أبو بكر وفنحاص

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مصطفى الشاذلي
    عضو منتسب
    • Oct 2012
    • 134

    أبو بكر وفنحاص

    لقد وصف القرآن الكريم اليهود بنقضهم لعهودهم، التي أخذها الله تعالى عليهم ليعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، ويحافظوا على أداء العمل الصالح، ونقضوا عهودهم التي أمرتهم بها كتبهم حيث سفك بعضهم دم بعض ، ونقضوا عهودهم مع أنبيائهم إذ آذوهم وعصوهم ، ونقضوا عهودهم التي أخذت عليهم بأن يؤمنوا بمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عند ظهوره، ونقضوا عهودهم في كل موطن يرون النقض فيه يوافق أهواءهم، ويساير شهواتهم ؛ ولهذا طبع الله على قلوبهم فلا يؤمنوا إلا قليلاً
    قال تعالى(لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ . ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ) (181، 182آل عمران) وقال سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما
    {لما نزل قوله تعالى (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً) (245البقرة)، قالت اليهود : يا محمد، افتقر ربك فسأل عباده القرض، فأنزل الله تعالى هذه الآية }(1)

    وروى أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه دخل بيت المدارس، فوجد من يهود ناساً كثيرين قد اجتمعوا على رجل منهم يقال له فنحاص، فقال له أبو بكر ،ويحك يا فنحاص، اتق الله وأسلم، فو الله إنك لتعلم أن محمداً رسول الله، قد جاءكم بالحق من عنده، تجدونه مكتوباً عندكم في التوراة والإنجيل. فقال فنحاص،والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من حاجة وإنه إلينا لفقير، وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا، وإننا عنه لأغنياء، ولو كان غنيًّا ما استقراض منا كما يزعم صاحبكم، ينهاكم عن الربا ويعطينا، ولو كان غنيًّا ما أعطانا الربا) (2)

    فغضب أبو بكر رضي الله عنه وضرب وجه فنحاص ضرباً شديداً وقال والذي نفسي بيده لولا العهد الذي بيننا وبينك لضربت عنقك يا عدو الله فذهب فنحاص إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال، يا محمد انظر ما صنع صاحبك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم لأبى بكر (ما حملك على ما صنعت يا أبا بكر)، فقال: يا رسول الله، إن عدو الله قال قولاً عظيماً، زعم أن الله فقير وأنهم عنه أغنياء، فلما قال ذلك غضبت مما قال فضربت وجهه. فجحد فنحاص ذلك، وقال: ما قلت ذلك، فأنزل الله تعالى فيما قال فنحاص (لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء) (181، آل عمران)

    وهكذا فقد كانوا يتهكمون على القرآن الكريم عندما كان يدعو الناس إلى البذل والإنفاق، ويستهزئون بتعاليم الإسلام التي تحضُّ على الجود والسخاء، ويصفون الله عزَّ وجلَّ بما هو مُنَزَّهٌ عنه، ويحاولون بطرق شتى تحريض المؤمنين على الشُّحِّ وعدم الإنفاق لتشكيكهم في دينهم وصرفهم عن الاستجابة لكتاب ربِّهم وسنَّة نبيِّهم، وليس هذا القول القبيح غريباً على اليهود



    (1)الحافظ ابن مردويه ، وابن ابى حاتم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضى الله عنهما
    (2)واخرج ابن إسحاق ، وابن جرير ، وابن ابى حاتم ، من طريق عكرمة ، عن ابن عباس







    منقول من كتاب {بنو اسرائيل ووعد الأخرة}
    اضغط هنا لتحميل الكتاب مجانا



  • مصطفى الشاذلي
    عضو منتسب
    • Oct 2012
    • 134

    #2
    من رذائل بني إسرائيل التي وقعوا فيها نتيجة جهلهم، وفسوقهم، وجشعهم، وضعف إرادتهم رذيلة التحايل على هدم الشرائع، ليصلوا إلى مطامعهم وشهواتهم، ظانين لجهلهم وعدم فقههم أنهم عن طريق ذلك التحايل المحرم سيفلتون من المؤاخذة والعقوبة، وقصة أصحاب السبت التي ورد ذكرها في القرآن، أكبر دليل على تلاعبهم بالدين، وتهالكهم على الدنيا

    والحديث عن أصحاب السبت، قد جاء ذكره مفصلاً فى كتاب الله(واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاًوَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ . وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ . فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ) (163: 165الأعراف)

    وتفصيل هذا الاعتداء الذي حصل منهم فى يوم السبت أنهم قد حفروا حياضاً إلى جانب البحر، الذي كانت تكثر فيه الأسماك في هذا اليوم، فكانت المياه تنساب إلى تلك الحياض في يوم السبت مع ما تحمله من الأسماك الكثيرة، ثم إذا أرادت الرجوع للبحر لا تستطيع لضآلة الماء الذي بالحياض، فتبقى فيها إلى أن يصطادوها بعد يوم السبت، وصنيعهم هذا ظاهره امتثال أمر الله تعالى، لأنهم لم يصطادوا في يوم السبت، وحقيقته أنه مجاوزة لما حرَّم الله عليهم من الصيد، فإن حجزها في الحياض صيد لها في المعنى والحقيقة

    قال الإمام القرطبي عند تفسيره الآية الكريمة( إن بني إسرائيل افترقت ثلاث فرق فرقة عصت وصدت، وكانوا نحواً من سبعين ألفاً، وفرقة نهت واعتزلت وكانوا نحواً من اثني عشر ألفاً، وفرقة اعتزلت ولم تنه ولم تعص، وأن هذه الطائفة هي التي قالت للناهية لم تعظون قوماً عصاه، الله مهلكهم أو معذبهم على غلبة الظن، وما عهد حينئذ من فعل الله تعالى بالأمم العاصية )

    ثم بين سبحانه وتعالى عاقبة كل من الفرق الناهية والعاصية فقال تعالى (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ) (165الأعراف)، أي فلما لجَّ الظالمون في طغيانهم وعموا عن النصيحة، أنجينا الناصحين، وأخذنا العادين بعذاب شديد لا رحمة فيه، بسبب خروجهم على أوامر الله







    منقول من كتاب {بنو اسرائيل ووعد الأخرة}
    اضغط هنا لتحميل الكتاب مجانا



    تعليق

    يعمل...