يقوم بيننا رغم أن كلا منا يعمل في قطاع متخصص، وربما ينطلق بعضنا من أرضية ثقافية واجتماعية مغايرة.<br />كنت آنذاك أقوم بمهمتين في وقت واحد، الأولي عملي الأصلي كمسؤول عن الخدمات الطبية البحرية في الجيش الوطني الشعبي، والثانية مهمة نشاط ثقافي واسع يبدأ من إقامة المحافظة السياسية الأولي في تاريخ البحرية ولا ينتهي عند محاولة تعريب الوثائق الأساسية التي تتطلبها طبيعة العمل المهني، بل يواصل الجهد بالمشاركة في إصدار مجلة الجيش، التي كانت قلعة للفكر وميدانا للإنتاج الثقافي العربي.<br />وكنا في سهراتنا نلتقي، وغالبا في شقتي المتواضعة في شارع أول نوفمبر، كما يلتقي الشباب في مثل سننا، وكنت أحاول أنا، بصفتي المضيف، أن أخلق، عن طريق الموسيقي والغناء، الجو الذي يصهر الاختلافات ويتجه بالذوق العام نحو وضعية الانسجام. وكان كل منا مكلفا بعبء من أعباء السهرة، كالعادة في سهرات الشباب.<br />كانت المجموعة تضم خالد نزار، قائد قوات المظلات ثم وزير الدفاع فيما بعد، ومحمد تواتي قائد أركان الدرك ثم مستشار الرئيس فيما بعد، وعبد الرحيم ستوتي، الأمين العام لوزارة المُجاهدين ثم السفير ثم عضو مجلس الأمة، وعلي تونسي مدير المُخابرات العسكرية ثم المدير الحالي للأمن الوطني وآخرين.<br />في تلك المرحلة علي وجه التحديد بدأت أهتم بالموسيقي الفرنسية الشعبية، بعد أن ظلت اهتماماتي في الموسيقي الفرنسية مقصورة علي كلاسيكيات بيزيه ورائعته كارمن وعلي رافيل ورقصة البوليرو الشهيرة، التي قيل أنه استوحاها من أغاني الرعاة في هضاب الجزائر، وقيل من نواحي مراكش.<br />وهكذا بدأت أنسجم أكثر مع المغني الأرمني الأصل شارل أزنافور والمغني البلجيكي الأصل جاك بريل والمغني الفرنسي الأصل آدامو، وقبلهم جميعا مع الجزائري الأصل أنريكو ماسياس، وهو ينتمي إلي يهود قسنطينة، العاصمة الثقافية للشرق الجزائري، التي عُرفت دائما برائد النهضة الجزائرية عبد الحميد بن باديس، مؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.<br />وكان اليهود جزء من الشعب الجزائري، منهم من ينتمي إلي جذوره التاريخية، ومنهم من فروا من الأندلس بعد انهيار الحكم الإسلامي هناك ولجأوا إلي الشمال الإفريقي.<br />وعندما تقدم كريميو بمشروعه قرب نهاية القرن التاسع عشر اندفع اليهود لاكتساب الجنسية الفرنسية، وتمسكوا بها حتي في ظل حكومة فيشي التي اضطهدتهم، ومرة أخري لقي كثير منهم الحماية من الشرطة الفرنسية المتواطئة بفضل أبناء الشعب الجزائري، ولكن كل هذا لم يجد فتيلا إذا عادت ريمة إلي عادتها القديمة بعد انتصار الحلفاء علي دول المحور. ويلاحظ هنا أنه بينما كانت هناك قوات يهودية منظمة تعمل في إطار الجيش البريطاني فإن القوات المنظمة الوحيدة التي عملت في إطار الجيوش الفرنسية كانت قوات الجزائريين والمغاربة والسنغاليين، واستفاد الأولون بينما تلقي كل هؤلاء جزاء سنمار! وعلي عكس من بقي في مصر من اليهود أو من ظلوا يعيشون في تونس أو المغرب، ولم يستبدلوا جنسيتهم بأخري، انحاز يهود الجزائر إلي الحكم الاستعماري الفرنسي، حيث أصبحوا جميعا مدافعين عن الوجود الفرنسي.<br />وكان ممن برزوا في المجال الموسيقي من يهود قسنطينة مغن يسمي ريمون ، وهو الأب الروحي لأنريكو وصهره، وكان غناء أنريكو جزء من الفولكلور الجزائري منذ سار علي خطي أجداده، الذين حملوا فن الموسيقي الأندلسية في هجرتهم الاضطرارية هربا من محاكم التفتيش الإسبانية، ما استطاعوا، أو ما أرادوا حمله. وهناك حديث كبير عن نوتات أندلسية كثيرة لم تصلنا، خاصة وان النقل كان يتم بالطريق الشفوي وبدون تسجيل يستعمل رموز السولفاج . وكنت أعشق غناء أنريكو لأن الشجن الذي تحتويه الألحان يضم الكثير من الجمل الموسيقية الشرقية، وهي أقرب إلي وجداني من أغان تمثل مجتمعا غريبا، لم يكن يُسمح لنا بالتنصت عليه حتي عبر الأبواب المغلقة.<br />ومع قيام الثورة في نوفمبر 1954 عرفت الجزائر فرزا تدريجيا بين المسلمين واليهود، لم يأخذ، للأمانة، طابع العداء السافر، ربما من منطلق الخبز والملح، بعد أن ذابت أحقاد الثلاثينيات.<br />ومع بداية الستينيات رأت جبهة التحرير الوطني أن تضع النقاط فوق الحروف وتحتها فيما يتعلق بالعلاقات المستقبلية مع الــــجالية اليهودية.<br />ورغم أن تاريخ تلك المرحلة لم يُكتب بكل التفاصيل، فإن المجاهدين يروون قصة الدكتور الخازندار الذي كُلف بطرح عرض واضح وصريح علي ريمون ، يطلب من الجالية اليهودية ألا تنحاز إلي الجانب الفرنسي، فالاستقلال الجزائري آت لا ريب فيه ومكانهم محفوظ في المجتمع. <br />وبعد أيام يجري اغتيال الدكتور الخازندار، وهو ما اعتبر ردا واضحا من الجالية اليهودية، ولا تمر فترة طويلة إلا ويسقط ريمون نفسه صريع رصاصات أطلقت عليه في أحد شوارع قسنطينة من مسدس مزود بكاتم للصوت، كما قالت ابنته في حديث بثته القناة الفرنسية الثانية.<br />وجري تحريض هائل لليهود ضد الجزائريين وانخرط بعضهم في الميليشيات التي تطارد الوطنيين.<br />ورغم أن عملية الاغتيال اعتبرت كانتقام من الجزائريين لمقتل الخازندار فإن هناك، من هواة نظرية المؤامرة، من يرون بأن اغتيال ريمون لم يكن بأمر من جبهة التحريرالوطني، علي أساس أن الفدائيين الجزائريين لا يستعملون كاتم الصوت.<br />وهاجر أنريكو في إطار الهجرة الجماعية للفرنسيين بعد استقلال الجزائر، التي طوت صفحة الآلام وفتحت صفحة جديدة ، وبالتالي لم تتشنج ضد أغان كان يحبها كثيرون، نتيجة لطعمها الأندلسي.<br />لكن عام 1967 حمل تطورا دراميا.<br />كان الرئيس المصري جمال عبد الناصر يحاول تأجيل المواجهة مع إسرائيل حتي يتم استكمال عدته ويستطيع النهوض بالمجتمع المصري إلي وتيرة عالية من التنمية الوطنية لتكون سند الجبهة المسلحة، وهو ما أدركه العدو علي وجه التحديد، فأعِدّ له فخٌّ عسكري رهيب في سيناء، بعد أن نسب لقيادات سورية قولها بأن اثنتي عشرة فرقة عسكرية سوف تجتاح دمشق، وهي معلومات أيدتها المصادر السوفييتية، والغريب أن المراجع الجزائرية شككت فيها آنذاك. <br />وانطلقت أبواق وإذاعات عربية تعاير الزعيم المصري وتتهمه بالجبن والتخاذل والتردد، متهمة إياه بأنه يحتمي وراء قوات الأمم المتحدة، التي وضعت بين الجانبين منذ عدوان 1956.<br />وأصبح اليوم معروفا أن ذلك كله كان بتحريض من قوي أجنبية درست شخصية عبد الناصر وأدركت مدي اعتداده بكرامته وكان هدفها إجهاض مسيرته الثورية قبل أن يشتد عودها.<br />واندفع عبد الناصر، مع إغلاق مضيق تيران، إلي المطالبة بسحب جزء من قوات الطوارئ الدولية في المناطق التي كان يحتمل أن تحدث فيها اشتباكات مصرية إسرائيلية، ولكن الأمين العام المساعد للأمم المتحدة، رالف بانش، الأمريكي الجنسية والإفريقي الأصل، والذي اتهم فيما بعد بعمالته للمخابرات الأمريكية، أصر علي أن يكون سحب القوات كاملا، وكان هذا، كما ثبت فيما بعد، مخططا أمريكيا لاستدراج قوات عبد الناصر إلي سيناء. <br />ووقعت القوات المصرية في الفخ، برغم تحذيرات عبد الناصر الذي كان قد تلقي معلومات من الملك حسين، وهو ما قاله لي العاهل الأردني الراحل شخصيا، وكانت القضايا العسكرية احتكارا للمشير عبد الحكيم عامر، الذي كان لعبة طيعة في يد بعض مصالح المخابرات، المنهمكة في نشاطات نسوية وتجارية لا علاقة لها بعملها الأصلي.<br />وكانت هزيمة 1967.<br />ومر الوطن العربي بأسبوع مرير أسميته آنذاك في مقال احتضنته مجلة الجيش الأسبوع الأسود .<br />وعشنا حزنا رهيبا جعل الواحد منا لا يجرؤ علي النظر في وجه رفيقه، وكان الوضع علي الساحة العربية لا يقل سوداوية، وفي الوقت نفسه كانت الأفراح والليالي الملاح في بلاد الجن والملائكة، وفي مقدمة المهنئين بالأغاني وبالتظاهرات برز صاحبنا أنريكو ماسياس.<br />وهكذا وقع المغني في نفس الفخ الذي وقع فيه أجداده من يهود الجزائر، وأصبح، من دون بقية المغنين الفرنسيين، شخصا غير مرغوب به، لأنه أصبح نموذجا لقلة الخير ورمزا للجحود. <br />وكان غضب الشعب في الجزائر عظيما، ولم يكن في حاجة إلي قرار رسمي بمنع أغاني أنريكو، وحدث أن كثيراً من الناس حطموا ما يملكونه من اسطواناته.<br />وراحت أيام وجاءت أيام، وأصبحت واحدا من مستشاري الرئيس هواري بومدين الذي كلفني بتنظيم احتفالات العيد العاشر لاسترجاع الاستقلال في 1972، ونجحت الاحتفالات بحمد الله وبمن ضمتهم من الفنانين العرب الذين دعتهم الجزائر لأنهم تغنوا بها خلال ملحمتها التاريخية، ومن بينهم وردة ونجاح سلام ومحمد قنديل وفايدة كامل ومريم ماكيبا، التي غنت أغنية باللغة العربية، ودعيت السيدة هدي سُلطان تكريما لأخيها محمد فوزي ملحن النشيد الوطني الجزائري، وكان هناك بالطبع عدد كبير من الفنانين الجزائريين، اجتمعوا في أوبريت لحنها شباب جزائري.<br />وبرزت فكرة السماح، أقول السماح، لأنريكو ماسياس بزيارة موطن أجداده للمرة الأولي في احتفال تتولي تنظيمه هيئة غير جزائرية بقبول جزائري (وأرجو أن تلاحظ الصياغة الحذرة) وكان أول من طرح عليّ هذا المشروع في مكتبي برئاسة الجمهورية الصحافي الفرنسي الكبير جان بيير الكباش (وهو، للعلم، ابن عمنا) وعرضت الأمر علي الرئيس الذي لم يجبني، واكتفي بسكوت صاحبته ابتسامة ممتعضة كأنها تقول: روح شوف شغلك .. ولم أجرؤ بعدها علي طرح الأمر.<br />وبرزت بعد ذلك محاولات متعددة في مرحلة الردة وخلال العشرية الدموية كان وراءها، بشكل مباشر، بعض متعهدي الحفلات العامة من الساعين نحو الربح، لكن الخلفيات كانت تتكشف حينا بعد آخر، خاصة وهي تربط بين استقبال أصحاب الأقدام السوداء من فرنسيي الجزائر، وأصحاب القلوب السوداء من عربها وعجمها.<br />وأخذت تلك الأفكار طابعا أكثر إلحاحا بعد المصافحة التي تمت بين الرئيس عبد العزيز بو تفليقة ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك في الرباط، علي هامش تشييع جنازة الملك الحسن الثاني، وخيل للبعض، هنا وهناك، أن ساعة تحقيق الأحلام قد دقت.<br />وبدا واضحا عبر التصريحات والتلميحات بأن إسرائيل تتلهف علي عقد صفقة مع الجزائر تمتد إلي كل الاتجاهات، وخلفيتها الحقيقية فتح صفحة جديدة تتناسي كل ما فات، وتغمض النظر عمّا هو آت.<br />وكنت سأكون مغفلا وزعيما في العباطة لو لم أضع مشروع زيارة ماسياس إلي الجزائر في هذا الإطار، وبدون ذلك سأتناقض مع نفسي، أنا الذي رفض دعوة أم كلثوم إلي الجزائر لمجرد أنها لم تغن للثورة الجزائرية، لكي أستقبله بالأحضان، وأفرش له الزرابي الثمينة وأقيم علي شرفه الولائم التاريخية التي تكفي فضلاتها لإطعام أحياء بأسرها.<br />وخلال حفل أقيم علي شرف رئيس الجمهورية الجزائرية خلال وجوده في موناكو فرض علي الرئيس بوتفليقة لقاء أنريكو ماسياس وجها لوجه أمام كاميرا التلفزيون الفرنسي، التي أبرزت التأثر الكبير علي وجه أنريكو بعد عناقه مع الرئيس والدموع التي انهالت من عينيه، وكان الغريب أن اللقطة التلفزيونية لم تبرز اللحظات التي سبقت العناق والتي انحني فيها المغني علي يد عبد العزيز بوتفليقة لكي يقبلها، بأسلوب مسرحي من المؤكد أنه استثار عواطف المسؤول الجزائري الأول، الذي رد علي رغبة المغني في زيارة الجزائر بالترحيب، ولم يكن يملك غير ذلك، فللمسؤولية التزاماتها الدولية.<br />وأثارت أخبار الزيارة ردود فعل سلبية في الشارع الجزائري عندما بدأت القضية تكشف خلفيات وتأخذ أبعادا تتجاوز ما توقعه مواطنون طيبون كان يُمكن أن يروا في الأمر مجرد زيارة يقوم بها كهل لأماكن طفولته ومراتع شبابه، حيث يحن إلي مآرب قضاها هناك، طبقا لبيت الشعر المعروف.<br />لكن تصريحات نسبت إلي المغني قال فيها بأنه يأتي إلي الجزائر ليدعم طلائع الشعب الجزائري في كفاحهم من أجل الديمقراطية ، وبأنه سيفتح تحقيقا في مقتل عمه ريمون في مطلع الستينيات.. الخ، وهكذا أصبح الأمر أخطر مما يمكن السكوت عليه، لأنه أصبح تحديا لتاريخ أمة ولمشاعر شعب ولدماء شهداء. <br />وبرغم أن هناك من حاول تثبيط همتنا بالإشارة إلي أن رئيس الجمهورية رحب بزيارة ماسياس إلا أننا قلنا بوضوح بأنه عندما يأتينا أنريكو كفنان يريد أن يطوف في مرابع طفولته وصباه فمرحبا به، ولتكن تلك فرصة ليدرك حقيقة ما ضاع نتيجة لتعنت السلطة الفرنسية وأطماع بني جلدته، الذين كانوا جزء من نسيجنا البشري، بل إننا لن نطالب بأن يأتينا الفنان كفرد مشرد من جيش مهزوم، عسكريا وفكريا، لكننا نرفض أن يأتينا بخلفية المنتصر الهادف إلي تشويه مسيرة ثورية أنهت وجوده السياسي وأمثاله في بلادنا.<br />وقلنا أنه عندما يأتينا ماسياس في إطار حنينه إلي مكان ولادته فإننا نستقبله بكل عطف، مذكرين إياه دائما بأنه هو الذي اختار المنفي يوم تناقض مع شعبنا أكثر من مرة.<br />لكن المغني التافه أراد أن يأتي إلي الجزائر كناطق باسم اليهود الفرنسيين الذين ولدوا في الجزائر، وبخلفية تجريم جبهة التحرير الوطني التي طردت الاستعمار، بل ومطالبتها بالاعتذار عن مقتل ريمون علي وجه التحديد، ومعاقبة من قام بالعملية إن كان علي قيد الحياة.<br />والهدف البعيد هو أن المُغني، الذي رحبت به دول عربية تناست التاريخ، سوف يوظف في عملية تطبيع ثقافي تتسرب فيما بعد إلي مجالات أخري.<br />ولم تكن القضية بأي حال من الأحوال هي قضية الانتماء اليهودي للمغني العجوز، فقد استقبلنا بالفعل الكثير من اليهود الفرنسيين ذوي الأصل الجزائري، وكان من آخرهم روجيه هانان، وقبله جال أتالي وبينهما جان دانييل، والقائمة طويلة، لكن هؤلاء جميعا جاءوا وهم ينحنون للكفاح الجزائري ولم يحاولوا استثارة جروح الماضي بأي شكل من الأشكال.<br />وهكذا رفعت جلُّ الشرائح الجزائري شعار: لا أهلا ولا سهلا، ولم تتم الزيارة نتيجة للوقفة الحازمة التي وقفناها وجندنا بها الجميع ضد مغن أراد أن يكون زعيما سياسيا، وتكتلت وراءه قوي اللوبي الصهيوني في بلاد الجن والملائكة وجموع من الفرنسيين التي تعيش عقدة ذنب ناتجة عن اضطهاد فيشي لليهود.<br />وما زال المغني يحمل الأحقاد ضد العبد الضعيف ومن كانوا معه في الحملة، وهو ما رواه لي مؤخرا المغني الجزائري حمدي بناني الذي التقي ماسياس في فرنسا فراح يشكو له عبد العزيز بلخادم وعميمور وخالد بن إسماعيل، أعداء السامية الألداء.<br />وعندما تقرر أن يقوم نيكولا ساركوزي بزيارة رسمية إلي الجزائر سربت أوساط فرنسية معينة خبرا يقول بأن الرئيس الفرنسي سوف يصطحب معه أنريكو ماسياس، وتصور الكثير أن الأمر مجرد بالونة اختبار فرنسية، لكن هذا لم يمنع تصاعد زمجرة جزائرية علي المستويات الفكرية والشعبية، ويبدو بأن هناك من قال للمغني العبيط ألا أحد يمكن أن يضمن حياته حتي ولو كان مرافقا للرئيس الفرنسي، وخضع ساركوزي للزمجرة الجزائرية خصوصا بعد أن طرح الرئيس ساركوزي الأمر علي الرئيس بوتفليقة، كما يُقال، في دردشة عابرة، ولكن الرئيس الجزائري أصمّ أذنيه وراح يتحدث عن أمر آخر.<br />وهكذا استراحت الجزائر من وجود ماسياس علي أرضها ولو لساعات معدودة، بينما راح هو يجتر أحقاده علي الجزائر ويقحم نفسه في حوار سياسي لا يعرف أبعاده، ويردد بأنه يرفض أن تعتذر فرنسا للجزائر علي ماضيها الاستعماري، متناسيا بأن الاعتذار قادم لا محالة، والدليل علي ذلك تراجع الرئيس الفرنسي عن اصطحابه لأنه كان يعرف أن في ذلك تهديدا بفشل الزيارة نفسها، وبغض النظر عن أن نجاحها فيه قولان.<br />ولم تعتذر فرنسا بعد، ولعلها ما زالت تتصور أن الملفات الاقتصادية يمكن أن ترشو الجزائريين، ولكن عودة ساركوزي إلي باريس بخفي حنين فيما يتعلق بمشروع وحدة المتوسط يعني، في المفهوم الجزائري، أن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة.</font></div></td></tr></table>
    د/ محمد عمر أمطوش

    تعليق

    يعمل...