قراءة أولية لخصوصيتنا الثقافية على مستوى البرمجيات الحرة والمنتجات الفكرية عموما
دعوة إلى ترخيص حر يحمي المصداقية التاريخية
بحكم بعض الظروف المحلية والعالمية طرحت بعض المشكلات الثقافية نفسها على الساحة وفي ظل النمو المتسارع الذي تشهده البرمجيات الحرة سواء عالميا أو محليا بدرجة أقل ظهرت بعض الإشكاليات الفكرية أو القانونية المحيطة بمفهوم حرية البرمجيات أو المنتجات الفكرية بشكل أعم.
بشكل عام نظرة سريعة على انترنت وسوق البرمجيات في منطقتنا العربية ستوضح وجود كم لا بأس به من المنتجات البرمجية أو تلك التي تدخل في نطاق الملكية الفكرية والتي يعتبرها منتجوها بشكل أو بآخر حرة... مع تباين شديد جدا في تعريف معنى الحرية المقصود هنا بالنسبة لكل منتِج.. عدا عن الضبابية الشديدة جدا في هذا المفهوم لدى معظم هؤلاء بما فيهم العديد من المؤسسات الحكومية كبعض مراكز الأبحاث أو مجامع اللغة أو حتى مؤسسات تعليمية.
وإذا أردنا أن نصنف الموضوع إحصائيا سنجد أن معظم الجهد الذي يعتبره أصحابه للصالح العام هو في المجالات الدينية أو اللغوية أو التراثية أو التعليمية والتسلسل يعكس الحصة الكمية حسب قراءتي, وفي جميع هذه المنتجات هناك غالبا مكون ثقافي من منظور محدد يعتبر المنتج(ون) أنه يجب المحافظة عليه.
وسواء من وجهة نظر مبادرة المصادر المفتوحة opensource.org أو مشروع البرمجيات الحرة fsf.org فأن معظم البرمجيات والمنتجات الفكرية المتداولة في المنطقة على أنها حرة فهي ليست حرة وفق هذه التصانيف والتي هي عالمية حاليا. وإذا عدنا إلى المبادئ الأساسية لمفهوم الحرية كما تطرحها مؤسسة البرامج الحرة وهي الحريات الأربع أي حرية استخدام المنتج [1] لأي هدف وكذلك دراسته وتعديله [2] (وهو ما يتضمن المصدر) وتوزيع [3] المنتج بدون العودة لأي جهة وكذلك تطويره وتوزيع [4] النسخ المطورة.
أو مفهوم المصدر المفتوح الأوسع والأكثر تفصيلا سنجد أن هناك نقاطا مشتركة تتعارض فيها هذه المفاهيم مع معظم الأعمال الموجودة في منطقتنا أهمها غياب المصدر الذي لا بد منه ليتمكن أي شخص من التطوير والتعديل وإذا قبلنا أن ثقافة المصدر المفتوح بدأت تنتشر خصوصا مع دخول كثير من دول المنطقة في اتفاقيات حماية الملكية الفكرية فهنالك مشكلة أخرى تطفو وهي حماية مصداقية المحتوى من تعديل مسيء سواء كان مقصودا أو غير ذلك.
تتجلى هذه المسألة بوضوح في المنتجات ذات الطابع الديني ولكنها موجودة حتى في المنتجات التاريخية أو اللغوية والتعليمية وإن بدرجة أقل وهي تعبير طبيعي عن إشكاليات ثقافية طرحتها ثورة الاتصالات ومن الطبيعي أن تظهر الأزمة لدى الأمم الأضعف.. وللمسألة جوانب متعددة ولكن أعتقد أن ضابطها الرئيسي هو المصداقية التاريخية للمحتوى من منظور معين من الطبيعي أن يكون للمنتج الأول وهو ما أسماه المسلمون يوما ضبط النقل ولكن الأسلوب الذي استخدمه أسلافنا في التحقق من ضبط النقل من خلال ضبط الناقل(ين) غير قابل للتطبيق وهو ما أدى إلى محدودية الإنتاج الفكري رغم مرور عدة سنوات على دخول ثورة الاتصالات إلى منطقتنا.
في arabeyes.org يجري حاليا نقاش مفتوح حول هذه المسألة بعنوان License Islamic Holy material ,وذلك على القائمة البريدية الرئيسية http://lists.arabeyes.org/archives/general/ وأستطيع القول إن التقنيين المشاركين في هذا النقاش لم يتمكنوا حتى الآن من تحديد ضوابط المسألة.
بشكل عام معظم الأصول (المحتوى) الدينية أو التاريخية والغوية هي ملك عام للجميع وليست لأحد ولهذا لا يمكن حمايتها كما لو كانت نصا كتبه شخص معين موجود وأنا (شخصيا) لا أعتقد أن هناك حاجة لحماية هذه النصوص من أن تعدل وتنشر معدلة فهذه ليست مشكلة ولكن المشكلة هي في ضمان مصداقية النقل عن أصول محددة وفق منظور الشخص أو الأشخاص الذين يسعون لبدء مشروع مفتوح يتضمن محتوى ذي خصوصية ثقافية... وإذا أردنا البقاء داخل مظلة المصدر المفتوح فمن حق أي كان أن يعدل وينشر هذا التعديل وهذا يعني أنه لا يمكن حرمان أي جهة من أن تعدل المحتوى وفق المنظور الذي تريده ومن ثم نشر هذا الإصدار المعدل كما أنه لا يمكن حصر الحقوق بجهات محددة دون غيرها مهما كان المبرر وإلا اعتبر هذا انتهاكا لمفهوم المصدر المفتوح؟!
وتظهر المشكلة بشكل آخر في الأعمال التي يتم تطويرها بشكل جماعي من أشخاص متباعدين ليسوا على أية صلة ببعضهم وينتمون إلى مشارب شتى كما في الموسوعة الحرة wikipedia.org وجميع تفرعاتها والعديد من المشاريع المماثلة التي تعتمد على الجهد الجماعي.. ورغم أن هذا يطرح إشكالية في مصداقية أجزاء هذا المنتج كل على حدة إلا أن مصداقيتها الكلية تبقى عالية على أقل تقدير في الأمور غير الخلافية والمشكلة ولا يمكننا القول بأن ENCARTA أو BRITANICA أكثر مصداقية من ويكيبيديا وهي موسوعات تنتجها جهات محددة... ولكن هذا غير كاف في الأعمال الدينية أو التاريخية واللغوية ويمكنك تصفح جهود المتطوعين المترجمين في أرابايز لترى حجم المشكلة اللغوية في الجهد الجماعي.
أنا لست قانونيا وليست الغاية من هذه المقالة طرح حلول للمسألة ولكنني أعتقد أنه يمكن البقاء داخل مفهوم المصدر المفتوح مع تبني مفهوم محدد للمصداقية التاريخية سواء من خلال إيجاد قواعد صارمة لا تلغي مرونة المصدر المفتوح وتشترط المحافظة على المنظور العام للمطور الأول ولو أدى ذلك إلى فصل ترخيص البرمجية عن المحتوى الفكري الذي تتضمنه.
أو من خلال وضع جهة راعية للمنتج بحيث تراقبه وتحمي مصداقيته وهي كذلك تمنحه مصداقيتها بحيث يتم التطوير وفق منظور هذه الجهة إذا كان للمنتج أن يحمل سمة محددة كأن تكون اسما مثلا كما في ترخيص موزيلا أو أباتشي.
وفي هذه الحالة أعتقد أن هناك سؤالان رئيسيان:
ما هو حجم العبء الذي تتحمله الجهة المصادقة في متابعة التطوير والإضافات وتدقيقها وأعتقد أن تجربة مجتمع المصادر المفتوحة أجابت عن هذا السؤال فمعظم هذا العبء سيحمله مجتمع المطورين والمستخدمين نفسه ولن تتم الحاجة لتدقيق اختصاصي مباشر من الجهة المصادقة إلا في حالات الاختلاف.
السؤال الثاني التابع للأول كيف ستتم المصادقة على مصداقية التعديل وأعتقد أن الجواب هو نفسه أي من خلال قبول مجتمع المستخدمين والمطورين للتعديل على أنه مطابق للمنظور الأصلي للمنتج.
فمثلا لو أن هناك برنامجا تعليميا مفتوح المصدر أنتجته جامعة وجاءت جهة أخرى وأدخلت تعديلا على هذا البرنامج وقامت بتوزيعه ولم تجد الجامعة الأم أية إشكالية في انتشاره ألا يمكننا القول بأن هذه مصادقة عليه قام بها بالدرجة الأولى مجتمع المستهلكين الذي لم يجد تعارضا بين التطوير ومنظور الجامعة الأم.
بالطبع لن يعدم المجتمع المؤسسات والوسائل الكفيلة بضمان مرونة التطوير والرقابة ضمن بنية منظومة الاتصالات الحالية في حال كان المنتج يحظى باهتمامه وقبوله والأهم إيمانه بالمفهوم الذي يسعى المطور لتوسيعه ونشره والمحافظة عليه.
هذه مجرد قراءة أولية للحاجة لآليات ومظلة تدفع وتنظم الجهد الجماعي والحر الكامن في المجموع نحو تطوير أدوات معرفية نحتاجها لتطوير أنفسنا وعلمنا والأهم من ذلك إنسانيتنا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
دعوة إلى ترخيص حر يحمي المصداقية التاريخية
بحكم بعض الظروف المحلية والعالمية طرحت بعض المشكلات الثقافية نفسها على الساحة وفي ظل النمو المتسارع الذي تشهده البرمجيات الحرة سواء عالميا أو محليا بدرجة أقل ظهرت بعض الإشكاليات الفكرية أو القانونية المحيطة بمفهوم حرية البرمجيات أو المنتجات الفكرية بشكل أعم.
بشكل عام نظرة سريعة على انترنت وسوق البرمجيات في منطقتنا العربية ستوضح وجود كم لا بأس به من المنتجات البرمجية أو تلك التي تدخل في نطاق الملكية الفكرية والتي يعتبرها منتجوها بشكل أو بآخر حرة... مع تباين شديد جدا في تعريف معنى الحرية المقصود هنا بالنسبة لكل منتِج.. عدا عن الضبابية الشديدة جدا في هذا المفهوم لدى معظم هؤلاء بما فيهم العديد من المؤسسات الحكومية كبعض مراكز الأبحاث أو مجامع اللغة أو حتى مؤسسات تعليمية.
وإذا أردنا أن نصنف الموضوع إحصائيا سنجد أن معظم الجهد الذي يعتبره أصحابه للصالح العام هو في المجالات الدينية أو اللغوية أو التراثية أو التعليمية والتسلسل يعكس الحصة الكمية حسب قراءتي, وفي جميع هذه المنتجات هناك غالبا مكون ثقافي من منظور محدد يعتبر المنتج(ون) أنه يجب المحافظة عليه.
وسواء من وجهة نظر مبادرة المصادر المفتوحة opensource.org أو مشروع البرمجيات الحرة fsf.org فأن معظم البرمجيات والمنتجات الفكرية المتداولة في المنطقة على أنها حرة فهي ليست حرة وفق هذه التصانيف والتي هي عالمية حاليا. وإذا عدنا إلى المبادئ الأساسية لمفهوم الحرية كما تطرحها مؤسسة البرامج الحرة وهي الحريات الأربع أي حرية استخدام المنتج [1] لأي هدف وكذلك دراسته وتعديله [2] (وهو ما يتضمن المصدر) وتوزيع [3] المنتج بدون العودة لأي جهة وكذلك تطويره وتوزيع [4] النسخ المطورة.
أو مفهوم المصدر المفتوح الأوسع والأكثر تفصيلا سنجد أن هناك نقاطا مشتركة تتعارض فيها هذه المفاهيم مع معظم الأعمال الموجودة في منطقتنا أهمها غياب المصدر الذي لا بد منه ليتمكن أي شخص من التطوير والتعديل وإذا قبلنا أن ثقافة المصدر المفتوح بدأت تنتشر خصوصا مع دخول كثير من دول المنطقة في اتفاقيات حماية الملكية الفكرية فهنالك مشكلة أخرى تطفو وهي حماية مصداقية المحتوى من تعديل مسيء سواء كان مقصودا أو غير ذلك.
تتجلى هذه المسألة بوضوح في المنتجات ذات الطابع الديني ولكنها موجودة حتى في المنتجات التاريخية أو اللغوية والتعليمية وإن بدرجة أقل وهي تعبير طبيعي عن إشكاليات ثقافية طرحتها ثورة الاتصالات ومن الطبيعي أن تظهر الأزمة لدى الأمم الأضعف.. وللمسألة جوانب متعددة ولكن أعتقد أن ضابطها الرئيسي هو المصداقية التاريخية للمحتوى من منظور معين من الطبيعي أن يكون للمنتج الأول وهو ما أسماه المسلمون يوما ضبط النقل ولكن الأسلوب الذي استخدمه أسلافنا في التحقق من ضبط النقل من خلال ضبط الناقل(ين) غير قابل للتطبيق وهو ما أدى إلى محدودية الإنتاج الفكري رغم مرور عدة سنوات على دخول ثورة الاتصالات إلى منطقتنا.
في arabeyes.org يجري حاليا نقاش مفتوح حول هذه المسألة بعنوان License Islamic Holy material ,وذلك على القائمة البريدية الرئيسية http://lists.arabeyes.org/archives/general/ وأستطيع القول إن التقنيين المشاركين في هذا النقاش لم يتمكنوا حتى الآن من تحديد ضوابط المسألة.
بشكل عام معظم الأصول (المحتوى) الدينية أو التاريخية والغوية هي ملك عام للجميع وليست لأحد ولهذا لا يمكن حمايتها كما لو كانت نصا كتبه شخص معين موجود وأنا (شخصيا) لا أعتقد أن هناك حاجة لحماية هذه النصوص من أن تعدل وتنشر معدلة فهذه ليست مشكلة ولكن المشكلة هي في ضمان مصداقية النقل عن أصول محددة وفق منظور الشخص أو الأشخاص الذين يسعون لبدء مشروع مفتوح يتضمن محتوى ذي خصوصية ثقافية... وإذا أردنا البقاء داخل مظلة المصدر المفتوح فمن حق أي كان أن يعدل وينشر هذا التعديل وهذا يعني أنه لا يمكن حرمان أي جهة من أن تعدل المحتوى وفق المنظور الذي تريده ومن ثم نشر هذا الإصدار المعدل كما أنه لا يمكن حصر الحقوق بجهات محددة دون غيرها مهما كان المبرر وإلا اعتبر هذا انتهاكا لمفهوم المصدر المفتوح؟!
وتظهر المشكلة بشكل آخر في الأعمال التي يتم تطويرها بشكل جماعي من أشخاص متباعدين ليسوا على أية صلة ببعضهم وينتمون إلى مشارب شتى كما في الموسوعة الحرة wikipedia.org وجميع تفرعاتها والعديد من المشاريع المماثلة التي تعتمد على الجهد الجماعي.. ورغم أن هذا يطرح إشكالية في مصداقية أجزاء هذا المنتج كل على حدة إلا أن مصداقيتها الكلية تبقى عالية على أقل تقدير في الأمور غير الخلافية والمشكلة ولا يمكننا القول بأن ENCARTA أو BRITANICA أكثر مصداقية من ويكيبيديا وهي موسوعات تنتجها جهات محددة... ولكن هذا غير كاف في الأعمال الدينية أو التاريخية واللغوية ويمكنك تصفح جهود المتطوعين المترجمين في أرابايز لترى حجم المشكلة اللغوية في الجهد الجماعي.
أنا لست قانونيا وليست الغاية من هذه المقالة طرح حلول للمسألة ولكنني أعتقد أنه يمكن البقاء داخل مفهوم المصدر المفتوح مع تبني مفهوم محدد للمصداقية التاريخية سواء من خلال إيجاد قواعد صارمة لا تلغي مرونة المصدر المفتوح وتشترط المحافظة على المنظور العام للمطور الأول ولو أدى ذلك إلى فصل ترخيص البرمجية عن المحتوى الفكري الذي تتضمنه.
أو من خلال وضع جهة راعية للمنتج بحيث تراقبه وتحمي مصداقيته وهي كذلك تمنحه مصداقيتها بحيث يتم التطوير وفق منظور هذه الجهة إذا كان للمنتج أن يحمل سمة محددة كأن تكون اسما مثلا كما في ترخيص موزيلا أو أباتشي.
وفي هذه الحالة أعتقد أن هناك سؤالان رئيسيان:
ما هو حجم العبء الذي تتحمله الجهة المصادقة في متابعة التطوير والإضافات وتدقيقها وأعتقد أن تجربة مجتمع المصادر المفتوحة أجابت عن هذا السؤال فمعظم هذا العبء سيحمله مجتمع المطورين والمستخدمين نفسه ولن تتم الحاجة لتدقيق اختصاصي مباشر من الجهة المصادقة إلا في حالات الاختلاف.
السؤال الثاني التابع للأول كيف ستتم المصادقة على مصداقية التعديل وأعتقد أن الجواب هو نفسه أي من خلال قبول مجتمع المستخدمين والمطورين للتعديل على أنه مطابق للمنظور الأصلي للمنتج.
فمثلا لو أن هناك برنامجا تعليميا مفتوح المصدر أنتجته جامعة وجاءت جهة أخرى وأدخلت تعديلا على هذا البرنامج وقامت بتوزيعه ولم تجد الجامعة الأم أية إشكالية في انتشاره ألا يمكننا القول بأن هذه مصادقة عليه قام بها بالدرجة الأولى مجتمع المستهلكين الذي لم يجد تعارضا بين التطوير ومنظور الجامعة الأم.
بالطبع لن يعدم المجتمع المؤسسات والوسائل الكفيلة بضمان مرونة التطوير والرقابة ضمن بنية منظومة الاتصالات الحالية في حال كان المنتج يحظى باهتمامه وقبوله والأهم إيمانه بالمفهوم الذي يسعى المطور لتوسيعه ونشره والمحافظة عليه.
هذه مجرد قراءة أولية للحاجة لآليات ومظلة تدفع وتنظم الجهد الجماعي والحر الكامن في المجموع نحو تطوير أدوات معرفية نحتاجها لتطوير أنفسنا وعلمنا والأهم من ذلك إنسانيتنا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
تعليق