مسرحية "أبو جهل بيننا"

**ياسين خ. بحبوح** · 01-04-2009, 05:26 AM

( المكان مبهم : هل هو وادي من أودية جهنم أم قطعة أرض ملتهبة. على كل حال ما يظهر هو وجود ألسنة اللهب و عويل أناس. الزمان غير محدد لأن المسرحية بدأت قبل 1400 سنة تقريباً و لم تنته للآن) إيهود: من أرى ههنا! لا أصدق ما تراه عيني... أبو جهل؟! (يركض اتجاهه ليحضنه بذراعيه) متى عدت يا أبا جهل؟ أبو جهل: وجدت نفسي مضطراً للعودة إليكم لإنقذكم من الهجمات البربرية! فهل لديك مانع يا ابن عمي؟ (يصمت قليلاً) لقد أرسلني رئيس الشياطين من جهنم خصيصاً لنصرتكم, و هو يشد على أياديكم و يبلغكم أبلغ تهانيه و سروره بقتلكم لهؤلاء الأوغاد سيما الأطفال و النساء. و كان بوده القدوم شخصياً لولا أن لديه بعض الالتزامات الأخرى التي تسترعي وجوده الشخصي في مكان آخر في هذه المنطقة. إيهود: أهلا أهلا بك, لا تعرف مدى سعادتي بقدومك. هل اطلعت على حجم الدمار و الخراب التي أحدثته طائرتنا و قنابلنا الذكية؟ أبو جهل: تأتينا الأخبار متأخرة قليلاً. فخطوط الهاتف و الإنترنت قد تعطلت بسبب قصفكم لها و حصاركم الإعلامي و الاجتماعي و الاقتصادي. و قناة اليهودية أحياناً لا تصلنا بسبب وجود قمر واحد لدينا هو جهنم سات. إلا أنه كل ما جاء شخص من طرفكم إلى جهنم, نسأله عنكم و عما تحدثونه من خراب و دمار و قتل و تنكيل في أتباع محمد, فيطمأننا عن وضعكم الإجرامي. و هذه هي الأخبار التي تثلج صدرنا في هذا القيظ القاتل هنا في جهنم. أمانة إذا قدمت إلى جهنم أحضر معك قرص مدمج عن جرائمكم في أتباع محمد! (يصمت قليلاً) إيهود: أجل عزيزي, سأرسل لكم جميع جرائمنا مصورة على قرص مضغوط مع أحد الجنود الذين يحتضرون الآن, و هو الآن يرى جهنم على بعد أمتار كما بشرني قبل قليل. أبو جهل: لكن قل لي يا إيهود, اخس عليكم.... إلى الآن لم تدمروا سوى 11 مسجد و عدة مستشفيات و جامعات و لم يتجاوز عدد القتلى سوى عدة مئات. أين أيام العز عندما كنتم تقتلون بالألوف...! هذا سيضر كثيراً بصحبتنا سيما إذا ما درى رئيس الشياطين بهذه النتائج... إيهود: كفاك يا أبا جهل, كفاك تذمراً يا رجل... و هل كنتم قد قتلتم أحداً في حصاركم لمحمد و أصحابه عندما حاصرتوهم 3 سنوات؟ عدة عشرات من البسطاء و زوجة محمد ماتوا. هؤلاء لم يموتوا بالقصف أو التدمير بل ماتوا جوعاً و عطشاً و مرضاً. أو تسمي ذلك عملاً بطولياً يا أبا جهل؟ اسكت يا شيخ...؟ أبو جهل: (ينتفض و يصرخ بملئ الفتحة الموجودة في وجهه) لم تكن لدينا صواريخكم و طائرتكم حتى نقصفهم و نبيدهم عن بكرة إبيهم! (يعود و يهدأ) هذه مو حلوة منك يا إيهود... فلقد كان حصارنا لهم أشد قسوة من حصارنا الحالي.. ألم نمنع عنهم الماء و الشراب و حتى العلاقات الاجتماعية قطعناها عنهم. ألا تذكر أني بنفسي كنت أنزل للسوق عندما أرى أحداً من جماعة محمد في السوق يريد أن يشتري فأحث التجار على رفع ثمن المواد الغذائية كي لا يتمكن أصحاب محمد من شرائها؟ ماذا فعلتم أنتم بأبناء جلدتي العرب... هؤلاء أبناء قومي و يتحدثون لغتي و محمد ابن أخي يا رجل... ماذا فعلتم أنتم بمن تعتبرونهم أنهم أبناء عمومتكم؟؟ كفاك يا رجل هزلاً... لحد الآن لم تفعلوا 1% مما قمت به مع محمد و أصحابه...؟ إيهود: لا لا يا رجل... ليس لك أي حق... لقد قطعنا عنهم جميع المعابر و حاصرنهم و قصفناهم و قتلنا فيهم الصغير قبل الكبير و الأعزل قبل المجند. إلا أنك لا تزال تفتح المعبر أمام الجرحى و المصابين... فهذا يا صاحبي ليس مما اتفقنا عليه يا أبو جهل؟ و إذا ما درى إبليس سيزعل كثيراً. أبو جهل: يا عزيزي, و هل تصدق أني فتحت المعبر, أقسم لك أن عدد الذين يمرون في اليوم لا يتجاوز عدد أصابع يدك الواحدة! و أؤكد لك أنهم لن يلقوا العلاج بل سنتركهم حتى يموتوا ببطء. يا أخي إيهود, يجب أن أقوم بذلك فأبناء قبيلتي و عشيرتي سيلومونني, و يجب أن تتفهم وضعي. إيهود: على كل حال, إن فتحت المعبر أكثر من ذلك, أقسم لك بأن ابنك "جهل" لن يجلس على كرسيك بعد أن يأتي عزرائيل و يرميك في جهنم, و عندها لن تستطيع العودة ثانية. و لن تحصل على مساعداتنا أبداً, و سأحرض ضدك أبناء قومك, و أعريك أمامهم... و سا... و سا... و إبليس لن يصدقك أبداً بعد ذلك. ألم توقع على معاهدة كامب-جهنم معنا؟ ألم تتعهد بمطاردة أصحاب محمد و مساعدتنا في القضاء عليهم؟ أبو جهل: لا أرجوك يا إيهود, أبوس شحاطك لا تفعل. (يصمت قليلاً ليؤكد التزامه بالمعاهدة) بلى يا إيهود, و أنا لا أزل ألتزم بها و كذلك ابني, جهل, ملتزم بها أيضاً. أؤكد لك ذلك! هل تابعت اليوم تصريحاتي على الشاشة؟ لقد أوضحت للجميع ما لم تكن أنت و ليفتي إيضاحه لأبناء جلدتي و قبيلتي. أيهود: أحسنت يا أبا جهل... سيكون مقامك في جهنم مقاماً رفيعاً... و كن على ثقة تامة أن إبليس لن ينس ذلك أبداً إذ وقفت لجانبنا في محنتنا هذه. أبو جهل: (مقاطعاً إيهود) لكن أشعر بتأنيب الضمير قليلاً عندما أرى أن أبناء قبيلتي ينعتونني بالخائن و انعدام الضمير! فهل أنا كذلك يا إيهود؟ أقسم لك أني مخلص لكم كل الإخلاص. فهل هذه خيانة (يكاد يبكي لأنه اتهم زوراً) إيهود: على حد علمي لم أر منك أي خيانة لنا لحد الآن. لا تصدقهم يا رجل فأنت أكثر ولاء لنا من أبنائنا الذين نربيهم... و لولا أنا نعرف أنك كذلك لما أحضرناك من جهنم. لا تزعل يا رجل! أبو جهل: لكن أخشى من أن يرميني أحدهم بنعاله و هذه أكبر إهانة قد يتعرض لها شخص مرموق مثلي. ماذا سيقول أقراني إذا رميت بنعل قديم... كما تعلم أن نعال قبيلتي مصنوعة من جلد الجمال و العظام و كعبها مصنوع من الخشب القاسي. و قد يكون قد علق به بعض الأشواك أو المسامير الصدئة, كما يقولون في الشام صرماية مصدية. و الله ستقضي علي هذه الضربة. أشعر بالخوف...! إيهود: خفف من روعك يا أبا جهل... و هل ستكون أفضل من الشيطان بوش و من قبله إبليس... يا رجل لقد رجم إبليس سبع مرات بالحصى و النعال و رجم بوش بحذائين, و تتحدث عن نفسك... ألا تخجل مما تقول. لقد رجم سيدك و لا يزال يرجم إلا أنه يأبى الاستسلام, و تتحدث عن شخصك الفذ و كأنك أهم درجة و أسمى من إبليس أو على الأقل من بوش. وش فيك! كفاك تفاهة. يجب أن تضحي... (يبدأ بإلقاء الشعر ليرفع من همة أبي جهل)هذه مسيرتنا مسيرة خالدة سنستمر ولو ضربنا بنعال ساقطةما ضرنا أن نرمى بأحذية أو بصواريخ أو بحصيات جائرة أبو جهل: (متظاهراً أنه تقبل الموضوع) لا بأس إن رميت بالأحذية فهذه مسيرتنا و يجب أن نضحي بكل ما لدينا حتى بكرامتنا. إيهود: (يبدأ بالمزح) كيف حال حال أم جهل, ألا تزال تحمل الحطب؟ بالله عليه هي أجمل أم ليفتي؟ (يضحك إيهود و أبو جهل) أبو جهل: يا رجل شو جاب الطز للمرحبا... يا رجل ابتسامة ليفتي تسوى أم جهل و جهل و جميع جهال العالم. يا رجل, أريد منك خدمة: أرسلها في القريب العاجل. و الله اشتقت لها! إيهود: كيف سأرسلها و بحجة ماذا أرسلها؟ أقول لك...! كما تعلم هي الآن مع ساكوزي سأرسل لك كوندي (يضحك بسخرية). أبو جهل: يا حبيبي (ضاحكاً) كل شيء إلا كوندي. يا رجل ما لقيت غير هذه ترسلها... إن لم ترسل ليفتي سأفتح المعبر (بنبرة ساخرة). يا أخي أرسلها بحجة وجود مقترحات سياسية لحل الأزمة, يعني من هذا الكلام السياسي الذي تجيدونه ببراعة. يعني اقترب رأس السنة و بعدنا ما احتفلنا! بدنا ننبسط يا رجل! إيهود: تكرم عينيك, و مئة طلب مثل هذا الطلب...! أبو جهل: تسلم يا سيدي... هل توصيني بشيء قبل أن أذهب؟ إيهود: هو أنت لست بحاجة لتوصية... أبق المعبر مغلقاً... و لك أن أبيد هؤلاء الأوغاد من أبناء جلدتك إبادة كاملة. أبو جهل: و الله ما تقصر يا أخوي... و ما تنسى ليفتي ترسلها اليوم. (يتصافحان و يضمان بعضهما في الذراعين ثم يفترقا) تسدل الستارة

مسرحية "أبو جهل بيننا"

مسرحية "أبو جهل بيننا"

إحصائيات Arabic Translators International _ الجمعية الدولية لمترجمي العربية