الأدوية القرآنية

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مصطفى الشاذلي
    عضو منتسب
    • Oct 2012
    • 134

    الأدوية القرآنية

    الناظر إلى أحوالنا الآن في قرانا ومُدننا و في مساكننا وطرقنا و في كل أحوالنا وشئوننا يجد أمرنا - ونحن المسلمين - عجباً .. نتلمَّس الشفاء مما نحن فيه من أدواء إن كانت أدواء حسيّة أو أدواء معيشية أو أمراض وعلل اجتماعية نتلمَّس الشفاء لكل ذلك في الخيرات الحسيّة التي تنتجها الأرض والتي يُساوى الله فيها بين المؤمن وغير المؤمن

    الكل يظن أن حل كل هذه المشاكل بالماديات وبالمال وبالخير ولذلك نطلب فيه المساعدات ونمد الأيدي حتى لأهل الشقاء حتى أعداء دين الله نمد أيدينا إليهم طالبين المال ونظن أن المال هو الذي سيصلح الأحوال بينما نبينا صلي الله عليه وسلم وقرآننا وأحوال مجتمعاتنا الإسلامية التي كانت نماذج مضيئة لكل البرية ما الذي أصلح أحوالهم؟ الأدوية القرآنية المعنوية فإن الله لو ملَّك لكل رجلٍ منا ما يحتاج إليه ويزيد ويفيض بل ما يطلبه من المال وترك في الصدور داء الطمع والحرص فهل ستُحَل المشكلات؟

    إن الذي فيه مرض الطمع يقول فيه صلي الله عليه وسلم {لَوْ أَنَّ ابْنَ آدَمَ أُعْطِيَ وَادِيًا مَلْئًا مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ ثَانِيًا وَلَوْ أُعْطِيَ ثَانِيًا أَحَبَّ إِلَيْهِ ثَالِثًا وَلَا يَسُدُّ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلا التُّرَابُ}[1] وكما نرى وكما نشاهد أن جامعي الأموال هم أحرص الناس كما قال الواحد المتعال على الحياة {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} البقرة96

    كلما زاد معه المال كلما زاد حرصه وكلما نما طمعه وكل مشكلات الوجود إن كانت فردية أو أسرية أو اجتماعية في أي زمان ومكان تجد أن السبب الذي وراءها وحصلت المشاكل بسببه هو المال حتى وصل الأمر - كما نحن الآن - إلى أن الأخ يهجر أخاه بل وربما يهجره بسبب المال وفتنة المال هي التي حذرنا منها الواحد المتعال والمال فتنة فقال {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} التغابن15

    تفتن الإنسان وتجعله مشغولاً عن الذي خلقه وأبدعه وسوّاه وهو الله جلّ في عُلاه إذاً ما الذي يحلّ هذه المشكلات؟ الأدوية القرآنية التي مزجها الحبيب صلي الله عليه وسلم وخلطها بسنته البهية وركَّب منها أدوية وأشفيه عالجت كل أمراض النفوس الإنسانية في زمانه وإلى يوم الدين

    نأخذ دواءاً واحداً منها وهو الحب من أين نشترى الحب الآن؟ هل توجد في الصيدليات كبسولات للحب أو شراب للحب؟ هل يوجد في المتاجر؟ أو هل تصنعه المصانع؟ هل يوجد هذا الدواء في عالم الأغنياء في أوروبا أو أمريكا أو اليابان وما غيرها؟ لا .. لأنهم سيطر عليهم حب الدنيا وأصبح كل همّهم الدنيا وما يُوصّل إليها وما يجعلها لهم

    وجد النبي صلي الله عليه وسلم أن خلاص النفوس وراحة المجتمعات والقضاء على كل المشكلات أن الناس تتحاب فيما بينها يُحبون الله ثم يُحبون نبي الله ثم يحبون كتاب الله ثم يحبون بعضهم بعضاً في الله هذا الحب هو الذي يحلّ كل المشكلات وقد رأينا وسمعنا كيف حلّ هذا الحب المشكلات على الطبيعة

    هاجر أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم من مكة وغيرها إلى المدينة وتركوا وراءهم أموالهم ودورهم وتجاراتهم وكل ممتلكاتهم وذهبوا إلى المدينة معتمدين على ربهم ولا يملكون من حطام الدنيا لا قليل ولا كثير ماذا فعل أهل المدينة الذين انشرحت صدورهم للإسلام وامتلأت قلوبهم بالحب الخالص للرحمن؟ وسعوهم بصدورهم ففتحوا لهم بيوتهم واقتسموا معهم أموالهم وشاركوهم في أرزاقهم بسخاوة نفسٍ وبسلامة طبع لا عن ضيقٍ ولا عن حياء ولا عن تعسُف بل إنما بمحبة حتى قيل أن الرجل المهاجر كان يأتي إلى المدينة فيأتي خمسون رجلاً من الأنصار وكل رجلٍ منهم يريد أن يحصل على هذه الغنيمة ولا يرى أن ذلك غرامة بل يراها غنيمة للحب الذي في القلوب وفي الصدور وكل واحد منهم يريد أن يظفر به حتى كان النبي صلي الله عليه وسلم يُجرى قرعة بينهم بين الخمسين رجلاً أو يزيد ليخرج رجلاً منهم ظافراً بالغنيمة

    وما الغنيمة؟ رجلٌ مهاجرٌ طريد شريد يأخذه إلى بيته يقتسم معه ماله ويُنصِّف معه بيته لماذا هذا كله؟ رغبة فيما عند الله {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}الحشر9

    الإيثار الذي نتج عن هذا الحب لله وللنبي المختار صلي الله عليه وسلم هذا الحب الذي جعل النبي صلي الله عليه وسلم له مقياساً وترمومتراً في قلوب الصادقين متى يكون الإيمان الذي يستوجب رضا ومحبة رب العالمين في قلب المؤمن؟ إذا كان كما قال النبي صلي الله عليه وسلم {لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ}[2]

    إذا كان المؤمن يُحب لإخوانه المؤمنين من المال ومن الأولاد ومن الجاه ومن الخيرات ومن الأرزاق ومن البركات ما يُحب لنفسه فهذا دليل وبرهان على صدق الإيمان في قلبه للرحمن
    وإذا كان يُحب نفسه أكثر من غيره ويريد أن يستأثر بالخيرات ويكون له أعظم غنيمة من الأموال والعطاءات دون إخوانه المؤمنين يكون في هذا الوقت محتاج إلى تجديد وإلى فيتامينات قرآنية وإلى كبسولات نبوية ليقوى هذا الإيمان حتى يصل إلى درجة الإيمان الذي أثنى عليه الرحمن والذي وصفه النبي العدنان صلي الله عليه وسلم


    [1] صحيح البخاري وسنن الترمذي ومسند الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه
    [2] الصحيحين البخاري ومسلم وسنن الترمذي





    منقول من كتاب [أمراض الأمة وبصيرة النبوة]




  • Dr-A-K-Mazhar
    ملاح
    • Nov 2007
    • 1864

    #2
    الأخ الكريم الأستاذ مصطفى الشاذلى

    تحية طيبة

    كل ما كتبته حضرتك فى منتهى الجمال ، و السؤال الهام هو.....

    لماذا لا يطبق المسلم ما جاء لنا فى رسالة الإسلام كسلوك حقيقى؟؟

    ولو أردنا تطبيق ما جاء فى كلام حضرتك نريد من حضرتك وضع منهج تربوى للآباء و الأمهات للسير عليه لزرع هذه القيم فى نفوس أبناءهم ، ووضع منهج أخر للمدرسين فى المدارس..

    فبدون منهج للتدريب و بدون قدوات ستظل القيم تُنقل من مقال إلى مقال ، ومن خطبة إلى خطبة ، و من شريط إلى شريط ، وتتكرر كلاما و مواعظ ، و لا نراها سلوكا!.

    والكلام و المقالات و حدها لا تكفى فى الأمور التربوية.

    و تحياتى

    تعليق

    • مصطفى الشاذلي
      عضو منتسب
      • Oct 2012
      • 134

      #3
      بارك الله فيك أخي الكريم كلامك معقووووووول تماما وواقعي انا معك الخطب وحدها لا تكفي والمواعظ لا تؤثر لا بد من القدوة في البيت والمدرسة وهذا يتحقق أخي الكريم ليس بالدورات التدريبية كما نتدرب على إتقان عمل ما ولكن هذا لن يتأتى إلا من خلال الصحبة الطيبة الصالحة والتي يكون لها أكبر الأثر في نقل الصفات الحسنة من أنسا لآخر كم قال تعالى (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا )
      وقال تعالى( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)
      فالصحبة الصالحة لها أكبر الأثر في تغير الصفات الذميمة إلى صفات فضلى عظيمة
      وكما قال الشاعر واحذر مصاحبة الئيم فإنه ***** يعدي كما يعدي السليم الأجرب
      كذلك مصاحبة صاحب الخلق الحسن بغية تبدل الخصال فإن الله يبدلها إلى أحسن حال
      وهذا الكلام مجرب وعن يقين اخي الكريم بارك الله فيك أشكر لك حرقتك على مانحن في الآن

      تعليق

      يعمل...