<div class="comText"><font size="5">في الترجمةِ الدينية: كتابٌ قاموس<br /><br />د./ محمد فوزى </font><a href="mailto:muhammadfi@yahoo.com"><font color="#008000" size="5">muhammadfi@yahoo.com</font></a><br /><br /><font size="5">الإهداء<br /><br />إلى أستاذى الذى علمنى وساندنى كثيراً.. إلى عالم الترجمة الأشهر فى وطننا العربى, والذى طالما حَلُمْتُ أن أَضَعَ كتاباً يقومُ هو بتصديره, أستاذ اللغة الإنجليزية وآدابها بكلية الآداب - جامعة القاهرة, الأستاذ الدكتور <br />محمد محمد محمد عنانى أهدى هذا الكتاب<br /><br />تصدير <br />مقدمة<br /><br />بسم الله, والحمد لله, والصلاة والسلام على خاتم رسل الله.<br /><br />وبعد فهذا كتابٌ أسميته "فى الترجمة الدينية: كتابٌ قاموس", وقد يعجب القارئ لهذا العنوان للوهلة الأولى متسائلاً: لما الإضافة: كتابٌ قاموس؟ كما قد يظن أن الكتاب, بقاموسه المرفق, يختص بمصطلحات إسلامية محضة وهو ما ليس بصحيح, فالكتاب يقصد الترجمة الدينية بمعنىً أوسع قد يضم مصطلحات إسلامية أو نصرانية (مسيحية) أو يهودية وغير ذلك كثير.. مما يعرف فى التراث الإسلامى بـ "الملل والنِحَلْ", وذلك بهدف الإيضاح, أو المقارنة أحياناً, كما سأبين أدناه, رغم أن الجانب الأوفر حقاً هو لمترجم النصوص الدينية الإسلامية وبخاصة, و مما دفعنى إلى ذلك, وأعاننى عليه أيضاً, بعد توفيق الله, اشتراكى يوماً لدى إحدى شركات الترجمة فى ترجمةِ كتابٍ ماتعٍ للإمام العلم ابن حزم, وكان عنوانه "الفِصَلْ فى الملل والأهواء والنِحَلْ", والذى عُهد إلىَّ بترجمة عنوانه وقد أجهدنى كثيراً آنذاك.<br />أما عن تلك الإضافة (كتابٌ قاموس) هو أنى وجدت أن كل ما وقع فى يداي من قواميس دينية, والتى تتنوع تنوعاً عجيباً فيما بينها, وخصوصاً الإسلامية منها, وجدتها تحمل القارئ قصراً على تبنى المصطلح دون مناقشته أوحتى ذكر الشائع منه أو الأكثر شيوعاً, إذ قد يختار المترجم ترجمةً لمصطلحٍ ما فى حين أن هذا الاختيار اختياره هو وحده ولا يكاد يعرفه أو يألفه القارئ الأجنبى (الغربى) وهو لم يذكر ذلك, أو أن هناك مصطلحاً هو أكثر شيوعاً منه (رغم خطأه أحياناً) ولم يذكر ذلك, ناهيك عن بعض المصطلحات الخَطِرة– ولا أبالغ– والتى قد تسبب سوء فهم غير مقبول لدى القارئ الأجنبى وخصوصاً إذا اعتمدت قراءاته (أو سمعياته) على مصطلحات نقلها المترجمون (أو المتحدثون) من تلك القواميس دون تمحيص منهم لحقيقة المصطلح. وقد وجدت أنى إذا وضعت قاموساً فقط يشمل الكلمة وما يقابلها مباشرةً من معنى لم يتسع لإيضاح مثل هذه التفاصيل, ومن هنا كانت التسمية. ولعلى أردت أن أقترب من ذلك الشكل الذى ذكره أستاذى وعالم الترجمة الأشهر فى وطننا العربى (دون ريب أو مبالغة), الأستاذ الدكتور محمد عنانى, فى تصدير كتابه الماتع "مرشد المترجم" والذى أسماه "دليل القارئ المتمهِّل" ترجمةً لتعبير "browser's guide", وإن كان قد ذكر أن مثل هذا "النوع من الكتب يقع فى منزلة وسطى بين المعاجم وبين كتب الفروق فى اللغة وهو جديد فى العربية..." (ص 1) . وأنا أدين لهذا العالم حقيقةً بالكثير مما لا يتسع المجال لذكره ههنا, لكن أقل ما يمكن ذكره هو ما أصابنى من ذهول لما رأيته من اهتمامه وولعه الشديد بتتبع أصول الكلمات, عربيةً كانت أو أعجميةً للوقوف على معناها الحقيقى دون زيادة أو نقصان, الأمر الذى سرعان ماأصابنى شيئاً كثيراً منه, ولا أقول مثله, إذ أنَّى لى بهذا المقام الرفيع.. ويا لها من إصابة!<br />ولأكن عملياً حتى لا يملَّنى القارئ سريعاً, فهذا مثالٌ أدلل به على خطورة الدخول فى معترك الترجمة الدينية دون خلفية كافية: فهذا مرجعٌ بين يدى باللغة الإنجليزية من القطع الكبير (المصور والفاخر) عنوانه "A Profile of Islam: A Resource Book of the Muslim World" وهو منتشر فى بعض المراكز الإسلامية العالمية (وخصوصاً فى ملبورن "Melbourne" باستراليا حيث طبع ونشر) يذكر فى صفحته رقم 53 عنواناً رئيسياً معرفاً ببعض عقائد الإسلام كما يلى (حرفياً): Tawhid (the unity of God), حيث ذكر المؤلف (أو المترجم الذى نقل عنه) كلمة "Tawhid", أى "توحيد" (وهو من مصطلحات علم العقيدة الإسلامية رغم بساطته الظاهرة), وقد لجأ إلى نقلها صوتياً (transliteration),ثم أردفها بالترجمة الموضحة أعلاه بين القوسين؛ وربما اعتمد الكاتب على أحد القواميس التى, وبنفس الطريقة, تترجم نفس المصطلح العربى العقائدى بـ "unity of God", وللدقة فالقاموس عنوانه "A Dictionary of Islamic Expressions" وقد وقع فى يدى فى مصر وكذلك فى السعودية حيث شقيقه, ذلك المرجع المذكور أعلاه. والحق أن هذه نائبةٌ كبيرة, ولا أقلل أبدا من شأن من كتب هذين المرجعين, فمنهم أساتذة جامعيون, منهم العربى ومنهم صاحب اللسان (native speaker) ولهم كل الاحترام, وإن كنت لا أعرف أحداً منهم ومدى درايته بالترجمة، وإنما أنبه فقط على خطورة الأمر حتى يكون مدعاة للتصحيح. فعماد العقيدة الإسلامية هو "التوحيد", أى, وببساطة, أن الله واحد لا شريك له فى ألوهيته وربوبيته وأسماءه وصفاته وأفعاله, وقد حرص علماء العقيدة الإسلامية (باتفاق) على إيضاح هذا المفهوم رغم بساطته, ففرقوا بين "توحيد الألوهية" و "توحيد الربوبيه" و"توحيد الأسماء والصفات", وكلٌ له مفهومه وما يناسبه من مصطلحات فى الإنجليزية (انظر القاموس المرفق حيث كلمة التوحيد مطلقاً تختلف فى الترجمة عن هؤلاء جميعاً). والواضح أن المترجمين قد اعتمدوا على فكرة "التعادل التوصيلى (التواصلى) أو التداولى" فى الترجمة (communicative/pragmatic equivalence), أو نظيره "الدينامى " (dynamic equivalence) كما عند الأمريكى يوجين نيدا (Eugene Nida) , وخلاصته, كما أفهم, مخاطبة الآخر بما يفهمه لغةً وعرفاً واصطلاحاً, ومن ثم تطويع الترجمة أو النص المترجم وفق ذلك, وذلك فى مقابل "التعادل (أو التكافؤ) الشكلى" (formal equivalence), وعليهما بنى الإنجليزي نيومارك (Newmark) نوعيه فى الترجمة الدلالية والتوصيلية (semantic and communicative translation), حيث تُعلى الأولى من شأن المعنى شكلاً وبناءً, بينما الأخيرة مضموناً. ومع ذلك فإن مصطلح "التوحيد" على إطلاقه فى العقيدة الإسلامية لا يمكن أن يترجم (أبداً) بـ "unity of God" اعتماداً على فكرة مخاطبة الأخر بما يفهم لغةً وعرفاً واصطلاحاً إذ قد أفاجئ قارئى أن التعبير غاية فى التخصص ويعنى فى اللاهوت النصرانى (Christian Theology) وفى الإنجليزية تحديداً (كما استشهدت أدناه) "إتحاد الأقانيم الثلاثة ليمثلوا إلاهاً واحداً", فهو أقرب إلى إتحاد أو وحده الإله (فى المسيحية) منه إلى التوحيد (فى الإسلام), وشتان ما بين المعنيين, إذ يشير الأول إلى إتحاد الأب (God the Father) مع الابن (God the Son) مع الروح القدس (God the Holy Spirit/Ghost) ليمثلوا إلاهاً واحداً, وهذا هو عين "الشرك" وفق مفهوم العقيدة الإسلامية!<br />وعليه فإن ترجمة مصطلح "التوحيد" على نحو ما بينا إلى (unity of God) كما هو الحال فى بعض القواميس والمعاجم المنتشرة ومنها الَّلذان ذكرتهما أعلاه قد أضر ضرراً بالغاً بالمعنى من حيث أراد صاحبه النفع فحولت التوحيد إلى شرك, وبعبارة ألطف إلى "وحدة" أو "توحد" أو "اتحاد", وللقارئ أن يتخيل كيف يؤثر ذلك فى نقل مفهوم خاطئ أو مضلل عن هذا الركن الركين للعقيدة الإسلامية لدى قارئ أجنبى وخصوصاً أن "unity of God" يمكن وبسهوله أن تحيل القارئ الأجنبى إلى عقيدة التثليث (trinity) وفق اللاهوت النصراني والتى تعرفها دائرة المعارف الإنجليزية (Britannica) والقاموس الأمريكى –(The American Heritage) بزياداته وفق موسوعة –Encarta على التوالى كما يلى: (ولاحظ معى استخدام كلمة "unity" و "united" فى التعريف وعليها اعتمد المترجمون وفق مفهوم "التعادل التوصيلى أو الدينامى" كما بينا أعلاه:<br />Trinity: In Christian doctrine, the unity of Father, Son, and Holy Spirit as three persons in one Godhead.<br />Trinity (theology), in Christian theology, doctrine that God exists as three persons—Father, Son, and Holy Spirit—who are united in one substance or being. <br /><br />ولعل القارئ يتسائل الآن: ما الترجمة إذن؟ والإجابة (بعد استشارة المعاجم المعتمدة كما هو موضح بالقاموس المرفق, بغض النظر عن قياس وقعها على بعض من أعرف من أصحاب الألسن الأجنبية) هى كما يلى:<br />التوحيد عامةً هو (monotheism) أو حتى (oneness of God) إذا ما أردنا أن نعدل الصيغة التى ناقشناها أعلاه, على أن الأولى أولى وأكمل؛ ومن العجيب أن تجد إحدى الموسوعات الأمريكية تعرف عقيدة التوحيد (عند المسلمين) مستخدمةً لهذه الكلمة (التى أحبذها) على نحو أكمل يفوق ما استخدمه أصحاب الألسنة العربية كما بينت أعلاة:<br />Islamic Doctrine<br />The two fundamental sources of Islamic doctrine and practice are … <br />Monotheism is central to Islam—a belief in only one God, unitary and omnipotent… <br /><br />أما توحيد الألوهية خاصة فيمكن ترجمته بـ "oneness of Godhood" ويلاحظ أن الاسم "Godhood" هو, كما أرى, أفضل من شقيقيه "Godhead" و"Godship" حيث استخدام الأول مفرداً يشير أحياناً إلى وحدة الأقانيم الثلاثة عامة, كما أورد هذا المعنى وبوضوح قاموس ويبستر "Merriam Webster" ولعل القارئ لاحظ استخدامه فعلياً فى الاستشهاد قبل الماضى (أعلاه), وكذلك الثانى الذى هو أقل شهرة وتواجد فى القواميس.<br />وعليه فتوحيد الربوبية هو "oneness of Lordship". أما القسم الثالث وهو توحيد الأسماء والصفات فيمكن ترجمته بـ "oneness of Names and Attributes". ويلاحظ هنا أن "أسماء الله الحسنى" يكثر ترجمتها باستخدام الأسمين "names" أو"attributes", وأفضل الصيغ كما أعتقد هى "Allah's most beautiful names" إذ يحسن قصر "attributes" على الصفات, فيقال مثلاً "the divine Attributes" ترجمتةً لـ "الصفات", ومعروف أن الأسماء والصفات أحد مباحث علم العقيدة عند أهل السنة "the Sunnites" إذ يختلفون فى كثيرٍ من ذلك عن المعتزلة "the Mutazilites" (وترجمتى لهذين الاسمين هكذا ليست مُختَلقة وإنما قرأتها هكذا كما تؤرخ لها الموسوعات الإنجليزية (انظر الحاشية أدناه) وعليه يحسن ترجمتها كما يعرفها القارئ الأجنبى).<br />وقد يتسائل القارئ (الباحث فى الترجمة): لما استخدمت لفظ الجلالة "الله" فى ترجمة عبارة "أسماء الله الحسنى" ولم تستبدله بـ "God"؟ ولما يُستبدل الاسم العلم على ذات الله "الله" فى بعض التراجم (ومنها القرآن الكريم) بـ "God" أحياناً أو"Allah" أحياناً أخرى؟ وهل يمكن ترجمة معنى الاسم العلم (proper noun) أحياناً, وما ضابطٌ ذلك؟ (انظر الباب الأول)<br />وللإجابة على مثل هذه الأسئلة وغيرها كثير آثرت أن يكون منهج هذا الكتاب القاموس هو التحليل الموجز لمعظم ما يرد فى ثنايا القاموس المرفق كيما يكون مستخدم القاموس كما أشرت أعلاه على علم بمعنى المصطلح وأشكاله المختلفة فى الإنجليزية, الشائع منه أو المتفق عليه أو المختلف فيه .. وهكذا؛ ومن ثم يكون له الخيار بعد ذلك فى استخدام الترجمة المناسبة وفق غرض الترجمة (انظر شرح د. عنانى لمعنى نظرية الغرض (Skopostheorie) ومصطلحاتها ).<br />وما بينته أنفاً فى هذه المقدمة من تحليل ينطبق على كثير مما ورد فى القاموس من مصطلحات أو تعبيرات مصاحبه مثل "الحديث القدسى" أو "الحديث النبوى, أو"السنة" بمعانيها المختلفة, سواء كمصدر للتشريع فى مقابل القرأن, أو كـ "نفل" فى مقابل الـ "فرض", أو "كطريقةٍ واتباع" للنبى الكريم, وهو ما يجرنا إلى مسألة جديرة بالنقاش: لما يلجأ المترجم أحياناً إلى النقل الصوتى (Transliteration) ترجمةً لكلمات مثل "Qudsi" أو "Sunna" أو "Hadith" ويكلف القارئ أو السامع الأجنبى عنت البحث مع وجود البديل (بل المثيل) أحياناً؟ هذا بعضٌ مما سيحاول الكاتب الإجابة عليه فى ثنايا هذا العمل والله من وراء القصد..<br /><br />الباب الأول<br />فى ترجمة الأسماء</font></div>
الترجمة الدينية خطر بالغ, أرجو قرائة مقدمة كتابى, ومساعدتى فى نشرة
تقليص
X
إحصائيات Arabic Translators International _ الجمعية الدولية لمترجمي العربية
تقليص
المواضيع: 10,506
المشاركات: 54,220
الأعضاء: 6,146
الأعضاء النشطين: 6
نرحب بالعضو الجديد, Turquie santé.
تعليق