فرصة نادرة للبنان آخر تحديث:الجمعة ,30/07/2010
سعد محيو
كان اللبنانيون حتى الساعات القليلة الماضية يشعرون بأنهم يجلسون فوق برميل بارود قد ينفجر في أي لحظة، وأن حزب الله وتيار المستقبل وكل الأطراف اللبنانية وصلت (أو دُفعت) إلى فخ لامناص منه .
بيد أن تقاطر قادة سوريا والسعودية وقطر على بيروت، قلب الصورة رأساً على عقب، وإن مؤقتاً، وخلق أجواء احتضان أخوي عربي لم تشعر به بلاد الأرز منذ مؤتمر الطائف العام 1989 .
بالطبع، (أو بالأحرى من أسف)، لم يكن هذا الاحتضان وليد نور قذفه الله فجأة في صدور القادة العرب فأضاءها بضرورة إحياء جثمان التضامن العربي، بل كان حصيلة حسابات إقليمية ودولية .
فالصراع الراهن الذي تنخرط فيه إيران ودول عربية وغربية، علاوة على “إسرائيل”، هو أساساً الذي أملى الوفاق السعودي السوري المُستجد، وهو الذي خلق مصلحة عربية مشتركة في منع انفجار الفتنة في لبنان .
بيد أن هذه الضارة النافعة جاءت في وقتها تماماً بالنسبة إلى لبنان . ذلك بأن “إسرائيل” كانت قد اقتربت كثيراً من هدفها الخاص بتفجير أوضاعه الداخلية، أولاً عبر زرع الأفخاج لحزب الله في الجنوب مع “اليونيفيل”، ثم عبر إشاعة أجواء قاتمة حيال ما سيخرج به القرار الظني للمحكمة الدولية، ناهيك عن الاجتياح الاستخباري للبلاد .
الكرة الآن باتت في ملعب اللبنانيين . ففي وسعهم الإفادة من هذه الفرصة العربية “النادرة” للخروج من مأزق المحكمة الدولية التي شابتها منذ البداية شكوك حول مدى حياديتها وصدقيتها . وهذا يمكن أن يتم في إطار حوار وطني يقوم برسم مسافة واضحة بين الموقف الرسمي اللبناني وبين ماتفعله المحكمة الدولية .
هذا المخرج لن يكون سهلاً، من ناحية لأن حزب الله يبدو غاضباً للغاية من إلباسه “طربوش” اغتيال رفيق الحريري ويخشى أن تكون لذلك أبعاد إقليمية ما . ومن ناحية ثانية لأن تيار 14 آذار/ مارس سيتذرّع بأنه حتى لو سحب القضاة اللبنانيون الثلاثة من المحكمة الدولية، فهذا لن يحل المشكلة لأن هذه الأخيرة باتت في عهدة مجلس الأمن والقوانين الدولية .
ومع ذلك، فإن حواراً وطنياً هادئاً، مشفوعاً برعاية عربية، من شأنه على الأقل أن ينزع عن هذه الأزمة فتائلها اللبنانية . وحينها سيكون في وسع حزب الله “التعايش” مع مداولات المحكمة الدولية الطويلة طالما أنه يضعها في خانة “المؤامرة” الأمريكية والإسرائيلية، وطالما أنه أصلاً لا يبالي في إدراج الإدارة الأمريكية له منذ سنوات في خانة “الإرهاب” .
وهنا سيكون لسوريا، في حلّتها الوفاقية العربية الجديدة (ماعدا مع مصر)، دور كبير لتلعبه لطمأنة كل من إيران وحزب الله بأنهما لن تُستفردا في مسألة المحكمة، وأن علاقاتها الحميمة مع السعودية ستكون ضمانة (لاجزءاً من سيناريو إقليمي- دولي خفي) لمنع أي تداعيات للقرار الظني ضد مصالحهما .
ولعل الفرصة لهذا الدور ستكون سانحة حين يحط الرئيس الإيراني الرحال في لبنان غداة القمة العربية المصغّرة في بيروت . إذ حينها سيكون في وسع دمشق أن تعرض عضلاتها التسووية على الطبيعة بين الأطراف العربية والإيرانية المتصارعة .
وإذا ماسار كل شيء على مايرام سورياً، فقد تكتمل حينها صورة “فرصة الإنقاذ” في لبنان .
saad-mehio@hotmail.com
سعد محيو
كان اللبنانيون حتى الساعات القليلة الماضية يشعرون بأنهم يجلسون فوق برميل بارود قد ينفجر في أي لحظة، وأن حزب الله وتيار المستقبل وكل الأطراف اللبنانية وصلت (أو دُفعت) إلى فخ لامناص منه .
بيد أن تقاطر قادة سوريا والسعودية وقطر على بيروت، قلب الصورة رأساً على عقب، وإن مؤقتاً، وخلق أجواء احتضان أخوي عربي لم تشعر به بلاد الأرز منذ مؤتمر الطائف العام 1989 .
بالطبع، (أو بالأحرى من أسف)، لم يكن هذا الاحتضان وليد نور قذفه الله فجأة في صدور القادة العرب فأضاءها بضرورة إحياء جثمان التضامن العربي، بل كان حصيلة حسابات إقليمية ودولية .
فالصراع الراهن الذي تنخرط فيه إيران ودول عربية وغربية، علاوة على “إسرائيل”، هو أساساً الذي أملى الوفاق السعودي السوري المُستجد، وهو الذي خلق مصلحة عربية مشتركة في منع انفجار الفتنة في لبنان .
بيد أن هذه الضارة النافعة جاءت في وقتها تماماً بالنسبة إلى لبنان . ذلك بأن “إسرائيل” كانت قد اقتربت كثيراً من هدفها الخاص بتفجير أوضاعه الداخلية، أولاً عبر زرع الأفخاج لحزب الله في الجنوب مع “اليونيفيل”، ثم عبر إشاعة أجواء قاتمة حيال ما سيخرج به القرار الظني للمحكمة الدولية، ناهيك عن الاجتياح الاستخباري للبلاد .
الكرة الآن باتت في ملعب اللبنانيين . ففي وسعهم الإفادة من هذه الفرصة العربية “النادرة” للخروج من مأزق المحكمة الدولية التي شابتها منذ البداية شكوك حول مدى حياديتها وصدقيتها . وهذا يمكن أن يتم في إطار حوار وطني يقوم برسم مسافة واضحة بين الموقف الرسمي اللبناني وبين ماتفعله المحكمة الدولية .
هذا المخرج لن يكون سهلاً، من ناحية لأن حزب الله يبدو غاضباً للغاية من إلباسه “طربوش” اغتيال رفيق الحريري ويخشى أن تكون لذلك أبعاد إقليمية ما . ومن ناحية ثانية لأن تيار 14 آذار/ مارس سيتذرّع بأنه حتى لو سحب القضاة اللبنانيون الثلاثة من المحكمة الدولية، فهذا لن يحل المشكلة لأن هذه الأخيرة باتت في عهدة مجلس الأمن والقوانين الدولية .
ومع ذلك، فإن حواراً وطنياً هادئاً، مشفوعاً برعاية عربية، من شأنه على الأقل أن ينزع عن هذه الأزمة فتائلها اللبنانية . وحينها سيكون في وسع حزب الله “التعايش” مع مداولات المحكمة الدولية الطويلة طالما أنه يضعها في خانة “المؤامرة” الأمريكية والإسرائيلية، وطالما أنه أصلاً لا يبالي في إدراج الإدارة الأمريكية له منذ سنوات في خانة “الإرهاب” .
وهنا سيكون لسوريا، في حلّتها الوفاقية العربية الجديدة (ماعدا مع مصر)، دور كبير لتلعبه لطمأنة كل من إيران وحزب الله بأنهما لن تُستفردا في مسألة المحكمة، وأن علاقاتها الحميمة مع السعودية ستكون ضمانة (لاجزءاً من سيناريو إقليمي- دولي خفي) لمنع أي تداعيات للقرار الظني ضد مصالحهما .
ولعل الفرصة لهذا الدور ستكون سانحة حين يحط الرئيس الإيراني الرحال في لبنان غداة القمة العربية المصغّرة في بيروت . إذ حينها سيكون في وسع دمشق أن تعرض عضلاتها التسووية على الطبيعة بين الأطراف العربية والإيرانية المتصارعة .
وإذا ماسار كل شيء على مايرام سورياً، فقد تكتمل حينها صورة “فرصة الإنقاذ” في لبنان .
saad-mehio@hotmail.com
تعليق