موقع اللغة العربية من خريطة العالم
. د. وفاء كامل فايد
الإنسان في جوهره هو ذلك المخلوق المتميز ، المتفوق على غيره من المخلوقات ؛ فهو يفكر وينطق ويكتب بمجموعة من الرموز والإشارات لتكون ( لغة ) .. وهي أرقى ما توصل إليه عقل الإنسان من اختراع وابتداع ، تسِمه بالإنسانية وتؤدي حاجاته . واللغة هى الوسيلة الرئيسة التي يتواصل بها البشر ، كما أنها الوسيلة الرئيسة التي يفشل البشر في التواصل عن طريقها ، وقد قال جولد سميث في إحدى رواياته : " لسنا نستعمل الكلام للإفصاح عن حاجاتنا بقدر ما نستعمله لمداراتها " .
ويختلف تقدير اللغات المنطوقة بين ثلاثة آلاف لغة وعشرة آلاف ، وهذا الاختلاف في الأرقام ناتج عن التفاوت فيما يمكن أن يندرج تحت اللغة أو اللهجة ، إلى جانب الاختلاف حول حياة اللغات أو موتها ، فضلا عن الاكتشافات اللغوية الحديثة . أما العدد الذي تذكره معظم المراجع فيتراوح بين أربعة آلاف لغة وخمسة آلاف.
تحتل اللغة العربية المركز الخامس بين اللغات العشرين التي تمثل القمة بالنسبة لعدد المتحدثين بها بوصفها اللغة الأم ( اللغة الأولى ) . ويسبقها كل من اللغات :
1. الصـينية : وتحتل المركز الأول ، ويتحدث بها حوالى مليار من البشر .
2. الإنجليزية : ويتحدث بها حوالى ثلاثمائة وخمسين مليونا .
3. الأسـبانية : ويتحدث بها حوالى مائتين وخمسين مليونا .
4. الهندية ( لغة شمالى الهند الأدبية والرسمية ) : ويتحدث بها حوالى مائتي مليون .
ثم تأتي في المركز الخامس العـربية : ويتحدث بها حوالى مائة وخمسين مليونا .
ويليها اللغات البنغالية ، والروسية ، والبرتغالية ، واليابانية ، والألمانية ، والفرنسية .
ويتأخر ترتيب اللغة العربية إلى المركز السابع ، عند تقدير عدد المتحدثين بها بوصفها لغة رسمية . وتسبقها اللغات التالية :
1. الإنجليزية : ويستخدمها مليار وأربعمائة مليون من البشر .
2. الصـينية : ويستخدمها مليار من البشر .
3. الهـندية : ويستخدمها سبعمائة مليون متحدث .
4. الأسـبانية : ويستخدمها حوالي ثمانين ومائتي مليون متحدث .
5. الروسـية : ويستخدمها حوالي سبعين ومائتي مليون متحدث .
6. الفرنسـية : ويستخدمها ما يقرب من عشرين ومائتي مليون متحدث .
ثم تأتي العـربية : ويستخدمها مائة وسبعون مليونا .
ويليها اللغات البرتغالية ، والمالاوية ، والبنغالية ، واليابانية ، والألمانية .
واللغة العربية هى الأكبر بين اللغات الأفروآسيوية ، وهى المجموعة التي تعرف أيضا باسم ( اللغات الحامية السامية ) ، وهى أكبر أسرة لغوية في شمال أفريقيا والطرف الشرقي منها ، فضلا عن جنوب غرب آسيا . وتشمل هذه الأسرة مائتى لغة ، يتحدث بها ما يزيد عن مائتين وثلاثين مليونا . وتضم ستة أقسام كبيرة ، يظن أنها اشتقت من لغةٍ أم واحدة ، وجدت في حدود الألف السابعة قبل الميلاد .
ولا يقتصر انتشار العربية ـ بوصفها واسطة اتصال عالمي ووعاء فكر إنساني أصيل ـ على مناطق الوطن العربي فحسب ، بل يرتبط كذلك ارتباطا وثيقا بمناطق انتشار الإسلام في العالم . ويتحدث العربية عشرون دولة عربية وغير عربية ، منها على سبيل المثال موريتانيا التي تستخدم العربية لغة أولى لها ، أما جيبوتي وإسرائيل والصومال فـتستخدم فيها العربية لغة ثانية . واللغة المالطية ـ التي يتحدث بها سكان جزيرة مالطة ـ هى تطور عن اللغة العربية .
وقد أقرت هيئة الأمم المتحدة اللغة العربية لغة عمل ولغة رسمية للجمعية العامة في عام 1973 بموجب قرار الجمعية العامة رقم 3190 ( د – 28 ) ، ثم تساوت مع باقي لغاتها في سنة 1979 ، بموجب قرار الجمعية العامة رقم 34 / 226 المؤرخ في ديسمبر 1979 .
وبمقتضى قرار الجمعية العامة رقم 35 / 219 المؤرخ في ديسمبر 1980 أصبحت من بين لغات العمل واللغات الرسمية للهيئات الفرعية للجمعية العامة . ثم اعتمدها مجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي لغة عمل ولغة رسمية . وأدخلت اللغة العربية في منظمة اليونيدو في عام 1982.
وفي عام 1985 ـ وبهدف إحصاء ما أسمته جريدة ( واشنطن بوست ) الأمية اللغوية في الدولة ـ نشرت شعبة ( إدارة ) الثقافة بالولايات المتحدة قائمة تضم مائة وتسعا وستين لغة ، من ضمنها اللغة العربية ، عدّتها الحكومة الأمريكية ذات أهمية خاصة ، بمعنى أن معرفتها تدعم البحث العلمى الجاد ، أو تعزز الاهتمامات الأمنية ذات الطبيعة القومية أو الاقتصادية .
ويتضمن انتشار لغة ما سر بقاء أصحابها ، وها نحن إزاء عالم يتصارع على البقاء ؛ إذ لم يعد للقوة العسكرية فيه القول الفصل ، وإنما تعددت الأساليب للوصول إلى الأهداف المنشودة بأقل الخسائر الممكنة . لذا اتجهت الدول الكبرى ، في فرض إرادتها على الدول الصغرى ، إلى الغزو الفكري والثقافي ؛ وذلك بنشر حضارتها وتقنياتها ، بوساطة لغاتها ، في مدارس الدول الصغرى وجامعاتها ومؤسساتها ، وعبر مئات المراكز الثقافية التي تؤسسها لهذه الغاية ، فضلا عن وسائل إعلامها المسموع والمرئي ، بما يتميز به من دقة وإبهار.
من أمثلة ذلك أننا نرى بعض الجهات المسئولة عن اللغة الأسبانية ، مثل معهد ثربانتيس ، ينشر إعلانات في الصحف اليومية تبين أهمية هذه اللغة ، وعدد الدول التي تستخدمها ، والفوائد التي يجنيها دارسها . كما ينظم الدورات التعليمية لدارسيها .
ونجد أيضا دولة مثل اليابان قد أنشأت ـ على نفقتها الخاصة ـ قسما لتدريس اللغة اليابانية ، ألحق بكلية الآداب ، جامعة القاهرة . زودته بالمعامل اللغوية والوسائل التعليمية ، مما أتاح الفرصة أمام الطلبة المصريين لتعلم اللغة اليابانية . ولم تكتف بهذا ، بل فتحت المجال أمام الباحثين لاستكمال دراساتهم العليا ، عن طريق إيفادهم في بعثات أو منح دراسية لدراسة اللغة اليابانية في جامعات اليابان ليكونوا سفراء دائمين لها .
وقد كان للعرب في العقود الأخيرة من القرن العشرين أهمية اقتصادية وسياسية كبيرة ؛ لذا كانت اللغة العربية ذات أهمية خاصة للمتحدثين بها من غير أبنائها . فلحظنا بعض دول آسيا ـ مثل كوريا وتايوان ـ ترصد جوائز للمتفوقين من أبنائها في دراسة هذه اللغة ، تشجيعا لهم على اجتياز امتحان خاص فيها ، يضع أسئلته ـ بمستوياتها المختلفة ـ أساتذة من الخبراء المصريين ، ثم تشجعهم على استكمال دراستهم للغة العربية في مصر من خلال منح دراسية تخصصها لهم .
كما وجدنا دولة مثل الهند تشجع دراسة اللغة العربية في جامعاتها ومعاهدها ، عن طريق الحوافز والمنح التي توفرها لدارسي هذه اللغة ؛ لما لها من أهمية سياسية وتجارية ، ولفتح أسواق العمل في الدول العربية لأبنائها . كما تصْدر معاهدها وهيئاتها الحكومية عددا من المجلات والصحف المطبوعة باللغة العربية ؛ لترويج اللغة العربية ، وتشجيع الكتّاب على الكتابة بها .
وتحاول مصر أن تبذل جهدها في نشر اللغة العربية : فتوفد الأساتذة المتخصصين إلى دول جنوب شرق آسيا ؛ للتخطيط والإشراف على تعليم العربية ، وإنشاء المراكز التعليمية المتخصصة هناك . وقد خصصت أربع منح دراسية لأبناء كوريا لدراسة اللغة العربية ، لمدة ستة أشهر ، في إطار دعم التعاون الثنائي بين البلدين في المجالات الثقافية . كما وافقت على منح مكتبة خاصة بمجموعات كتب لتعليم اللغة العربية ودراستها لإحدى جامعات كوريا الجنوبية ، مع تخصيص مسابقة لمنح جائزة لأفضل الطلاب الكوريين من دارسي اللغة العربية لاستكمال دراستهم في مصر .
كما تسهم مصر في هذا الجانب أيضا بإيفاد عدد من شباب الباحثين ، على نفقتها ، للإشراف على تعليم اللغة العربية بالجمهوريات الروسية .
التوصيات :
1- الاهتمام بنشر اللغة العربية ، وتشجيع الدارسين على تعلمها ، ومد مظلتها لتشمل عددا أكبر من الدول ؛ فضلا عن الإشراف الجاد المتكامل على القائمين بالتخطيط أو الموفدين للمتابعة أو التدريس ، بحيث يشمل توفير كل الظروف المعيشية وتيسيرها ، وتهيئة المناخ الملائم للموفد لكي يعطى عمله كل اهتمام ، ويكرس طاقته لإنجاح مهمته .
2- تيسير تعلّم غير العرب للغة العربية ، وتطوير طرائق تعليمها لكى تتماشى مع مقتضيات العصر . فعلينا أن نبدأ بداية جادة بالترغيب في لغتنا ، وإيصالها إلى مختلف أنحاء العالم عبر مختلف الأساليب والأهداف ، من خلال محاور ثلاثة :
أ ـ المحور العقائدي : وذلك بوصل العالم الإسلامي باللغة العربية ؛ لتمكينه من أداء
رسالته الروحية الإسلامية على أفضل وجه .
ب ـ المحور الحضاري : وذلك بإرساء دعائم اللغة العربية عالميا ، وتحديثها ؛ حتى تتمكن من استيعاب المفاهيم العلمية الحديثة .
ج ـ محور الالتزام القومي : ويتم ذلك بنشر اللغة العربية في دول المهجر ، ووصل المهاجرين بقوميتهم وثقافتهم ، قبل أن تمحوها الثقافات الأجنبية أو تصهرهم فيها .
وليس ثمة شك في أن القنوات الفضائية المصرية والعربية قامت بدور واضح في هذا الجانب ، ولكن برامجها يغلب عليها الجانب الترفيهي ، كما يشيع استعمال اللهجات فيها .
3- فتح المدارس للجاليات العربية في البلدان الأوربية والأفريقية ، وتأسيس المراكز الثقافية وأقسام الدراسات الإسلامية والعربية في الجامعات العالمية ؛ لتحمل مسئولية نشر اللغة العربية وبعثها بعثا طموحا في الآفاق ، يصلها بالماضي التليد ، ويمنحها المستقبل المشرق .
. د. وفاء كامل فايد
الإنسان في جوهره هو ذلك المخلوق المتميز ، المتفوق على غيره من المخلوقات ؛ فهو يفكر وينطق ويكتب بمجموعة من الرموز والإشارات لتكون ( لغة ) .. وهي أرقى ما توصل إليه عقل الإنسان من اختراع وابتداع ، تسِمه بالإنسانية وتؤدي حاجاته . واللغة هى الوسيلة الرئيسة التي يتواصل بها البشر ، كما أنها الوسيلة الرئيسة التي يفشل البشر في التواصل عن طريقها ، وقد قال جولد سميث في إحدى رواياته : " لسنا نستعمل الكلام للإفصاح عن حاجاتنا بقدر ما نستعمله لمداراتها " .
ويختلف تقدير اللغات المنطوقة بين ثلاثة آلاف لغة وعشرة آلاف ، وهذا الاختلاف في الأرقام ناتج عن التفاوت فيما يمكن أن يندرج تحت اللغة أو اللهجة ، إلى جانب الاختلاف حول حياة اللغات أو موتها ، فضلا عن الاكتشافات اللغوية الحديثة . أما العدد الذي تذكره معظم المراجع فيتراوح بين أربعة آلاف لغة وخمسة آلاف.
تحتل اللغة العربية المركز الخامس بين اللغات العشرين التي تمثل القمة بالنسبة لعدد المتحدثين بها بوصفها اللغة الأم ( اللغة الأولى ) . ويسبقها كل من اللغات :
1. الصـينية : وتحتل المركز الأول ، ويتحدث بها حوالى مليار من البشر .
2. الإنجليزية : ويتحدث بها حوالى ثلاثمائة وخمسين مليونا .
3. الأسـبانية : ويتحدث بها حوالى مائتين وخمسين مليونا .
4. الهندية ( لغة شمالى الهند الأدبية والرسمية ) : ويتحدث بها حوالى مائتي مليون .
ثم تأتي في المركز الخامس العـربية : ويتحدث بها حوالى مائة وخمسين مليونا .
ويليها اللغات البنغالية ، والروسية ، والبرتغالية ، واليابانية ، والألمانية ، والفرنسية .
ويتأخر ترتيب اللغة العربية إلى المركز السابع ، عند تقدير عدد المتحدثين بها بوصفها لغة رسمية . وتسبقها اللغات التالية :
1. الإنجليزية : ويستخدمها مليار وأربعمائة مليون من البشر .
2. الصـينية : ويستخدمها مليار من البشر .
3. الهـندية : ويستخدمها سبعمائة مليون متحدث .
4. الأسـبانية : ويستخدمها حوالي ثمانين ومائتي مليون متحدث .
5. الروسـية : ويستخدمها حوالي سبعين ومائتي مليون متحدث .
6. الفرنسـية : ويستخدمها ما يقرب من عشرين ومائتي مليون متحدث .
ثم تأتي العـربية : ويستخدمها مائة وسبعون مليونا .
ويليها اللغات البرتغالية ، والمالاوية ، والبنغالية ، واليابانية ، والألمانية .
واللغة العربية هى الأكبر بين اللغات الأفروآسيوية ، وهى المجموعة التي تعرف أيضا باسم ( اللغات الحامية السامية ) ، وهى أكبر أسرة لغوية في شمال أفريقيا والطرف الشرقي منها ، فضلا عن جنوب غرب آسيا . وتشمل هذه الأسرة مائتى لغة ، يتحدث بها ما يزيد عن مائتين وثلاثين مليونا . وتضم ستة أقسام كبيرة ، يظن أنها اشتقت من لغةٍ أم واحدة ، وجدت في حدود الألف السابعة قبل الميلاد .
ولا يقتصر انتشار العربية ـ بوصفها واسطة اتصال عالمي ووعاء فكر إنساني أصيل ـ على مناطق الوطن العربي فحسب ، بل يرتبط كذلك ارتباطا وثيقا بمناطق انتشار الإسلام في العالم . ويتحدث العربية عشرون دولة عربية وغير عربية ، منها على سبيل المثال موريتانيا التي تستخدم العربية لغة أولى لها ، أما جيبوتي وإسرائيل والصومال فـتستخدم فيها العربية لغة ثانية . واللغة المالطية ـ التي يتحدث بها سكان جزيرة مالطة ـ هى تطور عن اللغة العربية .
وقد أقرت هيئة الأمم المتحدة اللغة العربية لغة عمل ولغة رسمية للجمعية العامة في عام 1973 بموجب قرار الجمعية العامة رقم 3190 ( د – 28 ) ، ثم تساوت مع باقي لغاتها في سنة 1979 ، بموجب قرار الجمعية العامة رقم 34 / 226 المؤرخ في ديسمبر 1979 .
وبمقتضى قرار الجمعية العامة رقم 35 / 219 المؤرخ في ديسمبر 1980 أصبحت من بين لغات العمل واللغات الرسمية للهيئات الفرعية للجمعية العامة . ثم اعتمدها مجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي لغة عمل ولغة رسمية . وأدخلت اللغة العربية في منظمة اليونيدو في عام 1982.
وفي عام 1985 ـ وبهدف إحصاء ما أسمته جريدة ( واشنطن بوست ) الأمية اللغوية في الدولة ـ نشرت شعبة ( إدارة ) الثقافة بالولايات المتحدة قائمة تضم مائة وتسعا وستين لغة ، من ضمنها اللغة العربية ، عدّتها الحكومة الأمريكية ذات أهمية خاصة ، بمعنى أن معرفتها تدعم البحث العلمى الجاد ، أو تعزز الاهتمامات الأمنية ذات الطبيعة القومية أو الاقتصادية .
ويتضمن انتشار لغة ما سر بقاء أصحابها ، وها نحن إزاء عالم يتصارع على البقاء ؛ إذ لم يعد للقوة العسكرية فيه القول الفصل ، وإنما تعددت الأساليب للوصول إلى الأهداف المنشودة بأقل الخسائر الممكنة . لذا اتجهت الدول الكبرى ، في فرض إرادتها على الدول الصغرى ، إلى الغزو الفكري والثقافي ؛ وذلك بنشر حضارتها وتقنياتها ، بوساطة لغاتها ، في مدارس الدول الصغرى وجامعاتها ومؤسساتها ، وعبر مئات المراكز الثقافية التي تؤسسها لهذه الغاية ، فضلا عن وسائل إعلامها المسموع والمرئي ، بما يتميز به من دقة وإبهار.
من أمثلة ذلك أننا نرى بعض الجهات المسئولة عن اللغة الأسبانية ، مثل معهد ثربانتيس ، ينشر إعلانات في الصحف اليومية تبين أهمية هذه اللغة ، وعدد الدول التي تستخدمها ، والفوائد التي يجنيها دارسها . كما ينظم الدورات التعليمية لدارسيها .
ونجد أيضا دولة مثل اليابان قد أنشأت ـ على نفقتها الخاصة ـ قسما لتدريس اللغة اليابانية ، ألحق بكلية الآداب ، جامعة القاهرة . زودته بالمعامل اللغوية والوسائل التعليمية ، مما أتاح الفرصة أمام الطلبة المصريين لتعلم اللغة اليابانية . ولم تكتف بهذا ، بل فتحت المجال أمام الباحثين لاستكمال دراساتهم العليا ، عن طريق إيفادهم في بعثات أو منح دراسية لدراسة اللغة اليابانية في جامعات اليابان ليكونوا سفراء دائمين لها .
وقد كان للعرب في العقود الأخيرة من القرن العشرين أهمية اقتصادية وسياسية كبيرة ؛ لذا كانت اللغة العربية ذات أهمية خاصة للمتحدثين بها من غير أبنائها . فلحظنا بعض دول آسيا ـ مثل كوريا وتايوان ـ ترصد جوائز للمتفوقين من أبنائها في دراسة هذه اللغة ، تشجيعا لهم على اجتياز امتحان خاص فيها ، يضع أسئلته ـ بمستوياتها المختلفة ـ أساتذة من الخبراء المصريين ، ثم تشجعهم على استكمال دراستهم للغة العربية في مصر من خلال منح دراسية تخصصها لهم .
كما وجدنا دولة مثل الهند تشجع دراسة اللغة العربية في جامعاتها ومعاهدها ، عن طريق الحوافز والمنح التي توفرها لدارسي هذه اللغة ؛ لما لها من أهمية سياسية وتجارية ، ولفتح أسواق العمل في الدول العربية لأبنائها . كما تصْدر معاهدها وهيئاتها الحكومية عددا من المجلات والصحف المطبوعة باللغة العربية ؛ لترويج اللغة العربية ، وتشجيع الكتّاب على الكتابة بها .
وتحاول مصر أن تبذل جهدها في نشر اللغة العربية : فتوفد الأساتذة المتخصصين إلى دول جنوب شرق آسيا ؛ للتخطيط والإشراف على تعليم العربية ، وإنشاء المراكز التعليمية المتخصصة هناك . وقد خصصت أربع منح دراسية لأبناء كوريا لدراسة اللغة العربية ، لمدة ستة أشهر ، في إطار دعم التعاون الثنائي بين البلدين في المجالات الثقافية . كما وافقت على منح مكتبة خاصة بمجموعات كتب لتعليم اللغة العربية ودراستها لإحدى جامعات كوريا الجنوبية ، مع تخصيص مسابقة لمنح جائزة لأفضل الطلاب الكوريين من دارسي اللغة العربية لاستكمال دراستهم في مصر .
كما تسهم مصر في هذا الجانب أيضا بإيفاد عدد من شباب الباحثين ، على نفقتها ، للإشراف على تعليم اللغة العربية بالجمهوريات الروسية .
التوصيات :
1- الاهتمام بنشر اللغة العربية ، وتشجيع الدارسين على تعلمها ، ومد مظلتها لتشمل عددا أكبر من الدول ؛ فضلا عن الإشراف الجاد المتكامل على القائمين بالتخطيط أو الموفدين للمتابعة أو التدريس ، بحيث يشمل توفير كل الظروف المعيشية وتيسيرها ، وتهيئة المناخ الملائم للموفد لكي يعطى عمله كل اهتمام ، ويكرس طاقته لإنجاح مهمته .
2- تيسير تعلّم غير العرب للغة العربية ، وتطوير طرائق تعليمها لكى تتماشى مع مقتضيات العصر . فعلينا أن نبدأ بداية جادة بالترغيب في لغتنا ، وإيصالها إلى مختلف أنحاء العالم عبر مختلف الأساليب والأهداف ، من خلال محاور ثلاثة :
أ ـ المحور العقائدي : وذلك بوصل العالم الإسلامي باللغة العربية ؛ لتمكينه من أداء
رسالته الروحية الإسلامية على أفضل وجه .
ب ـ المحور الحضاري : وذلك بإرساء دعائم اللغة العربية عالميا ، وتحديثها ؛ حتى تتمكن من استيعاب المفاهيم العلمية الحديثة .
ج ـ محور الالتزام القومي : ويتم ذلك بنشر اللغة العربية في دول المهجر ، ووصل المهاجرين بقوميتهم وثقافتهم ، قبل أن تمحوها الثقافات الأجنبية أو تصهرهم فيها .
وليس ثمة شك في أن القنوات الفضائية المصرية والعربية قامت بدور واضح في هذا الجانب ، ولكن برامجها يغلب عليها الجانب الترفيهي ، كما يشيع استعمال اللهجات فيها .
3- فتح المدارس للجاليات العربية في البلدان الأوربية والأفريقية ، وتأسيس المراكز الثقافية وأقسام الدراسات الإسلامية والعربية في الجامعات العالمية ؛ لتحمل مسئولية نشر اللغة العربية وبعثها بعثا طموحا في الآفاق ، يصلها بالماضي التليد ، ويمنحها المستقبل المشرق .
تعليق