دعوني , وقبل أن ادخل في صلب الموضوع . أن أُلقي حُزمة ضوء "خافتة" , على مدينة حلب
الواقعة في الشمال "الأقرب للغربي" , من بلاد الشام :
دأب المدونون المعاصرون _لن نتكلم عن السالفين ... فهم كثر_ في "حلب" , أمثال : خير الدين الأسدي "رحمه الله" الذي ألف موسوعة حلب المُقارنه" , ومن حذا حذوه , من المُدونين , والأدباء الحلبيين
على جمع , وتخليد الموروث الشعبي الحلبي , المعاش , في السابق , _ولازال له أثر كبير في اللاحق_ .
الذي يشمل كافة المستويات الطبقية , و الإجتماعية . ( من عادات , وتقالد , وحِكم , و أمثال , وتهكمات , و, و ,,,, إلخ من الموروث الشعبي بحلوه, ومره... جميله , وقبيحه .. أسوده , و أبيضه.)
ذلك الموروث الجميل _مع جوره أحياناً_ , الذي غاب منه الكثير , في عهدنا هذا .
بسبب الحملات المُنظمة , من قِبل الشعوب الطامعة بشرف الإستحواز على طهر العادات , والتقاليد العربية , والإسلامية .
وانتقاء ما يستطيعون حمله ... ودفن الكثير المتبقي , في وسط الصحاري القاحلة . ومن ثم تحويلها إلى بترول يتم حرقه , على لظى توهج القلوب المتحسرة .
لكنهم لم يستطيعوا , حمل النواة الحقيقية , التي هي مُتأصلة , في قريرة الذات ... و تأبى المغادرة .
و الحكمة التي تقول : " الطبع غلب التطبع" لهي صادقة .
الغالب يعلم , بأن حلب , كانت , ولاتزال .... الشريان الرئيسي لحركة النمو , والإعمار في بلاد الشام .
وهي عصب مهم في التجارة العالمية , و وريد , و شريان التجارة , والصناعة في بلاد الشام , _ لابل , في العالم العربي_ .
و لعلكم جميعاً , سمعتم , عن مطبخها الشهير , بأكلاته اللذيذة _من المحاشي , والكبب ,و,و,,إلخ_ . الذي تقصده كل زوجة تبحث عن رضا زوجها _على اعتبار :"الطريق لوصول قلب الرجل , هي معدته" _ .
وهذه الشهرة , لم تأتي عن صور موضوعة , في الطرقات .ّ
إذ لو لم تكن منازل أهل هذه المدينة , مُشرعة بوجه الضيف القادم , من أماكن بعيدة , وملاصقة .
لما وصل صيت , هذه الأطباق الشهية , لأقاصي الأرض .
في العصور , السالفة ... و إلى عهد ليس بالبعيد . كان السعيد , والمرموق, من أهل المدن الأُخرى , في بلاد الشام
هو الذي تربطه صداقة , أو صلة قٌربى _مُصاهرة ,أو غيرها من صلات القربى _ , بفرد , أو عائلة من مدينة حلب .
صحيح بأن "دمشق" ,هي العاصمة .
لكن العاصمة , في جميع بلدان العالم , إما أن تكون مُستحدثة , أو أن تكون خليط واسع من البشر . الذين توافدوا من كافة الأقاليم _المحافظات_ ... إما هروباُ , من "الفقر المُتقع" ليجدوا فرصة حياة أحسن عند تزاحم الأقدام ... أو منهم من أتى بحكم مستواه التعليمي العالي , الذي يفرض عليه , شد الرِحال إليها . ومنهم من قصدها هارباً , من ثأر , أو جريمة مُخلة بالأخلاق , كان قد ارتكبها في منطقته , أو ,أو ,,,,, إلخ والقليل , القليل , من أهلها الأصليين , الذين سهُل انصهارهم , مع اللفيف القادم , إليهم ... و استطتاع بسهولة أن يندمج , ويفرض عاداته التي أتت معه , ويصورها على انها عادات أهل العاصمة _سيئة كانت , أو جيدة_.
بينما الأقاليم الأُخرى .... فنادراً , ماتجد فيها الدخيل , أو الغريب الذي استطاع أن يدفن أصل قدومه , لهذا الإقليم .
( "فطرياً" يسارع أهل الإقليم , إلى تسديد لقب يحوط هذا الشخص,يتم نسجه على "نول" البلد , أو الإقليم الذي أتى منه _مثل فلان الحمصي , فلان الحوراني , عائلة المصري ,أو الجزائري ,,,, إلى ما هنالك ._ ... فيمنعه من الإنصهارالمُعتق الكامل .)
وبالنسبة لمدينة حلب , فهذا هو حالها , حال الأقاليم الأُخرى _عدا العاصمة , كما أسلفت_ .
و أما "حلب" سياسياً : فلم يكن بإستطاعة أي رئيس , حكم سورية . أن يُثبت أركان حكمه , بشكل قوي . إلا من بعد إحكام سيطرته على "حلب" أولاً ... سواء بالرضا التلقائي عنه, أو بالعصا المدمية .
وهذه العصا لن , ولم يستطع هو إمساكها بوجههم . بل توضع بيد الخارجين عن عرف الأخلاق ,والدين ... من أهلها .
و إلا لن يهنأ بيومٍ واحدٍ على كرسيه .
( و فكرة تجنيد , مُرتزقة من أهل البلد . لم يستطع عليها إلا المستعمر الفرنسي _كانوا يسمونهم "مليسة"_ , و كررها "حافظ الأسد , وولده " في ثمانينيات القرن المنصرم , للآن _يسمون "شبيحة"_ ّ!!! وهذا إن دل , فيدل على أن عهد "الأسد" ما هو إلا إستعمار . و تنبأنا به متأخرين .!!!)
ومؤخراً .... نجد بأن أنظار , وألسنة أهل بلاد الشام ... تتطلع , وتنادي بإلتحاق "حلب" , لركب الثورة العظيمة في بلاد العرب المسلمين عامة , وفي بلاد الشام _سوريا_ خاصة .
لأن خروجها , سيحدد عدد الأيام المتبقية من عمر النظام الحاكم , و سيعطي للثائرين في المحافظات الأُخرى , قوةً تجعلهم يصرون أكثر على المتابعة , في طريق الحرية .
و ليعلم الجميع ... بأن أهالي حلب _غالبهم_ شيبهم , و نساؤهم , وأطفالهم ... قبل رجالهم . يذرفون الدماء من عيونهم , لِمصاب إخوانهم .
و هناك الكثير منهم يخرج , لأن صبره نفُذ ...
لكن الحلقة التي تُكبلهم و لا يستطيع أحد غيرهم أن يراها
هي , حينما ترى أخاك الذي استطاع الجلاد , بالإغراءات الدنيوية .. أن يضمه , إلى جوقته ليغرز خنجره المسموم بظهر أخيه طالب الحق , والغير مُتنازل بآن , عن قطع دابر صلة الدماء التي تربطه بالأخ الخائن .
لأنه يعلم بأن الحرب ستنتهي . لكن زوجة أخيه , وولدههما . لن يذكروا بأن ثكيلهم كان خائناً , وأُخذ بفعلته القذرة.... بل سيذكرون بأن قابيل قتل هابيل ... وحق القصاص أو اللعن ليوم الدين.
صبيحة أول يوم من عيد الفطر المبارك , جلست أقلب في القنوات
بحثاً عن خبرٍ , يجعلني أغير من قراري الذي اتخذته .. بأن لا أعايد الأهل , والأصدقاء, لطالما هناك دموعٌ لاتجد من يكفكفها .. ودماءٌ تنزِفُ , وما مِن مُزمزِمٍ لها .
المهم ..
ذهبت إلى الفضائية السورية
فوجدتهم يصورون بهجة العيد في المحافظات السورية .. وكأن شيئاً لم يكن .!!
عند التاسعة "صباحاً" بتوقيت سوريا . جاءت مراسلة حلب بتقريرها المصور مباشرةً , من وسط الحديقة العامة بحلب .
فرأيت منظراً لم اعهده من قبل .!؟ ألا وهو تجمع العائلات في هذا الوقت المبكر, و الفرحة مرسومة على وجوههم بريشةٍ كالتي يستخدمها علي فرزات للكريكتير .!!
( ومن يعلم اليسير عن أهل حلب , فسيعي بأن أهل هذه المدينة , في أيام العمل الإعتيادية .. لا يستيقظون إلا والشمس تتوسط السماء .
فكيف سيكون حالهم , في يوم العيد .؟
في وقفة العيد تراهم يصِلون الليل بالصباح , غالبهم يذهب ليصلي صلاة العيد , من ثم يعود إلى فراشه ... ليبدأ العيد "عصراً" .)
لكن الفضائية السورية, غيرت {سيستيم} أهل حلب بتقريرها .
ثم , وبعد أن رأينا الحديقة العامة ممتلئة بالحلبين .!!
جاءت الجولة التالية ..
وبدأت المُراسلة تنقل إنطباع المتوجدين عفوياً .!
فتحدثت مع {حفيظ} الذي جاء صحبة زوجته {حفيظة} , و{آل حفيظ} جميعاً _ من عادتي .. استعيض عن كلمة"فلان" ب "حفيظ" , و "فلانة" ب "حفيظة"_... ليبدأوا عيدهم في هذا الوقت المبكر .
و أخذت تتحدث مع الأطفال , الذين نطقوا ذات الكلمات , بعفوية لامثيل لها ... وفي نهاية حديث كل واحد فيهم , يقول : نحن بنحبك يابشار ... وأيضاً بعفوية .!!
لكن المفاجأة الجميلة أتت , لا لسبب , سوى أن الله أراد كشف هذا الزيف .
فقد أتت طفلة , واجابت عن أسئلة المراسلة _حالها ,حال من سبقها_ :
_ شو اسمك ياحلوة .؟؟
_ جوليت حنا _لم اعد اذكر الأسم بالتحديد .. لكنه اسم مسيحي 100%_
_ شو جاية تعملي الصبح .؟
_جاية ألعب مع رفئاتي بالعيد .
_ ووين بدك تروحي بعدين .؟
_ بدي أروح أعايد خالاتي , وعماتي .
( المهم .. نهاية الحوار ... كما هي الجملة العفوية لدى من سبقها من الأطفال : منحبك يابشار)
وينتهي هذا العرس الحلبي العفوي _على حد زعمهم_ , بلوحة غاية في الجمال , وهي : أن المسيحين العرب , اصبحوا يحتفلون بأعياد المسلمين ... لابل اكثر , فأطفالهم باتوا يذهبون لمعايدة أقاربهم .!!!!
و "أيضاً" دعونا ننتقل إلى لوحة أُخرى ...
سيلاحظ اللبيب , من خلال جنازة إبن رجل دين النظام "حسون"
التي كانت تحتوي على بضع مطبلين , و مثلهم مزمرين ... ولا وجود لخروج عفوي للناس , في مثل هكذا موقف .
وسيعي بأن أهل حلب , مع الثورة قلباً .... وفي القريب العاجل "بإذن الله" . سترونهم قلب الثورة , وقالبها . وهم يعادون من يمشي على هوا "السلطان" , حتى و إن كان في السابق منهم ... فقد بات اليوم عليهم .
أنا لا أبحث عن الحجج , والذرائع لأبرر صمت الصامتين .
لكني أحاول أن أُوصل الصورة الحقيقية , التي غيبها النظام البائد , والمنتفعين من بقاءه . و شاركهم بذلك "أيضاً" رواسب المجتمع , الباحثين خلف التقليل , و التقزيم , من من يعلونهم جاهاً , وقدراً , وقيمةً . !!
ونجد بأن أركان النظام الحالي , يبذلون الجهد الحثيث , لعزل "حلب" , عن المدن الأُخرى .
بإرسال رسالة "غير مباشرة" لهم _المدن الثائرة_ , بأن أهل حلب , يدوسون بأقدامهم على دمائكم , رقصاً ... و يزينون حفلاتهم هذه , بمآدب شواء "كباب , و شقف" , تأتيهم من لحوم شهدائكم . !!!!
وبذات الوقت ... إيهام أهلها _أهل حلب_, بأن أهل المدن الأُخرى , أخذوا يخرجون ما هو مُخزن بكميات من مواد : الحسد , والغيرة , و , و ,,, . لينفثوه إتجاهكم , وضدكم يا "حلبيين" .!!!
و يساعدهم في نيل غايتهم هذه . منبوذي الحياة المُنصفة ..... من من يدعون أنهم رجال دين , و كُتاب , أو مُثقفين ....!!!
وإلى هنا , أُنهي البداية , وأقول : بارك الله بالقارئين , الواعيِّن .... . و حلب قادمة , عاجلاً , وليس آجلاً "بإذن الله"
مصطفى أحمد أبو كشة
(freelance writer)
الواقعة في الشمال "الأقرب للغربي" , من بلاد الشام :
دأب المدونون المعاصرون _لن نتكلم عن السالفين ... فهم كثر_ في "حلب" , أمثال : خير الدين الأسدي "رحمه الله" الذي ألف موسوعة حلب المُقارنه" , ومن حذا حذوه , من المُدونين , والأدباء الحلبيين
على جمع , وتخليد الموروث الشعبي الحلبي , المعاش , في السابق , _ولازال له أثر كبير في اللاحق_ .
الذي يشمل كافة المستويات الطبقية , و الإجتماعية . ( من عادات , وتقالد , وحِكم , و أمثال , وتهكمات , و, و ,,,, إلخ من الموروث الشعبي بحلوه, ومره... جميله , وقبيحه .. أسوده , و أبيضه.)
ذلك الموروث الجميل _مع جوره أحياناً_ , الذي غاب منه الكثير , في عهدنا هذا .
بسبب الحملات المُنظمة , من قِبل الشعوب الطامعة بشرف الإستحواز على طهر العادات , والتقاليد العربية , والإسلامية .
وانتقاء ما يستطيعون حمله ... ودفن الكثير المتبقي , في وسط الصحاري القاحلة . ومن ثم تحويلها إلى بترول يتم حرقه , على لظى توهج القلوب المتحسرة .
لكنهم لم يستطيعوا , حمل النواة الحقيقية , التي هي مُتأصلة , في قريرة الذات ... و تأبى المغادرة .
و الحكمة التي تقول : " الطبع غلب التطبع" لهي صادقة .
الغالب يعلم , بأن حلب , كانت , ولاتزال .... الشريان الرئيسي لحركة النمو , والإعمار في بلاد الشام .
وهي عصب مهم في التجارة العالمية , و وريد , و شريان التجارة , والصناعة في بلاد الشام , _ لابل , في العالم العربي_ .
و لعلكم جميعاً , سمعتم , عن مطبخها الشهير , بأكلاته اللذيذة _من المحاشي , والكبب ,و,و,,إلخ_ . الذي تقصده كل زوجة تبحث عن رضا زوجها _على اعتبار :"الطريق لوصول قلب الرجل , هي معدته" _ .
وهذه الشهرة , لم تأتي عن صور موضوعة , في الطرقات .ّ
إذ لو لم تكن منازل أهل هذه المدينة , مُشرعة بوجه الضيف القادم , من أماكن بعيدة , وملاصقة .
لما وصل صيت , هذه الأطباق الشهية , لأقاصي الأرض .
في العصور , السالفة ... و إلى عهد ليس بالبعيد . كان السعيد , والمرموق, من أهل المدن الأُخرى , في بلاد الشام
هو الذي تربطه صداقة , أو صلة قٌربى _مُصاهرة ,أو غيرها من صلات القربى _ , بفرد , أو عائلة من مدينة حلب .
صحيح بأن "دمشق" ,هي العاصمة .
لكن العاصمة , في جميع بلدان العالم , إما أن تكون مُستحدثة , أو أن تكون خليط واسع من البشر . الذين توافدوا من كافة الأقاليم _المحافظات_ ... إما هروباُ , من "الفقر المُتقع" ليجدوا فرصة حياة أحسن عند تزاحم الأقدام ... أو منهم من أتى بحكم مستواه التعليمي العالي , الذي يفرض عليه , شد الرِحال إليها . ومنهم من قصدها هارباً , من ثأر , أو جريمة مُخلة بالأخلاق , كان قد ارتكبها في منطقته , أو ,أو ,,,,, إلخ والقليل , القليل , من أهلها الأصليين , الذين سهُل انصهارهم , مع اللفيف القادم , إليهم ... و استطتاع بسهولة أن يندمج , ويفرض عاداته التي أتت معه , ويصورها على انها عادات أهل العاصمة _سيئة كانت , أو جيدة_.
بينما الأقاليم الأُخرى .... فنادراً , ماتجد فيها الدخيل , أو الغريب الذي استطاع أن يدفن أصل قدومه , لهذا الإقليم .
( "فطرياً" يسارع أهل الإقليم , إلى تسديد لقب يحوط هذا الشخص,يتم نسجه على "نول" البلد , أو الإقليم الذي أتى منه _مثل فلان الحمصي , فلان الحوراني , عائلة المصري ,أو الجزائري ,,,, إلى ما هنالك ._ ... فيمنعه من الإنصهارالمُعتق الكامل .)
وبالنسبة لمدينة حلب , فهذا هو حالها , حال الأقاليم الأُخرى _عدا العاصمة , كما أسلفت_ .
و أما "حلب" سياسياً : فلم يكن بإستطاعة أي رئيس , حكم سورية . أن يُثبت أركان حكمه , بشكل قوي . إلا من بعد إحكام سيطرته على "حلب" أولاً ... سواء بالرضا التلقائي عنه, أو بالعصا المدمية .
وهذه العصا لن , ولم يستطع هو إمساكها بوجههم . بل توضع بيد الخارجين عن عرف الأخلاق ,والدين ... من أهلها .
و إلا لن يهنأ بيومٍ واحدٍ على كرسيه .
( و فكرة تجنيد , مُرتزقة من أهل البلد . لم يستطع عليها إلا المستعمر الفرنسي _كانوا يسمونهم "مليسة"_ , و كررها "حافظ الأسد , وولده " في ثمانينيات القرن المنصرم , للآن _يسمون "شبيحة"_ ّ!!! وهذا إن دل , فيدل على أن عهد "الأسد" ما هو إلا إستعمار . و تنبأنا به متأخرين .!!!)
ومؤخراً .... نجد بأن أنظار , وألسنة أهل بلاد الشام ... تتطلع , وتنادي بإلتحاق "حلب" , لركب الثورة العظيمة في بلاد العرب المسلمين عامة , وفي بلاد الشام _سوريا_ خاصة .
لأن خروجها , سيحدد عدد الأيام المتبقية من عمر النظام الحاكم , و سيعطي للثائرين في المحافظات الأُخرى , قوةً تجعلهم يصرون أكثر على المتابعة , في طريق الحرية .
و ليعلم الجميع ... بأن أهالي حلب _غالبهم_ شيبهم , و نساؤهم , وأطفالهم ... قبل رجالهم . يذرفون الدماء من عيونهم , لِمصاب إخوانهم .
و هناك الكثير منهم يخرج , لأن صبره نفُذ ...
لكن الحلقة التي تُكبلهم و لا يستطيع أحد غيرهم أن يراها
هي , حينما ترى أخاك الذي استطاع الجلاد , بالإغراءات الدنيوية .. أن يضمه , إلى جوقته ليغرز خنجره المسموم بظهر أخيه طالب الحق , والغير مُتنازل بآن , عن قطع دابر صلة الدماء التي تربطه بالأخ الخائن .
لأنه يعلم بأن الحرب ستنتهي . لكن زوجة أخيه , وولدههما . لن يذكروا بأن ثكيلهم كان خائناً , وأُخذ بفعلته القذرة.... بل سيذكرون بأن قابيل قتل هابيل ... وحق القصاص أو اللعن ليوم الدين.
صبيحة أول يوم من عيد الفطر المبارك , جلست أقلب في القنوات
بحثاً عن خبرٍ , يجعلني أغير من قراري الذي اتخذته .. بأن لا أعايد الأهل , والأصدقاء, لطالما هناك دموعٌ لاتجد من يكفكفها .. ودماءٌ تنزِفُ , وما مِن مُزمزِمٍ لها .
المهم ..
ذهبت إلى الفضائية السورية
فوجدتهم يصورون بهجة العيد في المحافظات السورية .. وكأن شيئاً لم يكن .!!
عند التاسعة "صباحاً" بتوقيت سوريا . جاءت مراسلة حلب بتقريرها المصور مباشرةً , من وسط الحديقة العامة بحلب .
فرأيت منظراً لم اعهده من قبل .!؟ ألا وهو تجمع العائلات في هذا الوقت المبكر, و الفرحة مرسومة على وجوههم بريشةٍ كالتي يستخدمها علي فرزات للكريكتير .!!
( ومن يعلم اليسير عن أهل حلب , فسيعي بأن أهل هذه المدينة , في أيام العمل الإعتيادية .. لا يستيقظون إلا والشمس تتوسط السماء .
فكيف سيكون حالهم , في يوم العيد .؟
في وقفة العيد تراهم يصِلون الليل بالصباح , غالبهم يذهب ليصلي صلاة العيد , من ثم يعود إلى فراشه ... ليبدأ العيد "عصراً" .)
لكن الفضائية السورية, غيرت {سيستيم} أهل حلب بتقريرها .
ثم , وبعد أن رأينا الحديقة العامة ممتلئة بالحلبين .!!
جاءت الجولة التالية ..
وبدأت المُراسلة تنقل إنطباع المتوجدين عفوياً .!
فتحدثت مع {حفيظ} الذي جاء صحبة زوجته {حفيظة} , و{آل حفيظ} جميعاً _ من عادتي .. استعيض عن كلمة"فلان" ب "حفيظ" , و "فلانة" ب "حفيظة"_... ليبدأوا عيدهم في هذا الوقت المبكر .
و أخذت تتحدث مع الأطفال , الذين نطقوا ذات الكلمات , بعفوية لامثيل لها ... وفي نهاية حديث كل واحد فيهم , يقول : نحن بنحبك يابشار ... وأيضاً بعفوية .!!
لكن المفاجأة الجميلة أتت , لا لسبب , سوى أن الله أراد كشف هذا الزيف .
فقد أتت طفلة , واجابت عن أسئلة المراسلة _حالها ,حال من سبقها_ :
_ شو اسمك ياحلوة .؟؟
_ جوليت حنا _لم اعد اذكر الأسم بالتحديد .. لكنه اسم مسيحي 100%_
_ شو جاية تعملي الصبح .؟
_جاية ألعب مع رفئاتي بالعيد .
_ ووين بدك تروحي بعدين .؟
_ بدي أروح أعايد خالاتي , وعماتي .
( المهم .. نهاية الحوار ... كما هي الجملة العفوية لدى من سبقها من الأطفال : منحبك يابشار)
وينتهي هذا العرس الحلبي العفوي _على حد زعمهم_ , بلوحة غاية في الجمال , وهي : أن المسيحين العرب , اصبحوا يحتفلون بأعياد المسلمين ... لابل اكثر , فأطفالهم باتوا يذهبون لمعايدة أقاربهم .!!!!
و "أيضاً" دعونا ننتقل إلى لوحة أُخرى ...
سيلاحظ اللبيب , من خلال جنازة إبن رجل دين النظام "حسون"
التي كانت تحتوي على بضع مطبلين , و مثلهم مزمرين ... ولا وجود لخروج عفوي للناس , في مثل هكذا موقف .
وسيعي بأن أهل حلب , مع الثورة قلباً .... وفي القريب العاجل "بإذن الله" . سترونهم قلب الثورة , وقالبها . وهم يعادون من يمشي على هوا "السلطان" , حتى و إن كان في السابق منهم ... فقد بات اليوم عليهم .
أنا لا أبحث عن الحجج , والذرائع لأبرر صمت الصامتين .
لكني أحاول أن أُوصل الصورة الحقيقية , التي غيبها النظام البائد , والمنتفعين من بقاءه . و شاركهم بذلك "أيضاً" رواسب المجتمع , الباحثين خلف التقليل , و التقزيم , من من يعلونهم جاهاً , وقدراً , وقيمةً . !!
ونجد بأن أركان النظام الحالي , يبذلون الجهد الحثيث , لعزل "حلب" , عن المدن الأُخرى .
بإرسال رسالة "غير مباشرة" لهم _المدن الثائرة_ , بأن أهل حلب , يدوسون بأقدامهم على دمائكم , رقصاً ... و يزينون حفلاتهم هذه , بمآدب شواء "كباب , و شقف" , تأتيهم من لحوم شهدائكم . !!!!
وبذات الوقت ... إيهام أهلها _أهل حلب_, بأن أهل المدن الأُخرى , أخذوا يخرجون ما هو مُخزن بكميات من مواد : الحسد , والغيرة , و , و ,,, . لينفثوه إتجاهكم , وضدكم يا "حلبيين" .!!!
و يساعدهم في نيل غايتهم هذه . منبوذي الحياة المُنصفة ..... من من يدعون أنهم رجال دين , و كُتاب , أو مُثقفين ....!!!
وإلى هنا , أُنهي البداية , وأقول : بارك الله بالقارئين , الواعيِّن .... . و حلب قادمة , عاجلاً , وليس آجلاً "بإذن الله"
مصطفى أحمد أبو كشة
(freelance writer)