حزب النور المصري.. ثوابت متغيّرة ّ!

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عادل محمد عايش الأسطل
    عضو منتسب
    • Oct 2013
    • 382

    حزب النور المصري.. ثوابت متغيّرة ّ!

    حزب النور المصري.. ثوابت متغيّرة ّ!
    د. عادل محمد عايش الأسطل
    في أعقاب ثورة 25 يناير/كانون ثاني 2010، تم الإعلان عن إنشاء حزب النور السلفي، كحزب سياسي (ديني)، يعبّر عن أفكار التيار السلفي المصري، ما يعد خروجاً عن المعتاد في شأن تشكيل الأحزاب السياسية بهذه السرعة والكيفية، التي كانت تخضع لإجراءات قاسية قبل ذلك الوقت بقليل أي إبان عهد نظام حكم "حسني مبارك"، فضلاً عن خروج السلفيين من المساجد إلى معترك الحياة العامة بما فيها من متناقضات. وكان الحزب قد واجه عدة تحديات داخلية برزت بين أعضائه في شأن الرؤى التفصيلية لعددٍ من مشاهد الحياة السياسية، لا سيما بشأن نظرتهم بالنسبة إلى الدين ومدى الدرجة من التديّن التي وصلوا إليها. لكن ومن أجل مراعاة أن الحزب ما زال مبكراً عليه أن يخوض في الخلافات التي لم يبلغها إلى الآن، فقد وجدوا أن من الضرورة في شأن السيطرة على القرار، إحلال العقل والمنطق في مناقشة المواضيع واحترام وجهات النظر الداخلية في أيّ القضايا المطروحة والمستقبلة.
    لقد برزت قيادات وشخصيات سلفية هامة داخل الحزب وعلى مستوى محافظات الجمهورية، وهي تحوز على تاريخٍ طويلٍ في المجال الدعوي والخدمي، ومستويات علمية عالية، وقدرات جيدة على الحركة، في شأن التثبت والتغلغل داخل شرائح مختلفة من المجتمع ما يؤهّلها إلى جذب ثقة الجمهور المصري ومن ثم لعب دور سياسي متقدم في الحياة السياسية الجديدة.
    وبالرغم من كل ذلك فقد ارتكب الحزب أخطاء واضحة على مستوى الحزب وعلى مستوى قيادات مسؤولة فيه. وهذه الأخطاء ليس من السهل الانتهاء منها أو تصحيحها بسهولة، حيث كانت سبباً في ضعضعة أركان الحزب وجنباته منذ تواجده على الساحة المصرية.
    كان من أهم تلك الأخطاء هي الطابع البراغماتي الذي بدأ يأخذ مجراه داخل أفكار قيادات الحزب، واعتماد مأثور القول، على أن الغاية تبرر الوسيلة. ثم بدا واضحاً للدعاة وكذلك للسياسيين الذين يمثلون الجيل الجديد الأكثر انفتاحاً أكبر على المجتمع على حساب الدين من الأجيال السابقة عليه، ما جعلهم يوصفون بالأقرب إلى اللبرلة في الجوهر أكثر من قربهم لأي اتجاهٍ آخر، ما يعني بأن لا ثوابت لديهم تقريباً، والكل خاضع للتحول كما تفرض الضرورة. إلى جانب تلوّن الحزب بشكلٍ عام، وعدم التلفظ بنواياه أمام الأحزاب الأخرى وخاصةً أمام حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين.
    كان من الأمور التي قللت من شأن الحزب لدى العامة من المصريين والمؤيدين بشكلٍ خاص، هو حصول عدّة انحرافات لممثلين كبار في الحزب، كانت سبباً في هبوط رصيده السياسي والديني معاً، إلى درجةٍ كانت جعلته محل هزء وسخرية، وهي كافية لاندثاره على الساحة العامة المصرية السياسية والمجتمعية. لكن مواصلة ارتباك المشهد السياسي المصري القاسي، أدّت إلى التغطية - إلى حدٍ ما- على تلك الانحرافات، والتي كان من أبرزها مسألة أنف النائب عن الحزب الشيخ "أنور البكليمي" الذي قام بإجراء عملية تجميل لأنفه، ثمّ قام بالادّعاء أن أشخاصاً قد قاموا بمهاجمته. وكما تسبب الشيخ "علي ونيس" وهو نائب أيضاً، في إدانة نفسه بعد ثبوت ارتكابه لفعل فاضح في طريقٍ عام.
    إلى جانب الخلافات السياسية والدينية جعل بعضاً من القيادات، لا تحتمل بعضها البعض ونتيجة لذلك فقد عصفت بالحزب الانشقاقات من كل جانب، حيث خرجت قيادات مختلفة من عباءته صوب أحزاب أخرى مشابهة، أو ناحية إنشاء جسم سياسي آخر.
    لم تنتبه قيادات الحزب بشكلٍ كامل لتدارك الأخطاء، بل ظلت متواصلة وعلى كافة مستوياتها، وبدت بشكلٍ أوضح منذ تدخل الجيش المصري بقيادة الفريق "عبدالفتاح السيسي" ضد الرئاسة المصرية، حيث شارك الحزب من خلال نائب الرئيس "جلال مرّة" في بيان "السيسي" ومباركة تلك الإجراءات بسبب أنها أخف الضررين بدايةً، وللمحافظة على دستور 2012، وحفاظاً على الشريعة، خاصةً المادة ٢١٩، وللإبقاء على مجلس الشورى، وأيضاً – وهذا مهم- لتغيير المشهد السياسي المتأزم نتيجة حكم الإخوان وإدارتهم للدولة. بسبب أن الحزب لا يريد الإخوان المسلمين في السلطة، بحجة رغبتهم – كما يدّعي- في الحفاظ على علاقات جيدة مع الغرب وخاصةً الولايات المتحدة، وهذا عكس ما يريده الخط السلفي المتشدد داخل الحزب. وكان هناك الكثير من المواقف السياسية والمتعلقة بالحياة العامة التي جرى استبدالها، سواء بحكم المصلحة، أو التخلّي عنها بحكم الضرورة، أو تأجيلها بسبب الوقائع والتطورات. وقد نذكر، بأن الحزب أنكر تأييده لإجراءات "السيسي" أو لأحداث 30 يونية، وأنه كان حياديّاً.
    لكن كل ما ادعاه الحزب لم يكن صحيحاً تماماً، والذي صحّ من مطالبه لم يتحقق منها شيء قط، فقد تم حل المجلس وتعطيل الدستور وإلغاء المسار الديمقراطي وأُهملت المادة ٢١٩ بالكلية، وأصبحت في النظر عبارة وحسب وليست قرآناً، والمهم أن يحتوي الدستور على مضمونها. وكان قد أكّد القيادي بالحزب "نادر بكار" في وقتٍ لاحق، عدم حياديّة حزبه من خلال انحيازه للشعب وأن الحزب كان في القلب من أحداث 30 يونية.
    وبرغم تماهي الحزب مع الحكومة المصرية الجديدة وتأييده البائن لخارطة الطريق السياسة، فإن هناك اتجاه قوي نحو حل الحزب ومصادرة ممتلكاته، بناءً على قانون حظر الأحزاب التي تؤسس على أساس ديني.
    خانيونس/فلسطين
    4/12/2013
  • عادل محمد عايش الأسطل
    عضو منتسب
    • Oct 2013
    • 382

    #2
    سياسة صنع الذرائع ضد السلام !

    سياسة صنع الذرائع ضد السلام !
    د. عادل محمد عايش الأسطل
    بعيداً عن التفوّهات التي أعلن بها وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" والتي توحي بأن هناك تقدماً ملموساً قد تم إحرازه في المفاوضات الجارية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فإن مسألة الانقسام الفلسطيني كانت ولا شك، من أهم المبررات القوية التي اتبعتها إسرائيل طوال السنوات الست الماضية أمام المجتمع الدولي في التشكيك بإمكانية التوصل إلى سلام شامل مع الفلسطينيين، باعتبار أن الحالة الفلسطينية السياسية والأمنية المتناقضة بجملتها، ليس بالإمكان على الإطلاق التعويل عليها في هذا الشأن، لا سيما وأن الأراضي التي تحت السيطرة الفلسطينية، منقسمة إلى جناحين منفصلين، منذ منتصف عام 2007، وهما غير مرتبطين بجسدٍ واحد. فهناك حركات وأحزاب قوية في الضفة الغربية وعلى رأسها (حركة فنح) وهي تؤمن بجنون في المسار السلمي مع الجانب الإسرائيلي، وحتى إذا كان إلى ما لا نهاية. وأخرى في القطاع وعلى رأسها (حركة حماس) وتتبع بجنون أكبر نهج المقاومة بأشكالها ضد الاحتلال الإسرائيلي، سواء الآنيّة أو على مدار الزمن. وما يزيد الأمور تعقيداً كما في الوجهة الإسرائيلية، هو أن هذين الجناحين غير خالصين تماماً لفئةٍ معينة، ما يزيد من التناقضات والخلافات في داخلها. فهناك حماس لا زالت تنبض في أنحاء الضفة الغربية، وتعكّر صفو المزاج الفتحاوي في كل صغيرة وكبيرة، وهنا في القطاع (فتح) وأخرى تابعة لها، درجت على التعامل بالمثل أو أكثر بوسيلةٍ وبأخرى، ما يجعل التوصل - لدى النظر الإسرائيلي- إلى إتمام العملية السلمية، أمراً بالغ العسر والتعقيد، وترتيباً على ذلك فإن إسرائيل وببساطة لا تعوّل كثيراً على الرئاسة الفلسطينية في شأن توقيع اتفاقية تنهي الصراع، لا سيما في ظل تواصل جهات عديدة في إسرائيل التشكيك في شرعيّة الرئيس "أبومازن" وتمثيله للفلسطينيين، مستغلة بذلك حالة الانقسام السائدة والمتزايدة مع مرور الوقت. وقد كانت كافة التقارير الاستخباراتية الإسرائيلية التي كان يتم الدفع بها أمام مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر (الكابنيت) دائماً وحتى الأسبوع المنصرم تساند هذا الاعتقاد باعتباره نهائي. وعليه فإن لديهم استمرار الانقسام الفلسطيني وعدم تمثيل عباس لأهالي القطاع، يحول دون توقيع اتفاق سلام نهائي مع الفلسطينيين.
    هذا من ناحية، ومن ناحيةٍ أخرى، فقد وضعت إسرائيل يدها على صدرها منذ الوهلة الأولى لرؤيتها اندلاع موجة الربيع العربي، التي بددت الأوضاع المستقرة في المنطقة منذ انطلاقها من تونس أواخر 2010، لكن سرعان ما اغتمتها إسرائيل، لتجعل منها مبرراً آخر تلوح به أمام نفس المجتمع، حيث خرجت أقوى من أي وقت مضى، وتجلّى في تحذير حكومة إسرائيل بلسان رئيس وزرائها "بنيامين نتانياهو" والعديد من وزرائه، من أن المنطقة في هذه المرحلة، أي مرحلة الربيع العربي، وعلى الرغم من أنها أطاحت بأعداء إسرائيل التقليديين أو قلّص من تهديدهم بشكل كبير، إلاّ أنها لا زالت تعج بالأخطار التي تهدد إسرائيل أكثر من أي وقتٍ مضي، ثمّ داوموا على التحذير من التقلبات التي تواصل العصف بالمنطقة والتي قد تفاجئ إسرائيل كما فوجئت بالإطاحة السريعة لأنظمة حكم قوية وخاصةً نظام "حسني مبارك". ما جعل القيادة في إسرائيل متنبّهً أكثر من مغبة الاستعجال بالدخول في اتفاقات نهائية أو مساعٍ دبلوماسية اصطناعية في محاولة لتغيير الواقع الجيوسياسي في الشرق الأوسط.
    لذلك فإن إسرائيل لا تعرف بالضبط مع من يمكن الحصول على السلام الذي تنشده، فعلى المستوى الفلسطيني فهي عديمة الثقة من حيث مسألة أن تقيّد نفسها باتفاقات سلام غير مضمونة ولو لدقيقة واحدة، وليس هناك ضامن آخر. وعلى المستوى العربي المنقسم بين شعوبه التي لا تزال في غالبيتها تنظر إلى إسرائيل كقوة احتلال غاشمة تهدد أمن واستقرار المنطقة برمّتها. فهي لا تستطيع تحديد أيّة جهة تستطيع الركون إليها. فمن جهة مصر إلى الجنوب هناك أزمة. ومن جهة أخرى، هناك الوضع الإشكالي في سوريا ولبنان وفي الشرق الوضع الأردني المتقلّب والذي لم يعد مستقراً كما في أوقات سابقة، إلى جانب التهديد الأكبر وهو التهديد الإيراني، الذي يستطيع تغيير الوضع ضد إسرائيل وإن في المستقبل على الأقل.
    وبرغم العلم بالوضع الذي قد يتعقّد أكثر مستقبلاً، بسبب عدم وجود الاستقرار في ربوع المنطقة، ترفض السياسة الإسرائيلية الانفصال عن عادتها المعيبة وهي التظاهر بالسعي إلى السلام من دون تقديم نوايا تنمّ على ذلك، ويصعب الأمر أكثر، حين تحدّثها عن الأمور التي يتوجب الأخذ بها، فيما يتعلق بالأمن الإسرائيلي، وبما يتجاوب مع كافة التحديات الأمنية قبل الدخول إلى أي اتفاق، وهي تعلم أن لا أحد يستطيع منحها تلك الضمانات بسبب أنها غير قابلة للتحقيق.
    لهذا فهي ترى أن الضامن الوحيد والأمثل، هو الحفاظ على أن تظل إسرائيل قوية ذاتياً، بما فيه الكفاية، ودون الركون إلى جهات أجنبية بما فيها الولايات المتحدة الحليف الاستراتيجي الأكبر، وأن عليها مضاعفة هذه القوة أضعافاً متتالية، وضرورة الإبقاء على هذه الحالة العدائية والابتعاد قدر الإمكان عن مسالك السلام. لاسيما وأن هناك اتفاقات عربية – عربية وهي لم تكن ناجحة في يومٍ ما. والتجربة الأهم التي مرّت من أمام عينيها واستخلصت منها العبر، وهي أن الرئيس العراقي "صدام حسين" قام بتمزيق الاتفاقية مع إيران وألقاها من وراء ظهره، عندما رأى أن هناك فرصة لتعديلها حسب الرؤيا العراقية.
    كثيرة هي الدول المهمّة وخاصةً الولايات المتحدة، مقتنعة إلى حدٍ كبير بالحجج الإسرائيلية، ولكنها مقتنعةً أيضاً وبنفس القوة من أنه يجب أن يتواجد حل ما، وإن كان في إطارٍ مفتوح، الهدف منه التقليل إلى الحد الأدنى من تعقيدات القضية، من أجل تسهيل الحياة على مستوياتها محلياً وإقليمياً ودولياً، ومن هنا تبدأ في الحقيقة مساعي "كيري" الذي غادر المنطقة مصطنعاً نوعا من البهجة في وقتٍ سابق من الآن.
    وبناءً على ذلك، فإن إسرائيل مهما أعلنت بأنها تسعى إلى السلام، فإنها بالإطلاق لا تفضّل الاستمرار أكثر في شأن المفاوضات مع الفلسطينيين، وبنفس الدرجة لا تريد التقدّم أكثر نحو الرغبات العربية في تسمين علاقاتها معها، أو نحو عمليات تطبيعيّة أخرى، بسبب أنها لا تقل في نظرها، ضرراً عن العداوة نفسها، وهي تجد نفسها أكثر راحة عند اقتصارها الأمور على تلك التفاهمات التي تم إنجازها من قبل.
    خانيونس/فلسطين
    6/12/2013

    تعليق

    • عادل محمد عايش الأسطل
      عضو منتسب
      • Oct 2013
      • 382

      #3
      ذكرى الانتفاضة، بعيون فلسطينية منقسمة !

      ذكرى الانتفاضة، بعيون فلسطينية منقسمة !
      د. عادل محمد عايش الأسطل
      في ذكرى اندلاع انتفاضة الحجارة الأولى في العام 1987، يجدر بنا التأمّل طويلاً من حيث مكتسباتها بالنسبة إلى القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني بشكلٍ عام، وما آلت إليه جملة الأمور من تطورات وتغيرات مختلفة على بيئة الصراع الفلسطيني والإسرائيلي، وعلى المستويين السياسي والأمني بشكلٍ خاص. فقد شكّلت الانتفاضة لدى الفلسطينيين عموماً مفصلاً مهمّاً في تاريخ النضالات الفلسطينية عبر الزمن، لا سيما وأنها مرّت بثلاث مراحل مفصليّة مهمّة: حيث بدأت بالمواجهة الشعبية الشاملة، من مواجهات وإضرابات وتظاهرات منظمة ومقاطعة المنتجات الإسرائيلية. واتصلت الثانية، بعمليات البناء المؤسساتي وعلى كافة المستويات الثورية والمجتمعية الخدميّة، مع تواصل فعاليات وأنشطة الانتفاضة المختلفة. ثمّ مرحلة العمليات المسلحة ضد قوّات الاحتلال الإسرائيلي خاصةً داخل المدن والمخيمات الفلسطينية، والتي ظلّت في إطار المواجهات الشعبية الشاملة. وكانت هذه المراحل قد شكّلت القضية الفلسطينية وفرضتها على الساحة الدولية على نحوٍ حقيقي، وأبرزت بشكلٍ لا جدال فيه، بأنها ليست قضية إنسانية كما صوّرها البعض، وأن هناك شعب فرض نفسه للدفاع عنها ضد قوّة الاحتلال الإسرائيل وبشتى الطرق والوسائل.
      لكن وبالرغم من هذه الإنجازات المهمّة التي حققتها الانتفاضة لمجموع الشعب الفلسطيني، إلاً أنه كانت هناك تقييمات مختلفة لها وما أسفرت عنه بعد 26 عاماً على اندلاعها، بين مختلف الحركات والفصائل العاملة على الساحة الفلسطينية وخاصة حركتي فتح وحماس.
      فمن جانبها أكدت حركة فتح، على أن الانتفاضة كانت امتداداً للرؤية الفتحاوية الضاربة في الجذور، والمتمثلة في الثورة الشعبية التي أقرّها وصاغها الشهيد القائد "ياسر عرفات" وباقي هبّات وثورات الشعب الفلسطيني، التي أربكت حسابات العدو بعد عقود من الكفاح المسلح وفتحت الباب لقيام السلطة الوطنية، التي اعتبرت كنواة للدولة الفلسطينية، والتي تطورت بالرغم من إرادة الاحتلال من خلال انتزاع اعتراف دولي بها. وأعلنت الحركة على تمسكها بالعهد الذي قطعته منذ نشأتها في الأول من يناير/كانون الثاني عام 1965، بالسير قدماً حتى الحرية والاستقلال، وأكّدت على أن بطولات الشعب الفلسطيني خلال انتفاضة الحجارة، ستظل ذكراها منارة للحركة نحو الاستقلال الكامل.
      الحركة جاءت على ذكر تاريخها الكفاحي والمسلح ضد الكيان الإسرائيلي، ولكنها غطّت وبسرعة على ذلك التاريخ وبما تشعر به أيضاً، باسترسالها في الحديث عن المسار السياسي الذي تأمل من خلاله في إيجاد حل للقضية الفلسطينية، بالرغم من علمها أن الخيار السّياسي في مأزقٍ، وحتى اللحظة الأخيرة عندما كرر د. "صائب عريقات" شكواه بأن المفاوضات الاسرائيلية – الفلسطينية، تمر في وضع معقّد وصعب جداً.
      في الوقت ذاته، كانت حركة حماس متوافقة مع الكل الفلسطيني في رؤيتها لأهميّة الانتفاضة ومكتسباتها، ولكن من زاويةٍ أخرى، معتمدةً على أيديولوجيتها وخطوطها العامة، التي لا تؤمن بالحلول السلمية وتعتمد فقط المقاومة المسلحة، في صد الاحتلال الإسرائيلي وتحرير كامل الأراضي الفلسطينية.
      توضح ذلك تماماً، عندما حذرت الحركة الاحتلال الإسرائيلي - بمناسبة الذكرى نفسها- من مغبّة تصعيده وعدوانه على الشعب الفلسطيني، مشيرة إلى أن الجماهير الفلسطينية لن تبقَ مكتوفة الأيدي، وستنتفض دفاعاً عن الثوابت والمقدسات. وتأكيداً منها على أن المقاومة خيار استراتيجي قادر على تحقيق تطلّعات الشعب الفلسطيني في التحرير والعودة.
      وفي هذا الصدد دعت الحركة، السلطة الفلسطينية إلى وقف المفاوضات التي وصفتها بالعبثية، والكف عن التنسيق الأمني مع قوّات الاحتلال، الذي أضرّ بمصالح الشعب الفلسطيني ومقاومته، وأن العودة إلى المقاومة هو أسهل الطرق للوصول إلى الأهداف الفلسطينية المعلنة. الحركة قالت ذلك وهي تعلم تمام العلم بأن خيار المقاومة المسلّحة أصعب بكثير في هذه المرحلة على الأقل، وأنها مقتصرة الآن – كما يبدو- على حالة الدفاعٍ فقط.
      ولا شك فقد تضررت القضية الفلسطينية وتضرر الشعب الفلسطيني في مشروعه الوطني، وفي ضوء الحالين، الحالة الفتحاوية التي لا يمكنها التخلّي عن عملية السلام، ولا يمكنها الرجوع إلى خيار استلام السلاح، بسبب أن كل إنجازاتها بما فيها قبول مبدأ الدولة الفلسطينية دوليًّا اقتضى التخلّي عن ذلك الخيار. والحالة الحمساوية أيضاً التي لا يمكنها التخلّي عن المقاومة ولا تستطيع التحرّك قيد أنملة صوب مسارات السلام بسبب تجربتها الفاشلة، والمرئية نتائجها في كل اتجاه، حيث بدا المشروع الوطني رهينة عمليّةٍ سياسيّةٍ تفاوضيّةٍ يرافقها توسّع استيطاني متسارع، من شأنه حصر الشعب الفلسطيني في كيان متناثر ومن غير سيادة.
      إذاً فما الذي يمكن عمله؟ ربما على الكل، العودة إلى التفكير في المستقبل الفلسطيني، بالنظر إلى الوقائع على الأرض والتطورات والمستجدّات المتلاحقة، وبالأخذ بانشغال العالم العربيّ بنفسه، وقد يكون من الضروري الالتفات عن مواصلة المفاوضات الجارية وكل ما يتعلق بها، بسبب أن مسألة التخلًي عنها وفي هذا الوقت، تعتبر بمثابة قوّة أخرى مضافة للجانب الفلسطيني بشكلٍ عام. وبنفس الضرورة، وجوب مراعاة المقاومة لنسبة الهدوء السائدة الآن، على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي يبحث عن حوادث وذرائع وإن كانت فاشلة، من أجل تسمين أغراضه بما فيها شن حرب يخلط فيها الأوراق من جديد.
      وبالمناسبة فقد أطلقت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في ذكرى انطلاقتها ألـ 46، مبادرة لإنهاء الانقسام الفلسطيني واستعادة الوحدة الوطنية، بسبب شعورها بأن حالة الانقسام التي يمر بها الشعب الفلسطيني أثرت سلباً عليه وعلى قضيته وكفاحه بشكلٍ عام. وناشدت الجبهة إلى ضرورة التغاضي عن الآلام والجراح وترك كافة الخلافات جانباً والتوحد صفاً واحداً أمام الهجمة الإسرائيلية الشرسة التي تحاك ضد الشعب الفلسطيني من قِبل أشد الحكومات الإسرائيلية عنفاً وتطرّفاً.
      خانيونس/فلسطين
      8/12/2013

      تعليق

      يعمل...