كتب
حسام السكري 2006-06-23, 20:50
_______________________________________
يقول المثل إن الغرق هو المصير المحقق للسفينة التي يقودها قبطانان. ولكن ماذا يحدث لو كان كل من على السفينة قبطان وقائد. هل تغرق أم تتحول جماعية القيادة إلى قدرة على الاستمرارية وضمان للمصلحة العامة؟
سؤال صعب، والأصعب هو أن نأخذ المسألة من عالم البحار إلي عمق عالم المعلومات. والسفينة التي نتحدث عنها هي مرجع وموسوعة لا يكتبها مؤلف واحد ولا عشرة وإنما يشارك في تحريرها آلاف الداخلين على شبكة الإنترنت. هي موسوعة يحررها الجميع للجميع.
المرجع أو الموسوعة أطلق عليه اسم مشروع الويكيبيديا. والفكرة تهدف إلىاستخدام المعرفة البشرية في أوسع صورها لتطوير مرجع عالمي يفتح المجال أمام ملايين الداخلين على شبكة الإنترنت للمشاركة في كتابته وتحريره.
الفكرة تبدو نبيلة ولكن تعترضها صعوبات عملية، خاصة وأن أي موضوع
ينشره فلان على الويكيبيديا يمكن لعلان بسهولة أن يدخل عليه من أي بقعة في العالم ليعدله أو حتى يمحوه. والناتج النهائي ليس عملا محددا وإنما موسوعة ديناميكية تتجدد فيها الموضوعات وتتطور دقيقة بعد دقيقة وحصيلة الموجود في أي لحظة، هي إما انتصار لقوى "الخير" التي تعمل على انتشار المعرفة البشرية، أو "قوى الشر" التي تتدخل من أجل العبث أو التشويه أو التحريف، أو حتى "قوى الجهل" التي قد تتدخل للتعديل عن غير معرفة ودراية فتمحو من الموسوعة ما هو قيم أو ثمين.
وخلافا لكل التوقعات حول تحول هذا المشروع إلى فوضى شاملة بسبب كثرة الأيدي الداخلة في الكتابة والمراجعة والتصحيح، تحولت الويكيبيديا منذ انطلاقها في عام 2001 إلى أكبر موسوعة على شبكة الإنترنت، وتضم نسختها الإنجليزية أكثر من مليون ومئتي ألف موضوع.
وبشكل مواز بدأ الإنترنتيون بتأليف وكتابة ويكيبيديات بلغات مختلفة زاد عددها على أربعين لغة من الألمانية والفرنسية وحتى اليابانية والعربية.
المحررون الذين يعملون لهذه الموسوعة متطوعون وينقسمون إلى مستويات مختلفة. فهناك المحررون العابرون مثلي ومثلك. وهناك المحررون المسجلون الذين يدخلون أسماءهم وبياناتهم، وهناك المديرون الذين يحصلون على هذه المرتبة بعد التسجيل والتردد على الموسوعة وإنتاج أو تحرير موادها لفترة من الوقت. والحصول على صك الاحترام من مجتمع الويكيبيديا
ويمكن النظر إلى الويكيبديا باعتبارها تجربة معلوماتية تأخذ في حسبانها أن هناك درجة من التجاوز والفوضى تصحب أي عملية ديمقراطية. والهجمات والخلافات التي حدثت على محتوى موضوعات مثل: جورج بوش، أو الإسلام، أونبيه لم تتسبب في تراجع المؤمنين بفكرة ديمقراطية إنتاج المعرفة عن عقيدتهم. ولكنها على الأقل دعتهم للتفكير في التغلب على المشكلة بشكل يحفظ للموسوعة التي أصبحت ثالث أهم مرجع للمعلومات على الإنترنت بعد مواقع سي إن إن، وياهو طبقا لقياسات نيلسن.
الموسوعة أدخلت مؤخرا على نظامها تعديلات تهدف لدعم مصداقيتها والحفاظ عليها. وأقرت قائمة باثنتين وثمانين مادة لا يسمح بتعديلها بعد إقرارها للنشر بواسطة المحررين المسجلين. وتضم هذه القائمة الموضوعات التي كانت عرضة لتعديلات متكررة ومكثفة أو هجمات للتشويه. وقد تستغرب لو عرفت أن "ألبرت أينشتين
" كان من بين هذه الموضوعات!
أما "الإسلام" فليس من بين الموضوعات التي تتمتع بحماية كاملة، ولكنه على قائمة بين 179 موضوعا آخر تتمتع بحماية محدودة، وهو ما يعني أن الباب يكون مفتوحا لتعديل وتحرير موضوعات هذه القائمة مدة أربعة أيام فحسب، ويقتصر هذا الحق على المحررين المسجلين فقط.
المدهش أن دراسة أجرتها مجلة نيتشر العلمية المعروفة قارنت بين المحتوى الموجود على موسوعة ويكيبيديا التطوعية المجانية وبين ما تقدمه الموسوعة البريطانية ذائعة الصيت "إنسيكلوبيديا بريتانيكا" توصلت إلى أن الموسوعتين تتمتعان بدرجات متقاربة في الدقة. وهو ما أثار احتجاج المسؤولين عن الموسوعة الشهيرة ودفعهم لإصدار بيان اتهم مجلة نيتشر بالارتجال وعدم الدقة.
الويكيبيديا العربية فرصة نادرة لوضع مزيد من المحتوى والمعلومات لجمهور المتعطشين للمعرفة. وعدد موادها في الوقت الحالي يزيد على عشرة آلاف. ولا تزال هذه الموسوعة الناشئة بحاجة للمزيد من المتطوعين لدعمها بالموضوعات.
__________________________________________________ _
نقلا عن
bbc arabic .com
http://www.bbc.co.uk/blogs/arabic/
حسام السكري 2006-06-23, 20:50
_______________________________________
يقول المثل إن الغرق هو المصير المحقق للسفينة التي يقودها قبطانان. ولكن ماذا يحدث لو كان كل من على السفينة قبطان وقائد. هل تغرق أم تتحول جماعية القيادة إلى قدرة على الاستمرارية وضمان للمصلحة العامة؟
سؤال صعب، والأصعب هو أن نأخذ المسألة من عالم البحار إلي عمق عالم المعلومات. والسفينة التي نتحدث عنها هي مرجع وموسوعة لا يكتبها مؤلف واحد ولا عشرة وإنما يشارك في تحريرها آلاف الداخلين على شبكة الإنترنت. هي موسوعة يحررها الجميع للجميع.
المرجع أو الموسوعة أطلق عليه اسم مشروع الويكيبيديا. والفكرة تهدف إلىاستخدام المعرفة البشرية في أوسع صورها لتطوير مرجع عالمي يفتح المجال أمام ملايين الداخلين على شبكة الإنترنت للمشاركة في كتابته وتحريره.
الفكرة تبدو نبيلة ولكن تعترضها صعوبات عملية، خاصة وأن أي موضوع
ينشره فلان على الويكيبيديا يمكن لعلان بسهولة أن يدخل عليه من أي بقعة في العالم ليعدله أو حتى يمحوه. والناتج النهائي ليس عملا محددا وإنما موسوعة ديناميكية تتجدد فيها الموضوعات وتتطور دقيقة بعد دقيقة وحصيلة الموجود في أي لحظة، هي إما انتصار لقوى "الخير" التي تعمل على انتشار المعرفة البشرية، أو "قوى الشر" التي تتدخل من أجل العبث أو التشويه أو التحريف، أو حتى "قوى الجهل" التي قد تتدخل للتعديل عن غير معرفة ودراية فتمحو من الموسوعة ما هو قيم أو ثمين.
وخلافا لكل التوقعات حول تحول هذا المشروع إلى فوضى شاملة بسبب كثرة الأيدي الداخلة في الكتابة والمراجعة والتصحيح، تحولت الويكيبيديا منذ انطلاقها في عام 2001 إلى أكبر موسوعة على شبكة الإنترنت، وتضم نسختها الإنجليزية أكثر من مليون ومئتي ألف موضوع.
وبشكل مواز بدأ الإنترنتيون بتأليف وكتابة ويكيبيديات بلغات مختلفة زاد عددها على أربعين لغة من الألمانية والفرنسية وحتى اليابانية والعربية.
المحررون الذين يعملون لهذه الموسوعة متطوعون وينقسمون إلى مستويات مختلفة. فهناك المحررون العابرون مثلي ومثلك. وهناك المحررون المسجلون الذين يدخلون أسماءهم وبياناتهم، وهناك المديرون الذين يحصلون على هذه المرتبة بعد التسجيل والتردد على الموسوعة وإنتاج أو تحرير موادها لفترة من الوقت. والحصول على صك الاحترام من مجتمع الويكيبيديا
ويمكن النظر إلى الويكيبديا باعتبارها تجربة معلوماتية تأخذ في حسبانها أن هناك درجة من التجاوز والفوضى تصحب أي عملية ديمقراطية. والهجمات والخلافات التي حدثت على محتوى موضوعات مثل: جورج بوش، أو الإسلام، أونبيه لم تتسبب في تراجع المؤمنين بفكرة ديمقراطية إنتاج المعرفة عن عقيدتهم. ولكنها على الأقل دعتهم للتفكير في التغلب على المشكلة بشكل يحفظ للموسوعة التي أصبحت ثالث أهم مرجع للمعلومات على الإنترنت بعد مواقع سي إن إن، وياهو طبقا لقياسات نيلسن.
الموسوعة أدخلت مؤخرا على نظامها تعديلات تهدف لدعم مصداقيتها والحفاظ عليها. وأقرت قائمة باثنتين وثمانين مادة لا يسمح بتعديلها بعد إقرارها للنشر بواسطة المحررين المسجلين. وتضم هذه القائمة الموضوعات التي كانت عرضة لتعديلات متكررة ومكثفة أو هجمات للتشويه. وقد تستغرب لو عرفت أن "ألبرت أينشتين
" كان من بين هذه الموضوعات!
أما "الإسلام" فليس من بين الموضوعات التي تتمتع بحماية كاملة، ولكنه على قائمة بين 179 موضوعا آخر تتمتع بحماية محدودة، وهو ما يعني أن الباب يكون مفتوحا لتعديل وتحرير موضوعات هذه القائمة مدة أربعة أيام فحسب، ويقتصر هذا الحق على المحررين المسجلين فقط.
المدهش أن دراسة أجرتها مجلة نيتشر العلمية المعروفة قارنت بين المحتوى الموجود على موسوعة ويكيبيديا التطوعية المجانية وبين ما تقدمه الموسوعة البريطانية ذائعة الصيت "إنسيكلوبيديا بريتانيكا" توصلت إلى أن الموسوعتين تتمتعان بدرجات متقاربة في الدقة. وهو ما أثار احتجاج المسؤولين عن الموسوعة الشهيرة ودفعهم لإصدار بيان اتهم مجلة نيتشر بالارتجال وعدم الدقة.
الويكيبيديا العربية فرصة نادرة لوضع مزيد من المحتوى والمعلومات لجمهور المتعطشين للمعرفة. وعدد موادها في الوقت الحالي يزيد على عشرة آلاف. ولا تزال هذه الموسوعة الناشئة بحاجة للمزيد من المتطوعين لدعمها بالموضوعات.
__________________________________________________ _
نقلا عن
bbc arabic .com
http://www.bbc.co.uk/blogs/arabic/