وقفة مع بعض علماء الصين المسلمين
عبد الله آدم -بكين
شهدت الصين في تاريخها القديم والحديث نخبة متميزة من العلماء المسلمين الذين أثروا حياتها في كل مجالات المعرفة وتركوا بصمة انتزعت اعتراف الجميع.
ففي القرن الخامس عشر الميلادي عرفت الصين أمهر بحار على مدى الحقب المختلفة هو العالم البحري الكبير تشنغ خه الذي مخر عباب المحيط الهادي الغربي والمحيط الهندي بأضخم أسطول صيني بحري عرفه العالم وقتذاك.
وتعتبر نشاطات تشنغ خه في الملاحة أبكر بنصف قرن من كشف كريستوفر كولومبوس الإيطالي للعالم الجديد وكشف فاسكو دي غاما البرتغالي الطريق البحري الجديد من أوروبا إلي آسيا مرورا برأس الرجاء الصالح ورحلة ماجيلان البرتغالي إلى جزر الفليبين عبر المحيط الهادي.
كانت رحلات تشنغ خه هادفة للسعي وراء السلم والتجارة وإقامة العلاقات الدبلوماسية والتبادل الثقافي بين الصين والبلدان الأخرى لا إلى شن الحروب العدوانية أو ممارسة الهيمنة.
ولد تشنغ خه عام 1371 ميلادية لأسرة مسلمة من قومية هوي، بمقاطعة يوننان جنوبي الصين. وكان اسمه الأصلي ما سان باو.
صعد خه في سلم المجد مبكرا فأوكلت له أسرة مينغ الحاكمة عام 1405مهمة قيادة أسطول بحري تألف من 27800 رجل من مختلف التخصصات مستغلين 62 سفينة للبضائع والمجوهرات و700 سفينة للخيول و240 سفينة للمؤن و300 سفينة للجنود و100 سفينة حربية.
ووصل هذا الأسطول الضخم إلى جنوبي فيتنام أولا فجاوة وجيوقانغ وسومطرة في إندونيسيا ومالابار وكولي على ساحل الهند الغربي وسيلان وغيرها ثم عاد للصين عام 1407م ليقابل بحفاوة كبيرة. وبعد ذلك سافر تشنغ خه رسولا في ست رحلات بحرية أخرى. وقد استغرقت رحلاته السبع 28 سنة.
خريطة للملاحة
وتعتبر خريطة الملاحة التي وضعها تشنغ خه ذات أهمية كبيرة في الدراسات الجغرافية الصينية مما أكسبه احتراما كبيرا في نفوس أبناء الشعب الصيني والشعوب الآسيوية إلى يومنا هذا. وتوفي عام 1435 وهو في الخامسة والستين من العمر.
وفي ثلاثينيات القرن الماضي عاش العالمان المسلمان نا تشونغ ومحمد مكين اللذان درسا في الأزهر عامي 1931 و1932 حيث حصل الأول على شهادة (العالمية) ليكون أول طالب صيني ينالها.
وبعدها تنقل في عدد من المعاهد والجامعات الصينية أستاذا للتاريخ واللغة العربية ومن أهم مؤلفاته (تاريخ حضارة البلدان الإسلامية) باللغة الصينية.
ومنذ عام 1949 ألف تشونغ مجموعة من الكتب عن الإسلام والتاريخ الإسلامي. وشارك في العديد من المؤتمرات الإسلامية في باكستان والجزائر ببحوث قيمة عن الإسلام.
أما رفيق دربه مكين فهو أحد أكبر العلماء المسلمين وأشهر الأساتذة المستعربين في تاريخ الصين الحديث حيث تخرج في دار المعلمين بالقاهرة عام 1939، ثم كرس حياته للترجمة الكاملة لمعاني القرآن الكريم من أجل مساعدة المسلمين الصينيين في تخطي حاجز اللغة.
كما سعى مكين لخلق تبادل ثقافي بين الصين والعرب من خلال ترجمته لكتاب الحكيم الصيني كونفوشيوس (كتاب الحوار) وكتاب (الأساطير الصينية) و(الأمثال والحكم الصينية). وهناك اليوم عدد من القادة المسلمين لكنهم جميعا تحت عباءة الحزب الشيوعي ونشاطهم العلمي غير معروف.
كما يعتبر المؤرخ سون شيان أحد العلماء البارزين وهو الذي استطاع أن يعرب المخطوطات الأصلية لكتاب (وصفات خوي خوي) الطبية. وتعتبر هذه المخطوطات في معظمها مستمدة من كتب ابن سينا الذي يقال إن أحد تلامذته كان صينيا.
يذكر أن بين القوميات الصينية الست والخمسين 10 قوميات تعتنق الإسلام، أبرزها قوميتا هوي والويغور.
المصدر: الجزيرة نت
تعليق