يبدو أن ثمة مشكلة في تعريب كلمة
vigilante
فقد شاهدتُ مؤخرا فيلم The Batman على شاشات السينما (ما يجعلنا نفترض أن الترجمة "رسمية" ولا أعلم لماذا نفترض ذلك عادةً، فهي ترجمة مرئية مثل غيرها من الترجمات، ما علينا!) فترجمها مترجم العمل إلى:
"حارس مستقل"
وهذه محاولة تعريبية تستحق الفحص والدراسة، وهو ما سنسعى إليه أدناه.
ثم شاهدتُ فيلما آخر ترجمه الأخ علي طلال، فلما واجهتْه الكلمة نفسها ترجمها إلى:
"القصّاص"
وهي كذلك محاولة تعريبية جريئة، وإن اعترضها الاختلاف اللفظي والدلالي.
على أي حال، دعونا ننظر أولا في التعريف المعجمي للمفردة في القواميس الإنجليزية، وهو حسب أوكسفورد:
أعتقد أن المشكلة التي تعترض تقديم مقابل معقول ومنطقي لتلك المفردة تتجلى بالاختلاف الثقافي، فهذا المفهوم غير موجود في الثقافة الإسلامية (والإسلامية تحديدا)، ومن ثم يصعب تصوره بسبب هذه العدمية، لأن المسألة تتعلق تحديدا بالقانون، وغياب القانون. والتاريخ العربي الذي انضوى تحت القانون الإسلامي (الشريعة) على ما يربو على 1400 عام يغلب على ظننا عدم وجود مشكلة غياب القانون في مفاهيمه أو تصوراته، أو فساده فسادا يدفع أفرادا بعينهم إلى تطبيق ما يعتقدون أنه قانون أو عدالة بأيديهم. في حين أن المفهوم تبلور في الغرب لأن أفرادا أو مجموعات شعروا بغياب القانون أو عدم كفاءته، فلجأ أحد أو نفر منهم إلى تطبيق ما يعتقدون أنه صحيح القانون، سواء برضا المجتمع أو عدم رضاه.
ويبدو أن كلمة vigilante مشتقة من الأسبانية والأصل فيها الصفة vigilant أي اليقظ أو المحترس. ولعل هذا ما يفسر لجوء مترجم السينما المذكور آنفا إلى تعريب "حارس مستقل"، لكنه حل غير مكافئ من الناحية الترادفية (كلمة مقابل كلمة) بل كلمة مقابل معنى، هذا إذا سلمنا جدلا أن vigilante يقابل معناها ودلالتها بدرجة معينة "حارس مستقل"، فربما يجوز ذلك أو لا يجوز.
ومن جهة أخرى، نجد أن الحل الذي قدمه علي طلال "القصّاص" جريء نوعا ما، لأنه سعى لمقابلة المفردة بمفردة يعتقد أنها مكافئة، ولو نسبيا. لكن من الناحية اللغوية، قصّاص تأتي من "قصّ" ولها معان متعددة مثل: حكى وأخبر وقطع، وما نحو ذلك. ويثير اهتمامنا هنا عبارة "قصّ أظافر المجرم: أي ردعه. وعبارة: "قصّ جناح فلان: أي أضعفه". فلعل المترجم لجأ درجات المعنيين الأخيرين، بيد أن ثمة من يقول إنه لو استخدم كلمة "مقتص" لكان حلا أسلم. فاقتصّ تشير إلى أخذ القصاص، الذي هو "أَن يُوقَّعَ على الجاني مثلُ ما جَنَى" (المعاني) أي النفس بالنفس والجرح، وهكذا؛ وهو ما قد يجادل أحدهم فيه أنه معنى يوازي مفهوم Vigilante بنسبة معينة، ولا يطابقه تماما. على أن هذا الحل الترجمي ينطوي على إشكاليات كثيرة، ولا أظنه حلا حاسما أو نهائيا.
شاهدنا في السينما الأمريكية وبكثرة نماذج كثيرة تعالج مسألة Vigilante ولا ينحصر ذلك في أفلام المجلات الهزلية Comics بل يتجاوزها إلى أعمال أخرى لعل أوضحها سلسلة أفلام Death Wish وبطلها النجم الأمريكي الراحل تشارلز برونسون.
ما رأيك أخي المترجم وأختي المترجمة؟
vigilante
فقد شاهدتُ مؤخرا فيلم The Batman على شاشات السينما (ما يجعلنا نفترض أن الترجمة "رسمية" ولا أعلم لماذا نفترض ذلك عادةً، فهي ترجمة مرئية مثل غيرها من الترجمات، ما علينا!) فترجمها مترجم العمل إلى:
"حارس مستقل"
وهذه محاولة تعريبية تستحق الفحص والدراسة، وهو ما سنسعى إليه أدناه.
ثم شاهدتُ فيلما آخر ترجمه الأخ علي طلال، فلما واجهتْه الكلمة نفسها ترجمها إلى:
"القصّاص"
وهي كذلك محاولة تعريبية جريئة، وإن اعترضها الاختلاف اللفظي والدلالي.
على أي حال، دعونا ننظر أولا في التعريف المعجمي للمفردة في القواميس الإنجليزية، وهو حسب أوكسفورد:
a member of a self-appointed group of citizens who undertake law enforcement in their community without legal authority, typically because the legal agencies are thought to be inadequate
أما قاموس وبستر فيقول ما يلي:a member of a volunteer committee organized to suppress and punish crime summarily (as when the processes of law are viewed as inadequate)
broadly : a self-appointed doer of justice
وهذا يكفي، فمعظم القواميس الأخرى تدور حول هذا المعنى.broadly : a self-appointed doer of justice
أعتقد أن المشكلة التي تعترض تقديم مقابل معقول ومنطقي لتلك المفردة تتجلى بالاختلاف الثقافي، فهذا المفهوم غير موجود في الثقافة الإسلامية (والإسلامية تحديدا)، ومن ثم يصعب تصوره بسبب هذه العدمية، لأن المسألة تتعلق تحديدا بالقانون، وغياب القانون. والتاريخ العربي الذي انضوى تحت القانون الإسلامي (الشريعة) على ما يربو على 1400 عام يغلب على ظننا عدم وجود مشكلة غياب القانون في مفاهيمه أو تصوراته، أو فساده فسادا يدفع أفرادا بعينهم إلى تطبيق ما يعتقدون أنه قانون أو عدالة بأيديهم. في حين أن المفهوم تبلور في الغرب لأن أفرادا أو مجموعات شعروا بغياب القانون أو عدم كفاءته، فلجأ أحد أو نفر منهم إلى تطبيق ما يعتقدون أنه صحيح القانون، سواء برضا المجتمع أو عدم رضاه.
ويبدو أن كلمة vigilante مشتقة من الأسبانية والأصل فيها الصفة vigilant أي اليقظ أو المحترس. ولعل هذا ما يفسر لجوء مترجم السينما المذكور آنفا إلى تعريب "حارس مستقل"، لكنه حل غير مكافئ من الناحية الترادفية (كلمة مقابل كلمة) بل كلمة مقابل معنى، هذا إذا سلمنا جدلا أن vigilante يقابل معناها ودلالتها بدرجة معينة "حارس مستقل"، فربما يجوز ذلك أو لا يجوز.
ومن جهة أخرى، نجد أن الحل الذي قدمه علي طلال "القصّاص" جريء نوعا ما، لأنه سعى لمقابلة المفردة بمفردة يعتقد أنها مكافئة، ولو نسبيا. لكن من الناحية اللغوية، قصّاص تأتي من "قصّ" ولها معان متعددة مثل: حكى وأخبر وقطع، وما نحو ذلك. ويثير اهتمامنا هنا عبارة "قصّ أظافر المجرم: أي ردعه. وعبارة: "قصّ جناح فلان: أي أضعفه". فلعل المترجم لجأ درجات المعنيين الأخيرين، بيد أن ثمة من يقول إنه لو استخدم كلمة "مقتص" لكان حلا أسلم. فاقتصّ تشير إلى أخذ القصاص، الذي هو "أَن يُوقَّعَ على الجاني مثلُ ما جَنَى" (المعاني) أي النفس بالنفس والجرح، وهكذا؛ وهو ما قد يجادل أحدهم فيه أنه معنى يوازي مفهوم Vigilante بنسبة معينة، ولا يطابقه تماما. على أن هذا الحل الترجمي ينطوي على إشكاليات كثيرة، ولا أظنه حلا حاسما أو نهائيا.
شاهدنا في السينما الأمريكية وبكثرة نماذج كثيرة تعالج مسألة Vigilante ولا ينحصر ذلك في أفلام المجلات الهزلية Comics بل يتجاوزها إلى أعمال أخرى لعل أوضحها سلسلة أفلام Death Wish وبطلها النجم الأمريكي الراحل تشارلز برونسون.
ما رأيك أخي المترجم وأختي المترجمة؟
تعليق