تعليم اللغة العربية والدين الإسلامي في المساجد: النشأة والواقع والأفاق

زهير سوكاح

مجلس الإدارة

تاريخ التسجيل: Nov 2006

المشاركات: 795
مشاركة

تويت
#1

تعليم اللغة العربية والدين الإسلامي في المساجد: النشأة والواقع والأفاق

05-06-2009, 02:49 PM

في مايلي نص العرض الذي قدمته في الدورة التكونية لفائدة المعلمين والمعلمات بالمدارس الملحقة بالمساجد، التي تنظمها جمعية مسجد عمر بديسلدوف ـ ألمانيا بسم الله الرحمن الرحيم تعليم اللغة العربية والدين الإسلامي في المساجد: النشأة والواقع والأفاقـ نظرة عامة حول النموذج الألماني ـ إعداد وتقديم: زهير سوكاح<a name="_ftnref1" title="" style="mso-footnote-id: ftn1" href="http://www.wataonline.net/site/modules/newbb/newtopic.php?forum=53#_ftn1">[1]</a> ----------موضوع هذا العرض هو التعليم بالمساجد، والمقصود هنا تحديدا تجربة تدريس اللغة العربية ومواد التربية الإسلامية في المدارس الملحقة بالمساجد، أو بما تعرف أيضاً بالمدارس المساجدية.الهدف من هذا العرض هو تقديم نظرة عامة عن هذا المجال الذي كلنا فاعلون فيه، عارفون بواقعه و بمردوديته وبمستقبله وآليات اشتغاله أيضاً، هذا العرض هو كذلك بمثابة أرضية لهذه الدورة التكوينية لفائدة المشتغلين في ميدان تعليم العربية والدين في المساجد إلى جانب المهتمين.وسأتطرق في هذا العرض الموجز إلى المحاور التالية 1. النشأة التاريخية للمدارس الملحقة بالمساجد: الأسباب والغايات2. طبيعة التعليم في هذه المدارس 3. الأطراف الفاعلة في العملية التعليمية ـ التعلمية 4. واقع تعليم اللغة العربية والدين الاسلامي في المساجد وسبل التطوير 1. النشأة التاريخية للمدارس الملحقة بالمساجد: الأسباب والغايات نشأة هذه المدارس هي مرتبطة بشكل وثيق جداً بتأسيس المساجد في ألمانيا ابتداء من الثمانيات وإلي يومنا هذا. بمعنى أن معظم المساجد توفرت حال تأسيسها على مكان ـ يختلف حجما وتجهيزا من مسجد إلى آخر ـ خُصص لتعليم الأطفال المسلمين.إنشاء المساجد كان استجابة لدوافع دينية محضة مثل إقامة الشعائر الإسلامية، لكن أيضاً لدوافع هوياتية، ثقافية ـ إجتماعية لعل أبرزها الرغبة الملحة في الحفاظ على الهوية المسلمة لدى المهاجرين في المجتمع المُهاجر إليه والمختلف عقائديا و ثقافيا، وأيضاً لدى أبناء هؤلاء المهاجرين في المرحلة التي تلت الهجرة والإقامة المؤقتة أي مرحلة الاستقرار الطوعي أو القسري، ثم مرحلة الاستيطان التي جائت كنتيجة طبيعية لهذا الاستقرار. دوافع نشأة المدارس الملحقة بالمساجد لم تختلف كثيرا عن دوافع إنشاء المساجد الحاضنة والداعمة لهذه المدارس، لكن أهم هذه الدوافع كان بلا ريب هو السعي إلى الحفاظ على الهوية المسلمة لأبناء المسلمين.إذن هذه النشأة كانت عبارة عن ردة فعل عفوية اتجاه المجتمع الألماني كمجمتع أوربي، تهدد قيمه المسيحية و العلمانية على حد السواء أبناء المسلمين بالذوبان في نسيجه الهوياتي والثقافي وبالتالي الضياع المحقق للهوية المسلمة لدى هذه الأجيال التي ترعرت في ضل المجتمع الألماني. هذه الرغبة الملحة والعفوية على الخصوص كان لها الأثر العميق في طبيعة هذه المدارس وآليات اشتغالها، وهنا ننتقل إلى النقطة التالية المتعلقة بطبيعة التعليم في هذه المدارس. 2. طبيعة التعليم في هذه المدارس كانت هذه المدارس في بداية نشأتها الأولى عبارة عن كُتاتيب قرآنية، يلقن فيه القرآن الكريم بالدرجة الأولى ويليه تلقين اللغة العربية عن طريق تحفيظ حروف الهجاء و مجموعة من المفردات وعلى هذا الأساس محاولة قراءة السور القصار من لدن المتعلمين. إذن كان هذا التعليم ذو نمط تقليدي يعتمد بالأساس على التلقين والحفظ والاستظهار عن ظهر قلب والمعاقبة البدنية كوسيلة للرفع من مردودية التعلم لدى المتعلم. إذن طبيعة التعليم في المساجد وآليات اشتغاله كانت تقليدية محضة وبالتالي قليلة المردودية. وهذا كان أكبر دليل على عفوية المبادرة إلى فتح مجال التدريس في المساجد. هذه العفوية أدت من جهة إلى تبسيط مهمة تدريس اللغة العربية كلغة تواصلية واختزال تدريسها فقط في تلقين حروف الهجاء والمفردات وتحفيظ السور القصار، مما كان له الأثر الواضح في مردودية هذا النهج التعليمي على المدى البعيد، كما أفضت من جهة أخرى فيما بعد إلى عدم الوضوح في الرؤية والأهداف والغايات.فمعظم المدارس الملحقة بالمساجد في تعاملها مع تدريس اللغة العربية لم تضع لها استراتيجية واضحة المعالم لتدريس اللغة العربية ومواد التربية الإسلامية، ولم تحدد لنفسها في بداية نشأتها الأهداف القريبة والبعيدة المدى في العملية التعليمية التعلمية، أيضاً مفهوم العملية التعليمية التعلمية كان هو بنفسه مبهما لدى الفاعلين في هذه المدارس، ينضاف إلى هذا أن التسيير الإداري والمالي والتعليمي كان تطوعيا في الغالب الأعم، فأسس اختيار الطاقم الإداري والتعليمي كانت في الغالب قائمة على فكرة التطوع. كل هذه الظروف التي طبعت التعليم بطابعها التطوعي أدت في آخر المطاف إلى اللاهدفية في تسيير هذه المدارس على مر سنوات عديدة أثرت بشكل واضح على مستوى تدريس اللغة العربية والدين الإسلامي، وأنتجت صورة غير إيجابية عن تعليم العربية ومواد التربية الإسلامية في هذه المدارس، أثرت في نظرة المتعلم والمعلم والآباء والمسيرين إلى هذه نوعية من المدارس، إذن كل الأطراف الفاعلة أو المعنية بالتدريس في المدارس المساجدية، وبهذا ننتقل إلى الحديث بنوع من التدقيق عن هذه الأطراف في المحور التالي. 3. الأطراف الفاعلة في العملية التعليمية ـ التعلمية في هذه المدارس المكونات الرئيسية للعملية التعليمية التعلمية في المدارس الملحقة بالمساجد هي:الفضاء المدرسي، المعلم، المتعلم، إدارة المدرسة، المنهاج المدرسي، وبطبيعة الحال البيت غياب أحد هذه الأطراف أو تعذره القيام بوظيفته يعرقل حثما سيرورة العملية التعليمية ـ التعلمية ويؤثر بوضوح في مردوديتها، وهذه الظاهرة من أبرز سمات التعليم بالمساجد. مما لاشك فيه توفر الفضاء المدرسي الملائم ومدى جاهزيته البيداغوجية لهما تأثير كبير في سيرورة التعليم بالمساجد، الفضاء الملائم هو بمثابة الحاضن للعميلة التعليمية التعلمية، فتعذر وجود هذا الفضاء البيداغوجي أو حتى عدم توفره على أبسط التجهيزات البيداغوجية الأساسية يجعل الممارسة التعليمية ـ التعلمية عملية شاقة ليس فقط على المعلم بل بالأساس على المتعلم الذي يشكل مركز اهتمام المشروع البيداغوجي للمساجد. إذن العناية والاهتمام بتجهيز الفضاء المدرسي وتحديثه باستمرار شرط لا محيد عنه في ضمان نجاح التعليم بالمدارس المساجدية، وإهماله يعني إهمال المشروع البيداغوجي برمته في تلك المدارس. من أهم الأطراف الفاعلة في هذا المجال نجد أيضاً المعلم، وهو يعتبر في النظريات البيداغوجية الحديثة، هو ذلك الوسيط بين المتعلم والمعرفة، غياب هذا المعلم يعني تعذر العملية التعليمية التعلمية ذاتها. من جهة أخرى جودة التعليم هي مرتبطة بشكل كبير جدا بالخلفية البيداغوجية للمعلم، والمقصود بالخلفية البيداغوجية هنا هو التكوين البيداغوجي النظري التي تلقاه المعلم أثناء مرحلة الإعداد أو الخبرة المتراكمة المكتسبة عبر سنوات من الممارسة البيداغوجية أو التكوين الذاتي أو عن طريق المشاركة في دوارات التكوين المستمر التي تمكنه جميعها من المشاركة الفعالة في إطار هذا الفضاء البيداغوجي وتنظيم علاقة بينه وبين جميع مكونات ها الفضاء بشكل مهني. وهنا أيضاً ترتبط جودة مهام المعلم بجودة التعليم بالمساجد بصفة عامة.في مقابل المعلم نجد المتعلم وهو يعتبر محور العملية التعليمية التعلمية في النظريات الحديثة وأساسها التي تقوم عليه، وهو من جهة أخرى رهان التعليم بالمساجد، فحضوره يعني استمرارية هذا التعليم وغيابه يعني نهاية هذا المشرو ع التربوي وجدواه، ينضاف إلى هذا أنه من أجل هذا المتعلم أنشأت هذه المدارس المساجدية ولهذا وجب أن يحتل المتعلم الأولوية في أي مدرسة مسجدية، هذه الأولوية تقتضي إعطاء كامل العناية بهذا المتعلم ليس فقط عن طريق تعليمه اللغة العربية و تلقينه مجموعة من مبادئ الدين الإسلامي فقط، بل دمجه في مشروع تربوي يهدف بالأساس إلى إعداد هذا المتعلم إعداد ملائما و تنشئته تنشئة تربوية معتدلة متوازنة ومتكاملة تؤهله إلى الإنخراط في هذا المجتمع متعدد الديانات واللغات انخراطا ايجابيا وفعالا ومثمرا، إلى جانب تقوية هويته المسلمة وتعزيز شعوره بالانتماء إلى الأمه الإسلامية، طبعا انطلاق من تعلمه اللغة العربية وتشربه روح التربية الإسلامية.أيضاً من الأطراف الفاعلة نجد الطاقم الإداري للمدرسة، وتتلخص مهامها في التسيير الإداري والمالي للمدرسة ووضع استراتيجية واضحة المعالم للمشروع البيداغوجي، وآليات تنفيذها مما يقتضي منها أيضاً متابعة شؤون بقية الأطراف الفاعلة في العملية التعلمية التعليمية وتوفير الظروف البيداغوجية الملائمة، وضمان جو بيداغوجي ملائم لجني ثمار مشروعها التربوي. هذه المهمة الملقاة على عاتق الطاقم الإداري تستدعي بالضرورة دعم هذا الطاقم دعما مستمرا وحقيقيا من طرف اللجنة المسيرة للمساجد التي أوكلت لهذا الطاقم الإداري مهمة جسيمة وهي تسير مدرسة المسجد تسيرا تربوياً، هذا الدعم هو كفيل لقيام إدارة المدرسة بمهمتها الإدارية والتربوية معا على أكمل وجه وضمان استمراريتها و جودة مردوديتها. أيضاً يحتاج المشرف الإداري ـ التربوي، إلى جانب تجربته في التسيير البيداغوجي عبر سنوات من الخبرة إلى تكوين أولي وآخر مستمر، غير أن هذا التكوين المستمر لا يقتصر فقط على مجالات التسير الإداري بل يتعداه إلى التسيير التربوي بشكل أعم. هذا التكوين المستمر لا يستهدف الطاقم الإداري فقط بل أيضاً الطاقم التعليمي، وهما معا يشكلان بطبيعة الحال ما يعرف بالفريق أو الطاقم التربوي. من جهة أخرى أي مشروع تربوي تضعه المدرسة المسجدية يحتاج بالضرروة إلى منهاج بيداغوجي لإنجاح هذا المشروع، ولا يُقصد بالمنهاج التربوي الكتاب المدرسي المستعمل فقط، بل المقصود به الخطة التربوية المتكاملة التي وضعتها المدرسة في سبيل تعليم وتربية المتعلم على المدي البعيد، ومن بينها اختيار الكتاب المدرسي الملائم فقط معايير تربوية دقيقة، إنشاء آليات تقويم الحصيلة الدراسية لدى المتعلمين، إلى جانب تأسيس وممارسة الأنشطة الموازية ذات أهداف تربوية واضحة، وقد تكون هذه الأنشطة الموازية ذات صبغة تعليمية محضة أو تعليمية ترفيهية وغير ذالك، وقد تمارس داخل الفصل الدراسي من مسابقات تعليمية، أنشطة ترفيهة في إيطار المحيط المدرسي بشكل دوري ومستمر أو في خارج الفضاء المدرسي، وذالك كل وفق استراتجية واضحة الغايات والأنشطة الموازية هي جزء لا يتجزأ من الخطة التربوية وإغفال أهميتها أو الاكتفاء فقط بالكتاب المدرسي أثناء العملية التعلمية ـ التعلمية يشكل عائق كبير، لأنه يختزل المشروع التربوي لمدرسة معينة في أهداف خاصة معينة وضعها مؤلف الكتاب المدرسي المُعتمد في هذه المدارس أيضا لا يكمن إغفال حضور البيت في هذه العملية، وهو بالتأكيد من أهم الأطراف الفاعلة والمشاركة في المشروع البيداغوجي والمقصود هنا تحديداً آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بصفة عامة، يتجلى حضور الأباء وأولياء التلاميذ على المستوى النظري على وجهين، فمن جهة غالبا ما يحث الأباء الأبناء إلى الالتحاق بالمدرسة المسجد موضحين لهم أهميتها في تشكيل هويتهم المسلمة، إلى جانب متابعة تطورهم الدارسي في هذه المدرسة متابعة دقيقة، ومن جهة أخرى يمكن للأباء نظرياً المساهمة الحقيقية في إنجاح تجربة التدريس في المساجد بالمشاركة الفعالة في هذا المشروع البيداغوجي والتي تترجم على أرض الواقع بإنشاء جمعية آباء وأولياء التلاميذ التي تعبر عن أمال ورغبات وتطلعات الأباء، كما تعتبر قناة للتواصل مع الفريق التربوي للمدرسة سعيا إلى العمل المشترك لإنجاح التدريس في المدارس المساجدية. كانت هذه إذن إطلالة سريعة حول أطراف العاملة في المشروع البيداغوجي للمدرسة المسجدية، لكنها بطبيعة إطلالة على المستوى النظري تستهدف التعريف النظري لهذه الأطراف، لكن الواقع هذه الأطراف قد يختلف في بعض معالمه عن هذا التقديم النظري، وهنا ننتقل إلى النقطة الأخيرة المتعلقة بواقع هذه التجربة البيداغوجية وآفاقها في المستقبل، لمحاولة استجلاء واقع هذه الأطراف كما هو لتقييم عمله كخطوة نحو تقويم هذا المشروع التربوي، وهذه الأخيرة هي من أبرز غايات التي تصبو إليها هذه الدورة، أي المساهمة الجادة في تصيح مسار التعليم في المدارس المساجدية، وقبل كل شيئ السعي الجدي إلى تنظيم هذا الميدان. 4 . واقع تعليم اللغة العربية والدين الاسلامي في المساجد وسبل التطوير هنا يمكننا أن نطرح التساؤل التالي كنقطة إنطلاق لاستجلاء واقع هذه المدارس، وهذا التساؤل هو: ماهي نظرة المحيط لهذه المدرسة؟ بعبارة أخرى ماهي نظرة المجتمع ألماني الذي نعيش فيه كلنا كأطراف في المشروع البيداغوجي إلى المدرسة المحلقة بالمسجد، قد يقول البعض أنها نظرة سلبية مفعمة بالأحكام المسبقة وقد يقول البعض أن هذه النظرة لا تختلف في حيث المبدأ عن نظرة المجتمع التعميمية للمساجد بصفة عامة طالما أن هذه المدارس تتواجد فعليا في المساجد، وقد يقول البعض أنه من الصعب الإجابة عن هذا السؤال، طالما أنه لم يتم استقصاء الرأي الآخر حول هذه المدارس المساجدية، ومهما اختلفت الإجابة، إلا أنه لايمكن في هذا السياق إغفال مسألة شديدة الأهمية، وهي أن المدرسة المسجدية ظلت مند نشأتها تنظر إلى المجتمع المحيط على أساس أنه خصم هوياتي وثقافي وعبئ تربوي، مما جعلها تنكفء على ذاتها فصارت مع مرور السنوات منغلقة على ذاتها رغم أهميتها الإجتماعية والثقافية في النسيج المجتمعي الألماني. هذا الإنغلاق اللاشعوري لم يمكنها من التعريف بذاتها ومشروعها البيداغوجي الذي يهدف إلى تنشئة أبناء المسلمين تنشأة صالحة تمكن من انخراط، في المجتمع الألماني متعدد الثقافات والأعراف والأجناس والمشاركة الفعالة فيه كجزء لا يتجزأ من هذا المجتمع. وهذا الهدف يتماشى بطبيعة الحال مع أهداف أي مشروع بيداغوجي أخر في المجتمع الألماني، ولايمكن أن يقابل إلا بالترحيب والمساندة بل وبالدعم أيضاً، فلماذا هذا الإنغلاق والإنكفاء على الذات ؟ ولماذا هذا الصمت في التعبير عن الذات؟ هذا الإنغلاق غير المبرر جعلها أيضاً تفوت فرصة عديدة لنتظيم عملها وتطويره مقارنة مع تجربة تدريس لغة التركية كإحدى لغات الأقلية المسلمة في ألمانيا والدين الإسلامي انطلاقا من المدارس الملحقة بالمساجد، ثم النوادي الثقافية الصغيرة، التي ارتقت فيما بعد إلى مستوى الجمعيات الثقافية بل وحتى المؤسسات التعليمية. واليوم صار التعريف بالأهمية الاجتماعية والثقافية لهذه المدارس ضرورة ملحة أولا من أجل تصحيح الصورة أين كانت عن مدرسة المسجد، حتى لو كانت مبهمة أو غير واضحة المعالم، وبالتالي أيضا المسجد نفسه، هذا من جهة، من جهة أخرى، من أجل إنشاء وعي ذاتي جديد لهذه المدارس يمكنها من تنظيم مشروعها البيداغوجي تنظيما محكما وتسيره تسيرا مهنيا ، وهذا التنظيم للمشروع البيداغوجي لا يمكن حدوثه بمعزل عن الأطراف المكونة لهذا المشروع، فهي المعنية بالدرجة الأولي بهذا التنظيم، أيضاً لايمكن هنا إغفال العلاقات الرابطة بين كل الأطراف المكونة لهذا العمل التربوي، وفيما يلي مجموعة من المقترحات التي ترى في تنظيم التعليم في مدارس المساجد ضرورة مستعجلة بل خطوة لامحيد عنها من أجل ضمان استمرارية هذه المدارس استمرارية هادفة بعيدة كل البعد عن الارتجالية:إذا كان المتعلم هو بحق محور العملية التعلمية التعليمية، فيجب بالأحرى أن تتعرف المدرسة على رغباته و تطلاعاته ومشاركته في هذه التطلاعات مشاركة وجدانية صادقة، بل وجب إشراكه في هذا المشروع التربوي عبر الآليات التربوية المعمول بها مثل اختيار ممثلين عن الثلاميذ حسب المستويات ، إلى جانب هذا يتعين أخد أراءه وانتقاداته واقترحاته بعين اعتبار لكي تجد طريقها إلي حيز التنفيد، مما يشعره فعلاً أنه يتلقى تكوينا في فضاء تربوي يتسم بالجدية والتنظيم و المهنية بالأساسأيضا يتعين على إدارات المساجد الاهتمام بالفريق التربوي الذي يتكون من الطاقمين التعليمي والإداري، ودعمه دعما ماديا ومعنويا، وإعطائه الاستقلالية اللازمة التي تمكنه من ممارسة عمله التربوي على أكمل وجه. أيضاُ العلاقة بين إدارات المساجد والفريق التربوي يجب أن تقوم على اساس من الاحترام المتبادل ويجب أن تتسم العلاقة ضمن الفريق التربوي نفسه بالمهنية والجدية. أيضاً يجب الاهتمام بالمنهاج الدراسي وتحديثه كلما استدعت الضرورة إلى ذالك، والمنهاج الدراسي الموفق والناجح هو الذي يتماشى مع الأبعاد العقائدية والأخلاقية والإجتماعية والإنسانية والسلوكية والمعرفية للمشروع التربوي لدى أي مدرسة مسجدية، وإذا كان المحتوى الدراسي لا يشكل إلا جزء معينا من هذا المنهاج إلا أنه يتعين على الفريق التربوي اختيار المحتوى الدراسي الملائم الذي يلتزم بالثوابت الدينية وبمبدأ الانتماء والانفتاح على الغير، بحيث يتماشى هذا المحتوى الدراسي بدوره مع الأهداف العامة التي رسمتها المدرسة لإستراتجيتها التربوية.أيضاً لايمكن إغفال عنصر الأباء، فتطلاعاتهم وأفكارهم واقتراحاتهم الهادفة لايمكن أن تكون إلا محط ترحيب من طرف المدرسة، التي تسعى بدورها إلى تواصل معهم و إشراكهم في مشروعها التربوي عن طريق العمل المشترك غالبا ضمن جمعية الآباء وأولياء التلاميذ التي صار الآن وجودها وحضورها الفعال ضرورة ملحة من أجل تنظيم التعليم بالمساجد والارتقاء به لصالح الأجيال الصاعدة، بعد كل هذه السنوات مما يمكن أن نسميه باللاتواصل بين الأباء والفريق التربوي للمدرسة المسجدية.وبهذه المقترحات أكون قد أتيت على نهاية هذا العرض الموجز الذي حاولت فيه أن أبين أهمية المدرسة المسجدية ضمن محيطها الإجتماعي، وطبيعة آليات إشتغالها، إلى جانب تحديد ملامح مشروعها البيداغوجي غير الهين الذي يجعلها بحق تستحق أي دعم حقيقي من أجل تنظيمها تنظيما محكما ومهنيا يمكنها من إنجاح مشروعها التربوي الهام جدا بعد سنوات من اللاهدفية التي طبعت عملها. وشكر لكم على هذا الاهتمام بهذا العرض، وإلى مداخلاتكم وتعقيباتكم حول النقاط التي أثارها هذا العرض. والسلام عليكم <div style="mso-element: footnote-list"> <hr width="33%" size="1" align="left" /><div id="ftn1" style="mso-element: footnote"><a name="_ftn1" title="" style="mso-footnote-id: ftn1" href="http://www.wataonline.net/site/modules/newbb/newtopic.php?forum=53#_ftnref1">[1]</a> أستاذ العربية والألمانية، ماجيستير في اللسانيات والأدب الألماني</div></div>
الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
s___s
مشاركة

تويت
#2

05-14-2009, 05:46 AM

تعليم اللغة العربية والدين الإسلامي في المساجد: النشأة والواقع والأفاق

مجهود طيب تشكر عليه، أتمنى الرسالة التي أرسلتها أوضحت لك ما سهوت عنه أظن لو يتم التركيز فقط على تعليم قراءة وحفظ القرآن الكريم وفق أصوله وتعليم الصلاة والصيام وبقية أركان الإسلام وطريقة التعامل مع الأب والأم والأخ والأخت والجار دون حرفها لأي أمور أخرى ستوفر عليك الكثير من وجع الرأس وستجنبك الكثير من الإحراجات والتعقيدات وكمنهاج يغطي ذلك أتمنى جهاز المعلّم صالح يوف بذلك <a href="http://www.wataonline.net/site/modules/newbb/viewtopic.php?viewmode=flat&type=&topic_id =4742&forum=40">"كرّاسات المعلم صالح لتعليم اللغة العربية"</a> <a href="http://www.wataonline.net/site/modules/newbb/viewtopic.php?topic_id=4742&forum=40">http://www.wataonline.net/site/modules/newbb/viewtopic.php?topic_id=4742&forum=40</a> ما رأيكم دام فضلكم؟<img alt=" " src="http://www.wataonline.net/site/uploads/smil3dbd4d4e4c4f2.gif" />
تعليق

السابق template التالي

تعليم اللغة العربية والدين الإسلامي في المساجد: النشأة والواقع والأفاق

تعليق

إحصائيات Arabic Translators International _ الجمعية الدولية لمترجمي العربية