تويت
المسار السياسي فى رواية ( ليلة فى حياة كاتب ) للروائي مجدي جعفر
بقلم / حامد حبيب
( 2 )
—-------------------------
اتخذت الرواية مساراتٍ ثلاث ،هى :
_ المسار السياسي
_ المسار الثقافى
_المسار الفلسفى
*المسار السياسي:
الواقع أنَّ الأدب ليس مجرّد صورة للعصر ومرآةً
الحياة فحسب ، بل هو أجلُّ شأناً وأبعدُ أثراً ، فهو
بحساسيته الشفافة المرهفة، وعينُه اليقظة الساهرة،
وحرصه على استيعاب كل شئ والإحاطة بجميع نواحى الحياة ،يحاول أن يتابع الحياة فى تغيُّرها
المستمر ، ويلاحقها فى وثباتِها المتتابعة ، وتسجيل
تقلُّباتِها، ويرسم ظلالَها المتنوعة وألوانها العديدة .
واذا كانت السياسة فى أشمل معانيها : هى علاقة
الفرد بالمجتمع من ناحية ، وعلاقته بالدولة من
ناحية أخرى.
ولما كان الادب يقوم _كما هو معروف_ على المزاج
الفردى ،أدّى ذلك لأن ينكر بعضُ المفكرين علاقته
بالمجتمع وتأثّره بالدولة ، ويتساءلون:
ماشأنُ الكاتب بقيام الدول وسقوطها وتماسك الجماعاتِ أو انحلالها؟
ولكن الحقيقة أنّ العلاقة بين الأدب والسياسة علاقة قديمة ،ومازال الكاتبُ منذ نشأة الأدب وهو لسانُ قومه الناطق ، وقلبهم الخافق،فعندما يتحلّل
المجتمع ويشيعُ فيه الفساد يبدو فى حديثه القلق
والتبرُّم والألم والحزن المُوجِع،وليس من المستنكَر
فى العصر الحاضر الذى تضطربُ فيه أحوال المجتمعات الإنسانية،أن يُجبَر الكاتبُ على أن يفكّر
تفكيراً سياسياً ويطيل التأمُّل فى العلاقات الاجتماعية والاحوال العالمية، وليس في وسعه من
حيث هو إنسان أن يتخلّى عما عليه من واجبات.
*وفي هذا المسار :
كشف الكاتبُ القناعَ عن حقيقةِ الانظمةِ عبر
حِقَبٍ تاريخيةٍ متقاربة او متتالية :"حدّثنى رئيسُ
التحرير عن علاقةِ الاستاذ بالناصرية والشيوعية
والساداتيين ،والإخوان المسلمين"__(ص١٢)
فكشف عن طبيعة النظام الناصرى ومدى تناقضه ،
من خلال قوله : " أوّلُ مصريتى عبد الناصر .. أوّل رُعبى عبد الناصر"___(ص٦٧)
"جمال ياولدى ، خلق الاملَ والانكسار.."_(٥٣)
وتحدث عن مدي خطرِ الشيوعية:
" انا لاأخافُ على العالم الثالث من الرأسمالية ، فهى التصق بها حساسية خاصة عند الناس مرتبطة بالعدوان والاستعمار،ولكنى اخاف الشيوعية.."__(ص٥٦)
*وعن السادات والتطبيع مع إسرائيل..
*وعن مبارك والحرية المزعومة وفكرة التوريث:
"....وكان يرى أنّ مساحةَ الحريةَ الضئيلةَ التى يتشدَّقُ بها نظامُ مبارك تسمح له بنشر هذه الرواية التسجيلية…"_____(ص٥٤)
"بدات التصفياتُ السياسيةُ لبعض رجال الحزب الوطنى الذين عارضوا فكرةَ توريثِ الحكم من الرئيس محمد حسنى مبارك إلى نجله جمال مبارك"__(ص٢٧)
كما يتحدث عن ارتباط المال بالسلطة فى عهد مبارك ،من خلال ماقامت به "عائلة الدفراوي"
___(ص٢٨)
"..واختير بدلاً عنه أحد أفراد عائلة (الوزّان) الثريّة،
اختاروا عجوزاً متهالكاً طيّباً ومجاملا.."__(ص٢٥)
*اما الإخوان والجماعات الدينية :
"هناك جماعاتٌ دينيةٌ تنذر بالويلِ والثبور وعظائم الامور.."____(ص٢٦)
"واحذر من تسلُّل الذين يتخذون الدينَ شعاراً ..
احذر أن يكونوا خطابُهم الدينى والأيديولوجى
فى غفلةٍ منكم.."____(ص٦٦)
*وهذا الصراعُ الطويلُ بين الشيوعيةِ والإسلام:
"..إما الشيوعية واما الإسلام"___(ص٥٦)
"على بركة الله يارفاق..هكذا قال عبد الملك.
قال عبد القادر:على بركة(لينين)
وفى نهاية هذا المسار:
"قال: الحرية أولاً"___(ص٦٠)
"الحرية تبحث دائماً عن مكان تبزغ منه…"__(ص٦٦)
وهو يقصد بذلك القاعدة الصالحة لانطلاق الحرية بمعناها الصحيح..نظام يخلق التربةَ الصالحةَ لإنبات الحريةِ المنشودة ، والمناخ الصافي الذي لاتختنق فيه انفاسُ الحرية.
فجميعُها أنظمةٌ _ كما تم استعراضها _ لاتتناسب
ومعنى الحرية التى يطمح لها الشعب..
لماذا اختار الكاتب "الحرية" كمطلب أساسى من بين متطلبات الإنسان الهامة؟
الحقيقةُ أنّ "الحرية " هى التى تخلق إنساناً له كينونته المستقلة فى التعبير والإبداع والخلق ، وقد خلقه الله حرّاً ليكون مساهماً بحقّ فى إعمار الارض بفكره ويده، وكل من يُعيقُ تلك الحريةَ فهو يعيق كل طريقٍ للتقدم والرقي وصنعِ حضارة، وانَّه ماتخلّفت
الشعوبُ إلاّ بسبب الحجرِ او التضييق على حرياتها، فإن كانت الأنظمة تبحث عن مخرج لأزماتها ، أن تعطى الإنسانَ مساحاتِه الكافية منها ليقدِّمَ حلولَه وإبداعاته الفكرية والعلمية التى تنهض بالأمة.
الرسالةُ التى يريد الكاتب إيصالها ، رسالة "إطلاق
الحريات" وعدم تقييدها بالنظام والصبغة السياسية
.. وإن الحريةَ هى فى صالح النظام، وتقييدها نكالاً عليه، وكل نظام خانق للحرية هو نظامٌ يقتل نفسَه بنفسِه.
كمايجب علينا أن نفرّق بين عناية الكاتب بالسياسة فى الأمم الديمقراطية وعنايته بها في الأمم الديكتاتورية ...... فالكاتب السياسي فى الأمم الديكتاتورية مجرّد بوق من الأبواق ، لذا نلحظ انحطاط مستوى الأدب والفكر فى تلك الأمم ،
وتعليل ذلك: أنّ الكاتبَ الذى لايتيسّر له الخَلق فى أغلب الأوقات إلا إذا شعر بأنه حُر ،واطمأنت نفسُه،
والأدبُ الحق لايزدهر إلا حيث يشعر الكاتب بأنه
غير مُضطَّر لمصانعةِ الحاكمين ومداهمة الأحزاب.
*وكلُّ نظامٍ سياسي بالطبع يتبنَّى نظاماً اقتصادياً،
ويحتاج لمَن يدعمه فيما تبنّى ، فيحاول أن يحشدَ لأجل ذلك رجالاً فى كل المؤسسات تؤيد توجهاته:
" هل قالت لك لماذا كرهتُ السادات؟……….
دخلتُ بيته ياولدى فى قريته بميت أبو الكوم بالمنوفية،وجلست معه حول طاولة الطعام ، أكلت معه الدجاج بالطريقة البلدية،وطالبنى كونى واحداً من المثقفين الوطنيين،بضرورة التطبيع الاقتصادى
مع إسرائيل…كان كل شي جاهزاً ومُعدّاً سلفاً ، ماكان علىَّ إلا التوقيع مع الشركات الإسرائيلية.."
____(ص٥٣)
فليكن الكاتبُ سياسياً إذا شاء ، ولكن على شريطة
ألّا يتّخذَ الادبَ ذريعةّ من ذرائع الدولة ووسيلة من وسائل السياسة ، لأنه إذا فعل ذلك فسد أدبه وفقد
قيمته، فاستخدام الأدب للأغراض السياسية يجعله
يهبط عن مستواه الرفيع، والكاتبُ الذى يرى نفسَه
مسوقاً لوضع قصةّ أو رواية تُعلِن محاسن الشيوعية
أو النازية أو تدافع عن نظام ما ، سيجد نفسَه مضطراً إلى تشويه الحق ، ويُسخّر فنَّه لتدعيم مذهبه وإثبات وجهة نظره ، وستحفل رواياته بالشخصيات الزائفة والمواقف المصطنعة.
وقد أدرك السياسيون فرط عناية الكُتاب بالسياسة فحاولوا أن يجتذبوهم إلى مشكلاتهم الحزبية وخلافاتهم السياسية، وعمل بعضهم على الاستفادة
من أقلامهم واستثمار مواهبهم ، حتى كادت تنقلب.
الكتابة إلى نوع من الإعلان وضربٍ من ضروب الدعوة، فتفقد الرواية الكثير من صفاتها الفنية.
هذا ماقد يشير إليه الكاتب ضمنياً فيما سبق .
.......
نظام يأخذ بالاشتراكية" من عند خالك (ماوتسى تونج)__(ص٨٢)...
ونظام يعدل عنها إلى الرأسمالية" إن كنت تريدها مثل أوربا…"___(ص٨٠)
"احتار الشباب....ضاعت معالم القدوة بين اليمين واليسار ، وكلاهما صناعة غربية ،ترفض قيام هذه البلاد"___(ص٨٣)
وعليه ، فإن الكاتب يؤكد من خلال ذلك ، أن نتبنى
نظاماً اقتصادياً لاشرقياً ولاغربياً ، ولانكون تبعاً لأحد ، وأن يكون لنا نظاماً متوازناً لايجورُ على حقوقِ الفرد فى التملُّك وحرية استخدام رأس المال
فى الاستثمار، ولايجور على حقوقِ المجتمع والدولة فى حقهِما كشركاءَ فى العملية الإنتاجية
والاستثمارية.
*أعتقد أن الروايةَ مشروعٌ له إسهاماتُه التنويرية التى يجبُ الالتفاتَ اليها، وعدم النظر إليها على أنها عبث…فالأدب يقول مافى مكامن النفوس ويترجم
مافى عقولِ البشرِ بأسلوبٍ مؤثّر وينطق عن أمانيهم وأحلامهم وطموحاتهم ، والغفلة عن ذلك خسائر غير مأمونة العواقب.
.............................
يتبع ..
......
بقلم / حامد حبيب
( 2 )
—-------------------------
اتخذت الرواية مساراتٍ ثلاث ،هى :
_ المسار السياسي
_ المسار الثقافى
_المسار الفلسفى
*المسار السياسي:
الواقع أنَّ الأدب ليس مجرّد صورة للعصر ومرآةً
الحياة فحسب ، بل هو أجلُّ شأناً وأبعدُ أثراً ، فهو
بحساسيته الشفافة المرهفة، وعينُه اليقظة الساهرة،
وحرصه على استيعاب كل شئ والإحاطة بجميع نواحى الحياة ،يحاول أن يتابع الحياة فى تغيُّرها
المستمر ، ويلاحقها فى وثباتِها المتتابعة ، وتسجيل
تقلُّباتِها، ويرسم ظلالَها المتنوعة وألوانها العديدة .
واذا كانت السياسة فى أشمل معانيها : هى علاقة
الفرد بالمجتمع من ناحية ، وعلاقته بالدولة من
ناحية أخرى.
ولما كان الادب يقوم _كما هو معروف_ على المزاج
الفردى ،أدّى ذلك لأن ينكر بعضُ المفكرين علاقته
بالمجتمع وتأثّره بالدولة ، ويتساءلون:
ماشأنُ الكاتب بقيام الدول وسقوطها وتماسك الجماعاتِ أو انحلالها؟
ولكن الحقيقة أنّ العلاقة بين الأدب والسياسة علاقة قديمة ،ومازال الكاتبُ منذ نشأة الأدب وهو لسانُ قومه الناطق ، وقلبهم الخافق،فعندما يتحلّل
المجتمع ويشيعُ فيه الفساد يبدو فى حديثه القلق
والتبرُّم والألم والحزن المُوجِع،وليس من المستنكَر
فى العصر الحاضر الذى تضطربُ فيه أحوال المجتمعات الإنسانية،أن يُجبَر الكاتبُ على أن يفكّر
تفكيراً سياسياً ويطيل التأمُّل فى العلاقات الاجتماعية والاحوال العالمية، وليس في وسعه من
حيث هو إنسان أن يتخلّى عما عليه من واجبات.
*وفي هذا المسار :
كشف الكاتبُ القناعَ عن حقيقةِ الانظمةِ عبر
حِقَبٍ تاريخيةٍ متقاربة او متتالية :"حدّثنى رئيسُ
التحرير عن علاقةِ الاستاذ بالناصرية والشيوعية
والساداتيين ،والإخوان المسلمين"__(ص١٢)
فكشف عن طبيعة النظام الناصرى ومدى تناقضه ،
من خلال قوله : " أوّلُ مصريتى عبد الناصر .. أوّل رُعبى عبد الناصر"___(ص٦٧)
"جمال ياولدى ، خلق الاملَ والانكسار.."_(٥٣)
وتحدث عن مدي خطرِ الشيوعية:
" انا لاأخافُ على العالم الثالث من الرأسمالية ، فهى التصق بها حساسية خاصة عند الناس مرتبطة بالعدوان والاستعمار،ولكنى اخاف الشيوعية.."__(ص٥٦)
*وعن السادات والتطبيع مع إسرائيل..
*وعن مبارك والحرية المزعومة وفكرة التوريث:
"....وكان يرى أنّ مساحةَ الحريةَ الضئيلةَ التى يتشدَّقُ بها نظامُ مبارك تسمح له بنشر هذه الرواية التسجيلية…"_____(ص٥٤)
"بدات التصفياتُ السياسيةُ لبعض رجال الحزب الوطنى الذين عارضوا فكرةَ توريثِ الحكم من الرئيس محمد حسنى مبارك إلى نجله جمال مبارك"__(ص٢٧)
كما يتحدث عن ارتباط المال بالسلطة فى عهد مبارك ،من خلال ماقامت به "عائلة الدفراوي"
___(ص٢٨)
"..واختير بدلاً عنه أحد أفراد عائلة (الوزّان) الثريّة،
اختاروا عجوزاً متهالكاً طيّباً ومجاملا.."__(ص٢٥)
*اما الإخوان والجماعات الدينية :
"هناك جماعاتٌ دينيةٌ تنذر بالويلِ والثبور وعظائم الامور.."____(ص٢٦)
"واحذر من تسلُّل الذين يتخذون الدينَ شعاراً ..
احذر أن يكونوا خطابُهم الدينى والأيديولوجى
فى غفلةٍ منكم.."____(ص٦٦)
*وهذا الصراعُ الطويلُ بين الشيوعيةِ والإسلام:
"..إما الشيوعية واما الإسلام"___(ص٥٦)
"على بركة الله يارفاق..هكذا قال عبد الملك.
قال عبد القادر:على بركة(لينين)
وفى نهاية هذا المسار:
"قال: الحرية أولاً"___(ص٦٠)
"الحرية تبحث دائماً عن مكان تبزغ منه…"__(ص٦٦)
وهو يقصد بذلك القاعدة الصالحة لانطلاق الحرية بمعناها الصحيح..نظام يخلق التربةَ الصالحةَ لإنبات الحريةِ المنشودة ، والمناخ الصافي الذي لاتختنق فيه انفاسُ الحرية.
فجميعُها أنظمةٌ _ كما تم استعراضها _ لاتتناسب
ومعنى الحرية التى يطمح لها الشعب..
لماذا اختار الكاتب "الحرية" كمطلب أساسى من بين متطلبات الإنسان الهامة؟
الحقيقةُ أنّ "الحرية " هى التى تخلق إنساناً له كينونته المستقلة فى التعبير والإبداع والخلق ، وقد خلقه الله حرّاً ليكون مساهماً بحقّ فى إعمار الارض بفكره ويده، وكل من يُعيقُ تلك الحريةَ فهو يعيق كل طريقٍ للتقدم والرقي وصنعِ حضارة، وانَّه ماتخلّفت
الشعوبُ إلاّ بسبب الحجرِ او التضييق على حرياتها، فإن كانت الأنظمة تبحث عن مخرج لأزماتها ، أن تعطى الإنسانَ مساحاتِه الكافية منها ليقدِّمَ حلولَه وإبداعاته الفكرية والعلمية التى تنهض بالأمة.
الرسالةُ التى يريد الكاتب إيصالها ، رسالة "إطلاق
الحريات" وعدم تقييدها بالنظام والصبغة السياسية
.. وإن الحريةَ هى فى صالح النظام، وتقييدها نكالاً عليه، وكل نظام خانق للحرية هو نظامٌ يقتل نفسَه بنفسِه.
كمايجب علينا أن نفرّق بين عناية الكاتب بالسياسة فى الأمم الديمقراطية وعنايته بها في الأمم الديكتاتورية ...... فالكاتب السياسي فى الأمم الديكتاتورية مجرّد بوق من الأبواق ، لذا نلحظ انحطاط مستوى الأدب والفكر فى تلك الأمم ،
وتعليل ذلك: أنّ الكاتبَ الذى لايتيسّر له الخَلق فى أغلب الأوقات إلا إذا شعر بأنه حُر ،واطمأنت نفسُه،
والأدبُ الحق لايزدهر إلا حيث يشعر الكاتب بأنه
غير مُضطَّر لمصانعةِ الحاكمين ومداهمة الأحزاب.
*وكلُّ نظامٍ سياسي بالطبع يتبنَّى نظاماً اقتصادياً،
ويحتاج لمَن يدعمه فيما تبنّى ، فيحاول أن يحشدَ لأجل ذلك رجالاً فى كل المؤسسات تؤيد توجهاته:
" هل قالت لك لماذا كرهتُ السادات؟……….
دخلتُ بيته ياولدى فى قريته بميت أبو الكوم بالمنوفية،وجلست معه حول طاولة الطعام ، أكلت معه الدجاج بالطريقة البلدية،وطالبنى كونى واحداً من المثقفين الوطنيين،بضرورة التطبيع الاقتصادى
مع إسرائيل…كان كل شي جاهزاً ومُعدّاً سلفاً ، ماكان علىَّ إلا التوقيع مع الشركات الإسرائيلية.."
____(ص٥٣)
فليكن الكاتبُ سياسياً إذا شاء ، ولكن على شريطة
ألّا يتّخذَ الادبَ ذريعةّ من ذرائع الدولة ووسيلة من وسائل السياسة ، لأنه إذا فعل ذلك فسد أدبه وفقد
قيمته، فاستخدام الأدب للأغراض السياسية يجعله
يهبط عن مستواه الرفيع، والكاتبُ الذى يرى نفسَه
مسوقاً لوضع قصةّ أو رواية تُعلِن محاسن الشيوعية
أو النازية أو تدافع عن نظام ما ، سيجد نفسَه مضطراً إلى تشويه الحق ، ويُسخّر فنَّه لتدعيم مذهبه وإثبات وجهة نظره ، وستحفل رواياته بالشخصيات الزائفة والمواقف المصطنعة.
وقد أدرك السياسيون فرط عناية الكُتاب بالسياسة فحاولوا أن يجتذبوهم إلى مشكلاتهم الحزبية وخلافاتهم السياسية، وعمل بعضهم على الاستفادة
من أقلامهم واستثمار مواهبهم ، حتى كادت تنقلب.
الكتابة إلى نوع من الإعلان وضربٍ من ضروب الدعوة، فتفقد الرواية الكثير من صفاتها الفنية.
هذا ماقد يشير إليه الكاتب ضمنياً فيما سبق .
.......
نظام يأخذ بالاشتراكية" من عند خالك (ماوتسى تونج)__(ص٨٢)...
ونظام يعدل عنها إلى الرأسمالية" إن كنت تريدها مثل أوربا…"___(ص٨٠)
"احتار الشباب....ضاعت معالم القدوة بين اليمين واليسار ، وكلاهما صناعة غربية ،ترفض قيام هذه البلاد"___(ص٨٣)
وعليه ، فإن الكاتب يؤكد من خلال ذلك ، أن نتبنى
نظاماً اقتصادياً لاشرقياً ولاغربياً ، ولانكون تبعاً لأحد ، وأن يكون لنا نظاماً متوازناً لايجورُ على حقوقِ الفرد فى التملُّك وحرية استخدام رأس المال
فى الاستثمار، ولايجور على حقوقِ المجتمع والدولة فى حقهِما كشركاءَ فى العملية الإنتاجية
والاستثمارية.
*أعتقد أن الروايةَ مشروعٌ له إسهاماتُه التنويرية التى يجبُ الالتفاتَ اليها، وعدم النظر إليها على أنها عبث…فالأدب يقول مافى مكامن النفوس ويترجم
مافى عقولِ البشرِ بأسلوبٍ مؤثّر وينطق عن أمانيهم وأحلامهم وطموحاتهم ، والغفلة عن ذلك خسائر غير مأمونة العواقب.
.............................
يتبع ..
......