خيمينيس لألبرتينا كاري :الحب المحرم

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد زعل السلوم
    عضو منتسب
    • Oct 2009
    • 746

    خيمينيس لألبرتينا كاري :الحب المحرم

    ضمن فعاليات أيام السينما الأرجنتينية المتميزة بالمركز الثقافي الاسباني (سرفانتس) بدمشق تم عرض فيلم خيمينيس أو التوأمان وهو يتحدث عن عائلة بورجوازية أرجنتينية ,يرتبط فيها الأخ مع أخته بعلاقة محرمة. وفيما يعود الأكبر إلى المنزل لإعلان زواجه وعلى هامش لم شمل الأسرة مجددا,تحل عاصفة عظيمة داخلها اثر تلك العلاقة المحرمة.

    العلاقة المحرمة:

    ضمن الموجة الجديدة في السينما الأرجنتينية ,تعرفنا سابقا على اسم المخرجة الأرجنتينية الشهيرة "لوكريسيا مارتيل" وهي من أبدعت في (المستنقع la cienaga) وأيضا (الطفلة القديسة la Niña Santa) ,ولكن مخرجات أخريات سلكن ذات الطريق مؤخرا وخرجن من الظل كالمخرجة الأرجنتينية الشابة ألبرتينا كاري والتي من خلال فيلمها "خيمينيس"2005 وهو فيلمها الروائي الطويل الثالث.

    في لوحة تشكيلية بديعة تعكس حياة برجوازية لعائلة مصابة بخلل وظيفي واضطراب يعود إلى التراجيديا القديمة حيث الخطيئة القاتلة أو الخطأ المميت لعلاقة محرمة بالأساس بين أخ وأخته, إذ بدا أحدهما جميلا للآخر,رغم الأبوية المسيطرة والحاكمة للعلاقات العائلية داخل تلك الأسرة حيث تتربع الأم على قمة الهرم لتهتز من أعماقها حينما ينكشف الغطاء الهش والمهترئ والخادع أمام حشرجتهما في اللذة والمتعة,فتلك العلاقة المحرمة كانت مكشوفة سابقا لدى منظم الديسكوتيك,وقد عبرت الحيطان وبدأ سر تلك اللذة بالانكشاف شيئا فشيئا.

    خطت المخرجة ألبرتينا كاري هذا الخوف وتلك الحقيقة المرعبة بيد ماهرة ,وكأنها تعرف تماما رتم وجوقة الحياة اليومية المفرطة بالرقة والخداع داخل تلك العائلة البرجوازية في تصويرها المتقن لرتابة الحياة داخلها وتجلى ذلك بوضوح حين اجتمعت الأسرة حول لعبة الاسكربل "لعبة بيتية ترتكز على ملء خانات رقعة بفيشات من الحروف بحيث تتألف منها الكلمات" أو اللعب بالسيوف بين الأخوان لتقطيع الوقت البطيء ولعكس العلاقة الهشة أساسا داخل الأسرة,وسرعان ما تتسخ تلك الرقة والطهارة البادية فضلا عن الراحة النفسية الظاهرة والرتابة القاتلة لتتحول إلى جحيم من القذارة,نتيجة للأحقاد والضغائن والعصبيات السطحية فيما يغوص التوأمان "الأخ وأخته" في فقاعتهما من المعاصي اليومية وهما اللذان لايتلقيان الحب بقدر ما يمارسانه ويعطياه لبعضهما البعض. فالمراهقان هنا بعلاقتهما الشاذة تلك يظهران بذات الوقت لوالدتهما وكأنهما يتصرفان في السادسة من العمر,أوكأنهما طفلان صغيران جدا.

    تصل المخرجة بنا في تلك اللحظات لتأكيد مفهوم الرعاية والتناقض مع الضياء الذي يعبر عن الحقيقة الساطعة كالشمس رغم بعض المطر والوحل في لقطة قصيرة بالفيلم تعكس القذارة التي تغطيها المظاهر والنفاق الاجتماعي وهذا المطر عكس الظلام فضلا عن ضباب الحمام وكتابات كل من الأخوان للآخر من عبارات تؤكد التواجد الدائم لكليهما والحماس والاندفاع لارتكاب المعاصي كفاية للوصول إلى نهاية طنانة حيث تبرز هنا بسالة الأم أمام روع ماسمعت من حشرجات اللذة وما رأت من التحام جسدي كحيوان بشري ذي ظهرين ,فتحاول إظهار صبرها وسخائها في هذا الصبر مع مايثير السخرية أو كما يقال "شر البلية ما يضحك".

    فيلم المنطقة المحرمة:

    دخل فيلم المخرجة الأرجنتينية ألبرتينا كاري في منطقة محرمة وطرح موضوعا محرما ,وقد شارك هذا الفيلم في مهرجان بوينس آيرس الدولي للسينما المستقلة وشارك بين أفلام المسابقة الرسمية لمهرجان كان عام2005 مما ساهم في شهرة المخرجة ألبرتينا كاري على المستوى العالمي.

    خيمينيس هو فيلم فظ وقاسي وصادم خصوصا عند اكتشاف الأم تلك العلاقة ورفع القناع ,كما أنها قصة حب عاطفية محرمة في كنف عائلة برجوازية.

    لوسيا,أم تلبي كافة متطلبات أولادها,وهي المستحكمة بنظام أسرتها وفق عادات وتقاليد وأعراف العائلة الأرجنتينية طالما لم تر ما يجري تحت أنظارها فيما اسكيال الابن الأكبر في العائلة يصل من اسبانيا للاقتران والزواج تحت مرأى ومسمع عائلته. كما ذكرنا سابقا فحضور اسكيال يجدد هشاشة العلاقات في أسرته ويؤدي خلافه مع التوأمان الى ظهورها أكثر,كما يؤكد وجوده على استحالة تنظيم الخلل الحاصل داخلها فيما تأثير العلاقات العاطفية بين التوأمان أكبر من الأخلاقيات الاجتماعية التي تحرم ذلك.

    فيلم الأم أو الحب بين الغروتسكية والقسوة:

    تقول المخرجة ألبرتينا كاري :"حتى الآن وهناك من يسألني إن كان خيمينيس فيلما تحت عنوان الأم أم تحت عنوان الحب" في الحقيقة هناك خطان متوازيان بالفيلم أو بالأحرى هناك خطان متناقضان ولقاءهما كارثة والتي ستحل بنهاية الفيلم, فالخط الأول هو خط الأم التي تمثل الروابط العائلية الطبيعية داخل المجتمعات الإنسانية وتقودها الى بر الأمان والخط الثاني وهو الخط الهادم والذي يهدد كيان الأسرة بأسرها ويقودها الى الانهيار المبرم والنهائي نتيجة تلك العلاقة المحرمة, فهذان المفهومان موجودان معا وبشكل متوازي خلال الفيلم الى أن يتقاطعا ,حيث كان مجرد توازيهما مملا ومضجرا الى حد كبير الى أن تحين لحظة الحسم حيث الصاعقة المرتقبة على رأس الأم لوسيا ولكن تماسكها ورباطة جأشها فضلا عن عاطفة الأمومة التي تبرز في تلك اللحظة تجاه أبنائها وكأنها تحاول تصور نفسها داخل كابوس أو مجرد أضغاث أحلام لتحاول الهروب وبحركات غروتسكية فتخرج من الغرفة بعد أن فصلت الجسدان الملتحمان فتنهض وتسقط وكادت أن تسقط من أعلى الدرج وهي مشدوهة وكأنها في حالة غيبوبة أو موت مؤقت وفيما تحاول عبثا الحصول على الشمبانيا وهي ترتجف من أعلاها الى أسفلها وفي محاولة شبه يائسة للتعقل أمام منظر جسدي ابنها وابنتها الملتحمين, فيظهر هنا أن الأم لوسيا هي الأكثر قوة بين الجميع والأكثر حبا لأولادها والأكثر ضعفا ووهنا بل والأكثر مخاطرة في رهانها الأخير للحفاظ على أسرتها, وحين حاولت تناول كأس الشمبانيا فجرحت وجه ابنها الملوث بعلاقته في متابعة حثيثة من المخرجة لاستكمال ذلك المشهد الغروتسكي المثير للشفقة تجاه الأم وهي المفجوعة بما لا يمكنها تصوره وهي تذكرنا برواية الطاعون لألبير كامو وذلك المشهد الغروتسكي لأحد الممثلين على المسرح في وهران وقد أصيب فجأة بنوبة الطاعون فاعتقد الجمهور أنه مشهد كوميدي مفاجئ ثم ليدب الرعب في قلوب المشاهدين حين تأكدوا أنه الطاعون فعلا ففر الناس ليستكمل المشهد الغروتسكي بفرار الناس أنفسهم,يتكرر هذا المشهد أيضا في فيلم ألبرتينا كاري وبشكل تراجيدي أو سقوط مريع لأم تستبسل في ثباتها ومع ذلك فقد أبقت أولادها الى جانبها واستمرت إحاطتها لهم وهو إنما يدل على جبروتها ,وهي الكارهة والمحبة لأسرتها حيث لم يعد يجرؤ الأولاد على رفع عينيهما فيما بينهم أو تجاه والدتهما ,فتستعد الأم للسفر مع هيمنة الصمت الدائم وغناء الأم بالانكليزية وهي شاردة أمام النافذة وتتحدث مع صديقتها وكأنها ملك فقد ملكه وخسر كل حروبه التي عاش لأجلها وكأنها تحاول التخلص من نفسها أو عزاء ذاتها حتى لا تنفصل عن أبنائها التي كانت تعتبرهم الأقل رعبا ولتتوازن مع ذاتها القابلة لتنجرح بأية لحظة فالغصة التي تحاول إخفائها عبثا تسيطر عليها وتقودها للعطب.

    المخرجة ألبرتينا كاري: ولدت المخرجة ألبرتينا كاري في بوينس آيرس عام 1973 وقد شاركت بالعديد من المهرجانات الدولية في لندن وهولندا وفيينا وفرنسا.

    أفلامها كمخرجة حيث لديها 4 أفلام روائية طويلة و4 أفلام قصيرة وفيلم وثائقي واحد:

    1-الغضب "la rabia" وهو آخر أفلامها حاليا.

    2- خيمينيس "Géminis" إنتاج 2005.

    3-بالعكس "De vuelta" فيلم قصير 2004.

    4-الشقر(جمع أشقر) "Los rubios"2003 .

    5-شهرة "Fama" قصير2003 .

    6-تستطيع باربي أن تكون حزينة أيضا "Barbie también puede eStar triste" قصير 2001

    7-قصص حية للأرجنتين "Historias de Argentina en Vivo" وثائقي 2001 .

    8-أورورا"Aurora" قصير 2001 .

    9-لا أريد العودة للمنزل "No quiero volver a casa" طويل 2000 وقد نال شهرة كبيرة وشارك بالعديد من المهرجانات العالمية كروتردام بهولندا.

    وقد كتبت المخرجة ألبرتينا كاري سيناريو العديد من أفلامها كفيلمنا الذي عرض بدمشق "خيمينيس" وكذلك فيلم "الشقر" و"الشهرة" و"باربي" و"لا أريد العودة الى منزلي".
يعمل...