ما قدمه العرب والمسلمون وما زال العالم يستخدمه حتى يومنا هذا

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • s___s

    #16
    كيف غير المخترعون المسلمون وجه العالم ؟

    <font color="#660000" size="5"><strong>أظن ما جمعناه في الموضوع والرابط التالي له علاقة بهذا الموضوع<br /><br /></strong></font><a href="http://www.wataonline.net/site/modules/newbb/viewtopic.php?viewmode=flat&amp;type=&amp;topic_id =1927&amp;forum=62"><font color="#666666" size="5"><strong>المسلمون والعرب والنظرة السلبية لأنفسهم، هل هي حقيقة؟ أم هي جهل بالواقع؟</strong></font></a><font size="5"><strong> </strong></font><div class="clear"></div><br /><br /><br /><a href="http://www.wataonline.net/site/modules/newbb/viewtopic.php?topic_id=1927&amp;forum=62">http://www.wataonline.net/site/modules/newbb/viewtopic.php?topic_id=1927&amp;forum=62</a><br /><br /><br /><font color="#660000" size="5"><strong>ما رأيكم دام فضلكم؟</strong></font><br /><img alt=" " src="http://www.wataonline.net/site/uploads/smil3dbd4e5e7563a.gif" /><img alt=" " src="http://www.wataonline.net/site/uploads/smil3dbd4e4c2e742.gif" /><img alt=" " src="http://www.wataonline.net/site/uploads/smil3dbd4e5e7563a.gif" />

    تعليق

    • Aziznael
      عضو منتسب
      • Dec 2008
      • 70

      #17
      _MD_RE: ما قدمه العرب والمسلمون وما زال العالم يستخدمه حتى يومنا هذا

      تحية طيبة يا ابا صالح وشكرا لك على هذه المعلومات انها غيض من فيض.
      عندي ملاحظة اعتقد ان هناك التباس في ترجمة هذه المقالة في الفقرة (11) عن الطواحين الهوائية وطحن الذرة، اذ ان الذرة تم اكتشافه من قبل كرستوف كولومبوس في القرن الخامس عشر واصل الذرة من المكسيك حيث جلبها الى اسبانيا وثم انتشرت الى اصقاع العالم من هناك اي بعد بكثير تاريخ الطواحين الهوائية، واني اعتقد ان ترجمة الكلمة corn المستعملة في اوربا وانكلترا قبل الحرب العالمية الثانية من القرن الماضي كانت تعني بشكل عام الحبوب وخصوصا القمح كمرادفة لكلمة wheat وكلمة كورن في امريكا تعني فقط الذرة وبعد الحرب العالمية الثانية اصبحت هذه الكلمة تعني ذرة في الترجمة الانكليزية والامريكية لهذا جائت الترجمة العربية في الفقرة 11 على مااظن كذرة بدلا عن القمح او الحبوب. لذا يجب تصحيحها لكي لا يقع الاشتباه في صحة ودقة المعلومات.

      تعليق

      • abushehab
        عضو منتسب
        • Nov 2007
        • 60

        #18
        _MD_RE: ما قدمه العرب والمسلمون وما زال العالم يستخدمه حتى يومنا هذا

        <p align="center"><font size="5">هذا موضوع يستحق المتابعة يا بوصالح...وأظن أن أكثر من جئت به أو جاء به الأخوه <br />الذين تكرموا علينا بمشاركتهم صحيح.  كما أن الأخ المشترك من بريطانيا لم يجانبه<br />الصواب  بخصوص الذرة التي لم يعرفها العالم القديم, وأزيد على الذره التبغ أيضا<br />الذي نقل من القاره الأمريكية.  ويقال ان المدخن أو شارب القهوه كان يعاقب عقابا صارما<br />قبل أن يسمح السلطان بفتح المقاهي, والغاء فتاوى رجال الدين بتكفير المدخنين.<br />وأقول, نعم قد كان للمسلمين, ولا أقول العرب وحدهم فضل لأن الكثير من العلماء والمخترعين<br />كانوا من المسلمين غير العرب, ولكنهم كتبوا بالعربيه, ولهذا نقول: الحضارة العربية<br />الإسلامية,,,نعم كان لهذه الأمة دور, ولكن أين نحن الآن؟  وقد تحولنا إلى مجرد متلقين<br />ومستخدمين ...والحمدلله على كل حال فنحن في تقدم لأننا نصنع المعسل بطعم التفاح<br />والفراوله والبرتقال والنعناع...ما رأيك دام فضلك يا أبو صالح؟!.  </font></p>
        مهما تعددت اللغاتُ
        الدارجات على فمي
        سيظل نبضُ الضادِ
        يخفق كالعروبةِ في دَمي

        تعليق

        • s___s

          #19
          ما قدمه العرب والمسلمون وما زال العالم يستخدمه حتى يومنا هذا

          <font color="#660000" size="5"><strong>ستفاجئك إجابتي يا <font color="#000099">أبا شهاب</font> وتجدها في الموضوع والرابط التالي<br /></strong></font><br /><a href="http://www.wataonline.net/site/modules/newbb/viewtopic.php?viewmode=flat&amp;type=&amp;topic_id =1927&amp;forum=62"><font color="#666666" size="5"><strong>المسلمون والعرب والنظرة السلبية لأنفسهم، هل هي حقيقة؟ أم هي جهل بالواقع؟</strong></font></a><font size="5"><strong> </strong></font><div class="clear"></div><br /><br /><br /><a href="http://www.wataonline.net/site/modules/newbb/viewtopic.php?topic_id=1927&amp;forum=62"></a><a href="http://www.wataonline.net/site/modules/newbb/viewtopic.php?topic_id=1927&amp;forum=62" target="_blank"><strong><font color="#666666">http://www.wataonline.net/site/modules/newbb/viewtopic.php?topic_id=1927&amp;forum=62</font></strong></a></a /><br /><br /><br /><font color="#660000" size="5"><strong>ما رأيكم دام فضلكم؟</strong></font><br /><img alt=" " src="http://www.wataonline.net/site/uploads/smil3dbd4e5e7563a.gif" /><img alt=" " src="http://www.wataonline.net/site/uploads/smil3dbd4e4c2e742.gif" /><img alt=" " src="http://www.wataonline.net/site/uploads/smil3dbd4e5e7563a.gif" />

          تعليق

          • s___s

            #20
            ما قدمه العرب والمسلمون وما زال العالم يستخدمه حتى يومنا هذا

            <font color="#660000" size="5"><strong>أظن المسلمون هم أول من استخدم فرشاة الأسنان وغسل الأسنان اليومي <br /><br />وكان ذلك في السوّاك والحضّ على استخدامه قبل كل صلاة، <br /><br />وما السواك إلاّ النسخة الأولى لفكرة فرشاة الأسنان مع معجون الأسنان لما يحويه السواك من مادّة منظفّة<br /><br />ما رأيكم دام فضلكم؟<br /><br /><img alt=" " src="http://www.wataonline.net/site/uploads/smil3dbd4e5e7563a.gif" /><img alt=" " src="http://www.wataonline.net/site/uploads/smil3dbd4e4c2e742.gif" /><img alt=" " src="http://www.wataonline.net/site/uploads/smil3dbd4e5e7563a.gif" /></strong></font>

            تعليق

            • s___s

              #21
              <TABLE border=0 cellSpacing=2 borderColor=#000000 borderColorLight=#ffffff borderColorDark=#000000 cellPadding=2 width="100%" bgColor=#ffffff><TBODY><TR><TD>عادل بشتاوي: العرب اقدم امة تجارية في العالم واول من ابتكر الابجديات الادبية والرقمية
              يقول ان موت اسرائيل سيكون طبيعيا ومن لا يعتقد بذلك لم يقرأ التاريخ


              2010-10-06


              </TD></TR></TBODY></TABLE><TABLE border=0 cellSpacing=0 borderColor=#000000 borderColorLight=#ffffff borderColorDark=#000000 cellPadding=2 width="100%" bgColor=#ffffff><TBODY><TR><TD>المتابع لمسيرة عادل بشتاوي الطويلة ينذهل من حجم وتنوع العالم الذي يجوسه بعقله الاشبه بمفاعل فكري. من القصة القصيرة التي اصدر عدة مجموعات منها بدأها بمجموعة 'لا تقتلوا الكناري' عام 1982 (احدى قصصها ما تزال مطبوعة في ذاكرتي عن امرأة تذهب لاستعادة زوجها من العاصمة فتغتصب وتفقد مالها وعنوان زوجها وتنقفل القصة دون ان نعرف المصير المخيف الذي ينتظرها)، مرورا ب3 كتب اساسية في موضوع مواركة الاندلس ومأساتهم ومصائرهم، وروايات ثلاث ('بقايا الوشم'، 'زمن الموت والورود'، و'حدائق اليأس') جدلت بين شؤون العشق والموت والولادة والقضايا العامة الكبيرة، وكتب سياسية تاريخية تبحث في ماضي ومستقبل العرب والعالم، وصولا الى انجاز علمي كبير قدمه في كتاب بالانكليزية (History of the Arabic numerals) يبحث اصول الابجدية الرقمية العالمية، والذي مقدمة لفتوحات اكبر سينشرها في 'كتاب الاصول الكبير' الذي سيصدر الجزء الأول منه قريبا.
              بشتاوي المولود في الناصرة بفلسطين عام 1945 ليس روائيا ومؤرخا فحسب بل هو اعلامي مخضرم شارك في تأسيس صحيفتي 'الشرق الاوسط' و'الحياة' اللندنيتين، وعمل في مواقع اعلامية رئيسية في دمشق ودبي ولندن، وحاور خلال عمله الصحافي عددا من الشخصيات السياسية الشهيرة بينها انديرا غاندي ومارغريت ثاتشر ومهاتير محمد وبرونو كرايسكي.
              في اعمال بشتاوي كلها نلاحظ خيطا مستمرا، فانشغاله بقضايا الانسان البسيطة معطوف دائما على مسائل الحضارة الكبيرة بحيث نشهد معادلة فذة تقارب بين هذين الاقنومين، كان منذ بدء كتاباته يعبر عنها بكل وسائل الفكر، من الرواية والشعر الى البحث العلمي والسياسي والتاريخي.
              لاستشراف مشروعه الفكري الجديد والقاء الضوء على مشاغل اخرى كان ل'القدس العربي' هذا اللقاء معه:
              '
              ' كتبت الكثير عن محن العرب الأندلسيين، وحين تكتب عن احوال العرب المعاصرين وتحلل امورهم وشؤونهم برؤياك العالية التي تستعين بالتاريخ والعلوم والسياسة والادب، ترى، انت الفلسطيني، ان ما يجري في فلسطين امرا عابرا، بينما تتوقف تحليلات غيرك عند سقف اسرائيل فلا يرون حدودا تاريخية بعدها'كأنها حجاب يمنع من رؤية المستقبل، فالى ماذا تستند في دعواك؟
              ' يبدو لي أن الفارق الأساسي هو طبيعة الأفق الذي يريد المهتم بأمر ما التطلع إليه من المكان والزمان الذي يقف فيه، فالبعض يحسب الأشياء بعمره ويريد لها التحقق خلال الفترة الزمنية التي يعيشها. وهذا موقف طبيعي للإنسان العادي لأن المسألة أو القضية محل الاعتبار قضية تتصل به بصورة أو أخرى ويريد لها الانتهاء إلى النتيجة التي يفضّلها بأسرع وقت ممكن. لكن قضية مثل القضية الفلسطينية ليست قضية الفرد العربي أو المسلم فقط بل قضية الأمة لذا من الطبيعي أيضاً أن ينظر إليها المؤرخ من منظار أشمل بكثير وسنكتشف بسرعة أن الوجود الاسرائيلي في بلاد العرب وجود عابر فعلاً، وأن 62 سنة من الاحتلال الاسرائيلي لا شيء تقريباً مقارنة بوجود عربي في بلاد العرب عمره أكثر من عشرة آلاف سنة. ثم لنستعرض بسرعة تاريخ فلسطين وسنجد إذ ذاك أن بلاد العرب الفلسطينية وقعت تحت احتلال أعظم الامبراطوريات التي عرفها العالم بدءاً من الامبراطورية الفارسية فالمقدونية (في عصر الاسكندر ومخلّفاته من العسكر) فالرومانية ثم الامبراطورية البريطانية في العصر الحديث فأين إسرائيل من كل هذه الامبراطوريات وهي الدولة الصغيرة التي لا يزيد عدد الاسرائيليين فيها بكثير على واحد في المئة من عدد العرب ناهيك عن عدد المسلمين الذي يتجاوز 1.7 بليون شخص؟ ولم أحسب بدقة مجموع الفترات التي كانت فلسطين خلالها محتلة لكن أقدّر أنها لم تزد على 500 سنة، أي خمسة في المئة من تاريخ فلسطين الذي يبدأ بوصول قوم من عاد من جنوب جزيرة العرب. وأياً كان المقياس الذي يريد واحدنا استخدامه لقياس عمر الوجود الاسرائيلي في بلاد العرب الفلسطينية فأحسب أنه لا بد سيستنتج أن هذا الوجود وجود عابر بالطبيعة، واعتقد أن اسرائيليين كثيرين باتوا يعرفون هذا جيداً، ومثلهم كثيرون في أوروبا وأميركا. الوحيدون الذين ينظرون إلى فلسطين في المستقبل فلا يرون فيها غير الاسرائيليين ثم ينسجون أوهام السلام هم بعض الفلسطينيين أنفسهم وبعض إخواننا العرب وغيرهم. وعرضت بعض أسباب استمرار هذه النظرة مطولاً في كتاب 'تاريخ الظلم العربي في عصر الأنظمة الوطنية' وفي كتاب 'تاريخ الظلم الاميركي وبداية زمن الأفول الامبراطوري المديد'. ولو شاء المرء أن يعرض أحد هذه الأسباب في معرض الجواب عن سؤالك فربما اقترح أنه توهّم فلسطينيين وعرب وغيرهم أن للإسرائيليين 'حق' في فلسطين، لكن لو درسنا هذا 'الحق' جيداً لوجدناه يرتفع على أرض رخوة أساسها الخرافات التي وردت في بعض مشغولات التراث اليهودية ودعمها بعض النسابين والمؤلفين المسلمين والعرب قديمهم وحديثهم بدس عدد مذهل من الاسرائيليات في تاريخ العرب وهوامش بعض كتب التفسير وغيرها، وهو تاريخ مشوه أصلاً كما عرضت في هذا الجزء الأول من 'كتاب الأصول: الأسس الطبيعية لحضارة العــرب' الذي سيصدر قريباً.
              وباختصار، أنا كمؤرخ أنظر إلى أرض العرب الفلسطينية في المدى المتوسط فأرى مجموعات من اليهود فيها لكنني لا أرى إسرائيل التي أتصوّر أن موتها كدولة عابرة سيكون موتاً طبيعياً كما مات الوجود البرتغالي العابر في ماكاو والوجود البريطاني العابر في هونغ كونغ وكما سيموت الوجود القشتالي العابر في سبتة ومليلة، بل وأعتقد أن المشكلة التي سيواجهها إسرائيليون كثيرون خلال العشرين أو الثلاثين سنة المقبلة لا تكمن في محاولة البقاء في أرض عربية محتلة بل في مجرد الخروج منها. وأنا كفلسطيني أحب السلام وأتمناه للجميع لكن النزاع في فلسطين نزاع على الأرض، أي على الملكية، وهذا النوع من النزاعات لا يُحل في أي مكان في العالم عموماً إلا أمام قضاء عادل وإلا فبطرق أخرى، ولا أعرف، بالتالي، فائدة من أي محادثات هدفها الأساسي تمييع الحقوق وإطالة امد احتلال فلسطين والسماح لمهاجرين لا علاقة لهم ببلاد العرب باستغلال أرض فلسطينية ليست أرضهم ولن تكون أرضهم مهما حدث، ومن يعتقد غير هذا لم يقرأ التاريخ الحقيقي أو أنه اكتفى بقراءة تفاهات المؤرخين المستشرقين. وأسمح لي هنا أن أضيف بسرعة أن مجموعة صغيرة جداً من المستشرقين كانت أقل جوراً من الباقين في الحكم على حضارة العرب والاسلام، لكن مشكلتي مع الفكر الاستشراقي ارتفاعه على أرضية فاسدة تحكمها قواعد فاسدة، وأرى أنه من الأسلم استبعاد الفكر الاستشراقي برمته لأن التنقيّة الصحيحة لما كُتب لن تُبقي في ما يتوافر من كتب استشراقية بين أيدي العرب ما يسوّغ استمرار التعامل معها، وقد عرضت هذا وغيره مما يتصل بالفكر الاستشراقي في هذا الكتاب بصورة أظن أنها وافية وربما عدت إلى الموضوع في الأجزاء الثلاثة الباقية من كتاب الأصول.
              الامة الاندلسية الشهيدة
              استدرك في نهاية هذا الجواب لأعرض لك باختصار جوابي على ما بدأت به سؤالك عن كتاباتي عن محن العرب الأندلسيين في كتابين أساسيين هما 'الأندلسيون المواركة' وأفقها الأوسع كما عرضته في كتاب 'الأمة الأندلسية الشهيدة'، وكذا في عدد كبير من الدراسات والمقالات. وعلى الرغم من وجود نقاط التقاء كثيرة وتماثل بين محن الأندلسيين في الماضي ومحن الفلسطينيين اليوم فإن الغايات الثلاث الأهم التي حاولت سبرها في الأعمال تلك هي إعادة بناء تاريخ الأندلس في كتاب واحد لتحديد أسباب سقوط الأندلس، ورواية معاناة الأندلسيين على أيدي ملوك قشتالة ومحكمة التفتيش (التحقيق) القشتالية، وموقعة الحضارة الأندلسية في البناء الحضاري العالمي. لكن فلسطين ليست الأندلس والأندلسيون ليسوا الفلسطينيين والقرنين السادس عشر والسابع عشر ليسا القرنين العشرين والحادي والعشرين، وما وجدته في بعض المواقع العربية عن الربط التاريخي الحازم بين فلسطين والأندلس ليست القراءة المناسبة لهذين الكتابين، وليس هدفي الأساسي من بحوثي الأندلسية.
              ولو سمحت لي بالتوسع في الإجابة لقلت إن كتاب 'الأمة الأندلسية الشهيدة' عمره الآن أكثر من عشر سنوات، وكان من المفترض، بل ومن الضروري، تحديثه وإثراؤه بمعلومات جديدة كثيرة جمعتها من بعض المؤتمرات التي شاركت فيها والبحوث التي اطلعت عليها والمقابلات التي اجريتها مع خبراء في تاريخ الأندلس لكن حال صناعة نشر الكتاب العربي عموماً كمثل حال الصناعات الأخرى، وأتوقع إصدار طبعة جديدة في العام 2011 سأركز فيها على محور أهمية الحضارة الأندلسية وتميزها بوصفها أحدى أهم القنوات التي رفدت عصر النهضة الأوروبي. ولكي نحيط بمعالم الحضارة الأندلسية ربما وجب علينا أن ننظر إليها للحظات من المنظار نفسه الذي ينظر إليها مفكرون ومؤرخون أوروبيون.
              وتحضرني بهذه المناسبة مكاتبة حديثة مع الدكتور نورس دياب تلخص ما تقدّم إذ كتب لي من ألمانيا يقول إنه على امتداد تاريخ الحضارة الإسلامية، ترك المسلمون من المعالم الحضارية العلمية والفكرية والدينية والأدبية والعمرانية الكثير هنا وهناك، لكن الأندلسيين أبدعوا في ذلك كله ، فبات كل من يريد أن يستشهد بتاريخ الحضارة الإسلامية يوجه وجهه قبلة الأندلس، فالكم الحضاري الأندلسي كبير إلى درجة أن لا أحد يستطيع إنكاره حتى من قبل الغرب، ثم سأل: 'هل صحيح أن إسهامات الأندلسيين الحضارية تفوقت على ما قدمه إخوانهم المسلمون الذين عاصروهم في البلاد العربية الإسلامية أو الذين سبقوهم في التاريخ؟ وإذا كان الجواب بنعم فما السر الذي جعل الأندلسيين يتميزون عن غيرهم من المسلمين؟'
              وأعتقد أن المقارنة الحقة هي مقارنة الكل بالكل لا الكل بالجزء أو بعدد من الأجزاء، ولو فعلنا فربما اكتشفنا أن الكل المشرقي أهم بكثير من الكل الأندلسي، وأفكر الآن بما أعرفه عن الانتاج الأندلسي فلا أجد أهم من المحكم لابن سيده لكن تهذيب اللغة للازهري أهم، في رأيي، من المحكم. ولا نريد أن نبخس أي كاتب حقه، ونحن أصلاً كتاب، لكن لا أظن أن التراث العربي سيهلك من دون التراث الأندلسي. أما لو سألنا أنفسنا: هل كانت الأندلس ستعرف تراثها الأدبي والفكري لو لم يكن في المشرق تراثه المعروف فاعتقد أن الجواب سيكون إما بالنفي أو بالقول إن تراث الأندلس كان سيختلف تماماً عن مضمونه المعروف لأن تأصيل البدايات الأندلسية، على الأقل، تأصيل قائم في المشرق.
              ومع ذلك يجب الاعتراف بأن التراث الأندلس 'متميز' لا بالتأصيل الطبيعي بل لأن الجمهور الأندلسي تميز عن غيره من المجتمعات سواء في المشرق أو في المغرب. والكاتب، كما يعرف الجميع، يكتب لقرائه، والقارئ الأندلسي يختلف عن القارئ المشرقي للأسباب المعروفة كلها لذا اتصف الكثير من تراث الأندلس بالنكهة الأندلسية المعروفة. ولهذا أسباب كثيرة أود أن أقدم على غيرها ثراء الأندلس ومتانة اقتصادها وتنوعه وانفتاح المجتمعات الأندلسية مقارنة بمعظم المجتمعات المشرقية لضعف تأثير المتشددين من تجار الدين إلى أن دخل الأندلس المرابطون ثم الموحدون.
              وبعض إخواننا الجاهلين في المشرق يعتقدون أن العرب والمسلمين كانوا مستعمرين في الأندلس، ولو شاء أحدهم وصف سكان الأندلس لقال إنهم أشبه بإخوانهم في المشرق وهذا ليس بصحيح لأن عدد الفاتحين الأوائل لم يتجاوز، في تقديري، 25000 رجل ولا يعقل أن يستنسل هذا العدد القليل نسبياً ثمانية ملايين أندلسي في زمن الخلافة، بل أن محاكم التفتيش اكتشفت في مراحل لاحقة صعوبة بالغة في فصل المسلم عن غيره لأن الكثيرين من الأندلسيين كانوا من الشقر والبيض. وأقصد بما سقته هنا أن الطفل الأندلسي كان ينطق بالعربية مع أبيه لكن أمه كانت في حالات كثيرة تنطق بإحدى اللهجات المحلية ومثلها خال الطفل وابن خالته وغير ذلك. ولو نظرنا كتابا مثل رحلة ابن جبير لوجدناه يستخدم التقويم الهجري إلى جانب التقويم الغربي، ولو نظرنا بعض أدوات الرصد لوجدنا عليها الأرقام الأبجدية (العربية) إلى جانب الأرقام الرومانية. وإذا جمعنا اختلاف اللغات والنطق والتأثيرات الحضارية والثقافية والاجتماعية فربما سهل عندها اكتشاف سبب اختلاف نكهات التراث الأدبي والفكري الأندلس عن مثيله المشرقي.
              ثم عرض الدكتور دياب الآتي: 'سمعت من الآراء مالا تطيب له النفس، من أن أوروبا هي السر في ذلك، فما إن وطأت أقدام المسلمين أرض القارة حتى فتحت بصائرهم على الإبداع والإنشاء وإن كنت لا أتفق مع ذلك فقد كانت الحضارة الأوربية غارقة في الجهل في تلك الحقبة وقد وضحتم ذلك في كتبكم في أكثر من موضع، في حين يقول البعض الآخر إن الأندلسيين أبدعوا بمقدار ما أبدع أخوانهم المسلمون في البلدان العربية لكن هجمات التتار وغيرها من الحروب طمست معالم هذه الحضارة، وهذا لم يقنعني أيضاً فقد عرفت الأندلس حروباً كثيرة وتعرضت إلى حملات تطهير إثنية واسعة حاولت طمس كل معالم الإسلام ومع ذلك بقي من آثار حضارة المسلمين هناك الشيء الكثير.'
              ومرة أخرى أعتقد أن'أول ما يخطر في البال هو القول إن معظم الأوروبيين لم يعتبروا الأندلس قسماً من أوروبا، وهو موقف استمر حتى الخمسينات من القرن الماضي وعبّر عنه ديغول بصراحة. أما الخاطر الثاني فهو أن فاقد الشيء لا يعطيه ولم يكن في أوروبا في القرن الثامن حضارة لذا لا يمكن تأصيل الحضارة الأندلسية في أوروبا. ومثلاً كانت عملة الأندلس في زمن الامارة ثم الخلافة هي الدينار (الذهب) فيما كانت عملة جارة الأندلس الكبيرة (غالة أو فرنسا لاحقاً) الفضة التي كانت أيضاً عملة شارلمان. وفي كتب أهل الغرب الكثير عن التأثير الأوروبي في الأندلس لكن نعرف أن ثراء الأندلس كان أهم أسباب استقطاب الأوروبيين إليها، وهذه الثروة من أهم أسباب حملة شارلمان الفاشلة على سرقسطة. ومعروف أن الفرنسيين وراء تأسيس البرتغال وبعض الممالك في الشمال الشرقي من الأندلس، كما لعبوا دوراً حاسماً في غزو الأندلس بعد أخذ طليطلة ثم في مرحلة التوغل الكبير في القرن الثالث عشر وحملوا إليها الهمجية التي اتصفوا بها آنذاك وهذا واضح من بطشهم وتعطشهم إلى سفك دم الأندلسيين.
              والموضوع يطول، كما ترى، لكن أعتقد أن أهم إنجازات الأندلس ليس في تراثها وليس في جامع قرطبة وليس في غرناطة واشبيلية بل في تمكن الأندلسيين من صنع حضارة متميزة اشتغل فيها المسلم والنصراني واليهودي حتى أن بعض أهم المفكرين اليهود يقولون إن عصر الأندلس كان العصر الذهبي للفكر اليهودي فأين في الحضارة الأوروبية المشاركة الاسلامية الحقيقية، وأين هو الصوت المسلم في الثقافة الأوروبية اليوم؟ وعلينا في البداية أن نعرف ما هو المقصود بالحضارة، لكن إذا تجاوزنا السفسطات المعروفة والتسطيح فربما قلنا بوجود حضارة أندلسية متميزة لا شك أنها جزء من حضارة العرب والاسلام، ثم لقلنا إن حضارة أوروبا قامت في جزء مهم منها على حضارة الأندلس. وقد قال نيشته قولته في حضارة الأندلس وهو من أفضل ما قرأت، ومثله روبير بريفو في كتابه المدهش 'صنع الإنسانية'، وربما أضفت بعد ذلك أنني أعتقد أحياناً أن حضارة أوروبا ليست في واقع الامر سوى نهكة أوروبية من حضارة المشرق العربي ومغربه وأندلسه، ويكفي القول إن أهم أداتين في صنع الحضارة الأوروبية، بل وأي حضارة أخرى، هما الأبجديتان الأدبية والرقمية، ونعرف أن كلا هاتين الأبجديتين المعمول بهما في الغرب من ابتكار أهل جزيرة العرب لأن أهل جزيرة العرب أقدم أمة تجارية في العالم، ولأن جامعات الماضي القديم لم تكن في الواقع سوى الأسواق التجارية التي كان العرب يقيمونها في شهور السنة وينتقلون من بعضها إلى بعض وتحضرها سائر قبائل العرب ممن قرب منهم وبعد ومنها دُومة الجندل وهجر وإرم وعدن ثم السوق الأشهر: عكاظ.

              النثر والشعر

              ' انت مؤرخ وباحث وروائي (اضافة'لأشياء اخرى)'لكنك احيانا تضمن كتبك ورواياتك الشعر، كما تكتبه، مقلا، ضمن باب الاخوانيات ربما. اغلب الروائيين الذين اعرفهم لا يحبون الشعر الحديث فهل انت من ضمن هؤلاء وما السبب؟
              ' أظنك يا أخي تلمح إلى قصيدة في موقعي بعنوان 'أقلي في العتاب' يقول فيها العاشق لعشيقته الغاضبة أبداً:
              وصار خطابنا شعرا حديثا ثقيل الوقع والدم والكلام
              فهذا حديث عشاق لا يعتد به إنما أود القول إنه يبدو لي أن تصنيفات مثل 'الشعر الحديث' و'الشعر الموزون' و'الشعر النبطي' تصنيفات خاصة بوعاء الشعر لا بالشعر نفسه الذي لا يحتمل أكثر من تصنيفين ذاتيين فإما أن يكون شعراً جيداً أو أن يكون شعراً رديئا، ففي الكتب أطنان من الشعر الموزون الرديء وفي الكتب الأخرى أطنان غيرها من رديء الشعر الحديث. وكما يمكن رد ملايين مفردات العرب إلى ثمانية وعشرين أو تسعة وعشرين حرفا يعرفها معظم الناس، كذا يمكن رد شعر العرب لا إلى ما يفرّق القصيدة عن القصيدة والبيت عن البيت والتفعيلة عن التفعيلة، بل إلى ما يفرّق الشعر عن النثر، والنثر عن اللغو، وهو البناء والتركيب والقافية واللحن (الموسيقى). والعرب أمّة أمّيّة، كما يُقال لنا دائماً ولا أدري لماذا ونحن نعرف في الجاهلية الشعر المتميز وكتب اسمها الرواسم ونظام نقدي متطوّر، والشعراء أميّون مثل الأمّة، ولغتهم الأصليّة متأصّلة في أمّهم اللغوية التي هي الطبيعة فهي في معظمها اشتقاق طبيعي، والطبيعي سلس ومنقاد وسهل على الاستيعاب والتقليد الذي هو أول درجات العلوم كافة. ويعني هذا أن الصلة الطبيعية بين كل أوعيّة الشعر يجب أن تكون أبسط بكثير مما عرضه الخليل وأصحابه وإلا لانتفت عنها صفة الطبيعية، أي السلاسة والسهولة واللحن المتدفق مع الكلام المنغوم، ولبات الشعر عملية اصطناعية لا موهبة تستجيب لشرارة الحالة العاطفية فتضرم نار الإبداع مُترجماً إلى لحن أصوات النطق وتلاحق الإيقاع أو الرنم على قيام الحركة وكبو السكون بالتوالي المضبوط. ولا يتصورنّ أحدنا بيت الشعر الذي قطّعه الخليل وأصحابه بيت يطل على دجلة فهو مشتقٌّ من بيت الخِباء، وهو يقع على الصغير والكبير، كالرجز والطويل، وذلك لأنه يضم الكلام، كما يضم البيت أهله، ولذلك سموا مقطَّعاتِه أسباباً وأوتاداً، على التشبيه لها بأسباب البيوت وأوتادها، وهذا أبسط بيوت العرب وأقربهم إلى البساطة والطبيعية التي يتميزون بهما عن سائر خلق الله، ولا يعقل بالتالي أن يخضع شعرهم إلى أكثر من مئة حالة درس.
              ونقلت في أحد كتبي عن الزمخشري إقامته بناء الشعر على المتحرك والساكن (فَعْ أو لُنْ من فَعُولُنْ) أو على متحرّكين (عَلَ من مُفاعَلَتُنْ)، أو ثلاثة أحرف متحرّكَين يتوسطهما ساكن (لاتُ من مَفْعُولاتُ) أو متحرّكين يعَقبُهما ساكن (عِلُنْ من فاعِلُنْ). إذاً، هي في الاختصار متحرك وساكن. والكلام كله متحرك وساكن، فقد يُنظم بتلاحق معين فيصبح سجعاً، وقد يُنظم بتلاحق أسرع فيصبح نوعاً من الشعر. وتباين حالات التلاحق هذه وانتظامها لا يفرّقان بين النثر والسجع والشعر فقط، بل بين در الشعر وبعره. أما السجع فهو بعر كله لأنه مرسل كله بالتكلف والصنعة وخلق اللحن غير الطبيعي.
              ومثل من يحاول أن يتعلّم نظم الشعر عن طريق العروض كمثل من يحاول أن يتعلّم قيادة السيارة بقراءة أدلة تشغيلها. ولا يتحقق ضبط الوزن إلا بالتدريب والخبرة فيصبح العقل في الحالة الناضجة قادراً على معالجة الوزن في حالة شبيهة بالحالة الطبيعية، أو بحالة مساهمة اللاوعي في قيادة السيارة. ولكل شاعر طريقته الخاصة في النظم، ويُقال عن شاعر دون غيره إنه صاحب أذن موسيقية مما يعني ضمناً أن ما كل الشعراء في هذه الملكة واحد بغض النظر عن الوعاء الذي يستخدمه.
              والكلام الجميل جميل لا يستطيع أحد إنكار جماله وكذا الرديء رديء، لكن أعتقد أن المشكلة ليست في الوعاء الشعري بل في بعض الشعراء أنفسهم وأخص منهم من يريد أن يفرض على الناس شعراً رديئاً ثم يشتكي من أن الناس لا يستطيبونه لا لأنه شعر رديء بل لأن العرب متخشبون ومتحاملون على كل ما هو حديث ومن جملة هذا الحديث الشعر الحديث. ويا أخي الكريم إذا كان الكاتب سيفرض علينا كلاماً ضعيفاً وصوراً أكثر ضعفاً وكان وقع كلامه كوقع الضرب على طنجرة نحاسية بلا حس موسيقي أو عاطفة من أي نوع فلماذا نجبر أنفسنا على المجاملة فنزعم أنه ممتاز لا لشيء إلا لأنه شعر حديث؟ ألا نعرف جميعاً أن أول من نادى بابتكار هذا النوع من الشعر الخالي من الموهبة والموسيقى والجماليات سيلفستر دو ساسي، زعيم المستشرقين بلا منازع؟ وما هو دافع هذا المفكر الاستعماري الفرنسي اليهودي الذي ساهم أيما مساهمة في التمهيد الفكري لاحتلال الجزائر سوى إضعاف أحد أهم أعمدة اللغة العربية الحديثة وبالتالي العربية لأنها لغة القرآن الكريم وفصل العرب عن دينهم وتراثهم لتسهيل تقطيعهم وسرقة أرضهم وخيراتهم؟
              وما قلتَه عن تضمين رواياتي بعض القصائد صحيح لأني شعرت أن النثر بات قاصراً عن التعبير عن حالة نفسانية شديدة العاطفة في مواجهة الحب واليأس والموت وغيره فلجأت إلى الشعر لأنه أقدر على التعبير عن هذه الحالات، وألبست بذلك كل حالة لبوسها اللغوي المناسب، أو هكذا أظن. ونشرت في أحد مواقعي عدداً من القصائد في الباب الذي أشرت إليه (باب الإخوانيات) لكن لي قصائد أخرى سأجمعها في كتاب واحد أسميته 'حكايات نيلمار' سيكون آخر عمل لي قبل لقاء أجدادي.
              ووصفتني في مقدمة سؤالك بالمؤرخ والباحث والروائي لكنني في النهاية كاتب أداتي الرئيسية الكلمة التي لا غنى للمؤرخ والباحث والروائي عنها. والواقع، يا أخي الكريم، أنني أجد نفسي، دون وعي أحياناً، اعتمد التأريخ حتى في الروايات وهذا ما حدث في رواية بقايا الوشم التي تتضمن 'تأريخاً' روائياً وعاطفياً لقصة حب هشام لعلياء، أو في رواية زمن الموت والورود وهي، كما تعرف، قائمة على خلفية تاريخية هي مذبحة صبرا وشاتيلا. أما رواية حدائق اليأس فهي الأخرى تأريخ محاولة رشا صنع الحياة بالولادة، إضافة إلى أنها الإطار الذي حاولت فيه لملمة أطراف مفهومي للموت والحياة.

              اصل الابجديات

              ' تقول في 'كتاب الاصول الكبير' الذي سيصدر قريبا: ان العرب لم يكن لهم معلم سوى الطبيعة، وانهم تعلموا نطق الكثير من حروفهم المجهورة لأنها الامضى في سلاح الصياح، ومنها تعلموا فنون الصيد، ومن الطيور تعلموا كيف يدفنون موتاهم الخ... الا ترى ان هذه النظرية الطبيعية يمكن تطبيقها على كل امم الارض وليس العرب فحسب؟
              ج1: علينا الافتراض أن بعض أمم الأرض تعلمت ما سقته في السؤال من الطبيعة لذا لم ينفرد العرب بمثل هذا المعلم الطبيعي لكن كيف نستطيع البرهنة على ذلك؟ نحن نستطيع البرهنة على أن أمة العرب تعلمت كل هذا وغيره الكثير من الطبيعة بتحليل كلام العرب الذي نتخاطب به اليوم. كما نستطيع بسهولة البرهنة على أن بعض كلامنا اليوم كان كلام الآشوريين والبابليين والمصرين القدماء والكنعانيين وغيرهم من الأمم بمقارنة كلامنا اليوم بكلامهم وباستشارة ما خلده هؤلاء على الحجر والصلصاليات وغيرها من الأسطح المناسبة للتخليد. وبعض هذه النقوش مخلد من نحو 4500 سنة لذا فهي أقدم النقوش الكتابية في العالم في المطلق مما يجعل لغتنا ولغة كل هؤلاء أقدم لغة مخلدة في العالم. هل نطقت الأمم التي سبقت العرب بلغات تضمنت مفردات تتضمنها العربية أيضاً؟ يمكن أن نفترض ذلك لكن لا يوجد برهان لأنه لا توجد نقوش كتابية خلدتها تلك الأمم. وأشرنا إلى النقوش المخلدة قبل 4500 سنة لكن هذه النقوش لا تعني أنها النقوش الكتابية الأولى فاللغات لا تولد كاملة مستكملة وإنما تبنى بالتراكم حرفاً حرفاً وكلمة كلمة وجملة جملة لذا يجب أن نفترض وجود نقوش أقدم بكثير لم يستطيع خبراء الآثار اكتشافها بعد أو نقوش على أسطح غير قابلة للتخليد (خشب وعظام حيوانات وغير ذلك). الأمر الثالث أن الكلام المنطوق يسبق الكلام المكتوب وربما تطلب بناء أبجدية مناسبة للتعبير عن الكلام المنطوق آلاف السنين مما يعني أن علينا الافتراض أن كلام العرب أقدم مما نظن بكثير وهو حتماً سبق العصر الزراعي الذي يعتقد بعض الخبراء أنه بدأ قبل 11 ألف سنة لوجود مفردات كثيرة تعود إلى عصر الصيد من جهة (صد، فخ، طر (بمعنى طارد)، قط (بمعنى قطع)، بت (أصل كلمة بيت)، وغيرها) ولأن الكثير من كلام العصر الزراعي (فلح، زرع، سقى، حصد، الخ) ثلاثي ونعرف أن الكلام الثنائي سبق الكلام الثلاثي لأننا نعرف أن الإنسان الأول عرف الرقم واحد قبل الرقم اثنين والأربعة قبل الخمسة وهكذا.
              ' كتابك الجديد يبحث في كشف أصول العد والكتابة، وقدمت فيه فكرة تأسيسية تثبت اتصال اشكال الارقام العربية باشكال الحروف المكتوبة وهو برأيي كشف خطير، غير أنه يعد بكشف أسرار اكثر عن كيف تأسست اللغة العربية، بل انك ذكرت لي مرة انك تحصلت ببحثك هذا على مفتاح يفتح ابواب التاريخ من اصول الكلام، هل يمكنك ان تعطي لمحة عن الابواب التي تعمل على فتحها؟
              ' كشفت في كتاب بالانكليزية صدرت طبعته الأولى قبل نحو عامين أصل نظام العد العربي والأرقام العربية بما فيها الصفر، وجاء هذا الكشف في ختام اهتمام بنظام العد والأرقام بدأ مطلع السبعينات عندما بدأت لسبب لا أذكره جمع كل ما وقعت عليه يداي من كتب ومقالات عن النظام وأرقامه. ثم حدث في عام 2007 أن قرأت في أحد المواقع الغربية المتخصصة بنظام العد العربي وأرقامه أن العرب في بغداد كانوا يحسبون بأيديهم ثم يخلدون النتيجة كتابة بالكلام. لكن الكاتب ساق هذه الجملة الأخيرة بطريقة فيها استخفاف واضح موحياً أن العرب بسطاء أو حتى أغبياء. واستوقفتني هذه الجملة طويلاً لأنني لا أعرف العرب أمة من الأغبياء ولا بد أن الكاتب نفسه هو الغبي أو خفي عليه سبب الحساب بالأيدي وتخليد ناتج الحساب بالكلام لا بالأرقام. وأذكر وقتها أن محاولة معرفة السبب شغلني تماماً وأنا انتقل من غرفة إلى غرفة على عادتي عندما يشغلني شيء مهم، ثم وجدت نفسي في الحمام. وما هي إلا لحظات حتى وجدت نفسي أرفع سبابة اليمنى واتفحصها جيداً فاكتشفت أنها تشبه الرقم واحد، ثم رفعت السبابة والوسطى فاكتشفت أنها تشبه الرقم 2 ثم السبابة والوسطى والبنصر فاكتشفت أنها تشبه الرقم ثلاثة، وما هي إلا دقائق حتى كان في استطاعتي التعرف على معظم الأرقام العربية مكتشفاً أن الأرقام العربية ليست سوى تشكيلات بالأصابع واليد، ثم عرفت في ختام نحو سنة كاملة من البحث في أصل نظام العد العربي وأرقامه أن الأرقام التي يستخدمها الغرب أشكال أصلها الأرقام التي نستخدمها في المشرق أو أشكال معدلة منها.
              هذه باختصار شديد قصة اكتشاف أصل نظام العد العربي والأرقام العربية لكنني بدأت في مرحلة متقدمة من البحث الاحظ وجود تشابه واضح بين بعض أشكال الأرقام العربية المشرقية وبعض أشكال الحروف الكنعانية (الفينيقية) فعكفت على دراسة المخطوطات والنقوش القديمة. وزرت لندن مرة ووجدت بعض الفراغ فزرت المتحف الوطني وتوقفت طويلاً أمام حجر الرشيد بعدما لاحظت تشابهاً مدهشاً بين أشكال الأرقام العربية المشرقية وحروف الأبجدية الديموطية فالتقطت بعض الصور وكبّرتها فتأكد لي وجود صلة واضحة بين أشكال الأرقام المشرقية وحروف النص الديموطي في الحجر، ثم اكتشفت وجود تشابه واضح بين أشكال الأرقام وبعض الحروف في النقوش الثمودية الموجودة بالمئات على حجارة جبال شمال جزيرة العرب، وكذا وجود تشابه بين بعض أشكال الأرقام المشرقية وحروف أبجديات لغات قديمة في آسيا ثم كانت مفاجأة كبيرة لي الاكتشاف أن الكثير من حروف أبجدية جزر المالديف أرقام عربية مشرقية كما هي أو معدلة بالمد والاطالة والتدوير والقلب الخفيف.
              وانتقلت بعدها إلى محاولة الإجابة عن السؤال المتصل بتحديد عمر الأرقام العربية وكل ما اقتربت من تحديد عمرها اكتشفت بسرعة أن عمرها أقدم من ذلك بكثير إلى أن اطلعت على دراسات مخبرية أثبتت أن بعض أنواع القردة قادرة على التعرف على بعض القيم العددية لبعض الأرقام العربية قياساً، كما يبدو، إلى أصابعها. والشائع أن نظام العد العربي عشري، أي أنه مؤلف من عشرة أرقام، لكن اكتشفت أنه ليس نظاماً عشرياً تماماً لأنه مؤلف من وحدتين خماسيتين الأولى من واحد إلى خمسة يعرضها الإنسان بتشكيلات للأصابع، والثانية (6-9) تعرض بتشكيلات لليد فيما يعرض الإنسان رقم عشرة بتشكيل حلقة صغيرة بين رأس السبابة ومنتصف الإبهام. ويعني هذا أن الإنسان العربي القديم اكتفى بالعدد البسيط خمسة للتعبير للآخرين عن أكبر عدد عرفه آنذاك، وأن العدد خمسة لم يعد كافياً للتعبير عن عدد أعلى فطوّر وحدة خماسية جديدة وصار بمقدوره عرض عدد 'ضخم' هو عشرة.
              وهذا الكلام واضح لمن يعرف تاريخ العد والرياضيات لكنه ليس واضحاً للقارىء العادي فنشأت حاجة للبرهنة على صحة اكتشافي اعتمدت فيها على اللغة العربية لأن اللغة حقيقة مطلقة ولأن الكلام لا يكذب. وفي العربية كلمة 'ثل' وهي أصل العدد ثلاثة لكن من 'ثل' نعرف 'ثلة' التي تعني مجموعة كما في 'ثلة من الحرس الوطني'. وفي العربية كلمة 'ربع' ومنها العدد أربعة لكن 'ربع' تعني' مجموعة كبيرة من الناس وربما استخدمها البعض بمعنى 'قبيلة'. ومن 'خمس' نعرف 'خميس' وهو الجيش الجرار لذا علينا أن نفترض أن العدد خمسة كان يوماً ما رقما ضخماً ومثله العدد عشرة الواضح اتصاله بكلمة 'عشيرة'.
              وهذه وغيرها كلمات معروفة لم تستوقفني خلال المرحلة الجديدة من البحث في أصول اللغة العربية لكن كلمة 'واحد' استوقفتني طويلاً لأسباب عدة. واتضح لي في وقت لاحق أن أصل العدد 'واحد' كامن في 'حد' ومن معانيه خط طبيعي أو اعتباري يفصل بين شيئين ومنه الحدود التي تفصل بين البيت والآخر أو الدولة والأخرى. إذاً، 'حد' لم يكن يعني يوماً سوى هذا الخط المحفور بحجر أو قضيب بين مكان وآخر ولا نزال إلى اليوم نرفع السبابة للدلالة على هذا الخط الذي نعرفه أيضاً باسم العدد واحد.

              اللسان الاول

              ولنوضح هنا شيئاً مهماً تنفرد به الأعداد. إنها تستخدم لأغراض كثيرة أهمها تحديد الملكية فعندما يرسم الإنسان بحجر أو عصا خطاً بين داره ودار الآخر فهو يعلن ملكيته لداره. والملكية يجب أن تكون واضحة للجميع لذا ليس في الأعداد اللبس أو التأويل الذي نجده في الكلام فالخمسة ليست أربعة أو ثلاثة بل خمسة صحيحة، والعشرة ليست ثمانية أو تسعة بل عشرة صحيحة لذا اعتمد الإنسان القديم الأعداد للتعبير عن الملكية الواضحة وعرضها للناس باستخدام تشكيلات واضحة للأصابع والأيدي ثم بهذه الأشكال التي نقشها على الحجر أو رسمها على الورق. وهذا هو حال الأرقام اليوم لأن الصيني والماليزي والبرازيلي يعرف القيمة العددية للرقم 7 مثلاً عندما يراه ولا حاجة له لمعرفة العربية لتحديد هذه القيمة العددية. وأحد أسباب ذلك أن الإنسان القديم عرف الأرقام من واحد إلى عشرة لأنها موجودة في أصابع يديه وهي محفوظة في اللاوعي. ولهذا نجد تماثلاً مدهشاً في لفظات الكثير من الأعداد في معظم اللهجات التي انحدرت من أصل لغوي واحد مثل الآكادية (لهجة آشور وبابل) والمصرية القديمة والكنعانية والعربية وغيرها من نحو 70 لهجة أو لغة انحدرت كلها من هذا الأصل اللغوي الواحد الذي اسميته في كتابي 'اللسان الأول'.
              ولنعد قليلاً لشرح سبب توقفي الطويل أمام كلمة 'حد' ولنبدأ بالإشارة إلى أن الإنسان القديم لم يبتكر كلاماً لا حاجة له به، ولم يبدأ بناء مفرداته بالكلام المؤلف من خمسة أصوات بل بالكلام المؤلف من صوت ثم من صوتين فثلاثة وهكذا، وكما وجد حاجة ماسة لابتكار كلمة جديدة للتعبير عن شيء جديد في البيئة التي يعيش فيها أو عن ملكيته لعدد أكبر من الأشياء أو الماشية والطيور وغيرها لجأ إلى بنائها والتأكد من قدرة الآخرين على لفظها وتكرارها وفهمها لأن الاجماع أساس بقاء اللغات وتطويرها. وإذا كانت كلمة 'حد' لا تعني في الأصل أكثر من هذا الشكل المحفور على الأرض فما هو الزمن الذي حفر فيه الإنسان الأول هذا الخط؟ إنه في عصر الصيد حتماً لكن عصر الصيد مديد ولم تكن حاجة الإنسان إلى الكلام الكثير فيه كبيرة.
              وعلينا الافتراض أن الإنسان في عصر الصيد كان إنساناً بسيطاً ولذا يجب علينا أن نستبعد توافر القدرة الذهنية على ابتكار مبان لغوية مثل المجاز والاستعارة أو الحساب بأرقام كبيرة وتوظيف العمليات الحسابية المعقدة لاستخراج الناتج. وإذا كان هذا التصور صحيحاً فعلينا الافتراض أيضاً أن لغته كانت لغة بسيطة جداً أو بدائية اختار لها بناء بسيطاً يستطيع معظم أفراد مجموعته استيعابه لا البناء المعقد الذي عرضه الليث والخليل في العين بالاستثناءات التي لا نهاية لها. وبما أننا افترضنا في الإنسان القديم هذه البساطة والعفوية في معظم الأشياء، فلا بد أن يقودنا التفكير بالبساطة نفسها أو القريبة منها إلى البناء الطبيعي الذي اعتمده لبناء لغته، وعندما نستطيع تحديد 'المفاتيح' التي تفك أسرار تلك اللغة فإننا نستطيع إعادة بناء اللسان الأول وبالتالي إعادة بناء العربية بوصفها ألصق لهجات بنات اللسان الأول بأمهم اللغوية الأولى لأن العربية كانت لسان أهل الجزيرة العربية وضمن انعزالها الجغرافي النسبي نقاء لسان أهلها على مر ألوف السنين مقارنة بالآشوريين أو المصريين القدماء أو الكنعانيين الذين اختلطوا بأمم أخرى نطقت بلغات لم تنحدر من اللسان الأول فأخذوا الكثير من كلام تلك الأمم.
              واعذرني، يا أخي الكريم، لأنني لا أستطيع في هذه المرحلة الكشف عن مباني العربية القديمة ومفاتيح فهمها وإعادة بنائها لكنني قدمت في هذا الجزء الأول من كتاب الأصول أمثلة كثيرة، ويستطيع الباحث الذكي أخذ صورة مناسبة عن هذه المباني لو جمع الأمثلة تلك ودرسها جيداً، ومنها ما عرضته في 'عش' و'حر'، وكلاهما من أهم الكلام في العالم. وما استطيع قوله في هذه المرحلة المتقدمة من البحث إن العربية أبسط بكثير مما عرضه الليث والخليل وهي لا تقوم على مبنى الثلاثي بل على نحو 700 وحدة لغوية تصوّر نحو 400 حالة. وهذا يعني أن المعاجم المتوافرة قاطبة لا تقدم لنا صورة العربية الأصلية، وإن شئت وصفاً لما تحتويه هذه المعاجم لقلت إن علينا أن نتصور نحو 700 وحدة لغوية و400 صورة قطّعها أهل اللغة إلى أكثر من 9000 جزء ثم عرضوا لنا هذه الأجزاء في المعاجم ففصلوا بذلك بين الجزء والآخر في الوحدة اللغوية الواحدة، وبين القسم ومتمماته في الحالة اللغوية الواحدة. ولعملية الفصل هذه مضاعفات خطيرة، وهي السبب في حالات عجيبة كثيرة نجد فيها مثلاً أن اشتقاقات كلمة مثل 'بطل' تستخدم لوصف نقيضين مثل البطلان والبطولة ، ومثلها 'عجم' (أعاجم ومعاجم) والنعش والانتعاش والوقور والموقور والدلال والدلاّل، وما السبب في هذا اللبس سوى الإخفاق في تحديد أصل هذه الثلاثيات فخلطوا بذلك بين النسائل وبين سوابق الثنائي الثلاثية.
              ومهمة جمع أجزاء هذه الوحدات اللغوية، ثم فصل هذه الصور الاربعمئة عن بعضها ليست يسيرة على الإطلاق لأن لغتنا المدهشة نتائج تراكم لغوي أعتقد أنه لا يقل عن 15 ألف سنة وربما كانت له امتدادات أبعد زمنياً بكثير لا أستبعد أن تستقر في الواحة الأولى أو المنطقة الأولى التي عاشت فيها أول مجموعة من الإنسان الحديث الذي هو أنت وأنا. إنه جهد لا أعتقد أنني استطيع استكماله في صورته الأوليّة الصحيحة قبل خمس سنوات لكن النتاج النهائي سيكون مذهلاً. ولا أعتقد أنني أبالغ إن اقترحت أنه ربما تحتم علينا عند ذلك إعادة كتابة التاريخ والإقرار أن العربية التي ننطق بها اليوم أقدم لغة مستديمة عرفها الإنسان الحديث، وفيها أهم الأسرار التي شغلت بال الناس منذ ألوف السنين شاملة أصول الاجتماع والحضارة والأديان والمعارف الأساسية وأصول بعض أهم أسماء المواضع مثل اليمن ومأرب وعدن ومكة المكرمة والكعبة المشرفة وتيماء والعراق ودمشق والشام وسورية والكرمل وغيرها، وكذا بعض أهم الشفعاء (الأرباب) مثل عشتار ورع والللات. وعرضنا في هذا الجزء الأول أصل كلمة 'عرب' وعدد آخر من الكلام الذي خفي على الناس ألوف السنين، كما عرضنا أصول بعض قبائل العرب والعروق التي سكنت جزيرة العرب وسنستكمل هذه الرحلة الطويلة في أصول الكلام في الأجزاء الثلاثة الباقية.
              ' تقول في كتابك ان تاريخنا خليط من انصاف الحقائق والروايات التي روجها المستشرقون وهو كلام ثقيل بحق النخبة الفكرية في بلادنا التي اخذت شؤونها عن الغرب في كل ما تكتبه او ترتأيه. اذا كان تأويلي صحيحا فما هو حجر الأساس الذي تستند اليه في ما تقوله؟
              ' أهم أدوات الحضارة الأبجديتان الرقمية والأدبية فلولاهما لما حسبنا ولما كتبنا فانظر بربك إلى الكتب العربية بين يدي أولادك وأولادي واقرأ في بعضها أن أصل نظام العد العربي والأرقام العربية هندي أو هندوسي وأن الأبجدية العربية مستمدة من الأبجدية الفينيقية وأن كلمات مثل 'انجيل' و'شيطان' و'ابليس' و'درهم' يونانية فيما هي عربية الأصل والفصل والكثير الكثير من مثل هذا الهذيان الفكري.
              مصر جارة جزيرة العرب بينهما هذه الوصلة الجغرافية التي نعرفها باسم سيناء ولم ينقطع تواصل أهل المنطقتين في يوم من الأيام، وسورية والعراق جارتا جزيرة العرب ومن اتجه من أهلها شمالاً فلا بد أن سيصل إلى سورية، ومن اتجه شمالاً ثم شرقاً لا بد أن يصل إلى العراق فكيف نكرر كلام المستشرقين الذين يقولون إن حضارة مصر والعراق وسورية لا علاقة لها بحضارة جزيرة العرب؟ هل يعقل أن يردد بعضنا أن هذه الحضارات جاءت من المريخ؟
              إن جهل الأمة من جهل علمائها ومن بين علمائنا استثناءات باهرة لكن الجل ليس جليلاً لأنه كرر لنا ما قرأه في كتب المستشرقين ولم ينتبه إلى الرسالة الحقيقية التي أراد إدوارد سعيد توجيهها إلى أبناء الحضارات التي استهدفها المستشرقون سواء خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر أو النصف الأول من القرن العشرين، وهي أن أحد أهداف الجهد الاستشراقي محاولة إقناع أبناء تلك الحضارات أن أفكار المستشرقين واستنتاجاتهم ليست سوى أفكار واستنتاجات أبناء تلك الحضارات، لذا نجدهم في حالات يكررون ما كتبه المستشرقون عن اقتناع كامل وكأن تلك الكتابات بهرتهم تماماً وسلبت قدرتهم على التفكير المستقل.
              وسيجد القارىء الفاضل في الجزء الأول من كتاب الأصول وفي الأجزاء الثلاثة بعده ما لا يجده في غيره، وسنعرض عليه أحداثاً وتطورات عرضها آخرون باختلاف فليعلم القارىء العربي الفاضل من الآن أنه لا يوجد فائزان أوّلان في سباق الحضارة: إمّا العرب أول من ابتكر الأبجديات الأدبية والرقمية في العالم لأنهم أول أمّة تجارية وبحرية في العالم، أو غيرهم. الكتابة والحساب أساس الحضارة لأنهما أساس تخليد الحضارة. ومن يريد استكشاف أصول الحضارة فليبدأ باستكشاف أصول الكلام والحساب، وهذا يقتضي البحث عن أصول الأمم الأولى التي ابتكرت الكلام والحساب.
              ويمكن بدراسة ملامح الطفل أن يتعرّف الدارس على ملامح الأب، ويمكن بدراسة ملامح الأم أن يتعرّف الباحث عن البنت، ويمكن بدراسة أصول الحضارة بناء صورة أصحابها. وبدراسة أصول لغتنا اليوم لا بدراسة سقط الكلام يمكن أن نحدد ملامح اللسان العربي الأول في العصور التي سبقت التأريخ. ولم نستنتج ما استنتجه آخرون قبلنا فلنقل بجرأة الحقيقة إن صورة الطفل في تاريخ العرب ليست صورة الأب، وصورة البنت ليست صورة الأم، وصورة الحضارة ليست صورة أصحابها. وليعلم القارىء الفاضل من الآن أنه لا توجد روايتان صحيحتان للتاريخ. وكما نسب الصبي لا يحتمل أمّين، كذا عمود نسب أجداد العرب لا يحتمل أصلين: إما العرب العاربة من أدّهم وعادهم وجرهمهم وطسمهم وجديسهم هم أصل هذا العمود، أو غيرهم؛ إما أن ينتسب العرب إلى أد وعاد وجرهم وطسم والعماليق من قبائل أهل الزمان الأول، أو أن ينتسبوا إلى تارح بن أرغو بن فالغ ابن عابر بن أرفخشذ؛ إما أن تكون الحقيقة أصدق من الاسطورة والخرافة، أو العكس؛ إما أن يصدّق العرب تاريخهم، أو أن يصدّقوا التاريخ الذي اخترعه لهم العبرانيون خلال سبيهم الطويل في اليمن، ثم المستشرقون في الدول الاستعمارية.
              وكلا الجماعتين في الكثير من أوجه الالتقاء جماعة مدّعيّة واحدة كشفنا في الجزء الأول من كتاب الأصول الكثير من مزاعمها، ورددنا إلى العرب بعض أهم الابتكارات والاختراعات التي غيّرت تاريخ البشرية. أمّا الأمر الثاني فليس بيدنا لأن الانتماء ليس خيار الأمّة فلها تاريخها المعروف الأقدم منّا جميعاً. الفرد هو الذي ينتمي إلى الأمّة لا الأمّة إلى الفرد. إنه، إذاً، خيار الفرد فهو الذي يقرر انتماءه إن شاء الانتماء. ووجدنا في العلوم والثقافة والأدب أقلام عرب كثيرين قرروا انتماءهم فانضموا إلى ثقافة ملايين الأيتام الذين خلّفهم كولبروك وموللر وفالغ ابن عابر في الهند وأوروبا وبلاد العرب على أنقاض ورشات صناعة الحضارة الاستشراقية التي أنتجت معظم الكتب التي تحتويها المكتبات اليوم.

              مروجو الاسرائيليات

              ''لا يستطيع القارئ ان يكتفي باعتبار عملك كتابا علميا عن تاريخ العرب الطبيعي ودورهم في تأسيس الابجديتين الرقمية واللغوية، وسبب الحيرة هو الخطاب السياسي والفكري الذي يمتلئ به والذي يذكرني احيانا بكتابات النهضويين العرب الكبار نهاية القرن 19 وبداية العشرين. هل ذهبت 100 عام من التاريخ العربي الحديث عبثا مع النهايات الكارثية لأنظمتنا، وخصوصا 'الثورية' منها، وهل نحن بحاجة لخطاب 'نهضوي' جديد؟
              'لا أعتقد أن الأمة الآن بحاجة إلى خطاب من أي نوع فهي أمة ذكية تعرف بالضبط ما تريده وهي في وضع انتظار وترقّب، وأعتقد أنها قادرة على تحقيق أهدافها بسرعة عندما يحين وقت التحرك خلال العشرين أو الثلاثين سنة المقبلة. ولنفترض أن الأمة بحاجة إلى خطاب فمن هو المؤهل لإرسال هذا الخطاب وحال الجماعات الحاكمة الحال الذي يعرفه الكبير والصغير، وحال معظم المنتمين إلى ما يُقال إنه 'النخبة' الفكرية والثقافية الحال المعروف من الغيبوبة والضياع والاضطراب؟ ولا يستطيع من يعرف تاريخ هذه الأمة أن يسمح لليأس بالتعمير في قلبه، وهي واجهت خلال أكثر من عشرة آلاف سنة أوضاعاً أخطر من الأوضاع الراهنة بكثير لكنها تمكنت في النهاية من السيطرة على مسار قدرها وتابعت الطريق الذي تعرفه. وأعتقد أن الأمة بحاجة إلى مجموعة من أصحاب الفكر الراغبين في خدمة الحقيقة، ولا شك عندي أن الرغبة في خدمة الحقيقة يجب أن تكون الرغبة في خدمة الأمة وهذا شرف لا يعلو عليه شرف. ولا نحتاج إلى 'حركة تصحيحية ثقافية' من أي نوع وإنما العودة إلى تراثنا الهائل وتنظيفه من الشوائب والدس والخلط وقلع أفكار مروجي الاسرائيليات والمستشرقين من الكتب تمهيداً لقلعها من الذهن العربي. وأعتقد أنه من المطالب المهمة في هذه المرحلة الكتابة بنفس جديد وجهد بحثي جديد في مواضيع مهمة كتب عنها الكثيرون قبلنا لكنهم أخفقوا في إعادة الفكر العربي إلى صوابه لأن كتاباتهم لم تكن مقنعة وكيف وكثيرها صياغة بالعربية لأفكار ابتكرها المستشرقون الفرنسيون والانكليز؟ وكما تعرف، التخلف الثقافي ينتج التخلف الحضاري، وأقول بتواضع ابن بسيط من أبناء هذه الأمة الفريدة أن الأجزاء الأربعة من كتاب الأصول مشروع ثقافي يبدأ من عصور ما قبل التاريخ عماده تحليل الكلام لتقديم صورة حقيقة عن تاريخ العرب وحياتهم وحضارتهم التي هي أقدم حضارة في التاريخ لأنهم أقدم أمة تجارية في التاريخ.
              وبداية هذا الجهد الجزء الأول من كتاب الأصول واخترت له هذا العنوان الطموح بعد تردد لما عرفنا في كل محور من محاور الدرس متون كتب بعضها في أجزاء والآخر يفوق هذا الكتاب حجماً. وأياً كانت الزاوية التي نظرت منها ببعض الشمول إلى مخطوطة هذا الكتاب وجدتها صفحة من موشور تترابط وتتداخل مع الصفحات الأخرى في الموشور نفسه حتى ليكاد الناظر في إحداها ينفذ بلا عناء كبير إلى الأخرى. وأياً كان موقع طبقة البحث التي حاولت اختيارها من بين طبقات الدرس الأخرى لتكون الطبقة الأهم في محاور هذا الكتاب وجدت لها عروقاً ضاربة في ما تقدمها من طبقات نسيج الزمان العربي وما تأخر. وباختصار، اكتشفت في المراحل الأخيرة من وضع هذا الكتاب ما وجب علي اكتشافه في بدايتها وهو أن تاريخ العرب يستعصي على الاقتطاع والفصل والفرز أياً كان نوعه. ورأيت أن تاريخ العرب الطبيعي ليس سوى وجه تاريخهم الحضاري، وتاريخهم الحضاري ليس سوى وجه تاريخ الإبداع الذي يبدأ بابتكار العدد الأول والحرف الأول والفكرة الأولى. وإن جمعنا كل هذه الأوجه في موشور بحثي واحد سنجد أمام عيوننا تاريخهم الإنساني الذي رأينا فيه تاريخ الإنسانية وحضارتها، ولا أعرف قبل نهوض حضارة العرب أي حضارة سبقتهم في أي مكان في العالم.
              أمّا بناء الحضارة الطبيعية فهو بناء الحاجة. ومن كبريت الحاجة وملح الضرورة تنطلق شرارة الإبداع الإنساني، فليعلم القارىء الفاضل أن الرقم المتميز والحرف المتميز عنصران في الأبجدية الرقمية أو الأدبية المتميزة التي ترتقي بحسابها وكلامها في لحظة من لحظات نضوجها فتصبح أبجدية حضارة الأمّة التي ابتكرتها، فإن تابعت تميزها ستصبح لا محالة أبجدية الحضارة الإنسانية. هذا هو حال الأبجدية العربية الأدبية والأبجدية العربية الرقمية اليوم، وهو حال هاتين الأبجديتين منذ زمنين متصلين بدأ أولهما قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام، والثاني قبل أكثر من 1200 عام. أما أصول هاتين الأبجديتين اللتين لعبتا الدور الأهم في صنع الحضارة الإنسانية، فأقدم بكثير. وأعتقد أن أساس الحساب كامن في زمن الصيد لأن حسب العربية لغة في حصب وحصب هي الحص ثم الحصى، ومن الحساب بالحصى عرف العرب الأوائل الحصص والاحصاء. هذا هو معداد العرب الأول. أما خط فهو الأثر الذي تتركه الحيّة وهي تنساب على الرمل والترب، ومن أثر الحيّة عرفنا الخطاط والتخطيط والمخططات وخطوط الاتصالات والتمويل والتموين. في أي لغات العالم يمكن رد مثل هذه الرموز الحضارية الحاسمة إلى هذه الأصول الطبيعية الموغلة في القدم؟ في أي اللغات يمكن التعبير عن شيء غاية في التقدم التقني مثل الذرّة بشيء في غاية البدء مثل ذر؟
              وفي عيون الناس غشاوة الشك التي أعتقد أنه من السهل إزالتها إن شاء صاحب الشك إزالتها. فإن زالت باليقين سيكتشف العرب أن إحدى أشكال حروف الأبجدية الأدبية التي طوّرها أجدادهم اعتماداً على الأشكال التي كانت شائعة في النسيج القبائلي العربي اللغوي القديم، هي أبجدية معظم أمم العالم اليوم. أما الأبجدية الرقمية ونظامها العددي فهما أبجدية أمم العالم كلها. هذه هي المفاجأة المدهشة التي توصلت إليها في نهاية مرحلة بحث اعتقدت أنها نهاية البحث كله. ثم استوقفني سؤال استنتاجي اضطرني إلى متابعة البحث: إذا كانت الأبجديتان الأدبية والرقمية بهذا التميّز العالمي، أفلا يكون منطقيّاً افتراض مثل هذا التميّز في الأدوات والعناصر الأخرى التي تتطلبها الحضارة المتميزة مثل النقد والمقاييس والأوزان والقضاء والأحكام؟ والجواب، كما يُقال، في الكتاب.
              حوار: حسام الدين محمد

              </TD></TR></TBODY></TABLE>

              تعليق

              • s___s

                #22
                ما قدمه العرب والمسلمون وما زال العالم يستخدمه حتى يومنا هذا

                فكرة هذا الموضوع أتت على بالي ويرجع الفضل فيها لجريدة الإندبندنت والتي نشرت بتاريخ 11/3/2006 http://news.independent.co.uk/world/science_technology/article350594.ece

                والكاتب باول فاليللي

                ويجب إرجاع الفضل لأهله فالدكتور عادل الكفيشي كان قد سبقني بنشر المقالة وترجمتها في الموقع التالي http://wataonline.com/forum/viewtopic.php?p=2155&highlight=#2155
                وأنقل الترجمة التي أوردها لكامل المقال
                فجازاه الله خيرا وكتبها في صالح أعماله
                ترجمة: (( كيف غير المخترعون المسلمون وجه العالم؟ ))
                من القهوة مروراً بنظام الثلاث وجبات اليومي وحتى الشيكات, أعطانا العالم الإسلامي العديد من الإبتكارات التي لا غني عن إستعمالها في حياتنا اليومية الآن, يذكر كاتب الموضوع باول فاليللي أكثر 20 ابتكارا تأثيراً على العالم ويعرفنا بالعباقرة الذين كانوا وراء هذه الابتكارات.

                1: تقول القصة أن هناك عربي يدعى خالد كان يعني ببعض الماعز في منطقة "كافا" بجنوب أثيوبيا, عندما لاحظ أن حيواناته أصبحت أكثر نشاطاً حينما تأكل التوت, فقام بغلي التوت ليصنع أول فنجان من القهوة! , ومن المؤكد أن أول مرة خرج فيها مشروب القهوة إلى خارج أثيوبيا كان الى اليمن حيث شربها "صفي" كي يظل يقظاً طوال الليل ليصلي في مناسبة خاصة. في أواخر القرن الخامس عشر وصلت القهوة الى مكة وتركيا.. التي منها وصلت الى فينسيا في عام 1645م. ثم الى انجلترا بعد خمس سنوات في 1650 بواسطة تركي يدعى "باسكوا روسي" الذي فتح أول "محل قهوة" في شارع لومبارد بمدينة لندن… القهوة العربية صارت بعد ذلك تركية.. ثم إيطالية وإنجليزية!

                2: قدماء اليونانيون ظنوا أن أعيننا تُخرِج أشعة مثل الليزر والتي تجعلنا قادرين على الرؤية, أول شخص لاحظ أن الضوء يدخل إلى العين ولا يخرج منها كان في عالم رياضي وفيزيائي وفلكي مسلم, وهو الحسن بن الهيثم. حيث إكتشف أن الإبصار يحدث بسبب سقوط الإشعة من الضوء على الجسم المرئي مما يمكن للعين أن تراه.. ولكن العين لا تخرج أشعة من نفسها.. وإلا كيف لا ترى العين في الظلام ؟ و اكتشف ابن الهيثم ظاهرة انعكاس الضوء، وظاهرة انعطاف الضوء أي انحراف الصورة عن مكانها في حال مرور الأشعة الضوئية في وسط معين إلى وسط غير متجانس معه. كما اكتشف أن الانعطاف يكون معدوماً إذا مرت الأشعة الضوئية وفقاً لزاوية قائمة من وسط إلى وسط آخر غير متجانس معه, ووضع ابن الهيثم بحوثاً في ما يتعلق بتكبير العدسات، وبذلك مهّد لاستعمال العدسات المتنوعة في معالجة عيوب العين, ويعتبر الحسن بن الهيثم أول من انتقل بالفيزياء من المرحلة الفلسفية للمرحلة العملية [ from a philosophical activity to an experimental one ] .

                3: كان هناك أحد أشكال لعبة الشطرنج في الهند القديمة, لكن اللعبة طورت إلى الطريقة التي نعرفها الآن في بلاد فارس [ إيران ] , من هناك إنتشرت اللعبة غرباً إلى أوروبا حيث قدمها المغاربة في أسبانيا في القرن العاشر الميلادي, وانتشرت شرقاً إلى اليابان.. تستعمل في الغرب كلمة rook لطابية الشطرنج كما نعرفها.. ويعود اصل هذه الكلمة إلى كلمة "رُخ" العربية.

                4: قبل آلاف السنوات من تجربة الأخوان رايت في بريطانيا للطيران.. كان هناك شاعر وفلكي وموسيقي ومهندس مسلم يدعى "عباس بن فرناس" قام بمحاولات عديدة لإنشاء آلة طيران, في عام 825م قفر من أعلى مئذنة الجامع الكبير في قرطبة مستخدما عباءة صلبة غير محكمة مدعمة بقوائم خشبية, كان يأمل أن أن يحلق كالطيور.. لم يفلح في هذا ولكن العباءة قللت من سرعة هبوطه.. مكونة ما يمكن أن نمسيه أول "باراشوت" وخرج من هذه التجربة فقط بجروح بسيطة, في 875م حين كان عمره 70 عاماً.. قام بتطوير ماكينة من الحرير وريش النسور ثم حاول مرة أخرى بالقفز من أعلى جبل هذه المرة, وصل هذه المرة إلى ارتفاع عال.. وظل طائرا لمدة عشر دقائق.. لكنه تحطم في الهبوط!.. كان ذلك بسبب عدم وضع "ذيل" للجهاز الذي ابتكره كي يتمكن من الهبوط بطريقة صحيحة, مطار بغداد الدولي وفوهة أحد البراكين في المغرب تم تسميتهما على اسمه.

                5: الإغتسال والنظافة متطلبات دينية لدي المسلمين, ربما كان هذا السبب في أنهم طوروا شكل الصابون إلى الشكل الذي مازلنا نستخدمه الآن!.. قدماء المصريين كان عندهم أحد أنواع الصابون.. تماما مثل الرومان الذين استخدموها غالبا كـمرهم!, لكنهم كانوا العرب هم من جمعوا بين زيوت النباتات وهيدروكسيد الصوديوم والمواد الأروماتية مثل الـ "thyme oil" .كان أحد أكثر خصائص الصليبيون غرابة بالنسبة للمسلمين كانت أنهم لا يغتسلون!.. الشامبو قدم في انجلترا لأول مرة حينما قام أحد المسلمين بفتح احد محلات الاستحمام بالبخار في "بريتون سيفرونت" في عام 1759 .

                6: التقطير ووسائل فصل السوائل من خلال الاختلافات في درجة غليانها, أخترعت في حوالي العام 800 م. بواسطة العالم المسلم الكبير "جابر بن حيان" , الذي قام بتحويل "الخيمياء" أو "الكيمياء القديمة" إلى "الكيمياء الحديثة" كما نعرفها الآن.. مخترعا العديد من العديد من العمليات الأساسية والادوات التي لانزال نستخدمها حتى الآن؛ السيولة, والتبلور, والتقطير, والتنقية, والأكسدة, والتبخير والترشيح.. جنباً الى جنب مع اكتشاف الكبريت وحمض النيتريك, اخترع جابر بن حيان أمبيق التقطير – تستخدم الانجليزية لفظ alembic وهو مشتق من لفظ "إمبيق" العربي – وهو آلة تستخدم في عملية التقطير.. مقدماً للعالم العطور وبعض المشروبات الكحولية ويذكر الكاتب أن ذلك حرام في الإسلام , إستخدم إبن حيان التجربة المنظمة ويعتبر مكتشف الكيمياء الحديثة.

                7: المضخة جهاز عبارة عن آلة من المعدن تدار بقوة الريح أو بواسطة حيوان يدور بحركة دائرية، وكان الهدف منها أن ترفع المياه من الآبار العميقة إلى اسطح الأرض، وكذلك كانت تستعمل في رفع المياه من منسوب النهر إذا كان منخفضاً إلى الأماكن العليا.. صنعت بواسطة مهندس مسلم بارع يسمى "الجزري" .. هذه المضخة هي الفكرة الرئيسية التي بنيت عليها جميع المضخات المتطورة في عصرنا الحاضر والمحركات الآلية كلها ابتداء من المحرك البخاري الذي في القطار أو البواخر إلى محرك الاحتراق الداخلي الذي يعمل بالبنزين كما في السيارة والطائرة.. ويعتبر "الجزري" هو الأب الروحي لعلم الـ robotics والخاص بتصنيع الـrobots كما نعرفها اليوم.. من ضمن إختراعاته الخمسين الأخرى كان الـ" combination lock " وهي التي نراها اليوم في طريقة قفل بعض الحقائب والخزانات باستخدام بعض الأرقام بجوار بعضها مكونة شفرة .

                8: وضع طبقة من مادة أخرى بين طبقتين من القماش.. تعتبر أحدى طرق الخياطة وغير معروف إذا كانت ابتكرت في العالم الإسلامي أم انها قد نشأت أولاً في الهند أو الصين, ولكن من المؤكد أنها وصلت للغرب من خلال الصليبيون.. عندما رأوا بعض المحاربين المسلمين يرتدون قمصانا مصنوعة بهذه الطريقة بدلاً من الدروع والتي كانت مفيدة جداً كوسيلة للحماية من أسلحة الصليبيين المعدنية.. حيث كونت نوع من أنواع الحماية لهم.. وهي تعتبر أول "قميص واقي من الرصاص" في العالم : ) .. استخدمها الغرب هذه الطريقة فيما بعد للوقاية من برودة الجو في دول مثل بريطانيا وهولندا..

                9: تعد الأقواس مستدقة الطرف من أهم الخصائص المعمارية التي تميز كاتدرائيات أوروبا القوطية, فكرة هذه الأقواس ابتكرها المعماريون المسلمون. وهي أقوى بكثير من الأقواس مستديرة الطرف والتي كان يستخدمها الرومان والنورمانيون, لأنها تساعدك على أن يكون البناء أكبر وأعلى وأكثر تعقيداً.. إقتبس الغرب من المسلمين أيضاً طريقة بناء القناطر والقباب. قلعات أوروبا منسوخة الفكرة أيضاً من العالم الإسلامي, بدءا الشقوق الطولية في الأسوار, وشرفات القلعة.. وطريقة الحصن الأمامي وحواجز الأسقف.. والأبراج المربعة.. والتي كانت تسهل جدا حماية القلعة.. ويكفي أن تعرف أن المهندس المعماري الذي قام ببناء قلعة هنري الخامس كان مسلم.

                10: العديد من الآلات الجراحية الحديثة المستخدمة الآن لازالت بنفس التصميم الذي ابتكرها به الجراح المسلم "الزهراوي" في القرن العاشر الميلادي.. هذه الآلات وغيرها أكثر من مائتي آلة ابتكرها لازالت معروفة للجراحين اليوم, وكان "الزهراوي" يجري عملية إستئصال الغدة الدرقية Thyroid . وذكر "الزهراوي" علاج السرطان في كتابه (التصريف) قائلا: متى كان السرطان في موضع يمكن استئصاله كله كالسرطان الذي يكون في الثدي أو في الفخد ونحوهما من الأعضاء المتمكنة لإخراجه بجملته ,إذا كان مبتدءاً صغيراً فافعل. أما متى تقدم فلا ينبغى أن تقربه فاني ما استطعت أن أبرىء منه أحدا. ولا رأيت قبلي غيري وصل إلى ذلك " وهي عملية لم يجرؤ أي جراح في أوربا على إجرائها إلا في القرن التاسع عشر بعده أي بتسعة قرون, في القرن الثالث عشر الميلادي.. طبيب مسلم آخر اسمه "ابن النفيس" شرح الدورة الدموية الصغرى.. قبل أن يشرحها ويليام هارفي بـثلاثمائة عام, إخترع علماء المسلمين أيضاً المسكنات من مزيج مادتي الأفيون والكحول وطوروا أسلوباً للحقن بواسطة الإبر لا يزال مستخدم حتى الآن.

                11: اخترع المسلمون طواحين الهواء في عام 634 م.. وكانت تستخدم لطحن الذرة وري المياه في الصحراء العربية الواسعة, عندما تصبح جداول المياه جافة, كانت الرياح هي القوة الوحيدة التي يهب من اتجاه ثابت لمدة شهور, الطواحين كانت تحتوي على 6 او 12 أشرعة مغطاة بأوراق النخل, كان هذا قبل أن تظهر طواحين الهواء في أوروبا بخمسمائة عام!

                12: فكرة التطعيم لم تبتكر بواسطة جبنر وباستير ..ولكن ابتكرها العالم الاسلامي ووصلت الى اوروبا من خلال زوجة سفير بريطانيا في تركيا وتحديدا في اسطنبول عام 1724 , الأطفال في تركيا طعِّموا ضد الجدرى قبل خمسون عاما من اكتشاف الغرب لذلك!

                13: القلم الجاف اخترع في مصر أول مرة لأجل السلطان في عام 953, حينما طلب قلما لا يلوث يداه أو ملابسه.. و كان القلم يحتوي على الحبر في خزانة مثل الأقلام الحديثة .

                14: نظام الترقيم المستخدم في العالم الآن ربما كان هندي الأصل.. ولكن طابع الأرقام عربي وأقدم ظهور له في بعض أعمال عالمي الرياضة المسلمين الخوارزمي والكندي حوالي العام 825, سميت "Algebra " على اسم كتاب الخوارزمي "الجبر والمقابلة" والذي لا يزال الكثير من محتوياته تستخدم حالياً.. الأفكار والنظريات التي توصل لها علماء الرياضيات المسلمين نقلت إلى اوروبا بعد ذلك بـ300 عام على يد العالم الإيطالي فيبوناشي.. الـ" Algorithms" وعلم المثلثات نشأوا في العالم الإسلامي.

                15: علي بن نفيس والمعروف باسم "زيراب".. قدم من العراق الى قرطبة في القرن التاسع الميلادي, وعرّف الغرب لأول مرة بمبدأ الثلاث وجبات اليومية.. وقدّم أيضاً البلور أو الزجاج الشفاف لأول مرة والذي تم اختراعه بعد عدة تجارب بواسطة عباس بن فرناس.

                16: بواسطة تقدمهم العالي في فنون الحياكة, ووجود أصباغ جديدة بفضل تقدم المسلمون في الكيمياء بالإضافة لوجود الحس العالي في استخدام النقوش والتي كانت اساسا للفن الإسلامي غير التصويري, برع المسلمون في صناعة السجاجيد وغيرها, على العكس في الجهة الأخرى كانت الأرضيات في اوروبا بوضوح بلا أغطية حتى وصلتها السجاجيد العربية والفارسية والتي قدمت في انجلترا كما سجل إيسراموس " الأرضيات كانت مفروشة بالحشائش.. ونادراً ما تجدد.. وأحياناً كثيرة كانت تترك مخلفات البشر والحيوانات وفتات الأطعمة في الشوارع " .

                17: كلمة "Cheque" الغربية أتت في الأصل من الكلمة العربية "صك" , وهي عبارة عن وصل مكتوب يستخدم لشراء السلع, وذلك لتفادي مشاكل نقل الأموال وتعرضها للمناطق الخطرة.. في القرن التاسع عشر كان يستطيع رجل الأعمال المسلم أن يدفع في الصين بواسطة شيك لبنك في بغداد!!

                18: في القرن التاسع عشر قال الكثير من علماء المسلمين أن الأرض كروية, وكان الدليل كما قال الفلكي "ابن حزم" أن الشمس دائما ما تكون عمودية على نقطة محددة على الأرض , كان ذلك قبل أن يكتشف جاليليون ذات النقطة ب500 عام.. [ نلاحظ أن ابن حزم لم يعدم لقوله هذا عكس ما حدث مع جاليليو من الكنيسة! ] .

                19: كانت حسابات الفلكيون المسلمون دقيقة جدا حيث أنه في القرن التاسع.. حيث حسبوا محيط الأرض ليجدوه 40,253.4 كيلومتر وهو أقل من المحيط الفعلي بـ200 كيلومتر فقط! , رسم العالم الإدريسي رسما للكرة الأرضية لأحد الملوك في عام 1139 ميلادية.

                20: إذا كان الصينيون هم من اكتشفوا البارود واستخدموه في إشعال النيران, فإن العرب هم أول من نقّى البارود باستخدام نترات البوتاسيوم ليكون صالحاً للإستعمال الحربي, مما أصاب أصاب الصليبيين بالرعب, في القرن الخامس عشر نجح المسلمون في اختراع أول صاروخ وأول طوربيد بحري .

                أتمنى أن يشارك كل منا بما يعرفه عما هو أصله يعود لنا ومازال يستخدم أو تم بناء عليه تطور نستخدمه، علـّها تكون محاولة في معرفة جزء من تاريخنا، ولعله يساهم في زيادة الهمم في تقديم المزيد، نتجاوز به النظرة السلبية التي نوصم بها ظلما وعدوانا على الأقل على مستوى الأفراد
                وفي نفس الوقت تكون مادة أولية لأي مهتم وباحث في أنتاج ما يرغب به

                فأهلا وسهلا بكل مساهماتكم فالباب منكم وبكم وإليكم
                مع تحياتي
                التعديل الأخير تم بواسطة ضيف; الساعة 10-08-2010, 07:36 AM.

                تعليق

                • s___s

                  #23
                  إليكم ما وجدته عن تقنية النانو وأيادي العرب والمسلمين قديما وحديثا فيها من برنامج بلا حدود من قناة الجزيرة مع د.سامي سعيد حبيب/مركز تقنية النانو- جامعة الملك عبدالعزيز


                  نص الحلقة لمن يفضّل القراءة عن المشاهدة تجدوه في الرابط التالي


                  ويمكن مراجعة الفيلم الألماني عن كنوز المسلمين العلمية أعلاه لمن لا يصدق إلا ما ورد من الغرب، فيما يخص الحروب الصليبية وأول دليل على استخدام لتقنية النانو كان في صناعة السيوف الدمشقيّة، وبداية نقل التقنية العربية الإسلامية إلى الغرب وفق وجهة نظر أصحاب الفيلم الألماني

                  ما رأيكم دام فضلكم؟
                  التعديل الأخير تم بواسطة ضيف; الساعة 10-13-2010, 10:06 AM.

                  تعليق

                  يعمل...