التلفاز والشابكة وتحولات المجتمع العربي

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد زعل السلوم
    عضو منتسب
    • Oct 2009
    • 746

    التلفاز والشابكة وتحولات المجتمع العربي

    التلفاز و"الإنترنت" آخر تحديث:السبت ,14/08/2010


    د . عارف الشيخ

    لم يكن التلفاز ولا “النت” ولا سينما معروفة في عهد الآباء، ولم يخطر ببالهم شيء كهذه، بل حتى نحن جيل الخمسينات من القرن العشرين لم نكن نعرف هذه الأشياء، لذلك فإننا لم نعرف سمر الليل بعد صلاة العشاء إلا نادراً .



    حيث إن أفراد العائلة كانوا يلتقون على السطوح تحت ضوء القمر في الصيف، وفي الشتاء ربما التقوا حول “الفنر” أو “كور النار”، لقضاء جزء من الليل في تسامر بريء، ثم يستسلمون لنوم لا يفوّت عليهم صلاة الفجر .



    - أما اليوم فإن الراجل والنساء والأولاد والبنات، بل حتى الأطفال الصغار، يقضون ثلثي وقتهم مع التلفاز و”النت” ولكل حجته، فالرجل يتعلل بأنه يشاهد الأخبار والمسلسلات، ويستخدم “النت” في إنجاز واجباته المكتبية أو متابعة أسواق العالم .



    - والمرأة حجتها أنها تقضي ساعة فراغها مع التلفاز، وهي تقوم بشؤون المنزل، أو تتابع برامج الطهي أو غيرها، والطفل يتابع برامج الأطفال في التلفاز، وقد بلغت به الحال أنه لا يستطيع أن يترك التلفاز، فيأكل ويشرب وهو منبطح أمامه .



    - والأدهى والأمر اليوم، هو أن “النت” أصبح الشغل الشاغل لكل الناس، حتى المتدينين الذين لا يجيزون لأنفسهم مشاهدة التلفاز والتردد على دور السينما، أصبحوا اليوم مدمنين على مشاهدة “النت” .



    - وقد اشتكت إليّ العديد من الزوجات أمر أزواجهن الذين يدخلون غرفهم الخاصة، ليقضوا فيها ساعات من النهار أو الليل، بحجة أنهم يخلصون أشغالهم، لكن الواقع أنهم ليسوا كذلك، فهم يتابعون من خلال “النت” ما لا يستطيعون أن يتابعوه من خلال التلفاز والسينما .



    - وهناك العديد من المقاهي المخصصة في البلد للقنوات الفضائية و”الإنترنت” في المجمعات والأسواق والأحياء، يجلس أمامها الرجال والنساء والشباب، ليقضوا ساعات معها ومع الشيشة والنارجيلة .



    - أعتقد أن التلفاز و”النت” في الأصل وجد ليكون مفيداً، لكننا نحن، العرب والمسلمين بالأخص، حولناه إلى شيء ضار، فالأطفال بدلاً من أن يتابعوا في التلفاز البرامج التعليمية، أصبحوا يتابعون أفلام الكرتون وهي ليست كلها بريئة ومفيدة .



    والشباب بدلاً من أن يتابعوا البرامج التثقيفية، صاروا يتابعون المسلسلات العنيفة والخليعة منها، والمسلسلات التي تعلمهم الخيانة والسرقة والتزوير والقتل وغيرها .



    - إذن لم يعد التلفاز ولا “النت” وسيلة للعلم والتعلم، وإذا قلنا إنها تعلم، فإنها تعلم الأمين الخيانة، وتعلم الصادق الكذب، ولم تكن كذلك لولا أننا تساهلنا معها، وانحرفنا مع الذين أرادوا النيل من مبادئنا وقيمنا وأخلاقنا .



    - نعم . إننا عندما نركب في كل حجرة تلفازاً، ونعطي لكل ولد جهاز حاسوب من أحدث الحواسيب، ونضع في يد كل طفل جهاز “بلاك بيري” ومع ذلك نتابع كل جديد يعرض في دور السينما .



    - إذا فعلنا ذلك نكون قد أقدمنا على الانتحار بأيدينا .
  • محمد زعل السلوم
    عضو منتسب
    • Oct 2009
    • 746

    #2
    غزارة الدراما وسوء التوزيع

    غزارة الدراما وسوء التوزيع آخر تحديث:السبت ,14/08/2010




    خيري منصور
    يحتاج المرء إلى ليل رمضاني طوله أضعاف طول النهار كي يتفرغ لمشاهدة عشرات المسلسلات العربية التي تجد في شهر رمضان سوقها ومجالها الحيوي، وهذه المسلسلات من حيث العدد تكفي لأن توزع على مدار السنة وقد تفيض، ولا ندري لماذا وكيف ترسخ هذا التقليد السنوي بحيث أصبح خارج مدار المناقشة فالناس لديهم ما يفعلونه أيضاً غير مشاهدة التلفزيون، فالزمن تغير ولم تعد المسلسلات التي كانت قبل عقدين أو ثلاثة المتنفس الوحيد سيدة المشهد، إذ لا يخلو بيت عربي الآن من أجهزة منافسة كالكمبيوتر وشبكات الإنترنت والفيديو، بحيث يستطيعون مشاهدة ما يريدون، ولا حاجة بهم كما كان الحال بالأمس البعيد إلى أن يتجمهروا في صالونات البيوت والمقاهي كي لا تفوتهم حلقة من مسلسل!

    إن أهم ما يميز وعي التغيير وثقافة التحولات هو إدراك ما حدث من انقلابات في حياة الناس، فهم ليسوا ماكثين في المكان ذاته كالسمك الذي يتكرر اصطياده بالأسلوب ذاته، ولا يستطيع الفرار من الماء لأنه يموت خارجه .

    ثمة مسلسلات ذات قيمة تاريخية رغم ما يعانيه بعضها خصوصاً المطبوخ على عجل من نواقص وهنات هي من صميم التفاصيل كأنماط اللباس والأثاث ومستوى وطريقة الحوار .

    فلكل عصر معجم من المصطلحات الأثيرة يسود ويفرض استخداماته على الجميع، كما أن لكل زمن إيقاعاته أيضاً، وهي مرتبطة بالضرورة بما ينجز من علوم وأدوات ووسائل اتصال، لكن المسلسل التاريخي ليس مجرد تفريغ لكتب التاريخ من حمولاتها دونما تمحيص ومراجعة فثمة أحداث رويت بطرق مختلفة، وأحياناً تناقضت حولها هذه الروايات ما دفع عالماً مرموقاً ورائداً مثل ابن خلدون إلى أن يدعو المشتغلين في مجال التاريخ إلى مقارنة الروايات والبحث عن القرائن لترجيح رواية على أخرى .

    أما الدراما الاجتماعية أو ما يدرج في هذه الخانة التي تتسع لكل شيء، فهي أحياناً تتخيل واقعاً آخر، لأنها تبحث عن السلامة فلا تعرض نفسها لأخطار المنع والرقابة، رغم أن حياتنا العربية في هذه الفترة منجم شبه أسطوري للكتابة والنقد وتوصيف أوضاع منها ما هو أقرب إلى الخيال السوريالي، وإذا كان المرء يحتاج إلى ليل أطول من ذلك الذي كان يشكو منه الشاعر امرؤ القيس والأشبه بموج البحر الذي أرخى سدوله، فإنه يحتاج أيضاً إلى عشرين عيناً وعشرين أذناً كي يلحق بهذا الكرنفال المُتلفز، لهذا فإن حصيلة هذا الموسم هي أن الناس يشاهدون شيئاً يسيراً من حصاد غزير، على طريقة من يعرف شيئاً صغيراً عن كل شيء فينتهي إلى عدم معرفة معمقة لأي شيء!

    إنه تقليد فني تُغذيه نزعة تجارية ولا اعتراض على ذلك من حيث المبدأ فنحن نعيش زمناً لا شيء فيه بالمجان حتى الكلام والهواء، لكن تناول التاريخ أو قضايا إنسانية بالغة التعقيد بتبسيط وتسطيح أمر يجب عدم الاستخفاف به أو التساهل معه، لأن حاجة العربي الآن بعد أن حوصر وحُقِن بوعي زائف ومضاد هي قبل كل شيء إلى إيقاظه من سبات مترع بالكوابيس!

    تعليق

    يعمل...