السلام عليكمورحمة الله معشر "الواتاويين". إليكم خبرا يعنينا ويعيينا..
الترجمة والتعليم وسوق العمل بمؤتمر المعرفة بدبي
أكثر من 300 من رموز الفكر العربي شاركوا بالندوة (الجزيرة نت)
عائشة محامدية-دبي
شهدت مدينة دبي بدولة الأمارات العربية المتحدة اليومين الماضيين مؤتمر المعرفة الأول الذي نظمته مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم بمشاركة 300 من رموز الفكر العربي والخبراء المتخصصين في مجالات المعرفة كافة، وذلك بهدف التباحث في شأن مستقبل العمل المعرفي في المنطقة.
وقد أفرد المؤتمر إحدى جلساته لتتناول قضية الترجمة في الوطن العربي وما تمثله من أهمية في نقل المعرفة من مصادر جديدة، وكذلك دورها في تعريف العالم بالثقافة والتراث العربي.
وتحدث في الجلسة الشاعر السوري علي أحمد سعيد المعروف بأدونيس الذي قال في ورقته إنه عندما نكون بصدد الكلام عن الترجمة أو مشروع ترجمة لابد أن ننطلق من ثلاثة أسئلة ضرورية وهامة وهي "لماذا نترجم وماذا نترجم وكيف نترجم؟".
ثم يجيب عن هذه الأسئلة بالقول إن لا أحد يرفض مبدأ الترجمة من اللغة العربية وإليها بما في ذلك ترجمة الشعر لأن الإنسان لا يحسن فهم غيره إلا بقدر ما يحسن فهم الآخر. كما أن تطور العلاقات بين الشعوب نوعا وكما يؤكد أن الآخر لم يعد طرفا للحوار أو التفاعل الثقافي والتبادل، وإنما تخطى ذلك إلى عنصر من العناصر التي تكون الذات.
أما ماذا نترجم، فيرى أدونيس أن الترجمة هي خطة مجتمع ودولة وخطة قومية وثقافية ولغوية وهي حاجة ثقافية وحضارية وهي أكبر من أن تترك للفرد وأهوائه.
وكيف نترجم, فالرأي عند أدونيس أنه في حالة الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية لابد أن تقدم هذه الترجمة إضافة إلى آفاق اللغات الأخرى بما يزيدها معرفة بالإبداع العربي.
ولذلك يرى أدونيس أنه لابد أن نحيد عن الترجمة التي تندرج في السياق السياسي أو الإعلامي أو الإجتماعي تلبية لرغبة الآخر في النظر إلى العرب لا نظرة الندية الإبداعية، بل نظرة من يسعى للتشهير بهم أو إبقائهم سجناء النظرة الإمبريالية والتخلف والتبعية.
ثالوث اللغة والتعريب والترجمة
أما عالم الاجتماع التونسي د. الطاهر لبيب فقد ربط الترجمة بالمسألة اللغوية إجمالا وبعملية التعريب خصوصا وسماها ثالوث اللغة والتعريب والترجمة, ثلاث مسائل يراها مترابطة ولا ينفصل بعضها عن بعض ويفضي بعضها إلى بعض.
وبرأي لبيب فإن عدم فهم هذا الترابط أو إهماله هو أصل فشل مشاريع الترجمة أو قلة مردودها, موضحا أن الحديث عن الترجمة بمنأى عن الحديث عن وضع اللغة العربية "الكارثي والمتدني" على مستوى الشارع والمدرسة يعتبر حديثا خارج السياق.
فثمة بلدان عربية في نظره أصبحت تدرس باللغات الأجنبية، ومع دخول الحاسوب ازداد الأمر سوءا "ومن غير الطبيعي أن تدعي أنك تترجم إلى لغة هي بالأساس ضعيفة".
فالعرب -بحسب قوله- يتعاملون مع المشكلة اللغوية على أنها حسمت، ويتحاشون الخوض في المشكلة "فكل الأنظمة مع التعريب" ولكن منذ قرنين واللغة العربية تعاني "تسيبا وإهمالا وتراجعا وانكسارا".
ولذلك يرى لبيب أن الوضع يحتاج إلى عمل متواز بين الترجمة وضرورة تطوير العربية وتعريب التعليم العالي "فالترجمة السائدة اليوم تشوه الفكر المنقول والفكر المنقول إليه وتكرس التخلف، والأفضل ألا تكون بالأساس".
الترجمة وأحادية الهيمنة
من جانبه يوافق رئيس المجلس القومي للترجمة في مصر د. جابر أحمد عصفور ما ذهب إليه لبيب من أن العلاقة وثيقة بين الترجمة والتعريب مع تحرير الفارق "لأنه لابد من التوسع في مفهوم التعريب والذي يختلف مفهومه بين المشرق العربي عن مغربه".
ويعدد عصفور المشكلات التي تواجه الترجمة إلى مشكلات خارجية تتعلق بالأسباب التجارية كضعف عمليات التمويل، وحرص القطاع الخاص على الربح بعيدا عن الأمانة العلمية، وهضم حقوق الملكية الفكرية، ونقص الترجمة المتخصصة، والعامل السياسي، والسقف المتدني للمسموح به وغير المسموح لا سيما فيما يخص قضايا المرأة والدين.
وفي المقابل اتساع متزايد للممنوع والمحرم وغير المرغوب في معرفة القارئ العربي به، هيمنة الأحادية الأميركية على الساحة الثقافية وعدم تعزيز تنوع معرفة الآخر خارج هذا القطب الأحادي.
فهناك أمم -كما يقول عصفور- لا نعرف عنها شيئا في حين أنها تمتلك حضارات وإنجازات علمية هامة. وهو يرى في ظهور مشاريع الترجمة الآلية كلها معوقات تضيق الخناق على حركة الترجمة "ولذلك فإن ترجمة الآخر طريقة مثلى لمعرفة الذات".
ويشدد الناقد المصري على ضرورة رفع كل هذه المعيقات وأهمها عائق الرقابة، والعمل على ترجمة كل شيء دون محاذير حتى لو أدى ذلك إلى حدوث صدمة في المجتمع.
وفي معرض ردها على أدونيس بأن الترجمة هي فعل إبداعي, تجادل د. إنعام بيوض مديرة المعهد العالي للترجمة التابع للجامعة العربية والذي يتخذ من الجزائر مقرا له, بأن الترجمة هي فعل تعليمي.
فتعليم الترجمة في رأيها يساعد على تعليم اللغة, والترجمة هي مجموعة مهارات يمكن تعلمها وتفكيكها تماما مثل تعلم اللغة خاصة عندما نكون بصدد عملية مقارنة للغات.
التعليم وسوق العمل
ولما كانت المعرفة تعنى بالتعليم قبل كل شيء باعتباره أساس المعرفة, فقد كان موضوع "تجسير الفجوة بين التعليم وسوق العمل" أحد محاور المؤتمر الرئيسة حيث تناولت الجلسة المخصصة له بالنقاش عملية توثيق العلاقة بين مخرجات التعليم وسوق العمل وتحقيق التلاؤم المطلوب بينهما بشكل مستمر ومتطور.
ففي الورقة التي قدمها, أوضح عبد العزيز الجلال المستشار بمجال التعليم والتربية بالمملكة العربية السعودية أن النجاح الحقيقي لأي نظام تعليمي لا يكمن فقط في قدرته على إيجاد فرص عمل لخريجيه بقدر ماهية تزويدهم بالمعارف والمهارات والسلوكيات التي تمكنهم من إيجاد فرص العمل لأنفسهم لدى الغير أو من خلال قدراتهم على إنشاء مشاريع خاصة بهم.
أما وزير التعليم البحريني السابق د. على فخرو فقد قال للجزيرة نت عقب الجلسة "إن الخلل يكمن في عدم توفر إرادة سياسية حقيقية في إصلاح عملية التعليم وتجويدها والانتقال من مفهوم الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد الإنتاجي".
فالدولة حسب رأيه ترغب في بقاء الشعوب متخلفة تعليميا "لأنها متعلقة بالخارج وتراه هو الأنسب والأحسن" وترفض أن تنوع في مصادر الاقتصاد حتى تبقى الثروة متمركزة بيدها "توزعها كيفما تشاء" على مراكز بقاء وخدمة نفوذها واستمراريتها.
ويضرب فخرو مثالا على ذلك بالنفط والطاقة حيث ظهرت هذه الثروة في المنطقة منذ السبعينيات "ومع ذلك لم تطور هذه الأنظمة حتى الآن مؤسسات تعليمية تخرج متخصصين في هذا المجال, وما زالت الأنظمة تستعين في استخراج البترول وكل ما يتعلق بعملية التنقيب والمعالجة بشركات وكفاءات أجنبية".
المصدر:الجزيرة
الثلاثاء 18/10/1428 هـ - الموافق30/10/2007 م
الترجمة والتعليم وسوق العمل بمؤتمر المعرفة بدبي
أكثر من 300 من رموز الفكر العربي شاركوا بالندوة (الجزيرة نت)
عائشة محامدية-دبي
شهدت مدينة دبي بدولة الأمارات العربية المتحدة اليومين الماضيين مؤتمر المعرفة الأول الذي نظمته مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم بمشاركة 300 من رموز الفكر العربي والخبراء المتخصصين في مجالات المعرفة كافة، وذلك بهدف التباحث في شأن مستقبل العمل المعرفي في المنطقة.
وقد أفرد المؤتمر إحدى جلساته لتتناول قضية الترجمة في الوطن العربي وما تمثله من أهمية في نقل المعرفة من مصادر جديدة، وكذلك دورها في تعريف العالم بالثقافة والتراث العربي.
وتحدث في الجلسة الشاعر السوري علي أحمد سعيد المعروف بأدونيس الذي قال في ورقته إنه عندما نكون بصدد الكلام عن الترجمة أو مشروع ترجمة لابد أن ننطلق من ثلاثة أسئلة ضرورية وهامة وهي "لماذا نترجم وماذا نترجم وكيف نترجم؟".
ثم يجيب عن هذه الأسئلة بالقول إن لا أحد يرفض مبدأ الترجمة من اللغة العربية وإليها بما في ذلك ترجمة الشعر لأن الإنسان لا يحسن فهم غيره إلا بقدر ما يحسن فهم الآخر. كما أن تطور العلاقات بين الشعوب نوعا وكما يؤكد أن الآخر لم يعد طرفا للحوار أو التفاعل الثقافي والتبادل، وإنما تخطى ذلك إلى عنصر من العناصر التي تكون الذات.
أما ماذا نترجم، فيرى أدونيس أن الترجمة هي خطة مجتمع ودولة وخطة قومية وثقافية ولغوية وهي حاجة ثقافية وحضارية وهي أكبر من أن تترك للفرد وأهوائه.
وكيف نترجم, فالرأي عند أدونيس أنه في حالة الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية لابد أن تقدم هذه الترجمة إضافة إلى آفاق اللغات الأخرى بما يزيدها معرفة بالإبداع العربي.
ولذلك يرى أدونيس أنه لابد أن نحيد عن الترجمة التي تندرج في السياق السياسي أو الإعلامي أو الإجتماعي تلبية لرغبة الآخر في النظر إلى العرب لا نظرة الندية الإبداعية، بل نظرة من يسعى للتشهير بهم أو إبقائهم سجناء النظرة الإمبريالية والتخلف والتبعية.
ثالوث اللغة والتعريب والترجمة
أما عالم الاجتماع التونسي د. الطاهر لبيب فقد ربط الترجمة بالمسألة اللغوية إجمالا وبعملية التعريب خصوصا وسماها ثالوث اللغة والتعريب والترجمة, ثلاث مسائل يراها مترابطة ولا ينفصل بعضها عن بعض ويفضي بعضها إلى بعض.
وبرأي لبيب فإن عدم فهم هذا الترابط أو إهماله هو أصل فشل مشاريع الترجمة أو قلة مردودها, موضحا أن الحديث عن الترجمة بمنأى عن الحديث عن وضع اللغة العربية "الكارثي والمتدني" على مستوى الشارع والمدرسة يعتبر حديثا خارج السياق.
فثمة بلدان عربية في نظره أصبحت تدرس باللغات الأجنبية، ومع دخول الحاسوب ازداد الأمر سوءا "ومن غير الطبيعي أن تدعي أنك تترجم إلى لغة هي بالأساس ضعيفة".
فالعرب -بحسب قوله- يتعاملون مع المشكلة اللغوية على أنها حسمت، ويتحاشون الخوض في المشكلة "فكل الأنظمة مع التعريب" ولكن منذ قرنين واللغة العربية تعاني "تسيبا وإهمالا وتراجعا وانكسارا".
ولذلك يرى لبيب أن الوضع يحتاج إلى عمل متواز بين الترجمة وضرورة تطوير العربية وتعريب التعليم العالي "فالترجمة السائدة اليوم تشوه الفكر المنقول والفكر المنقول إليه وتكرس التخلف، والأفضل ألا تكون بالأساس".
الترجمة وأحادية الهيمنة
من جانبه يوافق رئيس المجلس القومي للترجمة في مصر د. جابر أحمد عصفور ما ذهب إليه لبيب من أن العلاقة وثيقة بين الترجمة والتعريب مع تحرير الفارق "لأنه لابد من التوسع في مفهوم التعريب والذي يختلف مفهومه بين المشرق العربي عن مغربه".
ويعدد عصفور المشكلات التي تواجه الترجمة إلى مشكلات خارجية تتعلق بالأسباب التجارية كضعف عمليات التمويل، وحرص القطاع الخاص على الربح بعيدا عن الأمانة العلمية، وهضم حقوق الملكية الفكرية، ونقص الترجمة المتخصصة، والعامل السياسي، والسقف المتدني للمسموح به وغير المسموح لا سيما فيما يخص قضايا المرأة والدين.
وفي المقابل اتساع متزايد للممنوع والمحرم وغير المرغوب في معرفة القارئ العربي به، هيمنة الأحادية الأميركية على الساحة الثقافية وعدم تعزيز تنوع معرفة الآخر خارج هذا القطب الأحادي.
فهناك أمم -كما يقول عصفور- لا نعرف عنها شيئا في حين أنها تمتلك حضارات وإنجازات علمية هامة. وهو يرى في ظهور مشاريع الترجمة الآلية كلها معوقات تضيق الخناق على حركة الترجمة "ولذلك فإن ترجمة الآخر طريقة مثلى لمعرفة الذات".
ويشدد الناقد المصري على ضرورة رفع كل هذه المعيقات وأهمها عائق الرقابة، والعمل على ترجمة كل شيء دون محاذير حتى لو أدى ذلك إلى حدوث صدمة في المجتمع.
وفي معرض ردها على أدونيس بأن الترجمة هي فعل إبداعي, تجادل د. إنعام بيوض مديرة المعهد العالي للترجمة التابع للجامعة العربية والذي يتخذ من الجزائر مقرا له, بأن الترجمة هي فعل تعليمي.
فتعليم الترجمة في رأيها يساعد على تعليم اللغة, والترجمة هي مجموعة مهارات يمكن تعلمها وتفكيكها تماما مثل تعلم اللغة خاصة عندما نكون بصدد عملية مقارنة للغات.
التعليم وسوق العمل
ولما كانت المعرفة تعنى بالتعليم قبل كل شيء باعتباره أساس المعرفة, فقد كان موضوع "تجسير الفجوة بين التعليم وسوق العمل" أحد محاور المؤتمر الرئيسة حيث تناولت الجلسة المخصصة له بالنقاش عملية توثيق العلاقة بين مخرجات التعليم وسوق العمل وتحقيق التلاؤم المطلوب بينهما بشكل مستمر ومتطور.
ففي الورقة التي قدمها, أوضح عبد العزيز الجلال المستشار بمجال التعليم والتربية بالمملكة العربية السعودية أن النجاح الحقيقي لأي نظام تعليمي لا يكمن فقط في قدرته على إيجاد فرص عمل لخريجيه بقدر ماهية تزويدهم بالمعارف والمهارات والسلوكيات التي تمكنهم من إيجاد فرص العمل لأنفسهم لدى الغير أو من خلال قدراتهم على إنشاء مشاريع خاصة بهم.
أما وزير التعليم البحريني السابق د. على فخرو فقد قال للجزيرة نت عقب الجلسة "إن الخلل يكمن في عدم توفر إرادة سياسية حقيقية في إصلاح عملية التعليم وتجويدها والانتقال من مفهوم الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد الإنتاجي".
فالدولة حسب رأيه ترغب في بقاء الشعوب متخلفة تعليميا "لأنها متعلقة بالخارج وتراه هو الأنسب والأحسن" وترفض أن تنوع في مصادر الاقتصاد حتى تبقى الثروة متمركزة بيدها "توزعها كيفما تشاء" على مراكز بقاء وخدمة نفوذها واستمراريتها.
ويضرب فخرو مثالا على ذلك بالنفط والطاقة حيث ظهرت هذه الثروة في المنطقة منذ السبعينيات "ومع ذلك لم تطور هذه الأنظمة حتى الآن مؤسسات تعليمية تخرج متخصصين في هذا المجال, وما زالت الأنظمة تستعين في استخراج البترول وكل ما يتعلق بعملية التنقيب والمعالجة بشركات وكفاءات أجنبية".
المصدر:الجزيرة
الثلاثاء 18/10/1428 هـ - الموافق30/10/2007 م
تعليق