ملف تاريخ سوريا والعراق

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد زعل السلوم
    عضو منتسب
    • Oct 2009
    • 746

    ملف تاريخ سوريا والعراق

    مقامات عراقية: رقصة المالكي مع المقام «البغدادي»
    هل هناك غير نوري المالكي، رئيس حكومة ديمقراطية أو استبدادية في العالم، يظهر على الشاشة في مؤتمر صحافي، وهو يحمل صورا لجثث مشوهة، مباهيا بعملية قتل مشبوهة؟!
    كان بديهيا أن يباهي صدّام الشقي الآتي من شوارع السحل والدم، بصوره وهو يحمل المسدسات ويطلق رصاص الرشاشات. المالكي أستاذ الأدب العربي الآتي من المدرسة، ليترأس ائتلافا حاكما باسم «دولة القانون» لم يتمالك نفسه. هو أيضا يثبت أن لا شيء تغير في عقلية وأسلوب حكم العراق. ما زالت المسؤولية السياسية في العالم العربي علاقة قوة بين الدولة والمجتمع.
    كيف يتورط أقوى مسؤول في الدولة، بهذه المخالفة الفاضحة للقانون، وللأخلاقية الاجتماعية؟ حاكم «دولة القانون» يظهر على الشاشة أمام ملايين الأطفال في العراق والعالم، ملوحا بصور دموية مرعبة! لماذا لم يعهد المالكي إلى مسؤول أمني أو مخابراتي، بل إلى محقق أو قاضٍ، بمهمة لا تليق بسياسي. بمسؤول. برئيس حكومة؟
    يظن المالكي أن وحشية تنظيم «القاعدة» التي أدمت المجتمع المدني في العراق، أكثر مما أدمت الاحتلال، تجيز له حمل مستمسكات «لحمية وعظمية» لعملية قتل مضادة لـ«القاعدة» وقادتها، تماما كما فعل الناصريون العراقيون عندما حملوا إصبعا من جثة نوري السعيد إلى جمال عبد الناصر. ظنوا أنهم يرضون فيه غرور النكاية والشماتة بخصم وعدو. فاستشاط عبد الناصر غضبا واشمئزازا.
    لماذا لم يقدم المالكي تفاصيل وافية عن عميلة استئصال واجتثاث «البغدادي» و«المصري»؟ ربما كان بالإمكان اعتقالهما للحصول منهما على معلومات أثمن وأوسع، من تلك التي تم الحصول عليها من زميلهما المعتقل الذي وشى بهما. هل استسلما؟ قاوما؟ هل تمت تصفيتهما فورا؟ أم بعد الاعتقال؟ هل حضر قضاة التحقيق العملية؟
    إذا كانت قوات «دولة القانون» لم تبلغ من القوة والكفاءة مستوى يؤهلها لمحاصرة وحشين آدميين، بحيث استعانت بقوات الاحتلال الأميركية، في عملية مُرَتَّبَة سلفا، فكيف تستطيع الديمقراطية العراقية أن تحكم نفسها بنفسها، بعد «الانسحاب» الأميركي من التدخل اليومي لإسنادها؟
    العراق مقامات. أبى المالكي إلا أن ينافس الراحلين ناظم الغزالي ومحمد القبانجي في أداء المقام العراقي. اختار الرقص السياسي على إيقاع المقام «البغدادي». ظن أن الظهور مع جثة البغدادي يخدمه شخصيا كرجل الأمن في «دولة القانون».
    ينسى المالكي أن استئصال الرأس، لا يمنع من حلول رؤوس أخرى محله. الإرهاب لا يستأصل بإجراءات أمنية. إنما بتدابير سياسية واجتماعية. الدليل تلك العمليات الهمجية التي شنتها «القاعدة» بعد اجتثاث قادتها. وكان الهدف تفجير الغرائز الطائفية، باستفزازها بالنسف الجماعي للتجمعات السكانية.
    لم تكد رقصة المقام تنتهي على الشاشة، حتى انفجرت متفجرة أخرى أودت بمصداقية «دولة القانون». تبين أن رئيس الحكومة يدير «مقاما» بغداديا آخر. سجن سري تشرف عليه قواته الأمنية والمخابراتية المرتبطة به مباشرة. السجن يضم 431 إنسانا - الإحصاء أميركي - استعان المالكي بقاضٍ بلا ضمير، ليحشر مواطنين من سنّة الموصل في سجن سري، بحيث لا يتمكن قضاة ذوو ضمير من الإفراج عنهم.
    المضحك المبكي أن وجدان سالم وزيرة حقوق الإنسان التي رشحها المالكي على قائمة «دولة القانون» الانتخابية، ظهرت هي أيضا على الشاشة. أدت هي أيضا الرقصة المناسبة «للمقام». أعلنت أن رئيسها أغلق «المقام البغدادي السري» فور انكشاف أمره. تستطيع أن تضحك لتقع على قفاك، وأنت تسمع صاحبة «الوجدان السالم» وهي تقول إن المالكي أمر بتأميم المعتقلين. لم يفرج عنهم. إنما أمر بنقلهم إلى سجون رسمية. كأن سجون المالكي الرسمية أكثر إنسانية. كأن التعذيب المروِّع لا يمارس فيها، كما يمارس في السجون السرية.
    لا نهاية لعذاب العراق. من سجون نوري السعيد. إلى مقابر صدام الجماعية. إلى سجون المالكي الرسمية والسرية. كيف يداعب الكَرَى مقلتي مدرس الأدب العربي؟ كيف يذهب إلى بيته، آمنا مطمئنا بين أهله وأبنائه، وجلادوه يؤدون «مقامات» التعذيب في سجونه؟ السؤال مطروح أيضا على كل مسؤول عربي يعرف. أو لا يعرف ماذا يدور في سجونه. بات التعذيب في السجون إلزاميا. مجرّد اعتقال الإنسان، مذنبا أو غير مذنب، لم يعد كافيا.
    في حياتي الصحافية، عرفت سجونا وفنادق كثيرة، نمت مطمئنا في أفخم الفنادق. ودخلت أشهر السجون. شكرا لحرب تشرين. لولا الحرب لَمَا دخلت سجن المزة سيئ السمعة. رأيت الصالات (القواويش) تُخلى على عجل من المعتقلين. حل محلهم مئات الأسرى من الجنود والطيارين الإسرائيليين. رأيت أطباء سوريين يجرون، بعناية إنسانية، عمليات جراحية دقيقة للجرحى الإسرائيليين. شاهدت الخيبة والدهشة على وجوه الطيارين. فقد أسقط صاروخ سام الطائرات الفضِّية الإسرائيلية كالعصافير.
    في عام 1954، دخلت صحافيا متفرجا سجن «مخفر أبو حسن» الذي أقامه الدكتاتور أديب الشيشكيلي، إلى جانب مقبرة واسعة في حي الميدان بدمشق، ربما لتسهيل نقل الأحياء إلى أحضان الموتى، بلا علم «دولة القانون». قرأت على جدران الزنزانات الضيقة عذابات سجناء مجهولين، كانوا مجرد أرقام صمّاء في سجلات الجلادين.
    في الستينات، رأيت بيت نقابة الصحافة يتحول إلى معتقل رهيب! كان البيت، أصلا، منزلا عربيا جميلا لرئيس دولة قديم اسمه الشيخ تاج الدين الحسني. بعد انتهاء التحقيق، كان علي أن ألعب الـ»بيم بوم» مع ضباط التحقيق الذين يحبون الرياضة في سجن الصحافة. كان وقع الكرة على الطاولة لا يُخفي أنّات وصراخ معتقلين محشورين، كالدجاج، في أفنية البيت المظلمة.
    دخلت سجن قلعة دمشق الكئيب. قبل 51 سنة، رأيت عصام المحايري زعيم الحزب السوري القومي يلتهم «ساندويشا»، وهو يتفرج على مباراة بالكرة الطائرة بين المساجين، كان الرجل محكوما بالسجن في قضية اغتيال الحزب للعقيد عدنان المالكي رجل الجيش القوي في عام 1955. لكن الرجل السياسي كان محشورا بين المجرمين العاديين.
    بل ذهبت إلى معتقلات تحقيق تحت الأرض، وفوقها في أوروبا، بوشاية زملاء أوفياء في المهنة. مهنة الصحافة. بعد انتهاء كل تحقيق، كان الضباط المحققون يَرْبتون على كتفي. يقولون لي: «لا تقلق. فأنت في بلد ديمقراطي يحترم الحرية». ثم يدعونني إلى فنجان قهوة في مقهى مجاور للمعتقل. ويقدمون لي بطاقاتهم الشخصية كَلَفْتَةِ اعتذار.
    لست بطلا. مجرد صحافي كان محظوظا. دخلت السجون والمعتقلات وغرف التحقيق. خرجت سالما بعد ساعات، من قبضات محققين أصحاب ضمير، أو جلادين امتهنوا كرامة الناس بالتعذيب. أعرف ساسة وزعماء وزملاء صحافيين دخلوا السجون أبرياء. رأيتهم يخرجون بعد أشهر أو سنين، بعاهات وأمراض. دخل الدكتور سامي الجندي السجن. خرج محمولا على نقالة إلى سراي الحكومة، محاولا تشكيل الحكومة الانقلابية (1963). مات الجندي، وفي صدره غصة من الفشل السياسي ومرض المفاصل.
    كان حالي في كل تحقيق، كحال الشاعر تميم بن جميل في حضرة المعتصم:
    ومن ذا الذي يُدلي بعذر وحجةٍ
    وسيفُ المنايا بين عينيه مُسْلَطُ؟
    كان عذري الدائم أني لا أعمل في السياسة. ولم أنتسب إلى حزب في السلطة. أعتبر نفسي محظوظا. فما زلت حيا. أروي، بعد كل هذه السنين، شيئا عن عذابات الآخرين في المعتقلات وسجون التحقيق. شكرا لدولة المالكي. «لدولة القانون» التي أتاحت لي المناسبة للحديث عن موضوع قلما تتحدث عنه الصحافة العربية.

    غسان الامام
    الشرق الأوسط
  • محمد زعل السلوم
    عضو منتسب
    • Oct 2009
    • 746

    #2
    البعث» شريك في حكم العراق.. هل هذا ممكن؟!

    البعث» شريك في حكم العراق.. هل هذا ممكن؟!
    أشارت بعض المعلومات التي جرى تداولها، وإن على نطاق ضيق، في فترة تردي العلاقات العراقية السورية على خلفية الانفجار المروع الذي استهدف في التاسع عشر من أغسطس (آب) الماضي وزارتي الخارجية والمالية في بغداد، إلى أن أحد أسباب الخلاف الطارئ بين رئيس الوزراء نوري المالكي والقيادة السورية هو أن دمشق كررت طلبها وأكثر من مرة بأن يكون حزب البعث (السوري) من خلال فرعه في العراق شريكا أساسيا، إلى جانب عشرات الأحزاب والتكوينات الأخرى، في الحكم العراقي الذي استجد بعد إسقاط نظام «بعث» صدام حسين في أبريل (نيسان) عام 2003. يؤكد المسؤولون في قيادة البعث (السوري) وعلى رأسهم بالطبع الرئيس بشار الأسد، وهذا الكلام يتردد أنه قيل للمالكي خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق التي سبقت انفجارات بغداد المروعة مباشرة، أن فرع حزبهم في العراق الذي كان تبلور كتنظيم مستقل بعد حركة الثالث والعشرين فبراير (شباط) عام 1966، استمر في النضال ضد نظام البعث الآخر في العراق قبل انفراد صدام حسين في الحكم في عام 1979 وبعد ذلك وأنه قدّم شهداء كثرا على هذا الطريق والآلاف من المعتقلين والمطاردين وكل هذا قبل أن يكون هناك حزب «دعوة» وقبل أن يكون هناك أيضا المجلس الأعلى للثورة الإسلامية. والمعروف أن وحدة حزب البعث بتنظيمه القومي، وبخاصة القطر العراقي والقطر السوري، قد اهتزت في المؤتمر القومي السادس الذي انعقد في دمشق في عام 1963 بعد سقوط أول تجربة له في الحكم في العراق بانقلاب قاده الرئيس الأسبق عبد السلام عارف ثم ما لبثت أن تصدعت نهائيا عندما أطاح ما اعتبر نفسه يسار هذا الحزب ومن رموزه الأساسيين، بالإضافة إلى الرئيس حافظ الأسد، كل من اللواء صلاح جديد والدكتور نور الدين الأتاسي والدكتور يوسف زعين والدكتور إبراهيم ماخوس بنظام «القيادة القومية»: أمين الحافظ وميشيل عفلق وصلاح البيطار والدكتور منيف الرزاز في حركة الثالث والعشرين فبراير (شباط) عام 1966. بعد هذه الحركة التي قضت عليها حركة سُمِّيت «تصحيحية» قادها الرئيس حافظ الأسد في نوفمبر (تشرين الثاني) 1970 انحاز قطر العراق بغالبيته ومن رموزه أحمد حسن البكر وعبد الخالق السامرائي وصالح مهدي عماش وبالطبع صدام حسين إلى «القيادة القومية» التي وُصفت في دمشق في العهد الجديد بأنها يمينية ومتخلفة والتي كان على رأسها الثلاثي التاريخي (الأستاذ) ميشيل عفلق الذي هو مؤسس هذا الحزب وصلاح البيطار الذي اغتيل في فترة لاحقة في باريس والدكتور منيف الرزاز (الأردني) الذي كان مصيره الإقامة الإجبارية في منزله في بغداد حتى وفاته بعد اتهامه من قبل صدام حسين بالتنسيق مع المجموعة التي وصفت بأنها انقلابية والتي أُعدم رموزها في «وجبة» إعدامات جماعية في عام 1979. وحقيقة أن فرع البعث (السوري) في العراق، وبخاصة في مرحلة حكم الثنائي صلاح جديد نور الدين الأتاسي وهي المرحلة التي امتدت من عام 1966 وحتى يوليو (تموز) عام 1968، حيث قام أحمد حسن البكر ومعه صدام حسين بالانقلاب على نظام عبد الرحمن عارف، كان له الثقل الرئيسي هناك وكان قد احتل مكانة لم يفقدها إلا في السنوات اللاحقة في أعقاب هذا الانقلاب المشار إليه الذي سادت في أعقابه حملات تصفيات اتخذت أشكالا متعددة ضد ما سمي «التيار الشباطي» الذي من بعض رموزه من يقودون الآن ما يسمى «المقاومة العراقية».
    وحتى في مرحلة ما بعد «الحركة التصحيحية» التي قام بها الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد فإن فرع حزب البعث (السوري) في العراق بقي من أكثر المناوئين لنظام صدام حسين، إن في فترة ما قبل «الميثاق القومي» الذي انهار في عام 1979 وإن بعد ذلك، ولعل ما هو معروف أن هذا الفرع بدعم دمشق بالطبع قد حاول الإطاحة بحكم الرئيس العراقي الأسبق أكثر من مرة وأنه ساهم في بعض التفجيرات على الأراضي العراقية ردّا على حملة التفجيرات والاغتيالات التي كان نظام بعث العراق قد نفذها بالتعاون مع الإخوان المسلمين (السوريين) ومع بعض الفصائل الفلسطينية على الأراضي السورية. بعد انهيار نظام صدام حسين في أبريل (نيسان) عام 2003 بنحو أقل من عامين انقسم حزب البعث الذي بقي يحكم العراق على مدى خمسة وثلاثين عاما إلى قسمين، قسم تزعمه عزة الدوري المختفي الآن ويقال إنه يقود جزءا من المقاومة العراقية، وقسم يتزعمه محمد يونس الأحمد المقيم علنا في دمشق والذي اتهمته حكومة نوري المالكي بأنه هو المسؤول عن انفجارات التاسع عشر من أغسطس (آب) الماضي وأن وجوده، حيث يقيم هو المسؤول عن تردي العلاقات العراقية السورية وحقيقة أن الرئيس بشار الأسد يعتبر أن هذا القسم مع الفرع العراقي من حزبه أي حزب البعث (السوري) يشكلان قوة واحدة يجب أن تكون شريكا رئيسيا في قيادة الدولة العراقية.
    إنه من غير الممكن أن تتخلى سوريا عن هذا المطلب من الآن فصاعدا فهي صمتت كل هذه الفترة منذ سقوط نظام صدام حسين لاعتبارات متعلقة بتحالفها مع إيران ولاعتبارات أخرى متعلقة بأوضاع العراق الداخلية وبعمليات ما يسمى «المقاومة» هناك، أما بعدما تبلورت الأمور وبعدما تقرر أن ينسحب الأميركيون من بلاد الرافدين في عام 2011 فإن دمشق، التي ترى أن ثقلها في «القطر الشقيق» لا يقل عن ثقل أي من الأحزاب والقوى الأخرى حتى بما في ذلك حزب الدعوة و«المجلس الأعلى»، ستبقى تصر على أن «بعثها» يجب أن يكون شريكا رئيسيا في تقاسم الكعكة العراقية.
    والمشكلة بالنسبة إلى هذه الشراكة، التي لن تتنازل عنها سوريا على اعتبار أنها تشكل ركيزة أساسية من ركائز الدور الإقليمي التي تتطلع إليه في هذه المنطقة، هي أن إيران مقابل موافقة الأميركيين التي يبدو أنها باتت مضمونة في ضوء التفاهم السوري الأميركي المتصاعد لا يمكن أن تقبل بأي اهتزاز للمعادلة المذهبية القائمة حاليا وبخاصة أنها تعرف أن حزبا بعثيا لا يمكن إلا أن يكون حزبا انقلابيا ولا يمكن إلا أن يكون قوميا ومناوئا للتمدد الإيراني في إحدى أهم الدول العربية.
    وهكذا فحتى لو تخلى حزب البعث عن اسمه واتخذ واجهة أخرى تحت مسمى آخر فإن المؤكد أن الإيرانيين لن يقبلوا به شريكا في تركيبة الحكم العراقية، فإيران التي من خلال أجهزتها ومن خلال فيلق القدس، وعلى رأسه الجنرال قاسم سليماني، لها السيطرة الكاملة في العراق أمنيا وسياسيا وكل شيء باستثناء إقليم كردستان العراق لن تسمح بأن يتقاسم معها هذه السيطرة شريك غير مضمون رغم أنه محسوب على دمشق التي هي حليفها الاستراتيجي في هذه المنطقة.
    الآن هناك انتخابات مصيرية على الطريق والمؤكد أن دمشق من الآن وحتى موعد هذه الانتخابات ستسعى إلى تحالفات من خلال فرع حزبها، حزب البعث (السوري)، في العراق و أيضا من خلال مجموعة محمد يونس الأحمد مع المجموعات السنية وهي ستحاول بالتأكيد التعاون مع التحالف الشيعي الجديد الذي أُعطيَ من قبيل ذر الرماد في الأعين اسم «الائتلاف الوطني» لإسقاط نوري المالكي أو على الأقل إضعافه ومنعه من العودة إلى الحكم مرة أخرى وهذه مسألة يبدو أن العاصمة السورية تتفق بالنسبة إليها مع العاصمة الإيرانية.
    إن المؤكد أن سوريا، التي تشترط على الأميركيين مقابل ما يطلبونه منها أن يسلّموا لها بمكانة إقليمية أساسية تتمثل بدور أمني وسياسي في لبنان وفي العراق وفي القضية الفلسطينية، لن تتنازل إطلاقا عن مطلب أن يكون الفرع العراقي ل«بعثها» شريكا رئيسيا في الكعكة العراقية مثله مثل حزب الدعوة ومثل المجلس الأعلى ومثل باقي التنظيمات الشيعية والسنية الرئيسية.

    عن الشرق الأوسط

    تعليق

    • محمد زعل السلوم
      عضو منتسب
      • Oct 2009
      • 746

      #3
      شيعة العراق قبل إيران رفضوا علاوي!

      شيعة العراق قبل إيران رفضوا علاوي!

      -37-

      ماذا سيحصل الآن في العراق بسبب تعثّر تأليف الحكومة اكثر من خمسة اشهر بعد اجراء الانتخابات التشريعية؟ عن هذا السؤال أجاب الموظف المهم نفسه والمتعامل مع ملف العراق داخل "الإدارة" البارزة في الإدارة الاميركية، قال: "الآن سيبدأ البحث من جديد ولكن في صورة رسمية ومن داخل مجلس النواب الذي بدأت ولايته اخيراً بقرار المصادقة على نتائج الانتخابات. طبعاً حصل تأخير بسبب مشكلات اخرى منها الطعون التي استوجبت إعادة الفرز في مناطق معينة ولا سيما في بغداد. إلا ان إعادة الفرز لم تغيّر في النتائج المعلنة. إذ بقي اياد علاوي وقائمته "العراقية" في المقدمة من حيث عدد المقاعد النيابية. الآن هناك مسألة تشغل الجميع هي من يحق له ان يكون رئيساً للحكومة؟ من فاز بأكبر كتلة نيابية بعد خوضه الانتخابات على رأس قائمة واحدة؟ أم من تختاره الكتلة النيابية الاكبر التي تتألف من مجموعات حزبية تنافس بعضها مع بعض اثناء الانتخابات؟ في الانتخابات السابقة قرر "المجلس الدستوري" او المجلس الرسمي الذي يشبهه ان الكتلة الاكبر التي تتشكل بعد الانتخابات تختار رئيس الحكومة منها. وقُبِلَ قرار الجميع حينذاك". علّقتُ: قُلتُ ان ايران حاولت جمع المرشحين الشيعة في ائتلاف واحد قبل الانتخابات واخفقت. لكن لا تنسَ انها وحّدتهم، وهي فرضت وحدتهم بعد الانتخابات رغم عدم توصّل زعماء هؤلاء الى تسوية كل خلافاتهم. علماً ان لجنة حكماء شُكّلت لايجاد حلول او تسويات لكل المشكلات. ردّ: "ما تقوله صحيح ونعرفه. لكن ايران فرضت الوحدة ليس لانها بكل بساطة لا تريد اياد علاوي رئيساً للحكومة، وهي لا تريده، بل لأن مصالحها تفرض عليها جمع الشيعة العراقيين في مرحلة مصيرية لها ولهم. علماً ان السبب الفعلي للخلاف ليس ان ايران ترفض علاوي بل هو طموح نوري المالكي منافسه ورئيس الحكومة الحالية التي انتهت مهمتها بعد المصادقة على نتائج الانتخابات النيابية ورغبته في تأليف الحكومة الجديدة. وعلماً ايضاً ان هناك طامحين غيره لرئاسة الحكومة في الكتلة النيابية التي يتزعّمها السيدان عمار الحكيم ومقتدى الصدر. لا بد من الاشارة هنا الى ان علاقة المالكي بسوريا سيئة جداً".
      علّقتُ: اشيع في اوساط عراقية وعربية ودولية عدة ان سوريا حصلت على تأييد من السعودية وتركيا وايران لترؤس اياد علاوي الحكومة الجديدة اذا فاز باكبر كتلة نيابية. تبين لاحقاً ان سوريا تريد علاوي لأنه يعزز وضعها في العراق ويعزز التعاون بينها وبين السعودية الذي استؤنف بعد المصالحة الشهيرة في قمة الكويت. وتعرف ان هناك تنافساً بين سوريا وايران في العراق. فالأولى ومن خلال السنّة والبعث تؤسس نفوذاً مهماً في العراق وخصوصاً اذا دعمها السعوديون وعرب الخليج. اما الثانية اي ايران فتعرف ان مصلحتها تكمن في توحيد الشيعة لأسباب متنوعة وخصوصاً في مواجهتها الاقليمية – الدولية الصعبة التي تخوض. ولذلك فإنها رفضت علاوي رغم انه كان طرحاً سورياً. ردّ الموظف المهم نفسه المتعاطي شؤون العراق في "الإدارة" البارزة اياها داخل الإدارة الاميركية: "قد تكون ايران رفضت علاوي. لكن قبل رفضها هذا رفضه شيعة العراق او بالأحرى غالبيتهم. والأسباب كثيرة بعضها سياسي وجوهري. الا ان ابرزها يبقى الصراع على رئاسة الحكومة". علّقتُ: سمعت ان جهات شيعية عراقية مهمة رفضت علاوي رئيساً للحكومة رغم انه شيعي لأنه اُنتخب من السنّة وليس من الشيعة (73 نائباً في كتلته ينتمون الى الاسلام السنّي و12 الى الاسلام الشيعي و6 الى فئات مختلفة). وهذا يعني ان شيعة العراق لا يعتبرون ان علاوي يمثلّهم. ردّ: "هذا امر صحيح. لكن لا تنسَ ان علاوي يجول باستمرار على المناطق السنّية وعلى دول الجوار السنّي. كما ان ايران استدعت الجميع الى طهران للبحث في توحيد المواقف".
      علّقتُ: ما تقوله يدفع ايران وشيعة العراق الى مزيد من التمسّك برفض علاوي. هل تعتقد ان العداء القديم بين آل الحكيم وحزب "الدعوة" قد يتسبب بانشقاق في الائتلاف الجديد الموسع الذي "فرضته" ايران وتالياً قد يعطي علاوي فرصة جديدة للعودة الى رئاسة الحكومة؟ اجاب: "هناك حرص عندنا وعند عرب الجوار والعراقيين وخصوصاً الشيعة على عدم استبعاد السنّة من الحكومة والحكم. والمقصود السنّة الذين يمثلون فعلاً "طائفتهم". وهؤلاء موجودون في الكتلة النيابية لعلاوي. لكن كيف يكون ذلك؟ لا احد يعرف حتى الآن. لا يزال الخلاف على رئاسة الحكومة محتدماً".
      سألت: أي دور للاكراد العراقيين في ذلك؟ او هل لهم دور فيه؟ وهل ينضمون الى فريق ويقفون ضد آخر؟. أجاب: "طبعاً هناك اكراد جلال الطالباني واكراد مسعود البرزاني. وهناك مجموعة "كور" المنشقة عن الطالباني. ونحن نتساءل هل اضعف انشقاق "كور" الطالباني؟ وهل يدفع انشقاقها البرزاني الى العمل لاحتواء الطالباني؟ لا اجوبة عن كل ذلك. لكن ما يعرفه الجميع ان ميل الاكراد في غالبيتهم الى فريق يُربحه. لكن هل يسهّلون تأليف حكومة لا تمثيل شيعي اكثري فيها؟ لا اعرف". سألتُ: الاكراد مرتبطون بكم اي بأميركا على ما هو معروف. ويفترض انهم يسمعون نصائحكم. فهل قدمتم نصائح معينة في خصوص الموضوعات التي تتحدث فيها؟ اجاب: "ما تقوله فيه بعض الصحة. لكنه ليس حاسماً على النحو الذي قلته. طبعاً ساعدنا الاكراد. وعلاقتنا بهم جيدة من زمان. وهم لهم مؤيدون في واشنطن. ونتشاور معهم في موضوعات كثيرة. ونعطي رأينا، وغالباً ما نتفق. لكننا لا نفرض رأياً معيناً عليهم".
      علّقتُ: يتردد ان العراق قد يشهد حرباً اهلية اذا لم يحصل تفاهم سريع على حكومة ممثلة للجميع. ردّ: "لماذا؟ ومن الذي سيقوم بالحرب؟" علّقتُ منهياً الحديث: لقد بذلتم جهوداً كبيرة لجعل سنّة العراق يشاركون في الانتخابات ويدخلون الدولة. ونجحتم فأقلع معظمهم عن ان يكونوا مجال نفوذ لـ"القاعدة" والذين على شاكلتها. وقد ساهمت في ذلك السعودية والاردن والامارات. وظهرت في وضوح خسائر "القاعدة". الا تعتقد ان سنّة العراق سيعودون الى "الحرب" او الى عدم الاستقرار وبدعم من جوارهم اذا همشوا من جديد؟ أوليس من شأن ذلك توريط الجميع في حرب صعبة داخل العراق؟
      ماذا في جعبة متعاطٍ اميركي على نحو مباشر ورسمي بعملية السلام في الشرق الاوسط وتحديداً بإعادة اطلاقها في الإدارة "البارزة" نفسها داخل الإدارة الاميركية؟

      سركيس نعوم
      sarkis.naoum@annahar.com.lb

      تعليق

      • محمد زعل السلوم
        عضو منتسب
        • Oct 2009
        • 746

        #4
        متى يصير العراق جاهزاً؟

        متى يصير العراق جاهزاً؟


        لا يكشف التقويم المتشائم الذي رسمه رئيس اركان الجيش العراقي بابكر زيباري جديداً بالنسبة الى عدم قدرة القوات المسلحة العراقية على الإمساك بالزمام قبل سنة 2010. فمنذ حل الجيش العراقي السابق عقب الغزو الاميركي عام 2003، أخفقت الولايات المتحدة في بناء قوات عراقية محلية بديلة.
        ولا يبدو ان الجهاز العسكري لعراق ما بعد الغزو الاميركي هو وحده الذي يعاني مصاعب في اعادة البناء. فالمستوى السياسي لا يزال هو الآخر في حاجة الى سنوات وسنوات كي يترسخ في هذا الاتجاه او ذاك. وليس أدل على ذلك من عجز الكيانات السياسية عن التوصل الى اتفاق لتأليف حكومة عراقية جديدة بعد مضي خمسة أشهر على الانتخابات النيابية.
        بيد انه لا العجز العسكري الذاتي ولا افتقار المستوى السياسي الى حد أدنى من الاتفاق على تقاسم السلطة، سيشكلان عامل ضغط على واشنطن كي تمدد بقاء قواتها في العراق الى ما بعد نهاية 2011. ولا يعدو التأكيد الاميركي على التزام الجدول الزمني للانسحاب سوى ضغط معاكس تمارسه الولايات المتحدة على الاطراف العراقيين كي يسرّعوا عملية تأليف الحكومة، بحيث تنتفي الاسباب التي يمكن ان تحمل الادارة الاميركية على تمديد وجودها العسكري في العراق.
        ولا ينم ذلك طبعاً عن زهد اميركي في التخلي عن مصالحها في العراق، وإنما هي تطمح الى ضمان هذه المصالح من طريق بذل أقل خسائر ممكنة في سبيل ذلك. ويمثل الاتفاق الامني بين واشنطن وبغداد حجر الزاوية في العلاقات المستقبلية بين البلدين. كما لا يلوح في الافق ان اميركا مستعدة للتخلي عن مصالحها الاقتصادية في العراق بمثل هذه السهولة، وإنما تريد ان تحافظ على هذه المصالح ايضاً بأقل قدر من الخسائر، كأن تفعل ذلك من طريق الاتفاقات الاقتصادية التي تأتي الاتفاقات النفطية في طليعتها.
        الامر الاكيد في السياسة الاميركية حيال العراق هو الرغبة في الانسحاب العسكري، مع الحفاظ على المصالح الامنية والسياسية والاقتصادية من طريق الاتفاقات المعقودة. ولذلك تسعى واشنطن الى الاسراع في تأليف حكومة عراقية جديدة سيجري في ظل حكمها اتخاذ الترتيبات الضرورية لاستكمال الانسحاب العسكري الاميركي ورسم السياسة التي سيتبعها العراق في ظل استقطابات حادة.
        ومنذ الآن بدأ القلق يدب في اسرائيل من اتجاهات الريح العراقية بعد الانسحاب الاميركي. فمن يضمن بقاء بغداد بعيدة عن التجاذبات الاقليمية اذا ما سارت الامور لمصلحة قيام حكومة عراقية مستقلة واستتبت الاوضاع الامنية نسبياً؟ وهناك قلق اسرائيلي دائم من ان يلتصق العراق بسوريا او ايران لا سيما وان استمرار الصراع العربي - الاسرائيلي لا يمكن ان يبقي بغداد منشغلة الى الابد عن هذا الصراع. ولذلك تريد اسرائيل ضمانات منذ الآن عن الدور المستقبلي للعراق.
        ولذا لن يكون الانسحاب العسكري الاميركي، الذي يخطو خطوة مهمة بعد اسبوعين، سوى بداية لفتح الصراع مجدداً على ارض الرافدين. فأميركا تريد عراقاً موالياً معتمداً عليها عسكرياً واقتصادياً واسرائيل تريد ضمان بقاء العراق بعيداً عن ساحة الصراع العربي - الاسرائيلي ومنشغلاً بقضاياه الداخلية الى الابد. وفي المقابل لا يمكن العراق ان يبقى منفصلاً عن عمقه الاستراتيجي المتمثل بسوريا والعكس صحيح، في حين من الصعوبة بمكان احتواء النفوذ الايراني الذي نشأ بعد الاجتياح الاميركي وسقوط نظام صدام حسين.
        ومهما تعددت السيناريوات التي ترسم للعراق بعد الخروج العسكري الاميركي، فإنه لن يكون في الامكان سلخ العراق نهائياً عن القضايا التي تدور في محيطه. واذا ما قيّض لهذا البلد ألا يذهب في اتجاه التفتت النهائي على خلفية تأجيج الصراع المذهبي والعرقي، فإنه لا بد يوماً من استعادة دوره الطبيعي.

        سميح صعب
        samih.saab@annahar.com.lb

        تعليق

        يعمل...