قصيدة في سور الصين العظيم
شعر: نور الدين صمود (تونس)
(زار الشاعر محطة من سور الصين يوم 1/9/2000 وناهز فى صعوده 800 درجة)
لهاثُ يَهُزُّ الصدورْ
ويبعث فيها لهيبَ اللظَى الحارقِ
وخفْقُ يرجُّ القلوبْ
فتغدو ترفرف كالنَّسر من حالقِ
وتُشرفُ من فوق طَوْدٍ يُسامِقُ طودَا
يتوجها السُّورُ، يحرُسُها فى السهولْ
ويحرسها فى الجبالْ
وتنزل وهْداً يسابقُ وهْدا
فأشعرُ بالرَّهبَةِ الآسِرهْ
وتملكنى الفزعةُ القاهرةِْ
وتَجذِبنى القمة النافرةْ
فتوشكُ تَنْبَتُّ فى الصدر أنفاسيَهْ
إذا ما وقفتُ على الذَّروةِ العاليةْ
وتأخذنى رهبةُ فى الصعودْ
وتغمرنى رهبةُ فى النزولْ
وتجذبنى الوهْدةُ النائيةْ
وينداحُ فى الأفْقِ هذا الفضاءُ العريضْ
يُغَطِّى رؤوسَ الجبالْ
ويَصْغُرُ تحت عيونى الحضيضْ
ويُصبحُ صعب المنالْ
***
حسدتُ النسورَ التى حلّقتْ فى السماءْ
وصانتْ عنانَ الفضاءْ
وجابت أقاصى الحدودْ
لِتَشْهَدَ سُوراً تَمَدّدَ تِنّينُه حارساً للبلادْ
وأرهبَ فى غابرِ الدهرِ أقسَى القلوبْ
وأيقظ فى النفس أروعَ حِسّ
وأرهبنى فى الصعودْ
وقد رُمْتُ نَيَلَ الذُّرَى
فأحسستُ أن الهواء بصدرى احتبسْ
وأرهبنى فى النزولْ
إذا رمتُ، فى السفحِ، نَيْلَ الثَّرَى
فكاد يُبَتُّ بصدرى النفسْ
وأوشكت‘ أبصر، من حوله، فى قديم الزمانْ
ألوفَ العبيدْ
جياعاً حفاةً عراةْ
بهذا المكانْ
تسخِّرهم صفعاتُ السياطْ
فتخفُقُ تلك القلوبْ
ويوشك يُقْطَعُ منها النِّياطْ
وأوشِكُ أسمع منهم شَجِىَّ العويلْ
وأُوشكُ أسمع رَجْعَ الصدَى
يُصَعِّدُهُ السّفْحُ نحْو الذُّرَى
ويمتد فوق السهولْ.
***
تأوُّهُهُمْ عند دفْعِ الصخورْ
كوقع المعاولِ يُؤْلِمُ سمعى
وزفرتهمْ عند رفْعِ البناءْ
تظل، من العين، تعصر دمى
وتغسلنى بصبيبِ العَرقْ
وفى الليل تملأُ سمعى
بأشجى نحيبْ
وتسكبُ فى المقلتيْن سيولَ الأرقْ.
***
وعُدتُ إلى السُّور كيما أراهْ
بعين خيالى
فأبصرتُه للمعاناةِ، رمزاً فريدْ
وخُيّلَ لى أننى قد كتبتُ قصيدْ
يهُزُّ المشاعرَ عذباً جديدْ
وأوشِكُ أسمعُ للحرف، حين يُخَطُّ، صداهْ
فإن المعاناةَ مثل اعتلاءِ الجبالِ.
تعليق