محاذير التهنئات آخر تحديث:الأربعاء ,11/08/2010
عبداللطيف الزبيدي
رمضان كريم . موصوف وصفة، لا أكثر ولا أقل، حتى لا نقع في المحذور والمحظور . يجب أن ندير اللسان سبع مرّات في الفم قبل النطق بالتهنئات في المناسبات . فهذه العبارات الجاهزة غير صالحة لكل زمان وكل مكان ومن دون شروط . ففي غير محلها تنطبق عليها: ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب .
الحيطة واجبة حتى لا تتحول التهنئة إلى هجاء أو دعاء بالويل والثبور وكوارث الأمور . كيف تتجرأ على القول لمسكين في فالج الفلّوجة: “ينعاد عليك”؟ سيرد عليك بباقة منتقاة من شتائم “الرسالة البغدادية” لأبي حيان التوحيدي .
وكيف ينبغي لنا أن نقول “ينعاد عليك” لمن لا يستطيع أن يتنفس الصعداء في “صعدة”، أو من يعاني عبوة في “شبوة” في اليمن السعيد، حين تتمدد دال السعيد فتصير راء؟ وهل تقولها لمن هو في دار فرن “دارفور” أو في السودان عموماً والسوء دانٍ منه؟
وهل يعقل أن يسمع أهل “السند”، الذين باتوا بلا سَنَد، هذه العبارة من دون أن يعدّلوا قول شاعر باكستان العلامة “إقبال”:
أكواخنا ملئت بأنّات الجوى
لا بدّ للمكبوت من فيضانِ
بلد “إقبال” في إقبال على الهلاك . وقد مررت بمنطقة “سَكرَ” الغارقة الآن، وأعرف ما معنى أن يفيض نهر “الأندس” العظيم، فبعض فروعه كأعظم الأنهار، وأذكر أنني عندما رأيته قبل عقدين أيقنت أن الأنهار العظيمة ليست دائماً باعثاً على قيام الحضارات العظيمة . وماذا عن أفغانستان التي أصبحت كلها “تُرى بوراً” رغم ما بها من آلاف مليارات الدولارات من الثروات المعدنية والنفط والغاز والذهب؟ كيف يكون شعور أهل كابل وقد صارت عاصمتهم “كابلاً” حول أعناقهم، وأهل قندهار ذات “القند الهاري”؟
كدت أنسى “الصوم آل” أو “السوء مآل”، الذي جف فيه الضرع، وأُحرق الزرع، ويبس الأصل والفرع، فلطبول الحرب كل لحظة قرع، وللمساكين الصرع .
على طريقة: المصيبة إذا عمّت هانت، يبدو أن الطبيعة تبنّت منهجية “البنيوية”، وراقتها النظرة الشمولية، فبلاد المسلمين لم تعد وحدها المنكوبة دائماً . حول موسكو مئة وخمسون حريقاً . فالغابات تكلثمت: “أتقلب على جمر النار”، وقد افتتحت المدينة مئة وعشرين محلاً لتقديم كوكتيل للانتعاش في عالم من الدخان: بيض وشاي وأوكسجين معاً . تجربته تحتاج إلى قوة قلب وقلة ذوق . أمّا الصين فقد اجتمعت عليها الفيضانات والانهيارات الأرضية . وفي أقصى شمال الكوكب جبال ثلوج تنهار، فهل من نوح؟
منذ سنوات أجرى الإيرانيون تعديلاً على التهنئة التي يرددونها في الأعياد: “مئة عام كهذه الأعوام”، رأوا أنها صارت غير مجدية، فجعلوها: “مئة عام أفضل من هذه الأعوام” .
أتمنى لكم ذلك .
abuzzabaed@gmail.com
شهر الإيمان والمعرفة آخر تحديث:الأربعاء ,11/08/2010
ابن الديرة
أهلاً برمضان . شهر الصوم والعبادة والعمل . أهلاً بالشهر الكريم الذي ميزه المولى عز وجل على بقية الشهور، فكانت له المكانة العالية، والرتبة السامية، وحلّ في قلوب الناس محلاً عزيزاً، فهو وقت ينتظر طيلة العام، ويحل خفيفاً وغالياً على الروح، فلا يتمنى أهله فراقه ويتمسكون بمعانيه وروحانياته إلى يومه الأخير، بل إن عارفي فضل شهر رمضان يعلقونه دائماً وساماً على الصدور، ويضعونه نوراً في العقول .
الترحيب بالشهر الكريم يعني الترحيب بقيم الخير والفضل، فهذا الشهر المبارك يغسل الأجساد والأرواح من أدران المعاصي، ويعيد إلى الإنسان المؤمن الثقة بالنفس، والقدرة على العطاء، ومواصلة مشوار الحياة في نطاق جميل غير محدود من التقوى والمعرفة . معرفة الله خالق كل شيء، ومعرفة النفس، ومعرفة الحياة كما هي وكما يجب أن تكون . على المؤمن في رمضان أن يتأمل معاني وأخلاقيات وقيم الشهر الفضيل، وأن يبادر ابتداء، ومن تلقاء نفسه، إلى كل خير . مجالات الخير معلومة، وهي متاحة للجميع، وقد تبدأ في الإسلام العظيم بحركة صغيرة كبيرة مثل إزاحة الأذى عن الطريق، فالإحساس بالآخر وبالمجتمع ككل قيمة أصيلة من قيم الإسلام، ومن قيم رمضان، والمطلوب تأصيلها وتأسيسها من جديد كلما هل رمضان من جديد، وعاد طائر السعد والأمان يحلّق على الجميع .
ورمضان شهر الطاعات، وهو بهذا يكمل ويتوج جهود الإنسان طيلة العام . الإنسان العابد والعامل، والمضحي من أجل أسرته ومجتمعه ووطنه . هذا الشهر الكريم فرصة عظيمة لأن يعود الإنسان إلى نفسه، مستحضراً تاريخاً حافلاً من مكارم الأخلاق، ومن الإتقان والسمو، ومن روح الإيثار والمحبة . رمضان فرصة لقاء متجدد وهداية متجددة، والذين يعلمون فضله يستعدون له بالأجمل والأكمل والأفضل، ولا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون . كل عام وأنتم بخير .
ebn-aldeera@alkhaleej.ae
عبداللطيف الزبيدي
رمضان كريم . موصوف وصفة، لا أكثر ولا أقل، حتى لا نقع في المحذور والمحظور . يجب أن ندير اللسان سبع مرّات في الفم قبل النطق بالتهنئات في المناسبات . فهذه العبارات الجاهزة غير صالحة لكل زمان وكل مكان ومن دون شروط . ففي غير محلها تنطبق عليها: ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب .
الحيطة واجبة حتى لا تتحول التهنئة إلى هجاء أو دعاء بالويل والثبور وكوارث الأمور . كيف تتجرأ على القول لمسكين في فالج الفلّوجة: “ينعاد عليك”؟ سيرد عليك بباقة منتقاة من شتائم “الرسالة البغدادية” لأبي حيان التوحيدي .
وكيف ينبغي لنا أن نقول “ينعاد عليك” لمن لا يستطيع أن يتنفس الصعداء في “صعدة”، أو من يعاني عبوة في “شبوة” في اليمن السعيد، حين تتمدد دال السعيد فتصير راء؟ وهل تقولها لمن هو في دار فرن “دارفور” أو في السودان عموماً والسوء دانٍ منه؟
وهل يعقل أن يسمع أهل “السند”، الذين باتوا بلا سَنَد، هذه العبارة من دون أن يعدّلوا قول شاعر باكستان العلامة “إقبال”:
أكواخنا ملئت بأنّات الجوى
لا بدّ للمكبوت من فيضانِ
بلد “إقبال” في إقبال على الهلاك . وقد مررت بمنطقة “سَكرَ” الغارقة الآن، وأعرف ما معنى أن يفيض نهر “الأندس” العظيم، فبعض فروعه كأعظم الأنهار، وأذكر أنني عندما رأيته قبل عقدين أيقنت أن الأنهار العظيمة ليست دائماً باعثاً على قيام الحضارات العظيمة . وماذا عن أفغانستان التي أصبحت كلها “تُرى بوراً” رغم ما بها من آلاف مليارات الدولارات من الثروات المعدنية والنفط والغاز والذهب؟ كيف يكون شعور أهل كابل وقد صارت عاصمتهم “كابلاً” حول أعناقهم، وأهل قندهار ذات “القند الهاري”؟
كدت أنسى “الصوم آل” أو “السوء مآل”، الذي جف فيه الضرع، وأُحرق الزرع، ويبس الأصل والفرع، فلطبول الحرب كل لحظة قرع، وللمساكين الصرع .
على طريقة: المصيبة إذا عمّت هانت، يبدو أن الطبيعة تبنّت منهجية “البنيوية”، وراقتها النظرة الشمولية، فبلاد المسلمين لم تعد وحدها المنكوبة دائماً . حول موسكو مئة وخمسون حريقاً . فالغابات تكلثمت: “أتقلب على جمر النار”، وقد افتتحت المدينة مئة وعشرين محلاً لتقديم كوكتيل للانتعاش في عالم من الدخان: بيض وشاي وأوكسجين معاً . تجربته تحتاج إلى قوة قلب وقلة ذوق . أمّا الصين فقد اجتمعت عليها الفيضانات والانهيارات الأرضية . وفي أقصى شمال الكوكب جبال ثلوج تنهار، فهل من نوح؟
منذ سنوات أجرى الإيرانيون تعديلاً على التهنئة التي يرددونها في الأعياد: “مئة عام كهذه الأعوام”، رأوا أنها صارت غير مجدية، فجعلوها: “مئة عام أفضل من هذه الأعوام” .
أتمنى لكم ذلك .
abuzzabaed@gmail.com
شهر الإيمان والمعرفة آخر تحديث:الأربعاء ,11/08/2010
ابن الديرة
أهلاً برمضان . شهر الصوم والعبادة والعمل . أهلاً بالشهر الكريم الذي ميزه المولى عز وجل على بقية الشهور، فكانت له المكانة العالية، والرتبة السامية، وحلّ في قلوب الناس محلاً عزيزاً، فهو وقت ينتظر طيلة العام، ويحل خفيفاً وغالياً على الروح، فلا يتمنى أهله فراقه ويتمسكون بمعانيه وروحانياته إلى يومه الأخير، بل إن عارفي فضل شهر رمضان يعلقونه دائماً وساماً على الصدور، ويضعونه نوراً في العقول .
الترحيب بالشهر الكريم يعني الترحيب بقيم الخير والفضل، فهذا الشهر المبارك يغسل الأجساد والأرواح من أدران المعاصي، ويعيد إلى الإنسان المؤمن الثقة بالنفس، والقدرة على العطاء، ومواصلة مشوار الحياة في نطاق جميل غير محدود من التقوى والمعرفة . معرفة الله خالق كل شيء، ومعرفة النفس، ومعرفة الحياة كما هي وكما يجب أن تكون . على المؤمن في رمضان أن يتأمل معاني وأخلاقيات وقيم الشهر الفضيل، وأن يبادر ابتداء، ومن تلقاء نفسه، إلى كل خير . مجالات الخير معلومة، وهي متاحة للجميع، وقد تبدأ في الإسلام العظيم بحركة صغيرة كبيرة مثل إزاحة الأذى عن الطريق، فالإحساس بالآخر وبالمجتمع ككل قيمة أصيلة من قيم الإسلام، ومن قيم رمضان، والمطلوب تأصيلها وتأسيسها من جديد كلما هل رمضان من جديد، وعاد طائر السعد والأمان يحلّق على الجميع .
ورمضان شهر الطاعات، وهو بهذا يكمل ويتوج جهود الإنسان طيلة العام . الإنسان العابد والعامل، والمضحي من أجل أسرته ومجتمعه ووطنه . هذا الشهر الكريم فرصة عظيمة لأن يعود الإنسان إلى نفسه، مستحضراً تاريخاً حافلاً من مكارم الأخلاق، ومن الإتقان والسمو، ومن روح الإيثار والمحبة . رمضان فرصة لقاء متجدد وهداية متجددة، والذين يعلمون فضله يستعدون له بالأجمل والأكمل والأفضل، ولا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون . كل عام وأنتم بخير .
ebn-aldeera@alkhaleej.ae