تحرير الأسرى بين اللذّة والألم !

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عادل محمد عايش الأسطل
    عضو منتسب
    • Oct 2013
    • 382

    تحرير الأسرى بين اللذّة والألم !

    تحرير الأسرى بين اللذّة والألم !
    د. عادل محمد عايش الأسطل
    اعتاد المجتمع الدولي بأن لا تدع إسرائيل شيئاً ولا تتنازل عنه في حق الشعب الفلسطيني، إلاّ بعد حصول عدة أمور- فرادى أو مجتمعة- ومنها، أن تكون هناك أثمان فلسطينية أو لتعاظم الضغوط الدولية باتجاهها، أو للتغطية للإقدام على مصيبة قادمة، كما أن الشيء الذي تضطر إلي التنازل عنه، لا تدعه يفوت بسهولةٍ ويسر، إلاّ وتغمسه بشديد الألم، حيث يظهر ذلك الألم إمّا مسبوقاً أو ممزوجاً بذلك الشيء أو متبوعاً، وذلك لخدمة هدفين رئيسين، الأول: أن لا تُمكن الفلسطينيين من لذّة وفرحة الانتصار، والثاني: أن تُرضي طموحها الاحتلالي من ناحية، وتسحب جزءاً من نقمات متطرفيها في الداخل من ناحية أخرى، ثمّ تتبع ذلك ببذل العطاء لهم على حساب الشعب الفلسطيني.
    في أعقاب حملة التحريض والتهديد بالعقاب والقتل، والتلويح بالاستقالة من الحكومة الإسرائيلية، احتجاجاً على موافقتها على قرار إطلاق سراح الدفعة الثانية من الأسرى القدامى (ما قبل أوسلو)، التي قامت بها أطراف إسرائيلية متشددة من صقور اليمين واليسار - الدينيين والعلمانيين - على حدٍ سواء، بسبب الهجمات الفلسطينية ضد جنود إسرائيليين في منطقة الضفة الغربية، حيث عارض "نفتالي بينت" زعيم البيت اليهودي الديني، ووزراء من حزب الليكود وحزب إسرائيل بيتنا، وأعضاء كنيست من أحزاب متدينة أخرى، عارضوا تنفيذ إطلاق الأسرى وبإعادة التصويت مجدداً على عملية الإفراج، بهدف تعطيلها. وبعد أن رفضت اللجنة الوزارية للتشريع قانوناً يمنع الإفراج عن الأسرى، قررت الحكومة الإسرائيلية التقيّد بتنفيذ الصفقة تنفيذاً للاتفاق الذي تم بموجبه العودة الفلسطينية للمفاوضات المباشرة في تموز/يوليو الماضي، حيث وافقت الحكومة على الإفراج عن 104 أسيراً فلسطينياً مما - قبل أوسلو- على أربع دفعات متتاليات، حيث فضلت الحكومة الاسرائيلية التي يقودها "بنيامين نتنياهو" خيار الصفقة على تجميد الاستيطان، لاعتبارات سياسية وأمنية، تتمثل في أن التراجع عن تمريرها بإقرار القانون، يعني المس بالعلاقات الأميركية - الإسرائيلية، والإسرائيلية – الأوروبية، وأن إسرائيل ستفقد مصداقيتها بالكلية وسيكلفها أكثر بكثير مما ترتجي. لاسيما وهي خاضعة الآن إلى حدٍ ما، إلى ضغوط أمريكية وأوروبية وخارجية أخرى، بشأن المفاوضات والقضية الفلسطينية بشكلٍ عام، وداخلية أيضاً بشأن النشاطات الاستيطانية. وبالنسبة للاعتبارات الأمنية، فتتعلق بشكلٍ رئيسي بعملية امتصاص بعض الغضب الفلسطيني وتقصير بعض أفكارهم من مسألة إصرارهم على خطف جنود. وبشأن تعزيز الهدوء والاستقرار، والحد من أن تتحول المنطقة إلى الفوضى والعنف، لا سيما وأن البيئة الفلسطينية في هذه المرحلة مهيّئة أكثر من ذي قبل لحدوث المزيد من عدم الاستقرار.
    وبرغم ذلك، فإن موافقة الحكومة الإسرائيلية لم تأتِ هكذا، إلاّ بعد اتخاذ إجراءات مختلفة مباشرة وغير مباشرة لإرضاء المتشددين هؤلاء. منها ما يتمثّل بالعمل على التراجع عن الشروط المتعلقة باتفاقية الإفراج عن الأسرى، حيث كانت هناك ثلاثة مبادئ تحكم تلك الاتفاقية، أولها: أن الصفقة غير مرتبطة بالمفاوضات وحتى في حال توقفت. وثانيها: عدم استثناء أي أسير من الـ 104، المتفق على تحريرهم. والثالث: عدم إبعاد أي أسير من المنوي تحريرهم من محل إقامته. حيث أبدت نيّتها في إبعاد عددٍ منهم إلى القطاع. ومنها ما يتمثل بالنشاط الاستيطاني، حيث أن الشيء القليل الذي تم الاتفاق عليه مع الفلسطينيين" بشأن وقف النشاط الاستيطاني بواسطة الإدارة الأميركية مع بدء انطلاق عملية المفاوضات قد تم الخروج عليه أيضاً، بعدما وعدت الحكومة الإسرائيلية بالمصادقة على بناء 1700 وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية في مستوطنة (رمات شلومو)، وداخل مستوطنات مختلفة في الضفة الغربية، وخاصةً في منطقة الخليل لا سيما وأن "نتانياهو" أعلن عن اغتباطه بمسيرة الاستيطان المتسارعة على أراضي المحافظة، حيث اعتبر منذ الأمس القريب وعشية لقائه بوزير الخارجية الأميركي "جون كيري" في إيطاليا، بأن الاستيطان اليهودي في الخليل، يعبّر عن عمق العلاقات اليهودية بالمدينة، في محاولة منه لكسب مستوطني الخليل من جهة، وللذين عارضوا الإفراج من الأسرى الفلسطينيين من جهةٍ أخرى. إضافةً إلى قيام الحكومة بإطلاق يد جماعة (دفع الثمن) وغض البصر عن أعمالها وبعدم ملاحقة أعضائها لتشن المزيد من الهجمات الإرهابية ضد الفلسطينيين.
    هكذا كانت سياسة حكومات "نتانياهو" السابقة وخاصةً الحالية، فمنذ تشكيلها تعمل بجديّة على فرض الربط بين استحقاقات يجب آدائها في أوقاتها ومتطلبات إسرائيلية جديدة، في محاولة لضمان السيطرة على كامل الدولة لتكريس أيديولوجياتها اليمينية الصهيونية المتطرفة، ولبيع وتسويق عروض داخلية على حساب حقوق الشعب الفلسطيني والمتطلبات الاستراتيجية للسلام المزعوم. فهي تعمل على قلب كل ما من شأنه أن يشكل رافعةً للمفاوضات السابقة والجارية، كعامل إلى ما يشكل تصعيداً أخر ضد الفلسطينيين وضد العملية السلمية بشكلٍ خاص.
    وعلى أيّة حال، فإن إطلاق سراح الدفعة الثانية من الأسرى، هو في حد ذاته إنجاز كبير وخطوة مهمّة لإطلاق سراح كافة الأسرى الفلسطينيين. وبرغم الألم الذي سبق عملية التحرير، والذي رافقها والذي سيتلوها لاحقاً، فإننا سننفعل مسرّة من أعماقنا، وسنظل على ذات الموقف الوطني الرافض لأيّة تراجعات بشأن شروط الصفقة، أو بالنسبة لعدم مشروعية أي بناءات جديدة في المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية، بسبب أن الأرض هي فلسطينية وملك للشعب الفلسطيني، وأن على حكومة "نتانياهو" إدراك أن المفاوضات لا يمكنها أن تدور إلى الأبد، وإن الأسرى سيتحرّرون لا محالة.
    خانيونس/فلسطين
    28/10/2013
  • عادل محمد عايش الأسطل
    عضو منتسب
    • Oct 2013
    • 382

    #2
    مفاوضات السلام، بين الثوابت والمتغيرات !

    مفاوضات السلام، بين الثوابت والمتغيرات !
    د. عادل محمد عايش الأسطل
    لم يسفر لقاء وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" برئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتانياهو" بشأن مسيرة السلام الفلسطينية – الإسرائيلية، الذي عقد في روما منتصف الأسبوع الماضي، عن أي شيء. غير أن "نتانياهو" ردّد أمام "كيري" طوال الوقت، بأنه يسعى إلى سلام حقيقي مع الفلسطينيين وأنه مطمئن بأن إسرائيل ستلتزم به في المستقبل، ولكن إذا ما أراد الفلسطينيين أن يُسارعوا إلى تلبية المتطلبات التي تحتاجها الدولة الإسرائيلية، والتي تكمن في امتناعهم حتى نهاية المفاوضات عن مطالبهم القومية، خاصةً بشأن تقسيم القدس، وحق العودة، ومن ناحيةٍ أخرى، الاعتراف بالحقوق القومية للشعب اليهودي في دولة إسرائيل، وكل ما يتصل بيهودية الدولة. أمّا بالنسبة إلى "كيري" فقد اكتفى بهزّ رأسه في إشارة إلى تفهّمه ما قاله "نتانياهو" حرفاً بحرف.
    من هنا نفهم بأن المفاوضات الماراثونية الجارية منذ ثلاثة أشهر، هي خاسرة، ليس لأنها لم تُحدث أيّة اختراقات تبيض لها الوجوه على الأقل، بل لأنها استنساخ لمطالبات وشروط أخرى إسرائيلية متكررة، وجرى رفضها فلسطينياً مراراً وتكراراً، وكانت العودة للمفاوضات معقودة حول هذا الرفض، علاوةً على التطمينات الأمريكية التي جرت على لسان "كيري" ذاته.
    والآن آثر التزام الصمت وكأنه لم ينطق بشيءٍ من قبل، وكأنه أيضاً اكتفى بأن وضع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي (في المدار) وجهاً لوجه، وبأن عليهما بذل مهارتهما في سبيل التوصل إلى اتفاق. وهذا يؤذن بأن ليس للولايات المتحدة أيّة جهود ذات قيمة بشأن التأثير على الرؤية الإسرائيلية، بهدف الإنقاص من أسقف شروطها واحتياجاتها، لأن هناك اللوبي والمال اليهوديين يحولا ولاشك دون استطاعتها إبراز تأثيرها في هذا الشأن، برغم التكلفة العالية التي نشأت عن الاتفاقيات الاستراتيجية المبرمة بين الجانبين الأمريكي والإسرائيلي، بغض النظر في أنها تفوق الخيال.
    لقد أعلن الرئيس الفلسطيني "أبومازن" بحسب ظنّه، من أن الولايات المتحدة جادّة في السلام وأنها قادرة على صنع السلام، لكن "جاك سترو" وزير الخارجية البريطاني سارع إلى التشكيك في ذاك، بل واستبعاده من أنها، قادرة أن تفعل شيئاً لصالح الفلسطينيين، وخاصةً ضد المشيئة الإسرائيلية. فعلى الرغم من التواجد الأمريكي منذ بدء المفاوضات، لم تشهد أيّة جلسة من الجلسات التفاوضية، باستثناء الإفراج عن الـ 26 من الأسري القدامى، برغم ما أُعلن في حينه، بأن عملية الإفراج غير مرتبطة بالمفاوضات، لم تشهد أيّة تقدمات ملموسة يمكن التفوّه بها والبناء عليها، إذ أن إسرائيل تسعى إلى كسب الوقت والمماطلة فقط، بهدف توسيع الاستيطان وفرض وقائع جديدة على الأرض رغبةً منها في نسف المفاوضات برمّتها، وتخريب أيّة إمكانية لإقامة دولة فلسطينية مترابطة وقابلة للحياة. الأمر الذي أظهر التواجد الأمريكي كعدمه، وأصبح مثله كالقرد الذي يروح بنظراته ذات اليمين وذات الشمال فقط، دون السماح له أن ينبس ببنت شفة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تعدّ إلى ما هو أسوأ حتى من المفاجآت، وخاصة فيما يتعلق بمصيبة الأمن، حيث أن الحكومات الإسرائيلية السابقة لم تتحدث في مطالبات كهذه من قبل. حيث أبدت هذه الحكومة في عدم رغبتها في قضية الأمن كما هو معتاد، وإنّما - حسب مفهومها- فقط، كأن يكون ترسيم حدود الدولة الفلسطينية المرتقبة خاضعاً للاحتياجات والضرورات الأمنية الإسرائيلية، والتي من شأنها تقويض إمكانية إقامة دولة متصلة وذات سيادة. إلى جانب ذلك، فإن الحكومة الإسرائيلية ما زالت تسدد الضربات المختلفة والموجعة للعملية السلمية، والتي تشكّل صفعات حقيقية من شأنها أن تنهي هذه المسيرة مبكراً. لاسيما عندما أصرّت على مجاراة المستوطنين اليهود بشأن الإسراع في نشاطاتها الاستيطانية، من خلال إنشاء مئات الوحدات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية وخاصةً في الجزء الشرقي لمدينة القدس، برغم رفض المجتمع الدولي وإعلانه بأن ليس من الوارد الاعتراف بها مستقبلاً، كما أن التشدد الأعمى باتجاه بقية الأسرى الفلسطينيين المعتقلين داخل سجونها، تمثّل ضربة أخرى أيضاً، لا تقل أهميةً عن المواضيع الجوهرية الأخرى.
    ولا شك، فإنه من الصعب جداً تحمّل السلوك الإسرائيلي، ولكن الأصعب جدّاً، تحمّل أيّة نوايا فلسطينية بشأن تقديم أيّة تنازلات أخرى ظنّاً من أن هناك مقابل، لا سيما في ضوء سوابق كانت سبباً مباشراً في التصلّبات الإسرائيلية المتتالية باتجاه تقديم تنازلات للفلسطينيين. ففي الآونة الأخيرة كشفت مصادر إسرائيلية، عن أن الرئيس "أبومازن" قد أبدى ليونة على موقفه وتراجع عن معارضته بهدف التوصل إلى اتفاق انتقالي، الذي كان حتى الآن متمسكًا وعازمًا على التوصل إلى اتفاق دائم. وبات - كما تقول المصادر- لا يعارض إمكانية التوصل إلى اتفاق مؤقت. وحجّته في ذلك، حجم التباينات الضخمة في مواقف الجانبين في المواضيع الكبرى، وأهمها القدس وحق العودة، والتي تمنع التقدم في المفاوضات الدائرة، الأمر الذي دفع "أبومازن" – كما يبدو- إلى التفكير بإمكانية الموافقة على اتفاق انتقالي نحو اتفاق دائم في المستقبل. حيث اعتُبرت هذه الليونة تطورًا إيجابيًا بالنسبة للمفاوضات، بسبب أنها ستساهم في خلق انفراجه تفاوضية تؤدّي إلى التوقيع على اتفاق، كما كانت تطالب به إسرائيل، ودعت إليه الولايات المتحدة منذ الماضي. على الرغم من علم "أبومازن" من أن أكثر الفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية أو المتواجدة في القطاع، كانت رفضت وما زالت تصرّ على رفضها استئناف المفاوضات، بسبب أنها مجحفة وغير متكافئة، كما أن الاستطلاعات المتتالية التي أجريت في الشارع الفلسطيني، أثبتت صحة تلك التوجهات، فكيف ستكون عليه الحال الفلسطينية عموماً، فيما إذا كان الحل الانتقالي مطروحاً ويجري التداول بشأنه؟ بالطبع، لن يكون هناك شخص مضطراً إلى القبول به، وحتى إذا كان في ظل تأمّلات (سنغافورية) أخرى، كما تواجدت بشدّة عند اتفاق (غزة أريحا أولاً) في العام 1993، والتي ذهبت بجملتها أدراج الرياح.
    إن الفلسطينيين جميعاً بكافة قواهم، يجب أن يتعلّموا الدرس، لا سيما وأنهم الآن في (موضع) يتوجب بسببه، إلى التوقّف لرسم استراتيجية وطنية موحدة، وبرنامج وطني واضح، يكون بإمكانه حماية الثوابت الفلسطينية والتصدّي لجملة السلوكيات الإسرائيلية، المبنيّة على الغطرسة والقوة، على أن يكون معززاً بخيار المقاومة ويضع على رأس أولوياته تحرير الأرض والإنسان.
    خانيونس/فلسطين
    30/10/2013

    تعليق

    • عادل محمد عايش الأسطل
      عضو منتسب
      • Oct 2013
      • 382

      #3
      الكهرباء وخيارات أخرى !

      الكهرباء وخيارات أخرى !
      د. عادل محمد عايش الأسطل
      حتى قبل وجود الكهرباء، عانى سكان قطاع غزّة طويلاً وخلال مراحل حياتهم، من النقص الحاصل في إمدادات الطاقة والتي تتمثّل بشكلٍ أساسي في الطاقة الكهربائية، نتيجة أسباب كثيرة ومختلفة، شكّلت ولاشك عوائق مهمّة، كانت سبباً في إنهاك الحالة الاقتصادية والاجتماعية لعامة السكان وفي عدم القدرة على النمو والتطور من جهةٍ أخرى. لا سيما وأن جملة الحياة أصبحت مرتبطة بها في كل جوانبها وتتقدّم نحو الارتباط أكثر كلما مرّ الوقت.
      بالرغم من أن القطاع لا يزيد في المساحة عن مساحة ما يملكه أحد المُلُاك خارج فلسطين، وتغذّيه ثلاثة مصادر كهربائية – المصدر الإسرائيلي من جهتي الشمال والشرق، والمصري من جهة الجنوب، والمصدر الذاتي في الوسط، من خلال أربعة مولدات بطاقة 120 ميغاوات في حالة التشغيل الكامل- فإن الذي يحصل عليه المستهلك في هذه الفترة، هو ست ساعات فقط. مع ملاحظة فقدان ثلاثً منها أو اثنتين على الأقل، نتيجة الإخلالات الفنّية والأعطاب المادية المتكررة على مدار فترة الوصل.
      ولاشك، فإن انقطاع الطاقة الكهربائية لا يعني العيش في الظلمة فقط، فإلى جانب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، التي تسبب في زيادة معاناة السكان الذين يواجهون أوضاعاً اقتصادية ومعيشية بالغة الصعوبة، فإن الاقتصاد الفلسطيني بشكلٍ عام كان أكثر ضرراً، حيث تكبّد خسائر فادحة، بسبب تدهور القطاعين الصناعي والتجاري الناجم عن ارتفاع تكاليف الإنتاج وخفض الطاقة الإنتاجية وفساد المنتوجات على اختلافها، بل يعنى أن كل شيء يتوقّف، وخاصةً كل ما يتعلق بالحقوق العامة للناس كافة، وخاصةً الرئيسة منها. لأن انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة، سيودّي إلى تعذر تقديم كافة الخدمات الحكومية، وأهمها الخدمات الصحية، لا سيما المقدمة للمرضى وعلى اختلافهم، ممن يتطلب وضعهم الصحي عناية خاصة، بالإضافة إلى توقف عمل المشافي ومراكز الصحةّ وكل ما يتعلق بها. وأيضاً فيما يتعلق بتوصيل المياه والصرف الصحي، وعرقلة المسيرة التعليمة، ولم تسلم بأي حال، النواحي المتعلقة بالطعام والشراب.
      منذ ثمانينات القرن الماضي كان المصدر الوحيد لتزويد القطاع، هو الطرف الإسرائيلي من خلال شركة الكهرباء القُطرية – ضمن كمية محدودة ومغلقة، لا تراعي الزيادة في استهلاكات النمو الطبيعي للسكان أو البنى التحتية المختلفة- ونحن نشهد أزمة الطاقة وإن كانت بصورةٍ أقل، نتيجة – كما كان مزعوماً- بعدم تسديد الجانب الفلسطيني للفاتورة المستحقة، حيث كان يتم بواسطة بلدية كل مدينة، التحكم بكمية التيار وتوزيعه على مناطق القطاع بالتساوي أو بالتقريب في حالات أخرى.
      وفي ظل السلطة الوطنية الفلسطينية، كان الوضع تحسّن قليلاً، في أعقاب خصخصة الطاقة لشركة وطنية. وبحكم الاتفاقات المبرمة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، سمحت إسرائيل بإنشاء محطة توليد كهربائية في وسط القطاع، بتمويلات أوروبية ودولية أخرى، التي سرعان ما كانت لإسرائيل هدفاً لأنشطتها السياسية والعسكرية معاً، تبعاً للتطورات السياسية والأمنية على الأرض، من حيث التحكّم بفترات وكمية المواد البترولية اللازمة لتشغيل المولدات وقطع الغيار اللازمة لصيانتها، وفي فترة لاحقة تم وضعها على رأس القائمة في بنك الأهداف، التي من الضروري استهدافها ضد السكان الفلسطينيين بوجهٍ عام. وقد تم استهدافها فعلاً من قِبل الجيش الإسرائيلي في أعقاب تفاقم الأمور الأمنيّة مع (حركة حماس) وبصورة أكثر دقّة في أعقاب حادثة أسر (حركات المقاومة الفلسطينية) للجندي الإسرائيلي "غلعاد شاليط" في يونيو/حزيران العام 2006، وتبع ذلك أن أوقف الاتحاد الأوروبي تمويله لتلك المولدات بعد إصلاحها منذ العام 2009، بحجة تدخّل حركة حماس على صلاحيات الشركة. وفي ظل تفاقم الأزمة، فقد تم استيراد الكهرباء من مصر، من خلال 21 ميغاوات، ساهمت إلى حدٍ ما في تقليل الأزمة في تلك الفترة.
      لكن ومنذ مدة غير قليلة، تجددت الأزمة الكهربية، حتى بلغت أشدّها، نتيجة تجاذبات سياسية واقتصادية معاً ما بين السلطة الوطنية في الضفة الغربية وحكومة حماس في القطاع. وبالنظر فقط إلى الجانب الاقتصادي، فإن حكومة رام الله تقول بأنها لا تتلقِ أموالاً كافية لتسديد فاتورة الكهرباء للجانب الإسرائيلي. وترد حكومة حماس بالقول، بأن الضريبة التي تفرضها السلطة في رام الله هي مُرهقة، ولا مكان للمطالبة بها في ظل تردي الوضع المعيشي للسكان نتيجة الحصار الإسرائيلي، الذي بلغ مرحلة متقدمة في هذه الفترة بالذات، بالتزامن مع تحطيم الأنفاق الواصلة بالأراضي المصرية التي كانت مصدراً رئيساً لتوريد الطاقة البترولية اللازمة لتشغيل المولّدات الأربعة بكامل طاقتها.
      وللعلم فإن مالية السلطة في رام الله، تحسم ما يُقارب من 50 دولاراً أمريكياً شهرياً من موظفيها في القطاع لنفس الهدف، بينما يقوم الآلاف من السكان المستفيدين، بعدم دفع المستحقات الواجبة عليهم، بحجة أن لا عمل لهم ولا يملكون مالاً يسددون به تلك المستحقات، الذين تصاعدت مديونياتهم لشركة الكهرباء، حتى أصبحت أرقاماً خيالية، تبلغ في أغلب الأحيان ما بين 100 ألف شيكل إلى مليون شيكل للعائلة الواحدة – 3.50 للدولار الواحد-، وهي أرقام إذا ما تم تحصيلها، فإن الشركة تحتاج إلى المزيد من الشاحنات لنقل الأموال الدولارية إلى المخازن.
      منذ حدوث ظاهرة انقطاع التيار الكهربائي على هذه الصورة -الغير محتملة- دأب المشتركون على التهديد باتّباع خياراتهم نحو الاستغناء عن الطاقة المملوكة للشركة، بالسعي إلى إيجاد البدائل التي من شأنها أن تقشع عنهم ظلمة الليل على الأقل، فبدأوا بإشعال الحطب والفحم وأنواعاً من الأسرجة والفتائل النفطية القديمة، ثم بإيقاد الشموع المصرية التي صُممت خصيصاً لخدمة الهدف. ولما كان ضررها أكثر من نفعها، حيث أتت على فقدان عائلات بأكملها نتيجة تعرضهم للاختناق وحالات الحرق، تم الانتقال إلى المصابيح والفوانيس التي خدمت طلاب المدارس والمحتاجين في فترة ما على الأقل. ولما بلغت تلك الظاهرة مسامع جهورية الصين الشعبية، سارعت إلى تبنّي القطاع بالكامل، وأخذت على عاتقها تزويده بالطاقة الصينية والمتمثلة بالمحركات المولدة للطاقة وعلى اختلافها في الأحجام والماركات والقوة أيضاً، تم ما لبثت أن ساهمت في توريدها أنواعاً أخرى من بطاريات الشحن التي تنير لأوقات مختلفة ومن غير ضجيج ودون حوادث في الأفراد والممتلكات، ولكنها لم تؤدِّ إلى سد الفجوة بعد، حتى تم الاستناد –حالياً- إلى جهاز أطلق عليه – ربما- (u.b.s) مع بطارية يمكنها الإنارة وتشغيل خطوط الانترنت، ليس كل الوقت، ولكن بعض الوقت، وما زالت البدائل والخيارات متواصلة على مدار الساعة، مع الاحتفاظ بكل ما سلف ولو على سبيل الخردة فقط.
      على أيّة حال، فإنه وبالرغم من أن شركة الكهرباء تعمل على أساس أن (ميزانها رِجلها) في شأن تسجيل قيمة الفاتورة الشهرية المستحقة، أي أنها تقوم بالتسجيل كما يحلوا لها وما طاب، وعادةً ما يتم ذلك غيابياً، خاصةً خلال هذه الفوضى وقلة الدفع، حيث يتوجب على كل مستهلك أن يكون لديه متخصص في فك طلاسم الفاتورة وشربكاتها الرقمية والتفصيلية، بشكلٍ يمكن تفهّمه أو التأفف منه على الأقل. بالرغم من أنها تقوم بتلك الأفعال، فإن غالبية المستهلكين الذين لا نيّة لديهم في دفع استحقاقات الشركة ولا حتى إلى يوم القيامة، فإنهم يتسابقون في كيفية الإسراف في استهلاك الكهرباء الواصلة إلى بيوتهم وكأنهم في محل ثأر لا محل خدمة.
      وعلى الحالين، فإن هذه الظاهرة التي نعانيها جميهاً، يجب أن تتوقف، فالإنسان العادي والساعي في عمله، لا يتوجب عليه المعاناة أكثر، وممنوع عليه أن يتحمل تبعات سياسية ومناكفات اقتصادية أخرى، إذ ليس بمقدوره أن يفعل شيئاً إزاءها، وإن جاهد في المحاولة، لا أحد يتقبّل منه، ولهذا فهناك من هم الأولى في أن يجدوا بدائل أخرى.
      خانيونس/فلسطين
      16/11/2013

      تعليق

      • عادل محمد عايش الأسطل
        عضو منتسب
        • Oct 2013
        • 382

        #4
        الاتفاق الغربي- الإيراني، استراحة متبادلة وكبدٍ في إسرائيل !

        الاتفاق الغربي- الإيراني، استراحة متبادلة وكبدٍ في إسرائيل !
        د. عادل محمد عايش الأسطل
        على الرغم من الجهود الإسرائيلية التي خاضها رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتانياهو" حول العالم، ومن خلال جميع الوسائل المتاحة، للمحاولة في أن يتفهّم الكل، المخاوف الإسرائيلية بشكل أفضل، وأن هناك ضرورة إلى منع إيران من حيازة قدرة على تحقيق الاختراق الأمني الاستراتيجي، وللإقناع بأن النظام الإيراني ملتزم مذهبياً ودينياً بتدمير إسرائيل ومسحها عن خريطة العالم. وذلك للحيلولة دون حصول أي اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي، إلاّ أن جميعها بلا استثناء باءت بالفشل، وما كان يخشاه "نتانياهو" قد حدث، وأصبح واقعاً مرئياً. وبات الآن كما تشير الأنباء الواردة، في حالة إغمائية نادرة، لم يصل إلى درجتها من حيث الشدّة حتى في أحلك أزماته السياسية والأمنية السابقة. والعزاء الوحيد أمامه، بأن الاتفاق هو اتفاق (مرحلي) لستّة أشهر فقط، وأن هناك متسع من الوقت، لقلب الأمور على الناحية التي يراها مناسبة، وفي أدناها المحاولة مرة أخرى لجمع العالم ضد إيران من خلال التحريض وتصيّد المواقف في هذا الصدد، وفي أقصاها لجوئه في نهاية المطاف إلى تنفيذ ما في رأسه من خلال الإقدام على تنفيذ أحد السيناريوهات العسكرية التي طالما عكفت مؤسسته العسكرية التدريبات عليها منذ الأمد، بهدف توريط الكل وإلى أجلٍ غير مسمى. لا سيما وأنه حذّر منذ البداية من أن تُقدِم إسرائيل إلى العمل العسكري بمفردها، وأوشك على إصدار أمر بذلك، منذ اعتقاده بأن الضغط الذي تمارسه واشنطن على طهران قد انخفض إلى مستويات مخيفة، والخطوات الأوروبية ضد إيران بدأت في الانحسار.
        الاتفاق الذي تم التوصّل إليه، هو خطة عمل، كما أعلنت مفوضة العلاقات الأوروبية "كاثرين آشتون"، وكما وصفه الرئيس الأميركي "باراك أوباما" بأنه يمثل خطوة أولى مهمة، وفي الوقت ذاته إلى استمرار وجود صعوبات هائلة ستظهر لاحقاً. وهي أمور ساهمت في زيادة العصبية والتوتر لدى "نتانياهو" بسبب أنه مرّ بنفس التجربة، حينما أعلن عن تجميد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية عشرة أشهر أواخر عام 2009، بينما هو في واقع الحال لم يتوقف لحظة.
        وبالنظر إلى الاتفاق فإنه وبالتأكيد يقف على قراءتين مختلفتين تعطيان -على الأقل- المساحة الكافية للشياطين على اختلافها كي تقوم بدورها المنوط بها على أيّة حال.
        فبينما ذكرت الأوساط الأمريكية بأن الاتفاق - المرحلي- ينص على تجميد المخزونات الإيرانية (من الوقود النووي) المخصب بنسبة 20%" والقيام بعمليات تفتيش دقيقة وصارمة للمنشآت النووية الايرانية، من شأنها إيقاف تقدّم برنامجها النووي، ولا يعترف في ذات الوقت بحق إيران في عملية التخصيب. حيث أكّد وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" بأن هذه الخطوة لا تنص على حق إيران في التخصيب، أيّا كانت التفسيرات التي تم إعطاؤها. وأن إيران ملتزمة بوقف توسيع برنامجها التخصيبي وعدم مضيّها قدماً في تطوير مفاعل (آراك) أو برنامج البلوتونيوم المتصل بذلك، ومن ناحيةٍ أخرى– كما يقول- فإن الاتفاق سيجعل العالم أكثر أمناً وبقية شركاءنا في المنطقة. لكن أعلنت إيران من جهتها عن أنها هي التي حققت مكاسب مهمّة، وخاصة بشأن إقرار الغرب وخاصةً الولايات المتحدة بحقها الكامل في التخصيب وعلى أراضيها. حين أوضح وزير الخارجية الإيرانية "محمد جواد ظريف" بأن الاتفاق يتضمن إشارة واضحة إلى أن التخصيب سيستمر. ناهيكم عن المكاسب الأخرى التي ربما تفوق حزمة الحوافز الغربية المقدمة لإيران منذ العام 2007، في حال التوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي.
        كل الأحاديث الواردة من الولايات المتحدة بشأن تهدئة إسرائيل، سواء التي سبقت الاتفاق أو التي أعقبته، لم تكن لها أيّة منجزات على النفس الإسرائيلية بشكل عام، بالرغم من اتصالات أمريكية مسؤولة ورئاسية مكثفة مع إسرائيل، وبشكلٍ خاص مع "نتانياهو" بشأن اطلاعه على تفاصيل الاتفاق والتأكيد على الموقف الأمريكي الثابت بحماية إسرائيل، والتعهّد الذي قطعه "أوباما" على نفسه بمنع إيران من امتلاك السلاح النووي. بل وكانت هناك ردود فعل إسرائيلية أقل ما توصف بأنها مجنونة ومتسرّعة، توضحت في الكثير من المواقف الصادرة عن قادة إسرائيل ومسؤوليها السياسيين والعسكريين على حدٍ سواء، وأبرزها الصادرة عن رئيس الدولة "شمعون بيريس"، الذي كان يُفضّل الحلول الدبلوماسيّة على أيّة حلولٍ أخرى، حيث أعلن بأن هذا الاتفاق ليس ناجحاً، وأن البدائل ستكون أسوأ بكثير، ما يعني إمكانية وقوع هجوم عسكري إسرائيلي. ووفقاً لما صدر عن مكتب "نتانياهو" فقد تم وصف الاتفاق بـالنصر التاريخي للدبلوماسية الإيرانية، كونها حققت من خلاله كافة شروطها، كما ومنحها الاستمرار في تخصيب اليورانيوم، ما سيسمح لها بالاستمرار في برنامجها النووي وصولاً إلى امتلاك السلاح النووي، خاصة أن هذا الاتفاق لا يتضمن تفكيك لمفاعلات نووية إيرانية. وأعلن "نتانياهو" بأن إسرائيل غير ملزمة بهذا الاتفاق، ولن تسمح لإيران بتطوير قدراتها النووية. ووعد بأن إسرائيل ستدافع عن نفسها. وبدوره سارع وزير المالية الاسرائيلي "يائير لابيد" لمهاجمة هذا الاتفاق معتبراً أنه يخدم مصالح إيران، واصفاً الاتفاقية بالسيئة. ومن جهته رفض وزير الدفاع "موشيه يعالون" الصفقة واعتبرها إنجازاً مهمّاً لإيران التي تجاهد لكسب الوقت للوصول إلى القوة النووية، ومن ثمّ التهديد بها والوصول إلى مكاسب. كذلك وزير الإسكان "أوري أرائيل" هاجم الاتفاقية، واعتبر أن إيران أصبحت اليوم دولة نووية بموافقة دوليّة، وبأن على إسرائيل أن تدافع عن وجودها ومصالحها لوحدها ولا تنتظر أحداً للدفاع عنها. أيضاً رئيس الموساد السابق "مائير داغان" عبّر عن أسفه، وأعلن بأن إسرائيل لم تحصل على ما كانت تريد.
        وإن كان هذا الاتفاق لا يزال في موضع الاختبار فإنه وكما يبدو سواء على مدى تطور النشاط النووي لإيران في السنوات القليلة الماضية ومدى تمسكها به، أو على مدى إلحاح الدول الغربية في تحقيقه أو على مدى الردود الإسرائيلية الرافضة له، فإن من غير المرجح أن يحقق أهدفاً محورية وذات قيمة، حيث أخفق اتفاق فاشل مماثل في العام 2009، والخاص بشأن خفض مخزون إيران من اليورانيوم المنخفض التخصيب إلى ما دون الكميّات اللازمة لصنع قنبلة إذا خُصّبت لدرجة أعلى.
        لكن، وبالرغم من كل ذلك، فإنه يحق لكل طرف من الأطراف الداخلة فيه، بادعاء الانتصار وتحقيق أهدافه، فكما تعتبره الولايات المتحدة بأنه نصراً دبلوماسياً –تاريخياً- لإدارتها، نحو تحقيق فرصة لإنهاء أعقد الملفات التي واجهتها خلال عقود فائتة، بدون اللجوء إلى الحلول العسكرية، فقد تسابقت الأطراف المشاركة (5+1) إلى وصف الاتفاق بالجيد. ومن جهتها اعتبرت إيران الاتفاق بالإنجاز المهمّ الذي لا يلبي المطالب الإيرانية في الشأن النووي وحسب، بل وهو – الأهم- أن الاتفاق سيسمح لها بالدخول وبقوة في أسرة المجتمع الدولي، كقوّة موجودة بتسليم دولي غير منقوص، وعلى حساب مختلف القوى الغربية بما فيها الولايات المتحدة.
        خانيونس/فلسطين
        24/11/2013

        تعليق

        يعمل...