مقتطف من مذكرات تحسين باشا
ملحق بحادثة القنبلة
ورد في اللائحة، التي أعدتها اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادث القنبلة الذي تعرضتُ له في مذكرتي هذه بصورة مقتضبة، الجهاتُ التي أعدت للحادث والهدف المقصود منه. وظهرت حقيقة القضية، لكن الجانب الخفي من الموضوع بقي مكتوماً، لأن إظهار ذلك الجانب لم يكن جائزاً في تلك الفترة. ولجهة اطلاعي على ذلك الجانب بحكم وظيفتي فإني لا أرى غضاضة من أن أُطْلِع عليه الرأي العام.
استخبارات ماقبل الحادث
علم السلطان بقرار القيام بالحادثة من العريضة التي أرسلها رئيس الشرطة السرية السابق أحمد جلال الدين باشا الفار إلى مصر، إلى العتبة العليا عن طريق رئاسة الكتابة وهذا هو نص العريضة:
«بالرغم من أن عبدكم محروم ومهجور من فضل وكرم صاحب الجلالة، ومنكسر ومغدور بسبب وشايات البعض، فإن انغماري بنعمة جلالتكم منذ نعومة أظفاري يجعلني أشعر أنه من الواجب علي أن أبلغ جلالتكم بأن لجان تركيا الفتاة والأرمن قد اتفقت وقررت في جنوا اتخاذ التدابير اللازمة للقيام بعملية اغتيال لشخص جلالتكم، وأن ديران كلاكيان وهو من رجالكم المخلصين أيد هذا الخبر. والأمر لحضرة ولي الأمر.
1321 مايس (30 مايس 1905) القاهرة».
أخبارية الاشتراكي الألماني هنري أدولف
«بالرغم من أن جلالة الإمبراطور العثماني السلطان عبد الحميد يعمل ضد المبادىء الاشتراكية، فإنه من جهة علاقة المصالح الألمانية بشخصه، وخدمته للمصالح الألمانية العامة من وجههة نظر مبادىء الاشتراكيين الألمان، أرى من واجبي التبليغ بأنه من المنتظر عاجلاً قيام تركيا الفتاة واللجان الثورية الأرمنية والبلغارية بتنفيذ مخططهم لاغتيال شخص جلالته.
5/11/1904».
معروضات الحاج بيير أفندي التابع للسفارتين الروسية والفرنسية، بوساطة المرحوم ذهني باشا
لم يَعْتَدْ الحاج بيير أفندي القيام بأخباريات تحريرية، بل كان يبلغ بمسموعاته بكل صدق شفاها فينال بذلك تكريم السلطان له. وقبل حادثة القنبلة بشهرين، اتصل بيير أفندي بالمرحوم ذهني باشا وزير النافعة (الأشغال العامة) مبلغاً إياه، بصورة سرية بأنه استناداً إلى الأخبار التي ترشحت من السفرات [الشفرات]، عزمَ لجان تركيا الفتاة القيام بحادثة في اسطنبول.
صورة الكتاب الذي أرسله القائم بأعمال السفارة
في أثينا تحت رقم 342 وتاريخ 8 ايلول 1905
«كنتُ قد أبلغت في برقيتي رقم 277 وتاريخ السادس من أغسطس الماضي بتوجه رجل اسمه د. أناغنوستي إلى اسطنبول حاملاً معه معلومات مهمة تفيد في الكشف عن مؤامرة أعدت لها اللجانُ الأرمنية ضد الأمن العام في الممالك العثمانية. ولما كنتُ قد سارعت إلى إبلاغ مديرية الأمن بمجمل المعلومات التي حصلت عليها من المرقوم حول هذا الموضوع، فقد انتبهتْ مديريةُ الأمن المذكورة وقامت باتخاذ الإجراءات المؤثرة ضد المشتبهين بهم في أثينا وبيريه. أما اكتشاف القنابل في إزمير في تلك الفترة، فقد كانت حجة لي في التأكيد على الحكومة اليونانية باتخاذ التدابير اللازمة. ولم يمض وقت طويل حتى ظهرت نتائج يقظة الشرطة المحلية وجهودها في هذا الشأن. ففي يوم الجمعة الماضي قامت شرطة مدينة بيريه بمداهمة محل إقامة الأرمني برمنيان، الذي يعمل حارساً في متجر لبيع الفحم في المدينة المذكورة، ووضعت يدها على أربع حقائب مليئة بالقنابل، كما تم توقيف اثنين من الأرمن يعيشان في نفس المحل، أحدهما أودع الحقائب لدى برمنيان والأخر جاء ليستلمها وينقلها بصفته من البحارة العاملين في السفن.
وبعد أن حصلت الشرطة على أثر للمجرمين بهذه الصورة، ضاعفت من جهودها وإقدامها، فقبضت في اليوم التالي على عدد كبير من الأرم، ووضعت يدها في محال إقامتهم على حقائب مليئة بالقنابل وعلى آلات وأدوات كهربائية وعلى وثائق ورسائل تتحدث عن الأسلحة والمواد المتفجرة. وتابعت الشرطة اعتقالاتها عدة أيام حيث بلغ عدد الموقوفين من الأرمن ثلاثين، بينهم عدد من الأشخاص الذين تأكدت عضويتهم في اللجان الثورية الأرمنية. ونقدم بطيه قائمة تتضمن أسماء الأشخاص الموقوفين الرئيسيين، وظرفين يحتويان على عناوين قد تفيد شرطتنا، وصورة لأحد رؤوس الفتنة من الأرمن، وصور ثلاث رسائل مرسلة إلى عناوين المذكورين من الأرمن وضُبطِت في دائرة البريد. وقد أفلت جان جاكوب (ويعرف أيضاً باسم صرافي) الذي أُرسِلت رسالتان من الرسائل الثلاث باسمه، من الوقوع في قبضة رجال الأمن، ويبدو أن الشخص المرقوم رئيس إحدى اللجان هنا، وأرسل لقيادة إحدى الحركات الفدائية، وعلم من إحدى الرسائل التي ضبطت أنه من المقرر أن يتوجه من هنا إلى أحد الموانىء (وأغلب الاحتمال أن الميناء المقصود هو ميناء إزمير)، ولكن في اليوم التالي لاكتشاف القنابل هنا، نجح في الهرب إلى مصر بجواز سفر إنجليزي. وفي الرسالة الثالثة التي كتبها إليه في غيابه ليون كركينيان، المعروف أيضاً باسم كريست، وجََّه إليه اتهامات قاسية. وقد كان لموجة الاعتقالات هذه وقع كبير في أثينا، حيث أثار الكشف عن كميات كبيرة من المواد المتفجرة في أماكن واسعة من العاصمة اليونانية غضبُ ورعب الأهالي في أثينا، وأعرب عدد كبير منهم عن اعتقادهم بوجود علاقة بين هذه المؤامرة الحقيرة وبين اللجان الثورية البلغارية، مما زاد النفور والحقد ضد القائمين بها. حتى أن أكثر الصحف مطالبة للحرية نشرت مقالات متطرفة تطالب باتخاذ أشد التدابير حيال أرباب الفتنة، كما أن جريدة أمبروس واسعة الانتشار في أثينا وسائر المشرق نشرت في زاوية مخصوصة مقالاً قالت فيه: «على المسلمين والروم الذين يشكلون العناصر التي تدافع عن الشرق بذل الجهود المشتركة لإيقاف البلغار والأرمن عند حدِّهم، بعد أن استحقوا بما لجأوا إلى من وسائل، الطرد من عالم الإنسانية». وقد بلغ استيلاء الخوف والدهشة على الأذهان حداً جعل بعض الصحف تصل إلى درجة الادعاء بنيَّة الأرمن في تفجير البارتينون؛ وقد تَوَقَّيتُ واجتنبْتُ هذا الخوف والقلق المفرطين بهدف التخفيف منهما. وستضطر الحكومة اليونانية زيادة شدة التدابير ضد الأرمن بحيث تتوافق مع رد الفعل الصادر عن الرأي العام هنا.
ومن المعلومات التي تم الحصول عليها بعد فحص الأوراق التي كانت بحوزة الأشخاص الموقوفين وكذلك من المعلومات التي وصلت الينا بصورة مخصوصة، تأكَّدَ لديَّ بأن اللجان الموجودة هنا هي فرع للجان الكبرى الموجودة في أمريكا، وأنها تقوم بمهمة الكشَّاف لتلك اللجان لقربها من الممالك العثمانية. وإذا ثبت أن القنابل وكافة المواد المشتعلة التي وصلت إلى إزمير أُرسِلت من لجنة أثينا فلن يكون ذلك داعياً لاستغرابي، اذ أن صنع هذه القنابل هنا، وأن المواد المتفجرة التي اشتريت من أحد بائعي السلاح في أثينا، استعملت في صنع هذه القنابل، وأن الأدوات التي استعملت في تركيب القنابل استوردت من مرسيليا، بلغ درجة الثبوت. كما بلغ عدد القنابل التي عُثِر عليها ما بين أربعمائة وأربعمائة وخمسين. وقد بلغ من اهتمام رئيس الوزراء بهذه القضية أنْ أمَرَ مدير البوليس بأن يقوم بالتحقيق بنفسه. وبعد اكتمال التحقيق سأبلغ مقام معاليكم بنتائجه. والأمر لحضرة من له الأمر.
حاشية
علمتُ الآن بأن مدير البوليس استكمل التحقيقات، وستجري محاكمة الموقوفين بتهمة عقد الاجتماعات السرية بهدف الإخلال بالأمن العام. واذا كانت هذه الحالة تستلزم بنص القانون عقوبة الحبس مدة تتراوح بين الشهر الواحد والعام، فإنني أعتقد بأن الحكومة ستضغط على الجهة القضائية لتأديب هؤلاء بعقوبة أشد. وقد أبلغني مدير البوليس بأن المدعو ليون كركينيان عرض عليه وعلى الشرطة المكلفين بحراستهم مبلغ مائة ألف دراخمي يطلب تأمينه من لجنة باطوم. وهذا يثبت مبلغ الأهمية التي يوليها الأرمن للجنة الثورية في أثينا
قائمة بأسماء الأشخاص الموقوفين في أثينا وبيريه، أبلغت بها مديرية الأمن:
1- «سيمون كرينيكوس» أو «بريميان»، ضُُبِط في منزل الموقوف أربع حقائب مملوءة بالديناميت.
2- «ميشيل بالاسكي»، أرمني صاحب زورق كان معه شخص آخر عندما سلم الحقائب المذكورة إلى «بريميان».
3- «آكوب قاقماجيان»، المذكور طُرِد من اسطنبول وأبعد في الثامن والعشرين من شهر تموز(يوليو) الماضي.
4- «ليون كركينيان»، عثر في منزل المذكورعلى حقيبة مرسلة من نيويورك، مملوءة بمجموعة من الأوراق وبرسائل تتحدث عن المواد المتفجرة، وكتب تتعلق بالارهاب، وبدعايات ضد الدين، وعلى بطارية كهربائية وجهاز للكشف عن الوصلات الكهربائية، وعلى عديد من الصور والصحف الأرمنية، وبندقية وعدد من العلب المليئة بالرصاص.
5- «بالتازار دوقتوريان»، يعتقد أن المذكور رئيس اللجان الثورية الأرمنية في أثينا، عُثِر في منزله على صندوقين مملوءين بالبارود الأسود وعدد من المصافي (الفلاتر) من نوع «بيسك فورت»، وعلى أعداد من صحيفة طورشاق الثورية، مرسلة من جنيف، ووصحف أخرى باللغة الأرمنية، وصور ورسائل، وعلى ورقة تتحدث عن تنظيم اللجان الثورية الأرمنية.
6- «سلامون يورغوبولو الياس دوريان»، عُثِر من منزل المذكور على حقيبة تحتوي على مائة كيلوغرام من الديناميت الزيتي رقم 3، وأجهزة تفجير، وكبسولات كهربائية، وصندوق ممملوء بمختلف الأدوات التي تستعمل في صنع الرصاص والقنابل، وكتب مختلفة باللغة الأرمنية.
7- «ياديك مردوكيان»، أخذ المذكور حقيبتين من يورغوبولو مملوءتين بالمواد المتفجرة، وأعادها إليه مؤخراً، وهي الحقائب التي تم ضبطها في منزل بريميان في بيريه.
8- «دافيد أواديسيان» أو «دافيديس»، من القساوسة الأرمن، تم توقيفه وهو يعتزم السفر متوجهاً إلى غولاس. وقد عثر من الدور تحت الأرضي للكنيسة الأرمنية على حقيبة كبيرة تحتوي على أربع أجهزة دينامو مشتعلة لها محور متحرك وزناد ذاتي الحركة من نوع «ج»، وقوالب لصنع القنابل، وآلات كهربائية مختلفة، وستة من الساعات المنبهة، كما ضبط في نفس المكان خمس بنادق وثلاثة أعلام صغيرة خاصة بالاشارات، وعلى صندوق يحتوي على بضع مئات من الرصاص، وعلى عشر علب تحتوي على كبسولات كهربائية، وأجهزة تفجير، وكميات كبيرة من الأسلاك الكهربائية وفتائل بيسك فورت.
9- «جان نيكولاسون»، أرمني حكاك، عثر في منزله على حقيبتين مملوءتين بديناميت زيتي رقم 3، وعلى أعداد كبيرة من الرسائل.
10- «جان أوسريسيان»، عثر في منزله على حقيبتين مملوءتين بديناميت زيتي رقم 3.
واستناداً إلى الأخبار المندرجة أعلاه، الواردة من مصادر مختلفة، واستطلاعات دوائر الأمن في اسطنبول والبرقيات الثلاث المرموزة الواردة من حسين حلمي باشا المفتش العام لولاية الروميلي، تولدت القناعة الكافية بقرب وقوع حركة إجرامية تستهدف شخص صاحب الجلالة، أعدت لها منظمة تركيا الفتاة بالتعاون مع الأرمن. ولما كان السلطان عبد الحميد يولي اهتماماً كبيراً للتعاون بين تركيا الفتاة والأرمن، فقد أصدر أمره بالتعمق في التحقيقات من هذه الناحية، والمراقبة الشديدة والملاحقة والاعتقال لكل من يشتبه بإمكانية خدمته ومساعدته لمنظمة تركيا الفتاة في الداخل. فاللجنة كانت تقوم من جهة بدراسة الآثار الحقيقية للجريمة بأدق صورة، وتستجوب وتستنطق من جهة أخرى كل من يلقي التهم هنا وهناك.
فقد ورد في التقارير التي قدمها كل من سليمان شفيق باشا، الذي جيء به إلى وزارة الحربية في فترة الهدنة والاحتلال المشئوم وهو من قائمة المائة والخمسين ، والأميرال المرحوم حسني باشا، أن بعض الشخصيات العسكرية تورطوا في عملية القنبلة، فأحضِروا للمثول أمام اللجنة، واستُجوِبوا بكل اهتمام، تأكد على أثره عدم صحة ما أسنِد إليهم، وأن كل ما ذكر في التقارير في هذا الشأن كان من قبيل الافتراءات.
ومع ذلك فإن الشبهات في قرارة السلطان عبد الحميد بقيت مستمرة، فكان يعتقد بصلة تركيا الفتاة ورشاد أفندي ولي العهد ، وحتى أقرب المقربين إليه ممن يثق بهم في القصر بهذه الجريمة.
أُولى الوثائق التي وردت في رسالة القائم بالأعمال في أثينا
الرسالة رقم واحد
فيلبة 29 تموز 905
الحبيب سارات:
أود أن أبين لك شكري وامتناني على ما لمستُه منكم من حسن الضيافة أثناء إقامتي في أثينا. وتأخير الرسالة مرده طول إقامتكم في «فوسكاهانك»، وكما رأيتم فإن رحلتكم إلىفوسكا هانك كانت طيبة.لأنكم وفقتم في توديع الأشياء في أيد أمينة والالتقاء بالاصدقاء. إنني والأصدقاء ننتظر التعليمات المتعلقة بالأعمال. نريد بفارغ الصبر أن نعرف ماذا سنعمل وما الشغل الشاغل. علينا أن نتخذ هذه المرة كافة أنواع التدابير حتى لا نفشل. كما ننتظر أخباراً من اللجنة. تم إرسال بندقيتكم من قبل ديكرانيان إلى أرقاج، وسأرسله اليكم في أقرب فرصة. نسيت الكتب في السفينة لدى نزولي في فارنا، إنني آسف على ذلك، وما الحيلة، فقد اضطررت للنزول إلى البر بصورة عاجلة. سلامي إلى الأصدقاء.
التوقيع
الدكتور تومكو زعتريان
الرسالة رقم 2
29 تموز 905
الصديق الحبيب!
وصلتنا الرسالة التي أرسلتموها من فوسكاهانك بتاريخ الرابع والعشرين من تموز، ويبدو أنكم تريدون دون الميناء من دون الحصول على إذن اللجنة. وقد لا تسمح اللجنة بدخولكم إلى الميناء، لذلك فإن عليكم أن تثبتوا المصلحة من دخول الميناء.
سنكتب إلى اللجنة لاستقدامكم كي لا يتأخر العمل. وإذا كانت كريست هناك فانها ترافقكم في غيابكم .فهي تجيد اللغة اليونانية.
التوقيع
الجمعية الاتحادية الثورية الأرمنية
الرسالة رقم 3
جنيف 25 تموز 905
الصديق الحبيب،
مع علمنا بعزمكم التحرك نحو فيلبة قريبا، فإننا نأمل أن تصل رسالتنا هذه في وقتها. فإن كان «سارات» قد سافر إلى باطوم، فإننا ننصحكم بالحصول على كافة المعلومات اللازمة الخاصة بمبايعة الأسلحة التي تمت في أثينا والوسائط والشرائط المتعلقة بنقلها. يمكنكم أن تحصلوا من المذكورين على المعلومات كاملة.
ولما كان هذا الأمر له أهمية حيوية فإننا ندعوكم إلى الاهتمام به. سلاما.
حاشية
ساكو وروبينو خرجا سالمين، وعلى شاكلة ساراتْ وزارَه وأميل، فإنهما سيرسلان الرسائل قريباً.
سيلفيوريجي
بريد النمسا
وسيلفيوريجي هذا، الذي هو أحد مصممي جريمة القنبلة ومنفذيها، له أسماء أخرى مثل جوري كوسا أرستيدي وروبير ريشو، هو من أعضاء المنظمة الثورية الأرمنية. فقد تنكر هذا الشيطان في أزياء مختلفة، ولعب أهم الأدوار في الحادثة. فهو الذي طلب المواد الناسفة، واستلم النقود من المراكز البريدية، ووزع المنشورات والأوراق المضرة. ولثبوت كثرة تردده على البريد النمساوي، فقد تقدمنا عن طريق وزارة خارجيتنا إلى السفارة النمساوية بطلب معلومات، فاستصدرت السفارة بعد جهد جهيد أمراً إلى مكتب البريد المذكور، وتم الحصول على المعلومات اللازمة.
فقد ذكر في الرسالة الجوابية التي وردت من السفارة إلى وزارة الخارجية بتاريخ 25 تشرين الأول 905 وتحت رقم 74 أنه بعد الرجوع إلى سجل الوارد والإيداع تبين ورودُ عدد من الطرود والرسائل ذات القيمة المقدرة إلى مكتب البريد النمساوي فرع غَلَطَه باسم سيلفيوريجي، وأنها أرسلت من بلغاريا واليونان، وأن مبالغ مجموعها 4499 فرنكاً تم إرسالها من فيلبه ووارسو وصوفيا وأثينا، حسب ماهو مبين في القائمة المرفقة بتواريخها ومقاديرها.
ملحق بحادثة القنبلة
ورد في اللائحة، التي أعدتها اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادث القنبلة الذي تعرضتُ له في مذكرتي هذه بصورة مقتضبة، الجهاتُ التي أعدت للحادث والهدف المقصود منه. وظهرت حقيقة القضية، لكن الجانب الخفي من الموضوع بقي مكتوماً، لأن إظهار ذلك الجانب لم يكن جائزاً في تلك الفترة. ولجهة اطلاعي على ذلك الجانب بحكم وظيفتي فإني لا أرى غضاضة من أن أُطْلِع عليه الرأي العام.
استخبارات ماقبل الحادث
علم السلطان بقرار القيام بالحادثة من العريضة التي أرسلها رئيس الشرطة السرية السابق أحمد جلال الدين باشا الفار إلى مصر، إلى العتبة العليا عن طريق رئاسة الكتابة وهذا هو نص العريضة:
«بالرغم من أن عبدكم محروم ومهجور من فضل وكرم صاحب الجلالة، ومنكسر ومغدور بسبب وشايات البعض، فإن انغماري بنعمة جلالتكم منذ نعومة أظفاري يجعلني أشعر أنه من الواجب علي أن أبلغ جلالتكم بأن لجان تركيا الفتاة والأرمن قد اتفقت وقررت في جنوا اتخاذ التدابير اللازمة للقيام بعملية اغتيال لشخص جلالتكم، وأن ديران كلاكيان وهو من رجالكم المخلصين أيد هذا الخبر. والأمر لحضرة ولي الأمر.
1321 مايس (30 مايس 1905) القاهرة».
أخبارية الاشتراكي الألماني هنري أدولف
«بالرغم من أن جلالة الإمبراطور العثماني السلطان عبد الحميد يعمل ضد المبادىء الاشتراكية، فإنه من جهة علاقة المصالح الألمانية بشخصه، وخدمته للمصالح الألمانية العامة من وجههة نظر مبادىء الاشتراكيين الألمان، أرى من واجبي التبليغ بأنه من المنتظر عاجلاً قيام تركيا الفتاة واللجان الثورية الأرمنية والبلغارية بتنفيذ مخططهم لاغتيال شخص جلالته.
5/11/1904».
معروضات الحاج بيير أفندي التابع للسفارتين الروسية والفرنسية، بوساطة المرحوم ذهني باشا
لم يَعْتَدْ الحاج بيير أفندي القيام بأخباريات تحريرية، بل كان يبلغ بمسموعاته بكل صدق شفاها فينال بذلك تكريم السلطان له. وقبل حادثة القنبلة بشهرين، اتصل بيير أفندي بالمرحوم ذهني باشا وزير النافعة (الأشغال العامة) مبلغاً إياه، بصورة سرية بأنه استناداً إلى الأخبار التي ترشحت من السفرات [الشفرات]، عزمَ لجان تركيا الفتاة القيام بحادثة في اسطنبول.
صورة الكتاب الذي أرسله القائم بأعمال السفارة
في أثينا تحت رقم 342 وتاريخ 8 ايلول 1905
«كنتُ قد أبلغت في برقيتي رقم 277 وتاريخ السادس من أغسطس الماضي بتوجه رجل اسمه د. أناغنوستي إلى اسطنبول حاملاً معه معلومات مهمة تفيد في الكشف عن مؤامرة أعدت لها اللجانُ الأرمنية ضد الأمن العام في الممالك العثمانية. ولما كنتُ قد سارعت إلى إبلاغ مديرية الأمن بمجمل المعلومات التي حصلت عليها من المرقوم حول هذا الموضوع، فقد انتبهتْ مديريةُ الأمن المذكورة وقامت باتخاذ الإجراءات المؤثرة ضد المشتبهين بهم في أثينا وبيريه. أما اكتشاف القنابل في إزمير في تلك الفترة، فقد كانت حجة لي في التأكيد على الحكومة اليونانية باتخاذ التدابير اللازمة. ولم يمض وقت طويل حتى ظهرت نتائج يقظة الشرطة المحلية وجهودها في هذا الشأن. ففي يوم الجمعة الماضي قامت شرطة مدينة بيريه بمداهمة محل إقامة الأرمني برمنيان، الذي يعمل حارساً في متجر لبيع الفحم في المدينة المذكورة، ووضعت يدها على أربع حقائب مليئة بالقنابل، كما تم توقيف اثنين من الأرمن يعيشان في نفس المحل، أحدهما أودع الحقائب لدى برمنيان والأخر جاء ليستلمها وينقلها بصفته من البحارة العاملين في السفن.
وبعد أن حصلت الشرطة على أثر للمجرمين بهذه الصورة، ضاعفت من جهودها وإقدامها، فقبضت في اليوم التالي على عدد كبير من الأرم، ووضعت يدها في محال إقامتهم على حقائب مليئة بالقنابل وعلى آلات وأدوات كهربائية وعلى وثائق ورسائل تتحدث عن الأسلحة والمواد المتفجرة. وتابعت الشرطة اعتقالاتها عدة أيام حيث بلغ عدد الموقوفين من الأرمن ثلاثين، بينهم عدد من الأشخاص الذين تأكدت عضويتهم في اللجان الثورية الأرمنية. ونقدم بطيه قائمة تتضمن أسماء الأشخاص الموقوفين الرئيسيين، وظرفين يحتويان على عناوين قد تفيد شرطتنا، وصورة لأحد رؤوس الفتنة من الأرمن، وصور ثلاث رسائل مرسلة إلى عناوين المذكورين من الأرمن وضُبطِت في دائرة البريد. وقد أفلت جان جاكوب (ويعرف أيضاً باسم صرافي) الذي أُرسِلت رسالتان من الرسائل الثلاث باسمه، من الوقوع في قبضة رجال الأمن، ويبدو أن الشخص المرقوم رئيس إحدى اللجان هنا، وأرسل لقيادة إحدى الحركات الفدائية، وعلم من إحدى الرسائل التي ضبطت أنه من المقرر أن يتوجه من هنا إلى أحد الموانىء (وأغلب الاحتمال أن الميناء المقصود هو ميناء إزمير)، ولكن في اليوم التالي لاكتشاف القنابل هنا، نجح في الهرب إلى مصر بجواز سفر إنجليزي. وفي الرسالة الثالثة التي كتبها إليه في غيابه ليون كركينيان، المعروف أيضاً باسم كريست، وجََّه إليه اتهامات قاسية. وقد كان لموجة الاعتقالات هذه وقع كبير في أثينا، حيث أثار الكشف عن كميات كبيرة من المواد المتفجرة في أماكن واسعة من العاصمة اليونانية غضبُ ورعب الأهالي في أثينا، وأعرب عدد كبير منهم عن اعتقادهم بوجود علاقة بين هذه المؤامرة الحقيرة وبين اللجان الثورية البلغارية، مما زاد النفور والحقد ضد القائمين بها. حتى أن أكثر الصحف مطالبة للحرية نشرت مقالات متطرفة تطالب باتخاذ أشد التدابير حيال أرباب الفتنة، كما أن جريدة أمبروس واسعة الانتشار في أثينا وسائر المشرق نشرت في زاوية مخصوصة مقالاً قالت فيه: «على المسلمين والروم الذين يشكلون العناصر التي تدافع عن الشرق بذل الجهود المشتركة لإيقاف البلغار والأرمن عند حدِّهم، بعد أن استحقوا بما لجأوا إلى من وسائل، الطرد من عالم الإنسانية». وقد بلغ استيلاء الخوف والدهشة على الأذهان حداً جعل بعض الصحف تصل إلى درجة الادعاء بنيَّة الأرمن في تفجير البارتينون؛ وقد تَوَقَّيتُ واجتنبْتُ هذا الخوف والقلق المفرطين بهدف التخفيف منهما. وستضطر الحكومة اليونانية زيادة شدة التدابير ضد الأرمن بحيث تتوافق مع رد الفعل الصادر عن الرأي العام هنا.
ومن المعلومات التي تم الحصول عليها بعد فحص الأوراق التي كانت بحوزة الأشخاص الموقوفين وكذلك من المعلومات التي وصلت الينا بصورة مخصوصة، تأكَّدَ لديَّ بأن اللجان الموجودة هنا هي فرع للجان الكبرى الموجودة في أمريكا، وأنها تقوم بمهمة الكشَّاف لتلك اللجان لقربها من الممالك العثمانية. وإذا ثبت أن القنابل وكافة المواد المشتعلة التي وصلت إلى إزمير أُرسِلت من لجنة أثينا فلن يكون ذلك داعياً لاستغرابي، اذ أن صنع هذه القنابل هنا، وأن المواد المتفجرة التي اشتريت من أحد بائعي السلاح في أثينا، استعملت في صنع هذه القنابل، وأن الأدوات التي استعملت في تركيب القنابل استوردت من مرسيليا، بلغ درجة الثبوت. كما بلغ عدد القنابل التي عُثِر عليها ما بين أربعمائة وأربعمائة وخمسين. وقد بلغ من اهتمام رئيس الوزراء بهذه القضية أنْ أمَرَ مدير البوليس بأن يقوم بالتحقيق بنفسه. وبعد اكتمال التحقيق سأبلغ مقام معاليكم بنتائجه. والأمر لحضرة من له الأمر.
حاشية
علمتُ الآن بأن مدير البوليس استكمل التحقيقات، وستجري محاكمة الموقوفين بتهمة عقد الاجتماعات السرية بهدف الإخلال بالأمن العام. واذا كانت هذه الحالة تستلزم بنص القانون عقوبة الحبس مدة تتراوح بين الشهر الواحد والعام، فإنني أعتقد بأن الحكومة ستضغط على الجهة القضائية لتأديب هؤلاء بعقوبة أشد. وقد أبلغني مدير البوليس بأن المدعو ليون كركينيان عرض عليه وعلى الشرطة المكلفين بحراستهم مبلغ مائة ألف دراخمي يطلب تأمينه من لجنة باطوم. وهذا يثبت مبلغ الأهمية التي يوليها الأرمن للجنة الثورية في أثينا
قائمة بأسماء الأشخاص الموقوفين في أثينا وبيريه، أبلغت بها مديرية الأمن:
1- «سيمون كرينيكوس» أو «بريميان»، ضُُبِط في منزل الموقوف أربع حقائب مملوءة بالديناميت.
2- «ميشيل بالاسكي»، أرمني صاحب زورق كان معه شخص آخر عندما سلم الحقائب المذكورة إلى «بريميان».
3- «آكوب قاقماجيان»، المذكور طُرِد من اسطنبول وأبعد في الثامن والعشرين من شهر تموز(يوليو) الماضي.
4- «ليون كركينيان»، عثر في منزل المذكورعلى حقيبة مرسلة من نيويورك، مملوءة بمجموعة من الأوراق وبرسائل تتحدث عن المواد المتفجرة، وكتب تتعلق بالارهاب، وبدعايات ضد الدين، وعلى بطارية كهربائية وجهاز للكشف عن الوصلات الكهربائية، وعلى عديد من الصور والصحف الأرمنية، وبندقية وعدد من العلب المليئة بالرصاص.
5- «بالتازار دوقتوريان»، يعتقد أن المذكور رئيس اللجان الثورية الأرمنية في أثينا، عُثِر في منزله على صندوقين مملوءين بالبارود الأسود وعدد من المصافي (الفلاتر) من نوع «بيسك فورت»، وعلى أعداد من صحيفة طورشاق الثورية، مرسلة من جنيف، ووصحف أخرى باللغة الأرمنية، وصور ورسائل، وعلى ورقة تتحدث عن تنظيم اللجان الثورية الأرمنية.
6- «سلامون يورغوبولو الياس دوريان»، عُثِر من منزل المذكور على حقيبة تحتوي على مائة كيلوغرام من الديناميت الزيتي رقم 3، وأجهزة تفجير، وكبسولات كهربائية، وصندوق ممملوء بمختلف الأدوات التي تستعمل في صنع الرصاص والقنابل، وكتب مختلفة باللغة الأرمنية.
7- «ياديك مردوكيان»، أخذ المذكور حقيبتين من يورغوبولو مملوءتين بالمواد المتفجرة، وأعادها إليه مؤخراً، وهي الحقائب التي تم ضبطها في منزل بريميان في بيريه.
8- «دافيد أواديسيان» أو «دافيديس»، من القساوسة الأرمن، تم توقيفه وهو يعتزم السفر متوجهاً إلى غولاس. وقد عثر من الدور تحت الأرضي للكنيسة الأرمنية على حقيبة كبيرة تحتوي على أربع أجهزة دينامو مشتعلة لها محور متحرك وزناد ذاتي الحركة من نوع «ج»، وقوالب لصنع القنابل، وآلات كهربائية مختلفة، وستة من الساعات المنبهة، كما ضبط في نفس المكان خمس بنادق وثلاثة أعلام صغيرة خاصة بالاشارات، وعلى صندوق يحتوي على بضع مئات من الرصاص، وعلى عشر علب تحتوي على كبسولات كهربائية، وأجهزة تفجير، وكميات كبيرة من الأسلاك الكهربائية وفتائل بيسك فورت.
9- «جان نيكولاسون»، أرمني حكاك، عثر في منزله على حقيبتين مملوءتين بديناميت زيتي رقم 3، وعلى أعداد كبيرة من الرسائل.
10- «جان أوسريسيان»، عثر في منزله على حقيبتين مملوءتين بديناميت زيتي رقم 3.
واستناداً إلى الأخبار المندرجة أعلاه، الواردة من مصادر مختلفة، واستطلاعات دوائر الأمن في اسطنبول والبرقيات الثلاث المرموزة الواردة من حسين حلمي باشا المفتش العام لولاية الروميلي، تولدت القناعة الكافية بقرب وقوع حركة إجرامية تستهدف شخص صاحب الجلالة، أعدت لها منظمة تركيا الفتاة بالتعاون مع الأرمن. ولما كان السلطان عبد الحميد يولي اهتماماً كبيراً للتعاون بين تركيا الفتاة والأرمن، فقد أصدر أمره بالتعمق في التحقيقات من هذه الناحية، والمراقبة الشديدة والملاحقة والاعتقال لكل من يشتبه بإمكانية خدمته ومساعدته لمنظمة تركيا الفتاة في الداخل. فاللجنة كانت تقوم من جهة بدراسة الآثار الحقيقية للجريمة بأدق صورة، وتستجوب وتستنطق من جهة أخرى كل من يلقي التهم هنا وهناك.
فقد ورد في التقارير التي قدمها كل من سليمان شفيق باشا، الذي جيء به إلى وزارة الحربية في فترة الهدنة والاحتلال المشئوم وهو من قائمة المائة والخمسين ، والأميرال المرحوم حسني باشا، أن بعض الشخصيات العسكرية تورطوا في عملية القنبلة، فأحضِروا للمثول أمام اللجنة، واستُجوِبوا بكل اهتمام، تأكد على أثره عدم صحة ما أسنِد إليهم، وأن كل ما ذكر في التقارير في هذا الشأن كان من قبيل الافتراءات.
ومع ذلك فإن الشبهات في قرارة السلطان عبد الحميد بقيت مستمرة، فكان يعتقد بصلة تركيا الفتاة ورشاد أفندي ولي العهد ، وحتى أقرب المقربين إليه ممن يثق بهم في القصر بهذه الجريمة.
أُولى الوثائق التي وردت في رسالة القائم بالأعمال في أثينا
الرسالة رقم واحد
فيلبة 29 تموز 905
الحبيب سارات:
أود أن أبين لك شكري وامتناني على ما لمستُه منكم من حسن الضيافة أثناء إقامتي في أثينا. وتأخير الرسالة مرده طول إقامتكم في «فوسكاهانك»، وكما رأيتم فإن رحلتكم إلىفوسكا هانك كانت طيبة.لأنكم وفقتم في توديع الأشياء في أيد أمينة والالتقاء بالاصدقاء. إنني والأصدقاء ننتظر التعليمات المتعلقة بالأعمال. نريد بفارغ الصبر أن نعرف ماذا سنعمل وما الشغل الشاغل. علينا أن نتخذ هذه المرة كافة أنواع التدابير حتى لا نفشل. كما ننتظر أخباراً من اللجنة. تم إرسال بندقيتكم من قبل ديكرانيان إلى أرقاج، وسأرسله اليكم في أقرب فرصة. نسيت الكتب في السفينة لدى نزولي في فارنا، إنني آسف على ذلك، وما الحيلة، فقد اضطررت للنزول إلى البر بصورة عاجلة. سلامي إلى الأصدقاء.
التوقيع
الدكتور تومكو زعتريان
الرسالة رقم 2
29 تموز 905
الصديق الحبيب!
وصلتنا الرسالة التي أرسلتموها من فوسكاهانك بتاريخ الرابع والعشرين من تموز، ويبدو أنكم تريدون دون الميناء من دون الحصول على إذن اللجنة. وقد لا تسمح اللجنة بدخولكم إلى الميناء، لذلك فإن عليكم أن تثبتوا المصلحة من دخول الميناء.
سنكتب إلى اللجنة لاستقدامكم كي لا يتأخر العمل. وإذا كانت كريست هناك فانها ترافقكم في غيابكم .فهي تجيد اللغة اليونانية.
التوقيع
الجمعية الاتحادية الثورية الأرمنية
الرسالة رقم 3
جنيف 25 تموز 905
الصديق الحبيب،
مع علمنا بعزمكم التحرك نحو فيلبة قريبا، فإننا نأمل أن تصل رسالتنا هذه في وقتها. فإن كان «سارات» قد سافر إلى باطوم، فإننا ننصحكم بالحصول على كافة المعلومات اللازمة الخاصة بمبايعة الأسلحة التي تمت في أثينا والوسائط والشرائط المتعلقة بنقلها. يمكنكم أن تحصلوا من المذكورين على المعلومات كاملة.
ولما كان هذا الأمر له أهمية حيوية فإننا ندعوكم إلى الاهتمام به. سلاما.
حاشية
ساكو وروبينو خرجا سالمين، وعلى شاكلة ساراتْ وزارَه وأميل، فإنهما سيرسلان الرسائل قريباً.
سيلفيوريجي
بريد النمسا
وسيلفيوريجي هذا، الذي هو أحد مصممي جريمة القنبلة ومنفذيها، له أسماء أخرى مثل جوري كوسا أرستيدي وروبير ريشو، هو من أعضاء المنظمة الثورية الأرمنية. فقد تنكر هذا الشيطان في أزياء مختلفة، ولعب أهم الأدوار في الحادثة. فهو الذي طلب المواد الناسفة، واستلم النقود من المراكز البريدية، ووزع المنشورات والأوراق المضرة. ولثبوت كثرة تردده على البريد النمساوي، فقد تقدمنا عن طريق وزارة خارجيتنا إلى السفارة النمساوية بطلب معلومات، فاستصدرت السفارة بعد جهد جهيد أمراً إلى مكتب البريد المذكور، وتم الحصول على المعلومات اللازمة.
فقد ذكر في الرسالة الجوابية التي وردت من السفارة إلى وزارة الخارجية بتاريخ 25 تشرين الأول 905 وتحت رقم 74 أنه بعد الرجوع إلى سجل الوارد والإيداع تبين ورودُ عدد من الطرود والرسائل ذات القيمة المقدرة إلى مكتب البريد النمساوي فرع غَلَطَه باسم سيلفيوريجي، وأنها أرسلت من بلغاريا واليونان، وأن مبالغ مجموعها 4499 فرنكاً تم إرسالها من فيلبه ووارسو وصوفيا وأثينا، حسب ماهو مبين في القائمة المرفقة بتواريخها ومقاديرها.