قراءة في نص (الصباغ الصغير) للشاعر مؤيد طيب / جوتيار تمر

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • jutyartamar
    عضو منتسب
    • Oct 2007
    • 32

    قراءة في نص (الصباغ الصغير) للشاعر مؤيد طيب / جوتيار تمر

    قراءة في نص (الصباغ الصغير) للشاعر مؤيد طيب / جوتيار تمر<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-comfficeffice" /><o></o>
    <o> </o>
    قد يجد المتلقي في العنوان اثارة بالاخص الذي على متابعة ودراية بالادب العالمي المترجم ، فمثل هذه العناوين تزخر بها النصوص المترجمة والتي تأخذ حيزا كبيرا في كتابتهم لِمَ لها من ابعاد سيكولوجية ، واخرى فكرية انسانية تمس الذات الانسانية في الواقع ، فالكناية والدلالة في العنوان تشي بالذي يأتي لكونه في البدء يضع ملامح النص فيصبح النص رهينة له ، كما في هذه القصيدة التي عبرت بلغة انسيابية تراوحت بين السرد ، والومضة الفلاشية، عن الصباغ الصغير، ضمن اطار زمكاني محدد ، لكنه يستسقي روحه من أفق تاريخي ذا جذور عميقة.<o></o>
    <o> </o>
    سنة 1976 في ذاك المكان المسمى (مقهى امين) كان صبي صباغ احذية جالسا الى صندوقه، رأيت جنديا يضع بسطاله على صندوقه، وامر الصبي ان يصبغها.. فرفض الصبي ان يصبغ بسطاله، فصفعه.. وايضا رفض ان يصبغها..وكان الصباغ ابن احد البيشمركة الشهداء، ومن تحت التراب يناديه ابوه:<o></o>
    <o> </o>
    ان بمجرد فصل الذات الشاعرة عن الواقع يحدث شرخا بين ما يكتب وبين ذاته وبين متلقيه ، مما يجعل كلماته اقرب الى مادة منهجية يُلزم بها الباحث لكنها لاتؤثر فيه بأي شكل ، فكيف هنا بمن يسطر ويؤرخ لشعب ، ويشارك نضاله ، متحدا به وفيه ، شاعر ثوري في كينونته ،وهذا ما يميز النص والشاعر هنا ،لأن المرور بالتجربة الثورية هي احدى اهم ركائز نجاح الشاعر في ايصال مفهومه الى المتلقي ، والشاعر الثوري ليس الذي يتحدث عن الثورة او يسطرها ، انما يعيشها كتجربة حية ، وفي النص هذا نجدها تجربة عامرة بالحب والتضحية ، فالشاعر يظهر بملامح صوفي كبير ، يعيش تخلياً سخيا عن ذاته في الواقع (الثورة ) وتحل فيه ،وهذا ما نجده بارزا في القصيدة حيث رصد الحدث يعبر عن التجربة الثورية لديه ، وبلغة سردية ، وضمن حدود زمكاني واضح ، فزمن التجربة (1976) والمكان (مقهى امين) والشخوص هم الصباغ الصغير-الجندي-الراوي ، مع امكانية حلول الرواي في الصباغ ، والصباغ في الرواي، والحدث الاساس ،امر-رفض-صفعة-رفض، ثم تبرير موقف الرفض ، باستحضار ذهني تخيلي صوفي من قبل الصبي ، هذه الملابس هي نفسها التي وجدت قتلة والدي يرتدونها ، هذا الحذاء (البسطال) هو ذاته الذي مرغه الجندي ذاك بدم والدي بعد ان داس على رأسه ، وبالعودة الى الحدث نجده يرصد ابعادا ثلاثية ، والتي كانت دائما تسبب الثورة والتمرد ، اوامر قسرية وتجاهل للحقوق، ردة فعل طبيعية وعفوية، اضطهاد وعنف ، والنتيجة دائما وابدا الرفض وعدم الخضوع، هنا استعان الشاعر في لغته السردية بالمكنون الصوفي وخياله الخصب ليبرر موقفه ، وهذا ما يتضح في النداء الذي خرق اذنه الموجه للصبي الصغير ، اتيا من ملكات اللاشعور التي فيها الكثير من المخزون التاريخي الوجداني المترصد لفرصة ليتحرر.<o></o>
    لا يا ولدي..لا<o></o>
    لا تفعل..لا تفعل<o></o>
    لا ترفع فرشاتك عن الأرض<o></o>
    فالبوسطال الذي في حضنك<o></o>
    مُلطَّخ بمخِّ أبيك<o></o>
    لاتصبغ<o></o>
    لا ياولدي..لا !<o></o>
    <o> </o>
    ان رسم ملامح ال(لا) هنا تحتاج الى ملكة الغوص في ثنايا القائل اولا، ومن ثم الموجه اليه ، وبعدها الموقف العام ، وهذا ما يجعلنا امام حدث اخر ذا ابعاد ثلاثية ، فتقمص الميت تخيلا ليس بالامر السهل والهين ، لكنها روح الشاعر الصوفية التي حلت في الميت ، مما جعلنا نرى بأن الشاعر لايتعامل مع القضية هنا تعاملا خارجيا او شعاراتيا اعتباطيا ، بل يتحد كليا وتلقائيا بصورة تثير الجدل ، لكونه يحدث خرقا عجيبا للرؤية والواقع ، ف(لا) هنا في البدء تأخذ منعطفا وجدانيا خطابيا نصيا ، من حيث كونه موجه للابن "لا يا ولدي........." النداء هنا يحمل كما هائلا من العاطفة والحنين ، ثم اتبعها برفض ونهي كبعد ثاني ، وجاءت ال(لا) الثالثة كبعد ثالث مقرون بنوعية الطلب ،الدال على الفعل ، وتكرارها هنا انما تأكيد على النتيجة الحتمية الرفض ، ومع ملامسة الطبيعة البشرية وطبيعة العلاقة بين الابن والاب ، يتمخض منه دلالات اخرى لاتحبب للاب ان يرى ولده يتعذب ، لكنها هنا تتجسد في مفهوم الاستمرارية للفعل الاضطهادي مما يجعل امكانية حدوث الامر للابن واردا وممكناً، لذا يطلق نداءه الصوفي الروحي في قبره ، محاولا تصوير المشهد الحقيقي للابن عبر ذبذبات ذهنية ، فتأتي ال(لا) للمرة الخامسة قاطعة ناهية مرافقة بهذه الصور الحسية ، التي تبين له الحالة ، والتي تعطينا الفكرة عن ما وصل اليه حالة الصبي نفسه ، حيث الصفعة طرحته ارضا، وسقطت فراشته ، وهنا نجد الالتزام الاخلاقي والمبدأي للشاعر في التجربة الثورية ، والاندماج الكلي فيها من خلال الهرب من الذاتية ، والاستعاضة بالحلول في روح ومنطق الثورة ، فالصورة تتضح هنا اكثر للصباغ الصغير ، من خلال مشاهد وومضات فلاشية يبثها الوالد في قبره اليه ، فيعيد تشكيل الصورة برؤية استفزازية ، ولسان الحال يقول : اذا نفذت امره فانك تحضن البسطال الذي داس على رأس ابيك وتمرغ بدمه ومخه ، وهنا الصورة عنيفة جدا ومؤثرة ومستفزة وباعثة لردة فعل اقوى من مجرد الرفض وعدم الانصياع للامر ،لكن لغة الاب هنا تؤدي دورا ايجابيا فتحدد للابن ماهية ال(لا) بعدم الامتثال للامر فقط ، برؤية وادراك لموازين القوى التي هي لصالح الجندي وليس الابن ، فتأتي ال(لا) لتتكرر مرة سادسة وسابعة وثامنة بصيغة لاتسمح للابن ان يتهور ، انما يكتفي بعدم الصبغ حتى لايلاقي مصير الوالد ، وفي هذه الومضة يظهر دور العاطفة في خلق الازدواجية بين لغة الشاعر في رفضه في بداية القصيدة ، ومقارنة بالرفض في النهاية ، لكنها تماشت والطبيعة البشرية وتحكم العاطفة الابوية في مشهد كهذا.<o></o>
    <o> </o>
    <o></o>
    محبتي للجميع
    جوتيار
  • jutyartamar
    عضو منتسب
    • Oct 2007
    • 32

    #2
    قراءة في نص (الصباغ الصغير) للشاعر مؤيد طيب / جوتيار تمر

    قراءة في نص (الصباغ الصغير) للشاعر مؤيد طيب / جوتيار تمر
    <O
    قد يجد المتلقي في العنوان اثارة بالاخص الذي على متابعة ودراية بالادب العالمي المترجم ، فمثل هذه العناوين تزخر بها النصوص المترجمة والتي تأخذ حيزا كبيرا في كتابتهم لِمَ لها من ابعاد سيكولوجية ، واخرى فكرية انسانية تمس الذات الانسانية في الواقع ، فالكناية والدلالة في العنوان تشي بالذي يأتي لكونه في البدء يضع ملامح النص فيصبح النص رهينة له ، كما في هذه القصيدة التي عبرت بلغة انسيابية تراوحت بين السرد ، والومضة الفلاشية، عن الصباغ الصغير، ضمن اطار زمكاني محدد ، لكنه يستسقي روحه من أفق تاريخي ذا جذور عميقة.<O></O>

    <O> </O>

    سنة 1976 في ذاك المكان المسمى (مقهى امين) كان صبي صباغ احذية جالسا الى صندوقه، رأيت جنديا يضع بسطاله على صندوقه، وامر الصبي ان يصبغها.. فرفض الصبي ان يصبغ بسطاله، فصفعه.. وايضا رفض ان يصبغها..وكان الصباغ ابن احد البيشمركة الشهداء، ومن تحت التراب يناديه ابوه:<O></O>

    <O> </O>

    ان بمجرد فصل الذات الشاعرة عن الواقع يحدث شرخا بين ما يكتب وبين ذاته وبين متلقيه ، مما يجعل كلماته اقرب الى مادة منهجية يُلزم بها الباحث لكنها لاتؤثر فيه بأي شكل ، فكيف هنا بمن يسطر ويؤرخ لشعب ، ويشارك نضاله ، متحدا به وفيه ، شاعر ثوري في كينونته ،وهذا ما يميز النص والشاعر هنا ،لأن المرور بالتجربة الثورية هي احدى اهم ركائز نجاح الشاعر في ايصال مفهومه الى المتلقي ، والشاعر الثوري ليس الذي يتحدث عن الثورة او يسطرها ، انما يعيشها كتجربة حية ، وفي النص هذا نجدها تجربة عامرة بالحب والتضحية ، فالشاعر يظهر بملامح صوفي كبير ، يعيش تخلياً سخيا عن ذاته في الواقع (الثورة ) وتحل فيه ،وهذا ما نجده بارزا في القصيدة حيث رصد الحدث يعبر عن التجربة الثورية لديه ، وبلغة سردية ، وضمن حدود زمكاني واضح ، فزمن التجربة (1976) والمكان (مقهى امين) والشخوص هم الصباغ الصغير-الجندي-الراوي ، مع امكانية حلول الرواي في الصباغ ، والصباغ في الرواي، والحدث الاساس ،امر-رفض-صفعة-رفض، ثم تبرير موقف الرفض ، باستحضار ذهني تخيلي صوفي من قبل الصبي ، هذه الملابس هي نفسها التي وجدت قتلة والدي يرتدونها ، هذا الحذاء (البسطال) هو ذاته الذي مرغه الجندي ذاك بدم والدي بعد ان داس على رأسه ، وبالعودة الى الحدث نجده يرصد ابعادا ثلاثية ، والتي كانت دائما تسبب الثورة والتمرد ، اوامر قسرية وتجاهل للحقوق، ردة فعل طبيعية وعفوية، اضطهاد وعنف ، والنتيجة دائما وابدا الرفض وعدم الخضوع، هنا استعان الشاعر في لغته السردية بالمكنون الصوفي وخياله الخصب ليبرر موقفه ، وهذا ما يتضح في النداء الذي خرق اذنه الموجه للصبي الصغير ، اتيا من ملكات اللاشعور التي فيها الكثير من المخزون التاريخي الوجداني المترصد لفرصة ليتحرر.<O></O>

    لا يا ولدي..لا<O></O>

    لا تفعل..لا تفعل<O></O>

    لا ترفع فرشاتك عن الأرض<O></O>

    فالبوسطال الذي في حضنك<O></O>

    مُلطَّخ بمخِّ أبيك<O></O>

    لاتصبغ<O></O>

    لا ياولدي..لا !<O></O>

    <O> </O>

    ان رسم ملامح ال(لا) هنا تحتاج الى ملكة الغوص في ثنايا القائل اولا، ومن ثم الموجه اليه ، وبعدها الموقف العام ، وهذا ما يجعلنا امام حدث اخر ذا ابعاد ثلاثية ، فتقمص الميت تخيلا ليس بالامر السهل والهين ، لكنها روح الشاعر الصوفية التي حلت في الميت ، مما جعلنا نرى بأن الشاعر لايتعامل مع القضية هنا تعاملا خارجيا او شعاراتيا اعتباطيا ، بل يتحد كليا وتلقائيا بصورة تثير الجدل ، لكونه يحدث خرقا عجيبا للرؤية والواقع ، ف(لا) هنا في البدء تأخذ منعطفا وجدانيا خطابيا نصيا ، من حيث كونه موجه للابن "لا يا ولدي........." النداء هنا يحمل كما هائلا من العاطفة والحنين ، ثم اتبعها برفض ونهي كبعد ثاني ، وجاءت ال(لا) الثالثة كبعد ثالث مقرون بنوعية الطلب ،الدال على الفعل ، وتكرارها هنا انما تأكيد على النتيجة الحتمية الرفض ، ومع ملامسة الطبيعة البشرية وطبيعة العلاقة بين الابن والاب ، يتمخض منه دلالات اخرى لاتحبب للاب ان يرى ولده يتعذب ، لكنها هنا تتجسد في مفهوم الاستمرارية للفعل الاضطهادي مما يجعل امكانية حدوث الامر للابن واردا وممكناً، لذا يطلق نداءه الصوفي الروحي في قبره ، محاولا تصوير المشهد الحقيقي للابن عبر ذبذبات ذهنية ، فتأتي ال(لا) للمرة الخامسة قاطعة ناهية مرافقة بهذه الصور الحسية ، التي تبين له الحالة ، والتي تعطينا الفكرة عن ما وصل اليه حالة الصبي نفسه ، حيث الصفعة طرحته ارضا، وسقطت فراشته ، وهنا نجد الالتزام الاخلاقي والمبدأي للشاعر في التجربة الثورية ، والاندماج الكلي فيها من خلال الهرب من الذاتية ، والاستعاضة بالحلول في روح ومنطق الثورة ، فالصورة تتضح هنا اكثر للصباغ الصغير ، من خلال مشاهد وومضات فلاشية يبثها الوالد في قبره اليه ، فيعيد تشكيل الصورة برؤية استفزازية ، ولسان الحال يقول : اذا نفذت امره فانك تحضن البسطال الذي داس على رأس ابيك وتمرغ بدمه ومخه ، وهنا الصورة عنيفة جدا ومؤثرة ومستفزة وباعثة لردة فعل اقوى من مجرد الرفض وعدم الانصياع للامر ،لكن لغة الاب هنا تؤدي دورا ايجابيا فتحدد للابن ماهية ال(لا) بعدم الامتثال للامر فقط ، برؤية وادراك لموازين القوى التي هي لصالح الجندي وليس الابن ، فتأتي ال(لا) لتتكرر مرة سادسة وسابعة وثامنة بصيغة لاتسمح للابن ان يتهور ، انما يكتفي بعدم الصبغ حتى لايلاقي مصير الوالد ، وفي هذه الومضة يظهر دور العاطفة في خلق الازدواجية بين لغة الشاعر في رفضه في بداية القصيدة ، ومقارنة بالرفض في النهاية ، لكنها تماشت والطبيعة البشرية وتحكم العاطفة الابوية في مشهد كهذا.<O


    محبتي للجميع
    جوتيار

    تعليق

    يعمل...