أي انقلاب؟ آخر تحديث:الأربعاء ,11/08/2010
سعد محيو
لم يكن السيد حسن نصرالله في حاجة إلى حشد كل هذه القرائن التاريخية والجوية كي يثبت تورط “إسرائيل” في اغتيال رفيق الحريري .
كانت دعوته إلى رسم خريطة معرفية لاعترافات أكثر من 100 جاسوس قيد الاعتقال لدى السلطات الرسمية اللبنانية، كافية لبناء قضية قضائية تعادل في أهميتها وإثباتاتها عشر محاكم دولية من طراز المحكمة الخاصة بلبنان .
فهؤلاء العملاء كشفوا في اعترافاتهم، ليس المتابعات الاستخبارية “الإسرائيلية” الدقيقة فقط، بل ما هم أهم بكثير: الاستهدافات السياسية للموساد، وهي في الدرجة الأولى تفجير الفتن المذهبية والطائفية في لبنان منذ العام ،1993 وصولاً إلى العام ،2010 مروراً بالطبع بسنة 2005 حين تم اغتيال الحريري .
وهذا واضح من حفنة الاعترافات التي كشف عنها نصر الله، (وهي بالطبع غيض من فيض، والباقي أعظم)، التي كشفت النقاب عن أن الموساد كان يرصد تحركات سمير جعجع على رغم أنه من أشد خصوم حزب الله، ربما بهدف اغتياله لإثارة فتنة مذهبية مسيحية - مسيحية أو فتنة طائفية إسلامية- مسيحية . كما كشفت النقاب عن رصد منزل رئيس الجمهورية ميشال سليمان وقائد الجيش جان قهوجي وعشرات السياسيين اللبنانيين .
الآن، إذا ما جمعنا اعترافات المئة عميل في لوحة واحدة، ثم قام المحللون بتحديد الروابط بين خيوطها، فعَلامَ سنحصل؟ على الأرجح على الخيوط التي تؤدي إلى الخطط “الإسرائيلية” لاغتيال الحريري .
لكن، لماذا قد تجد “إسرائيل” مصلحة في اغتيال شخصية وثيقة الصلة بالفرنسيين والأمريكيين والعرب “المعتدلين”؟
هنا تدخل الدوافع السياسية للاغتيال على الخط، لتوضح أن عملية الاغتيال كانت “ضربة” “إسرائيلية”، إذ هي جاءت بعد عام واحد من توقيع الصفقة السرّية بين باريس وواشنطن العام 2004 لإخراج القوات السورية من لبنان، والتي أنتجت في خاتمة المطاف القرار الدولي الرقم ،1559 وأي سبيل أفضل لتحقيق هذا المسعى من القيام بعملية اغتيال زلزالية تُسفر عن تسريع تنفيذ هذا القرار برمشة عين؟
على أي حال، هذا ماحدث بالفعل . فالمليون متظاهر لبناني الذين نزلوا إلى الشوارع غداة الاغتيال ليصرخوا “أي ياللا، سوريا طلعي برّه”، كان بالتحديد هو ما يسعى إليه مخططو الاغتيال . وحين تم خروج السوريين بالفعل، استدارت التحقيقات 90 درجة لتحوّل الاتهامات بتنفيذ العملية من صدع سوريا إلى رأس حزب الله .
المئة عميل قادرون تماماً على منح هذا السيناريو الحقيقي لحماً وعظماً معلوماتياً . والسياسيون اللبنانيون والعرب “العادلون” قادرون على منحه البعد الزمني الراهني، من خلال إماطة اللثام عن الأهداف الحالية “الإسرائيلية” لاستخدام مداولات المحكمة الدولية: تفجير فتنة مذهبية كبرى في وجه المقاومة اللبنانية، تُغني “تل أبيب” تماماً عن شن حرب قد تُكلّفها سقوط 40 ألف صاروخ على مدنها ومصانعها ومنتجعاتها ومستوطناتها .
الفرصة أكثر من سانحة الآن لتجنّب هذه الفتنة المدمّرة . كل ما على المسؤولين اللبنانيين عمله هو الانطلاق من إفادات العملاء المعتقلين للمطالبة إما بتحقيق دولي جديد يأخذ النشاطات “الإسرائيلية” الخطرة في عين الاعتبار، أو تغيير كل النهج الراهن للمحكمة الدولية بحملها على التحقيق مع كبار المسؤولين “الإسرائيليين” .
نصرالله قام بما عليه . بقي أن تقوم الحكومة اللبنانية بما عليها، إذا ما أرادت الحقيقة الحقّة، وإنقاذ البلاد من الفتن “الإسرائيلية” الدموية .
على خط العدالة آخر تحديث:الأربعاء ,11/08/2010
أمجد عرار
لسنا أهل قانون أو علم جنائي كي نحكم على مضمون المؤتمر الصحفي الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وفي مثل هذه الحالات نحتاج إلى أن نسمع رأي مختصين كي نفهم ما يجب فهمه إذا أردنا العدالة والحقيقة . لكن ستواجهنا مشكلة التمييز إذا كان هؤلاء المختصون موضوعيين أو يحملون آراء مسبقة .
في المؤتمر كان ثمّة سؤال مهم وجّهته صحافية لنصرالله، حول الفئة التي يوجه إليها هذا الكلام ما دام أنصار حزب الله مقتنعين به ومصدّقين، وخصومه يشكّكون ولا يريدون أن يقتنعوا . الأمين العام لحزب الله لم يتحدّث عن أدلّة قطعية، بل وصف ما عرضه بقرائن ومؤشرات ووقائع تفتح الآفاق للسير في طريق الحقيقة لمن يريدها، لكنّ البعض رأى “الأدلّة” ساقطة قبل المؤتمر الصحفي بأسبوع، علماً أن الاتهامات لسوريا بدأت قبل أن ينطفئ اللهب في سيارة الحريري . هؤلاء لن “يقنعهم” نصرالله حتى لو جاء ممسكاً بالقاتل بيده، هكذا على قاعدة المثل القائل “عنزة . . ولو طارت” . ولا يجب أن يفوتنا أن تشكيك هؤلاء يتناول اتهاماً موجّهاً ل “إسرائيل” التي تدافع عن “نفسها” من خلال مواصلة أسلوبها الذي بدأته منذ ما قبل الاغتيال الأول أو قبل حدوثه . مهما يكن رأي هؤلاء، تبقى في الأمر حقيقة واضحة مفادها أن كل من يبرّئ “إسرائيل” أو يستبعد فرضيتها، هدفه إضاعة دم الحريري مع المتاجرة به لغاية في نفس يعقوب، وإذا لم يأخذ التحقيق الدولي بفرضية تورّط “إسرائيل” فإنه مسيّس بامتياز ولا يسعى للعدالة .
يعرف كل فريق أنه لن يزيد عدد مؤيديه أو خصومه مهما فعل، لكن الجدل لا يقتصر على الجبهتين القانونية والسياسية، وإلا أصبحت قيمة كل خطاب أو تصريح أو بيان لا تساوي الحبر الذي تكتب به أو الوقت المبذول، فالناس ليسوا فريقين فحسب، هناك أناس يبحثون عن الحقيقة ويسيرون خلف ضمائرهم ولا يحملون مواقف جاهزة أو صالحة لكل مكان وزمان، هؤلاء يدركون أنهم سيكونون الضحيّة لكارثة الاصطفاف الأعمى والأفكار المعلّبة والقوالب الجاهزة، أو فئة المثقّفين المأجورين الأكثر دهاء وقدرة على التضليل لتبرير أجورهم .
نحن لسنا ملزمين بالتمييز بين ملائكة وشياطين، لكنّنا مطالبون من ضمائرنا بأن ننشد الحقيقة في كل شيء . وفي قضية اغتيال الحريري التي تتجاوز لبنان، لم يكن نجاح القاتل أنه قتل شخصاً، بل إنه خلق فتنة مزمنة لأن عقول الكثيرين منا محتلة قبل أرضنا .
لا يجوز لكل مشكلة أن تقسم العرب عربين، وأن تتحوّل إلى قضية بين فريقين مقسومين بالسكين الطائفي أو العرقي أو القبلي . اللصوص يفلتون عندما يدخل أصحاب المنزل المنهوب في جدل تحميل المسؤوليات فلا المسروقات تُسترجع ولا اللص يُكشَف . هذا حالنا كعرب ونحن نواجه كل مآسينا بالطريقة التي يريدها لنا صانعو هذه المآسي . يدخلون من الشباك لقتلنا ويعودون من الباب منجدين وقضاة، يقسّمون بلادنا ثم يأتون إلينا ليروّجوا حق بائعي الفلافل بدولة مستقلّة .
a_arar2005@yahoo.com
سعد محيو
لم يكن السيد حسن نصرالله في حاجة إلى حشد كل هذه القرائن التاريخية والجوية كي يثبت تورط “إسرائيل” في اغتيال رفيق الحريري .
كانت دعوته إلى رسم خريطة معرفية لاعترافات أكثر من 100 جاسوس قيد الاعتقال لدى السلطات الرسمية اللبنانية، كافية لبناء قضية قضائية تعادل في أهميتها وإثباتاتها عشر محاكم دولية من طراز المحكمة الخاصة بلبنان .
فهؤلاء العملاء كشفوا في اعترافاتهم، ليس المتابعات الاستخبارية “الإسرائيلية” الدقيقة فقط، بل ما هم أهم بكثير: الاستهدافات السياسية للموساد، وهي في الدرجة الأولى تفجير الفتن المذهبية والطائفية في لبنان منذ العام ،1993 وصولاً إلى العام ،2010 مروراً بالطبع بسنة 2005 حين تم اغتيال الحريري .
وهذا واضح من حفنة الاعترافات التي كشف عنها نصر الله، (وهي بالطبع غيض من فيض، والباقي أعظم)، التي كشفت النقاب عن أن الموساد كان يرصد تحركات سمير جعجع على رغم أنه من أشد خصوم حزب الله، ربما بهدف اغتياله لإثارة فتنة مذهبية مسيحية - مسيحية أو فتنة طائفية إسلامية- مسيحية . كما كشفت النقاب عن رصد منزل رئيس الجمهورية ميشال سليمان وقائد الجيش جان قهوجي وعشرات السياسيين اللبنانيين .
الآن، إذا ما جمعنا اعترافات المئة عميل في لوحة واحدة، ثم قام المحللون بتحديد الروابط بين خيوطها، فعَلامَ سنحصل؟ على الأرجح على الخيوط التي تؤدي إلى الخطط “الإسرائيلية” لاغتيال الحريري .
لكن، لماذا قد تجد “إسرائيل” مصلحة في اغتيال شخصية وثيقة الصلة بالفرنسيين والأمريكيين والعرب “المعتدلين”؟
هنا تدخل الدوافع السياسية للاغتيال على الخط، لتوضح أن عملية الاغتيال كانت “ضربة” “إسرائيلية”، إذ هي جاءت بعد عام واحد من توقيع الصفقة السرّية بين باريس وواشنطن العام 2004 لإخراج القوات السورية من لبنان، والتي أنتجت في خاتمة المطاف القرار الدولي الرقم ،1559 وأي سبيل أفضل لتحقيق هذا المسعى من القيام بعملية اغتيال زلزالية تُسفر عن تسريع تنفيذ هذا القرار برمشة عين؟
على أي حال، هذا ماحدث بالفعل . فالمليون متظاهر لبناني الذين نزلوا إلى الشوارع غداة الاغتيال ليصرخوا “أي ياللا، سوريا طلعي برّه”، كان بالتحديد هو ما يسعى إليه مخططو الاغتيال . وحين تم خروج السوريين بالفعل، استدارت التحقيقات 90 درجة لتحوّل الاتهامات بتنفيذ العملية من صدع سوريا إلى رأس حزب الله .
المئة عميل قادرون تماماً على منح هذا السيناريو الحقيقي لحماً وعظماً معلوماتياً . والسياسيون اللبنانيون والعرب “العادلون” قادرون على منحه البعد الزمني الراهني، من خلال إماطة اللثام عن الأهداف الحالية “الإسرائيلية” لاستخدام مداولات المحكمة الدولية: تفجير فتنة مذهبية كبرى في وجه المقاومة اللبنانية، تُغني “تل أبيب” تماماً عن شن حرب قد تُكلّفها سقوط 40 ألف صاروخ على مدنها ومصانعها ومنتجعاتها ومستوطناتها .
الفرصة أكثر من سانحة الآن لتجنّب هذه الفتنة المدمّرة . كل ما على المسؤولين اللبنانيين عمله هو الانطلاق من إفادات العملاء المعتقلين للمطالبة إما بتحقيق دولي جديد يأخذ النشاطات “الإسرائيلية” الخطرة في عين الاعتبار، أو تغيير كل النهج الراهن للمحكمة الدولية بحملها على التحقيق مع كبار المسؤولين “الإسرائيليين” .
نصرالله قام بما عليه . بقي أن تقوم الحكومة اللبنانية بما عليها، إذا ما أرادت الحقيقة الحقّة، وإنقاذ البلاد من الفتن “الإسرائيلية” الدموية .
على خط العدالة آخر تحديث:الأربعاء ,11/08/2010
أمجد عرار
لسنا أهل قانون أو علم جنائي كي نحكم على مضمون المؤتمر الصحفي الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وفي مثل هذه الحالات نحتاج إلى أن نسمع رأي مختصين كي نفهم ما يجب فهمه إذا أردنا العدالة والحقيقة . لكن ستواجهنا مشكلة التمييز إذا كان هؤلاء المختصون موضوعيين أو يحملون آراء مسبقة .
في المؤتمر كان ثمّة سؤال مهم وجّهته صحافية لنصرالله، حول الفئة التي يوجه إليها هذا الكلام ما دام أنصار حزب الله مقتنعين به ومصدّقين، وخصومه يشكّكون ولا يريدون أن يقتنعوا . الأمين العام لحزب الله لم يتحدّث عن أدلّة قطعية، بل وصف ما عرضه بقرائن ومؤشرات ووقائع تفتح الآفاق للسير في طريق الحقيقة لمن يريدها، لكنّ البعض رأى “الأدلّة” ساقطة قبل المؤتمر الصحفي بأسبوع، علماً أن الاتهامات لسوريا بدأت قبل أن ينطفئ اللهب في سيارة الحريري . هؤلاء لن “يقنعهم” نصرالله حتى لو جاء ممسكاً بالقاتل بيده، هكذا على قاعدة المثل القائل “عنزة . . ولو طارت” . ولا يجب أن يفوتنا أن تشكيك هؤلاء يتناول اتهاماً موجّهاً ل “إسرائيل” التي تدافع عن “نفسها” من خلال مواصلة أسلوبها الذي بدأته منذ ما قبل الاغتيال الأول أو قبل حدوثه . مهما يكن رأي هؤلاء، تبقى في الأمر حقيقة واضحة مفادها أن كل من يبرّئ “إسرائيل” أو يستبعد فرضيتها، هدفه إضاعة دم الحريري مع المتاجرة به لغاية في نفس يعقوب، وإذا لم يأخذ التحقيق الدولي بفرضية تورّط “إسرائيل” فإنه مسيّس بامتياز ولا يسعى للعدالة .
يعرف كل فريق أنه لن يزيد عدد مؤيديه أو خصومه مهما فعل، لكن الجدل لا يقتصر على الجبهتين القانونية والسياسية، وإلا أصبحت قيمة كل خطاب أو تصريح أو بيان لا تساوي الحبر الذي تكتب به أو الوقت المبذول، فالناس ليسوا فريقين فحسب، هناك أناس يبحثون عن الحقيقة ويسيرون خلف ضمائرهم ولا يحملون مواقف جاهزة أو صالحة لكل مكان وزمان، هؤلاء يدركون أنهم سيكونون الضحيّة لكارثة الاصطفاف الأعمى والأفكار المعلّبة والقوالب الجاهزة، أو فئة المثقّفين المأجورين الأكثر دهاء وقدرة على التضليل لتبرير أجورهم .
نحن لسنا ملزمين بالتمييز بين ملائكة وشياطين، لكنّنا مطالبون من ضمائرنا بأن ننشد الحقيقة في كل شيء . وفي قضية اغتيال الحريري التي تتجاوز لبنان، لم يكن نجاح القاتل أنه قتل شخصاً، بل إنه خلق فتنة مزمنة لأن عقول الكثيرين منا محتلة قبل أرضنا .
لا يجوز لكل مشكلة أن تقسم العرب عربين، وأن تتحوّل إلى قضية بين فريقين مقسومين بالسكين الطائفي أو العرقي أو القبلي . اللصوص يفلتون عندما يدخل أصحاب المنزل المنهوب في جدل تحميل المسؤوليات فلا المسروقات تُسترجع ولا اللص يُكشَف . هذا حالنا كعرب ونحن نواجه كل مآسينا بالطريقة التي يريدها لنا صانعو هذه المآسي . يدخلون من الشباك لقتلنا ويعودون من الباب منجدين وقضاة، يقسّمون بلادنا ثم يأتون إلينا ليروّجوا حق بائعي الفلافل بدولة مستقلّة .
a_arar2005@yahoo.com
تعليق