أثار مسلسل "حارة الشيخ" الذي تعرضه قناة MBC على شاشاتها في شهر رمضان جدلاً واسعاً وكبيراً في أوساط النخب السعودية، التي عبرت عن استيائها الكبير؛ بسبب مفاهيم اعتبروها مغلوطة تعرض في المسلسل، باعتباره "يشوه الثقافة والتاريخ الحجازي"، وينافي الحقائق، ويعكس صورة غير صحيحة عن المجتمع الحجازي في تلك الحقبة من الزمن.
كما شنّ نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً "تويتر"، في وقت سابق، حملة تطالب بإيقاف المسلسل الدرامي السعودي الذي يتناول حياة حارات جدة أواخر العهد العثماني، وذلك عبر إطلاق وسم "#اوقفو_حاره_الشيخ" باعتباره ينافي الحقائق ويعكس صورة غير صحيحة عن المجتمع الحجازي في تلك الحقبة من الزمن.
ويحكي المسلسل أحداثاً تاريخية في مدينة جدة إبان العهد العثماني، وهو من كتابة بندر باجبع، ومن إخراج المثنى صبح، ويضم عدداً من الممثلين من أبرزهم محمد بخش، وخالد الحربي، وجميل علي، ويوسف الجراح، وعبد المحسن النمر.
وتدور أحداث المسلسل في الحجاز، وتحديداً مدينة جدة، أواخر العهد العثماني في الفترة ما بين 1876 - 1918م، أي قبل نحو 180 عاماً، والعمل مقتبس من بعض الحكايات الشعبية التي كانت سائدة في تلك الفترة، ويتطرّق كذلك إلى قصص اجتماعية، بالإضافة إلى أنه يتضمن أحداثاً كانت تُعرف بـ"الفتونة" و"البلطجة" وبعض ممارسات الخارجين عن النظام.
لكنّ العمل- بحسب القائمين عليه- إنما هو دمج بين التاريخ والفنتازيا بملامح اجتماعية مستوحاة من الواقع القديم، وبعض القصص آنذاك؛ حيث إنّ "حارة الشيخ" لم تكن موجودة ضمن حارات جدة القديمة في ذلك الوقت، وتمّ اختيار اسم (حارة الشيخ) ليظل العمل ضمن السياق التخيلي الدرامي لا التاريخي أو الواقعي.
كما أنّ العمل الذي استغرق العمل فيه نحو خمس سنوات ما بين البحث والدراسة والكتابة والمعالجة الدرامية لم يتطرق إلى أي قبيلة من القبائل الحجازية بعينها ممن كانت سائدة في تلك العصر، إضافة إلى أنّ العمل لم يشر إلى أحداث تاريخية أو صراعات مع الدولة العثمانية آنذاك.
- مخالفات وتجنٍّ على التاريخ
بهذا الخصوص يؤكدّ الكاتب والمؤرخ السعودي سليمان الدرسوني لـ"الخليج أونلاين"، أنّ قصة المسلسل هي من نسج الخيال وليست قصة حقيقية، دارت أحداثها في الحجاز وتحديداً مدينة جدة أواخر العهد العثماني، مشيراً إلى أنّ دخول اللهجة المصرية في العمل قلل من قيمته، مثل أن تدخل اللهجة السعودية في مسلسل مصري، وهذا غير مستساغ.
ويرى الدرسوني أنّ اعتراض البعض على تجهيز المرأة لزوجها (الشيشة)، غير مبرر فهي عادة سائدة كانت عند الحجازيين ولا عيب في ذلك، أما ترويج المسلسل لوجود خمارات تعود ملكيتها لأجانب وتعمل فيها النساء فهذا أمر غير صحيح، مشدداً على عدم وجود خمارات بمدينة جدة في أواخر العهد العثماني، معتبراً أنّ نقد المسلسل أمر مبرر، حيث إنّ أكثر من نقد المسلسل هم من أهل مدينة جدة، وكما يقول المثل: "أهل مكة أدرى بشعابها".
ويرى الدرسوني أنّ مسلسل "حارة الشيخ" لا يمكن مقارنته بمسلسل باب الحارة السوري، فهو بطبيعة الحال لن يصل إلى مستواه لا من حيث الأحداث ولا من حيث المضمون، فباب الحارة أقرب للواقع من مسلسل "حارة الشيخ"، مشدداً على أنّ هذا المسلسل احتوى على كثير من المخالفات والتجني على التاريخ، حيث إنّه لم يعكس حقيقة المجتمع الحجازي في تلك الفترة الذي كان مجتمعاً محافظاً ومتكاتفاً له عاداته وتقاليده، وكان هناك انضباط من قبل العمدة وشيخ الحارة والأعيان، مشيراً إلى أنّ مدينة جدة من المعروف أنّها بوابة إسلامية لحجاج بيت الله الحرام، فإن كانت هناك بعض العادات السيئة فهي ليست علناً، وتكون بالخفاء وكثيرون يعرفون ذلك.
وحول تعرّض المسلسل لعادات حجازية في العهد العثماني كانت تُعرف بـ "الفتونة" و"البلطجة"، يوضح الدرسوني أنّ مثل هذه العادات كانت بالفعل موجودة في تلك الفترة، ولكن ليس بالصورة التي تعرضها كثير من الأعمال الفنية والدرامية، حيث كانت الفتوة تعمل لمصلحة المظلوم والحارة، أما البلطجة فلم تكن منتشرة باسمها المتعارف عليه، مشيراً إلى أنّ مصطلح "الفتونة" تعود في أصلها إلى الفتى القوي الشجاع، أما البلطجة فنسبة إلى البلطة وهو الساطور، لكون الخارج عن القانون كان يهدد الناس حاملاً بلطة بيده وما زالت شائعة في مصر.
لكنّ الدرسوني مع توجيه الانتقاد إلى مسلسل "حارة الشيخ"، إلا أنّه يرى أنّ لا يزال في بدايته ولا نستطيع تقييمه حتى تتم مشاهدته كاملاً؛ فربما هناك أحداث جديدة لا نعرفها، وحتى يكون النقد في محله ومنصفاً يجب مشاهدة جميع حلقات المسلسل ومن ثمّ يبدأ بعملية التقييم.
سلبيات وأخطاء
من جانبه يرى الفنان سمير الناصر، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أنّ مسلسل "حارة الشيخ" هو عمل درامي فيه كل المقومات التي يبنى عليها المسلسل الدرامي الذي يجمع الصراع بين الخير والشر وبين تجسيد الشخصيات، مع ذلك توجد فيه العديد من الأخطاء والسلبيات، من ضمنها ابتعاد بعض الفنانين المشاركين في العمل عن اللهجة الأم، والاجتهاد بأن يكونوا قريبين من واقع اللهجة التي كانت سائدة في تلك الفترة، مؤكداً أنّ اللهجة القديمة الحجازية تختلف عن اللهجة الحديثة التي يستخدمها أبناء الحجاز والمناطق الغربية في الوقت الحالي.
ويتابع الناصر قائلاً: "الحكم على العمل يحتاج إلى القدماء من المجتمع، ومن كانوا قريبين من تلك الحقبة التاريخية، إضافة إلى رأي المؤرخين المهتمين بالتاريخ الحجازي والمنطقة الغربية من الجزيرة العربية، وذلك لأنّ المشاهدين في الوهلة الأولى، وخصوصاً عند عرض برومو العمل، توقعوا بأنّه مسلسل مصري"، معتبراً بأنّ العمل وإن وجهت له الانتقادات فإنّه يبقى عملاً درامياً ناجحاً، وعملاً فنياً ممتعاً وجميلاً ومشوقاً يصوّر حقبة تاريخية مهمة من التاريخ الحجازي.
كما شنّ نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً "تويتر"، في وقت سابق، حملة تطالب بإيقاف المسلسل الدرامي السعودي الذي يتناول حياة حارات جدة أواخر العهد العثماني، وذلك عبر إطلاق وسم "#اوقفو_حاره_الشيخ" باعتباره ينافي الحقائق ويعكس صورة غير صحيحة عن المجتمع الحجازي في تلك الحقبة من الزمن.
ويحكي المسلسل أحداثاً تاريخية في مدينة جدة إبان العهد العثماني، وهو من كتابة بندر باجبع، ومن إخراج المثنى صبح، ويضم عدداً من الممثلين من أبرزهم محمد بخش، وخالد الحربي، وجميل علي، ويوسف الجراح، وعبد المحسن النمر.
وتدور أحداث المسلسل في الحجاز، وتحديداً مدينة جدة، أواخر العهد العثماني في الفترة ما بين 1876 - 1918م، أي قبل نحو 180 عاماً، والعمل مقتبس من بعض الحكايات الشعبية التي كانت سائدة في تلك الفترة، ويتطرّق كذلك إلى قصص اجتماعية، بالإضافة إلى أنه يتضمن أحداثاً كانت تُعرف بـ"الفتونة" و"البلطجة" وبعض ممارسات الخارجين عن النظام.
لكنّ العمل- بحسب القائمين عليه- إنما هو دمج بين التاريخ والفنتازيا بملامح اجتماعية مستوحاة من الواقع القديم، وبعض القصص آنذاك؛ حيث إنّ "حارة الشيخ" لم تكن موجودة ضمن حارات جدة القديمة في ذلك الوقت، وتمّ اختيار اسم (حارة الشيخ) ليظل العمل ضمن السياق التخيلي الدرامي لا التاريخي أو الواقعي.
كما أنّ العمل الذي استغرق العمل فيه نحو خمس سنوات ما بين البحث والدراسة والكتابة والمعالجة الدرامية لم يتطرق إلى أي قبيلة من القبائل الحجازية بعينها ممن كانت سائدة في تلك العصر، إضافة إلى أنّ العمل لم يشر إلى أحداث تاريخية أو صراعات مع الدولة العثمانية آنذاك.
- مخالفات وتجنٍّ على التاريخ
بهذا الخصوص يؤكدّ الكاتب والمؤرخ السعودي سليمان الدرسوني لـ"الخليج أونلاين"، أنّ قصة المسلسل هي من نسج الخيال وليست قصة حقيقية، دارت أحداثها في الحجاز وتحديداً مدينة جدة أواخر العهد العثماني، مشيراً إلى أنّ دخول اللهجة المصرية في العمل قلل من قيمته، مثل أن تدخل اللهجة السعودية في مسلسل مصري، وهذا غير مستساغ.
ويرى الدرسوني أنّ اعتراض البعض على تجهيز المرأة لزوجها (الشيشة)، غير مبرر فهي عادة سائدة كانت عند الحجازيين ولا عيب في ذلك، أما ترويج المسلسل لوجود خمارات تعود ملكيتها لأجانب وتعمل فيها النساء فهذا أمر غير صحيح، مشدداً على عدم وجود خمارات بمدينة جدة في أواخر العهد العثماني، معتبراً أنّ نقد المسلسل أمر مبرر، حيث إنّ أكثر من نقد المسلسل هم من أهل مدينة جدة، وكما يقول المثل: "أهل مكة أدرى بشعابها".
ويرى الدرسوني أنّ مسلسل "حارة الشيخ" لا يمكن مقارنته بمسلسل باب الحارة السوري، فهو بطبيعة الحال لن يصل إلى مستواه لا من حيث الأحداث ولا من حيث المضمون، فباب الحارة أقرب للواقع من مسلسل "حارة الشيخ"، مشدداً على أنّ هذا المسلسل احتوى على كثير من المخالفات والتجني على التاريخ، حيث إنّه لم يعكس حقيقة المجتمع الحجازي في تلك الفترة الذي كان مجتمعاً محافظاً ومتكاتفاً له عاداته وتقاليده، وكان هناك انضباط من قبل العمدة وشيخ الحارة والأعيان، مشيراً إلى أنّ مدينة جدة من المعروف أنّها بوابة إسلامية لحجاج بيت الله الحرام، فإن كانت هناك بعض العادات السيئة فهي ليست علناً، وتكون بالخفاء وكثيرون يعرفون ذلك.
وحول تعرّض المسلسل لعادات حجازية في العهد العثماني كانت تُعرف بـ "الفتونة" و"البلطجة"، يوضح الدرسوني أنّ مثل هذه العادات كانت بالفعل موجودة في تلك الفترة، ولكن ليس بالصورة التي تعرضها كثير من الأعمال الفنية والدرامية، حيث كانت الفتوة تعمل لمصلحة المظلوم والحارة، أما البلطجة فلم تكن منتشرة باسمها المتعارف عليه، مشيراً إلى أنّ مصطلح "الفتونة" تعود في أصلها إلى الفتى القوي الشجاع، أما البلطجة فنسبة إلى البلطة وهو الساطور، لكون الخارج عن القانون كان يهدد الناس حاملاً بلطة بيده وما زالت شائعة في مصر.
لكنّ الدرسوني مع توجيه الانتقاد إلى مسلسل "حارة الشيخ"، إلا أنّه يرى أنّ لا يزال في بدايته ولا نستطيع تقييمه حتى تتم مشاهدته كاملاً؛ فربما هناك أحداث جديدة لا نعرفها، وحتى يكون النقد في محله ومنصفاً يجب مشاهدة جميع حلقات المسلسل ومن ثمّ يبدأ بعملية التقييم.
سلبيات وأخطاء
من جانبه يرى الفنان سمير الناصر، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أنّ مسلسل "حارة الشيخ" هو عمل درامي فيه كل المقومات التي يبنى عليها المسلسل الدرامي الذي يجمع الصراع بين الخير والشر وبين تجسيد الشخصيات، مع ذلك توجد فيه العديد من الأخطاء والسلبيات، من ضمنها ابتعاد بعض الفنانين المشاركين في العمل عن اللهجة الأم، والاجتهاد بأن يكونوا قريبين من واقع اللهجة التي كانت سائدة في تلك الفترة، مؤكداً أنّ اللهجة القديمة الحجازية تختلف عن اللهجة الحديثة التي يستخدمها أبناء الحجاز والمناطق الغربية في الوقت الحالي.
ويتابع الناصر قائلاً: "الحكم على العمل يحتاج إلى القدماء من المجتمع، ومن كانوا قريبين من تلك الحقبة التاريخية، إضافة إلى رأي المؤرخين المهتمين بالتاريخ الحجازي والمنطقة الغربية من الجزيرة العربية، وذلك لأنّ المشاهدين في الوهلة الأولى، وخصوصاً عند عرض برومو العمل، توقعوا بأنّه مسلسل مصري"، معتبراً بأنّ العمل وإن وجهت له الانتقادات فإنّه يبقى عملاً درامياً ناجحاً، وعملاً فنياً ممتعاً وجميلاً ومشوقاً يصوّر حقبة تاريخية مهمة من التاريخ الحجازي.