وهذا جانب من تعامل السلطان عبد الحميد تجاه الأرمن بعد قيام المنظمات الأرمنية بأعمال تخريب شملت مؤسسات الدولة ومنها البنك العثماني، اقتطفناه من كتاب " مذكرات تحسين باشا"
الأرمن يُمنعون من الاشتراك في المناقصات
بعد التمرد الأرمني الذي بدأ بأحداث قومقابي باسطنبول وانتشر في مختلف مناطق البلاد ليحرق الأخضر واليابس، قرر السلطان عبد الحميد اتباع سياسة الشدة حيال الأرمن، واختار طريق انزال ضربة اقتصادية بالشعب الأرمني لإنجاح سياسته تجاههم. وفي تلك الفترة كان للأرمن مكانة قوية في عالم التجارة، وكذلك في التعهدات الحكومية. ولاقتناع السلطان عبد الحميد بحقيقة أن التمرد الأرمني يتلقى المال والقوة من هذه المصادر، فقد أمر جازماً أن تتخذ التدابير الأولية لإنهاء كل حوار أو تعامل مع الأرمن. وكانت هناك متابعة مكثفة على مدى تطبيق هذه الإرادة السلطانية، وكان أمر تأمين المصوغات الذهبية للقصر في تلك الفترة بيد الأرمن، وكانوا يَجْنونَ من وراء ذلك الكثير من الأرباح، فأخرجهم السلطان من القصر، وعمَّم هذا الأمر المشدد على الولايات والمتصرفيات الأخرى، فنفذ بصورة قاطعة. وقد أدى هذا القرار إلى زعزعة الأرمن بشكل جدي، ذلك لأنهم حُرِموا من الأرباح الطائلة التي كانوا يجنونها أعواماً طويلة من التجارة والسوق ومن أبواب الحكومة. وسعى الأرمنُ كثيراً لرفع هذا المنع والعودة إلى سابق عهدهم. وتقدموا الاستعطافات للسلطان، لكن هذه الاستعطافات لم تحد من غضب السلطان وغيظه، بل كان سببا في بعض الأحيان لتعريض من توسطوا فيها للمعاملة السيئة.
ولإنقاذ الأرمن من العاقبة السيئة التي وقعوا فيها، قَدِمَ إلى القصر بطريركُ الأرمن من جهة، ومستشار الخارجية أرتين باشا والمستشار القانوني للخارجية غابرييل نورادونكيان أفندي، وأعربوا بأنهم سيبعثون برسائل إلى المنظمات الأرمنية، يُبيِّنون فيها مدى خطورة استمرار أعمال التمرد داخل تركيا على الشعب الأرمني، وأنهم ما فتئوا يحذرون الأرمن من الوقوف خلف تلك المنظمات، في محاولة منهم لإظهار الولاء للسلطان وتهدئة غيظه.
وكان بطريرك الأرمن يتردد على القصر بصورة مكثفة ليكرر صدق الولاء والطاعة. أما أرتين باشا، فيأتي إلى القصر ليقول بأنه أرسل رسائل ونصائح إلى نوبار باشا في مصر، الذي يعتبر أقوى الممولين والمؤيدين للحركة الأرمنية في أوربا، وكذلك إلى رؤساء المنظمة في جنيف بصورة خاصة. لكن السلطان عبد الحميد يدرك الأهداف والمقاصد الحقيقية لهذين الرجلين اللذين نشآ في السلك الدبلوماسي، فيتظاهر بتلقيهما حسن القبول، إلا أنه لا يغير من سياسته حيالهم شيئاً. ولما كانت قصور السلاطين الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الحظوة، فإن أقوى تيارات التنافس تجدها في هذه القصور. فالأصدقاء المخلصون ، قبل الدخول إلى القصر والحلول فيه، ينقلبون إلى خصوم بعد كسب منصب أو حظوة، فيظهرون التشكي من بعضهم أو هكذا يتظاهرون أمام السلطان. ومن حيث الأساس، فإن سياسة القصر تقتضي ذلك. إذ لم يجد السلطان التدبير المناسب للاطلاع على أفعال وأحوال وأفكار وأقوال موظفيه الرسميين ورجاله الخصوصيين داخل القصر، لذلك فإن أي صداقة حميمة واتفاق في الرأي بين اثنين في القصر يعني نوعاً من الاتحاد والتحالف، وهو ما لا يرضي السلطان عبد الحميد أبداً. إذ يجب أن يكون كل واحد خصماً للآخر أو متجسساً عليه، وعلى كل واحد أن يكتب تقريراً بحق الآخر. ولا يقتصر الأمر على الأكابر، بل كان الخدم يرسلون التقارير بحق أسيادهم ، ومثل هذه التقارير تؤخذ مأخذ الجد.
الأرمن يُمنعون من الاشتراك في المناقصات
بعد التمرد الأرمني الذي بدأ بأحداث قومقابي باسطنبول وانتشر في مختلف مناطق البلاد ليحرق الأخضر واليابس، قرر السلطان عبد الحميد اتباع سياسة الشدة حيال الأرمن، واختار طريق انزال ضربة اقتصادية بالشعب الأرمني لإنجاح سياسته تجاههم. وفي تلك الفترة كان للأرمن مكانة قوية في عالم التجارة، وكذلك في التعهدات الحكومية. ولاقتناع السلطان عبد الحميد بحقيقة أن التمرد الأرمني يتلقى المال والقوة من هذه المصادر، فقد أمر جازماً أن تتخذ التدابير الأولية لإنهاء كل حوار أو تعامل مع الأرمن. وكانت هناك متابعة مكثفة على مدى تطبيق هذه الإرادة السلطانية، وكان أمر تأمين المصوغات الذهبية للقصر في تلك الفترة بيد الأرمن، وكانوا يَجْنونَ من وراء ذلك الكثير من الأرباح، فأخرجهم السلطان من القصر، وعمَّم هذا الأمر المشدد على الولايات والمتصرفيات الأخرى، فنفذ بصورة قاطعة. وقد أدى هذا القرار إلى زعزعة الأرمن بشكل جدي، ذلك لأنهم حُرِموا من الأرباح الطائلة التي كانوا يجنونها أعواماً طويلة من التجارة والسوق ومن أبواب الحكومة. وسعى الأرمنُ كثيراً لرفع هذا المنع والعودة إلى سابق عهدهم. وتقدموا الاستعطافات للسلطان، لكن هذه الاستعطافات لم تحد من غضب السلطان وغيظه، بل كان سببا في بعض الأحيان لتعريض من توسطوا فيها للمعاملة السيئة.
ولإنقاذ الأرمن من العاقبة السيئة التي وقعوا فيها، قَدِمَ إلى القصر بطريركُ الأرمن من جهة، ومستشار الخارجية أرتين باشا والمستشار القانوني للخارجية غابرييل نورادونكيان أفندي، وأعربوا بأنهم سيبعثون برسائل إلى المنظمات الأرمنية، يُبيِّنون فيها مدى خطورة استمرار أعمال التمرد داخل تركيا على الشعب الأرمني، وأنهم ما فتئوا يحذرون الأرمن من الوقوف خلف تلك المنظمات، في محاولة منهم لإظهار الولاء للسلطان وتهدئة غيظه.
وكان بطريرك الأرمن يتردد على القصر بصورة مكثفة ليكرر صدق الولاء والطاعة. أما أرتين باشا، فيأتي إلى القصر ليقول بأنه أرسل رسائل ونصائح إلى نوبار باشا في مصر، الذي يعتبر أقوى الممولين والمؤيدين للحركة الأرمنية في أوربا، وكذلك إلى رؤساء المنظمة في جنيف بصورة خاصة. لكن السلطان عبد الحميد يدرك الأهداف والمقاصد الحقيقية لهذين الرجلين اللذين نشآ في السلك الدبلوماسي، فيتظاهر بتلقيهما حسن القبول، إلا أنه لا يغير من سياسته حيالهم شيئاً. ولما كانت قصور السلاطين الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الحظوة، فإن أقوى تيارات التنافس تجدها في هذه القصور. فالأصدقاء المخلصون ، قبل الدخول إلى القصر والحلول فيه، ينقلبون إلى خصوم بعد كسب منصب أو حظوة، فيظهرون التشكي من بعضهم أو هكذا يتظاهرون أمام السلطان. ومن حيث الأساس، فإن سياسة القصر تقتضي ذلك. إذ لم يجد السلطان التدبير المناسب للاطلاع على أفعال وأحوال وأفكار وأقوال موظفيه الرسميين ورجاله الخصوصيين داخل القصر، لذلك فإن أي صداقة حميمة واتفاق في الرأي بين اثنين في القصر يعني نوعاً من الاتحاد والتحالف، وهو ما لا يرضي السلطان عبد الحميد أبداً. إذ يجب أن يكون كل واحد خصماً للآخر أو متجسساً عليه، وعلى كل واحد أن يكتب تقريراً بحق الآخر. ولا يقتصر الأمر على الأكابر، بل كان الخدم يرسلون التقارير بحق أسيادهم ، ومثل هذه التقارير تؤخذ مأخذ الجد.
تعليق