نادر بور والذاتية الجديدة

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بنده يوسف
    عضو منتسب
    • Jun 2009
    • 17

    نادر بور والذاتية الجديدة

    [align=center]بإسمه سبحانه
    وإن من شئ إلا يسبح بحمده
    الأساتذة الكرام والأخوة الأعزاء فى
    تحية طيبة مفعمة بعبير هارب من أصارى الزهور
    .................................................. [/align]
    [align=justify]
    منذ مدة تحدث معى أحد أخوتى فى إيران وكان الحديث حول الفيصل الحقيقى بين الشعر الحديث والشعر القديم – هل هو الشكل أم المضمون
    لو سلمنا بأن الشكل هو العامل الأول فى هذا الإختلاف
    ثم يأتى بعد ذلك المضمون
    وهل الشعر القديم نطلق عليه كلمة كلاسي أى طبقى يهتم بقضايا طبقات معينة
    كما وجدناه فى الشعر القديم من إهتمام صوب الملك والعرش وحروبه وفرسانه
    وآلهه وهكذا من قضايا الشعر القديم
    أم هو شعر كلاسيكى أى قديم لايميزه عن الشعر الحديث سوى العامل الزمنى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟[/align]
    ..................................................

    [align=justify]وعلى ذلك قررت أن أقلب وأبحث فى مخيلة الشاعر الإيرانى نادر بور شاعر الغربة والإغتراب
    فربما تكون هناك إجابة لنا عن بعض ما يطرحه أهل البحث والسؤال
    .................................................. [/align]
    [align=justify]عفواً
    لن أقوم هنا بإيراد مدخل لشخصية وحياة نادر بور كما هو المعتاد
    وإنما نستشف هذا من القراءة فى أعماله الشعرية
    وأرجو المسامحة لو كانت قراءتى خاطئة
    فكلنا قارئ لنص بنبع ذاتى[/align]
    ..................................................

    [align=center]((( نادر بور تجديد وتجدد فى السمات الفنية )))[/align]

    [align=justify]من الخصائص الفنية الظاهرة لشعر نادر بور ، الخيال الحر والربط بين الأشياء والمفاهيم على نحو ممزوج بالتخيّل . و من حيث البناء والقالب ، فشعره متحرر من القيد والوزن والعروض والروّي والقافية .
    فكان يستفيد من الأصوات والكلمات، ليخلق نوع من الموسيقى تكون سببا فى صنع دبيب حياة فى شعره .
    فنادر بور يعد إمتداد لمدرسة الشعر الحر فى إيران ، حيث يعد بمجموعاته الشعرية رائد من رواد هذه المدرسة . فقد تشابه فى بناء قطعه الشعرية مع سابقيه من رواد هذه المدرسة أمثال نيما يوشيج ، وسهراب سبهرى وفروغ فرخزاد ، وغيرهم ممن شرعوا فى بناء أسطورة الشعر الفارسي الحديث.
    ونادر بور تميزت سمات شعره الفنية بالتجديد فى كل شئ ، تجديد فى اللغة ، الصورة ، والشكل[/align]

    [align=center](( اللغة ))[/align]
    [align=justify]
    اختار نادر بور منذ بداية مسيرته الشعرية اللغه الحديثه الحية مؤمنا أن التوقف عند مستوي لغة أحد القرون السابقة إنما يعنى تجاهل حياة من تحدثوا منذ ذلك القرن الي يومنا هذا بالفارسية و أغنوها. وكأن هذا الثبات نوع من الجمود وتنكر للغة أهل القرون المتأخرة .
    ويوضح نادر بور أن لغة أي شعب من الشعوب تحمل في طياتها إدراك ذلك الشعب و ثقافته و اذا أعتبرنا الشعب حيا فى فترة ما ، فكيف يمكننا تصديق ان قدرته علي الفهم و ثقافته أنقطعت خلال هذه الفترة ، وتوقفت على ذروة ما وصلت إليه خلال هذه لفترة ؟!
    فنادر بور يوضح أنه من الخطأ أن يحدوا الشعراء المحدثين حدو الفطاحل المتقدمين في اختيار اللغة متباهين بأنه لا يمكن التمييز بين كلامهم و كلام سعدي و حافظ الشيرازى .
    فعدم اعتبارهم لغة اليوم جديرة بالاستخدام في الشعر ، فهذا يدل على أنهم غير واعيين بذاتهم ، ويعيشون بروح جسد ميت . لاينبض بحياة اليوم والغد .
    ويوضح نادر بور أنه لا يسحب المرادفات من بطون المعاجم بل ينتقيها من لغة الناس الحاليين
    و لأن اللغة الفارسية شأنها شأن أي لغة أخري مرت بتحولات أستوعبتها علي مر العصور المختلفة ومن أجل ضمان التواصل مع إمتداد التاريخ أجتهد في أن يكون كلامه في نطاق امتدادات اللغة.
    وبذلك تتضح لغة نادر بور ، فى كونها لغة اليوم أكثر من كونها لغة الأمس ، فكان يميل إلى استخدام لغة تجرى على ألسنة الناس والعامة ، أكثر من أن ترتبط بأدبيات العصور السابقة ، ولذلك كان يؤكد نادر بور على إستخدام لغة يفهمها أهل عصره قبل أن يفهمها السعدى ومولانا وحافظ الشيرازى .
    وغرض نادر بور من ذلك ليس التعسف والإطاحة بهوية اللغة ، ولكن أراد أن يحقق السلاسة و الوضوح والبعد عن التعقيد و التعتيم في الكلام . ويكون قريب من لغة عقل أهل عصره .
    ولو تطلع القارئ فى أغلب مجموعات نادر يراها بالفعل بعيدة عن التكلف فى اللغة ، أو أستخدام مفردات معقدة أو مركبة ، فكان يميل إلى أستخدام المفردة البسيطة ، والأولى أن تكون فارسية ، ولا نجد إلا نذر ضئيل من الكلمات العربية فى قاموسه الشعرى .
    وأراد بذلك أن يعلن إيرانيته ، وأنه يكتب إلى إيران قبل أى شئ حتى وهو فى منفاه ، كانت لغته تنبع من سياق إيران اللغوى اليومى ، ولم يتأثر بالمصطلحات والتعبيرات التى أحاطت به فى منفاه فى أمريكا .
    وتتميز لغة نادر بور الشعرية بالسهولة، والايجاز، والإبتعاد عن الكلمات والتعابير الصعبة ، فهو يدور في الافكار والقلوب، لا فى أفكار وقلب الشاعر فحسب بل لغته تشارك أفكار القراء والمستمتعين .
    فلو ينظر القارئ فى السطور الشعرية التالية من قطعة شعر العنب :[/align]
    [align=center]
    شعر العنب
    ها انتم تضغطون على كل حبة بسهولة بين الشفاه
    وتعصرون كل عنقود بيسر بين الاسنان
    بينما هو بالنسبة لي كأس من الدم
    او كأس من الدمع
    تحصلون عليه بيسر هكذا
    وتشربونه بسهوله هكذا

    چنين آسان ميفشاريد بر هر دانه ي لبها را و بر خوشه دندان را ؟
    مرا اين كاسه ي خون است
    مرا اين ساغر اشك است
    چنين آسان مگيريدش
    چنين آسان منوشيدش[/align]
    [align=justify]
    نجد نادر بور فى السطور الشعرية السابقة ، برع فى استخدام ألفاظ وتعبيرات برعت هى الأخرى فى التعبير عن مخيلته الشعرية بشئ من البساطة ، والإستساغة عند أهل زمانه ، ألفاظ وتعبيرات غير غريبة على أذهانهم ، فنراه يعبر عن مرارته بمفردات متداولة ومعروفة ، حاضرة فى الأذهان ، قريبة من الذاكرة .
    فاستخدامه لكلمات تعبر عن حركة عصر العنب ، ككلمة (چنين آسان ) : بهذه السهولة
    (ميفشاريد ) : تعصرون ( لبها ) : الشفاة ( خوشه ) : عنقود ( كاسه ) : كأس ( خون )
    ( ساغر ) : كأس ( منوشيدش ) : تشربونه .
    فنادر بور للدلالة عن قساوة ومرارة الظلم أستخدم ألفاظ كانت فى غاية الدلالة والتعبير وفى نفس الوقت لم تكن ذات وقع غريب على الأذهان ، فكل الألفاظ المستخدمة معايشة للواقع ، ومقبولة الدلالة ، حتى رغم بساطتها لم تنحدر إلى الضعف والضحالة ، بل الألفاظ فى مخيلة نادر بور الشعرية كانت تتميز بأنسيابية القوة أى البساطة والوضوح فى وقت واحد .[/align]

    [align=center](( الصورة ))[/align]
    [align=justify]
    لا يمكن عزل النص الإبداعي المكتوب عن مكوناته، تماما مثل تجهيز حجرة وبناءها، فهي وحدة متكاملة، فلا يكفي لجمالية النص جودة المواد الأساسية من لغة، وحبكة ، وترابط فى الموضوع والشكل ، فالحجرة المبنية جيدا والمطلية بلون سيئ ، تفقد الغرفة جمالياتها وبهائها
    كذك الحال مع تشكيل وبناء النص الجيد
    فالصورة الشعرية بما تحمله من لون وحركة وصوت ، تمثل عنصر مهم جدا فى جمالية النصوص الشعرية ، فقد تعطى الصورة للنص بهاء ودلالة فى المعنى أحيانا أكثر من الكلمات ذات الدلالة المباشرة والصريحة .
    فمثلا لو أجتمعت صورة شعرية فى نص ما بما تحمله من أصوات وحركة ولون ، فقد تقيم أفراحا ، وتعلن أطراحا . فالصورة الشعرية دلالتها فى الشعر ، كدلالة اللوحة المجسمة فى عالم الفن والرسم ، بل أنها أكثر نشاطا وحركة لأنها ناطقة غير صامتة ، ومتحركة غير ساكنة .
    وكانت الصورة دوما أحد العناصر الرئيسية في قصائد نادر بور ، فتتشابه مجموعاته الشعرية فى إستخدامها للصور الشعرية إلى حد كبير مع مجموعات سهراب سبهرى الشعرية ، حيث البراعة فى رسم لوحات فنية تشكلية شعرية ، تكون الصورة الشعرية فيها أحد أهم عوامل بناء العمل الشعرى.
    و الصورة الشعرية تتحكم بالشعر الحديث بشكل كبير ، فالصورة الشعرية كالكلمة فى كونها وسيلة للتفاهم والتواصل .
    وبرع نادر بور فى استخدام الصورة لخدمة المفاهيم ، والتعبير عن عدة معانى ، ويرى أن عدم استخدام الصورة دلالة على ضحالة الفكر .
    ويبرع نادر بور فى استخدام الصورة الشعرية بشكل يميزه على أقرانه من الشعراء ، فلو تأملنا قطعته الشعرية ( شخص بين الأرض والشمس ) نراه يرسم صورة شعرية دقيقة جدا ، حيث أراد أن يعبر عن غربته وآلامه من خلال رسمه لصورة شعرية دقيقة ، برعت هذه الصورة فى رسم آلامه ، حتى أنه يجعلنا نسمع آهات آلامه ونحس بها ، وتمكن من خلق روابط بين أجزاء الصورة بشكل دقيق ، وكأنها رسم لنا صورة حية تتنفس وتتفتح أزهارها وتشرق شمسها وتغرب . تجعل عقل القارئ فى ارتباط مع هذه الصورة ، فهو يتنفس من هواءها ، وتتمتع عينه وروحه بالمناظر الحية التى تمتلئ بها الصورة .
    والصورة الفنية عند نادر بور تعبر عن مرحلة نضوج الشاعر فى مسيرته الشعرية ، فالصورة عنده ليست ذات بعد واحد بل تتسم بأبعاد متنوعة ، فهى ملتقى عدة معانى .
    فلو تأمل القارئ قطعته الشعرية ( الأرض والزمان ) سيجد أن نادر بور يرسم بالفعل لوحة فنية ناطقة ، و أجزائها تفيض بما تحمله من كائنات ، حيث الحركة والضوء واللون ، عناصر مشبعة بها مجموعاته الشعرية ، وبذلك أضفى على قطعه الشعرية روح الحياة وكأنها كائنات حية ، ولو نظرنا فى السطور الشعرية التالية من قطعة ( الأرض والزمان ) :[/align]
    [align=center]
    نهر قرية مسقط راسي الكبير
    الذى كان يعبر من منعطفات التراب والهدوء
    له ماء بضياء الأمطار
    ومن بين ثنايا الكتل المليئة بالشوك والحجر
    وضاحك ومغرد ولديه
    فيض مثل رياح الربيع
    وفى عمق شمسه لون الرمال
    و بأطياف زرقاء وبرتقالية وبنفسجية
    صنع لوحة لبساط الحبيب
    زمين و زمان
    جوي بزرگ دهكده ي زادگاه من
    كز كوچه هاي خاكي و خاموش مي گذشت
    آبي به روشنايي باران داشت
    وز لابلاي توده ي انبوه خار و سنگ
    خندان و نغمه خوان
    سيري بسان باد بهاران داشت
    در عمق آفتابي او : رنگ ريگ ها
    با طيف هاي نيلي و نارنجي و كبود
    نقشي به دلربايي فرش آفريده بود
    [/align]
    [align=justify]نرى نادر بور يرسم صورة شعرية أشبه بلوحة مجسمة لحركة الكائنات ، حيث النهار يتحرك ، ويتحاور مع مايقابله من أشياء ، ويصنع روابط بينه وبين الألوان التى تحيط به ، وهنا تظهر حركة وروح حياة تجعل من الصورة الشعرية كائن حى يتنفس مثله مثل باقى الكائنات .
    ونادر بور لم يكن رائداً فى براعة الصورة الشعرية ، فسهراب سبهرى كان من الرواد فى ذلك ، إلا أن نادر بور يعد ممن أكملوا هذه المسيرة الشعرية بشئ من القوة وجعلوا الصورة الشعرية أكثر أرتباطا بالبوح بالقضايا والمفاهيم التى يريد أن يوصلها الشاعر إلى عقل القارئ .
    ونادر بور برع فى رسم صورته الشعرية حتى أنه شابه فى صوره بعض القدماء ، فنراه فى قطعته الشعرية ( شعر العنب ) يصنع علاقة بين العنب والبغبغاء ، وهذا يذكرنا بما كان يصنعه القدماء من شعراء العرفان من علاقة بين البلبل والوردة ، مع فرق المعالجة ، فنادر بور يستخدم البغبغاء والعنب للتعبير عن قضية وجدانية ذاتية ، بعكس القدماء كانوا يستخدمون هذه الصورة وهذه العلاقة لقضايا فلسفية عامة .
    فأستطاع ان يضمن في اشعاره كثيراً من الصور والاحداث ليكسبها روعة وجمالاً ويزيد قصائده قوة وتأثيراً لذا جرى لسانه بالشعر بشكل سهل أن تتلقاه الأذن وترسمه العين بشكل سلس وسائغ . فشعره فيه توجع وتطلع ، شاعر محروم ومتطلع ، فحرارة الخيبة ولهفة التطلع والآلام والأوجاع شكلت عنده اشتعالات الروح في الجسد .
    فكانت الصورة الشعرية بارعة عنده لأنها مفعمة بروح وإيحاء له دلالات ومعنى لذا جعله يقترب بسهولة من أذهان القراء والمستمعين .
    [/align]
    [align=center](( الشكل ))[/align]

    [align=justify]نعني بالشكل الوعاء والقالب الذى يحوى الكلام و نجده في الشعر التقليدي بحور العروض بأشطرها المتساوية و قوافيها المنتظمة.
    ويعد الشاعر نيما يوشيج أول من ألغي قانون المساواة في طول الآشطر و قاعدة صف القوافي بانتظام - فاتحا أمام التعبير الشعري أفاقا أرحب وأوسع مجالاً .
    ونادر بور يصغر نيما يوشيج بجيلين علي وجه التقريب وقد تجاوب مع أطروحة نيما فى بناء الشكل الشعرى الجديد ، ذلك أن نادر بور لم يكن يؤمن بديمومة الآشكال ، وكان يراها دوما وليدة مقتضيات الزمن و متطلباته.
    ويؤكد نادر بور أنه لم يحطم الآطر القديمة عن عمد اطلاقا و لم يشد بالشعر غير الموزون باسم التجديد لأنه يظن أن لكل قوم رؤاهم الخاصة بشأن الشعر ومن ينطق بالفارسية يري الوزن خلال القرون الثلاثة عشر الآخيرة علي أدني تقدير ملازما للشعر .
    وقد أختار نادر بور فى غالبية الآحيان الوزن النيماوي شكلا لقصيدته فكان يرى أن من شأن الآشطر غير المتكافئه و خليط الاوزان و القوافي ، هذه التجديد يساعد على اختصار المسافات ويقرب بين الشعر وطبيعة النثر و لغة التحاور ،وهذا التطور يبدو ضروريا فى عهد أحلت الوسائل السمعية و البصرية محل وسائل النقل و النشر.
    فنادر بور يعد من الشعراء المتبعين لمدرسة نيما يوشيج فى الشكل والبناء الفنى للشعر الحديث
    ، لكنه لم يحاكيه في أساليب التعبير ، فتميز نادر بور بأنه شاعر المضامين والتعبيرات الخاصة والذاتية .
    فأغلب قطع ومجموعات نادر بور الشعرية ذاتية القضايا ، وهذا نوع من الابداع ، فنادر بور رغم كونه نيماوى المدرسة إلا أنه كانت له سلطة على النص الشعرى ، بحيث لم يكن عبدا للنص ، بقدر ماكان النص طائعا لهويته وقضاياه .
    فنادر بور أختار الأطار الحداثى لشعره ، لتميزه بترابط الصورة ووحدتها ، مما يخلق صورة شعرية مكتملة كما أرادها الشاعر.

    فمن سمات الشعر الحديث اعتماد مبدا البنيه علي اساس انتظام العناصر و التناغم التام بين كافه السطور والمقاطع مما يمكن المتلقي من كشف نوع من الارتباط العمودي في مجمل القصيدة فقد تتميز البنيه في الشعر الحديث بالتواصل عموديا حيث ترابط الكلمات
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    فلا يمكن فصل اي جزء من القصيده او التخلي عنه لان مجمل المفردات فيه مرتبط بنواة تشكل نوعيه الصله بها : بنيه الشعر
    [/align]
    [align=justify][/align][align=justify][/align][align=center][/align][align=center][/align][align=justify][/align][align=justify][/align][align=center][/align][align=justify][/align][align=justify][/align][align=justify][/align][align=justify][/align]
  • بنده يوسف
    عضو منتسب
    • Jun 2009
    • 17

    #2
    نادر بور والذاتية الجديدة "2"

    [align=center](( تجديد وتجدد نادر بور فى المضامين الموضوعية ))[/align]
    [align=justify]
    القضايا الموضوعية فى أشعار نادر بور ، كانت لها سمات وملامح خاصة ، فنادر بور تشابه مع مدرسة سهراب سبهرى ، فى أنه تجاوز المألوف من المعاني اليومية ، ومال إلى التعقيد من خلال استخدامه لصيغ شعرية جديدة وبرغم ذلك وجد قرّاؤه أنفسهم منشدّين إلى شعره سابرين أغواره ناسين أحيانا عالم الحقائق وهم يجربون فهما جديدا للإنسان والكون .
    فنادر بور لم يقيد قصائده في سجن الحدث اليومي والعادي ولم يقيدها بالآني فهي يد تمتد إلى اللامكان واللازمان .
    فإمتاز نادر بور بصوته وأسلوبه الخاص فهو فى مضامينه الشعرية يتميز بأجواء بعيدة عن رتابة الواقعية الصلبة، بسيط في التصوير ، يخلق حوله فضاءات جديدة الدلالة والمعنى وتتميز بعير شعرى جديد .
    ولنادر بور رؤية خاصة لمضامين الشعر الفارسي الحديث فهو يقول أن : _
    ان التزام الشاعر في يومنا هذا سوق رائجة و يراد بذلك اهتمام الشاعر أو اتخاذه موقفا حيال القضايا السياسية و الإجتماعية...
    فإن كان الآلتزام يعني التطرق إلي القضايا السياسية العابرة و الآحداث اليومية الآجتماعية فهو يناقض رغما عنه رسالة الشعر التي هي كسر حواجز الزمن و نشدان الخلود .
    أما إذا كان المقصود من الآلتزام العناية بالمواقف التاريخية و الفضائل الآساسية للإنسان فاني أري أن الشعر الفارسي الآصيل كان و سيبقي ملتزما دائما. والشواهد علي ذلك ،علي سبيل المثال لا الحصر ،الشاهنامة للفردوسي التي ضمنت حقبة تاريخية محددة استقلالية ايران الثقافية بل
    و السياسية وكذلك قصائد سعدي و حافظ و جلال الدين الرومي التي خلدت المناحي المعنوية كالآخلاق و الديانة و الحكمة في مجتمعنا .
    ونادر من قوله هذا يريد أن يعيش الشاعر بذاته هو ، بـ ( أنا ) قبل بـ ( نحن )
    فاذا لم يتميز انجاز الشاعر بالآصالة و العمق ،فان تبديلا في الضمائر كهذا لن يكون سوي خدعة. أي أن الشاعر اذا استخدم في الغالب ضمير المتكلم المفرد فان ذلك لا يدل علي عدم اكتراثه للآخرين فربما كان حديث النفس لسان حال الجميع . فبمستطاع الشاعر أن يندمج مع الآخرين و يتوحد مع الجميع فان عبر هو عن ذاته حسبته معبرا عن الآخرين.
    فكما يقولون في طريقة العرفان ،( من لم يعرف نفسه ولم يختبرها لا يرقي الي مراحل أسمي وهذا المعني يتجسد في الشعر أيضا. )
    وكثير من النقاد أنتقد نادر بور على أصراره دوما على أستخدام ضمير الأنا وعلى أصراره على حديث النفس ، ورغم هذه الانتقادات لم يكن يهتم ، ويقول أنه لايعنى بالا بمحكمة أهل الظاهر ، وسيبقى بأنتظار حكم الزمن وهو الأبقى والأخلد .
    ونادر بور شاعر حالم متعطش الى الحرية بمفهومها الانساني من خلال الفطرة والعاطفة والاحساس بمرارة الغربة ويأس وتشاؤم ، وما أصابه من ظلم وقهر ، وهذا كان محفزاً له كي ينظم أشعاره الوهاجة بلغة شعرية مؤثرة فيها الكثير من المعاني والدلالات والتي شكلت زاداً روحياً له في تشكيل صوت شعري خاص به . شاعراً اقتحم بحر المعاني تعبيراً عن ذاته وهو ما سجل له حضوراً في الساحة الشعرية ومنحه كثيراً من السمات لانه صرخ بصوت عال من أعماقه تأكيد على انه إنسان مسلوب الحقوق ومقهور ، وأن سعادة ظالميه كانت على حساب مرارته وحزنه .
    والإبداع فى المضامين الشعرية لدى نادر بور، كانت نتاج حرمانه عن وطنه وطرحه على شواطئ الغربة ، فكتب عن ما يتصل بحياته ووجدانه ومحنة فراقه عن وطنه " إيران ".
    ويكفي لإدراك نوازع نادر بور وهويته الشعرية أن نقرأ عناوين مجموعاته لنعرف تفاصيل المحنة .. من هذه العناوين مثلا ً : " الأرض والزمان " " الدم والرماد " .. " من السماء حتى الحبل " .. " شعر العنب " .. " كحل الشمس .. فهي توحي بمضامينها كيف استحال الوطن وتجسد في روحه حتى باتا معا ً وحدة ً لا انفصام فيها .
    فالمنفى وعذاباته تميز عند نادر بور بالعمق والإتساع فقد استطاعت قريحته أن تعبر عن مأساة الغربة بمعنييها النفسي والجغرافي ، وأبدعت قريحته الشعرية وأظهرت في كل مجموعة شعرية من التنوّع والتلوين ما يمنحها جدّة وابتكارا ، لأنها تنبع من معطيات نفسه الحزينة المكلومة ومن محنة حرمانه عن العودة لوطنه .
    وذاته التى لاتتجلى قوتها وشخصيتها إلا بوجودها داخل الوطن المفقود إيران .
    وكما رفض الشاعر الديكتاتورية والإستبداد والنظام السلطوى الذى تجلى فى إيران بعد الثورة ، فقد بقي مناضلا لأفكاره ومدافعا عنها حتى الممات ، رافضا الإذعان لمشيئة وسلطوية من يحكمون إيران الثورة ، الذين فى رأيه ، جعلوا وطنه فى عينه موطن الخراب و محط اللعنة ينعق فيها بوم الإستبداد والقهر ، ويستبدون بهوية بلده ، ويقتل أفكار مبدعيه داخل أسوار التسلط والدكتاتورية .
    من القضايا الموضوعية التى فاح دخانها فى الموقد الشعرى المحترق لنادر بور

    الغربة والاغتراب :

    الاغتراب هو الشعور بالوحدة والانعزال وليس من المنطق ان يطلق هذا المعنى على الاغتراب عن الوطن ولكنه يطلق على كل شيء دعتك الظروف لتركه والابتعاد عنه.
    فجعل الابتعاد عنه : غريباً وتائهاً وفي نفس الوقت تجعلك تطوق إلى الرجوع اليه وتظل تراودك ايامه التي عشتها معه وبجانبه. فالمعنى ان الاغتراب ليس بالضرورة هو اغتراب عن الأوطان .
    ولكن الاغتراب قد صار مفهومه البعد عن الاوطان فقط بينما هويعني اكثر من ذلك.. ومن ناحية اخرى فإن مسمى الاغتراب او الغربة يعني بحد ذاته البعد المكاني والزماني والجسدي ايضاً ولكنه لايصل الى البعد الكلي فبإمكان المغترب ان يسترجع الذاكرة ويتذكر تلك الأيام التي قضاها في وطنه.. واذا كان هذا او ذاك فكله بعد وكله مرارة.

    تجربة الغربة والاغتراب عند الشعراء :

    تتنوع الغربة في أشعار المحدثين لتشمل الغربة في الكون والحياة ، الغربة فى المدنية و المدينة ، الغربة في الحب ، والغربة في الكلمة .
    - الغربة في الكون: وترتبط بميل الشاعرالمعاصر إلى الشك في الحقائق والميل إلى التفلسف وتفسير الكون عقلا ومنطقا، والدافع إلى ذلك أن الشاعر يحس بالعبث والقلق والمرارة المظلمة
    - الغربة في المدنية و المدينة: تتجلى في تبرم وتنكر الشاعر من المكان المدني الذي حول الإنسان إلى مادة محنطة بالقيم المصطنعة الزائفة، وهذا المكان المخيف هو المدينة المعاصرة التي علبت الإنسان وشيأته، وأضحت دون قلب أو دون روح، وفقدت كثيرا من مظاهر الأصالة، منذ غزتها المدينة الأوربية بعمارتها وطرقها وآلياتها ومصانعها وعليه فقد صور الشعر المعاصر المدينة في ثوبها ، أن الناس داخل المدينة صامتون يثقلهم الإحساس بالزمن
    ويلاحظ أن الشعراء المعاصرين لم يستطيعوا الهروب إلى الريف أو إلى عالم الغاب كما فعل الرومانسيون .
    - الغربة في الحب: وإذا كان الشاعر الحديث قد فشل في فهم أسرار الكون ووجوده، وفشل كذلك في التأقلم مع المدينة، فإنه فشل كذلك في الحب الذي أصبح زيفا مصطنعا وبريقا واهما. ومن ثم، تتحول العلاقة بين الزوجين إلى عداوة وقتال .

    - الغربة في الكلمة: أر اد الشاعر المعاصر أن تصبح كلمته سيفا في وجه الظلم ، لكن كلمته دخلت غربتها الذاتية في واقع لايعرف سوى الصدى وخنق الجهر و الافصاح و قتل الكلام .

    ويلاحظ أن الشاعر المعاصر لم يقف عند لون واحد من الغربة، فهناك من مزج بين لونين، و من تحدث عن الألوان الثلاثة للغربة، وهناك من جمع بين الأربعة في وحدة شعرية منصهرة:" تلك الوحدة سوغت له أن يمزج في بعض الأحيان، بين لونين من ألوان الغربة في القصيدة الواحدة .

    و المتأمل فى شعر نادر بور يجده قد تشابه فى أشعار المحدثين فى شيئين وهما :

    أنه شابه المحدثين فى بناء مسيرته الشعرية من حيث القالب الشعرى ومفهاميه الحداثية ، فشابه بعض المحدثين أمثال سهراب وفروغ فروخزاده بأنه غرد خارج السرب ، بمعنى أنه لم يكن متماشيا مع التيارات المعاصرة له ، فنجد أن شخص مثل سهراب سبهرى رغم التيارات الفكرية المتعددة التى احاطت به إلا أنه ، لم يلتفت إليها ولم تجذبه فى شئء بل غرد لعالم لاتشعر به إلا روحه هو ، وفروغ التى صنعت بشعرها عالم لايحكمه إلا النساء ولايعيش فيه إلا النساء ، فقد بحثت عن روح أمرأة تعيش فى جو من النسوية ، لتصارع معها قهر الرجال ، وبذلك خالفت أقرانها من شعراء الفارسية أمثال بروين اعتصامى حيث بعدت عن الموضوعات الحياتية والإجتماعية .
    ونادر بور تشابه فى ذلك أيضا ، فالغربة كانت قاسم مشترك بين هؤلاء فسهراب يبحث عن كاشانه المفقودة ، وفروغ تبحث عن أمرأة قوية تقف معها فى وجه طغيان الرجال .
    ونجد نادر بور هو الآخر يعيش فى اغتراب ،ولكن غربته كانت من نوع أشد مرارة وقسوة ، فقد عاش غربة واغتراب ، عاش غريب عن وطنه ، واغترب بفكره وروحه عن من يحيط به من بشر وكائنات حتى أنه كان يخاطبهم وكأنهم فى حالة صمم عن نداءه وشكواه .
    ولغربة واغتراب نادر بور اسباب واضحه لاتحتاج للتأويل أو البحث ، فهناك سببين رئيسيين وهما :

    خروجه من ايران وهجرته لامريكا ، والثورة الاسلامية وما حملته من افكار تعارضت مع هويته وأفكاره ، فنادر بور عاش دائما بفكر طائر يغرد خارج سربه .

    والمراقب لحياة نادر بور يجد ، أنه كان أكثر إتصالا بالغرب من سابقيه فنيما وشاملو، وكل هؤلاء الرواد لم يكن حظهم فى الاتصال بالغرب وبآدابه مثل حظ نادر بور فقد سافر لفرنسا وهناك دخل السربون ، وهذه كانت نافذة له للاطلاع على معارف وأداب الغرب وهذه المرحلة كانت تمثل مرحلة نضوج لنادر بور وللغرب ايضا ، فنادر بور نضجت شخصيته الأدبية والفكرية فى روح الحضارة الغربية الى هى وقتذاك تمثل ذروة النضوج بين حضارات العالم .
    وليس هذا بغريب أن يخرج من هذا الإتصال روح إنسان يشعر بغربة وإغتراب ، فلو عاش نادر بور فى بلده إيران فإنه لن يستطيع أن يتكيف فكره مع أهل بلده ، فهو ابن الروح الغربية ، التى تحمل كثير من مفاهيم التضاد والتعارض مع الروح الشرقية ، ومع أنه عاش فى بلاد الغرب إلى أنه ظل دائما يعيش فى حالة إغتراب وغربة وشوق لبلده إيران ، ورغم أنه عاش فى بلاد الغرب على أساس الدعوات التى وجهت إليه من كثير من مؤسسات الغرب الأكاديمية والفكرية إلا أنه ظل حتى النهاية يعامل نفسه على أنه طائر مهاجر سيظل يغرد نداءاً للوطن .

    حتى عناوين مجموعاته وقطعه الشعرية كانت تشير وتلوح إلى شاعر يعيش فى غربة مريرة ، ومجموعته الشعرية ( زمين وزمان ) الأرض والزمان خير شاهد على ذلك فهى مليئة بقطع شعرية تعبر عن شاعر يعيش غربة واغتراب ، يبحث فى مخيلته الشعرية عن شئ يسلى غربته وفقده لأهله ووطنه .
    فنراه فى قطعته الشعرية الأرض والزمان ، يرسم فى مخيلتة الشعرية صورة لنهر قريته التى ولد بها فى ايران ، لتساعده هذه الصورة على تذكر أيامه وحياته فى وطنه ايران ، ولتعبر عن مدى لوعته وشوقه لفراقه عن هذه الصورة .[/align]
    [align=center]فهو يقول :

    نهر قرية مسقط راسي الكبير
    الذى كان يعبر من منعطفات التراب والهدوء
    له ماء بضياء الأمطار
    ومن بين ثنايا الكتل المليئة بالشوك والحجر
    وضاحك ومغرد ولديه
    فيض مثل رياح الربيع
    وفى عمق شمسه لون الرمال
    و بأطياف زرقاء وبرتقالية وبنفسجية
    صنع لوحة لبساط الحبيب
    نهر قرية مسقط راسي الكبير
    فى نور السحر الفضى
    وتختفى ( تبلى ) مثل قطعة النسيج
    صورة الحمام المهاجر
    من خلف أغصان وأوراق أشجار الصفصاف
    على السطح المتموج اللامع

    زمين و زمان

    جوي بزرگ دهكده ي زادگاه من
    كز كوچه هاي خاكي و خاموش مي گذشت
    آبي به روشنايي باران داشت
    وز لابلاي توده ي انبوه خار و سنگ
    خندان و نغمه خوان
    سيري بسان باد بهاران داشت
    در عمق آفتابي او : رنگ ريگ ها
    با طيف هاي نيلي و نارنجي و كبود
    نقشي به دلربايي فرش آفريده بود
    جوي بزرگ دهكده ي زادگاه من
    در نور نقره فام سحرگهان
    عكس كبوتران مهاجر را
    از پشت شاخ و برگ سپيداران
    بر سطح موجدار درخشانش
    مانند
    طرح پارچه جان مي داد
    [/align]
    [align=justify]وهنا نراه يعيش فى هذه القطعة غربة تشتاق لصور قديمة تذكره بوطنه ، فنراه يصف نهر قريته التى ولد بها، واستخدم صورة النهر للتعبير عن حياته ومراحلها المختلفة ، التى يمر بها أيضا النهر . ويستخدم نادر بور الحمام المهاجر الذى ترتبط صورته بطيف النهر وتموجاته ، وبالأشجار المحيطة بالنهر ، كدلالة على كونه مهاجر ويعيش فى غربة ويبحث عن وطن فيه تتصل أوصاله بألوان النهر وبأمواجه اللامعة .
    ونادر بور يرسم فى قطعته الشعرية الأرض والزمان ، مراحل حركة النهر وارتباطته بما حوله من كائنات ، وهو يريد أن يعبر عن مراحل غربته التى يمر بها والتى تتشابه إلى حد كبير مع حركة النهر .
    حتى أننا نجده يقول : [/align]
    [align=center]
    نهر قرية مسقط راسي الكبير
    ظننت أن النهر كان هو الزمان
    الذى من
    من خلال ثنايا ذكريات العمر العزيزة
    يسلك الطريق صوب وادى المستقبل
    بألوان زرقاء ونارنجية وزرقوية قاتمة
    أثقل وأشد كثافة من نهر
    فى روضة الجنة

    جوي بزرگ دهكده ي زادگاه من
    پنداشتي كه جوي زمان بود
    كز
    لابلاي خاطره هاي عزيز عمر
    با رنگ هاي نيلي و نارنجي و كبود
    سنگين تر و غليظ تر از جوي انگبين
    در گلشن بهشت[/align]
    [align=justify]
    وعن هذه الغربة التى يمر بها نادر بور ، والتى عبر عنها من خلال حركة النهر ومسيرته ، وما يعتريه من مظاهر تعترضه طوال مسار حياته ، نراه يصرح بها صراحة فى قطعته الشعرية ويقول : [/align]
    [align=center]
    الان نفس الصفاء الذى لدى الماء والزمان
    فى أنهار أسمنتية محكمة
    من مملكة غربتنا : المسنيين
    يفرون مثل البرق ، ويذهبون مثل الرياح
    لأن طريقه
    ليس من بين ثنايا كتل الحجر والعشب
    وليس له ميل لأى ذكرى طوال الطريق
    ولايتوقف هو أبداً خلف أى فرع
    ولايبقى أمام أى شجيرات نعناع
    ولايخشي من أية ورقة ميتة
    هنا : الزمان والذكرى غرباء عن بعض
    ويخافون من أى آخر يشابه الليل و النهار
    حقا ، فى هذه الديار
    فى غربة بسعة الحزن والانتظار
    نحن ، نرتحل مع الزمان صوب الفناء
    بدون أى اشتياق
    وبدون أية ذكرى

    اكنون همان زلال كه آب است يا زمان
    در جوي هاي محكم سيماني
    از سرزمين غربت ما : سالخوردگان
    چون برق مي گريزد و چون باد مي
    رود
    زيرا كه راه او
    از لابلاي توده ي سنگ و گياه نيست
    ميلش به هيچ خاطره در طول راه نيست
    او ،‌ پشت هيچ ريشه توقف نمي كند
    يا پيش هيچ پونه نمي ماند
    وز هيچ برگ مرده نمي ترسد
    اينجا : زمان و خاطره بيگانه از همند
    وز يكدگر بسان شب و روز مي رمند
    آري، درين ديار
    در غربتي به وسعت اندوه و انتظار
    ما ،‌ با زمان به سوي فنا كوچ مي كنيم
    بي هيچ اشتياق
    بي هيچ يادگار[/align]
    [align=justify]
    نادر بور يرسم حياته ومسارها كأنها مثل مسار نهر يجرى ، ومايعترى هذا المسار من معوقات وروابط وعلاقات أثناء حركة هذا النهر ، فعندما كان فى بلده ايران ، كان هذا النهر له جو مختلف عن جو نهر حياته الحالى فى أرض غربته ، ففى ايران كان النهر يتمهل ويتحرك ويصنع علاقات مع ماحوله من كائنات ، ويعبس ويبسط وجهه أمام الليل والنهار ، أما الآن فنهر زمانه الآن يمتلك نفس صفاء نهر وطنه ، إلا أنه يعيش كالغرباء ، لايهتم لابالليل ولا بالنهار ، والنهر يعيش فى غربة عم حوله من كائنات ، ثم يعلن فى النهاية عن ألم غربته الحقيقى ، وهو أن الإنسان البعيد عن وطنه يرحل ويفنى بلا ذكرى ، ودون أن يشتاق إليه أحد أو يتذكره ، كأنه كائن لايعرف إلا الفناء .[/align]

    [align=justify][/align][align=center][/align][align=center][/align][align=center][/align][align=justify][/align]

    تعليق

    • بنده يوسف
      عضو منتسب
      • Jun 2009
      • 17

      #3
      نادر بور والذاتية الجديدة "3"

      [align=justify]
      وحدة ويأس :

      يعد نادر بور من شعراء الوجدان ، وتميزت أشعار أصحاب هذا التيار بكونها معبرة عن وجدان الشاعر ومجسدة لصدق مشاعره ومعاناته الروحية ، و تعتني بتصوير جواهر الأشياء، وسبر أغوار الطبيعة وتأمل فيما وراءها و أن تتجنب الموضوعات الشعرية المنمقة و الكاذبة .
      فشعر الوجدان شمل كل ما ينبثق عن الذات من حياة وكون، وعلى هذا النحو اعتبروا الوجدان بأنه نفسٌ وحياة وكون .
      ونادر بور فى أشعاره كان صاحب صبغة ذاتية وجدانية أكثر من أى شئ أخر ، فقضايا ، أشعاره ومجموعته ، كانت راية الوجدان والذات هى المرفوعة فيها .
      فمجموعاته الشعرية العشرة تكاد لاتعبر إلا عن ذاته ووجدانه وقضاياه الوجدانية ، كقضايا الوحدة واليأس والظلم والاحساس به .
      وقضية الوحدة واليأس من الموضوعات التى تجلت بشكل مباشر فى أشعار نادر بور فقطعته الشعرية ( خطبة الشتاء ) تطل على القارئ منها بشكل مباشر معانى الوحدة ومايعترى الإنسان الوحيد من حالات ونداءات متكررة بها يبحث بها عن من يشاركه آلامه .
      فنراه يبدأ قطعته ( خطبة الشتاء ) حيث الشتاء يعد خطبة يبدأ فيها بمناداة النار الى هى قبس من جوف الليل ، ويختار نادر بور شعلة النار لتعبر هى عن مشاركتها للوعته وآلمه فى وحدتها طوال الليل .[/align]
      [align=center]
      خطبة الشتاء

      أيتها النار ، يا قبس من جوف الليل
      قد نهضت للرقص
      ولكن في الفجر تسير للقلب وللحجر

      خطبه ي زمستاني

      اي آتشي كه شعله كشان از
      درون شب
      برخاستي به رقص
      اما بدل به سنگ شدي در سحرگهان[/align]
      [align=justify]
      ويتكرر نداء نادر بور فى قطعته الشعرية هذه ، ينادى كل مفاخر الماضى ، فربما تستطيع أن تساعدة على إيناس أيامه وإنتشاله من وحدته ويأسه ، من غربته وحزنه . فنراه ينادى الجبل وماتحمله من ذكريات وأساطير ، وينادى أرض الطفولة وما تحمله من أسرار الماضى والذكريات
      ونادر بور يستخدم كل هذا النداء ليعلن عن وحدته ، وأنه يذكر صفات من ينادى عليهم ليقول أنه أصبح عاري من كل هذه الأشياء بعدما صار بعيدا عن وطنه فى منفاه . حتى أنه ينادى وطنه بعدما ذاق مرارة الوحدة .
      ويتذكر وطن طفولته الذى هو وطنه منذ عهد البهلويين ، وأنه طالما هو بعيد عن كل مايحمله هذا الوطن من أماكن تذكارية وعجيبة فهو يعيش فى حالة وحدة ويأس من الحياة ، فحياته بدون هذه الأشياء بيت مظلم ولو طلع عليه حتى النهار . فنراه ينادى ويقول :[/align]
      [align=center]
      أيها الجبل المملؤ بوقار الآساطير القديمة
      يا بيت الملك قباد
      يا مآوي السيمرغ الحجرى المحظوظ
      ياأرض الطفولة منذ عهد البهلويين
      أيتها القمة العجيبة والبهية
      فالمقبرة بدون أثر جمشيد مظلمة بالنهار
      يا صخرة عقوبة الضحاك المظلم الروح
      ايها الجبل،أيها الباسل،أيها المقاتل العجوز
      يامن سقط فى بئر الأخ

      اي كوه پر شكوه اساطير باستان
      اي خانه ي قباد
      اي آشيان سنگي سيمرغ سرنوشت
      اي سرزمين كودكي زال پهلوان
      اي قله ي شگرف
      گور بي نشانه ي جمشيد تيره روز
      اي صخره ي عقوبت ضحاك تيره جان
      اي كوه ، اي تهمتن ، اي
      جنگجوي پير
      اي آنكه خود به چاه برادر فرو شدي[/align]
      [align=justify]
      ثم يأتى نادر بور ويعلن عن وحدته صراحة فى قطعته الشعرية ، ويقول أنه حتى كائنات الليل ، مثل صرصور الليل ، الذى لايمل عن الأزيز طوال الليل ، هو الآخر نام وتخلى عنه وتركه وحيدا ، يعيش وحدة قاتلة ، جعلته يأس من أن يصل إلى أى مكان فيه تنقضى وحدته التى يعانيها . حتى أنه لتفرده هذا صار فريد النوع فى وحدته هذه ، ولأن لا أحد يشابهه فى وحدته فهو أشد المخلوقات فى التعاسة واليأس .
      فهو أشد وحدة من حركة أطراف الأشجار الوحيدة فى الليل تجاه النجوم ، ومن صوت النسيم حيث الكل نيام ، فهو يتمتع أيضا بهذه الوحدة المتفردة حيث يعبر عن ذلك و يقول :[/align]

      [align=center]أنا في الليل حيث نامت صراصير الليل أيضا
      فابداً صوت عالمي الأوحد
      لن أصل ابدا من أي ناحية لأي صوت
      أنا في صمت هذا الليل البهيم المتجمد
      الوحدة صوتي، و الوحدة شخصى
      فأنا أكثر وحدة من الرب
      -في خلق الخليقة المنتشية
      أكثر وحدة من صوت دعاء النجوم
      في امتداد قبضة الآشجار الخرساء
      أكثر وحدة من أنشودة نسيم وقت السحر
      في مدينة النائمين

      من در شبي كه زنجره ها نيز خفته اند
      تنهاترين صداي جهانم كه هيچ گاه
      از هيچ سو ، به هيچ صدايي نمي رسم
      من در سكوت يخ زده ي اين شب سياه
      تنهاترين صدايم و تنهاترين كسم
      تنهاتر از خدا
      در كار آفرينش مستانه ي جهان
      تنهاتر از صداي دعاي ستاره ها
      در امتداد دست
      درختان بي زبان
      تنهاتر از سرود سحرگاهي نسيم
      در شهر خفتگان[/align]


      [align=justify]قهـر وظلـم:

      من المضامين التى ينطلق منها شعر نادر بور الرؤية التراجيدية التى قوامها المعاناة والألم والمرارة وتجرع المأساة والثورة على الظلم الإنساني والاجتماعي، ناهيك عن تمزقه من شدة الاغتراب الذاتي والمكاني والصراخ في وجه القوى العاتية والأحساس بالضياع والفقدان والموت. وبالتالي، تتحول القصائد الشعرية عنده إلى صرخات عويل وسمفونيات حزينة ، تبوح باحساسه بالظلم وغضبه وسخطه لحاله هذا الذى غطى حياته ، ومرر أيامه .
      ومن ثم، يطغى الاحساس بالظلم على الشاعر ويأسره اليأس والحنين والشوق إلى الوطن والأهل والأحبة من شدة مايشعر به من اغتراب ناتج من الوحدة والتفرد والعزلة والخوف من المجهول وضايع هويته فى المنفى ، وكأنه ولد بلا سند شرعى له فى هذه الحياة ، فهذا حال أهل المنفى ، أناس بلا هوية وباحثين عن حياة كريمة ، بعدما ذاقوا الاحساس بالظلم والقهر .
      ومن يتنقل بين اشعار نادر بور ، يشتم رائحة الاحساس بالظلم والقهر بشكل قوى وواضح ،وبنبرة تنتزع الدموع من عيني قارئها، وتشيع الحزن بلا تصنع .
      وأمتاز هذا الشاعر المسحوق والمكتوى بنار المنفى والفراق ، بهذه الخاصية الظاهرة فى أشعاره .
      فقضية الاحساس بالظلم ملحوظة بشكل كبير فى شعر نادر بور ، فالاحساس بالظلم نتاج طبيعى لما عاناه ، من منفى : قاده فكره لهذا المنفى بشكل إجبارى ، ومن غربة وحالة إغتراب غطته كشبح الليل ، وبالتالى بعد هذه الحالة سيكون لديه أحساس قوى بالظلم والقهر ، حتى أنه عامل نفسه بهذا الشكل بلا أى تملق أو خداع ، فكان صريحا فى وصف حالته الوجدانية بلا أى تجميل وتزييف .
      ففى قطعته الشعرية ( ليلة أمريكية ) وهذه القطعة الشعرية تعبر عن حال منفاه ووصفه له ، فيصف أمريكا بأنها منفاه ، و بأنها بغيضة ، ومقر للدنيويين و للشيطان ، وأنها الجحيم بعينه ، وبذلك يعلن نفوره وسخطه على من أخرجوه من جنته إيران ، وظلموه بنفيه الإجبارى إلى منفاه أمريكا ، بعدما حولوا جنته إيران إلى جحيم تحترق روحه من المكوث والبقاء فيه .
      ثم يعلن نادر بور احساسه بالظلم بشكل صريح ومعلن فى قطعته الشعرية ( همهمة فى الليل ) فيعلن أنه لو أفاضوا عليه بمنابع الدموع فى العالم كله ، ولو صارت كل هذه المنابع سيولا من الدمع ، فإنها رغم هذا كله لن تعبر عن حزنه وحسرته . فحالة حزنة أعلى من أى شكل من أشكال التعبير عن الاحساس بالظلم والحزن . فهو كشجرة أجتثت من أرضها لاتغنيها أى أرض أخرى تزرع فيها ، لأنها صارت غريبة وبعيدة عن النسيم الذى تعودت عليه ، فهى قد ظلمت ولن تغنيها أية أرض أخرى عن أرضها الأولى . فنادر بور يعلن أن حاله صار كحال هذه الشجرة المخلوعة ، لاتعرف فى أرضها الجديدة إلا الموت والاحساس بالظلم بعدما جعلت غريبة ، بقوة القهر والظلم .
      وهو يعبر عن ذلك بقوله :[/align]
      [align=center]
      همهمة فى الليل
      لو يمنحوا لي منابع دموع العالم
      ولو يتساقط سحاب بسعة الارض داخلي
      ولو تلك الدموع كسيل
      يفتح طريق القلب خفية تجاه العين
      فلن تخفف لهيب ألم صمتي
      ولن تبعد المرارة عن خيالي
      ولو ياتي الموت و يظهر طريق نسياني ( فنائى )
      وأنا من دواء الدمع فى ليالى اليقظة
      أى أمل أستطيع أن أملكه غير هذا :
      ألا يزيد ألم جديد علي ألآمي
      ومثلما ليس لدى أى ارشاد لمفقود داخلى
      وهكذا أنا مجتث من أرضى ، وليس هناك آثر قدم منى
      ولن يهب نسيمي من دياري
      ففي اقليم غربائي،ليس النسيم معروف

      زمزمه اي در شب
      اگر سرچشمه هاي اشك عالم را به من بخشند
      و يا ابري به پهناي زمين در من فرود آيد
      اگر آن اشك سيل آسا
      ره پنهاني دل را به سوي ديده بگشايد
      لهيب
      درد خاموش مرا تسكين نخواهد داد
      م تلخ مرا از خاطرم بيرون نخواهد برد
      مگر مرگ آيد و راه فراموشيم بنمايد
      من از داروي شور اشك در شب هاي بيداري
      چه اميدي به غير از اين توانم داشت
      كه درد تازه اي بر دردهاي من نيفزايد
      چنان گمگشته در خويشم ك هيچم رهنمايي نيست
      چنان بركنده از خاكم كه از من ، نقش پايي نيست
      نسيمم از ديار خويشتن بويي نمي آرد
      در اقليم غريبانم ، نسيم آشنايي نيست[/align]

      [align=justify]وبعدما اعلن نادر بور عن ما أصابه من ظلم ، نراه يوضح أن من ظلموه بالمنفى واصابوه بالحزن ، سلبوا منه علائق الأمل و العزة والشرف ، فصار شيخ بلاحلم ، ليس له آمل فى الغد ، وجعلوا حياته كلها ككتاب وجود بالى الورق ، ينفر منه حاملوه . ثم ينادى نادر بور على دياره ووطنه ، ويصفها بأنها مهد وجوده فبدونها لامعنى لحياته ، فهى أرض العناية الآلهية ، أرض حكمة زردشت ومحبة مانى ، أرض لايعتريها الشيطان ، ولو عدنا إلى قطعة نادر بور الشعرية ( ليلة أمريكية) نراه يصف أهل منفاه بأنهم سمحوا للشيطان بدخول خلوتهم ، فى حين أن نادر بور فى قطعته الشعرية ( همهمة فى الليل ) يصف وطنه بانه مبارك وليس هناك وجود لأنفاس الشيطان ، وكأن نادر بور يريد أن يعلن أنه ظلم وقهر بأن يعيش فى أرض الجحيم هذه ، وأنه لاوجود للشيطان فى وطنه إيران ببركة زردشت ومانى ، و من ظلموه هم من حلوا محل هذا الشيطان .
      ونراه يعلن عن ذلك ويقول : [/align]

      [align=center]لكن أنا بين النائمين ، ذاك الشيخ ( الذى هو ) بلا حلم
      الذي في يده، كتاب الوجود القديم البالى الورق
      فلا نوم حتي يجتث هذا التعب من داخله
      أين أنت؟ أيتها الديار البعيدة،يا مهد عتيق
      فمن جديد، أسلم الجسد لحضنك ، لقلب الليالى
      وعقدت العين ببهاء نسيمك مثل طفل
      ورفعت عينى لصياح ديكك من الكواكب
      ثم أرى صباحك يولد من بطن السحر
      فيا تراب بلا رفيق مبارك ، ديارى بعيدة
      فخيالك في رأس زردشت، و محبتك في قلب ماني
      فلن يدمرك أمر الاشرار
      ولن تشتعل لك في نفسك نيران الشيطان

      من اما در ميان خفتگان ، آن پير بي خوابم
      كه در دستش ، كتاب كهنه ي هستي ورق خورده ست
      و خوابي نيست تا اين خسته را از خويش بربايد
      كجايي اي ديار دور ،
      اي گهواره ي ديرين
      كه از نو ، تن به آغوشت سپارم در دل شب ها
      به لالاي نسيمت كودك آسا ديده بر بندم
      به فرياد خروست ديده بردارم ز كوكب ها
      سپس ، صبح تو را بينم كه از بطن سحر زايد
      ديار دور من اي خاك بي همتاي يزداني
      خيالت در سر زردشت ومهرت در دل ماني
      ترا ويران نخواهد
      ساخت فرمان تبهكاران
      ترا در خود نخواهد سوخت آتش هاي شيطاني[/align]

      [align=justify]ويتجلى احساس نادر بور صراحة بالظلم والقهر والأحساس بألم هذا الظلم فى قطعته الشعرية ( شعر العنب ) ، ويبدأ قطعته الشعرية متسائلا من يقول أن هذا الذى فى حبات العنب عسلاً ؟
      وهنا يرسم نادر بور فى صورته الشعرية هذه كائنا يعبر عن حاله وهو البستانى ، ويؤكد نادر بور أن هذا الذى يعتقدون أنه عسلاً ماهو إلا دمع هذا البستانى ، ليعبر نادر بور برسمه لهذه الصورة الرائعة عن مدى حزنه وآلمه لم ناله من ظلم وقهر . فيعبرعن ذلك بقوله : [/align]
      [align=center]
      شعر العنب
      ماذا تقولون ؟
      أين العسل ؟! أهذا الماء الذى فى كل حبة عنب حلوة ؟!
      أين العسل ؟ هذا دمع
      دمع البستانى العجوز المتعب
      الذى يطوى الليالى
      ويبقى طوال الليل حتى الفجر يقظا

      شعر انگور
      چه مي گوييد ؟
      كجا شهد است اين آبي كه در هر دانه ي شيرين انگور است ؟
      كجا شهد است ؟ اين اشك
      اشك باغبان پير رنجور است
      كه شب ها راه پيموده
      همه شب تا
      سحر بيدار بوده[/align]

      [align=justify]وبهذا يعلن نادر بور صراحة احساسه بهذا الظلم حيث يرسم لنا صورة بستانى ليعبر عن شخصه وحاله ، ويكون البستانى عجوزا متعبا حيث لاأمل لأن يستجيب أحد لنداءه وسهره ، ولا أمل له هو أيضا لتعبه وكبر سنه . ثم يكمل نادر صراخة واعلانه لهذا الآلم ، ويقول أنه تعدى مرحلة الدمع ، وأصابه جرح فى قلبه ، ليس له شفاء ولا دواء ، فهو ينزف دماً .
      وهنا يريد أن يوصل للقارئ مدى مرارته ومعانته من جراء ما أصابه من ظلم وقهر أوصله لمنفاه . فنراه يعبر بقوله :[/align]
      [align=center]
      ماذا تقولون ؟
      أين العسل ؟! أهذا الماء الذى فى كل حبة عنب حلوة ؟!
      أين العسل ؟ هذا دم
      دم البستانى العجوز المتعب

      چه مي گوييد ؟
      كجا شهد است اين آبي كه در هر دانه ي شيرين انگور است ؟
      كجا شهد است ؟ اين خون است
      خون باغبان پير
      رنجور است[/align]
      [align=justify]
      ويستخدم نادر بور العنب لما له من دلالة خاصة عنده ، فالعنب فاكهة من فواكة الملوك ، يأكلونه فى أوقات اللهو والسمر ، وكأن نادر يريد أن يقول أن من غصبوه حقه بأن أخرجوه من مملكته فى إيران عندما يتلذذون بأكلهم العنب ، فهو حينئذ يتألم وينزف دما ، جراء لذتهم هذه .
      وبذلك يعلن نادر بور أنه لم يذق إلا طعم المرارة والاحساس بالظلم ، فالناس عندما يأكلون العنب يتلذذون ، وعندما يعصرونه ينتشون .
      فالبستانى هو الصاحب الحقيقى للبستان ، فهو المراقب والمشاهد الحقيقى لحركة ونمو كائنات هذا البستان كالمواطن الحامل لدلالة مواطن داخل وطنه ، هو المراقب لحركة مجتمعه ووطنه ، وبعد كل هذا لا يتمتع البستانى بنتاج بستانه ، بقدر ما يتمتع الآخرون .
      لكن نادر بور خارج هذه الحسابات ، فالمتعة والتلذذ هاجره ، ولم يعد يعرف غير المرارة والحزن والظلم والقهر . ويمضى نادر بور بجرأة وصراحة فى وصف حاله وظلمه هذا ويقول :[/align]
      [align=center]
      ها انتم تضغطون على كل حبة بسهولة بين الشفاه
      وتعصرون كل عنقود بيسر بين الاسنان
      بينما هو بالنسبة لي كأس من الدم
      او كأس من الدمع
      تحصلون عليه بيسر هكذا
      وتشربونه بسهوله هكذا

      چنين آسان ميفشاريد بر هر دانه ي لبها را و بر خوشه دندان را ؟
      مرا اين كاسه ي خون است
      مرا اين ساغر اشك است
      چنين آسان مگيريدش
      چنين آسان منوشيدش
      [/align]
      [align=justify]وبذلك يكون نادر بور بالفعل صاحب مدرسة شعرية وجدانية ، ذاتية التعبير ، تعلى راية وجدان الشاعر قبل أى شئ ، وكأن الشعر للشاعر .
      فالنقاد عابوا على سهراب كونه طائر يغرد خارج السرب بعيد عن ما حوله من تيارات ، ويكون نادر بور هو الأخر من المقتفين لآثر هذه المدرسة التى تعلى راية وجدان الشاعر فوق أى شئ آخر .[/align]

      [align=center]( مفاد القراءة فى شعرية نادر بور )[/align]
      [align=justify]
      يعد الشعر حالة تصوير للواقع بأدوات لفظية سمعية تقرن الأحساس باللغة في دلالة تربط بين الشعور والمعنى،ويعد الشعر هو ترجمة لتراجيديا الحياة ومآسيها ومظالمها ومسراتها
      ويأتى الشعر بعد النضج الفكري والفهم السياسي والإدراك الأجتماعي ، وهذا ماظهر بشكل جلى فى مجموعات نادر بور الشعرية ، حيث هذه المجموعات نتاج نضج فكرى وسياسي وإجتماعى قبل أن يكون نضج فى الملكة الشعرية .
      فعندما نقرأ فى أعمال نادر بور نجده يعد من رواد المدرسة الفارسية الحديثة للشعر ، ويعد رائد لتجديده فى المضامين والموضوعات الشعرية ، فنادر شابه المدرسة الحديثة فى بناء شكل مسيرته الشعرية ، و تلميذا لنيما يوشيج فى ذلك ، حتى أن نادر بور يعلن تبعيته لتلك المدرسة صراحة ، ويقول أنه لم يكن مقلداً أعمى ، بل أختار هذه المدرسة لأنها تلبى احتياجات العصر ، فكان لايؤمن بديمومة الأشكال والأطر ، ويراها وليدة مقتضيات الزمن والعصر .
      لكننا نلاحظ أيضا أن نادر بور لم يكن مقيداً لنهج ً هذه المدرسة الشعرية ، بل كان رائداً بتجديداته ، فرغم أنه كان تابعا فى الشكل لمدرسة نيما يوشيج ، إلا أنه كان مجدداً فى المضامين ، فنراه يضع سلطته على النص ، ويعلن نادر بور أن الشعر للشاعر قبل أى شيء آخر ، فقد أستخدم الشعر للتعبير عن قضاياه الذاتية والوجدانية ، ويعلى نادر بور ضمير ( أنا ) فوق ضمير ( نحن ) ، ورغم هذا يعلن نادر بور أن هذا لايعبر عن عدم اكتراثه للآخر ، ويؤكد أن حديث النفس هو لسان حال الجميع ، فالأنا فى الشعر هى (( الآخر )) بعبارة أخرى .
      ونادر بور برع فى بناء الصورة الشعرية فى مسيرته الشعرية ، فرغم أن سهراب سبهرى تفيض عنده الصورة الشعرية بشكل مفرط ، حيث أستطاع أن يوظف ببراعة الصورة فى خدمة عرفانيته ودروشته ، إلا أن نادر بور هو الآخر برع فى توظيف هذه الصورة لخدمة قضاياه ووجدانه فنراه فى العديد من مجموعاته يبرع فى تجسيد صورته الشعرية ، فبراعته أنه أستطاع بشكل سحرى أن يصنع روابط وعلاقات حية بين أجزاء الصورة ، فنراه يبرع فى قطعته الشعرية ( ليلة أمريكية ) فى رسم صورة للشمس تظهر فيها الشمس وكأن لها حركة بطيئة ،وتسكن فى حرارة تحيطها بهالة وضاءة مشتعلة . ويجنح بعد ذلك ناحية قمة السماء ليرسمها ذات حركة ناحية صخور البحر ، وهذه الحركة تحدث الصوت وهو إرتطام السماء بصخور البحر ، كموج البحر ، وهكذا يبرع فى رسم صورة حية يصدر منها الصوت والضوء والحركة وكأنها صورة حية تماثل نظيرتها فى الطبيعة .
      ونادر بور يعلى وجدانه فى شعره ، فنجد أغلب مجموعاته تعيش فى قضايا وجدانية وذاتية ، فنراها تعبر عن غربته وإغترابه و يأسه وحزنه وإحساسه بالقهر والظلم .
      وهذا ليس بغريب لشخص كنادر بور ، فهو وليد مرحلتين ، الدولة والثورة ، والأخيرة كانت سبباً مباشره فى تغيير مناخ عقله ، فنراه يذهب إلى المنفى بعدما وصل لحالة اغتراب فى وطنه إيران ، وبعدما استقر فى منفاه يعيش معاناة المنفى حيث الحزن واليأس والاحساس بالقهر ، ولذلك ليس غريب أن يوظف نادر بور شعره لقضاياه الوجدانية ، فهو فى حاجة لأن يوصل صوت صراخه وألمه للآخرين . وفى حاجة لإعلان صرخة رفضه لما تعرض له من قهر وظلم .
      وهكذا يعد نادر بور بتميزه وخصوصيته فى مضامينه الشعرية ، شاعر متفرد وصاحب مدرسة خاصة ، أضفت اثراء لمدرسة الشعر الفارسي الحديث .
      وخير ما ننهي به موضوعنا هو أن الشاعر نادر بور هو شاعر المرارة والحزن، وشاعر الألم والأمل، يجتر المعاناة الذاتية والموضوعية، ومن جانب آخر يحمل في صدره هموم الذات والوطن والإنسانية بصفة عامة ، ويشدو بالهوية والتاريخ، ويسترجع أمجاد الإيرانيين ، ويستقرىء صفحات بطولاتهم، وفي نفس الوقت يثور على واقعهم الذى صنعته الثورة بفكرها وهويتها .
      ولا يريد الشاعر أن يبقى مقيدا بشرنقة اليأس والهزيمة المكلومة، بل يتحدى الحاضر وينظر بكل أمل إلى غد الحرية والتحرر والانعتاق من الاستعباد والجهل والظلم الاجتماعي والسياسي الذى أدى إلى حالة الحزن واليأس التى وصل إليها هو وأقرانه من أهل المنفى خارج وطنهم إيران .
      وقد عبر الشاعر عن هذه المضامين بأشكال شعرية من سماتها تنوع الأساليب وسهولة الألفاظ الموحية وجمال الصور البلاغية ودقة روعتها في التجسيد والتشخيص والتصوير المجازي .

      [/align][align=justify][/align][align=center][/align][align=justify][/align][align=justify][/align][align=center][/align][align=center][/align][align=justify][/align]

      تعليق

      يعمل...