نهاية القرار الفرنسي !
د. عادل محمد عايش الأسطل
دخول مشروع القرار الفرنسي بالاشتراك مع لندن وبرلين على الخط، لم يكن سهلاً على الولايات المتحدة، والذي يحمل الخطوط العريضة لمبادئ اتفاقية سلام بين إسرائيل والفلسطينيين خلال فترة عامين بدءاً من تاريخ تسجيله، كبديلٍ للخطوة الفلسطينية باتجاه مجلس الأمن، بشأن تبني قرار الاعتراف بالدولة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، قبل وصول أعياد الميلاد تحديداً، كون القرار في نظر فرنسا وشركائها، يحمل مقترحات جيّدة للطرفين، فمن ناحية يُجنّب الفلسطينيين متاعب البحث عن الدعم الكافي بين أعضاء المجلس لنجاح مشروعهم، ويساعد الإسرائيليين من ناحيةٍ أخرى، باتجاه دفع عملية السلام قدماُ، ودعت بأن على الولايات المتحدة، المسارعة بردّها على القرار بالضوء الأخضر أو بحيادها على الأقل، كي يأخذ طريقه المخصصة له، باعتباره فرصة مهمّة يجب عدم تفويتها، كونه يدعو إلى استئناف سريع للمفاوضات، على أساس سلسلة من المبادئ الكبرى – حل الدولتين- مع تحديد عامين كحدٍ أقصى لإنهاء المفاوضات، وفي مرحلة لاحقة، تنوي الدول صاحبة القرار، عقد مؤتمر دولي لدعم المفاوضات السياسية بمشاركة الدول العربية.
فواشنطن ولأسباب حساسة وأكثر لصيقة بإسرائيل، لم (تحفُل) كثيراً بمشروع القرار الأوروبي، فعلاوةً على الرفض الإسرائيلي له، فإنها تسعي لجعل نهاية له أولاً، لاعتبارها المنبر الحصري والراعية الرئيسة لمسألة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وأنها في هذا الصدد، لم تُشر لأحدٍ بأن يقوم مقامها ثانياً، كما أنها لم تشأ أن تردّ (بنعم) على تلك الدعوة، بحجة أنها ليست مستعدّة لذلك، وأن الوقت ليس مناسباً تماماً، بالنظر إلى شكوكها في قدرتها على التأثير على حليفتها إسرائيل، وهي في أوج المعركة الانتخابية الداخلية والتي بدأت منذ الآن.
عدم الحفل الأمريكي بالقرار، بقدر ما كان مُؤذياً للأوروبيين، بقدر ما ضغط بشدّة على واشنطن، لإظهار ما يشبه الانفتاح السياسي، باتجاه أن تقوم بتجربة ما، عبر مؤسسات الأمم المتحدة، بهدف تسوية القضية الفلسطينية بناءً على طريقتها، مع اتخاذ كافة تدابير الحرص والحذرٍ اللازمين، سيما بعد الأفشال المتتالية للمسارات التفاوضيّة المباشرة بين الطرفين، وبالنظر لمشاهدتها تنامياً في عدد الاقتراحات ومشاريع القرارات- الفلسطيني والفرنسي- وعدد الدول داخل الأمم المتحدة المطالبة بالحركة في القضية ذاتها.
ترتيباً على ما سبق، فقد أضاءت واشنطن لوزير خارجيتها "جون كيري" بأن يقوم بإفشاء صيغة أمريكية خلال لقائه مع رئيس الوزراء "بنيامين نتانياهو" في العاصمة الإيطالية (روما) الاثنين المقبل، تهدف إلى الخروج من الأزمة المشتركة، والتي تنحصر في قيام واشنطن بنشر قرار يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية، بصيغة مخفّفة وأكثر مُريحة لإسرائيل، وستعمل بالمقابل، من أجل أن يقبل به الفلسطينيين، كون مشروعهم ليس مضمون النجاح، والقرار الفرنسي أيضاً، ليس جديراً بالاهتمام لديهم، كونه فضفاضاً بالنسبة لهم، لذلك فإن عليهم إدراك أن قرارها يمثّل الحل الوسط، وبالإمكان تشغيله فوراً، والذي يرتكز على تعزيز مقترحاتها السابقة ضمن خطّة (اتفاق الإطار)، والذي يشمل من ناحية، الإشارة إلى حدود 1967، (مع تبادل للأراضي)، وعلى الجانب الآخر يؤكد متطلبات الأمن الإسرائيلية، بما في ذلك إشارة واضحة إلى الهوية اليهودية لإسرائيل، وإسقاط البند الخاص بتحديد موعد نهائي للانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
المشروع الأمريكي يبدو صعباً أمام الفلسطينيين باعتباره مؤلماً أكثر من المبادرات والمقترحات الفائتة، وإن كان سيصدر عن مجلس الأمن كونه مُلزماً، ولكن البيت الأبيض يأمل بأن لا يغيب عنهم، بأن هناك فيتو في الانتظار، وأن عليهم مراعاة تدفق المساعدات الأمريكية لصالح السلطة الفلسطينية تحديداً، كما يقع على عاتقهم تقدير قيمة دفعهِ (الخفي) باتجاه إسقاط "نتانياهو" عن الحكم، لصالح اليسار الإسرائيلي.
خانيونس/فلسطين
13/12/2014
د. عادل محمد عايش الأسطل
دخول مشروع القرار الفرنسي بالاشتراك مع لندن وبرلين على الخط، لم يكن سهلاً على الولايات المتحدة، والذي يحمل الخطوط العريضة لمبادئ اتفاقية سلام بين إسرائيل والفلسطينيين خلال فترة عامين بدءاً من تاريخ تسجيله، كبديلٍ للخطوة الفلسطينية باتجاه مجلس الأمن، بشأن تبني قرار الاعتراف بالدولة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، قبل وصول أعياد الميلاد تحديداً، كون القرار في نظر فرنسا وشركائها، يحمل مقترحات جيّدة للطرفين، فمن ناحية يُجنّب الفلسطينيين متاعب البحث عن الدعم الكافي بين أعضاء المجلس لنجاح مشروعهم، ويساعد الإسرائيليين من ناحيةٍ أخرى، باتجاه دفع عملية السلام قدماُ، ودعت بأن على الولايات المتحدة، المسارعة بردّها على القرار بالضوء الأخضر أو بحيادها على الأقل، كي يأخذ طريقه المخصصة له، باعتباره فرصة مهمّة يجب عدم تفويتها، كونه يدعو إلى استئناف سريع للمفاوضات، على أساس سلسلة من المبادئ الكبرى – حل الدولتين- مع تحديد عامين كحدٍ أقصى لإنهاء المفاوضات، وفي مرحلة لاحقة، تنوي الدول صاحبة القرار، عقد مؤتمر دولي لدعم المفاوضات السياسية بمشاركة الدول العربية.
فواشنطن ولأسباب حساسة وأكثر لصيقة بإسرائيل، لم (تحفُل) كثيراً بمشروع القرار الأوروبي، فعلاوةً على الرفض الإسرائيلي له، فإنها تسعي لجعل نهاية له أولاً، لاعتبارها المنبر الحصري والراعية الرئيسة لمسألة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وأنها في هذا الصدد، لم تُشر لأحدٍ بأن يقوم مقامها ثانياً، كما أنها لم تشأ أن تردّ (بنعم) على تلك الدعوة، بحجة أنها ليست مستعدّة لذلك، وأن الوقت ليس مناسباً تماماً، بالنظر إلى شكوكها في قدرتها على التأثير على حليفتها إسرائيل، وهي في أوج المعركة الانتخابية الداخلية والتي بدأت منذ الآن.
عدم الحفل الأمريكي بالقرار، بقدر ما كان مُؤذياً للأوروبيين، بقدر ما ضغط بشدّة على واشنطن، لإظهار ما يشبه الانفتاح السياسي، باتجاه أن تقوم بتجربة ما، عبر مؤسسات الأمم المتحدة، بهدف تسوية القضية الفلسطينية بناءً على طريقتها، مع اتخاذ كافة تدابير الحرص والحذرٍ اللازمين، سيما بعد الأفشال المتتالية للمسارات التفاوضيّة المباشرة بين الطرفين، وبالنظر لمشاهدتها تنامياً في عدد الاقتراحات ومشاريع القرارات- الفلسطيني والفرنسي- وعدد الدول داخل الأمم المتحدة المطالبة بالحركة في القضية ذاتها.
ترتيباً على ما سبق، فقد أضاءت واشنطن لوزير خارجيتها "جون كيري" بأن يقوم بإفشاء صيغة أمريكية خلال لقائه مع رئيس الوزراء "بنيامين نتانياهو" في العاصمة الإيطالية (روما) الاثنين المقبل، تهدف إلى الخروج من الأزمة المشتركة، والتي تنحصر في قيام واشنطن بنشر قرار يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية، بصيغة مخفّفة وأكثر مُريحة لإسرائيل، وستعمل بالمقابل، من أجل أن يقبل به الفلسطينيين، كون مشروعهم ليس مضمون النجاح، والقرار الفرنسي أيضاً، ليس جديراً بالاهتمام لديهم، كونه فضفاضاً بالنسبة لهم، لذلك فإن عليهم إدراك أن قرارها يمثّل الحل الوسط، وبالإمكان تشغيله فوراً، والذي يرتكز على تعزيز مقترحاتها السابقة ضمن خطّة (اتفاق الإطار)، والذي يشمل من ناحية، الإشارة إلى حدود 1967، (مع تبادل للأراضي)، وعلى الجانب الآخر يؤكد متطلبات الأمن الإسرائيلية، بما في ذلك إشارة واضحة إلى الهوية اليهودية لإسرائيل، وإسقاط البند الخاص بتحديد موعد نهائي للانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
المشروع الأمريكي يبدو صعباً أمام الفلسطينيين باعتباره مؤلماً أكثر من المبادرات والمقترحات الفائتة، وإن كان سيصدر عن مجلس الأمن كونه مُلزماً، ولكن البيت الأبيض يأمل بأن لا يغيب عنهم، بأن هناك فيتو في الانتظار، وأن عليهم مراعاة تدفق المساعدات الأمريكية لصالح السلطة الفلسطينية تحديداً، كما يقع على عاتقهم تقدير قيمة دفعهِ (الخفي) باتجاه إسقاط "نتانياهو" عن الحكم، لصالح اليسار الإسرائيلي.
خانيونس/فلسطين
13/12/2014