الطفلة هدى تستغيث بجثة والدها الشهيد
http://www.alghad.jo/image.php?id=44745
تشييع 10 فلسطينيين استشهدوا في الجريمة الإسرائيلية
حامد جاد
غزة - الغد - مشهد مروع من واقع الحياة الفلسطينية، لم يراود الطفلة هدى غاليه 11 عاماً في أسوأ كوابيسها لتعايش حقيقة واقعة وهي تتنقل وسط صراخها المدوي بين جثث أفراد أسرتها تصل إلى جثة شقيقها الرضيع هيثم 4 أشهر ثم تقفز وكأنها تسير على جمر لتلقي نظرة على جثة شقيقتها الهام وبجانبها كل من شقيقتيها صابرين 3 سنوات وهنادي عام ونصف العام.
وتواصل هدى صراخها المدوي مستغيثة بوالدها"بابا.يابا" لتجده على بعد بضعة أمتار شاخص العينين إلى السماء وكأنه يدعو الله أن يتولاها برحمته بعد أن أبت آلة الحرب الصهيونية إلا أن تتركها وحيدة تصارع ذكريات فاجعتها الكبرى بفقدان سبعة من أفراد أسرتها المكونة من 14 فرداً .
وتمضي هدى في صراخها غير مصدقة أن والدها فارق الحياة لتقف مشدوهة وسط ذهول مطبق وصوتها المتهدج الذي قطع أنينه صافرات سيارات الإسعاف لتقف برهة وهي تراقب المسعفين وهم ينقلون الجثة تلو الأخرى فها هي زوجة أبيها رئيسة 27 عاماً وهاهي شقيقتها عالية 24 عاماً والآخرون لا يتحركون، لم يبق لها سوى والدتها حمدية 42 عاماً أصيبت بشظايا "القذيفة الثالثة " التي قضت على أسرتها في نزهتهم على شاطئ بحر بلدة بيت لاهيا شمال القطاع عصرالجمعة، وها هو شقيقها أدهم 9 سنوات فاقد للوعي بعد إصابته الخطيرة التي نقل أثرها إلى إحدى المستشفيات الإسرائيلية داخل الخط الأخضر.
وأيهم 18 عاماً وأماني 24 عاماً في حال الخطر الشديد وإيهام 15 عاماً ولطيفة 6 سنوات وجميعهم أصيبوا وهديل 8 سنوات فمازالت تضمد صدمتها النفسية في مستشفى العودة دون أن تعلم حتى اللحظة أن أحداً من أسرتها استشهد ظناً منها أنهم كانوا نائمين عقب تناولهم طعام الغذاء.
وتروي هدى تفاصيل حادث استشهاد أسرتها بعبارات متناثرة استطاعت جمعها من ذاكرتها المتقدة بصدمة أفجعت كل من شاهدها على شاشات التلفزة وهي تتفقد أفراد أسرتها وتقول كنا في غاية السعادة نلهو على شاطئ البحر ونشوي الذرة على موقد أقمناه على مقربة منا ونستعد لتناول وجبة الغذاء. سقطت قذيفة وسمعنا صوت طلقات نارية في محيط جلستنا فابتعدنا ونقلنا أغراضنا مبتعدين قليلاً عن الشاطئ.
وتابعت ثم سقطت قذيفة أخرى فابتعدنا أكثر واتصل شقيقي في هاتفه المحمول طالباً سيارة أجرة لتعيدنا إلى المنزل ففضلت أنا وشقيقتي هديل التوجه إلى الشاطئ للاستحمام فوصل والدي إلينا يطلب منا الحضور لتناول الطعام ومن ثم العودة إلى المنزل حال وصول السيارة .
تركت شقيقتي هديل البحر وعادت قبلي إلى والدي ثم تبعتها فوجدتهم لا يتحركون وعادت هدى لصمتها وذهولها مجدداً شاردة الذهن لا تستطيع النطق سوى بالعويل التي تعجز مصطلحات لغات العالم التعبير عن مكنونه.
أما هديل التي مازالت ترقد في مستشفى العودة فاستطاعت الحديث معنا معتقدة أن أفراد أسرتها ما زالوا أحياء يرزقون وتقول الطفلة الحالمة ابنة السنوات السبع صلى والدي الجمعة "الشهيد علي 45 عاماً" وذهبنا إلى البحر وسبحنا ثم ناداني فخرجت فوجدت أخي هيثم 4 أشهر ملقى على الأرض فظننت أنه وقع من سريره وغطت الدماء وجهه وتتساءل ببراءة الأطفال "متى سيصحو من نومه"ورأيت أخي الآخر نائم مثلهم "متى سيصحون "وتختم حديثها وصلت سيارات الإسعاف ونقلتهم وحتى الآن لم أراهم وبإشارة أومأ بها أحد الممرضين طالباً دون أن ينطق بكلمة إخفاء حقيقة استشهاد أسرتها عنها.
أما عمتها خضرة التي أدمت وجهها في عزاء السيدات من شدة العويل والبكاء فراحت تعيد على مسامع النساء ما قالته هدى ابنة شقيقها الشهيد علي ، فقالت هدى لا تستطيع أن تتحدث الآن لقد حكت لي لحظة عودتها كل شيء "عمتي قتلوا أبويا وأخوتي "أنا والحديث مجدداً لهدى على لسان عمتها لففت جسمي ببطانية عندما سقطت القذيفة الثانية وابتعدت قليلاً بعد تناولي الغداء ، لم تصل السيارة التي طلبها أخي. كنا حنروح ،ماتوا كلهم ماتوا.
وأمينة "إيهام" ايدها راحت من القذيفة وأمي كلهم.كلهم وخالتي ماتت كمان "زوجة أبيها رئيسة ".
وأمام بيت عزاء أسرة الشهداء في منطقة فدعوس في بيت لاهيا شمال القطاع توافد المئات تباعاً إلى سرادق العزاء منذ ساعات الصباح الأولى وعلت مكبرات الصوت التي تلت آيات من الذكر الحكيم على امتداد الشارع المؤدي إلى المكان فيما أغلقت المحال التجارية في مدن القطاع حداداً على أرواح شهداء هذه العائلة.
وخيمت أجواء من الحزن والسخط الشديدين على مشاعر المواطنين التي هزتها صورة الطفلة هدى وهي لا تملك سوى الصراخ على والدها وضمت مسيرة تشييع أفراد أسرة الشهداء أكثر من عشرة آلاف مواطن وجابت المسيرة شوارع البلدة يتقدمها العديد من الشخصيات والرموز الوطنية الإسلامية وعدد من أعضاء التشريعي وعناصر الفصائل الوطنية والإسلامية رفعت رايات مختلف الفصائل في مشهد جنائزي شوهد العديد من المشاركين فيه وهم يذرفون الدمع وعبارات رددها أكثر من مشارك "أطفال يا الله " ايش سووا عشان يقتلوهم ،حرام كيف حيعيشوا بعد هيك الله لهم" .
والشهداء من نفس العائلة هم علي عيسى غالية "49 عاما" وزوجته رئيسة "35 عاما" ورضيعهما هيثم "عام ونصف العام" وابنتهما صابرين "4 سنوات" وهنادي "عامان" بالإضافة إلى عليه "17 عاما" والهام "51 عاما" اضافة الى احمد عطا الزعانين "22 عاما" وشقيقه باسل "26 عاما" وابن عمه خالد يوسف الزعانين "36 عاما".
وانطلقت جنازة التشييع من مستشفى الشفاء في مدينة غزة حيث كان اربعة قتلى من عائلة غالية في المستشفى باتجاه بلدة بيت لاهيا، وثلاثة قتلى من نفس العائلة تم نقلهم من مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا الى منزلهم في البلدة، إضافة إلى ثلاثة قتلى من عائلة الزعانين تم نقلهم من مستشفى كمال عدوان الى بيت حانون المجاورة.
وأثار مشهد هذه العائلة في نفوس الفلسطينيين صدمة نفسية بالغة الأثر أوصلت الكثير منهم إلى مقاطعة البحر التي شهدت رماله هذه الجريمة البشعة واختلطت حباته بدماء الشهداء وقالت إحدى النساء أصبحت أخشى البحر فلا أستطيع أن آخذ أطفالي إليه فمراكبهم مازالت على شواطئنا تقصف وتقتل الأطفال لا أستطيع الوصول إلى الشاطئ لا أستطيع وامرأة أخرى أشارت إلى الصدمة النفسية التي لحقت بطفلتها بعد مشاهدتها لصورة الطفلة هدى على شاشة التلفاز لتطلب من أمها باكية خلص مش حطلب منك تخدينا للبحر بدناش نروح هناكِِ.
نقلا عن جريدة
http://www.alghad.jo/image.php?id=44745
تشييع 10 فلسطينيين استشهدوا في الجريمة الإسرائيلية
حامد جاد
غزة - الغد - مشهد مروع من واقع الحياة الفلسطينية، لم يراود الطفلة هدى غاليه 11 عاماً في أسوأ كوابيسها لتعايش حقيقة واقعة وهي تتنقل وسط صراخها المدوي بين جثث أفراد أسرتها تصل إلى جثة شقيقها الرضيع هيثم 4 أشهر ثم تقفز وكأنها تسير على جمر لتلقي نظرة على جثة شقيقتها الهام وبجانبها كل من شقيقتيها صابرين 3 سنوات وهنادي عام ونصف العام.
وتواصل هدى صراخها المدوي مستغيثة بوالدها"بابا.يابا" لتجده على بعد بضعة أمتار شاخص العينين إلى السماء وكأنه يدعو الله أن يتولاها برحمته بعد أن أبت آلة الحرب الصهيونية إلا أن تتركها وحيدة تصارع ذكريات فاجعتها الكبرى بفقدان سبعة من أفراد أسرتها المكونة من 14 فرداً .
وتمضي هدى في صراخها غير مصدقة أن والدها فارق الحياة لتقف مشدوهة وسط ذهول مطبق وصوتها المتهدج الذي قطع أنينه صافرات سيارات الإسعاف لتقف برهة وهي تراقب المسعفين وهم ينقلون الجثة تلو الأخرى فها هي زوجة أبيها رئيسة 27 عاماً وهاهي شقيقتها عالية 24 عاماً والآخرون لا يتحركون، لم يبق لها سوى والدتها حمدية 42 عاماً أصيبت بشظايا "القذيفة الثالثة " التي قضت على أسرتها في نزهتهم على شاطئ بحر بلدة بيت لاهيا شمال القطاع عصرالجمعة، وها هو شقيقها أدهم 9 سنوات فاقد للوعي بعد إصابته الخطيرة التي نقل أثرها إلى إحدى المستشفيات الإسرائيلية داخل الخط الأخضر.
وأيهم 18 عاماً وأماني 24 عاماً في حال الخطر الشديد وإيهام 15 عاماً ولطيفة 6 سنوات وجميعهم أصيبوا وهديل 8 سنوات فمازالت تضمد صدمتها النفسية في مستشفى العودة دون أن تعلم حتى اللحظة أن أحداً من أسرتها استشهد ظناً منها أنهم كانوا نائمين عقب تناولهم طعام الغذاء.
وتروي هدى تفاصيل حادث استشهاد أسرتها بعبارات متناثرة استطاعت جمعها من ذاكرتها المتقدة بصدمة أفجعت كل من شاهدها على شاشات التلفزة وهي تتفقد أفراد أسرتها وتقول كنا في غاية السعادة نلهو على شاطئ البحر ونشوي الذرة على موقد أقمناه على مقربة منا ونستعد لتناول وجبة الغذاء. سقطت قذيفة وسمعنا صوت طلقات نارية في محيط جلستنا فابتعدنا ونقلنا أغراضنا مبتعدين قليلاً عن الشاطئ.
وتابعت ثم سقطت قذيفة أخرى فابتعدنا أكثر واتصل شقيقي في هاتفه المحمول طالباً سيارة أجرة لتعيدنا إلى المنزل ففضلت أنا وشقيقتي هديل التوجه إلى الشاطئ للاستحمام فوصل والدي إلينا يطلب منا الحضور لتناول الطعام ومن ثم العودة إلى المنزل حال وصول السيارة .
تركت شقيقتي هديل البحر وعادت قبلي إلى والدي ثم تبعتها فوجدتهم لا يتحركون وعادت هدى لصمتها وذهولها مجدداً شاردة الذهن لا تستطيع النطق سوى بالعويل التي تعجز مصطلحات لغات العالم التعبير عن مكنونه.
أما هديل التي مازالت ترقد في مستشفى العودة فاستطاعت الحديث معنا معتقدة أن أفراد أسرتها ما زالوا أحياء يرزقون وتقول الطفلة الحالمة ابنة السنوات السبع صلى والدي الجمعة "الشهيد علي 45 عاماً" وذهبنا إلى البحر وسبحنا ثم ناداني فخرجت فوجدت أخي هيثم 4 أشهر ملقى على الأرض فظننت أنه وقع من سريره وغطت الدماء وجهه وتتساءل ببراءة الأطفال "متى سيصحو من نومه"ورأيت أخي الآخر نائم مثلهم "متى سيصحون "وتختم حديثها وصلت سيارات الإسعاف ونقلتهم وحتى الآن لم أراهم وبإشارة أومأ بها أحد الممرضين طالباً دون أن ينطق بكلمة إخفاء حقيقة استشهاد أسرتها عنها.
أما عمتها خضرة التي أدمت وجهها في عزاء السيدات من شدة العويل والبكاء فراحت تعيد على مسامع النساء ما قالته هدى ابنة شقيقها الشهيد علي ، فقالت هدى لا تستطيع أن تتحدث الآن لقد حكت لي لحظة عودتها كل شيء "عمتي قتلوا أبويا وأخوتي "أنا والحديث مجدداً لهدى على لسان عمتها لففت جسمي ببطانية عندما سقطت القذيفة الثانية وابتعدت قليلاً بعد تناولي الغداء ، لم تصل السيارة التي طلبها أخي. كنا حنروح ،ماتوا كلهم ماتوا.
وأمينة "إيهام" ايدها راحت من القذيفة وأمي كلهم.كلهم وخالتي ماتت كمان "زوجة أبيها رئيسة ".
وأمام بيت عزاء أسرة الشهداء في منطقة فدعوس في بيت لاهيا شمال القطاع توافد المئات تباعاً إلى سرادق العزاء منذ ساعات الصباح الأولى وعلت مكبرات الصوت التي تلت آيات من الذكر الحكيم على امتداد الشارع المؤدي إلى المكان فيما أغلقت المحال التجارية في مدن القطاع حداداً على أرواح شهداء هذه العائلة.
وخيمت أجواء من الحزن والسخط الشديدين على مشاعر المواطنين التي هزتها صورة الطفلة هدى وهي لا تملك سوى الصراخ على والدها وضمت مسيرة تشييع أفراد أسرة الشهداء أكثر من عشرة آلاف مواطن وجابت المسيرة شوارع البلدة يتقدمها العديد من الشخصيات والرموز الوطنية الإسلامية وعدد من أعضاء التشريعي وعناصر الفصائل الوطنية والإسلامية رفعت رايات مختلف الفصائل في مشهد جنائزي شوهد العديد من المشاركين فيه وهم يذرفون الدمع وعبارات رددها أكثر من مشارك "أطفال يا الله " ايش سووا عشان يقتلوهم ،حرام كيف حيعيشوا بعد هيك الله لهم" .
والشهداء من نفس العائلة هم علي عيسى غالية "49 عاما" وزوجته رئيسة "35 عاما" ورضيعهما هيثم "عام ونصف العام" وابنتهما صابرين "4 سنوات" وهنادي "عامان" بالإضافة إلى عليه "17 عاما" والهام "51 عاما" اضافة الى احمد عطا الزعانين "22 عاما" وشقيقه باسل "26 عاما" وابن عمه خالد يوسف الزعانين "36 عاما".
وانطلقت جنازة التشييع من مستشفى الشفاء في مدينة غزة حيث كان اربعة قتلى من عائلة غالية في المستشفى باتجاه بلدة بيت لاهيا، وثلاثة قتلى من نفس العائلة تم نقلهم من مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا الى منزلهم في البلدة، إضافة إلى ثلاثة قتلى من عائلة الزعانين تم نقلهم من مستشفى كمال عدوان الى بيت حانون المجاورة.
وأثار مشهد هذه العائلة في نفوس الفلسطينيين صدمة نفسية بالغة الأثر أوصلت الكثير منهم إلى مقاطعة البحر التي شهدت رماله هذه الجريمة البشعة واختلطت حباته بدماء الشهداء وقالت إحدى النساء أصبحت أخشى البحر فلا أستطيع أن آخذ أطفالي إليه فمراكبهم مازالت على شواطئنا تقصف وتقتل الأطفال لا أستطيع الوصول إلى الشاطئ لا أستطيع وامرأة أخرى أشارت إلى الصدمة النفسية التي لحقت بطفلتها بعد مشاهدتها لصورة الطفلة هدى على شاشة التلفاز لتطلب من أمها باكية خلص مش حطلب منك تخدينا للبحر بدناش نروح هناكِِ.
نقلا عن جريدة
تعليق