الجرب الفكري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ياسين خ. بحبوح
    عضو منتسب
    • Jul 2006
    • 140

    الجرب الفكري

    يقول المثل الشعبي: " العنزة الجربانة ما بتشرب إلا من راس العين"

    عندما قال أجدادنا هذا المثل لم يكونوا يقصدوا بالطبع الماعز على الإطلاق, بل كانوا يقصدون البشر الجربانين في الفكر لا في الجلد؛ فالجرب الفكري أصعب بكثير من الجرب الجلدي الذي يداوى بالأدوية و العقاقير الطبية.
    فكما يجرب الجلد, يجرب العقل و الفكر. و كما يشعر الأجرب بلذة في حك جلده الأجرب حتى يُدمى, يشعر الجربان فكرياً بنشوة و لذة كلما فرك عقله الأجرب ليتكلم أو يناقش في حديث ما, سيما إذا كان موضوع النقاش أكبر من تعليمه أو ثقافته أو مستواه الفكري.
    فالجربان فكرياً يشعر أنه يستطيع أن يناقش في أي حديث: فهو طبيب إذا تحدث في الطب, و مهندس إذا تحدث بالهندسة, و مفتياً إذا تحدث في الدين, و عالم لغوي إذا تحدث في اللغات و الترجمة, و فلاحاً إذا تحدث في الزراعة. يشعر أن كل من حوليه ليسوا سوى مستمعين له و دون المستوى الفكري المطلوب, رغم علمه أنهم أصحاب اختصاص في ذاك المجال, و رغم أن هذا الأجرب لم يطلع على ذاك الاختصاص إلا رشفاً أو لم يطلع أبداً, مع ذلك لا يشعر بالاستحياء أو الخجل بسبب تغلظ طبقة الجرب على دماغه.
    و من صفات الأجرب فكرياً أنه كثير الكلام في كل شيء و يحاول قول كل شيء حتى يملئ الوسط الفراغي المحيط كلاماً و مفرداتٍ. و غالباً ما يلجأ إلى رفع صوته و تشديد نبرته في الكلام, و قد يلجأ أحياناً إلى الصراخ أو السب أو الشتائم. و قد يلجأ إلى "ضرب المسامير" إذا ما قام بحك قشرة دماغه الجربانة, و هذه هي لذة جربه.
    لا لنشر ثقافة القطيع...
يعمل...
X