عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في العاصمة الأردنية عمان ، صدرت روايتي الجديدة بعنوان ( الغريب ) ويسعدني أن انقل لكم تقرير وكالة الأنباء الفلسطينية ( وفا) في تغطيتها الآعلامية للرواية .
======
الكاتب مبسلط يطرق أبواب القرى الشامية في أولى غزواته
التاريخ : 26/6/2008 الوقت : 11:22
ح+ . ح- . الإفتراضي
نابلس 26-6-2008 وفا- كتب جميل ضبابات
تجري الحياة بعفوية وبساطة وهدوء، في إحدى قرى بلاد الشام، ويعيش نحو خمسمائة مواطن دون تكليف مقيت، وبعيدا عن تعقيدات الحياة الاجتماعية المعاصرة، ويكونون منظومة اجتماعية متماسكة ومتينة تحكمها القيم والتقاليد ويسيرها المختار صاحب السلطة الاجتماعية الأعلى.
فجأة، يدخل غريب كجسم طارئ على الحياة الهادئة متسلحا بالمكر والدهاء، ويقلب حال القرية النموذج في رواية (الغريب) للأديب الفلسطيني زياد مشهور مبسلط، التي تدور أحداثها بشكل يمازج بين الكوميديا الجادة والهادفة والتراجيديا التي تحيط بأحداث ووقائع لا يمكن تجنبها.
والقرية النموذج المحكومة بأواصر المحبة والمودة والتفاهم تأخذ بتلقف الفتنة ويلحق فيها الدمار بسبب الغريب.
روايةُ (الغريب) التي صدرت حديثا في العاصمة الأردنية عمان، رواية فلسطينيّة، تدور أحداثها في خمسينيات القرنِ الماضي في قريةٍ صغيرةٍ جبليّة، وقودها شخوص تحرّكها متطلباتُ الحياةِ البسيطةِ التي تتجلّى إبانَ تلك الحقبة الزمنيّة في مناخٍ ريفيّ بسيط.
وهذه الرواية هي الأولى في مسيرة مبسلط الذي أصدر عددا من الدواوين الشعرية والمسرحيات، وقرر لاحقا الدخول إلى عالم الرواية من خلال غزو فضاء متخيل لقرية افتراضية تقع في بلاد الشام.
(الغريب) رواية أحداثها ومكانها، فضاء متخيل من نسج خيال الراوي، بينما تبدو التفاصيل والوقائع من البيئة الفلسطينية والعربية.
وهي تصلح لأن تكون بيئة لقرية أو ريف عربي في أي منطقة من بلاد الشام.
إنها أحداث تبدأ منذ خمسينيات القرن الماضي، وربما بدأت تتلاشى جزئيا مع آواخر السبعينات، مع أنها مازالت تترك أثرا لا يمكن تجاهله في البنية السلوكية الاجتماعية التي توارثتها الأجيال الريفية، فيما بعد وشكلت بناء ومؤثرا سلبيا في كينونتها وتركيبتها السيكولوجية، فتداخلت مع الواقع المعاش بشكل مباشر وغير مباشر وأثرت في الوضع الراهن كإرث اجتماعي وكان له بعيد الأثر في الأداء السلوكي الاجتماعي.
تستهلّ الرواية بالمفتتح الذي يرسمُ للقارئ ملامح القرية وعاداتها في سرديّة تصوريّة، لتتجسد أمام القارئ في البيئة الروائية المكانيّة والاجتماعيّة التي تكتنف أحداثها.
الرواية، حكايات تحتضنها قريةٌ جبليّة جميلة، يرسلُ صباحها خيوطه مصافحا أغصان الزيتونِ الخضراء، وتهفّ عليها النسائم عليلة، وكأنّها ترعى مسامعها لأيّامها المفعمة بنشوةٍ لذيذة.
يمتدّ سهلها الأخضر أسفل الجبل، وعلى أطرافها يقعُ كهف مهجور وبئرٌ عميقة، كانا محطّ الاعتقاد السائد آنذاك بكونهما مسكونَينِْ بالجنّ والأرواحِ الشريرة، ومنهما دالت على ألسنة الأهالي خرافاتٌ وإشاعاتٌ مرعبة.
هناك (عينُ البلد) ينبوع عذبٌ في الجهة الشماليّة للقرية، يستقي منه الناس لأنفسهم وبساتينهم ومواشيهم، وضفافه خصبة بأخبار العاشقين ولقاءاتِ العيون والابتسامات البريئة، دون سابقِ ميعاد.
وهناك (الطابون) معلمٌ معيشي عرفتْ به، وهو عبارة عن بناءٍ صغيرٍ من الحجارة، يُسقَفُ بفروعِ الزيتون والطين، لئلا تتسرب إليه الأمطار، له نافذةٌ صغيرة تسرب إليه بعض الضوء، وله باب يقود إلى حفرةٍ غير عميقة، تحمل قالب الطابون الطيني، مملوء بحصى مستديرة تسمى (الرضف)، كما تملأ جوانبه بالقش وورق الزيتون والحطب، لتوقد النار فيه مدة طويلة، وتعلوه قبةٌ تحوي فتحةً تغطى بغطاءٍ معدني ذي مقبض، بحيث يتمّ رفعه لإدخال الرغيف، ليخرج طريّاً برائحةٍ زكيّة بلديّة.
تجري لهجة أهل القريّة على تخفيف حرف (القاف) إلى (كاف)، بينما يلفظون (الكاف) (تشـ)، و(الضاد) تغدو (ظاء)، فالقهوة (كَهوة)، و(يحكي) (يحتشي)، و(مريض) (مريظ)، وهلمّ جرّاً.
ولا يخفى على أهالي القرية أحوال بعضهم بعضاً، فما إن يغادر أحدهم إلى المدينة لأيِّ حاجة، تراهم عند عودته متهللين ومهنئين بالسلامة.
وقد كانوا حين مغادرته مودعين وداعين له بالتوفيق والغنيمة.
وإذا رافقته زوجته فإنها تتبعه وتسير خلفه ببضعة أمتار، فمن العيب أن تمشي بجواره، وإذا ما تاهت عنه لطول المسافة، فإنه يحملها مسؤوليّة شرودها وضياعها وقلة انتباهها!!
أما السلطة العليا، فإنها تتمثل في مختار القرية، الذي ُيعدّ بيته مقرا شعبيا يؤمه الأهالي لشرح مشاكلهم وهمومهم، راجين الحلّ لها، أو الاكتفاء بسماع مشورته ورأيه.
وهو دائما يردد'ربنا يديم المحبة'، وهي أمنية الأهالي التي يرددونها في دعواتهم.
لا يستطيع أحد التمييز بين أهل القرية، مسلميها ومسيحييها، العادات واحدة، والتقاليد متشابهة، وتسود بين الجميع الألفة والمودة والتعاون، آمالهم واحدة، وأفراحهم واحدة، وبالمقابل فأحزانهم وأتراحم واحدة أيضاً.
فأهلها الذين لا يزيد عددهم على الخمسمائة، تربطهم علاقات القرابة والمصاهرة والصداقة، فهم على قلبٍ واحد، ويحلو لهم أن يطلقوا على قريتهم (قرية المحبة).
وبالرغم من بعض المنغصات المعيشية التي تعكر حياتهم، كالفقر مثلاً الذي يضطر بعضهم للجوء إلى المرابي (الدبور) الذي لا يفتأ باستغلال حاجتهم، وإثقال كواهلهم بالقروض وفوائدها، فإنهم يصرون على هذه التسمية إما على سبيل المجاملة، وإما أنها قناعة كبيرة تولدت لهم على مرّ الأيام.
في الرواية يظهر التعاون متين يقوي أواصر التكافل بينهم، فتراهم يغدون مع الفجر إلى حقولهم وبساتينهم، وتراهم كيَدٍ واحدة عندما يحين جني المحاصيل، ويساعدون بعضهم في ترميم بيوتهم بالطين، وفي الإعداد والتجهيز للمناسبات والأفراح.
وفي ليالي الشتاء تراهم متحلقين حول النار، حيث تطيب المسامرة وحكايات الراعي مسعود، كحكاية الزير سالم، وتغريبة بني هلال والغولة، وغيرها.
حفلت الرواية بشخصياتُ رئيسة مثل (الحاج أبو سليمان) المختارُ وصاحب السلطةِ العليا فيها (ضرغام): وهو من أبناءِ عمومة المختار، من أثرياءِ القرية رجلٌ مقدامٌ شجاعٌ يحبّه الأهالي، ويسمونه بـ(القبضاي) لما عرفوا فيه من المبادرة لنصرة الحقّ والدفاعِ عن المظلوم.
(الشيخ عبّاس): إمام مسجدِ القرية، رجلٌ ضريرٌ جاوز الستين عاماً، يشعّ من محياه نور الإيمانِ والسكينة، يفيضُ بالطيبة والزهد، يحبّه أهل القرية ويتسارعون إلى مساعدته، والحصول على حاجاته اليسيرة.
(الشيخ سالم): مدير المدرسة الابتدائيّة الوحيدة في القرية، رجلٌ وقورٌ حازم حريص على العلم، ليس من أهل القرية، لكنّه حظي باحترامٍ كبيرٍ من أهلها حتى إنّهم ليعدونه واحداً منهم.
(صفيّة): أم طلال من الوجوه النسائيّة البارزة، تربطها علاقة قرابة بعيدة بالمختار، طبّاخةٌ ماهرة يذيعُ صيتها في القرية لتتولى الإشراف على الطبخ في الأعراس والمناسبات، وفوق هذا فهي ثرثارةٌ لا يشقّ لها غبار.
(طلال): طفل في الثانية عشرة من عمره، ذكي ومتفوق، شهم يتطوع لمساعدةِ المحتاجين خصوصاً الشيخ عباس إمام المسجد الذي يحرص على مرافقته، بيد أنّه ورث من أمّه صفة الثرثرة والفضول وحبّ الجدل.
(حنّا): حلاق القرية، وابن العائلة المسيحية التي سكنت القرية منذ أمدٍ بعيد، مشهورٌ بعدته الأثرية للحلاقة، والكالونيا العجيبة التي يصرّ على إكرام زبائنه بها، وإلى جانبِ ذلك فهو يمارسُ مهنة طبّ الأسنانِ بأداوتهِ المعمّرة إياها.
(الدبور): المرابي، طمّاع حقود حسود، يضطّر الفقر ببعض الأهالي إلى اللجوء إليه، فيثقل كواهلهم بقروضه الربوية التي يضاعفها أضعافاً كثيرة تعجزهم عن السداد.
(الغريب): شخصية مثيرة للشك والريبة في مظهره الخارجي وابتسامته الصفرواية وتصرفاته وسلوكياته يدخل القرية وتجري أحداث وتطورات وعلى رأسها الفتنة وإلحاق الضرر والأذى بالقرية وأهلها.
ويستمر التساؤل في الرواية عن طبيعة هذا الغريب وسبب قدومه وماذا يريد؟.
هناك شخصيات نسائية في الرواية وأهمها (فريدة)، زوجة الدبور يكون لها مواقف وتصرفات، وشخصية أخرى هي (صبرية) تتعرض لظروف قاسية جدا.
وهناك شخصية (أحمد ومحمود) التوأمين اليتيمين الذين يكونان رمزا للمحبة والمودة والتفاهم والتعاون.
(الغريب) الرواية التي تعيد القارئ إلى مناخات منتصف القرن الماضي سيجري ترجمتها إلى عدة لغات أجنبية ومنها الإنجليزية، الفرنسية والأسبانية وهناك توقعات بان يتم تحويلها إلى دراما تلفزيونية.
ــــــــ
ج. ض (11.20 ف) ، (08.20 جمت)
أرسلت بتاريخ: 2008/7/7 13:14
_________________
مع تحيات /
زيــاد مشهور مبسلط
شاعر واديب فلسطيني
الموقع الشخصي الخاص
======
الكاتب مبسلط يطرق أبواب القرى الشامية في أولى غزواته
التاريخ : 26/6/2008 الوقت : 11:22
ح+ . ح- . الإفتراضي
نابلس 26-6-2008 وفا- كتب جميل ضبابات
تجري الحياة بعفوية وبساطة وهدوء، في إحدى قرى بلاد الشام، ويعيش نحو خمسمائة مواطن دون تكليف مقيت، وبعيدا عن تعقيدات الحياة الاجتماعية المعاصرة، ويكونون منظومة اجتماعية متماسكة ومتينة تحكمها القيم والتقاليد ويسيرها المختار صاحب السلطة الاجتماعية الأعلى.
فجأة، يدخل غريب كجسم طارئ على الحياة الهادئة متسلحا بالمكر والدهاء، ويقلب حال القرية النموذج في رواية (الغريب) للأديب الفلسطيني زياد مشهور مبسلط، التي تدور أحداثها بشكل يمازج بين الكوميديا الجادة والهادفة والتراجيديا التي تحيط بأحداث ووقائع لا يمكن تجنبها.
والقرية النموذج المحكومة بأواصر المحبة والمودة والتفاهم تأخذ بتلقف الفتنة ويلحق فيها الدمار بسبب الغريب.
روايةُ (الغريب) التي صدرت حديثا في العاصمة الأردنية عمان، رواية فلسطينيّة، تدور أحداثها في خمسينيات القرنِ الماضي في قريةٍ صغيرةٍ جبليّة، وقودها شخوص تحرّكها متطلباتُ الحياةِ البسيطةِ التي تتجلّى إبانَ تلك الحقبة الزمنيّة في مناخٍ ريفيّ بسيط.
وهذه الرواية هي الأولى في مسيرة مبسلط الذي أصدر عددا من الدواوين الشعرية والمسرحيات، وقرر لاحقا الدخول إلى عالم الرواية من خلال غزو فضاء متخيل لقرية افتراضية تقع في بلاد الشام.
(الغريب) رواية أحداثها ومكانها، فضاء متخيل من نسج خيال الراوي، بينما تبدو التفاصيل والوقائع من البيئة الفلسطينية والعربية.
وهي تصلح لأن تكون بيئة لقرية أو ريف عربي في أي منطقة من بلاد الشام.
إنها أحداث تبدأ منذ خمسينيات القرن الماضي، وربما بدأت تتلاشى جزئيا مع آواخر السبعينات، مع أنها مازالت تترك أثرا لا يمكن تجاهله في البنية السلوكية الاجتماعية التي توارثتها الأجيال الريفية، فيما بعد وشكلت بناء ومؤثرا سلبيا في كينونتها وتركيبتها السيكولوجية، فتداخلت مع الواقع المعاش بشكل مباشر وغير مباشر وأثرت في الوضع الراهن كإرث اجتماعي وكان له بعيد الأثر في الأداء السلوكي الاجتماعي.
تستهلّ الرواية بالمفتتح الذي يرسمُ للقارئ ملامح القرية وعاداتها في سرديّة تصوريّة، لتتجسد أمام القارئ في البيئة الروائية المكانيّة والاجتماعيّة التي تكتنف أحداثها.
الرواية، حكايات تحتضنها قريةٌ جبليّة جميلة، يرسلُ صباحها خيوطه مصافحا أغصان الزيتونِ الخضراء، وتهفّ عليها النسائم عليلة، وكأنّها ترعى مسامعها لأيّامها المفعمة بنشوةٍ لذيذة.
يمتدّ سهلها الأخضر أسفل الجبل، وعلى أطرافها يقعُ كهف مهجور وبئرٌ عميقة، كانا محطّ الاعتقاد السائد آنذاك بكونهما مسكونَينِْ بالجنّ والأرواحِ الشريرة، ومنهما دالت على ألسنة الأهالي خرافاتٌ وإشاعاتٌ مرعبة.
هناك (عينُ البلد) ينبوع عذبٌ في الجهة الشماليّة للقرية، يستقي منه الناس لأنفسهم وبساتينهم ومواشيهم، وضفافه خصبة بأخبار العاشقين ولقاءاتِ العيون والابتسامات البريئة، دون سابقِ ميعاد.
وهناك (الطابون) معلمٌ معيشي عرفتْ به، وهو عبارة عن بناءٍ صغيرٍ من الحجارة، يُسقَفُ بفروعِ الزيتون والطين، لئلا تتسرب إليه الأمطار، له نافذةٌ صغيرة تسرب إليه بعض الضوء، وله باب يقود إلى حفرةٍ غير عميقة، تحمل قالب الطابون الطيني، مملوء بحصى مستديرة تسمى (الرضف)، كما تملأ جوانبه بالقش وورق الزيتون والحطب، لتوقد النار فيه مدة طويلة، وتعلوه قبةٌ تحوي فتحةً تغطى بغطاءٍ معدني ذي مقبض، بحيث يتمّ رفعه لإدخال الرغيف، ليخرج طريّاً برائحةٍ زكيّة بلديّة.
تجري لهجة أهل القريّة على تخفيف حرف (القاف) إلى (كاف)، بينما يلفظون (الكاف) (تشـ)، و(الضاد) تغدو (ظاء)، فالقهوة (كَهوة)، و(يحكي) (يحتشي)، و(مريض) (مريظ)، وهلمّ جرّاً.
ولا يخفى على أهالي القرية أحوال بعضهم بعضاً، فما إن يغادر أحدهم إلى المدينة لأيِّ حاجة، تراهم عند عودته متهللين ومهنئين بالسلامة.
وقد كانوا حين مغادرته مودعين وداعين له بالتوفيق والغنيمة.
وإذا رافقته زوجته فإنها تتبعه وتسير خلفه ببضعة أمتار، فمن العيب أن تمشي بجواره، وإذا ما تاهت عنه لطول المسافة، فإنه يحملها مسؤوليّة شرودها وضياعها وقلة انتباهها!!
أما السلطة العليا، فإنها تتمثل في مختار القرية، الذي ُيعدّ بيته مقرا شعبيا يؤمه الأهالي لشرح مشاكلهم وهمومهم، راجين الحلّ لها، أو الاكتفاء بسماع مشورته ورأيه.
وهو دائما يردد'ربنا يديم المحبة'، وهي أمنية الأهالي التي يرددونها في دعواتهم.
لا يستطيع أحد التمييز بين أهل القرية، مسلميها ومسيحييها، العادات واحدة، والتقاليد متشابهة، وتسود بين الجميع الألفة والمودة والتعاون، آمالهم واحدة، وأفراحهم واحدة، وبالمقابل فأحزانهم وأتراحم واحدة أيضاً.
فأهلها الذين لا يزيد عددهم على الخمسمائة، تربطهم علاقات القرابة والمصاهرة والصداقة، فهم على قلبٍ واحد، ويحلو لهم أن يطلقوا على قريتهم (قرية المحبة).
وبالرغم من بعض المنغصات المعيشية التي تعكر حياتهم، كالفقر مثلاً الذي يضطر بعضهم للجوء إلى المرابي (الدبور) الذي لا يفتأ باستغلال حاجتهم، وإثقال كواهلهم بالقروض وفوائدها، فإنهم يصرون على هذه التسمية إما على سبيل المجاملة، وإما أنها قناعة كبيرة تولدت لهم على مرّ الأيام.
في الرواية يظهر التعاون متين يقوي أواصر التكافل بينهم، فتراهم يغدون مع الفجر إلى حقولهم وبساتينهم، وتراهم كيَدٍ واحدة عندما يحين جني المحاصيل، ويساعدون بعضهم في ترميم بيوتهم بالطين، وفي الإعداد والتجهيز للمناسبات والأفراح.
وفي ليالي الشتاء تراهم متحلقين حول النار، حيث تطيب المسامرة وحكايات الراعي مسعود، كحكاية الزير سالم، وتغريبة بني هلال والغولة، وغيرها.
حفلت الرواية بشخصياتُ رئيسة مثل (الحاج أبو سليمان) المختارُ وصاحب السلطةِ العليا فيها (ضرغام): وهو من أبناءِ عمومة المختار، من أثرياءِ القرية رجلٌ مقدامٌ شجاعٌ يحبّه الأهالي، ويسمونه بـ(القبضاي) لما عرفوا فيه من المبادرة لنصرة الحقّ والدفاعِ عن المظلوم.
(الشيخ عبّاس): إمام مسجدِ القرية، رجلٌ ضريرٌ جاوز الستين عاماً، يشعّ من محياه نور الإيمانِ والسكينة، يفيضُ بالطيبة والزهد، يحبّه أهل القرية ويتسارعون إلى مساعدته، والحصول على حاجاته اليسيرة.
(الشيخ سالم): مدير المدرسة الابتدائيّة الوحيدة في القرية، رجلٌ وقورٌ حازم حريص على العلم، ليس من أهل القرية، لكنّه حظي باحترامٍ كبيرٍ من أهلها حتى إنّهم ليعدونه واحداً منهم.
(صفيّة): أم طلال من الوجوه النسائيّة البارزة، تربطها علاقة قرابة بعيدة بالمختار، طبّاخةٌ ماهرة يذيعُ صيتها في القرية لتتولى الإشراف على الطبخ في الأعراس والمناسبات، وفوق هذا فهي ثرثارةٌ لا يشقّ لها غبار.
(طلال): طفل في الثانية عشرة من عمره، ذكي ومتفوق، شهم يتطوع لمساعدةِ المحتاجين خصوصاً الشيخ عباس إمام المسجد الذي يحرص على مرافقته، بيد أنّه ورث من أمّه صفة الثرثرة والفضول وحبّ الجدل.
(حنّا): حلاق القرية، وابن العائلة المسيحية التي سكنت القرية منذ أمدٍ بعيد، مشهورٌ بعدته الأثرية للحلاقة، والكالونيا العجيبة التي يصرّ على إكرام زبائنه بها، وإلى جانبِ ذلك فهو يمارسُ مهنة طبّ الأسنانِ بأداوتهِ المعمّرة إياها.
(الدبور): المرابي، طمّاع حقود حسود، يضطّر الفقر ببعض الأهالي إلى اللجوء إليه، فيثقل كواهلهم بقروضه الربوية التي يضاعفها أضعافاً كثيرة تعجزهم عن السداد.
(الغريب): شخصية مثيرة للشك والريبة في مظهره الخارجي وابتسامته الصفرواية وتصرفاته وسلوكياته يدخل القرية وتجري أحداث وتطورات وعلى رأسها الفتنة وإلحاق الضرر والأذى بالقرية وأهلها.
ويستمر التساؤل في الرواية عن طبيعة هذا الغريب وسبب قدومه وماذا يريد؟.
هناك شخصيات نسائية في الرواية وأهمها (فريدة)، زوجة الدبور يكون لها مواقف وتصرفات، وشخصية أخرى هي (صبرية) تتعرض لظروف قاسية جدا.
وهناك شخصية (أحمد ومحمود) التوأمين اليتيمين الذين يكونان رمزا للمحبة والمودة والتفاهم والتعاون.
(الغريب) الرواية التي تعيد القارئ إلى مناخات منتصف القرن الماضي سيجري ترجمتها إلى عدة لغات أجنبية ومنها الإنجليزية، الفرنسية والأسبانية وهناك توقعات بان يتم تحويلها إلى دراما تلفزيونية.
ــــــــ
ج. ض (11.20 ف) ، (08.20 جمت)
أرسلت بتاريخ: 2008/7/7 13:14
_________________
مع تحيات /
زيــاد مشهور مبسلط
شاعر واديب فلسطيني
الموقع الشخصي الخاص
تعليق